المجموع : 7
على الطائرِ الميمونِ والكَوْكَبِ السَّعْدِ
على الطائرِ الميمونِ والكَوْكَبِ السَّعْدِ / تبلَّجَ بَدْرُ الفضلِ من فَلَكِ المَجْدِ
صدَرْنا وقد نادى السّماحُ بنا رِدُوا
صدَرْنا وقد نادى السّماحُ بنا رِدُوا / فعُدْنا الى مغناكَ والعَوْدُ أحمَدُ
وجاذَبَنا للأهلِ شوقٌ يُقيمُنا / وشوقٌ لمُغْنينا عن الأهلِ يُقعِدُ
وما فاحَ فينا غيرُ ذكراكَ روضةٌ / ولا ساحَ فينا غيرُ نُغماكَ مورِدُ
وكم خدعَتْنا من ملوك يسُرُّها / لو انّكَ ترضى أنها لك أعبُدُ
حمدنا وأثنينا وملء صدورِنا / سوى ما به يُثْنى عليهم ويُحمَدُ
وقد علمَتْ تلك القصائدُ أننا / بما نبتني فيها لعَلياكَ نقصِدُ
ولما عَسا غصنُ الزمانِ عطَفْتَهُ / بكفّيْكَ فهْو الناضرُ المتأوّدُ
محَوْتَ ذُنوبَ الأمسِ من هَفواتِه / بما قام في إثباتِه اليومُ والغدُ
وقد تُنشَرُ الأرزاقُ من حيث تنطوي / وتنصلِحُ الأحوالُ من حيث تفسُدُ
ليَهْنِ يدَ الخَطْبِ التي طرّقَتْ لنا / إليك سبيلاً أنها عندنا يَدُ
وأنّ نجوماً سيْرتْنا بطالعٍ / إليك منيراتُ المطالع أسْعدُ
سقى الله عهداً منك مرتفِعَ الذُرى / إذِ العهدُ ممّنْ لا نسمّيه معهَدُ
وإذ بيتُك المشهودُ في كل ساعةٍ / لكثرة زوّارِ النّدى فيه مشهَدُ
ولما ضرَبْنا للأماني ونيلها / أوَناً شرَطْنا فيه أنك موعِدُ
فمنّا ثناءٌ قد أتاكَ مكرّرٌ / ومنك عطاءٌ قد أتانا مردَّدُ
فيا أيها البحرُ الذي من هِباتِه / أُعدِّدُ فيما أنتَقي وأعَدّدُ
أجِرْني من البحر الذي أنا صارمٌ / أجرِّدُ من مالي به حيثُ أغمَدُ
طوانى بسُحْبِ الموجِ تحت سمائه / على أنني يا أيها الشمسُ فرقدُ
وحاول إطفائي وإني لَجمرةٌ / تكادُ تُباري ماؤه تتوقّدُ
وما زلت أعطي البرق والرّعد مثله / فأُبرق غيظاً بالزفير وأرعدُ
الى أن أذابَتْني حرارةُ قرّةٍ / بأيسرَ منها ذائبُ النارِ يجمُدُ
وصرتُ كحِرباءِ الظهيرةِ كلّما / تراءَتْ لعيني غرّةُ الشمس أسجُدُ
وقُيّدْتُ في أرضٍ كأن رسومَها / يمشّي عليها الدهرُ وهْو مقيّدُ
أقمتُ بها في الضيقِ ستّةَ أشهر / وذاك أقلّ الحمْل واليومَ مولِدُ
فيا ياسراً نلنا به الفضل ياسراً / لنا ووجدنا منه ما ليس يوجَدُ
دعوتَ بصوت الجودِ حيَّ على النّدى / لأنك تروي عن بلالٍ وتُسنِدُ
سيُنشئني ضرْعٌ لفضلك حافلٌ / ويكنفُني منه المكانُ الممهّدُ
