المجموع : 12
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ
أَأَحمَدَ إِنَّ الحاسِدينَ حُشودُ / وَإِنَّ مَصابَ المُزنِ حَيثُ تُريدُ
فَلا تَبعُدَنَ مِنّي قَريباً فَطالَما / طُلِبتَ فَلَم تَبعُد وَأَنتَ بَعيدُ
أَصِخ تَستَمِع حُرَّ القَوافي فَإِنَّها / كَواكِبُ إِلّا أَنَّهُنَّ سُعودُ
وَلا تُمكِنِ الإِخلاقَ مِنها فَإِنَّما / يَلَذُّ لِباسُ البُردِ وَهُوَ جَديدُ
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا
يَقولُ أُناسٌ في حَبيناءَ عايَنوا / عِمارَةَ رَحلي مِن طَريفٍ وَتالِدِ
أَصادَفتَ كَنزاً أَم صَبَحتَ بِغارَةٍ / ذَوي غِرَّةٍ حاميهُمُ غَيرُ شاهِدِ
فَقُلتُ لَهُم لا ذا وَلا ذاكَ دَيدَني / وَلَكِنَّني أَقبَلتُ مِن عِندِ خالِدِ
جَذَبتُ نَداهُ غُدوَةَ السَبتِ جَذبَةً / فَخَرَّ صَريعاً بَينَ أَيدي القَصائِدِ
فَأُبتُ بِنُعمى مِنهُ بَيضاءَ لَدنَةٍ / كَثيرَةِ قَرحٍ في قُلوبِ الحَواسِدِ
هِيَ الناهِدُ الرَيا إِذا نِعمَةُ اِمرِئٍ / سُواهُ غَدَت مَمسوحَةً غَيرَ ناهِدِ
فَزَعتُ عِقابَ الأَرضِ وَالشِعرِ مادِحاً / لَهُ فَاِرتَقى بي في عِقابِ المَحامِدِ
فَأَلبَسَني مِن أُمَّهاتِ تِلادِهِ / وَأَلبَستُهُ مِن أُمَّهاتِ قَلائِدي
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ
سَرَت تَستَجيرُ الدَمعَ خَوفَ نَوى غَدِ / وَعادَ قَتاداً عِندَها كُلُّ مَرقَدِ
وَأَنقَذَها مِن غَمرَةِ المَوتِ أَنَّهُ / صُدودُ فِراقٍ لا صُدودُ تَعَمُّدِ
فَأَجرى لَها الإِشفاقُ دَمعاً مُوَرَّداً / مِنَ الدَمِ يَجري فَوقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
هِيَ البَدرُ يُغنيها تَوَدُّدُ وَجهِها / إِلى كُلِّ مَن لاقَت وَإِن لَم تَوَدَّدِ
وَلَكِنَّني لَم أَحوِ وَفراً مُجَمَّعاً / فَفُزتُ بِهِ إِلّا بِشَملٍ مُبَدَّدِ
وَلَم تُعطِني الأَيّامُ نَوماً مُسَكَّناً / أَلَذُّ بِهِ إِلّا بِنَومٍ مُشَرَّدِ
وَطولُ مُقامِ المَرءِ في الحَيِّ مُخلِقٌ / لِديباجَتَيهِ فَاِغتَرِب تَتَجَدَّدِ
فَإِنّي رَأَيتُ الشَمسَ زيدَت مَحَبَّةً / إِلى الناسِ أَن لَيسَت عَلَيهِم بِسَرمَدِ
حَلَفتُ بِرَبِّ البيضِ تَدمى مُتونُها / وَرَبِّ القَنا المُنآدِ وَالمُتَقَصَّدِ
لَقَد كَفَّ سَيفُ الصامِتِّيِ مُحَمَّدٍ / تَباريحَ ثَأرِ الصامِتِيِّ مُحَمَّدِ
رَمى اللَهُ مِنهُ بابَكاً وَوُلاتَهُ / بِقاصِمَةِ الأَصلابِ في كُلِّ مَشهَدِ
بِأَسمَحَ مِن غُرِّ الغَمامِ سَماحَةً / وَأَشجَعَ مِن صَرفِ الزَمانِ وَأَنجَدِ
إِذا ما دَعَوناهُ بِأَجلَحَ أَيمَنٍ / دَعاهُ وَلَم يَظلِم بِأَصلَعَ أَنكَدِ
فَتىً يَومَ بَذِّ الخُرَّمِيَّةِ لَم يَكُن / بِهَيّابَةٍ نِكسٍ وَلا بِمُعَرِّدِ
قِفا سَندَبايا وَالرِماحُ مُشيحَةٌ / تُهَدّى إِلى الروحِ الخَفِيِّ فَتَهتَدي
عَدا اللَيلُ فيها عَن مُعاوِيَةَ الرَدى / وَما شَكَّ رَيبُ الدَهرِ في أَنَّهُ رَدي
لَعَمري لَقَد حَرَّرتَ يَومَ لَقيتَهُ / لَوَ اِنَّ القَضاءَ وَحدَهُ لَم يُبَرِّدِ
فَإِن يَكُنِ المِقدارُ فيهِ مُفَنِّدا / فَما هُوَ في أَشياعِهِ بِمُفَنِّدِ
وَفي أَرشَقِ الهَيجاءِ وَالخَيلُ تَرتَمي / بِأَبطالِها في جاحِمٍ مُتَوَقِّدِ
عَطَطتَ عَلى رَغمِ العِدا عَزمَ بابِكٍ / بِصَبرِكَ عَطَّ الأَتحَمِيِّ المُعَضَّدِ
فَإِلّا يَكُن وَلّى بِشِلوٍ مُقَدَّدٍ / هُناكَ فَقَد وَلّى بِعَزمٍ مُقَدَّدِ
وَقَد كانَتِ الأَرماحُ أَبصَرنَ قَلبَهُ / فَأَرمَدَها سِترُ القَضاءِ المُمَدَّدِ
وَموقانَ كانَت دارَ هِجرَتِهِ فَقَد / تَوَرَّدتَها بِالخَيلِ أَيَّ تَوَرُّدِ
حَطَطتَ بِها يَومَ العَروبَةِ عِزَّهُ / وَكانَ مُقيماً بَينَ نَسرٍ وَفَرقَدِ
رَآكَ سَديدَ الرَأيِ وَالرُمحِ في الوَغى / تَأَزَّرُ بِالإِقدامِ فيهِ وَتَرتَدي
وَلَيسَ يُجَلّي الكَربَ رَأيٌ مُسَدَّدٌ / إِذا هُوَ لَم يُؤنَس بِرُمحٍ مُسَدَّدِ
فَمَرَّ مُطيعاً لِلعَوالي مُعَوَّداً / مِنَ الخَوفِ وَالإِحجامِ ما لَم يُعَوَّدِ
وَكانَ هُوَ الجَلدَ القُوى فَسَلَبتَهُ / بِحُسنِ الجِلادِ المَحضِ حُسنَ التَجَلُّدِ
لَعَمري لَقَد غادَرتَ حِسيَ فُؤادِهِ / قَريبَ رِشاءٍ لِلقَنا سَهلَ مَورِدِ
وَكانَ بَعيدَ القَعرِ مِن كُلِّ ماتِحٍ / فَغادَرتَهُ يُسقى وَيُشرَبُ بِاليَدِ
