المجموع : 7
لعمرُ أبيها ما نكثتُ لها عهدا
لعمرُ أبيها ما نكثتُ لها عهدا / ولا فارقتْ عيني لفرقتها السهدا
أتأمرني سُعْدى بأنْ أهْجُرَ الكرى / وأعصي على طَوْعي لأجفانها سعدى
برئْتُ إذاً منْ صحبةِ الركبِ والسُّرى / ولا عرَفَتْ إِبْلي ذميلاً ولا وَخْدا
وليلٍ طرقت الخدر فيه وللدجى / عُبابٌ تراه بالكواكبِ مُزْبِدا
أُجاذِبُ عِطْفَ المالكيَّةِ تحته / وأسحبُ من ضافي العفافِ له بُرْدا
نعِمْتُ بها والليلُ أسودُ فاحمٌ / يغازل منها الأسودَ الفاحمَ الجعدا
فلم أرَ أشهى من لَماها مُدامَةً / ولم أرَ أذكى من تنفُّسها ندَّا
تبسَّمُ عما قُلِّدتهُ فأجتلي / بمبسمها عِقْداً وَلَبَّتها عقدا
ويعبقُ ريَّاها إذا هبَّتِ الصَّبا / فيحملُ عنها نشرُها العنبرَ الوردا
سلِ الريحَ عن نجدٍ تخبّرك أنها / مُعطرةُ الأنفاس مذْ سكنتْ نجدا
وأنَّ الغَضا والسِّدر مذ جاورتهما / لطيب شذاها أَشبها الغارَ والرِّندا
وأدهمَ ما عارضتُ شُعلةَ بارقٍ / بسيفيَ إلاّ عارضَ الليلَ مسودّا
رقعتُ به الظَّلماءَ لمّا تمزَّقَتْ / سرابيلُها وانقدَّ مُطرَفها قدّا
وقد برقتْ للصبح فيها مَخْيَلَةٌ / تُقلِّصُ ظِلاًّ للحنادسِ ممتدا
قطعتُ على مَِّ الصباح خمائلاً / مؤزَّرةً بالنَّور أعطافها تنْدى
تُجيبُ صهيلَ الخيلِ فيها حمائمٌ / أُطارحُها الشوقَ المبرِّح والوجدا
ألا فاركضوها أو ذَرُوها فإنَّني / أُبَلِّغُ طِرفي في طلابِ العلا الجهدا
لأهجُرَ أرضي واصلاً دَرَجَ السُّرى / إلى أرضِ قومٍ تُنْبِتُ العزَّ والمجدا
إذا لم تبلِّغْكَ الجيادُ إلى العلا / فلا حفظَ اللهُ المطهَّمةَ الجُرْدا
ستجعلُ بين الحادثاتِ إذا دَجَتْ / وبين أُسودٍ من بني أَسَدٍ سَدّا
كفى بأبي بكرٍ لمن رامَ نُصْرَةً / على الدَّهر أوْ مَنْ ضَلَّ في خَطْبه رشدا
وحسبي به دونَ الذخائرِ عُدَّةً / إذا الصِّيدُ عُدُّوا كان أوَّلَ من عُدّا
فهمَّتهُ تَسْتَسْفِلُ النجمَ رُتْبَةً / وَعَزْمَتُهُ تستنبعُ الحجَر الصَّلْدا
إذا شْتَ أن تعيا عليكَ مطالبٌ / على كثرةِ الإيجاد فاطلبْ له نِدّا
جزيلُ النَّدى أدنى مواهِبِهِ الدُّنا / وقد كان يُعطي الخلدَ لو ملَكَ الخلدا
إذا خانتِ الأيامُ كان نقيضها / وإن غدَر الأقوامُ كان لهم ضِدّا
يبادرُ بالإحسانِ كلَّ مُؤَمَّلٍ / وتلقى بِنورِ البشرِ غُرَّتهُ الوفدا
أبى العدلُ إلاّ أن يلائمَ حُكْمَه / أبى الجورُ إلاّ أن يكون به قَصْدا
أبت كفُّهُ إلاّ السماحةَ والنَّدى / وهمَّته إلاّ المكارمَ والمجدا
وكم مِنْحَةٍ أهدى وكم مِحْنَةٍ عدا / وكم حاسدٍ أردى وكم نعمةٍ أسْدى
