القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الزَّقّاق البَلَنْسِي الكل
المجموع : 7
لعمرُ أبيها ما نكثتُ لها عهدا
لعمرُ أبيها ما نكثتُ لها عهدا / ولا فارقتْ عيني لفرقتها السهدا
أتأمرني سُعْدى بأنْ أهْجُرَ الكرى / وأعصي على طَوْعي لأجفانها سعدى
برئْتُ إذاً منْ صحبةِ الركبِ والسُّرى / ولا عرَفَتْ إِبْلي ذميلاً ولا وَخْدا
وليلٍ طرقت الخدر فيه وللدجى / عُبابٌ تراه بالكواكبِ مُزْبِدا
أُجاذِبُ عِطْفَ المالكيَّةِ تحته / وأسحبُ من ضافي العفافِ له بُرْدا
نعِمْتُ بها والليلُ أسودُ فاحمٌ / يغازل منها الأسودَ الفاحمَ الجعدا
فلم أرَ أشهى من لَماها مُدامَةً / ولم أرَ أذكى من تنفُّسها ندَّا
تبسَّمُ عما قُلِّدتهُ فأجتلي / بمبسمها عِقْداً وَلَبَّتها عقدا
ويعبقُ ريَّاها إذا هبَّتِ الصَّبا / فيحملُ عنها نشرُها العنبرَ الوردا
سلِ الريحَ عن نجدٍ تخبّرك أنها / مُعطرةُ الأنفاس مذْ سكنتْ نجدا
وأنَّ الغَضا والسِّدر مذ جاورتهما / لطيب شذاها أَشبها الغارَ والرِّندا
وأدهمَ ما عارضتُ شُعلةَ بارقٍ / بسيفيَ إلاّ عارضَ الليلَ مسودّا
رقعتُ به الظَّلماءَ لمّا تمزَّقَتْ / سرابيلُها وانقدَّ مُطرَفها قدّا
وقد برقتْ للصبح فيها مَخْيَلَةٌ / تُقلِّصُ ظِلاًّ للحنادسِ ممتدا
قطعتُ على مَِّ الصباح خمائلاً / مؤزَّرةً بالنَّور أعطافها تنْدى
تُجيبُ صهيلَ الخيلِ فيها حمائمٌ / أُطارحُها الشوقَ المبرِّح والوجدا
ألا فاركضوها أو ذَرُوها فإنَّني / أُبَلِّغُ طِرفي في طلابِ العلا الجهدا
لأهجُرَ أرضي واصلاً دَرَجَ السُّرى / إلى أرضِ قومٍ تُنْبِتُ العزَّ والمجدا
إذا لم تبلِّغْكَ الجيادُ إلى العلا / فلا حفظَ اللهُ المطهَّمةَ الجُرْدا
ستجعلُ بين الحادثاتِ إذا دَجَتْ / وبين أُسودٍ من بني أَسَدٍ سَدّا
كفى بأبي بكرٍ لمن رامَ نُصْرَةً / على الدَّهر أوْ مَنْ ضَلَّ في خَطْبه رشدا
وحسبي به دونَ الذخائرِ عُدَّةً / إذا الصِّيدُ عُدُّوا كان أوَّلَ من عُدّا
فهمَّتهُ تَسْتَسْفِلُ النجمَ رُتْبَةً / وَعَزْمَتُهُ تستنبعُ الحجَر الصَّلْدا
إذا شْتَ أن تعيا عليكَ مطالبٌ / على كثرةِ الإيجاد فاطلبْ له نِدّا
جزيلُ النَّدى أدنى مواهِبِهِ الدُّنا / وقد كان يُعطي الخلدَ لو ملَكَ الخلدا
إذا خانتِ الأيامُ كان نقيضها / وإن غدَر الأقوامُ كان لهم ضِدّا
يبادرُ بالإحسانِ كلَّ مُؤَمَّلٍ / وتلقى بِنورِ البشرِ غُرَّتهُ الوفدا
أبى العدلُ إلاّ أن يلائمَ حُكْمَه / أبى الجورُ إلاّ أن يكون به قَصْدا
أبت كفُّهُ إلاّ السماحةَ والنَّدى / وهمَّته إلاّ المكارمَ والمجدا
