المجموع : 6
مَسارِحُ دارٍ قَيدتْني وعودُها
مَسارِحُ دارٍ قَيدتْني وعودُها / سَقاها الحيا دهراً وأُورقَ عودُها
وحَيّا رُباها كلَّ آنٍ سحابةٌ / وأنفاسُ ريحٍ كلَّ أن تَعودُها
منازلُ كَانَتْ بالخَليط أَنِيسةً / وشأنُ الليالي لا تدوم عُهودها
أٌفارقها والنفسُ مني شَحيحةٌ / ومن أَدمُعي دهراً سماءٌ تَجودُها
ولا زال عهدِي بالمَعاهد والحِمى / وثيقاً وقلبي للرُّبوعِ شَهيدُها
قريبُ التَّداني لو تأنْ بي يدُ النَّوى / فحبي لَهَا عما قليلٍ يُعيدها
رعَى اللهُ داراً بالفؤاد رُبُوعها / ورسمُ خيالي سَهْلُها ونُجودُها
إِذَا طال مُكْثي فِي حِماها تَوارَداً / بطيّات قلبي حُبُّها وخُلودُها
بِهَا علقتْ نفسي ولَذَّ ليَ الهوى / وطرب لنفسي رَوضُها وصَعيدُها
فلِي زَفَراتٌ بالفؤادِ أُطيلها / وأنَّةُ مهمومٍ حنيني يَزيدها
وعينٌ بتَهمالِ الدموعِ سخيةٌ / ونارٌ بأحشائي يَزيد وقودُها
عسى عَطَفاتٌ من خليلٍ مُساعدٍ / تذكِّرني داري ويدنو بعيدها
عَلَى رغم أنفي دارُ أُنسٍ تركتُها / أَلا تسمحي لي نظرةً أَستفيدها
أُمرِّن نفسي عكسَ مَا قَدْ تَمرَّنت / وأحمل أثقالاً ولستُ أُريدُها
عَلَى النفس صعبٌ أن تفارقَ أرضَها / وأصعبُ شيءٍ أن ترى مَا يَكيدها
كما حَمَّلتني شُقَّةَ البين بلدتي / ظَفارٌ وَقَدْ يأنى الأمورَ مُحيدها
سأذكر يوماً وقفةً فِي مُروجِها / وحولي بِهَا رِيمُ الفَلا وعَتودها
تهبّ علينا بالأباطح سَجْسَج / فينفَحُ منها رَنْدها ووُرودها
وكم لي بهانيك المَرابِع والحِمى / مواقفُ أُنسٍ لَيْسَ يَبْلَى جديدها
معاهدَ أَشجاني نَعاهَدك الحيا / وحَيّاك من سُحبِ اشتياقي عُهودها
أَهيم اشتياقاً والفؤادُ مُولَّه / وَقَدْ أَوثقتْ رِجلَ الغرام قيودُها
فما لي وشوقي والصبابة والنوى / وراحِلتي حادِي المشيبِ يقودها
وَقَدْ خُولطت نفسي بذكرى مَعاهِدي / وأيامِ صَفْوٍ كنتُ دهراً أَسودها
مآض زماني فابتدرتُ مؤمِّلاً / رجوعَ ليالٍ هان عني جَليدُها
فأصبحتُ لا أدري أَبوءُ بحسرةٍ / أم اليوم يأتي بعد حينٍ سَديدُها
فها أنا لَمْ أبرحْ بتدبيرِ مهنتي / مُعنّىً بحالٍ لا يلين حَديدها
فأدهشني يومٌ يشتِّت فكرتي / فراقٌ يهمُّ النفسَ ثُمَّ يُبيدها
ولكنَّ بالآمالِ نفسي مَنوظةٌ / بعودةِ يومٍ فِي ظفارٍ أُعيدها
يعود بِهَا عود الشبيبةِ مورِقاً / ويرجع فِي تِلْكَ الديار رَشيدها
مليكٌ بِهِ تزهو الممالكُ والدُّنا / وإِن عُدَّت العَلْياء فهو عَميدها
تُفتَّح أكمامُ الزهورِ بخُلْقه / ويَنْفَح من عطرِ البشاشةِ عودها
ويبسم ثغرُ الكونِ بِشْراً بمجده / وتَخْفِق أعلى المكرماتِ بُنودُها
ولولا سليلُ المجد تيمورُ لَمْ يزل / يُكدِّر من عيش الحياة وُرودها
فلا زال موصولَ الخلافةِ حبلُه / وَلَمْ تبرح الأيامُ تبدو سُعودها
