المجموع : 3
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى
أذكر اخواني عسى تنفع الذكرى / وأرجو بهم في العسر للوطن اليُسرا
وما هي إلا همة من كرامهم / يشقون في ليل الأماني بها فجرا
فهيا بني الفيحاء للعم وانهضوا / بناصره تستوجبوا الحمد والشكرا
وغذوا بها أبناءكم لحياتهم / فما عاش ميت الجهل مهما يطل عمرا
اقيموا صدور العزم واحتملوا الونى / فكم راحة في طيه تشرح الصدرا
وجودوا ببذل المال في كل صالح / لأوطانكم تجنوا بها الراحة الكبرى
وجدوا لأحياء العلوم فإنها / لبالروح لا بالمال يجدر أن تشرى
بها تدفع البلوى بها تبلغ المنى / بها تدرك الدنيا بها تحرز الأخرى
بها سبق الغرب البلاد بشوطه / ومن عجب ان لم يسر شرقنا فترا
فان لم يقم أبناؤه بحقوقه / فمن ذا الذي يرثي لمقلته العبرى
وهل قام مجد الغرب إلا بأهله / وقد قتلوا الأيام في كدهم صبرا
هم القوم قد جدوا فنالوا وأوجدوا / فطالوا وردوا عين حاسدهم حسرى
أقاموا بأفعال البخار عجائباً / بها ذللوا البحر المطمطم والبرا
وكم أحدثوا بالكهرباء غرائباً / فتحسب ان الكهرباء حوت سحرا
مناطيدهم كالطير تسبح في الفضا / تحاول في أوج السماء لها وكرا
وأبراجهم في البر تشمخ رفعة / كأسطولهم في البحر إذ يمخر البحرا
وقد أحرزوا كل الصنائع فاجتنوا / متاجرنا واستنزفوا مالنا طرا
وشادوا كما شاؤا لها من مصانع / بها استنزلوا شم الصعاب لهم قسرا
وبالشركات استسهلوا كل معجز / تنوء به الأفراد فاغتنموا الفخرا
وفي كل شيء نحن في حاجة لهم / ولو ابرة فيها نخيط لنا سترا
غدونا نباهي بالحدود وليتنا / قفونا لهم في بعض ما بلغوا أثرا
بني وطني ما ذا التكاسل كله / وما عذر من قد أحرز المال والوفرا
اتخشون فقرا بعدكم لبنيكم / أعيذكم ان تسلكوا الخطة البترا
فما الفقر كل الفقر إلا لمفلسٍ / من العلم مهما كان في ماله أثرى
وماذا الذي يلهيكم عن صنائع / تشاد لها في الثغر مدرسةٌ كبرى
تنالون من خيراتها ريع مالكم / ويحيى فقير بينكم جاع واستعرى
يقولون لا تبك المنازل واصبر
يقولون لا تبك المنازل واصبر / فرب اغتراب كان جرعة سكر
ورب حسامٌ فارق الغمد قد غدا / بجوهره يزهو على كل جوهر
وما الأرض إلا منزل واحد لمن / يراها بأنظار الحقيقة فانظر
فقلت لهم ما الاغتراب هو الذي / شجاني فلم أملك جميل التصبر
ولكنه نأي الحبيب وفرقة ال / أليف وفقد الصاحب المتخير
ولوثة تغريب على غير ريبة / ولست بذي ذنب ولا سوء مخبر
واني أرى ان الغريب وان يكن / بأوطانه أهل احترام ومظهر
يعود ذليلاً بين من يجهلونه / ويغدو زرياً لا يروق بمنظر
ولا سيما من كان مثلي مبُعَدا / يُقال به لم يُنف لو لم ينفر
اقول لمن قد أوسعونا شماته / ولم يفهموا معنى القضا والمقدر
لو أنكم لاقيتم بعض ما به / دهينا لهنتم بعد كل تجبر
وان تك لاقينا الشدائد كلّها / وصالت بقِرضاب علينا وسمهري
فلم يُبل منا حادث الدهر قيمة / ولم تنأ عنا شيمة المتصبر
ولا حط من أقدارنا النفي إنما / هو الدر منظوماً كدر منثر
وما نحن في تلك النوائب كلما / ذكت نارها إلا كعود بمجمر
فانا اناس لا نذل لمعتد / ولو سد عنا كل ورد ومصدر
صمدت لأسياف الخطوب وما سوى / تقى اللَه والتسليم درعي ومغفري