وَلِلكَذَجِ العُليا سَمَت بِكَ هِمَّةٌ / طَموحٌ يَروحُ النَصرُ فيها وَيَغتَدي
وَقَد خَزَمَت بِالذُلِّ أَنفَ اِبنِ خازِمٍ / وَأَعيَت صَياصيها يَزيدَ بنَ مَزيَدِ
فَقَيَّدتَ بِالإِقدامِ مُطلَقَ بَأسِهِم / وَأَطلَقتَ فيهِم كُلَّ حَتفٍ مُقَيَّدِ
وَبِالهَضبِ مِن أَبرِشتَويمَ وَدَروَذٍ / عَلَت بِكَ أَطرافُ القَنا فَاِعلُ وَاِزدَدِ
أَفادَتكَ فيها المُرهَفاتُ مَآثِراً / تُعَمَّرُ عُمرَ الدَهرِ إِن لَم تُخَلَّدِ
وَلَيلَةَ أَبلَيتَ البَياتَ بَلاءَهُ / مِنَ الصَبرِ في وَقتٍ مِنَ الصَبرِ مُجحِدِ
فَيا جَولَةً لا تَجحَديهِ وَقارَهُ / وَيا سَيفُ لا تَكفُر وَيا ظُلمَةُ اِشهَدي
وَيا لَيلُ لَو أَنّي مَكانَكَ بَعدَها / لَما بِتُّ في الدُنيا بِنَومٍ مُسَهَّدِ
وَقائِعُ أَصلُ النَصرِ فيها وَفَرعُهُ / إِذا عُدِّدَ الإِحسانُ أَو لَم يُعَدَّدِ
فَمَهما تَكُن مِن وَقعَةٍ بَعدُ لا تَكُن / سِوى حَسَنٍ مِمّا فَعَلتَ مُرَدَّدِ
مَحاسِنُ أَصنافِ المُغَنّينَ جَمَّةٌ / وَما قَصَباتُ السَبقِ إِلّا لِمَعبَدِ
جَلَوتَ الدُجى عَن أَذرَبيجانَ بَعدَما / تَرَدَّت بِلَونٍ كَالغَمامَةِ أَربَدِ
وَكانَت وَلَيسَ الصُبحُ فيها بِأَبيَضٍ / فَأَمسَت وَلَيسَ اللَيلُ فيها بِأَسوَدِ
رَأى بابَكٌ مِنكَ الَّتي طَلَعَت لَهُ / بِنَحسٍ وَلِلدينِ الحَنيفِ بِأَسعُدِ
هَزَزتَ لَهُ سَيفاً مِنَ الكَيدِ إِنَّما / تُجَذُّ بِهِ الأَعناقُ ما لَم يُجَرَّدِ
يَسُرُّ الَّذي يَسطو بِهِ وَهُوَ مُغمَدٌ / وَيَفضَحُ مَن يَسطو بِهِ غَيرَ مُغمَدِ
وَإِنّي لَأَرجو أَن تُقَلِّدَ جيدَهُ / قِلادَةَ مَصقولِ الذُبابِ مُهَنَّدِ
مُنَظَّمَةً بِالمَوتِ يَحظى بِحَليِها / مُقَلِّدُها في الناسِ دونَ المُقَلَّدِ
إِلَيكَ هَتكَنا جُنحِ لَيلٍ كَأَنَّهُ / قَدِ اِكتَحَلَت مِنهُ البِلادُ بِإِثمِدِ
تَقَلقَلُ بي أُدمُ المَهارى وَشومُها / عَلى كُلِّ نَشزٍ مُتلَئِبٍّ وَفَدفَدِ
تُقَلِّبُ في الآفاقِ صِلاً كَأَنَّما / يُقَلِّبُ في فَكَّيهِ شِقَّةَ مِبرَدِ
تَلافى جَداكَ المُجتَدينَ فَأَصبَحوا / وَلَم يَبقَ مَذخورٌ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
إِذا ما رَحىً دارَت أَدَرتَ سَماحَةً / رَحى كُلِّ إِنجازٍ عَلى كُلِّ مَوعِدِ
أَتَيتُكَ لَم أَفزَع إِلى غَيرِ مَفزَعٍ / وَلَم أَنشُدِ الحاجاتِ في غَيرِ مَنشَدِ
وَمَن يَرجُ مَعروفَ البَعيدِ فَإِنَّما / يَدي عَوَّلَت في النائِباتِ عَلى يَدي
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ
أَأَطلالَ هِندٍ ساءَ ما اِعتَضتِ مِن هِندِ / أَقايَضتِ حورَ العينِ بِالعونِ وَالرُبدِ
إِذا شِئنَ بِالأَلوانِ كُنَّ عِصابَةً / مِنَ الهِندِ وَالآذانِ كُنَّ مِنَ الصُغدِ
لَعُجنا عَلَيكِ العيسَ بَعدَ مَعاجِها / عَلى البيضِ أَتراباً عَلى النُؤيِ وَالوَدِّ
فَلا دَمعَ ما لَم يَجرِ في إِثرِهِ دَمٌ / وَلا وَجدَ ما لَم تَعيَ عَن صِفَةِ الوَجدِ
وَمَقدودَةٍ رُؤدٍ تَكادُ تَقُدُّها / إِصابَتُها بِالعَينِ مِن حَسَنِ القَدِّ
تُعَصفِرُ خَدَّيها العُيونُ بِحُمرَةٍ / إِذا وَرَدَت كانَت وَبالاً عَلى الوَردِ
إِذا زَهَّدَتني في الهَوى خيفَةُ الرَدى / جَلَت لِيَ عَن وَجهٍ يُزَهِّدُ في الزُهدِ
وَقَفتُ بِها اللَذّاتِ في مُتَنَفَّسٍ / مِنَ الغَيثِ يَسقي رَوضَةً في ثَرىً جَعدِ
وَصَفراءَ أَحدَقنا بِها في حَدائِقٍ / تَجودُ مِنَ الأَثمارِ بِالثَعدِ وَالمَعدِ
بِقاعِيَّةٍ تَجري عَلَينا كُؤوسُها / فَنُبدي الَّذي تُخفي وَنُخفي الَّذي تُبدي
بِنَصرِ بنِ مَنصورِ بنِ بَسّامٍ اِنفَرى / لَنا شَظَفُ الأَيّامِ عَن عيشَةٍ رَغدِ
أَلا لا يَمُدَّ الدَهرُ كَفّاً بِسَيِّئٍ / إِلى مُجتَدي نَصرٍ فَتُقطَع مِنَ الزَندِ
بِسَيبِ أَبي العَبّاسِ بُدِّلَ أَزلُنا / بِخَفضٍ وَصِرنا بَعدَ جَزرٍ إِلى مَدِّ
غَنيتُ بِهِ عَمَّن سِواهُ وَحُوِّلَت / عِجافُ رِكابي عَن سُعَيدٍ إِلى سَعدِ
لَهُ خُلُقٌ سَهلٌ وَنَفسٌ طِباعُها / لَيانٌ وَلَكِن عِرضُهُ مِن صَفاً صَلدِ
رَأَيتُ اللَيالي قَد تَغَيَّرَ عَهدُها / فَلَمّا تَراءى لي رَجَعنَ إِلى العَهدِ
أَسائِلَ نَصرٍ لا تَسَلهُ فَإِنَّهُ / أَحَنُّ إِلى الإِرفادِ مِنكَ إِلى الرَفدِ
