المجموع : 17
هِيَ الْحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ جَاءَتُ عَلَى وَعْدِ
هِيَ الْحُرَّةُ الزَّهْرَاءُ جَاءَتُ عَلَى وَعْدِ / جَلَتْهَا لَكَ الْعَلْيَاءُ مِنْ مَطْلَعِ السَّعْدِ
عَرُوس يَرَاهَا المُعْجَبُونَ كَأُمِّهَا / مِثَالَ كَمَالٍ فَوْقَ طَائِلَةِ النَّقْدِ
نَمَاهَا فُؤَادٌ وَهُوَ أَرْوَعُ فَاضِلٍ / صَفِيُّ وَفِيٌّ غَيْرُ مُؤْتَشَبِ الْوُدِّ
يَدِينُ لَهُ عَاصِي المَآرِبِ مِنْ عُلىً / وَيَدْنُو لَه قَاصِي الرَّغَائِبِ مِنْ بُعْدِ
يَسوس بِحَزْمٍ أَمْرَه كُلَّ أَمْرِهِ / وَلاَ يَنْثَنِي جَوْراً عَنِ الْخُطَّةِ الْقَصْدِ
فَيَا ابْنَ أَبِي الإِحْسَانِ أَشْرَفَ منْتَمىً / وَيَا أَسْبَقَ الْفِتْيَانِ فِي حَلْبَةِ الْكَدِّ
وَيَا كَوْكباً أَمْسَى بِآيَةِ وَجْدِهِ / قَرِينَ الثُّرَيَّا بورِكَتْ آيَةُ الْوَجْدِ
أَبوكَ بَنَى صَرحاً عَلاَ فَاقْتَفَيْتَهُ / وَأَعْلَيْتَ مَا تَبْنِي عَلَى الْعَلَمِ الْفَرْدِ
لِسَمْعَانَ فِي كُلِّ الْقُلُوبِ مَكَانَةٌ / بِهَا حَلَّ فِي أَوْجِ الْكَرَامَةِ وَالمَجْدِ
وَنَاهِيكَ بِالشَّهْمِ الَّذِي يَبْلُغُ السُّهَى / وَلَيْسَ بِذِي نِدٍّ وَلَيْسَ بِذِي ضِدِّ
خَبِيرٌ بِتَصْرِيفِ الْحَيَاةِ وَأَهلِهَا / بَصِيرٌ بِتَحْقِيقِ للْبَعِيدِ مِنَ الْقَصْدِ
كَبِيرٌ بِمَسْعَاه كَبِيرٌ بِحَظِّهِ / وَلاَ فَوْزَ إِلاَّ نَصْرُكَ الْجَدَّ بِالْجِدِّ
مُعَمِّرُ أَحْيَاءِ الْفَضَائِلِ وَالنُّهَى / بِنَسْلٍ مِنَ الآْلاءِ لِيْسَ بِذِي عَدِّ
بَنُوهُ فُروعٌ زَاكِيَاتٌ كَأَصلِهَا / وَهَلْ عَذَبَاتُ الرَّنْدِ إِلاَّ مِنَ الرَّنْدِ
بِهِمْ كُلُّ مَأْمولٍ بِهِمْ كُلُّ متَّقىً / فَلِلصَّحْبِ مَا يُرْضِي وَلِلْخَصْمِ مَا يُرْدي
رَعَى الله أُمّاً أَنْجَبْتْهمْ وَثَقَّفَتْ / خَلاَئِقَهمْ لَمْ تَأْلُ يَوْماً عَنِ الْجُهْدِ
هِيَ الزَّوْجُ أُوْفَى مَا تَكُونُ لِزَوْجِهَا / هِيَ الأُمُّ أَحْنَى مَا تَكُونُ عَلَى الْوُلْدِ
هِيَ الْقُدْوَةُ الْمثْلَى لِكُلِّ عَفِيفَةٍ / بِأُنْسٍ لَهُ حَدُّ وَتَقْوَى بِلاَ حَدِّ
بِقَلْبِيَ أَدْعْو أَنْ يَتِمَّ شِفَاؤُهَا / وَذلِكَ فَضْلٌ لِسْتٌ أَدْعو بِهِ وَحْدِي
فَتَكْمُلَ أَفْرَاحُ الْبَنِينَ بِعَهْدِهَا / وَتَبْقَى بِهَا الأَفْرَاح مَوْصولَةَ الْعَهْد
