المجموع : 13
مُحَيَّاكَ تَهْوَاهُ الحُمَيَّا أَمَا تَرىَ
مُحَيَّاكَ تَهْوَاهُ الحُمَيَّا أَمَا تَرىَ / حَشَا الكَأْسِ فِيهِ جُذْوَةٌ تَتَوَقَّدُ
وَلَوْلاَ بُكَاهَا مَا بَدَا فَوْقَ خَدِّهَا / دُمُوعٌ حَكَاهَا اللُّؤلُؤُ المُتَبَدِّدُ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي فِتْنَةَ العِشْقِ قَبْلَهَا / إِلى أَنْ رَأَتْ عَيْنِي جَمَالَكَ يُعْبَدُ
إِذَا مَا ارْتَشَفْتَ الرَّاحَ مِنْ ثَغْرِ كَأْسِهَا / أَلَستَ تَرَاهَا نَحْوَ وَجْهِكَ تَسْجُدُ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعْنَاكَ في الكَوْنِ مُطْلَقاً / يَدُّلُ عَلَيْهِ مِنْكَ حُسْنٌ مُقَيَّدُ
لَمَا شَهِدَتْ عَيْنِي جَمَالَكَ جَهْرَةً / وَمَنْ لَمْ تُشَاهِدْ عَيْنُهُ كَيْفَ يَشْهَدُ
عَجِبْتُ لِكَأسٍ قَدْ صَحَوْتُ بِشُرْبِهَا / بِهَا أَبَداً صَحْوى عَلىَّ يُعَرْبِدُ
أَقَامَتْ عَليِّ الحَدَّ أَسْمَاءُ ذَاتِهَا / فَهَلاَّ أُقِيمَ الحَدُّ فيمَنْ يُحَدِّدُ
رَأُوا عِطْفَ لَيْلَى قَدْ تَثَنَّى فَأَشْرَكُوا / وَقَدْ يَتَثَنَّى وَهْوَ في الحُسْنِ مُفْرَدُ
فَإِنْ حاولوُا مِنيِّ الحُجُودُ أَوْ الرَّدَى / فَهَذَا دَمِي حِلٌّ لَهُمْ لَسْتُ أَحْجَدُ
مَتَى زُرْتُمُ نَجْداً فَإِنِّي أَرَاكُمُ
مَتَى زُرْتُمُ نَجْداً فَإِنِّي أَرَاكُمُ / تَضُوعُ عَلَيْكُمْ نَفْحَةٌ مِنْ شَذى نَجْدِ
أَظُنُّ حِمَى لَيْلَى حَلَلْتُمْ بِرَبْعِهِ / فَضَاعَ لَكُمْ مِنْهُ شَذَى مَسْحَبِ البُرْدِ
أَلاَ يَا بِرُوحِي أَنْتَ هَلْ لَكَ عَوْدَةٌ / فَتُقْرِي سَلاَمِي جِيرَةَ العَلَمِ الفَرْدِ
عُرَيْبٌ لَهُمْ عِنْدِي رِعَايَةُ عَهْدِهِمْ / وَمَا عِنْدَهُمْ لِي نَقْضُ عَهْدٍ وَلاَ عَقْدِ
إِذَا زَمْزَمَ الحَادِي بِأَلْحَانِ حُبِّهِمْ / يُسَابِقُهُ رَكْبٌ مِنَ الدَّمْعِ في خَدِّي
صًَبَغْتُ بِمُحْمَرٍ مِنَ الدَّمْعِ بَعْدَهُمْ / مِنَ الرَّمْلِ مُبْيَضاً لأَرْعَى لَهْمْ عَهْدِي
خُذُوا عَنْ تَثَنِّي الغُصْنِ أَخْبَارَ قَدِّهِ
خُذُوا عَنْ تَثَنِّي الغُصْنِ أَخْبَارَ قَدِّهِ / وَلاَ سِيْمَا عَنْ بَانِ نَجْدٍ وَرَنْدِهِ
وَلاَ تَسْأَلُوا عَنْ فَاتِكَاتِ لَحِاظِهِ / وَأَسْيَافِهَا إِلاَّ حُشَاشَةَ عَبْدِهِ