فَتىً لا يُبالي حينَ تَجتَمِعُ العُلى / لَهُ أَن يَكونَ المالُ في السُحقِ وَالبُعدِ
فَتىً جودُهُ طَبعٌ فَلَيسَ بِحافِلٍ / أَفي الجَورِ كانَ الجودُ مِنهُ أَمِ القَصدِ
إِذا طَرَقَتهُ الحادِثاتُ بِنَكبَةٍ / مَخَضنَ سِقاءً مِنهُ لَيسَ بِذي زُبدِ
وَنَبَّهنَ مِثلَ السَيفِ لَو لَم تَسُلَّهُ / يَدانِ لَسَلَّتهُ ظَباهُ مِنَ الغِمدِ
سَأَحمَدُ نَصراً ما حَيِيتُ وَإِنَّني / لَأَعلَمُ أَن قَد جَلَّ نَصرٌ عَنِ الحَمدِ
تَجَلّى بِهِ رُشدي وَأَثرَت بِهِ يَدي / وَفاضَ بِهِ ثَمدي وَأَورى بِهِ زَندي
فَإِن يَكُ أَربى عَفوُ شُكري عَلى نَدى / أُناسٍ فَقَد أَربى نَداهُ عَلى جُهدي
وَمازالَ مَنشوراً عَلَيَّ نَوالُهُ / وَعِندي حَتّى قَد بَقيتُ بِلا عِندي
وَقَصَّرَ قَولي مِن بَعدِ ما أَرى / أَقولُ فَأُشجي أُمَّةً وَأَنا وَحدي
بَغَيتُ بِشِعري فَاِعتَلاهُ بِبَذلِهِ / فَلا يَبغِ في شِعرٍ لَهُ أَحَدٌ بَعدي
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ
قِفوا جَدِّدوا مِن عَهدِكُم بِالمَعاهِدِ / وَإِن هِيَ لَم تَسمَع لِنَشدانِ ناشِدِ
لَقَد أَطرَقَ الرَبعُ المُحيلُ لِفَقدِهِم / وَبَينِهِم إِطراقَ ثَكلانَ فاقِدِ
وَأَبقَوا لِضَيفِ الحُزنِ مِنِّيَ بَعدَهُم / قِرىً مِن جَوىً سارٍ وَطَيفِ مُعاوِدِ
سَقَتهُ ذُعافاً عادَةُ الدَهرِ فيهِمِ / وَسَمُّ اللَيالي فَوقَ سَمِّ الأَساوِدِ
بِهِ عِلَّةٌ لِلبَينِ صَمّاءُ لَم تُصِخ / لِبُرءٍ وَلَم توجِب عِيادَةَ عائِدِ
وَفي الكِلَّةِ الوَردِيَّةِ اللَونِ جُؤذُرٌ / مِنَ الإِنسِ يَمشي في رِقاقِ المَجاسِدِ
رَمَتهُ بِخُلفٍ بَعدَ أَن عاشَ حِقبَةً / لَهُ رَسَفانٌ في قُيودِ المَواعِدِ
غَدَت مُغتَدى الغَضبى وَأَوصَت خَيالَها / بِحَرّانَ نِضوِ العيسِ نِضوِ الخَرائِدِ
وَقالَت نِكاحُ الحُبِّ يُفسِدُ شَكلَهُ / وَكَم نَكَحوا حُبّاً وَلَيسَ بِفاسِدِ
سَآوي بِهَذا القَلبِ مِن لَوعَةِ الهَوى / إِلى ثَغَبٍ مِن نُطفَةِ اليَأسِ بارِدِ
وَأَروَعَ لا يُلقي المَقالِدَ لِاِمرِئٍ / فَكُلُّ اِمرِئٍ يُلقي لَهُ بِالمَقالِدِ
لَهُ كِبرِياءُ المُشتَري وَسُعودُهُ / وَسَورَةُ بَهرامٍ وَظَرفُ عُطارِدِ
أَغَرُّ يَداهُ فُرصَتا كُلِّ طالِبٍ / وَجَدواهُ وَقفٌ في سَبيلِ المَحامِدِ
فَتىً لَم يَقُم فَرداً بِيَومِ كَريهَةٍ / وَلا نائِلٍ إِلّا كَفى كُلَّ قاعِدِ
وَلا اِشتَدَّتِ الأَيّامُ إِلّا أَلانَها / أَشَمُّ شَديدُ الوَطءِ فَوقَ الشَدائِدِ
بَلَوناهُ فيها ماجِداً ذا حَفيظَةٍ / وَما كانَ رَيبُ الدَهرِ فيها بِماجِدِ
غَدا قاصِداً لِلحَمدِ حَتّى أَصابَهُ / وَكَم مِن مُصيبٍ قَصدَهُ غَيرُ قاصِدِ
هُمُ حَسَدوهُ لا مَلومينَ مَجدَهُ / وَما حاسِدٌ في المَكرُماتِ بِحاسِدِ
قَراني اللُهى وَالوُدَّ حَتّى كَأَنَّما / أَفادَ الغِنى مِن نائِلي وَفَوائِدي
فَأَصبَحَ يَلقاني الزَمانُ مِنَ اِجلِهِ / بِإِعظامِ مَولودٍ وَرَأفَةِ والِدِ
يَصُدُّ عَنِ الدُنيا إِذا عَنَّ سُؤدُدٌ / وَلَو بَرَزَت في زِيِّ عَذراءَ ناهِدِ
إِذا المَرءُ لَم يَزهَد وَقَد صُبِغَت لَهُ / بِعُصفُرِها الدُنيا فَلَيسَ بِزاهِدِ
فَواكَبِدي الحَرّى وَواكَبِدَ النَدى / لِأَيّامِهِ لَو كُنَّ غَيرَ بَوائِدِ
وَهَيهاتَ ما رَيبُ الزَمانِ بِمُخلِدٍ / غَريباً وَلا رَيبُ الزَمانِ بِخالِدِ
مُحَمَّدُ يا بنِ الهَيثَمِ بنِ شُبانَةٍ / أَبي كُلَّ دَفّاعٍ عَنِ المَجدِ ذائِدِ
هُمُ شَغَلوا يَومَيكَ بِالبَأسِ وَالنَدى / وَآتَوكَ زَنداً في العُلى غَيرَ خامِدِ
فَإِن كانَ عامٌ عارِمُ المَحلِ فَاِكفِهِ / وَإِن كانَ يَومٌ ذو جِلادٍ فَجالِدِ
إِذا السوقُ غَطَّت آنُفَ السوقِ وَاِغتَدَت / سَواعِدُ أَبناءِ الوَغى في السَواعِدِ
فَكَم لِلعَوالي فيكُمُ مِن مُنادِمٍ / وَلِلمَوتِ صِرفاً مِن حَليفٍ مُعاقِدِ
لِتُحلِفكُمُ النَعماءُ ريشَ جَناحِها / فَما الواحِدُ المَحمودُ مِنكُم بِواحِدِ
لَكُم ساحَةٌ خَضراءُ أَنّى اِنتَجَعتُها / غَدا فارِطي فيها صَدوقاً وَرائِدي
فَما قُلُبي فيها لِأَوَّلِ نازِحٍ / وَلا سَمُري فيها لِأَوَّلِ عاضِدِ
أَذابَت لِيَ الدُنيا يَمينُكَ بَعدَما / وَقَفتُ عَلى شُخبٍ مِنَ العَيشِ جامِدِ