فلو كشفت حجب الهياكل شمتها / على درع صبري كالقنا المتكسر
ألا يا زمان السوء حسبك ما جرى / علينا من العدوان منك فأقصر
أهجت علينا كل باغ مكشر / وأطمعت فينا كل طاغ مشمر
وحكمت قوما لا خلاق لهم بنا / توخوا من الاعمال كل منفر
تمادوا بأهواء النفوس وما اعتنوا / بحكم النهى أو حكمة المتفكر
وفاروا على نار من الحقد أُضرمت / فجاروا ولكن فوق حد التصور
حُثالة ناس لا حياء ولا تقى / وليس لهم أصل ولا عرق مفخر
كأنهم قد أنشئوا من ثرى الخنا / ولم يخلقوا إلا لخمر وميسر
فحتى متى يا دهر نصبر أننا / غدونا على جمر الهوان المسعر
فقد طال ما بالغت بالضر فاتئد / وان زدت تنشق العصا ويك فاحذر
فإن هناك النار يذكو ضرامها / ويخشى بأن تردي مع الآثم البري
ألا كل نفس للمنون مصيرها
ألا كل نفس للمنون مصيرها / ولو شيدت بين النجوم قصورها
ولو تفتدى نفس بأخرى لفديت / بأرواحنا نفس عزيز نظيرها
فرب رجال في الأنام بقاؤها / حياة لقوم بالفداء سرورها
ولكن أمر الموت حتم على الورى / تساوى به مأمورها وأميرها
واجسامنا تهوى المعاد لأصلها / ومهما تزكّت فالتراب طهورها
خليلي هلا تسعداني بعبرة / فقد نضبت عيني وجف مطيرها
تخيلت قطرات الدموع من الأسى / جماراً تلظى فوق خدي سعيرها
خليل هل بعد الإمام أبي الهدى / يبيت سخين العين وهو قريرها
مضت تلكم الآمال وانصرم الرجا / وصوح من روض الأماني نضيرها
مضى العلم المنشور للرشد وانطوت / سماوات فضل غاب عنها منيرها
مضى العيلم المقصود للري والندى / إذا اشتد بالهيم العطاش حرورها
فيا لك خطباً يرزح الصبر تحته / تداعت له العلياء وانهدَّ سورها
وقامت به في الخافقين مآتم / اصمّ صماخ الفرقدين نفيرها
تسلسل عن بيت النبوة سيدا / به قضيت للمكرمات نذورها
إذا عد اشياخ الهدى فهو شمسهم / وان عدت الاشراف فهوغيورها
تسامت طريق ابن الرفاعي في الورى / به عزّة واختال فيه سريرها
فوا أسفا ان يفقد الدين مثله / إذ الناس تغلي بالخلاف قدورها
تمالأت الأيام حسب طباعها / عليه واحمى شفرة الغدر كيرها
فاوسعها صبراً وما ازداد خبرة / ولن يغلب الأيام إلا خبيرها
هو العمر ما تصفو لياليه كلها / إذا ما حلت يوماً تلاه مريرها
ومن خُلق الدنيا امتحان كرامها / ولكن بظل الصبر يندى هجيرها
على ان ابطال التوكل مثله / سواء لديهم سجعها وزئيرها
ولما تغالت واستطار شرارها / تولى وخلاها تفور شرورها
واعرض عن زور الأماني عندها / فلا كانت الدنيا ولا كان زورها
وما حزن ثكلى افقد الدهر فذها / فأوحش مغناها واقفر دورها
وراحت ومغداها الاسى ومراحها / عشياتها ويل وليل بكورها
بأعظم من حزني عليه وإنما / يظن خليا في الرجال صبورها
جدير بقلبي ان يذوب لفقده / وحق لعيني ان تفيض بحورها
وما يذكر المعروف إلا أخو وفا / ولا ينكر النعماء إلا كفورها
ولعت زماني في مدائحه التي / تناغت بها بين الأنام صدورها
وكنت أصوغ الدر فيه تهانيا / يطيب بعرنين الكرام عبيرها
فويح فؤادي ان يكون مراثياً / تخط وتمحى بالدموع سطورها
كأن بيوت الشعر شاطرنني الأسى / فقد أوشكت تعصى علي شطورها
سرى لجوار اللَه يرفل بالتقى / وفارق دنيا لم يمله غرورها
فيا رب روح بالمراحم روحه / وزده من الآلاء فهو جديرها