ويمطِرُني نُعمى لساني ومَعطِفي / بها نبتُه لدنُ المهزّةِ أغيَدُ
وإن كانتِ الحسّادُ فيك كثيرةً / فلا قلّ عندي ما به فيك أحسَدُ
لقد طوّقَتْني في رياضِكَ أنعُمٌ / هتفْتُ بها مثلَ الحمام أغرِّدُ
وأسكرَني بالمَطْلِ غيرُك مدةً / وما يُعرفُ السكرانُ حتى يعربدُ
وإني وعندي نشوةٌ منك بالغِنى / لأرفَعُ صوتي بالغناءِ وأُنشِدُ
وأتلو حروفَ الحمدِ لله كلَّها / وأُسْقِطُ حرفاً قبل إياكَ نعبُدُ
وأنت امرؤٌ ما زالَ عن دارِ مُلكِه / وسيرتُه عندي تَغورُ وتُنجِدُ
مَهيبٌ إذا ابيضّتْ أساريرُ وجههِ / رأيتَ وجوهَ الخَطْبِ كيف تسوَّدُ
مصمّمُ جيشٍ والصّوارمُ تنثَني / ورابِطُ جأشٍ والفرائصُ تُرعَدُ
وبادِهُ صارفِ الدهر بالعَزمةِ التي / خواطرُه عن حلِّها تتبلّدُ
وباعثُها خضراءَ كالبحرِ موجُها / دِلاصٌ وعسّالٌ وعضبٌ وأجرَدُ
يروعُ بها شوسَ الأسنّةِ أروعٌ / ويصطادُ عِقبان الأعنّة أصيَدُ
وناثرُ هاماتِ الكُماةِ بصارمٍ / على صفحِه دُرُّ الفِرنْدِ المنضّدِ
وناظمُها في مَتْنِ لدن كأنّه / بها شطَنٌ فوقَ الذِّراعِ معقّدُ
مصوِّرُ وجهٍ في قَذالِ عدوّه / له ناظرٌ من سائِلِ النّدمِ أرمَدُ
وفاتحُ ثغرٍ منه في غير وجهِه / ولكنّ ذاك الثغرَ أهتَمُ أدرَدُ
ومُعلي دُعاة الدين في رأسِ هضبةٍ / يُجيبُهمُ أدنى عليها وأبعَدُ
وما المُلْكُ إلا ما تناولَهُ أبو الس / عودِ بيُمنى ياسرٍ ومحمّدُ
أميرانِ كلٌّ منهما ينهض اسمُهُ / بأضعافِ ما في مُلكِه يتقلّدُ
وبدرانِ كلٌّ منهما في كماله / وإنْ ظهَرا في الدعوة اثنَيْنِ أوحَدُ
سليلا كريمٍ لو حوى الغيثَ كفُّه / لسالَ لُجَينٌ منه وانهلّ عسْجَدُ
وما مات مَنْ أخبارُه مستفيضةٌ / تسطَّرُ عن أبنائه وتُخلّدُ
ألا إنما كسْبُ المكارمِ عادةٌ / وكلُّ امرئٍ يجري على ما يُعوّدُ
وكل حديثٍ كان أو هو كائنٌ / شمائلُه تُنبيكَ عنه وتشهدُ
وقد تنطِقُ الأفعالُ والفمُ صامتٌ / ويأتيك بالأخبارِ من لا تُزوّدُ
وأصدَقُ مدحٍ ما تردِّدُه العِدى / وتشهدُ فيه أنه ليس يُجْحَدُ
وما الشعْرُ إلا سلكُ منتِثرِ العُلا / ينظَّمُ فيه دُرُّها المُتبدّدُ
ولو لم يكن قيدَ المآثِر أوشكَتْ / تُنفَّرُ عن أسماعِنا وتُشرَّدُ
ولولا ضياءُ اللبّ ما كان والجاً / مضايقَ منها مستنيرُ وأربَدُ
فولّدَ منه الجاهليّ بذهنِه / معانيَ عُقْماً فيها الموَلَّدُ
أخالد إنّ الحمدَ يُبقي لأهلِه
