القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 16
وَخَلقٍ غَريبِ الشَكلِ في مصرَ ناشيء
وَخَلقٍ غَريبِ الشَكلِ في مصرَ ناشيء / وَما هُوَ في أَرضٍ سِوى مِصرَ يُوجَدُ
هُوَ السَبُعُ العادي بِنيلِ صَعيدِها / يُقافِصُ مَن للماءِ في النيلِ يقصدُ
وَيخطُفُهُ خَطف العُقابِ لِصَيدها / وَيفصلُه عُضواً فَعُضواً وَيزرَدُ
وَما مِن شُخوصِ النيلِ خَلقٌ لَهُ يَدٌ / وَرجلٌ سواهُ وَهوَ في البَرِ يصعَدُ
وَربَّتَما يَلقى لَدى البر كاسِراً / وَيجري كَمثلِ الطرفِ أَو هُوَ أَزيَدُ
لَهُ ذَنبٌ مُرخىً طَويلٌ يُقيمُهُ / يلُفُّ بِهِ مَن كانَ في الناسِ يفقدُ
وَأَسنانُهُ أُنثى عَلى ذكرٍ أَتَت / لِكَسرِ العِظامِ الصُلبِ مِنها تفقّدُ
وَيحفُرُ في رَملٍ وَيدفنُ بيضَهُ / يُعاهِدُها غِباً إِلى حين تولَدُ
وَلا تَعمَلُ الأَسيافُ فيهِ كَأَنَّما / عَلى جلدِهِ مِنهُ صَفيحٌ مُسرَّدُ
وَلَكنَّ تَحتَ الإبطِ ليِّنَ جلدةٍ / فَمِنها المَنايا دونَهُ تَتَصَعَّدُ
وَلَيسَ لَهُ دُبرٌ فَيُخرِج نَجوَهُ / وَلَكن إِلى حُلقومِهِ يَتَرَدَّدُ
فَيفتَح فاهُ ثُم يَدخُلُ طائِرٌ / فَيلفظ ما قَد كانَ فيهِ يدودُ
فَإِن رامَ إِطباقاً عَليه فَإِنَّه / يَكونُ لسقفِ الحلقِ بِالريشِ يُفصَدُ
وَيقتُلُه الجاموسُ فَهوَ إِذا دَرى / بِهِ فَرَّ مِنهُ وَهوَ في السِبحِ يُجهَدُ
وَيَخدَعُهُ الإِنسانُ حَتّى يَصيدَهُ / وَيَربُطُهُ كَالعَنزِ بِالحَبلِ تُصفَدُ
رَأَيناهُ مَحمولاً عَلى جَمَلٍ وَقَد / أَتَت طرفاهُ الأَرضَ فيها يخددُ
وَللعقلِ في صَيدِ التَماسيحِ صَنعَةٌ / يُرتِّبُها الفكرُ المُصِيبُ فَتُحمَدُ
وَذو العَقلِ مَقدورٌ عَلَيهِ وَقادِرٌ / عَلى كُلِّ ذي روحٍ رَقيبٌ مُؤيدُ
فَلا الطَيرُ في جَوٍّ وَلا الوَحشُ في الفَلا / وَلا سافِحٌ إِلّا لَهُ مُتَرَدّدُ
فَيقهَرهُ قَتلاً وَذَبحاً وَخدمةً / وَفي آخرٍ ذو العَقلِ في الرَمسِ يُلحَدُ
تَعَجَّبَ ناسٌ مِن غَرامي وَمِن وَجدي
تَعَجَّبَ ناسٌ مِن غَرامي وَمِن وَجدي / بِريمَينِ وَالمَعهودُ عِشقُ رَشاً فَردِ
وَقالوا صَواباً لَيسَ قَلبانِ للفَتى / وَلا يُجمعُ السيفان وَيحكَ في غِمدِ
وَما عَلِموا سِرَّ الهَوى وَصُنوفَهُ / وَإِنَّ فُؤادَ الصَّبِّ مُتَّسِعُ الودِّ
تَلوحُ لَنا أَصنافُ حُسنٍ لطيفَةٌ / فيعلَقُ مِنها بِالمناسِبِ وَالقَصدِ
وَأَهدى ليَ المَحبوبُ الأترُجَّ مُحسنا
وَأَهدى ليَ المَحبوبُ الأترُجَّ مُحسنا / فَيا حُسنَهُ مَولىً بِهِ عزَّ عَبدُهُ