تَعَشَّقْتُهُ عِشْقَ السِّقَامِ لِجَفْنِهِ / وَعِشْقَ الصَّدِي الظَّمْآنِ مَنْهَلَ وَرْدِهِ
وَمَا كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ وَسْنَانِ جَفْنِهِ / بِأَنَّ كَلاَلَ السَّيْفِ أَمْضَى لِحَدِّهِ
وَلاَ لَذَّةً لِلسُّكْرِ مِنْ قَبْلِ عِشْقِهِ / إِلى أَنْ سَقَانِي نَاظِرِي كَأْسَ خَدِّهِ
وَدَانٍ وَلَكِنْ بَيْنَ نَوْمِي وَنَاظِرِي / مِنَ البُعْدِ مَا بَيْنَ الوَفَاءِ وَوَعْدِهِ
وَكَيْفَ تَدَانِيهِ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ / مَسَافَةُ هَجْرٍ وَاصَلَتْ نَقْضَ عَهْدِهِ
وَقَدْ كُنْتَ أَرْجُو أَنَّ طَرْفِي يُطِيعُنِي / إِلى أَنْ رَأيْتُ القَلْبَ مِنْ بَعْضِ جُنْدِهِ
فَلاَ طَرْفَ إِلاَّ تَحْتَ رَايةِ شَعْرِهِ / وَلاَ قَلْبَ إِلاَّ تَحْتَ مَعْقُودِ بَنْدِهِ
سَلَبْتُمْ رُقَادِي فِي الهَوَى وتَجَلُّدِي
سَلَبْتُمْ رُقَادِي فِي الهَوَى وتَجَلُّدِي / وَزِدْتُمْ بِدَمْعِي فِي ظَمَا قَلْبِيَ الصَّدِي
وَأَلْبَسْتُمُونِي مِنْ جُفُونِكُمُ ضَناً / فَوَا عَجَباً مِنْ لاَبِسٍ مُتَجَرِّدِ
أَأَحْباَبَنَا لاَ والْغَرَامِ الَّذِي لَهُ / ورُودِي وَمَالِي مَصْدَرٌ بَعْدَ مَوْرِدِي
لَئِنْ كُنْتُمُ أَنْبَتُّمُو رَسْمِيَ الَّذِي / مِنَ السُّقْمِ لَوْلاَ الوَصْل لمْ يَتَجَسَّدِ
فمَا نَبَتَتَ تِلْكَ الرُّسُومُ بِغَيْرِكُمْ / وَلَوْلاَكُمُ كَانَ الفَنَاءُ بِمَرْصَدِ
دَعُوا أَدْمُعِي تَسْقِي مَعَاهِدَ أَرْضِكُمْ / فَفِي غَيْثِهَا الهَامِي رِضَا كُلِّ مَعْهَدِ
وَلاَ تَسْأَمُوا مِنْ نَاحِلٍ أَشْبَهَ الضَّنَا / سِقَاماً وَأَنْفَاساً وَفَرْطَ تَرَدُّدِ
فَمَا حَقُّ أَنْفَاسِ الصَّبَا أَنْ تَمَلَّهَا / غُصُونُ النَّقَا مَعْ لِينِهَا وَالتَّأَوُّدِ
وَلا تَسْأَمُوا مِنْ نَاحِلٍ أَشْبَهَ الضَّنَا / سِقَاماً وَأَنْفَاساً وَفَرْطَ تَرَدُّدِ
فَمَا حَقُّ أَنْفَاسِ الصِّبَا أَنْ تَمَلَّهَا / غُصُونُ النَّقَا مَعْ لِينهَا وَالتَّأَوُّدِ
وَلاَ تَعْتِبُوا فِي النَّوْحِ كُلَّ مُطَوَّقٍ / عَلَى هَيْفِ أَعْطَافِ الغُصُونِ مُغَرِّدِ
لأَنَّكُمُ طَوَّقْتُمُ كُلَّ عَاشِقٍ / بِدَمْعٍ فَرَاحُوا بَيْنَ بَاكٍ وَمُنْشِدِ
فَيَا سَاقِيَ الأَجْفَانِ خَمْرَكَ عَاطِني / وَيَا سَكْرَتِي مِنْهَا عَلى الصَّحْوِ عَرْبِدِي