وَنادَتنِيَ التَثويبَ لا أَنَّني اِمرُؤٌ / سَلاكَ وَلا اِستَثنى سِواكَ بِرافِدِ
وَلَكِنَّها مِنّي سَجايا قَديمَةٌ / إِذا لَم يُجَأجَأ بي فَلَستُ بِوارِدِ
وَكَم دِيَةٍ تِمٍّ غَدَوتَ تَسوقُها / لَها أَثَرٌ في تالِدي غَيرُ تالِدِ
وَلَيسَت دِياتٍ مِن دِماءٍ هَرَقتَها / حَراماً وَلَكِن مِن دِماءِ القَصائِدِ
وَلِلَّهِ أَنهارٌ مِنَ الناسِ شَقَّها / لِيَشرَعَ فيها كُلُّ مُقوٍ وَواجِدِ
مَوائِدُ رِزقٍ لِلعِبادِ خَصيبَةٌ / وَأَنتَ لَهُم مِن خَيرِ تِلكَ المَوائِدِ
أَفَضتَ عَلى أَهلِ الجَزيرَةِ نِعمَةً / إِذا شُهِدَت لَم تُخزِهِم في المَشاهِدِ
جَعَلتَ صَميمَ العَدلِ ظِلّاً مَدَدتَهُ / عَلى مَن بِها مِن مُسلِمٍ أَو مُعاهِدِ
فَقَد أَصبَحوا بِالعُرفِ مِنكَ إِلَيهِمُ / وَكُلٌّ مُقِرٌّ مِن مُقِرٍّ وَجاحِدِ
سَأَجهَدُ حَتّى أُبلِغَ الشِعرَ شَأوَهُ / وَإِن كانَ لي طَوعاً وَلَستُ بِجاهِدِ
فَإِن أَنا لَم يَحمَدكَ عَنِّيَ صاغِراً / عَدُوُّكَ فَاِعلَم أَنَّني غَيرُ حامِدِ
بِسَيّاحَةٍ تَنساقُ مِن غَيرِ سائِقٍ / وَتَنقادُ في الآفاقِ مِن غَيرِ قائِدِ
جَلامِدُ تَخطوها اللَيالي وَإِن بَدَت / لَها موضِحاتٌ في رُؤوسِ الجَلامِدِ
إِذا شَرَدَت سَلَّت سَخيمَةَ شانِئٍ / وَرَدَّت عُزوباً مِن قُلوبٍ شَوارِدِ
أَفادَت صَديقاً مِن عَدُوٍّ وَغادَرَت / أَقارِبَ دُنيا مِن رِجالٍ أَباعِدِ
مُحَبَّبَةً ما إِن تَزالُ تَرى لَها / إِلى كُلِّ أُفقٍ وافِداً غَيرَ وافِدِ
وَمُحلِفَةً لَمّا تَرِد أُذنَ سامِعٍ / فَتَصدُرَ إِلّا عَن يَمينٍ وَشاهِدِ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ
تَجَرَّع أَسىً قَد أَقفَرَ الجَرَعُ الفَردُ / وَدَع حِسيَ عَينٍ يَحتَلِب ماءَها الوَجدُ
إِذا اِنصَرَفَ المَحزونُ قَد فَلَّ صَبرَهُ / سُؤالُ المَغاني فَالبُكاءُ لَهُ رِدُّ
بَدَت لِلنَوى أَشياءُ قَد خِلتُ أَنَّها / سَيَبدَأُني رَيبُ الزَمانِ إِذا تَبدو
نَوىً كَاِنقِضاضِ النَجمِ كانَت نَتيجَةً / مِنَ الهَزلِ يَوماً إِنَّ هَزلَ الهَوى جِدُّ
فَلا تَحسَبا هِنداً لَها الغَدرُ وَحدَها / سَجِيَّةَ نَفسٍ كُلُّ غانِيَةٍ هِندُ
وَقالوا أُسىً عَنها وَقَد خَصَمَ الأُسى / جَوانِحُ مُشتاقٍ إِذا خاصَمَت لُدُّ
وَعَينٌ إِذا هَيَّجتَها عادَتِ الكَرى / وَدَمعٌ إِذا اِستَنجَدتَ أَسرابَهُ نَجدُ
وَما خَلفَ أَجفاني شُؤونٌ بَخيلَةٌ / وَلا بَينَ أَضلاعي لَها حَجَرٌ صَلدُ
وَكَم تَحتَ أَرواقِ الصَبابَةِ مِن فَتىً / مِنَ القَومِ حُرٍّ دَمعُهُ لِلهَوى عَبدُ
وَما أَحَدٌ طارَ الفِراقُ بِقَلبِهِ / بِجَلدٍ وَلَكِنَّ الفِراقَ هُوَ الجَلدُ
وَمَن كانَ ذا بَثٍّ عَلى النَأيِ طارِفٍ / فَلي أَبَداً مِن صَرفِهِ حُرَقٌ تُلدُ
فَلا مَلِكٌ فَردُ المَواهِبِ وَاللُهى / يُجاوِزُ بي عَنهُ وَلا رَشَأٌ فَردُ
مُحَمَّدُ يا بنَ الهَيثَمِ اِنقَلَبَت بِنا / نَوىً خَطَأٌ في عَقبِها لَوعَةٌ عَمدُ
وَحِقدٌ مِنَ الأَيّامِ وَهيَ قَديرَةٌ / وَشَرُّ السَجايا قُدرَةٌ جارُها حِقدُ
إِساءَةَ دَهرٍ أَذكَرَت حُسنَ فِعلِهِ / إِلَيَّ وَلَولا الشَريُ لَم يُعرَفِ الشُهدُ
أَما وَأَبي أَحداثِهِ إِنَّ حادِثاً / حَدا بِيَ عَنكَ العيسَ لَلحادِثُ الوَغدُ
مِنَ النَكباتِ الناكِباتِ عَنِ الهَوى / فَمَحبوبُها يَحبو وَمَكروهُها يَعدو
لَيالِيَنا بِالرَقَّتَينِ وَأَهلِها / سَقى العَهدَ مِنكِ العَهدُ وَالعَهدُ وَالعَهدُ
سَحابٌ مَتى يَسحَب عَلى النَبتِ ذَيلَهُ / فَلا رَجِلٌ يَنبو عَلَيهِ وَلا جَعدُ
ضَرَبتُ لَها بَطنَ الزَمانِ وَظَهرَهُ / فَلَم أَلقَ مِن أَيّامِها عِوَضاً بَعدُ
لَدى مَلِكٍ مِن أَيكَةِ الجودِ لَم يَزَل / عَلى كَبِدِ المَعروفِ مِن فِعلِهِ بَردُ
رَقيقِ حَواشي الحِلمِ لَو أَنَّ حِلمَهُ / بِكَفَّيكَ ما مارَيتَ في أَنَّهُ بُردُ
وَذو سَورَةٍ تَفري الفَرِيَّ شَباتُها / وَلا يَقطَعُ الصَمّامُ لَيسَ لَهُ حَدُّ
وَداني الجَدا تَأتي عَطاياهُ مِن عَلٍ / وَمَنصِبُهُ وَعرٌ مَطالِعُهُ جُردُ
فَقَد نَزَلَ المُرتادُ مِنهُ بِماجِدٍ / مَواهِبُهُ غَورٌ وَسُؤدُدُهُ نَجدُ
غَدا بِالأَماني لَم يُرِق ماءَ وَجهِهِ / مِطالٌ وَلَم يَقعُد بِآمالِهِ الرَدُّ
بِأَوفاهُمُ بَرقاً إِذا أَخلَفَ السَنا / وَأَصدَقِهِم رَعداً إِذا كَذَبَ الرَعدُ