أغرُّ تراءَى في الدجى من طلوعِهِ / سنَا قَبَسٍ تذكو شرارتُه وَقْدا
إذا صرَّتِ الأقلامُ بين بنانِهِ / رأيتَ سِنانَ السَّمْهريِّ لها عبْدا
جعلتُ عليه من نظامي قلادةً / حَبَوْتُ بها الأحلامَ والحسبَ العِدَّا
فدونكَ يا طَوْد القضاةِ منَ النهى / ربيبةَ فكرٍ تسحرُ الخُرّد النُّهْدا
أتتكَ على بُعْدٍ لتجعلَ بينها / وبينَ الخطوبِ النازلات بنا بُعدا
وعدتُ حُلاها أن أنالَ بكَ السُّهى / وقد ضَمِنَتْ عَلياكَ أن أُنْجِزَ الوَعدا
شهدتُ بأنَّ الوردَ لو أُعطي المنى
شهدتُ بأنَّ الوردَ لو أُعطي المنى / تَمنَّى منَ الورَّادِ خدّاً مورَّدا
ولو خُيِّر الرَّيْحانُ لاختارَ صُدْغَهُ / وإنْ أصبحَ الريحانُ يحكي الزبرجدا
ولو قيل للأُفْقِ احتكِمْ قال دونَكم / هلالي وشمسي واتركا لي محمدا
رمى أدمعي نصُّ الركائبِ والوخدُ
رمى أدمعي نصُّ الركائبِ والوخدُ / فأبدتْ هَوَى مَنْ لم يكنْ سَقِماً يبدو
بعينيَّ هاتيك الحمولُ عشية / وقد عَلِقَتْ منْ دونِ آرامها الأسد
أدارهمُ الأولى لبستِ من البلى / مطارفَ لا تَبْلى وإن بَلِيَ العهد
كأن لم تكوني للأحِبَّةِ منزلاً / ولا عَبَثتْ فيك الرَّبابُ ولا هند
عفا جَسدي ممّا أَلَظَّ به الضَّنا / وأشْبَهْتِهِ مما استهلَّ بك العهد
سقاكِ إلى أن قلتُ بينكما هوىً / فلما تمادى قلتُ بينكما حقد
كفى حَزَناً أنَّ النَّوى أجنبيّة / وأنَّ سُليمى حالَ من دونها البعد
بنجدٍ أناخوا العيسَ بعد تهامةٍ / ويا بُعْدَ ما بيني وبينك يا نجد
مُصابُكَ ما كرَّ الجديدانِ سَرْمَدُ
مُصابُكَ ما كرَّ الجديدانِ سَرْمَدُ / ويَوْمُكَ لا يُنْسيهِ يَومُ ولا غَدُ
ثكلتك ثُكْلَ المَشْرَفِيِّ غُروبَهُ / وبالغَرْبِ يَسطو المشرفيُّ المهند
فرحتَ كَمَنْ راحت بنانُ يمينِهِ / عنِ اليدِ فاعتلَّتْ لِفُرْقَتِها اليد
وقد كنتَ كالعَذْبِ الزلال إذا صفا / فلم يصفُ لي مذ غبتَ في اللحدِ مَوْرِد
ولا راقني سَهْلُ البلادِ وحَزْنُها / ولو أنَّ ما يخضرُّ منها زَبَرْجَد
أُقابلُ منها كلَّ حُسْنٍ وبهجةٍ / كما قابلَ الشمسَ المنيرةَ أَرْمَدُ
وأَصرِفُ عنها آخَر الدهر أخدعاً / له نحوَ هاتيكَ الرجام تلدُّ
سلامٌ على القبرِ الذي في ضميره / حبيبٌ يُواريه الصفيحُ المنضَّد
ثوى بعد مثواهُ بمنزلِ غُربةٍ / تساوَى مَسُودٌ عندَهُ ومُسوّد
وحيداً من الخلاَّنِ إلاَّ عصابةً / رُمُوا عَنْ حنَيَّاتِ المنايا فأُقصِدوا
لقد راح عنه رهطُهُ وعشيرُهُ / وغادَرَهُ خُلْطانُهُ وهو مُفْرَدُ