أَلاَ أَيُّهَا الصَّرْحُ الَّذِي ضَاقَ رَحْبُهُ / بِحَشْدٍ وَأَكْرِمْ بِالأَعِزَّاءِ مِنْ حَشْدِ
أَقَرَّتْ عُيُونَ الْجَاهِ فِيكَ لُيَيْلَة / مُطَرَّدَةُ الأَشْجَانِ مَوْمُوقَةُ السُّهْدِ
رَأَى الْعِلْيَةُ الرَّاقُونَ فَضْلَ نِظَامِهَا / فَرَاعَتْهُمُ رَوْعَ الْفَرِيدَةَ فِي العِقْدِ
إِذَا فَاتَتِ العَافِينَ آيَةُ حُسْنِهَا / فَمَا فَاتَهُمْ أَنْ يَقْرَأُوا سُورَةَ الْحَمْدِ
تَدَفَّقَتِ الأَنْوَارُ مِنْهَا عَلَى الدُّجَى / زَوَاهِرَ فِيهَا الْبُرْءُ لِلأَعْيُنِ الرُّمْدِ
وَفِي دَاخِلٍ رَوْضٌ يُغَازِلُ بِالحِلَى / وَفِي خَارِجٍ رَوْضٌ يُرَاسِلُ بِالنَّدِّ
وَقَدْ أَنْشَدَ الْوَرْدُ الْعَرُوسَيْنِ دَاعِياً / دُعَاءَ مُجَابِ الصَّمْتِ فِي مَسْمَعِ الخُلْدِ
بِأَنْ يَعْمُرَا عُمْراً مَدِيداً وَيَنْعَمَا / نَعِيماً جَدِيداً دَائم الْعَوْدِ كَالْوَرْدِ
إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ
إِلَى الْغَادَةِ الزَّهْرَاءِ مِنْ آلِ فَاضِلٍ / إِلَى الْكَوْكَبِ الوَضَّاحِ مِنْ آلِ مَسْعَد
تَحِيَّاتِ دَاعٍ لِلْعَرُوسَيْنِ مُخْلِصاً / بَأَنْ يَبْلُغَا أَوْجِيْ صَفَاءٍ وَسُؤْدَدِ
وَأَنْ يُعْمَرا عُمْراً طَوِيلاً وَيَلْبَثَا / بِنُعْماءِ تُفْضِي كُلَّ يَوْمٍ إِلى غَدِ
وَأَنْ يَمْكُثَا فِي أُلْفَةٍ وَمَحَبَّةٍ / يَظَلُّ غَيُوراً مِنْهُمَا كُلُّ فَرْقَدِ
أَمِينَيْنِ فِي جَاهِ الأَمِينِ وَظِلِّهِ / نِكَايَاتِ أَعْدَاءٍ وَأَعْيُنِ حُسَّدِ
أَمِينٌ بَنَى لِلْمَجْدِ بَيْتاً مُشَيَّداً / عَلَى الْجَدِّ أَعْظَم بِالْبِنَاءِ المُشَيَّدِ
حَذَا حَذْوَهُ مِيشِيلُ بَلْ زَادَ هِمَّةً / وَمَنْ لأَبِيهِ بِالشَّبَابِ المُجَدِّدِ
فَتىً قَبَلٌ سَمحُ الْمُحَيَّا كَأَنَّهُ / كَمِيتُ الحِمِيُا طَاهِرُ القَلْبِ وَاليَدِ
عَلَى النَّفْعِ مِقْدَامٌ عَنِ الضَرِّ مُحْجَمٌ / إِذَا مَا اسْتَبَانَ الرَّأْيَ لَمْ يَتَرَدَّدِ
وَلَوْ شِئْتُ تعْدَاداً لأَوْصَافِ آلِهِ / لأَطْرَبْتُكُمْ بِالْحَقَّ لاَ بِالتَوَدُّدِ
هُمُ الأَهْلُ وَالأَحْبَابُ وَالجِيرَةُ الأُولى / لِذِكْرَاهُمُ فِي الْقَلْبِ أَشْهَى تَرَدُّدِ
رَأَيْنَا كَمَالَ الأُمِّ وَالبَيْتَ عِنْدَهُمْ / وَحِكْمَةَ فِتْيَانٍ وَعِفَّةَ خَرَّدِ