أَبَلِّهِم ريقاً وَكَفّاً لِسائِلٍ / وَأَنضَرِهِم وَعداً إِذا صَوَّحَ الوَعدُ
كَريمٌ إِذا أَلقى عَصاهُ مُخَيِّماً / بِأَرضٍ فَقَد أَلقى بِها رَحلَهُ المَجدُ
بِهِ أَسلَمَ المَعروفُ بِالشامِ بَعدَما / ثَوى مُنذُ أَودى خالِدٌ وَهوَ مُرتَدُّ
فَتىً لا يَرى بُدّاً مِنَ البَأسِ وَالنَدى / وَلا شَيءَ إِلّا مِنهُ غَيرَهُما بُدٌّ
حَبيبٌ بَغيضٌ عِندَ راميكَ عَن قِلىً / وَسَيفٌ عَلى شانيكَ لَيسَ لَهُ غِمدٌ
وَكَم أَمطَرَتهُ نَكبَةٌ ثُمَّ فُرِّجَت / وَلِلَّهِ في تَفريجِها وَلَكَ الحَمدُ
وَكَم كانَ دَهراً لِلحَوادِثِ مُضغَةً / فَأَضحَت جَميعاً وَهيَ عَن لَحمِهِ دُردُ
تُصارِعُهُ لَولاكَ كُلُّ مُلِمَّةٍ / وَيَعدو عَلَيهِ الدَهرُ مِن حَيثُ لا يَعدو
تَوَسَّطتَ مِن أَبناءِ ساسانَ هَضبَةً / لَها الكَنَفُ المَحلولُ وَالسَنَدُ النَهدُ
بِحَيثُ اِنتَمَت زُرقُ الأَجادِلِ مِنهُمُ / عُلُوّاً وَقامَت عَن فَرائِسِها الأُسدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الجَفرَ جَفرَكَ في العُلى / قَريبُ الرِشاءِ لا جَرورٌ وَلا ثَمدُ
إِذا صَدَرَت عَنهُ الأَعاجِمُ كُلُّها / فَأَوَّلُ مَن يُروى بِهِ بَعدَها الأَزدُ
لَهُم بِكَ فَخرٌ لا الرِبابُ تُرِبُّهُ / بِدَعوى وَلَم تَسعَد بِأَيّامِهِ سَعدُ
وَكَم لَكَ عِندي مِن يَدٍ مُستَهِلَّةٍ / عَلَيَّ وَلا كُفرانَ عِندي وَلا جَحدُ
يَدٌ يُستَذَلُّ الدَهرُ في نَفَحاتِها / وَيَخضَرُّ مِن مَعروفِها الأُفقُ الوَردُ
وَمِثلِكَ قَد خَوَّلتُهُ المَدحَ جازِياً / وَإِن كُنتَ لا مِثلٌ إِلَيكَ وَلا نِدُّ
نَظَمتُ لَهُ عِقداً مِنَ الشِعرِ تَنضُبُ ال / بِحارُ وَما داناهُ مِن حَليِها عِقدُ
تَسيرُ مَسيرَ الشَمسِ مُطَّرَفاتُها / وَما السَيرُ مِنها لا العَنيقُ وَلا الوَخدُ
تَروحُ وَتَغدو بَل يُراحُ وَيُغتَدى / بِها وَهيَ حَيرى لا تَروحُ وَلا تَغدو
تُقَطِّعُ آفاقَ البِلادِ سَوابِقاً / وَما اِبتَلَّ مِنها لا عِذارٌ وَلا خَدُّ
غَرائِبُ ما تَنفَكُّ فيها لُبانَةٌ / لِمُرتَجِزٍ يَحدو وَمُرتَجِلٍ يَشدو
إِذا حَضَرَت ساحَ المُلوكِ تُقُبِّلَت / عَقائِلُ مِنها غَيرُ مَلموسَةٍ مُلدُ
أُهينَ لَها ما في البُدورِ وَأُكرِمَت / لَدَيهِم قَوافيها كَما يُكرَمُ الوَفدُ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ
أَبا القاسِمِ المَحمودَ إِن ذُكِرَ الحَمدُ / وُقيتَ رَزايا ما يَروحُ وَما يَغدو
وَطابَت بِلادٌ أَنتَ فيها فَأَصبَحَت / وَمَربَعُها غَورٌ وَمُصطافُها نَجدُ
فَإِن تَكُ قَد نالَتكَ أَطرافُ وَعكَةٍ / فَلا عَجَبٌ أَن يوعَكَ الأَسَدُ الوَردُ
سَلِمتَ وَإِن كانَت لَكَ الدَعوَةُ اِسمُها / وَكانَ الَّذي يَحظى بِإِنجاحِها السَعدُ
فَقَد أَصبَحَت مِن صُفرَةٍ في وُجوهِها / وَراياتِها سِيّانِ غَمّاً بِكَ الأَزدُ
بِنا لا بِكَ الشَكوى فَلَيسَ بِضائِرٍ / إِذا صَحَّ نَصلُ السَيفِ ما لَقِيَ الغِمدُ
شَهِدتُ لَقَد أَقوَت مَغانيكُمُ بَعدي
شَهِدتُ لَقَد أَقوَت مَغانيكُمُ بَعدي / وَمَحَّت كَما مَحَّت وَشائِعُ مِن بُردِ
وَأَنجَدتُمُ مِن بَعدِ إِتهامِ دارِكُم / فَيا دَمعُ أَنجِدني عَلى ساكِني نَجدِ
لَعَمري لَقَد أَخلَقتُمُ جَدَّةَ البُكا / بُكاءً وَجَدَّدتُم بِهِ خَلَقَ الوَجدِ
وَكَم أَحرَزَت مِنكُم عَلى قُبحِ قَدِّها / صُروفُ النَوى مِن مُرهَفٍ حَسَنِ القَدِّ
وَمِن زَفرَةٍ تُعطي الصَبابَةَ حَقَّها / وَتوري زِنادَ الشَوقِ تَحتَ الحَشا الصَلدِ
وَمِن جيدِ غَيداءِ التَثَنّي كَأَنَّما / أَتَتكَ بِلَيتَيها مِنَ الرَشَأِ الفَردِ
كَأَنَّ عَلَيها كُلَّ عِقدٍ مَلاحَةً / وَحُسناً وَإِن أَمسَت وَأَضحَت بِلا عِقدِ
وَمِن نَظرَةٍ بَينَ السُجوفِ عَليلَةٍ / وَمُحتَضَنٍ شَختٍ وَمُبتَسَمٍ بَردِ
وَمِن فاحِمٍ جَعدٍ وَمِن كَفَلٍ نَهدِ / وَمِن قَمَرٍ سَعدٍ وَمِن نائِلٍ ثَمدِ
مَحاسِنُ ما زالَت مَساوٍ مِنَ النَوى / تُغَطّي عَلَيها أَو مَساوٍ مِنَ الصَدِّ
سَأَجهَدُ عَزمي وَالمَطايا فَإِنَّني / أَرى العَفوَ لا يُمتاحُ إِلّا مِنَ الجَهدِ
إِذا الجِدُّ لَم يَجدِد بِنا أَو تَرى الغِنى / صُراحاً إِذا ما صُرِّحَ الجَدُّ بِالجِدِّ