أخالد إنّ الحمدَ يُبقي لأهلِه / كمالاً ولا تبقى الكنوزُ على الكَدِّ
فأطعِمْ وكلْ من عارةٍ مُستردَّةٍ / ولا تُبقِها إنّ العواريّ للرّدِّ
وإني لأهواها وأهوى لقاءَها
وإني لأهواها وأهوى لقاءَها / كما يشتهي الصادي الشرابَ المبرَّدا
علاقةُ حبٍّ لجّ في زمنِ الصِبا / وأبلى وما يزدادُ إلا تجدُّدا
متى يملكُ الحِلْمُ الدنوّ على البُعْدِ
متى يملكُ الحِلْمُ الدنوّ على البُعْدِ / ويمضي حسامُ المُلكِ في غاربِ الصّدِّ
فأرعى رياضَ الفضلِ مطلولة الندى / وأُسْقى رياضَ العِلمِ واضحةَ المدِ
وألحظُ خلاً لا يُخِلُّ بودِّه / ولا يرتضي إلا الثبوتَ على العَهْدِ
وأشهدُ من أفكاره نارَ فِطْنةٍ / تصَعَّدُ من أنفاسِه عبقَ النَّدِ
فيا عَرْفَ ريحٍ عاجَ من جانب اللِّوى / يجرُّ على الأزهارِ ضافيةَ البُرْدِ
غدا راشفاً ريقَ الأقاحي معانقاً / مَدودَ غصونٍ لاثماً وجنةَ الورْدِ
تلذّذْ بمصر فهيَ ربعُ أحبّتي / وخبِّرْ فتاها عن غرامي وعن وجدي
وقلْ عاد ذاك الجوّ بعدَك مُظْلما / فلُحْ طالعاً تجلوهُ يا قمرَ السّعْدِ
إذا لم تكن هندٌ بنجدٍ مقيمةً / فلا هطلَتْ عينُ الغوادي على نجْدِ
أما وحديثٌ كالمُدامِ رشفْتُه / فغادرَ قلبي لا يُعيدُ ولا يُبدي
ودُرُّ قريضٍ رُمْتُ إذ ذاكَ شأوَهُ / فقصَّرَ عنهُ ساعدي ونَبا كدّي
وما لك في سمعي وطرفي وخاطري / من الصيتِ والمرأى المعظَّم والودِّ
وما انهلّ من مجرى دموعيَ من دمٍ / وأُضْرمَ في مَحْنى ضلوعي من وَقْدِ
وقوّضَ عن قلبي من الصبرِ بعدَكم / وخيّم في طرْفي عليكُمْ من السُهْدِ
فحبُكَ أوفى في فؤادي من المُنى / وذكرُك أحلى في لساني من الشّهْدِ
ترى النجمَ مكحولاً بمَيلِ سُهادِه
ترى النجمَ مكحولاً بمَيلِ سُهادِه / نعم وأُعيرَ البرقُ خفْقَ فؤادِهِ
كذاك على عينيهِ عهدَهُ مدمعٍ / يعلِّمُ دمعَ الغيثِ سحّ عِهادِه
أما إنه لولا الخيالُ المعاوِدُ
أما إنه لولا الخيالُ المعاوِدُ / لأقْلعَ مشتاقٌ وأقصرَ واجدُ
ألمْ وقلبُ البرقِ في الجوّ خافقٌ / حَذاراً وطرفُ النجمِ في الأفْقِ شاهدُ
وفي جيدِ زنجيِّ الدجى من خلاله / وأنجمُهُ طوقٌ له وقلائدُ
فلا وجدَ إلا وهو عندي مخيّمٌ / ولا صبْرَ إلا وهْو عنيَ شاردُ
ولو علمتُ أنّ الخيالَ يزورُني / لجادتْ به عن ناظريّ الولائدُ
فليتَ الغواني منْ قتلْنَ يعُدْنَهُ / وليس لمقتولِ الصبابةِ عائدُ