وَأَيّاً تُعَاشِرْ شَاهِداً كَنْهَ أَمْرِهِ / تَجِدْ مَحْضَهُ لَيْسَ الْمَغِيبُ كَمَشْهَد
كَفَى الْوُدَّ عِنْدِي أَنَّهُمْ نَبْتُ زَحْلَةٍ / وَزَحْلَةُ لِي دَارٌ وَجَارَةُ مَوْلِدِ
قَضَيْتُ بِهَا عَهْداً فَمَا زِلْتُ رَاجِعاً / إِلَيْهِ بِقَلْبٍ شَيِّقٍ مُتَعَهِّدِ
إِلَّي حَبِيبٌ قُوْمُها وَهَوَاؤُهَا / وَمَا ثَمَّ مِنْ حَيٍّ وَمَاءٍ وجَلْمَد
تُنَاظِرُ طُوْدَيْهَا بِمِرْآةِ نَهْرِهَا / وَبَهْجَةَ مَا فِي لَيْلِهَا مِنْ تَوَقُّدِ
بِوَحْيِ هَوَاهَا رَاعَ شِعْرِي إِجَادَةً / فَأَنْشَدَهُ فِي قَوْمِهِ كُل مُنْشِدِ
فَإِنِّي لِمَا أَدْرِي وذَاكَ مَكَانَهُ / أَأَخْلَدْتُهُ فِي النَّاسِ أَمْ هُوَ مُخْلِدِي
أُهَنِّيءُ مِيشِيلَ الْعَزِيزَ وَآلَهُ / أُهَنِّيءُ أَزْكَى غَادَةٍ طِيبِ مُحْتَدِ
مِنَ الْعُنْصُرِ الأَنْقَى مِنَ الْمَعْدَنِ الَّذِي / فَرَائِدَهُ مَخْلُوقَةٌ لِلْتَفَرُّدِ
عَرُوسٌ بِهَا الْحُسْنَانِ خُلْقاً وَخِلْقَةً / يَقُولاَنِ سُبْحَانَ الْمَلِيكِ المُوَحَّدِ
أَلاَ فَاغْنَمَا صَفْوَ الْحَيَاةِ وَسَعْدَهَا / وَجِيئا بِنَسْلٍ صَالِحٍ مُتَعَدَّدِ
وَفَاءً كَهَذَا العَهْدِ فَلْيَكُنِ الْعَهْدُ / وَعَدْلاً كَهَذَا العِقْدِ فَلْيَكُنِ العِقْدُ
قَرَانُكُمَا مَا شَاءَهُ لَكُمَا الْهَوَى / وَبَيْتُكُمَا مَا شَادَهُ لَكُمَا السَّعْدُ
فَقُرَّا وَطِيبا فَالْمُنَى مَا رَضَيْتُمَا / وَدَهْرُكُمَا صَفْوٌ وَعَيْشُكُمَا رَغْدُ
وَمَا جَمَعَ اللهُ النَّظِيرَيْنِ مَرَّةً / كَجَمْعِكُمَا وَالنَّدُّ أَوْلَى بِهِ النَّدُّ
تَضَاهَيْتُمَا قَدْراً وَحُسْناً وَشِيْمَةً / كَمَا يَتَضَاهَى فِي تَقَابُلِهِ الْوَرْدُ
أَعَزُّ أَعِزَّاءِ الحِمَى أَبَواكُمَا / وَأَسْطَعُ جَدٍّ فِي العُلَى لَكُمَا جَد
كَفَى بِحَبِيبٍ فِي أَسَاطِينِ عَصْرِهِ / هُمَاماً عَلَى الأَقْرَانِ قَدَّمَهُ الجَدُّ
إِذَا مَا بَدَا دَلَّتْ جَلالَةُ شَخْصِهِ / عَلَى أَنَّهُ فِي قَوْمِهِ الْعَلَمُ الْفَرْدُ
قَضَى فِي جِهَادِ الدَّهْرِ أَطْوَلَ حُقْبَةٍ / فَمَا خَانَهُ فِيهَا الذَّكَاءُ ولاَ الجِهْدُ
وَمَا زَادَهُ زِيَغُ السِّنِينِ بِلَحْظَهِ / سِوَى نَظَرٍ فِي حَالِكِ الأَمْرِ يَسْتَدُّ