مَعالمُ من أهوى تُناديك يَا سعدُ
مَعالمُ من أهوى تُناديك يَا سعدُ / هَلُمَّ فحَدِّث مَا تُعيد وَمَا تَبْدُو
وخَبِّر فَدتْك النفسُ سعدُ أَحبَّتي / فأنت خبيرٌ بالأحاديثِ يَا سعد
فلي بهم نفسٌ تتوقُ لقربهم / أما علموا يَا سعد أن النوى صَدّ
بقاءٌ لذاك العهدِ أم غَيَّر النوى / عَلَيْهِم خلوصَ الحبِّ بُدِّل العهد
فما لي ومن أهوى وَمَا لي وللنوى / فعند تنائي الحبِّ هل يُقدِم الود
تَطاولتِ الأيامُ لا دَرَّ دَرُّها / أما عَلم الأيامُ مَا يفعل البعد
فيا أَيُّها الّلاحون فِي حبِّ بلدةٍ / لَهَا بشِغاف القلبِ مَا لا لَهُ حَدُّ
لقد ظفرتْ مني ظفار وأَوثتتْ / بأسبابِها وداً بقلبي لَهُ شَدّ
فنارُ الغَضَى تَخْبو ونارُ صبابتي / بحب ظفارٍ لا يُصادفها برد
فكيف وفيها حَبّةُ الملك أَنبتت / بفهرٍ وأرجو أن يطول لَهُ مَدّ
فخبِّر بيَ الأحبابَ يَا سعدُ إنني / أسيرٌ وإني فِي الهوى لهمُ عبدُ
وبَشِّرهمُ عني بأني متيمٌ / فأنت بشير للأحبة يَا سعد
أُريد من الدنيا أموراً وَلَمْ تُرِدْ
أُريد من الدنيا أموراً وَلَمْ تُرِدْ / وأسألها الخلَّ الصديقَ فلم تَجُدْ
وإني أَجدْ منها المُحالَ وإِنْ أجد / لقد جبتُ أرضَ اللهِ طُراً فلم أجدِ
صديقاً وفياً مخلصاً غير واحدِ /
تباعدَ عن طُرقِ المَلالة والقِلَى / وَمَا زال عن نَهْجِ الوِدادِ وَمَا سَلا
تخيرتُه خِلاًّ عَلَى سائرِ المَلا / حريصاً عَلَى عهدِ المودة والوَلا
فسيانِ قُرباً منه أَوْ فِي التباعدِ /
فلم أستطعْ واللهِ قطعاً عنادَهُ / يريد صلاحي ثُمَّ أرجو سَدادَهُ
فهذا الَّذِي فِي الناس أعطى قياده / شُغفت بِهِ حباً أصون وِدادهُ
صيانةَ نفسي من عدو وحاسد /
أكابدُ أيامي وفيما أكابدُ
أكابدُ أيامي وفيما أكابدُ / شفاءُ غليلِ القلبِ فيمن يعاندُ
فما زلت أسعى فِي صديقٍ يُساعد / ألا ليت شعرِي هل أنا الدهرَ واجد
قريناً لَهُ حسنُ الوفاءِ قَرينُ /
يُقطِّع أعناق العبادِ بعَضْبِهِ / ويُصلح بيني والزمانِ بحَرْبِهِ
يقوم بجنبي والحسامُ بجنبه / فأشكو ويشكو مَا بقلبي وقلبه
كلانا عَلَى غير الثقاتِ ضَنين /
أُطالب نفسي والليالي تُعاندُ
أُطالب نفسي والليالي تُعاندُ / فأصبرُ كيما يَحْمد الصبرَ حامدُ
فها أنا فِي ذا طولَ دهرِي أُجاهد / ألا ليت شعرِي هل أنا الدهرَ واجد
قريناً لَهُ حسن الوفاءِ قرين /
يُداوي جِراحَ القلبِ مني بطبِّهِ / ويشفِي عليلَ البعدِ مني بقُرْبه
ويعلم أني قَدْ وثقتُ بحبه / فأشكو ويشكو مَا بقلبي وقلبه
كلانا عَلَى غير الثقات ضَنين /
أيا سعدُ حَدِّثني بأخبارِ من مَضَى
أيا سعدُ حَدِّثني بأخبارِ من مَضَى / وإِن كَانَتْ الأخبارُ لَيْسَ لَهَا حَدُّ
وباللهِ شَنِّف بالحديث مَسامِعي / فأنت جديرٌ بالأحاديثِ يَا سعدُ