المجموع : 6
أَتَعرِفُ رَسماً دارِساً قَد تَغَيَّرا
أَتَعرِفُ رَسماً دارِساً قَد تَغَيَّرا / بِذَروَةَ أَقوى بَعدَ لَيلى وَأَقفَرا
كَما خَطَّ عِبرانِيَّةً بِيَمينِهِ / بِتَيماءَ حَبرٌ ثُمَّ عَرَّضَ أَسطُرا
أَقولُ وَقَد شَدَّت بِرَحلِيَ ناقَتي / وَنَهنَهتُ دَمعَ العَينِ أَن يَتَحَدَّرا
عَلى أَمِّ بَيضاءَ السَلامُ مُضاعَفاً / عَديدَ الحَصى ما بَينَ حِمصَ وَشَيزَرا
وَقُلتُ لَها يا أُمَّ بَيضاءَ إِنَّهُ / كَذَلِكَ بَينا يُعرَفُ المَرءُ أُنكِرا
فَقَولُ اِبنَتي أَصبَحتَ شَيخاً وَمَن أَكُن / لَهُ لِدَةً يُصبِح مِنَ الشَيبِ أَوجَرا
كَأَنَّ الشَبابَ كانَ رَوحَةَ راكِبٍ / قَضى أَرَباً مِن أَهلِ سُقفٍ لِغَضوَرا
لَقَومٌ تَصابَبتُ المَعيشَةَ بَعدَهُم / أَعَزُّ عَلَيَّ مِن عِفاءٍ تَغَيَّرا
تَذَكَّرتُ لَمّا أَثقَلَ الدَينُ كاهِلي / وَصانَ يَزيدٌ مالَهُ وَتَعَذَّرا
رِجالاً مَضَوا مِنّي فَلَستُ مُقايِضاً / بِهِم أَبَداً مِن سائِرِ الناسِ مَعشَرا
وَلَمّا رَأَيتُ الأَمرَ عَرشَ هَوِيَّةٍ / تَسَلَّيتُ حاجاتِ الفُؤادِ بِشَمَّرا
فَقَرَّبتُ مُبراةً تَخالُ ضُلوعَها / مِنَ الماسِخِيّاتِ القِسِيَّ المُؤَتَّرا
جُمالِيَّةٌ لَو يُجعَلُ السَيفُ عَرضَها / عَلى حَدِّهِ لَاِستَكبَرَت أَن تَضَوَّرا
وَلا عَيبَ في مَكروهِها غَيرَ أَنَّهُ / تَبَدَّلَ جَوناً بَعدَ ما كانَ أَزهَرا
كَأَنَّ ذِراعَيها ذِراعا مُدِلَّةٍ / بُعَيدَ السِبابِ حاوَلَت أَن تَعَذَّرا
مُمَجَّدَةِ الأَعراقِ قالَ اِبنُ ضَرَّةٍ / عَلَيها كَلاماً جارَ فيهِ وَأَهجَرا
تَقولُ لَها جاراتُها إِذ أَتَينَها / يَحِقُّ لِلَيلى أَن تُعانَ وَتُنصَرا
يَغَرنَ لِمِبهاجٍ أَزالَت حَليلَها / غَمامَةُ صَيفٍ ماؤُها غَيرُ أَكدَرا
مِنَ البيضِ أَعطافاً إِذا اِتَّصَلَت دَعَت / فِراسَ بنَ غَنمٍ أَو لَقيطَ بنَ يَعمُرا
بِها شَرَقٌ مِن زَعفَرانٍ وَعَنبَرٍ / أَطارَت مِنَ الحُسنِ الرِداءَ المُحَبَّرا
تَقولُ وَقَد بَلَّ الدُموعُ خِمارَها / أَبى عِفَّتي وَمَنصِبي أَن أُعَيَّرا
كَأَنَّ اِبنَ آوى موثَقٌ تَحتَ غَرضِها / إِذا هُوَ لَم يَكلِم بِنابَيهِ ظَفَّرا
كَأَنَّ بِذِفراها مَناديلَ قارَفَت / أَكُفَّ رِجالٍ يَعصِرونَ الصَنَوبَرا
وَتَقسِمُ طَرفَ العَينِ شَطراً أَمامَها / وَشَطراً تَراهُ خِشيَةَ السَوطِ أَخزَرا