لَهُ الْبَيْتُ غَايَاتُ الْمَعَالِي حُدُودُهُ / وَلَكِنْ بِلُطْفِ اللهِ لَيْسَ لَهُ حَدُّ
مَشِيدٌ عَلَى التَّقْوَى مَنِيعٌ عَلَى العِدَى / قَرِيبٌ إِلى العافِينَ عَذْبٌ بِهِ الوَرْدُه
مَتِينٌ عَلَى الأَرْكَانِ وَهْيَ ثَلاَثَةٌ / بِأَمْثَالِهَا تَحْيِي أَبُوَّتَهَا الْوُلْدُ
ذَكَرْتُ شَبَاباً لَوْ سَرَدْتَ صِفَاتِهِمْ / وَآيَاتِهِمْ فِي الْفَضْلِ لَمْ يَحْصِهَا السَّرْدُ
أُولَئِكَ هُمْ يَوْمَ الفِخَارِ شُهُودُنَا / عَلَى أَنَّنَا أَكِفَّاءُ مَا يَبْتَغِي الْمَجْدُ
وَإِنَّا إِذَا اسْتَكْفَتْ بِلاَدٌ حِمَاتِهَا فَفِينا / الْحَكِيمْ الضَّرْبُ وَالأَسَدُ الوَرْدُ
وَمَنْ لَكَ فِي الْفِتْيَانِ بِالْفَاضِلِ الَّذِي لَ / هُ نُبْلُ مِيخَائِيل وَالْحُلْمُ وَالرِّفْدُ
يُؤَلِّفُ أَشْتَاتَ الْمَحَامِدِ جَاهِداً / بِإِخْفَاءِ بَادِيهَا فَيَظْهَرُهُ الْحَمْدُ
كَبِيرُ الْمُنَى جَمُّ الفَضَائِلِ جَامِعٌ / إِلى الأَدَبِ السِّلسَالِ طَبْعاً هَوَ الشَّهْدُ
يُصَغِّرُ لِلْعَافِي مِنَ النَّاسِ نَفْسَهُ / وَيُكْبِرَهَا عَنْ أَنْ يَلِمَّ بِهَا الْحِقْدُ
وَمَنْ كَحَبِيبٍ عَادِلِ الْخُلْقِ صَادِقٍ / لَهُ فِعْلُ مَا يُرْجَى وَلَيْسَ لَهُ وَعْدُ
أَخُو تَرَفٍ قَدْ تَعْرِفُ الخَيلُ بَأْسَهُ / وَيَحْفَظُ مِن آرَاءِهِ الطَّودُ وَالوَهدُ
وَمَنْ مِثْلُ جُرْجُ طَاهِرُ النَّفْسِ وَالْهَوَ / ىَ وَمَنْ مِثْلُهُ حُرٌّ وَمَنْ مِثْلُهُ نَجْدُ
وَثَوْبٌ إِلَى كَشْفِ الظَّلاَمَاتِ سَاكِنٌ / إِلَى بَأْسِهِ فِي حِينَ لاَ تَأْمَنُ الأُسْدُ
تَخَيَّرَ فِي الأَنْسَابِ أَصْدَقَهَا عُلىً / وَأَبْعَدَهَا مَرْمىً فَتَمَّ لَهُ الْقَصْدُ
وَأَي نَسيبٍ بَلِغٍ بِمُقَامِهِ / مُقَامَ نَجِيبٍ في الْكِرَامِ إِذَا عُدوْ
إِذَا فَاقَ سَادَاتِ الحِمَى آلَ سُرْسُقٍ / فَإِنَّ نَجِيباً فِيهِمُ السَّيِّدُ الْجَعْدُ
سَرِيٌّ يَرَى الإِقْدَامَ في كُلِّ خِطَّةٍ / وَخِطَّتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ هِيَ الْقَصْدُ
تَرَاهُ بِلاَ ظِلٍّ نُحُولاً وَجَاهُه / عَرِيضٌ لَهُ ظلٌّ عَلَى الشَّرْق مُمْتدُ
مُحبُّوهُ في نُعْمَى وَقِرَّةِ أَعْيُنٍ / وَحُسَادُهُ مما بِانفُسِهِمْ رَمْدُ
وَمَا النَّاسُ إِلاَّ عَاثرٌ جَنْبَ نَاهضٍ / وَمَا الأَرْضُ إِلاَّ الغَوْرُ جَاوَرَهُ النَّجْدُ