وكم مِنْحَةٍ أهدى وكم مِحْنَةٍ عدا / وكم حاسدٍ أردى وكم نعمةٍ أسْدى
أغرُّ تراءَى في الدجى من طلوعِهِ / سنَا قَبَسٍ تذكو شرارتُه وَقْدا
إذا صرَّتِ الأقلامُ بين بنانِهِ / رأيتَ سِنانَ السَّمْهريِّ لها عبْدا
جعلتُ عليه من نظامي قلادةً / حَبَوْتُ بها الأحلامَ والحسبَ العِدَّا
فدونكَ يا طَوْد القضاةِ منَ النهى / ربيبةَ فكرٍ تسحرُ الخُرّد النُّهْدا
أتتكَ على بُعْدٍ لتجعلَ بينها / وبينَ الخطوبِ النازلات بنا بُعدا
وعدتُ حُلاها أن أنالَ بكَ السُّهى / وقد ضَمِنَتْ عَلياكَ أن أُنْجِزَ الوَعدا
شهدتُ بأنَّ الوردَ لو أُعطي المنى
شهدتُ بأنَّ الوردَ لو أُعطي المنى / تَمنَّى منَ الورَّادِ خدّاً مورَّدا
ولو خُيِّر الرَّيْحانُ لاختارَ صُدْغَهُ / وإنْ أصبحَ الريحانُ يحكي الزبرجدا
ولو قيل للأُفْقِ احتكِمْ قال دونَكم / هلالي وشمسي واتركا لي محمدا
رمى أدمعي نصُّ الركائبِ والوخدُ
رمى أدمعي نصُّ الركائبِ والوخدُ / فأبدتْ هَوَى مَنْ لم يكنْ سَقِماً يبدو
بعينيَّ هاتيك الحمولُ عشية / وقد عَلِقَتْ منْ دونِ آرامها الأسد
أدارهمُ الأولى لبستِ من البلى / مطارفَ لا تَبْلى وإن بَلِيَ العهد
كأن لم تكوني للأحِبَّةِ منزلاً / ولا عَبَثتْ فيك الرَّبابُ ولا هند
عفا جَسدي ممّا أَلَظَّ به الضَّنا / وأشْبَهْتِهِ مما استهلَّ بك العهد
سقاكِ إلى أن قلتُ بينكما هوىً / فلما تمادى قلتُ بينكما حقد
كفى حَزَناً أنَّ النَّوى أجنبيّة / وأنَّ سُليمى حالَ من دونها البعد
بنجدٍ أناخوا العيسَ بعد تهامةٍ / ويا بُعْدَ ما بيني وبينك يا نجد
مُصابُكَ ما كرَّ الجديدانِ سَرْمَدُ
مُصابُكَ ما كرَّ الجديدانِ سَرْمَدُ / ويَوْمُكَ لا يُنْسيهِ يَومُ ولا غَدُ
ثكلتك ثُكْلَ المَشْرَفِيِّ غُروبَهُ / وبالغَرْبِ يَسطو المشرفيُّ المهند
فرحتَ كَمَنْ راحت بنانُ يمينِهِ / عنِ اليدِ فاعتلَّتْ لِفُرْقَتِها اليد
وقد كنتَ كالعَذْبِ الزلال إذا صفا / فلم يصفُ لي مذ غبتَ في اللحدِ مَوْرِد
ولا راقني سَهْلُ البلادِ وحَزْنُها / ولو أنَّ ما يخضرُّ منها زَبَرْجَد
أُقابلُ منها كلَّ حُسْنٍ وبهجةٍ / كما قابلَ الشمسَ المنيرةَ أَرْمَدُ
وأَصرِفُ عنها آخَر الدهر أخدعاً / له نحوَ هاتيكَ الرجام تلدُّ
سلامٌ على القبرِ الذي في ضميره / حبيبٌ يُواريه الصفيحُ المنضَّد
ثوى بعد مثواهُ بمنزلِ غُربةٍ / تساوَى مَسُودٌ عندَهُ ومُسوّد
وحيداً من الخلاَّنِ إلاَّ عصابةً / رُمُوا عَنْ حنَيَّاتِ المنايا فأُقصِدوا