لَها مَنسِمٌ مِثلُ المَحارَةِ خُفُّهُ / كَأَنَّ الحَصى مِن خَلفِهِ خَذفُ أَعسَرا
إِذا وَرَدَت ماءً هُدوءاً جِمامُهُ / أَصاتَ سَديساها بِهِ فَتَشَوَّرا
وَقَد أَنعَلَتها الشَمسُ نَعلاً كَأَنَّهُ / قَلوصُ نَعامٍ زِفُّها قَد تَمَوَّرا
سَرَت مِن أَعالي رَحرَحانَ فَأَصبَحَت / بِفَيدٍ وَباقي لَيلِها ما تَحَسَّرا
إِذا قَطَعَت قُفّاً كُمَيتاً بَدا لَها / سَماوَةُ قُفٍّ بَينَ وَردٍ وَأَشقَرا
وَراحَت رَواحاً مِن زَرودَ فَنازَعَت / زُبالَةَ جِلباباً مِنَ اللَيلِ أَخضَرا
فَأَضحَت بِصَحراءِ البُسَيطَةِ عاصِفاً / تُوَلّي الحَصى سُمرَ العُجاياتِ مُجمَرا
وَكادَت عَلى ذاتِ التَنانيرِ تَرتَمي / بِها القورُ مِن حادٍ حَدا ثُمَّ بَربَرا
وَأَضحَت عَلى ماءِ العُذَيبِ وَعَينُها / كَوَقبِ الصَفا جِلسِيُّها قَد تَغَوَّرا
فَلَمّا دَنَت لِلبَطنِ عاجَت جِرانَها / إِلى حارِكٍ يَنمي بِهِ غَيرُ أَدبَرا
وَقَد أَلبَسَت أَعلى البُرَيدَينِ غُرَّةً / مِنَ الشَمسِ إِلباسَ الفَتاةِ الحَزَوَّرا
وَأَعرَضَ مِن خَفّانَ أُجمٌ يَزينُهُ / شَماريخُ باها بانِياهُ المُشَقَّرا
فَرَوَّحَها الرَجافَ خَوصاءَ تَحتَذي / عَلى اليَمِّ بارِيَّ العِراقِ المُضَفَّرا
تَحِنُّ عَلى شَطِّ الفُراتِ وَقَد بَدا / سُهَيلٌ لَها مِن دونِهِ سَروُ حِميَرا
فَفاءَت إِلى قَومٍ تُريحُ رِعاؤُهُم / عَلَيها اِبنَ عِرسٍ وَالإِوَزَّ المُكَفَّرا
إِذا ناهَبَت وُردَ البَراذينِ حَظَّها / مِنَ القَتِّ لَم يُنظِرنَها أَن تَحَدَّرا
كَأَنَّ عَلى أَنيابِها حينَ يَنتَحي / صِياحَ الدَجاجِ غُدوَةً حينَ بَشَّرا
إِذا اِرتَدَفاها بَعدَ طولِ هِبابِها / أَبَسّا بِها مِن خَشيَةٍ ثُمَّ قَرقَرا
وَقَد لَبِسَت عِندَ الإِلَهَةِ ساطِعاً / مِنَ الفَجرِ لَمّا صاحَ بِاللَيلِ بَقَّرا
فَلَمّا تَدَلَّت مِن أُجارِدَ أَرقَلَت / وَجاءَت بِماءٍ كَالعَنِيَّةِ أَصفَرا
فَكُلُّ بَعيرٍ أَحسَنَ الناسُ نَعتَهُ / وَآخَرَ لَم يُنعَت فِداءٌ لِضَمزَرا
عَفَت ذَروَةٌ مِن أَهلِها فَجَفيرُها
عَفَت ذَروَةٌ مِن أَهلِها فَجَفيرُها / فَخَرجُ المَرَوراةِ الدَواني فَدورُها
عَلى أَنَّ لِلمَيلاءِ أَطلالَ دِمنَةٍ / بِأَسقُفَ تُسديها الصَبا وَتُنيرُها
وَخَفَّت خِباها مِن جَنوبِ عُنَيزَةٍ / كَما خَفَّ مِن نَيلِ المَرامي جَفيرُها
فَإِن حَلَّتِ المَيلاءُ عُسفانَ أَو دَنَت / لِحَرَّةِ لَيلى أَو لِبَدرٍ مَصيرُها