مجاورُ أَقْوامٍ كأنَّ بيوتَهُمْ / قبابٌ ولكنْ بالصفائحِ تُعْمَد
أُعاوِدُ منها كلَّ يومٍ وليلةٍ / مَضاجِعَ أَمَّا النومُ فيها فَسَرْمَدُ
يجودُ عليها الغيثُ سَحَّاً ووابلاً / وهطلاً ولكنْ دمعُ عينيَ أَجْوَد
على حَسَنٍ أفني دموعيَ حَسْرَةً / وَمِنْ بعضِ ما أُفني العَزَا والتَّجُلُّدُ
سأبْكيهِ ما حجَّ الحجيجُ وما دعا / هديلاً على الأيكِ الحمامُ المغرِّد
يقولون عاثتْ في أخيكَ يدُ البلى / فوا حرَّ قلبي مِنْ أسىً يَتَجَدَّد
لئن نَفِدَتْ أيَّامُهُ إنَّ لوعتي / على قِدَمِ الأيامِ ما ليس تَنْفَد
أفكِّرُ في نَأْيِ اللقاءِ وبُعْدِهِ / وأعلمُ أنَّ الصبرَ أنأى وأَبْعُد
ويخبرني وَشْكُ الرَّدى بلحاقِهِ / فأرتاحُ لليومِ
وما زهرةُ الدنيا تفي بِذَهابِهِ / ولو قيلَ أَبْشِرْ أنت فيها مخلد
تَقَضى فأجفانُ السَّحابِ دوامعٌ / عليه وأنفاسُ الرياح تَصَعَّدُ
وللبرقِ ألهوبٌ وللرعدِ ضَجَّةٌ / تعبِّرُ فيها عن
وما كنتُ أدري أنَّ للموتِ سَطْوَةٌ / على النَّجمِ حتَّى
أضاءت به الدنيا زماناً لناظري / فقد عمَّها ليلٌ من الحزنِ سَرْمَدُ
ولم أَنْسَهُ والدهرُ طَلْقٌ جبينُهُ / وريحانُهُ
يزيدُ على حُكْمِ الكهولةِ خُلْقُهُ / وغصْنُ صباهُ الغضُّ فَيْنَانُ أَمْلَدُ
حليفُ عفافٍ والشبابُ غُرانِقٌ / وكيفَ به والصبحُ في الليل مُسْئِد
أبيٌّ إلى أنْ قادَهُ الحَيْن في الثَّرى / وكلٌّ له في راحة البين مِقْوَدُ
ولم أَنْسَهُ والسُّقْمُ يَنْهَبُ جِسْمُهُ / وآلامُهُ في كلِّ يومٍ تَزَيَّد
يجسُّ يداً منه الطبيبُ وَمَنْ له / بِدَفْعِ صُروفِ الموتِ عَنْ مهجةٍ يد
فما استصحبتْ إلاَّ الرجاءَ أقاربٌ / ولا استنجدتْ إلا المدامعَ عُوَّد
ولم أَنْسَه والموتُ جاثٍ أمامَهُ / وعامِلُهُ ذَلْقُ الغِرارِ مسدّد
قعدت لديه معولاً وسِياقُه / يقومُ بنفسي تارةً ثم يَقْعُدُ
أرى ساعدي الأقوى يُجذُّ وصارمي / يُثَلُّ وعَسّالي الأصمُّ يُقْصَّدُ
أرى زهرةَ العَليا تجفُّ وماؤها / يغيضُ وأرواح البشاشة تركد
ولم أَنْسَه والنعشُ قد صار روضةً / تَبَسَّمُ عنْ ذِكرٍ يُغيرُ ويُنجد
تهاداه أعناقُ الرجال وإنما / يسيرُ على الآماقِ حَزْمٌ وسؤدد
إلى حَضْرَةٍ تَنْدَى بِنَشْرِ ثَنائِهِ / كأنَّ نثيرَ المسكِ فيها يُبَدَّد
وكان محلَّ النجمِ أرقى مكانِهِ / فأصبحَ يعلوهُ تُرابٌ وجَلْمد
فيا أيها الخطبُ الذي قد أصابَهُ / إلا في سبيلِ اللهِ ما تَتَقَلَّد
لمثلك من رزءٍ جليلٍ تَضَرَّجَتْ / خدودٌ بأسرابِ الدموعِ تَخَدَّد
عجبتُ لمن يَلْقَى القبور بمَدْمَعٍ / بكيءٍ فتُبكيه طلولٌ ومَعْهَد