ثَمانيَ حَبّاتٍ غَرَسنَ مَحَبَّةً / وَهَيَّجنَ مِن وَجدٍ تَقادَمَ عَهدُهُ
تَجمَّعَ لي المثلانِ لوني وَلَونُها / كَما اِجتَمَعَ الضدّانِ قُربي وَبعدُهُ
وَلَكن حَوى راءً وَجيما حُروفُهُ / فَرَجَّيتُ أَن يَسخُو وَيَذهَبَ ضِدُّهُ
وَجاءَ كَما يُرجَى مِن الصَخر لينُهُ / وَمِن حَرِّ أَنفاسي وَقَلبي بَردُهُ
أُعَلِّلُ قَلبي بِالأَماني وَكَم صدٍ / رَأى الماءَ لَكن لَيسَ يُمكنُ وِردُهُ
فَحَسبيَ مِن وَصلٍ كَلامٌ وَنَظرَةٌ / وَذا غايَة الصَبِّ العَفيفِ وَقَصدُهُ
وَلَم أَرَ مِثلي كانَ أَكتَمَ لِلهَوى / صِيانَةُ حُبِّي إن يُدَنَّسَ بردُهُ
تَمَنَّيتُ تَقبيلَ الحَبيبِ فَجاءَني
تَمَنَّيتُ تَقبيلَ الحَبيبِ فَجاءَني / وَقَبَّلَني في النَومِ ثِنتَينِ في العَدِّ
فَيا طِيبَ ذاكَ اللثمِ عِندي وَبَردَهُ / عَلى كَيدٍ حَرّى تَذوبُ مِن الوَجدِ
وَإِني لَأَرجُو أَن أُقبِّلَ يَقظَةً / فَماً فيهِ شِيبَ الخَمر بِالمِسكِ وَالشهدِ
فَيَقضي ظَمآنٌ مِن الراحِ ريَّهُ / وَيَشهَدُ ثَغراً كَاللآليءِ في العِقدِ
أَقُول لأَصحابي أَلا ماء بارِدٌ
أَقُول لأَصحابي أَلا ماء بارِدٌ / فَقَد قَدَحَت في القَلبِ نارُ زِنادِ
فَجاءُوا بكُوزٍ أَحمَرِ اللَونِ قانيءٍ / وَحافاتُهُ مَطلِيَّةٌ بِسَوادِ
فَقُلتُ عُيونُ الكوزِ سُودٌ لذكرة / عُيون حَبيبٍ باخلٍ بِمِدادِ
وَما لَونُهُ إِلا يُشابه حُمرةً / بِوَجنَةِ مَولىً مالِكٍ لِقِيادِ
أَيا عَجَباً هَذا الجَمادُ محرِّكٌ / رَسيس الهَوى في قَلبِ أَهيمَ صادِ
أَراني مَتى أنظُر لِشَيءٍ أَجِد بِهِ / مشابهَ حسن في الحَبيبِ بِوادِ
يَلَذُّ لِقَلبِي ما يُريدُ حَبيبُهُ / دَوامُ سهادٍ وَالتزامُ وَسادِ
وَتركُ غِذاءٍ غَيرَ ذكرى حَبيبة / فَذاكَ إِلى أُخراه فَضلَةُ زادِ
أَيا ناصِرَ الدينِ اِنفَرَدت بِمَنشأٍ
أَيا ناصِرَ الدينِ اِنفَرَدت بِمَنشأٍ / مِن النَثرِ ما فيهِ انتِقادٌ لِناقِدِ
قَلائد عقيان تُحاكي وَإِنَّهُ / فَرائدُ ياقوتٍ لتلكَ القَلائِدِ
فَرائدُ لَو كانَت تجسَّدُ نُظِّمَت / عُقوداً لأَجيادِ الغَواني النَّواهِدِ
هُوَ الأَدَبُ الغَضُّ الجَنيُّ أَتَت بِهِ / قَريحَةُ فكرٍ واقِدٍ غَيرِ خامِدِ
شَفَعتَ بِها إِحسانَها فَكَأَنَّما / شَفَعتَ الدَراري بِالشُموسِ الخَوالِدِ
خَوالدُ لا تبلى عَلى الدَهرِ جِدَّةً / إِذا تُليَت جاءَت لَكُم بِالمَحامِدِ
سِوارٍ إِلى الآفاقِ يَزهى بِسَمعِها / ذوو النَثرِ مِن نقادِّنا وَالقَصائِدِ
غَدا شافِع في العلمِ وَالفَضلِ واحِداً / فَأَعظِم بِهِ مِن شافِعٍ فيهِ واحِدِ