وَكَم مَذهَبِ سَبطِ المَناديحِ قَد سَعَت / إِلَيكَ بِهِ الأَيّامُ مِن أَمَلٍ جَعدِ
سَرَينَ بِنا زَهواً يَخِدنَ وَإِنَّما / يَبيتُ وَيُمسي النُجحُ في كَنَفِ الوَخدِ
قَواصِدُ بِالسَيرِ الحَثيثِ إِلى أَبي ال / مُغيثِ فَما تَنفَكُّ تُرقِلُ أَو تَخدي
إِلى مُشرِقِ الأَخلاقِ لِلجودِ ما حَوى / وَيَحوي وَما يُخفي مِنَ الأَمرِ أَو يُبدي
فَتىً لَم تَزَل تُفضي بِهِ طاعَةُ النَدى / إِلى العيشَةِ العَسراءِ وَالسُؤدُدِ الرَغدِ
إِذا وَعَدَ اِنهَلَّت يَداهُ فَأَهدَتا / لَكَ النُجحَ مَحمولاً عَلى كاهِلِ الوَعدِ
دَلوحانِ تَفتَرُّ المَكارِمُ عَنهُما / كَما الغَيثُ مُفتَرٌّ عَنِ البَرقِ وَالرَعدِ
إِلَيكَ هَدَمنا ما بَنَت في ظُهورِها / ظُهورُ الثَرى الرِبعِيِّ مِن فَدَنٍ نَهدِ
سَرَت تَحمِلُ العُتبى إِلى العَتبِ وَالرِضا / إِلى السُخطِ وَالعُذرَ المُبينَ إِلى الحِقدِ
أَموسى بنَ إِبراهيمَ دَعوَةَ خامِسٍ / بِهِ ظَمَأُ التَثريبِ لا ظَمَأُ الوَردِ
جَليدٌ عَلى عَتبِ الخُطوبِ إِذا اِلتَوَت / وَلَيسَ عَلى عَتبِ الأَخلاءِ بِالجَلدِ
أَتاني مَعَ الرُكبانِ ظَنٌّ ظَنَنتَهُ / لَفَفتُ لَهُ رَأسي حَياءً مِنَ المَجدِ
لَقَد نَكَبَ الغَدرُ الوَفاءَ بِساحَتي / إِذاً وَسَرَحتُ الذَمَّ في مَسرَحِ الحَمدِ
وَهَتَّكتُ بِالقَولِ الخَنا حُرمَةَ العُلى / وَأَسلَكتُ حُرَّ الشِعرِ في مَسلَكِ العَبدِ
نَسيتُ إِذاً كَم مِن يَدٍ لَكَ شاكَلَت / يَدَ القُربِ أَعدَت مُستَهاماً عَلى البُعدِ
وَمِن زَمَنٍ أَلبَستَنيهِ كَأَنَّهُ / إِذا ذُكِرَت أَيّامُهُ زَمَنُ الوَردِ
وَأَنَّكَ أَحكَمتَ الَّذي بَينَ فِكرَتي / وَبَينَ القَوافي مِن ذِمامٍ وَمِن عَقدِ
وَأَصَّلتَ شِعري فَاِعتَلى رَونَقَ الضُحى / وَلَولاكَ لَم يَظهَر زَماناً مِنَ الغِمدِ
وَكَيفَ وَما أَخلَلتُ بَعدَكَ بِالحِجا / وَأَنتَ فَلَم تُخلِل بِمَكرُمَةٍ بَعدي
أَأُلبِسُ هُجرَ القَولِ مَن لَو هَجَوتُهُ / إِذاً لَهَجاني عَنهُ مَعروفُهُ عِندي
كَريمٌ مَتى أَمدَحهُ أَمدَحهُ وَالوَرى / مَعي وَمَتى ما لُمتُهُ لُمتُهُ وَحدي
وَلَو لَم يَزَعني عَنكَ غَيرَكَ وازِعٌ / لَأَعدَيتَني بِالحِلمِ إِنَّ العُلى تُعدي
أَبى ذاكَ أَنّي لَستُ أَعرِفُ دائِماً / عَلى سُؤدُدٍ حَتّى يَدومَ عَلى العَهدِ
وَأَنّي رَأَيتُ الوَسمَ في خُلُقِ الفَتى / هُوَ الوَسمُ لا ما كانَ في الشَعرِ وَالجِلدِ
أَرُدُّ يَدي عَن عِرضِ حُرٍّ وَمَنطِقي / وَأَملَأُها مِن لِبدَةِ الأَسَدِ الوَردِ
فَإِن يَكُ جُرمٌ عَنَّ أَو تَكُ هَفوَةٌ / عَلى خَطَإٍ مِنّي فَعُذري عَلى عَمدِ
عَفَت أَربُعُ الحِلّاتِ لِلأَربُعِ المُلدِ
عَفَت أَربُعُ الحِلّاتِ لِلأَربُعِ المُلدِ / لِكُلِّ هَضيمِ الكَشحِ مَجدولَةِ القَدِّ
لِسَلمى سَلامانٍ وَعَمرَةِ عامِرٍ / وَهِندِ بَني هِندٍ وَسُعدى بَني سَعدِ
دِيارٌ هَراقَت كُلَّ عَينٍ شَحيحَةٍ / وَأَوطَأَتِ الأَحزانَ كُلَّ حَشاً صَلدِ
فَعوجا صُدورَ الأَرحَبِيِّ وَأَسهِلا / بِذاكَ الكَثيبِ السَهلِ وَالعَلَمِ الفَردِ
وَلا تَسأَلاني عَن هَوىً قَد طَعِمتُما / جَواهُ فَلَيسَ الوَجدُ إِلّا مِنَ الوَجدِ
حَطَطتُ إِلى أَرضِ الجُدَيدِيِّ أَرحُلي / بِمَهرِيَّةٍ تَنباعُ في السَيرِ أَو تَخدي
تَؤُمُّ شِهابَ الحَربِ حَفصاً وَرَهطُهُ / بَنو الحَربِ لا يَنبو ثَراهُم وَلا يُكدي
وَمَن شَكَّ أَنَّ الجودَ وَالبَأسَ فيهِمُ / كَمَن شَكَّ في أَنَّ الفَصاحَةَ في نَجدِ
أَنَختُ إِلى ساحاتِهِم وَجَنابِهِم / رِكابي وَأَضحى في دِيارِهِم وَفدي
إِلى سَيفِهِم حَفصٍ وَمازالَ يُنتَضى / لَهُم مِثلُ ذاكَ السَيفِ مِن تِلكَ الغِمدِ
فَلَم أَغشَ باباً أَنكَرَتني كِلابُهُ / وَلَم أَتَشَبَّث بِالوَسيلَةِ مِن بُعدِ
فَأَصبَحتُ لا ذُلُّ السُؤالِ أَصابَني / وَلا قَدَحَت في خاطِري رَوعَةُ الرَدِّ
يَرى الوَعدَ أَخزى العارِ إِن هُوَ لَم تَكُن / مَواهِبُهُ تَأتي مُقَدَّمَةَ الوَعدِ
فَلَو كانَ ما يُعطيهِ غَيثاً لَأَمطَرَت / سَحائِبُهُ مِن غَيرِ بَرقٍ وَلا رَعدِ
دَرِيَّةُ خَيلٍ ما يَزالُ لَدى الوَغى / لَهُ مِخلَبٌ وَردٌ مِنَ الأَسَدِ الوَردِ
مِنَ القَومِ جَعدٌ أَبيَضُ الوَجهِ وَالنَدى / وَلَيسَ بَنانٌ يُجتَدى مِنهُ بِالجَعدِ