سأبكي أخي مُسْتَيْقِناً أنَّ أدْمُعي / إذا طَلُّ دمْعٍ ذابه الناس يجمد
لقد كنتُ أَسْتَسْقي الغمامَ لقبرِه / وأعهدُ منه غيرَ ما كنتُ أعهد
سَقَتْه رِهامُ المُزْنِ مَثنى ومَوْحَداً / وقلَّتْ لهُ منهنَّ مثنى وموحد
فيا شدةً أمسيتُ سيانِ بعده / أُرَدِّدُ من شوقي لما لا أُرَدِّد
كفى حَزَنَاً أنْ لا نلاقيَ مَيْتَنا / وَأَنْ ليس إلا موقفَ الحشر موعِدُ
أنوماً ووعدُ الحادثاتِ وعيدُ
أنوماً ووعدُ الحادثاتِ وعيدُ / وحادي المنايا ليس عَنْهُ مَحيدُ
وفي كلِّ يومٍ للخطوبِ وليلةٍ / وقائعُ تُفْني جَمْعَنا وتُبيد
خليليَّ هُبَّا فانْدُبا متحملاً / أجدَّ نوىً إنَّ اللقاءَ بعيد
ولا تحسبا أنَّ الفراقَ لأوبةٍ / ولا أنَّ مَنْ تحتَ الترابِ يعود
أأبصرتَ هاماً حالَ مِنْ دونِه الرَّدى / فَبَشَّرَ منهُ بالإيابِ بريد
أثالثَ عيدِ الفطر أبقيتَ للأسى / بقلبي ندوباً ما تأوَّبَ عيدُ
طوى حَسَنَاً فيكَ الجديدان بعدما / تسرْبَلَ ثوب العيش وهو جديد
ذكرتُ زماناً منه ليس بعائدٍ / فأصبحتُ أُبدي لوعةً وأُعيد
أُصَعِّدُ أنفاسي لنجمٍ رأيته / يُهالُ عليه بالأكفِّ صعيد
فوا حسرتا لم يَنتصرْ لزمانه / وقد صَبّحَتْهُ للحمامِ جنود
ألا ليتَ شِعْري مَنْ يقوم لنصرِهِ / وأُسْرَتُهُ الأدْنَوْنَ عَنْهُ قُعود
على الرغم منّا صِرْتَ رَهْنَ تهائمٍ / يغالطُ منهنَّ العيونَ نُجود
عزيزٌ علينا أنْ سكنتَ منازلاً / تَشابَهُ أحرارٌ بها وعبيد
أقمتَ بدارٍ لا أنيسَ بأرضها / وإن حلَّها بعدَ الوفود وفود
وإن الغريبَ الفذَّ مثلُكَ لا الذي / دُوَيْنَ معانيهِ صَحاصحُ بيد
وإني وقد أمسيتُ في دارِ غُرْبةٍ / فريداً لمنبتُّ العزاءِ فريد
نَفَضْتُ بألاّفي يدي وعشيرتي / وقلت إليكمْ فالمصابُ شديد
أليسَ عظيماً أنْ أثرى في جماعةٍ / وأنت بها قَيْدَ الرِّجام وحيد
قليلٌ بُكانا أَلْفَ حولٍ وإن قضى / بإكمالِ حولٍ بالبكاء لبيد
وما جَمَدَتْ عَيْنُ امرئٍ يومَ بَيْنِهِ / ولكنَّ عيناً لم تجُدْكَ جَمُود
ومن ذا الذي يَنْهَى المدامعَ بعدما / رأى الموتَ في روض الشبابِ يَرودُ
أتانا بفرعٍ للشبيبةِ مائدٍ / تكاد جبالُ الأرضِ منه تميد
وكيف بقاءُ الغصْنِ بين عواصفٍ / منَ الدَّهْرِ لا يُرْجى لهنَّ ركود
لئن جَزِعَتْ نفسي عليه فإنَّني / على غَيْرِهِ شَهْمُ الفؤادِ جَليد
وما الدمعُ في كلِّ الرزايا مذمَّمٌ / ولا الصَّبْرُ عنْ كلِّ الأنامِ حميد
رُزِئْتَ عَزائي بعد ما قارَعَ الأسى / عليه إلى أنْ مات وهو شهيد