عسى جُمَلُ المشتاقِ تجمُلُ في الهوى / فيقرُبُ منه أو سعادُ تُساعد
ويومَ شربنا فيه كاساتِ فرقةٍ / يغصُّ بها صبُّ وينعُمُ حاسدُ
عشيةَ صادَتْنا ظباءٌ نوافرٌ / وأعجبُ شيءٍ نافراتٌ صوائد
وفي كنَسِ الأحداج جؤذَرُ كلَّةٍ / تقاربُه عشّاقُهُ وتُباعِدُ
لئن عمّرت منه القلوبُ علاقةً / لقد أقفرتْ بالرُغْمِ منه المعاهدُ
ومن لأسير الحب منهُ بعطفَةٍ / تخفّفُ عنه في الهوى ما يكابدُ
شكا ظمأ ترويهِ والموتُ دونَه / لمى عذُبَتْ منه المراشفُ باردُ
وهل يُبرد الصادي حرارةَ جوفِه / إذا كان ما بين الشفاهِ المواردُ
فطوراً نرى منه الجفونَ وتارةً / تُطاعنُه تلك الثُّديُّ النواهدُ
فكم من قتيلٍ قُدْنَه لمَنُونِه / وليس له من مذهبِ الحبِّ قائدُ
سقَتْهم وإن ضنّوا عليّ بوقْفةٍ / سقاني فيها البارقاتُ الرواعِدُ
ولا نزلوا إلا حدائقَ تلتقي / توائمٌ من النوّارِ فيها وفاردُ
كأنّ الأثيرَ المُستَماحَ أعارَها / شمائلَهُ فالطيْبُ منها يُعاود
هُمامٌ يردُّ الجيشَ وهوَ عرَمْرَمٌ / بنجدته يوم الوغى وهو واحد
إذا ما تشكّى السيفُ في كفِّه الظَما / أتاحَ له ماءَ الطِلى فهوَ وارِدُ
من القومِ ما غيرُ السيوفِ مخاصِرٌ / لديهمْ وما غيرُ الدورعِ مُجاسِدُ
إذا عقَلوا الخطيّةُ السُمرَ خلتَهم / أُسوداً بأيديهمْ هناك أساوِدُ
وإن ركعتْ بيضُ الظُبى في أكفّهمْ / بحَرْب فهاماتُ الأعادي سواجِدُ
غُيوثٌ لُيوثٌ نائلاً وشجاعةً / إذا أجدبَ المَرعى وصالَ المُعاند
تميمٌ به حازتْ تماماً فذكرُها / وإن درجتْ في جبهةِ الدهرِ خالدُ
يريكَ بهاءً في ذكاءٍ كأنّما / تجمعُ فيه المشتري وعُطاردُ
فتى للكبير ابنٌ مُبرُّ وللفَتى / أخٌ لا يُداجيه وللطفْل والدُ
لقد علّم الأقوامَ شرقاً ومغرباً / قريبُهُمُ والنازحُ المتباعدُ
بأنك بذّالُ العوارفِ حافظُ ال / معارفِ دفّاعُ المخاوفِ ماجدُ
وأنك أهدى والبصائرُ ضلّةٌ / وأندى وأخلافُ السَحابِ جَوامد
وأوفى ذماماً والحقوقُ مُضاعةٌ / وأعْفى وأحناءُ الضُلوعِ حَواقِدُ
هنيئاً مريئاً بالصيامِ وفضلِه / فكلّكما وقْفٌ عليه المحامدُ
بوجهكَ آفاقُ الكمالِ منيرةٌ / لنا وبه فينا تضيءُ المساجد
وأيامُه في لُبِّه العامِ سَمْطُها / وفعلُك في جيد الزمانِ فرائد
بقيتَ وكفّيْتَ المُنى في محمدٍ / ففي وجهِه للسؤدِد الفردِ شاهد
وهل نال أسباب العُلا مثلُ راحةٍ / لها عضُدٌ في المكرُمات وساعدُ