بُرُوقَ الحِمَى هَلْ دَمْعُكُنَّ يَجُودُ
بُرُوقَ الحِمَى هَلْ دَمْعُكُنَّ يَجُودُ / وَهَلْ عَطِشَتْ بَعْدَ الغَرِيقِ زَرُودُ
مَنَازِلُ مِنْ سُعْدَى سْعِيدٌ نَزِيُلهَا / كَأَنَّ بِهَاتَيكَ البِيُوتِ عُقُودُ
إِذَا ابْتَسَمَتْ لَيْلاً بَكَى مُسْتَهَامُهَا / فَمِنْهَا وَمِنْهُ بَارِقٌ وَرُعُودُ
وَفِي الحَيِّ وَسْنَانُ اللَّوَاحِظِ سَالِبٌ / وَآخرُ مَسْلُوبُ الفُؤَادِ فَقِيدُ
وَظَبْي فَلاَةٍ آنسٍ فَكَأَنَّهُ / لِرَائِيهِ عِنْدَ الإِلْتِفَاتِ شَرُودُ
تَرَقْرَقَ مَاءُ الحُسْنِ فِي وَجَنَاتِهِ / وَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إليْهِ وُرُودُ
أَلاَ هَلْ إِلى عَصْرِ الصِّبَا ليَ عَوْدَةٌ / وَهَيْهَاتَ مَا قَدْ فَات لَيْسَ يَعُودُ
كَأَنَّ لَيَالِيهِ لِمُبْدِعِ حُسْنِهَا / شُعُورٌ وَمُحْمَرَّ الأَصِيلِ خُدُودُ
لَكَ الخَيْرُ دَاعِي الخَيْرِ أَسْعِدِ يَا سَعْدُ
لَكَ الخَيْرُ دَاعِي الخَيْرِ أَسْعِدِ يَا سَعْدُ / إِذَا ما نَهَى عَنْه النُّهَى وَدَعَا الوَجْدُ
فَإِنَّ عِقَالَ العَقْلِ يَدْعُو إِلى السِّوَى / وَوَصْلُ السِّوى قَصْلٌ وَوِجْدَانُهُ فَقْدُ
إِلى الذِّكْرِ فارْجِعْ وَاْتُركِ الفِكُرَ في السِّوى / إِذَا كُنْتَ مِمَّنْ قَصْدُهُ العَلَمُ الفَرْدُ
وَلاَ تكُ غَيْرَاناً إِذَا ذُكِرَ أُسْمُهَا / فَذَاكِرُها حَادٍ إِلى حُبِّهَا يَحْدُو
تَجَلَّى مُحَيَّاهَا لِغَيْرِ بَنِي الهَوَى / فَصُدُّوا كَذَاكَ الشَّمْسُ والأَعْينُ الرُّمْدُ
ولاَ حَظهَا لَحْظُ المُحِبِّ فإِنْ بَكَى / سِرُوراً فَرَائِي الشَّمْسِ أَدْمُعُه تَبْدُو
فَدَعْ ثَمَنَ النَّفْسِ النفيسةِ عِنْدَهَا / فَلَيْسَ لَهَا إِلاَّ بِلاَ ثَمَنٍ عَبْدُ
قَرِيبَةُ وَصْلٍ لِلْمُحِبِّ وَإِنَّمَا / إِذَا وَصَلَتْ لَمْ يَبْقَ قُرْبُ وَلاَ بُعْدُ
تَثَنَّتْ فَظَنُّوا أَنَّها ثَنَوِيَّةٌ / وَقَدْ يَتَثَنَّى قَدُّها وَهُوَ الفْردُ
وَقَدْ نَطَقتْ حُسْناً مَنَاطقُ خَصْرِهَا / فَظَنُّوا حَمَاماً فَوْقَ بَانَتِهِ يَشْدُو
وَقَالوُا لها خَالٌ مِنَ النَّدِّ فَاتِنٌ / صَدَقْتُمْ لَهَا خَالٌ بَلى مَالَهَا نِدُّ
فَإِنْ كُنْتَ ذَا وَعْدٍ بوَصْلِ جَمَالِهَا / فَبَعْضُ مُحِبيِّهَا لَدَيْكَ لَهُ عَدُّ