ولو كنتُ أسْطيعُ التَّصَبُّرَ رَدَّني / لحزمي وفاءٌ طارفٌ وتليد
سقتك أخي غُرَّ السحابِ وجونها / وإن لم يَزَلْ دمعي عليك يجود
هجودكَ في تلك الصفائحِ مانعٌ / جُفونيَ أنْ يسمو لهنَّ هجود
فنومُك من تحتِ الترابِ مُسَكَّنٌ / وَنَوْميَ من فوقِ التراب شريد
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ
سرى البرق من مثواكَ والليلُ مسودُّ / تُشَقُّ دياجيه كما شُقِّقَ البرد
فهيّج لي شوقاً كما لفح الغَضَا / وذكَّرني عهداً كما نَفَحَ الند
تغيرتِ الأيام حتى أَحبَّني / فكلُّ خليلٍ بين أضلعه حقد
أيا مَن به أُمسي كئيباً وأغتدي / أآليت أن تُمسي إلى الغدر أو تغدو
حنانَيْكَ في نفسٍ تذوبُ ومقلةٍ / يؤرِّقُها دمعٌ ويؤلمها سُهْد
وممَّا طوى قلبي على الحزن أنني / أرى الوصلَ موروداً ومالي به وِرْدُ
وما كنت أدري أنَّ عهدَكَ حائلٌ / وأنك عن دينِ المودة مُرْتَد
إلى أن دهتني من صدودِكَ لوعةٌ / يُشَبُّ على الأحشاءِ من حرِّها وقد
ألا فاخبرنِّي عن وفائِكَ هل عفا / كما عَفَتِ الأطلالُ أم ضَمَّه لحد
فديتُك ما هذا الجفاءُ ألم يكن / يُرى بيننا نظمٌ كما نُظِمَ العقد
وكنتُ إذا الواشي مشى بنميمةٍ / تضاعفَ إمحاضاً على رغمه الود
فما بالُ ذاك العهدِ غُيِّرَ رَسْمُهُ / فلا وصلَ إلا حالَ منْ دونِهِ صدّ
رويدَكَ لا يدعى خليلك هاجراً / فأوصاله من خيفةِ البينِ تنقد
تذكَّرْ إخاءً كان بالأمس عَقْدُهُ / وثيقاً فأضحى اليوم ليس له عقد
أغدراً وقلبي ما يفارقُهُ الجوى / وخوفاً وأنَّى والحشا حَشْوُها الوجد
ألا ليت شعري والظنونُ كثيرةٌ / أَهَزْلٌ جنى هذي القطيعةَ أم جِدّ
مضى العيدُ لم أكحلْ جفوني بنظرةٍ / إليكَ فأضحى يومُهُ وهو مسودّ
وهل طمس الواشون بيني وبينكم / سبيلَ الرضى أم كان ما بيننا سدّ
أحين بكى الواشون من شَرَقٍ بنا / وأنجزني فيما رجوتُ بك الوعد
عتبتَ ولا عُتْبى وحُلْتَ فلا رضى / وغبتَ فلا لُقيا وخنت فلا عهد
أهذا جزاءُ الشوقِ إن كنتَ منصفاً / أما للهوى حقٌّ أما للنوى بُدُّ
أَجِدٌّ ولكن أنت بالشوق لاعبٌ / وما خيرُ جِدٍّ لا يساعده جَدّ
دعِ النفسَ يذهبْ عن رضاها حياتها / لئن ذهبتْ نفسي فما ذهب الودّ
عليك سلام الله ما حَنَّ أَوْرَقٌ / وما انهلَّ وسميٌّ وما سبَّح الرَّعد
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه
يذكِّرني تحنانُ شدوِ غنائه / على الأيكِ تحنانَ الحمامِ المغرِّدِ
له نغماتٌ أَفحمْت كلَّ صادحٍ / وصوتُ نشيدٍ قد شجا كلَّ منشد
فدعْ كلَّ ما حُدِّثتَ عن صوتِ معبدٍ / وطارحْ نشيداً عن نشيدِ ابنِ معبد