لقد راح عنه رهطُهُ وعشيرُهُ / وغادَرَهُ خُلْطانُهُ وهو مُفْرَدُ
مجاورُ أَقْوامٍ كأنَّ بيوتَهُمْ / قبابٌ ولكنْ بالصفائحِ تُعْمَد
أُعاوِدُ منها كلَّ يومٍ وليلةٍ / مَضاجِعَ أَمَّا النومُ فيها فَسَرْمَدُ
يجودُ عليها الغيثُ سَحَّاً ووابلاً / وهطلاً ولكنْ دمعُ عينيَ أَجْوَد
على حَسَنٍ أفني دموعيَ حَسْرَةً / وَمِنْ بعضِ ما أُفني العَزَا والتَّجُلُّدُ
سأبْكيهِ ما حجَّ الحجيجُ وما دعا / هديلاً على الأيكِ الحمامُ المغرِّد
يقولون عاثتْ في أخيكَ يدُ البلى / فوا حرَّ قلبي مِنْ أسىً يَتَجَدَّد
لئن نَفِدَتْ أيَّامُهُ إنَّ لوعتي / على قِدَمِ الأيامِ ما ليس تَنْفَد
أفكِّرُ في نَأْيِ اللقاءِ وبُعْدِهِ / وأعلمُ أنَّ الصبرَ أنأى وأَبْعُد
ويخبرني وَشْكُ الرَّدى بلحاقِهِ / فأرتاحُ لليومِ
وما زهرةُ الدنيا تفي بِذَهابِهِ / ولو قيلَ أَبْشِرْ أنت فيها مخلد
تَقَضى فأجفانُ السَّحابِ دوامعٌ / عليه وأنفاسُ الرياح تَصَعَّدُ
وللبرقِ ألهوبٌ وللرعدِ ضَجَّةٌ / تعبِّرُ فيها عن
وما كنتُ أدري أنَّ للموتِ سَطْوَةٌ / على النَّجمِ حتَّى
أضاءت به الدنيا زماناً لناظري / فقد عمَّها ليلٌ من الحزنِ سَرْمَدُ
ولم أَنْسَهُ والدهرُ طَلْقٌ جبينُهُ / وريحانُهُ
يزيدُ على حُكْمِ الكهولةِ خُلْقُهُ / وغصْنُ صباهُ الغضُّ فَيْنَانُ أَمْلَدُ
حليفُ عفافٍ والشبابُ غُرانِقٌ / وكيفَ به والصبحُ في الليل مُسْئِد
أبيٌّ إلى أنْ قادَهُ الحَيْن في الثَّرى / وكلٌّ له في راحة البين مِقْوَدُ
ولم أَنْسَهُ والسُّقْمُ يَنْهَبُ جِسْمُهُ / وآلامُهُ في كلِّ يومٍ تَزَيَّد
يجسُّ يداً منه الطبيبُ وَمَنْ له / بِدَفْعِ صُروفِ الموتِ عَنْ مهجةٍ يد
فما استصحبتْ إلاَّ الرجاءَ أقاربٌ / ولا استنجدتْ إلا المدامعَ عُوَّد
ولم أَنْسَه والموتُ جاثٍ أمامَهُ / وعامِلُهُ ذَلْقُ الغِرارِ مسدّد
قعدت لديه معولاً وسِياقُه / يقومُ بنفسي تارةً ثم يَقْعُدُ
أرى ساعدي الأقوى يُجذُّ وصارمي / يُثَلُّ وعَسّالي الأصمُّ يُقْصَّدُ
أرى زهرةَ العَليا تجفُّ وماؤها / يغيضُ وأرواح البشاشة تركد
ولم أَنْسَه والنعشُ قد صار روضةً / تَبَسَّمُ عنْ ذِكرٍ يُغيرُ ويُنجد
تهاداه أعناقُ الرجال وإنما / يسيرُ على الآماقِ حَزْمٌ وسؤدد
إلى حَضْرَةٍ تَنْدَى بِنَشْرِ ثَنائِهِ / كأنَّ نثيرَ المسكِ فيها يُبَدَّد
وكان محلَّ النجمِ أرقى مكانِهِ / فأصبحَ يعلوهُ تُرابٌ وجَلْمد
فيا أيها الخطبُ الذي قد أصابَهُ / إلا في سبيلِ اللهِ ما تَتَقَلَّد
لمثلك من رزءٍ جليلٍ تَضَرَّجَتْ / خدودٌ بأسرابِ الدموعِ تَخَدَّد
