سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً
سقى اللّه نجداً كلما ذكروا نجداً / وقَلَّ لنجد أن أهيم به وَجْدا
طربتُ وهاجتني شمالٌ بَليلةٌ / وجَدت لمسراها على كبدي بَردا
ويا حبذا نجد وبَرد أصيله / وعيشاً تركناه بساحته رغْدا
لياليَ شملي بالأحبة جامعٌ / وإذ غصنيَ الريانُ لا يسع الجلدا
لَعمر ظباءٍ بالعقيق أوانسٍ / لقد صدن مني باللوى أسداً وَردا
ولو لم يُساقطن الحديث كأنما / يشعشعن بالخمر المعتقة الشهدا
منعت فؤادي أن يباح له حمى / وصنت دموعي أن أفض لها عقدا
وعزم إذا خيمت سافر وحده / شققت به لِليل عن منكبي بُردا
فطمت عليه العزم قبل رضاعه / إليه وأعملت المسوَّمة الجردا
ولا غَرَرٌ إلا شمِمْتُ له يداً / ولا خطر إلا قدحت له زندا
ولا قفرة إلا وأمسيت صِلَّها / ولا حَضَرٌ إلا وظلْتُ له وَفْدا
كحلت بهمّي عين كل كريهة / إليها تخطّيت الأساوِدَ والأُسدا
بهمة مستحْلٍ من المجد مُرة / وعزمة مستدنٍ من الشرف البُعدا
وطئت بها بُسْط الملوك مبجلاً / وما وصلَت لي منهم رَحمٌ عهدا
وأصبحت للباب المحجب والجاً / ويُوسَعُ غيري أن يمرَّ به طردا
ولست بهياب إذا لم تطل يد / تميمته ذم الزمانَ أو الْجَدا
أبى اللّه لي دار الهوان وهمة / موكَّلة والواخدات بنا وخدا
غدا الدهر مني حالياً بمفاخر / ورحت كنصل السيف يحملني فردا
وقد علم الأقوام أن شريعتي / من المجد لم تسهل على أحد وِردا
ولست فتى إن شمت برق سحابة / لغير كريم أو سمعت لها رعدا
متى أتتِ الشيخ الجليل مطيتي / فقدت يدي إن لم أقدَّ لها جلدا
تزر ملكاً يعطي الجزيل إذا صحا / ويضرب هاماتِ الملوك إذا شدَّا
يُحكّم إلا في محارمه الندا / ويُعمل إلا في مكارمه القصدا
ألم ترني قيدت في طوس عزمتي / ولولاه ما كانت على كبدي تندى
وكنت امرأ لا أرتضي المجد خادماً / ذهاباً بنفسي فاتسمت له عبدا
قصدناك لا إن الضلال أجارنا / ولكننا جرنا لنلقاكُم عمدا
فلا أملي أعيا ولا صارمي نبا / ولا منزعي أشوى ولا مطلبي أكدى
فلو كنت غيثاً لم يشم برق خلب / ولو كنت بحراً لم يزل أبداً مَدّا
أملء فمي فخراً ووسع يدي ندا / وحسب المنى منا وقدر الْجَدا جَدّا
أعرني يداً تهمي دنانير في الندا / كما تنثر الأغصان يوم الصبا وَرْدا
أُعرك ثناء لا تغُبّ وفوده / كما تنشر الأمطار فوق الربى بردا
وأُلبسك مدحاً لا يعاد فُريده / كما ينفح الند الذكي إذا ندا
تعيد المساعي غضة بعد يبسها / وشِيب المعاني بعد كبرتها مردا
هلمَّ العطايا فاللُّهى تفتح اللَّها / وسح الندا يستنجز الخاطرَ الوعدا
جلبت إليك المدح مغلىً بسومه / أرغبةَ مبتاع لمدحيَ أم زهدا
أشِم مِدَحي كفا بها تَبتني العلى / ولا تُعْدني رأياً به تَعمر المجدا
فما العمر إلا ما اقتنى لك ذكرة / وما المال إلا ما اشتريت به الحمدا
وما دولة أنت المدبر أمرها / بمَنْشَب ظفر ما بقيت لها سَدّا