فَلاَ تَقُلِ الدُّنْيَا اسْتَمَالتْهُ إِنَّمَا / تَجَلَّتْ مِنَ الدُّنْيَا لِمُقَلَتِهِ هِنْدُ
يُذَادُ عَنِ الوِرْدِ العَذِيبِ سِوَى امْرُءٍ / غَرِيبٍ لَهُ فِي كُلِّ مَنْهَلَةٍ وِرْدُ
بِكَأسِكَ يَا سَاقِي المُحِبِّينَ يُهْتَدى
بِكَأسِكَ يَا سَاقِي المُحِبِّينَ يُهْتَدى / فَكَمْ فِيهِ نَجْمٌ نُورُهُ قَدْ تَوَقَّدا
إِذَا ما انْقَضَى سُكْرُ النَّدامى وشَاهَدُوا / جَمَالَكَ عَادَ السُّكْرُ فِيهِمْ كَمَا بَدا
تَجَلَّى بِأَوْصَافِ الجَمَالِ جَمِيعِهَا / ولكِنَّهُ لَمَّا تَثَنَّى تَفَرَّدا
وَأَوْحَى الَّذي أَسْرَى إِلى سِرِّ عَبْدِهِ / فَأَصْبَحَ جَهْراً في المُحِبيِّنَ سَيِّدا
تَاَمَّلْ تَرى الأَلْبَابَ تُنْهَبُ جَهْرَةً / إِذا هُوَ لِلأَحْبَابِ في سِرِّهِمْ بَدا
وَإِيَاكَ والإِشْرَاكَ فِي دِينِ حُبِّهِ / وَلا تَكُ إِلاَّ بالجَمَالِ مُقَيْدا
هَلُمَّا نُقَضِّي الفَرْضَ لِلأَجْرَعِ الفَرْدِ
هَلُمَّا نُقَضِّي الفَرْضَ لِلأَجْرَعِ الفَرْدِ / بِوِرْدِ المَطَايَا مَنْهَلَ المَدْمَعِ الوَرْدِ
فَفِي مِثْلَ هذا السَّفْحِ يُبْرِدُ عَاشِقٌ / حَشَاهُ بِسَفْحِ الدَّمْعِ في مَسْحَبِ البُرْدِ
وَقَفْنَا بِرَبْعِ العامِرِيةَِّ مَوْقِفاً / بِهِ الحُرُّ مَبذُولُ الحَشَاشَةِ كالعَبْدِ
سُكَارَى خَيَارَى أَعْيُنِ فَكَأنَّمَا / أَضَلَّ بِنَا حَادٍ مُجِدٍّ عَنِ القَصْدِ
وَفِي الحَيِّ غَيْرَانُونَ كَادَتْ نُفُوسُهُمْ / تَمَّيزُ مِنْ غَيْظٍ عَلَيْنَا وَمِنْ حِقْدِ
وَمَا ذَاكَ إِلاَّ غَيْرَةً منْ حُلُولِنَا / بِلَيْلَى مَحْلَ المُكْرَمِينَ مِنَ الوَفْدِ
وَلَمَّا عَرَفْنَا عَرْفَهَا نَزَّهَ الهَوى / شَذَا عُرْفِهَا النِّدِّي عَنْ وِجْهَهِ النِّدِّ
فَلَمْ نَرَ إلاَّ أَوْجُهاً عَرَبِيَّةً / عَلى العُرْبِ عُجْمَ اللَّفْظِ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ
وَكَمْ كَبِدٍ حَرَّى تُكَابِدُ مَا بِهَا / وَصَفْحَةِ خَدٍّ فِيْهِ للدَّمْعِ كَمْ خَدِّ
وَكَمْ ثَّمَّ جِيدٍ للرِّنَا لَيْسَ عَاطِلاً / ضَمَمْنَا عَلَيْهِ الَّثْمَ عِقْداً على عِقْدِ
وَلَم يَدَعِ الوَرْقَاءَ لِلَّنْوحِ وَحْدَهَا / فَتَىً قَائلاً إِنِّي المُعَنَّى بِهَا وَحْدِي