عجبتُ لمن يَلْقَى القبور بمَدْمَعٍ / بكيءٍ فتُبكيه طلولٌ ومَعْهَد
سأبكي أخي مُسْتَيْقِناً أنَّ أدْمُعي / إذا طَلُّ دمْعٍ ذابه الناس يجمد
لقد كنتُ أَسْتَسْقي الغمامَ لقبرِه / وأعهدُ منه غيرَ ما كنتُ أعهد
سَقَتْه رِهامُ المُزْنِ مَثنى ومَوْحَداً / وقلَّتْ لهُ منهنَّ مثنى وموحد
فيا شدةً أمسيتُ سيانِ بعده / أُرَدِّدُ من شوقي لما لا أُرَدِّد
كفى حَزَنَاً أنْ لا نلاقيَ مَيْتَنا / وَأَنْ ليس إلا موقفَ الحشر موعِدُ
أنوماً ووعدُ الحادثاتِ وعيدُ
أنوماً ووعدُ الحادثاتِ وعيدُ / وحادي المنايا ليس عَنْهُ مَحيدُ
وفي كلِّ يومٍ للخطوبِ وليلةٍ / وقائعُ تُفْني جَمْعَنا وتُبيد
خليليَّ هُبَّا فانْدُبا متحملاً / أجدَّ نوىً إنَّ اللقاءَ بعيد
ولا تحسبا أنَّ الفراقَ لأوبةٍ / ولا أنَّ مَنْ تحتَ الترابِ يعود
أأبصرتَ هاماً حالَ مِنْ دونِه الرَّدى / فَبَشَّرَ منهُ بالإيابِ بريد
أثالثَ عيدِ الفطر أبقيتَ للأسى / بقلبي ندوباً ما تأوَّبَ عيدُ
طوى حَسَنَاً فيكَ الجديدان بعدما / تسرْبَلَ ثوب العيش وهو جديد
ذكرتُ زماناً منه ليس بعائدٍ / فأصبحتُ أُبدي لوعةً وأُعيد
أُصَعِّدُ أنفاسي لنجمٍ رأيته / يُهالُ عليه بالأكفِّ صعيد
فوا حسرتا لم يَنتصرْ لزمانه / وقد صَبّحَتْهُ للحمامِ جنود
ألا ليتَ شِعْري مَنْ يقوم لنصرِهِ / وأُسْرَتُهُ الأدْنَوْنَ عَنْهُ قُعود
على الرغم منّا صِرْتَ رَهْنَ تهائمٍ / يغالطُ منهنَّ العيونَ نُجود
عزيزٌ علينا أنْ سكنتَ منازلاً / تَشابَهُ أحرارٌ بها وعبيد
أقمتَ بدارٍ لا أنيسَ بأرضها / وإن حلَّها بعدَ الوفود وفود
وإن الغريبَ الفذَّ مثلُكَ لا الذي / دُوَيْنَ معانيهِ صَحاصحُ بيد
وإني وقد أمسيتُ في دارِ غُرْبةٍ / فريداً لمنبتُّ العزاءِ فريد
نَفَضْتُ بألاّفي يدي وعشيرتي / وقلت إليكمْ فالمصابُ شديد
أليسَ عظيماً أنْ أثرى في جماعةٍ / وأنت بها قَيْدَ الرِّجام وحيد
قليلٌ بُكانا أَلْفَ حولٍ وإن قضى / بإكمالِ حولٍ بالبكاء لبيد
وما جَمَدَتْ عَيْنُ امرئٍ يومَ بَيْنِهِ / ولكنَّ عيناً لم تجُدْكَ جَمُود
ومن ذا الذي يَنْهَى المدامعَ بعدما / رأى الموتَ في روض الشبابِ يَرودُ
أتانا بفرعٍ للشبيبةِ مائدٍ / تكاد جبالُ الأرضِ منه تميد
وكيف بقاءُ الغصْنِ بين عواصفٍ / منَ الدَّهْرِ لا يُرْجى لهنَّ ركود
لئن جَزِعَتْ نفسي عليه فإنَّني / على غَيْرِهِ شَهْمُ الفؤادِ جَليد
وما الدمعُ في كلِّ الرزايا مذمَّمٌ / ولا الصَّبْرُ عنْ كلِّ الأنامِ حميد
رُزِئْتَ عَزائي بعد ما قارَعَ الأسى / عليه إلى أنْ مات وهو شهيد