لِيَبكِ عَلى المَيلاءِ مَن كانَ باكِياً / إِذا خَرَجَت مِن رَحرَحانَ خُدورُها
وَماذا عَلى المَيلاءِ لَو بَذَلَت لَنا / مِنَ الوُدِّ ما يَخفى وَما لا يَضيرُها
أَرَتنا حِياضَ المَوتِ ثُمَّتَ قَلَّبَت / لَنا مُقلَةً كَحلاءَ ظَلَّت تُديرُها
كَأَنَّ غَضيضاً مِن ظِباءِ تَبالَةٍ / يُساقُ بِهِ يَومَ الفِراقِ بَعيرُها
لَها أُقحُوانٌ قَيَّدَتهُ بِإِثمِدٍ / يَدٌ ذاتُ أَصدافٍ يُمارُ نَؤورُها
كَأَنَّ حَصاناً فَضَّها القَينُ غُدوَةً / لَدى حَيثُ يُلقى بِالفِناءِ حَصيرُها
كَأَنَّ عُيونَ الناظِرينَ يَشوقُها / بِها عَسَلٌ طابَت يَدا مَن يَشورُها
تَناوَلنَ شَوباً مِن مُجاجاتِ شُمَّذٍ / بِأَعجازِها قُبٌّ لِطافٌ خُصورُها
كِنانِيَّةٌ شَطَّت بِها غُربَةُ النَوى / كَدَلوِ الصَناعِ رَدَّها مُستَعيرُها
وَكانَت عَلى العِلّاتِ لَو أَنَّ مُدنَفاً / تَداوى بِرَيّاها شَفاهُ نُشورُها
تَعوذُ بِحَبلِ التَغلِبِيِّ وَلَو دَعَت / عَلِيَّ بنَ مَسعودٍ لَعَزَّ نَصيرُها
فَإِن تَكُ قَد شَطَّت وَشَطَّ مَزارُها / وَجَذَّمَ حَبلَ الوَصلِ مِنها أَميرُها
فَما وَصلُها إِلّا عَلى ذاتِ مِرَّةٍ / يُقَطِّعُ أَعناقَ النَواجي ضَريرُها
جُمالِيَّةٌ في عِطفِها صَيعَرِيَّةٌ / إِذا البازِلُ الوَجناءُ أُردِفَ كورُها
عَلَنداةُ أَسفارٍ إِذا نالَها الوَنى / وَماجَت بِها أَنساعُها وَضُفورُها
يَرُدُّ أَنابيبُ الجِرانِ بُغامَها / كَما اِرتَدَّ في قَوسِ السَراءِ زَفيرُها
لَجوجٌ إِذا ما الآلُ آضَ كَأَنَّهُ / أَعاصيرُ زَرّاعٍ بِنَخلٍ يُثيرُها
كَأَنَّ قُتودي فَوقَ أَحقَبَ قارِبٍ / أَطاعَ لَهُ مِن ذي نُجارٍ غَميرُها
وَقَد سُلَّ عَنها الضِغنُ في كُلِّ سَربَخٍ / لَهُ فَورُ قِدرٍ ما تَبوخُ سَعيرُها
تَرَبَّعَ مَيثَ النيرِ حَتّى تَطالَعَت / نُجومُ الثُرَيّا وَاِستَقَلَّت عَبورُها
فَلَمّا فَنى الأَسمالُ غاضَت وَقَلَّصَت / ثَمائِلُها وَتابَعَ الشَمسَ صورُها
فَظَلَّ عَلى الأَشرافِ يَقسِمُ أَمرَهُ / أَيَنظُرُ جُنحَ اللَيلِ أَم يَستَثيرُها
فَأَزمَعَ مِن عَينِ الأَراكَةِ مَورِداً / لَهُ غارَةٌ لَفّاءُ صافٍ غَديرُها
فَصاحَ بِقُبٍّ كَالمَقالي يَشُلُّها / كَما شَلَّ أَجمالَ المُصَلّي أَجيرُها
يُزَرُّ القَطا مِنها فَتَضرِبُ نَحرَهُ / وَمُجتَمِعَ الخَيشومِ مِنهُ نُسورُها