ومِتْنَا لَهَا طُوْلَ الحَيَاةِ وقَدْ بَدَتْ / عَلَى عَهْدِهَا والرَّسْمُ فِي الرَّسْمِ والعَهْدِ
فَمَنْ يَرَ بُدَاً مِنْ فَنَاهُ فَلَيْسَ مِنْ / فَنَاءٍ رَعَاكَ اللهُ يَا سَعْدُ منْ بُدِّ
وَمَنْ يَرَ عَنْهَا البُعْدَ يَقْتُلُ فَالَّذِي / أَرَى أَنَّ قَتْلَ القُرْبِ أَرْجَى مِنَ البُعْدِ
فَيَبْقَى الَّذِي مَعْنَى البَقَاءِ لِوَجْهِهِ / دَوَاماً وَيَفْنَى مَنْ بَقَاهُ إلى حَدِّ
نَسِيَمَ الصَّبَا أَذْكَرْتَنِي العَهْدَ بِالوَادِي
نَسِيَمَ الصَّبَا أَذْكَرْتَنِي العَهْدَ بِالوَادِي / وَهَيَّجْتَ أَشْوَاقاً شَقَقْنَ فُؤَادِي
فَإِنْ كُنْتَ تُحْيِي مَيِّتَ الهَجْرِ والجَوَى / بِقَتْلِ الهَوَى أَحْييَيْتَنِي بِمُرَادِي
فَإِنَّيَ مُذْ فَارَقْتُ أَحْبَابَ مُهْجَتِي / وعُوضْتُ مِنْ قُرْبٍ لَهُمْ بِبُعَادِ
جُفُونِي جَفَتْ نَوْمَ الدُّجَى لِمَضاجِعِي / وَصِرْتُ جَلِيساُ للسُّهَا بِسُهَادِي
فَيَا ذَلِكَ الدَّانِي إلى ذَلِكَ الحِمَى / إِذَا ما أَنَخْتَ العِيسَ في ذَلِكَ الوَادِي
فَنَادِ بِهِ السُّكَانَ أَسْكَنْتُمُ الحَشَا / وَقُودَ لَظىً فَالجَمْرُ صَارَ مِهَادِي
فَلَمْ أَسْتَطِعْ في اللَّيْلِ مَيْلاً لِمَضْجَعِي / أَأَهْجَعُ والنِّيرَانُ حَشْوُ وِسَادِي
رَعَى اللهُ أَيَّاماً بِمُنْعَرِجِ اللَّوَى / وَلَيْلاً نَفَى فِيهِ الوِصَالُ رُقَادِي
كَأَنَّ عِذَارَ مَنْ أُحِبُّ بِخَدِّهِ
كَأَنَّ عِذَارَ مَنْ أُحِبُّ بِخَدِّهِ / رِضَاهُ وفِيهِ بعْضُ آثَارِ صَدِّهِ
رَشِيقُ التَّثَنِّي رَاشِقُ الجَفْنِ فَاتِكٌ / جُيُوشُ الهَوَى مِنْ تَحْتِ رَايةِ قَصْدِهِ
يُكَلِّفُ رِدْفَيْهِ مِنَ الثُّقْلِ مِثْلَ مَا / يُكَلِّفُ مِنْ ثُقْلِ الهَوَى قَلْبَ عَبْدِهِ
يَمُوجُ غَدِيرٌ تَحْتَ غُصْنِ قَوَامِهِ / وَثُعْبَانُ ذَاكَ الشِّعْرِ ظَامٍ لِوِرْدِهِ
تَوَلَّى قَضَايَا الحَلِّ والعَقْدِ بَنْدُهُ / فَضَاقَ مَجَالُ الخُصْرِ مِنْ عَقْدِ بَنْدِهِ
فَإِنْ كَانَ مِنْ خَدَّيْهِ نَارٌ دُخَانُهَا / بِصُدْغَيْهِ فالجَنَّاتُ مِنْ تَحْتِ بُرْدِهِ
فَلا تَلْتَمِس إنْجَازَ مَوْعِدِ جَفْنِهِ / فَفِيهِ فُتُورٌ فَالْتَمِسْ خُلْفَ وَعْدِهِ
فَإِنْ كَانَ يَهْوَىَ الخُلْفَ أَفْدِيهِ مَالهُ / يُوَافِقُ في قَتْلِ المُحِبِّ بِجَهْدِهِ