ولو كنتُ أسْطيعُ التَّصَبُّرَ رَدَّني / لحزمي وفاءٌ طارفٌ وتليد
سقتك أخي غُرَّ السحابِ وجونها / وإن لم يَزَلْ دمعي عليك يجود
هجودكَ في تلك الصفائحِ مانعٌ / جُفونيَ أنْ يسمو لهنَّ هجود
فنومُك من تحتِ الترابِ مُسَكَّنٌ / وَنَوْميَ من فوقِ التراب شريد
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ / تُشَقُّ دياجيه كما شُقِّقَ البرد
فهيّج لي شوقاً كما لفح الغَضَا / وذكَّرني عهداً كما نَفَحَ الند
تغيرتِ الأيام حتى أَحبَّني / فكلُّ خليلٍ بين أضلعه حقد
أيا مَن به أُمسي كئيباً وأغتدي / أآليت أن تُمسي إلى الغدر أو تغدو
حنانَيْكَ في نفسٍ تذوبُ ومقلةٍ / يؤرِّقُها دمعٌ ويؤلمها سُهْد
وممَّا طوى قلبي على الحزن أنني / أرى الوصلَ موروداً ومالي به وِرْدُ
وما كنت أدري أنَّ عهدَكَ حائلٌ / وأنك عن دينِ المودة مُرْتَد
إلى أن دهتني من صدودِكَ لوعةٌ / يُشَبُّ على الأحشاءِ من حرِّها وقد
ألا فاخبرنِّي عن وفائِكَ هل عفا / كما عَفَتِ الأطلالُ أم ضَمَّه لحد
فديتُك ما هذا الجفاءُ ألم يكن / يُرى بيننا نظمٌ كما نُظِمَ العقد
وكنتُ إذا الواشي مشى بنميمةٍ / تضاعفَ إمحاضاً على رغمه الود
فما بالُ ذاك العهدِ غُيِّرَ رَسْمُهُ / فلا وصلَ إلا حالَ منْ دونِهِ صدّ
رويدَكَ لا يدعى خليلك هاجراً / فأوصاله من خيفةِ البينِ تنقد
تذكَّرْ إخاءً كان بالأمس عَقْدُهُ / وثيقاً فأضحى اليوم ليس له عقد
أغدراً وقلبي ما يفارقُهُ الجوى / وخوفاً وأنَّى والحشا حَشْوُها الوجد
ألا ليت شعري والظنونُ كثيرةٌ / أَهَزْلٌ جنى هذي القطيعةَ أم جِدّ
مضى العيدُ لم أكحلْ جفوني بنظرةٍ / إليكَ فأضحى يومُهُ وهو مسودّ
وهل طمس الواشون بيني وبينكم / سبيلَ الرضى أم كان ما بيننا سدّ
أحين بكى الواشون من شَرَقٍ بنا / وأنجزني فيما رجوتُ بك الوعد
عتبتَ ولا عُتْبى وحُلْتَ فلا رضى / وغبتَ فلا لُقيا وخنت فلا عهد
أهذا جزاءُ الشوقِ إن كنتَ منصفاً / أما للهوى حقٌّ أما للنوى بُدُّ
أَجِدٌّ ولكن أنت بالشوق لاعبٌ / وما خيرُ جِدٍّ لا يساعده جَدّ
دعِ النفسَ يذهبْ عن رضاها حياتها / لئن ذهبتْ نفسي فما ذهب الودّ
عليك سلام الله ما حَنَّ أَوْرَقٌ / وما انهلَّ وسميٌّ وما سبَّح الرَّعد
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه / على الأيكِ تحنانَ الحمامِ المغرِّدِ
له نغماتٌ أَفحمْت كلَّ صادحٍ / وصوتُ نشيدٍ قد شجا كلَّ منشد
فدعْ كلَّ ما حُدِّثتَ عن صوتِ معبدٍ / وطارحْ نشيداً عن نشيدِ ابنِ معبد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025