عَلى مِثلِها أَقضي الهُمومَ إِذا اِعتَرَت / إِذا جاشَ هَمُّ النَفسِ مِنها ضَميرُها
فَصَوَّبتُهُ كَأَنَّهُ صَوبُ غَبيَةٍ
فَصَوَّبتُهُ كَأَنَّهُ صَوبُ غَبيَةٍ / عَلى الأَمعَزِ الضاحي إِذا سيطَ أَحضَرا
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ لَيلى تَبَرقَعَت
وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ لَيلى تَبَرقَعَت / لَقَد رابَني مِنها الغَداةَ سُفورُها
وَأُشرِفُ بِالقورِ اليَفاعِ لَعَلَّني / أَرى نارَ لَيلى أَو يَراني بَصيرُها
حَمامَةَ بَطنِ الوادِيَينِ تَرَنَّمي / سَقاكِ مِنَ الغُرِّ العِذابِ مَطيرُها
أَبيني لَنا لا زالَ ريشُكِ ناعِماً / وَلا زِلتِ في خَضراءَ دانٍ بَريرُها
تُغالِبُني نَفسي عَلى تَبَعِ الهَوى / وَقَد جاءَ نَفسي مِن هَواها نَذيرُها
وَأَمرٌ يُرَجّي النَفسَ لَيسَ بِضائِرٍ / وَتَخشى عَلَيها ضَيرَةَ ما يَضيرُها
وَقَد قُلتُ لِلنَفسِ اللَجوجِ نَصيحَةً / مَقالَ شَفيقٍ لَو تَعيهِ ضَميرُها
فَأَنبَأتُها أَنَّ الحَياةَ وَأَهلَها / كَعارِيَةٍ أَوفى بِها مُستَعيرُها
إِلى أَهلِها إِنَّ العَوارِيَ حَقُّها / أَداءٌ بِإِحسانٍ إِلى مَن يُعيرُها
قِفا فَاِسأَلا يا صاحِبَيَّ حَمامَةً / تُخَبِّرُنا عَن أَهلِها أَو نُطيرُها
حَمامَةَ بَطنِ الوادِيَينِ تَرَنَّمي / سَقاكِ مِنَ الغُرِّ الغَوادي مَطيرُها
وَأَحمى عَلَيها اِبنا يَزيدِ بنِ مُسهِرٍ
وَأَحمى عَلَيها اِبنا يَزيدِ بنِ مُسهِرٍ / بِبَطنِ المَراضِ كُلَّ حَسيٍ وَساجِرِ
فَصَدَّ بَها عَن ثادِقٍ وَحِسابِهِ / وَصَدَّ بِها عَن ماءِ ذاتِ العَشائِرِ
تَزاوَرُ عَن ماءِ الأَساوِدِ أَن رَأَت / بِهِ رامِياً يَعتامُ رَقعَ الخَواصِرِ
تَذَكَّرنَ مِن وادي طُوالَةَ مَشرَباً / رَوِيّاً وَقَد قَلَّت مِياهُ المَحاجِرِ
فَجالَ بِها مِن خيفَةِ المَوتِ والِهاً / وَبادَرَها الخَلّاتِ أَيَّ مُبادِرِ
يَزُرُّ القَطا مِنها وَيُضرَبُ وَجهُهُ / بِمُختَلِفاتٍ كَالقِسِيِّ النَواتِرِ
مَضَرَّجَةً مِن كُلِّ عَجلى كَأَنَّها / ذَوائِبُ مِمراحٍ نَفوجِ الغَدائِرِ
إِذا نَفَّزوها بِالأَباهيمِ جَرجَرَت / عَجيجَ الرَوايا مِن عُروكِ الكَراكِرِ
إِذا جاءَ عالاها عَلى ظَهرِ شَرجِعٍ / كَمُرتَفَقِ الحَسناءِ ذاتِ الجَبائِرِ
وَقَد لاحَ في الصُبحِ الثُرَيّا لِمَن رَأى
وَقَد لاحَ في الصُبحِ الثُرَيّا لِمَن رَأى / كَعُنقودِ مُلّاحِيَّةٍ حينَ نَوَّرا