فَخَرْتُ بِحُسْنِ النَّظْمِ فيهِ فقالَ لي / تَعَلَّمْتَهُ مِنْ نَظْمِ ثَغْرِي وَعِقْدِهِ
وَلَمَّا رَأَى دَمْعِي دَماً ظَنَّ خَدَّهُ / تَرَائَى لدمْعِي فَاكْتَسَى لَوْنَ وَرْدِهِ
وَلَوْ أَنَّ قَلْبِي حَازَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ / سَلَوْتُ ولكنْ حَازَ رقُّةَ خَدِّهِ
وقَدَّمْتُ دَمْعِي رَشْوَةً وَهْوَ لُؤْلؤٌ / فَمَا جَادَ لِي يا لَيْتَ جَادَ بِرَدِّهِ
أَأَحْبَابَنَا أَنْتُمْ لَنَا القَصْدُ والمُنَى / أَيَرْغَبُ صَبٌّ عَنْ مُنَاهُ وَقَصْدِهِ
حَلَلْتُمْ مِنَ القَصْرَيْنِ قَلْبِي وَنَاظِرِي / وَمَا أَحْكَمَ المَوْلَى عَلى مِلْكِ عَبْدِهِ
فَإِنْ قُلْتُم ما الشَّامُ مِصْرٌ فَذُو الصَّفا / يَرَى القُرْبَ في التَّوْحِيد من غَيْرِ بُعْدِهِ
وُجُودٌ وَحَسْبِي أَنْ أَقُولَ وُجُودُ
وُجُودٌ وَحَسْبِي أَنْ أَقُولَ وُجُودُ / لَهُ كَرَمٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَجُودُ
تَنَزَّهَ عَنْ نَعْتِ الكَمَالِ لأَنَّهُ / بِمَعْنَى اعْتِبَار النَّقْصِ فِيهِ يَؤُودُ
وَلَكِنَّهُ فِيهِ الكَمَالُ وَضِدُّهُ / لَهُ مِنْهُ والمَجْمُوعُ فِيهِ صُموُدُ
وَأَشَرفُ أَشْكَالِ الكَنَائِفِ مَا بِهِ / اسْتَدَارَتْ كُرَاهُ فَهْيَ مِنْهُ سُعُودُ
لِحَيْطَتِهَا الأَشْكَالَ فيها بِأَسْرِهَا / وَمِنْهَا إِلَيْهَا تَبْتَدِي وتَعوُدُ
وَقُوَّتُهَا تُعْطِي التَّنوُّعَ كُلَّهُ / فَلَيْسَ عَلَيْهَا في الكَمْالِ مَزِيدُ
سِوَى قُوَّةِ الإِطْلاقِ فَهْيَ مُحِيطَةٌ / بِسَطْوَتِهَا كُلُّ الكُرَاتِ تَبِيدُ
كَذَا حَرَكَاتُ الدَّوْرِ أَشْرَفُ مَا بهِ / تَحَرُّكُ جِسْمٍ كَيْ يَنَالَ قُصُودُ
فَتَشْمَلُ أَنْوَاعَ التَّحَرُّكِ كُلِّهِ / فَفِي كُلِّ آنٍ خَلْقُهُنَّ جَدِيدُ
مَعَانٍ بِهَا مِنْهَا عَلَيْهَا أَدِلَةٌ / وْفِيهَا لَهَا فِيمَا تَرُومُ شُهودُ
وَلَوْلاَ انْخِرامُ الكُلِّ بِالقُوَّةِ الَّتِي / لإِطْلاَقِهَا فِي جَمْعِهِنَّ قُيوُدُ
لَمَا عُدِمَ المَوْجُوُد يَوْماً ولا انْقَضَتْ / رُسُومٌ بِأَنْوَاعِ البَلاَ وَحُدُودُ
وَلَكِنَّهَا تَأْتِي النِّهَايَةَ وَصْفَهَا / فَلَيْسَ لَهَا في الدَّوْرِ قَطُّ جُموُدُ
وَلَوْ وَقَفَتْ يَوْماً بِحَدٍ لَنَالَهَا / بِهِ عَدَمٌ هَيْهَاتَ وَهْيَ وُجوُدُ