تَصاوَنَ مَن أَهوى وَصَوني أَورَثا
تَصاوَنَ مَن أَهوى وَصَوني أَورَثا / لِقَلبِيَ ناراً كُلَّ وَقتٍ لَها وَقدُ
كَأَنّي ابنُ داودٍ شَهيدُ ابن جامِعٍ / أَو ابنُ كُليبٍ في هَوى أَسلمٍ يَعدُو
هُما أَظهَرا في الناسِ حُبَّيهِما مَعاً / وَحُبّي مَستورٌ لَدى الناسِ ما يَبدو
عَلى أَنَّني في الحُبِّ ثالِث ثَلاثة / تَوالى عَلَينا الشَوقُ وَالدَّمعُ وَالسُّهدُ
قَضى نَحبَهُ وَجداً وَشَوقاً كِلاهُما / وَضَمَّهُما مِن فَرطِ بَلواهما لَحدُ
فَإِن كُنتُ عَن صَحبي تَراخَت مَنيَّتي / فَحَسبي أَنّي في الوَرى الفَلكُ الفَردُ
وَرِثتُ لَذاذاتِ المحَبّاتِ كُلّها / فَماليَ فيها لا شريكٌ وَلا ضِدُّ
وَحُبّي يَدري أَنَّني صادِقُ الهَوى / كَتُومٌ وَمالي مِن هَوى حُسنِهِ بُدُّ
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ / عَلى نَفسِهِ مِن نَفسِهِ عُضوَهُ الفَردا
فَأَعقَبَهُ ذُلاً وَفَقراً وَأَفرُخاً / صِغاراً ذَوي جُوعٍ يكدُّونَهُ كَدّا
فَأَقبِح بِها مِن شَهوَةٍ كانَ أَصلُها / مُقَدِّمَة الإِستَينِ أَنتَجَتا وُلدا
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد / لَطيفِ التَثَنّي نادِرَ الحُسنِ مُفرَدِ
وَما عَلِقَت روحي دَنِياً وَإِن يَكُن / جَميلاً وَلَكن ذا جَلالٍ وَسُؤدَدِ
وَكانَ اِبتِدائي أَن هَويتُ محمداً / فَصارَ اِختِتامي في الهَوى بمحمدِ
وَبِالأَعيُنِ السُودِ أُفتُتِنت فيا لَها / سواجي قَد حَرّكنَ شَوقاً لمكمدِ
وَعلّقتُهُ صَعبَ المقادَةِ آبياً / كَثيرَ التَوقي صَيِّنا ذا تَشَدُّدِ
كَريمٌ بِتَأنيسٍ وَتَحديثِ ساعَةٍ / بخيلٌ بِتَقبيلٍ وبِاللَمسِ بِاليَدِ
وَجاذبتُهُ يَوماً فَفَرَّ كَأَنَّهُ / غَزالٌ رَأى منّي اِحتيالَ التَصَيُّدِ
فَلاطَفتُهُ حَتّى اِستَكانَ وَما دَرى / بِأَنَّ الدَنايا لا تَحُلُّ بِمعقَدِ
مُرادِيَ مِنهُ ما يُريدُ وَقَد كَفى / تعهدُّهُ قَلبي بأُنسٍ مُجَدَّدِ
وَرُؤيةُ عَيني البَدرَ عِنديَ طالِعا / وَتَشنيفُهُ سَمعي بدُرٍّ مُنَضَّدِ
وَعلمُ حَبيبي أَنَّني لَستُ تارِكاً / هَواهُ وَلَو أَنّي أَحُلُّ بِملحدي
أُنادِمُ مِنهُ مِلءَ عَيني مَلاحَةً / وَأَلحَظ مِنهُ الشَمسَ حَلَّت بِأَسعَدِ
وَأَقطُفُ مِن آدابِهِ الزَهرَ يانِعاً / وَأشتمُّ رَيحاناً بِخَدٍّ مُوَرَّدِ
وَها أَنا ذا قَد رُحتُ عَنهُ مُوَدِّعا / فَيا لَيتَ شِعري هَل لَهُ بَعدُ أَغتَدي
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن / لِروحِيَ مَيلٌ لِلكَواعِبِ عَن قَصدِ