وَأَنتَ وَقَد مَجَّت خُراسانُ داءَها / وَقَد نَغِلَت أَطرافُها نَغَلَ الجِلدِ
وَأَوباشُها خُزرٌ إِلى العَرَبِ الأُلى / لِكَيما يَكونَ الحُرُّ مِن خَوَلِ العَبدِ
لَيالِيَ باتَ العِزُّ في غَيرِ بَيتِهِ / وَعُظِّمَ وَغدُ القَومِ في الزَمَنِ الوَغدِ
وَما قَصَدوا إِذ يَسحَبونَ عَلى المُنى / بُرودَهُمُ إِلّا إِلى وارِثِ البُردِ
وَراموا دَمَ الإِسلامِ لا مِن جَهالَةٍ / وَلا خَطَإٍ بَل حاوَلوهُ عَلى عَمدِ
فَمَجّوا بِهِ سَمّاً وَصاباً وَلَو نَأَت / سُيوفُكَ عَنهُم كانَ أَحلى مِنَ الشَهدِ
ضَمَمتَ إِلى قَحطانَ عَدنانَ كُلَّها / وَلَم يَجِدوا إِذ ذاكَ مِن ذاكَ مِن بُدِّ
فَأَضحَت بِكَ الأَحياءُ أَجمَعُ أُلفَةً / كَما أُحكِمَت في النَظمِ واسِطَةُ العِقدِ
وَكُنتَ هُناكَ الأَحنَفَ الطِبَّ في بَني / تَميمٍ جَميعاً وَالمُهَلَّبَ في الأَزدِ
وَكُنتَ أَبا غَسّانَ مالِكَ وائِلٍ / عَشِيَّةَ دانى حَلفَهُ الحِلفُ بِالعَقدِ
وَلَمّا أَماتَت أَنجُمُ العَرَبِ الدُجى / سَرَت وَهيَ أَتباعٌ لِكَوكَبِكَ السَعدِ
وَهَل أَسَدُ العِرّيسِ إِلّا الَّذي لَهُ / فَضيلَتُهُ في حَيثُ مُجتَمَعُ الأُسدِ
فَهُم مِنكَ في جَيشٍ قَريبٍ قُدومُهُ / عَلَيهِمُ وَهُم مِن يُمنِ رَأيِكَ في جُندِ
وَوَقَّرتَ يافوخَ الجَبانِ عَلى الرَدى / وَزِدتَ غَداةَ الرَوعِ في نَجدَةِ النَجدِ
رَأَيتَ حُروبَ الناسِ هَزلاً وَإِن عَلا / سَناها وَتِلكَ الحَربُ مُعتَمَدُ الجِدِّ
فَيا طيبَ مَجناها وَيا بَردَ وَقعِها / عَلى الكَبِدِ الحَرّى وَزادَ عَلى البَردِ
وَرَفَّعتَ طَرفاً كانَ لَولاكَ خاشِعاً / وَأَورَدتَ ذَودَ العِزِّ في أَوَّلِ الوِردِ
فَتىً بَرَّحَت هِمّاتُهُ وَفِعالُهُ / بِهِ فَهوَ في جُهدٍ وَما هُوَ في جَهدِ
مَتَتُّ إِلَيهِ بِالقَرابَةِ بَينَنا / وَبِالرَحِمِ الدُنيا فَأَغنَت عَنِ الوُدِّ
رَأى سالِفَ الدُنيا وَشابِكَ آلِهِ / أَحَقَّ بِأَن يَرعاهُ في سالِفِ العَهدِ
فَيا حُسنَ ذاكَ البِرِّ إِذ أَنا حاضِرٌ / وَيا طيبَ ذاكَ القَولِ وَالذِكرِ مِن بَعدي
وَما كُنتُ ذا فَقرٍ إِلى صُلبِ مالِهِ / وَما كانَ حَفصٌ بِالفَقيرِ إِلى حَمدي
وَلَكِن رَأى شُكري قِلادَةَ سُؤدُدٍ / فَصاغَ لَها سِلكاً بَهِيّاً مِنَ الرِفدِ
فَما فاتَني ما عِندَهُ مِن حِبائِهِ / وَلا فاتَهُ مِن فاخِرِ الشِعرِ ما عِندي
وَكَم مِن كَريمٍ قَد تَخَضَّرَ قَلبُهُ / بِذاكَ الثَناءِ الغَضِّ في طُرُقِ المَجدِ
لا يَشمَتِ الأَعداءُ بِالمَوتِ إِنَّنا
لا يَشمَتِ الأَعداءُ بِالمَوتِ إِنَّنا / سَنُخلي لَهُم مِن عَرصَةِ المَوتِ مَورِدا
وَلا تَحسَبَنَّ المَوتَ عاراً فَإِنَّنا / رَأَينا المَنايا قَد أَصَبنَ مُحَمَّدا
وَلا يَحسِبِ الأَعداءُ أَنَّ مُصيبَتي / أَكَلَّت لَهُم مِنّي لِساناً وَلا يَدا
تَتابَعَ في عامٍ بَنِيَّ وَإِخوَتي / فَأَصبَحتُ إِن لَم يُخلِفِ اللَهُ واحِدا
أَأَللَهُ إِنّي خالِدٌ بَعدَ خالِدِ
أَأَللَهُ إِنّي خالِدٌ بَعدَ خالِدِ / وَناسٍ سِراجَ المَجدِ نَجمَ المَحامِدِ
وَقَد تُرِعَت إِثفِيَّةُ العَرَبِ الَّتي / بِها صُدِعَت ما بَينَ تِلكَ الجَلامِدِ
أَلا غَربُ دَمعٍ ناصِرٍ لي عَلى الأَسى / أَلا حُرُّ شِعرٍ في الغَليلِ مُساعِدي
فَلَم تَكرُمِ العَينانِ إِن لَم تُسامِحا / وَلا طابَ فَرعُ الشِعرِ إِن لَم يُساعِدِ
لِتَبكِ القَوافي شَجوَها بَعدَ خالِدٍ / بُكاءَ مُضِلّاتِ السَماحِ نَواشِدِ
لَكانَت عَذاراها إِذا هِيَ أُبرِزَت / لَدى خالِدٍ مِثلَ العَذارى النَواهِدِ
وَكانَت لِصَيدِ الوَحشِ مِنها حَلاوَةٌ / عَلى قَلبِهِ لَيسَت لِصَيدِ الأَوابِدِ
وَكانَ يَرى سَمَّ الكَلامِ كَأَنَّما / يُقَشَّبُ أَحياناً بِسَمِّ الأَساوِدِ
تَقَلَّصَ ظِلُّ العُرفِ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَأُطفِئَ في الدُنيا سِراجُ القَصائِدِ
فَيا عِيَّ مَرحولٍ إِلَيهِ وَراحِلٍ / وَخَجلَةَ مَوفودٍ إِلَيهِ وَوافِدِ
وَيا ماجِداً أَوفى بِهِ المَوتُ نَذرَهُ / فَأَشعَرَ رَوعاً كُلَّ أَروَعَ ماجِدِ
غَداً يَمنَعُ المَعروفُ بَعدَكَ دَرَّهُ / وَتَغدِرُ غُدرانَ الأَكُفِّ الرَوافِدِ
وَيا شائِماً بَرقاً خَدوعاً وَسامِعاً / لِراعِدَةٍ دَجّالَةٍ في الرَواعِدِ