إِذَا كُنْت بَعْد المَحْوِ في الصَّحْوِ سَيِّداً
إِذَا كُنْت بَعْد المَحْوِ في الصَّحْوِ سَيِّداً / إِمَاماً مُثَنَّى النَّعْتِ بِالذَاتِ مُفْرَدا
فَمَا الرَّسْمُ إِلاَّ مَانِعٌ غَيْرُ حَاجِزٍ / حَصِينٌ بِه الإِطْلاَقُ لَنْ يَتَقَيَّدا
وَذَاكَ لأَنَّ الفَرْقَ صَارَ تَوَهُّما / بِهَيْئَتِهِ والجَمْعُ فَرْداً كَمَا بَدا
وَمِنْ قَوْلِهِمْ مَا قَامَ إِلاَّ مُحَمَّدٌ / دَلِيلٌ بهِ حُكْمُ الصَوَابِ تأَيَّدا
رَفَعْنَا عن الإِعْرَابِ رَفْعَ مُحَمِّدٍ / لِقَامَ وإِلاَّ عَنْهُ تَنْفِي مُحَمَّدَ
وَإِذْ لَمْ يَكُنْ مَا قَامَ يَطْلُبُ فَاعِلا / سِوَاهُ رَفَعْنَاهُ بِهِ فَتَأَكَّدا
فإِلاَّ وَإِنْ دَلَّتْ عَلى الفَرْقِ ظَاهِراً / فَتَحْقِيقُ حُكْمِ الرَّفْعِ يَجْعَلَهَا سُدَى
فَلاَ تُطِعِ الإِيجَابَ إِلاَّ تَقِيَّةَ / بِهَا واعْتَمِدْ في سَلْبِ إِيجَابِهَا الهُدَى
كَذَلِكَ والسَّلْبُ الَّذِي اْبتَدَأَتْ بِهِ / شَهَادَتُنَا مَا كَانَ شَيءٌ فَيُجْحَدا
فَتَحْقِيقُ ذاكَ النَّفْيِّ إِثْبَاتُ وَاحِدٍ / وَمَنْ وجذ الإِثْبَاتَ فِي نَفْيِهِ اهْتَدَى
دُمُوعِي أَبَتْ إِلاَّ انْسِكَاباً لَعَلَّهَا
دُمُوعِي أَبَتْ إِلاَّ انْسِكَاباً لَعَلَّهَا / بِمَكْنُونِ حُبِّي عِنْدَ حِبِّيَ تَشْهَدُ
دَنَوْتُ فَأَقْصَانِي فَعْدْتُ فَرَدَّنِي / فَلاَ هُوَ يُدْنِينِي وَلاَ أَنَا أَبْعُدُ
دُهِيتُ بِفُقْدانٍ لِمَنْ قَدْ وَجَدْتُهُ / فَلاَ مَدْمَعٌ يَرْقَا وَلاَ وَجْدُ يُحْمَدُ
دَبِيبُ الهَوىَ بَيْنَ الضُّلُوعِ مُؤَجَّجٌ / لَهِيبُ اشْتيِاقي فِيه لِلقْلَبِ مُورِدُ
دَعَانِي فَمَنْ ذَاقَ الهَوىَ ثُمَّ لَمْ يَنَلْ / وِصَالَ حَبِيبٍ كَيْفَ لاَ يَتَنَهَّدُ
دَعَاوىَ الأَسَى عِنْدي عَلَيْكَ صَحِيحَةٌ / فَقَلْبِيَ خَفَّاقٌ وَجَفْنِي مُسَهَّدُ
دَمِي بِكَ مَسْفُوكٌ وَدَمْعِي مُسَفَّحٌ / فَيَصْلُحُ قَلْبِي فِيكَ مِنْ حَيْثُ يَفْسَدُ
دَفَائِنُ حُبٍّ فِي لُحُودِ جَوَانِحِ / لَهَا بِكَ حَشْرٌ كُلَّ يَوْمٍ وَمَوْعِدُ
دُجَايَ إِذَا وَاصَلْتَ يَوْمٌ مُؤَبَّدٌ / وَيَوْمِي إِذَا أَبْعِدْتُ لَيْلُ مُسَرْمَدُ
دُنُوُّكَ أَقْصَى مَا أُحِبُّ وَأَشْتَهِي / فَإِنْ نِلْتُهُ فَهْوَ النَّعيِمُ المُخَلَّدُ