وَجَمَّعتُ مالاً راحَ في غَير لَذةٍ / فَأعقَبَني فَقديهِ وَجداً عَلى وَجدِ
وَأَنتَجت أَفراخاً مَضوا لِسَبيلهم / عَلى حينِ نَقلٍ مِن سَريرٍ وَمِن مَهدِ
وَبُلِّغتُ مِن عُمري ثَمانينَ حِجَّةً / وَثنتينِ أُمسِي دائِماً نائِماً وَحدِي
فَقَلبيَ مُسوَدٌ وَليلي مِثلُهُ / سواداً فَجاءوني بِمسوَدَّةِ الجلدِ
فَصِرنا ثَلاثاً ظُلمَة مَع ظُلمَةٍ / عَلى ظُلمَةٍ تَتلُو لَنا ظُلمةُ اللَحدِ
وَدُنياهُمُ ما نِلتُ مِنها نَعيمَها / وَأَرجُو نَعيماً دامَ في جَنَّةِ الخُلدِ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ / يكلَّفُهُ ثَهلانُ كادَ يَميدُ
إِعادة ماضٍ وَاستدامَةَ حالَةٍ / وَتحصيلَ آتٍ إِنَّ ذا لَشَديدُ
تَصَرَّفتُ في ماضٍ وَآتٍ وَحاضِرٍ / كَأَني فِعلٌ بانَ عَنهُ جُمُودُ
وَما زالَ بي التَشبيهُ حَتّى تَظافَرَت / مَوانِعُ صَرفٍ ما لَهنَّ مَحيدُ
فَلَيتَ اِنصِرافي في مِكانِ تَصَرُّفي / فَيَنقصُ ذا عَنّي وَذاكَ يَزيدُ
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً / سَيركبُ فيها بَغلَةً وَيَزيدُ
وَما كُنتُ أَزهى بِالَّذي صِرت نائِلاً / وَلا أَنا مِمَّن بالبغالِ يَسودُ
تعشقتُه شَيخاً كَأنَّ مَشيبَه
تعشقتُه شَيخاً كَأنَّ مَشيبَه / عَلى وَجنَتيهِ ياسمين عَلى وَردِ
أَخا العَقلِ يَدري ما يراد مِن النهى / أَمنتُ عَلَيهِ مِن رَقيبٍ وَمِن ضدِّ
وَقالوا الوَرى قسمان في شرعة الهَوى / لسود اللحى ناسٌ وَناسٌ إِلى المُردِ
أَلا إِنَّني لَو كُنتُ أَصبو لأمردٍ / صَبَوت إِلى هَيفاءَ مائِسَةِ القَدِّ
وَسود اللحى أَبصَرت فيهم مُشارِكاً / فَأَحبَبتُ أَن أَبقى بِأَبيضهم وَحدي
وَقابلَني في الدَرس أَبيضُ ناعِمٌ
وَقابلَني في الدَرس أَبيضُ ناعِمٌ / وَأَسمرُ لدنٌ أَورثا جسميَ الرَدى
فَذا هَزَّ مِن عطفيهِ رُمحا مُثقفاً / وَذا سَلَّ مِن جفنيه عَضبا مُهندا
أَبو حامِدٍ حَتمٌ عَلى الناسِ حَمدُهُ
أَبو حامِدٍ حَتمٌ عَلى الناسِ حَمدُهُ / لما حازَ مِن علمٍ بِهِ بانَ رُشدُهُ
غَذِيُّ عُلومٍ لَم يَزَل مُنذُ نَشئِهِ / يَلوحُ عَلى أُفقِ المَعارفِ سَعدُهُ
ذَكيٌّ كَأن قَد جاحَمَ النارَ ذِهنُهُ / ذَكاءً وَمِن شَمس الظَهيرةِ وَقدُه
وَمَن حازَ في سِنِّ البُلوغِ فَضائِلاً / زَمانَ اِغتَذى بِالعِيِّ وَالجَهلِ ضِدُّه
هُوَ العلم لا كَالعلم شَيءٌ تُراوِده
هُوَ العلم لا كَالعلم شَيءٌ تُراوِده / لَقَد فازَ باغيه وَأَنجح قاصِدُه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025