أَقِم ثُمَّ حُطَّ الرَحلَ وَالظَنَّ إِنَّهُ / مَضَت قِبلَةُ الأَسفارِ مِن بَعدِ خالِدِ
تَكَفَّأَ مَتنُ الأَرضِ يَومَ تَعَطَّلَت / مِنَ الجَبَلِ المُنهَدِّ تَحتَ الفَدافِدِ
فَلِلثَغرِ لَونٌ قاتِمٌ بَعدَ مَنظَرٍ / أَنيقٍ وَجَوٌّ سائِلٌ غَيرُ راكِدِ
لَأَبرَحتَ يا عامَ المَصائِبِ بَعدَما / دَعَتكَ بَنو الآمالِ عامَ الفَوائِدِ
لَقَد نَهَسَ الدَهرُ القَبائِلَ بَعدَهُ / بِنابٍ حَديدٍ يَقطُرُ السَمَّ عانِدِ
فَجَلَّلَ قَحطاً آلَ قَحطانَ وَاِنثَنَت / نِزارٌ بِمَنزورٍ مِنَ العَيشِ جاحِدِ
عَلى أَيِّ عِرنينٍ غُلِبنا وَمارِنٍ / وَأَيَّةُ كَفٍّ فارَقَتنا وَساعِدِ
كَأَنّا فَقَدنا أَلفَ أَلفِ مُدَجَّجٍ / عَلى أَلفِ أَلفٍ مُقرَبٍ لا مُباعَدِ
فَيا وَحشَةَ الدُنيا وَكانَت أَنيسَةً / وَوَحدَةَ مَن فيها لِمَصرَعِ واحِدِ
مَضَت خُيَلاءُ الخَيلِ وَاِنصَرَفَ الرَدى / بِأَنفَسِ نَفسٍ مِن مَعَدٍّ وَوالِدِ
فَأَينَ شِفاءُ الثَغرِ أَينَ إِذا القَنا / خَطَرنَ عَلى عُضوٍ مِنَ المُلكِ فاسِدِ
وَأَينَ الجِلادُ الهَبرُ إِذ لَيسَ سَيِّدٌ / يَقي جِلدَةَ الأَحسابِ إِن لَم يُجالِدِ
وَمَن يَجعَلُ السُلطانَ حَبلَ وَريدِهِ / وَمَن يَنظِمِ الأَطرافَ نَظمَ القَلائِدِ
وَمَن لَم يَكُن يَنفَكُّ يَغبِقُ سَيفَهُ / دَماً عانِداً مِن نَحرِ لَيثٍ مُعانِدِ
بِنَفسِيَ مَن خَطَّت رَبيعَةُ لَحدَهُ / وَلازالَ مُهتَزَّ الرُبى غَيرَ هامِدِ
أَقامَ بِهِ مِن حَيِّ بَكرِ بنِ وائِلٍ / هَنِيَّ النَدى مُخضَرَّ إِثرَ المَواعِدِ
فَماذا حَوَت أَكفانُهُ مِن شَمائِلٍ / مَناهِلَ أَعدادٍ عِذابَ المَوارِدِ
خَلائِقُ كانَت كَالثُغورِ تَخَرَّمَت / وَكانَ عَلَيها واقِفاً كَالمُجاهِدِ
فَكَم غالَ ذاكَ التُربُ لي وَلِمَعشَري / وَلِلناسِ طُرّاً مِن طَريفٍ وَتالِدِ
أَشَيبانُ لا ذاكَ الهِلالُ بِطالِعٍ / عَلَينا وَلا ذاكَ الغَمامُ بِعائِدِ
أَشَيبانُ ما جَدّي وَلا جَدُّ كاشِحٍ / وَلا جَدُّ شَيءٍ يَومَ وَلّى بِصاعِدِ
أَشَيبانُ عَمَّت نارُها مِن مُصيبَةٍ / فَما يُشتَكى وَجدٌ إِلى غَيرِ واجِدِ
لَئِن أَقرَحَت عَينَي صَديقٍ وَصاحِبٍ / لَقَد زَعزَعَت رُكنَي عَدُوٍّ وَحاسِدِ
لَئِن هِيَ أَهدَت لِلأَقارِبِ تَرحَةً / لَقَد جَلَّلَت تُرباً خُدودَ الأَباعِدِ
فَما جانِبُ الدُنيا بِسَهلٍ وَلا الضُحى / بِطَلقٍ وَلا ماءُ الحَياةِ بِبارِدِ
بَلى وَأَبي إِنَّ الأَميرَ مُحَمَّداً / لَقُطبُ الرَحى مِصباحُ تِلكَ المَشاهِدِ
حَمِدتُ اللَيالي إِذ حَمَت سَرحَنا بِهِ / وَلَستُ لَها في غَيرِ ذاكَ بِحامِدِ
عَلَيهِ دَليلٌ مِن يَزيدَ وَخالِدٍ / وَنورانِ لاحا مِن نِجارٍ وَشاهِدِ
مِنَ المُكرِمينَ الخَيلَ فيهِم وَلَم يَكُن / لِيُكرِمَها إِلّا كِرامُ المَحاتِدِ
أَخو الحَربِ يَكسوها نَجيعاً كَأَنَّما / مُتونُ رُباها مِنهُ مِثلُ المَجاسِدِ
إِذا شَبَّ ناراً أَقعَدَت كُلَّ قائِمٍ / وَقامَ لَها مِن خَوفِهِ كُلُّ قاعِدِ
فَقُل لِمُلوكِ السيسَجانِ وَمَن غَدا / بِأَرّانَ أَو جُرزانَ غَيرَ مُناشِدِ
أَلا أَلقوا مَقاليدَ البِلادِ وَهَل لَها / رِتاجٌ فَيُلقي أَهلُها بِالمَقالِدِ
وَلا يُغوِكُم شَيطانُ حَربٍ فَإِنَّهُ / مَعَ السَيفِ يَدمى نَصلُهُ غَيرُ مارِدِ
وَلا تَفتَرِق أَعناقُكُم إِنَّ حَولَها / رُدَينِيَّةً يَجمَعنَ هامَ الشَوارِدِ
وَما كَثَرَت في بَلدَةٍ قِصَدُ القَنا / فَتُقلِعَ إِلّا عَن رِقابٍ قَواصِدِ
طَوَتني المَنايا يَومَ أَلهو بِلَذَّةٍ
طَوَتني المَنايا يَومَ أَلهو بِلَذَّةٍ / وَقَد غابَ عَنّي أَحمَدٌ وَمُحَمَّدُ
جَزى اللَهُ أَيّامَ الفِراقِ مَلامَةً / كَما لَيسَ يَومٌ في التَفَرُّقِ يُحمَدُ
إِذا ما اِنقَضى يَومٌ بِشَوقٍ مُبَرِّحٍ / أَتى بِاِشتِياقٍ فادِحٍ بَعدَهُ غَدُ
فَلَم يُبقِ مِنّي طولُ شَوقي إِلَيهِمُ / سِوى حَسَراتٍ في الحَشى تَتَرَدَّدُ
خَليلَيَّ ما أَرتَعتُ طَرفِيَ بَهجَةً / وَما اِنبَسَطَت مِنّي إِلى لَذَّةٍ يَدُ
وَلا اِستَحدَثَت نَفسي خَليلاً مُجَدَّداً / فَيُذهِلُني عَنهُ الخَليلُ المُجَدَّدُ
وَلا حُلتُ عَن عَهدي الَّذي قَد عَهِدتُما / فَدوما عَلى العَهدِ الَّذي كُنتُ أَعهَدُ
فَإِن تَختَلوا دوني بِأُنسٍ وَلَذَّةٍ / فَإِنّي بِطولِ البَثِّ وَالشَوقِ مُفرَدُ