أَلاَ أَيُّهَا الشَّهْمُ النَّبيلُ الَّذِي لَهُ / عَلَى صغَرٍ في سنِّهِ الْمَنْصِبُ النَّهدُ
لَوْ إِنَّكَ لَمْ تَمْنَعْ لَوَافَى مُهَنِّئاً / بعُرْسكَ وَفْدٌ حَافلٌ تَلْوُهُ وَفْدُ
فَإِنَّ مَكَاناً في الْقُلُوب حَلَلتُهُ / لَيَزْهَى عَلَى مُلْكِ تُؤَيِّدُهُ جُنْدُ
فَدَاكَ أُنَاسُ قَلَّ في الْخَيْرِ شَأْنُهُمْ / فَلاَ قُرْبُهُمْ قُرْبُ وَلاَ بُعْدُهُمْ بُعْدُ
يَرُومُونَ أَنْ يُثْنَى عَلَيْهمْ بوَفْرهمْ / وَأَفْضَلُهُ عَنْهُمْ إِلَى الْبرِّ لاَ يَعْدُو
إِذَا رَخُصَ الْغَالي منَ السِّلْعَةِ اشْتَرَوا / وَلاَ يَشْتَرُونَ الْحُرَّ إِنْ رَخُصَ الْعَبْد
أَعذْتُ برَبِّ الْعَرْش منْ عَيْن حَاسدِ / طَلاَقَةَ ذَاكَ النُّور فِي الْوَجْهِ إِذْ تَبْدُو
وَرقَّةَ ذَاكَ اللَّفْظ فِي كُلِّ مَوْقِفِ / يُصَانُ بهِ عِرْضٌ وَيَقْنَى بهِ وُدُّ
وَبَسْطَةَ كَفٍّ منْكَ في مَوْضِعِ النَّدَى / يُعَادُ بهَا غَمْضٌ وَيُنْفَي بهَاء سَهْدُ
شَكَا الدَّهْرُ مَا تَأَسُو جِرَاحُ كِرَامِهِ / وَأَنْكَرَ مِنْكَ الرِّفْقُ جَانبَهُ الصَّلْدُ
وَلَكنَّ هَذَا البرَّ طَبْعٌ مُغَلَبٌ / عَلَيْكَ وَهَلْ يَهْدِي سِوَى طيبِهِ النَّدُ
فمَهْمَا تَصِبْ خَيْراً فَقَدْ جَدَرَتْ بهِ / فَضَائلٌ لَمْ يَضْمَمْ عَلَى مثْلِهَا بُرْدُ
حَظَيْت بملءِ الْعَيْن حُسْناً وَرَوْعَةً / عَرُوسٌ كَبَعْض الْحَور جَادَ بهَا الْخُلْدُ
يَوَدُّ بَهَاءُ الصُّبْح لَوْ أَنَّهُ لَهَا / مُحَيّاً وَغُرُّ الزَّهْر لَوْ أَنَّهَا عقْدُ
فَإِنْ خَطَرَتْ فِي الرّائعَات منَ الْحُلَى / تَمَنَّتْ حُلاَهَا الرَّوْضُ وَالأَغْصُنُ الْمُلْدُ
كَفَاهَا تَجَاريبَ الْحَدَاثَةِ رُشْدُهَا / وَقَدْ جَازَ رَيْعَانُ الصَّبَا قَبْلَهَا الرِّشْدُ
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَهْراً لَهَا غَيْرُ عَقْلهَا / لَكَانَ الغِنَى لاَ الْمالُ يُقْنَى وَلاَ النَّقْدُ
غنىً لاَ يَحُلُّ الزُّهْدُ فيهِ لِفاضلٍ / حَصيفٌ إِذَا في غَيْره حَسُنَ الزَّهْدُ
لِيَهْنئكُمَا هَذَا القرانُ فَإِنَّهُ / سُرُورٌ بمَا نَلْقى وَبُشْرَى بمَا بَعْدُ
ففي يَوْمِهِ رَقَّتْ وَرَاقَتْ سَمَاؤُهُ / لِمَنْ يُجْتَلَى وَانْزَاحَت السُّحُبُ الرَّبْدُ
وَفي غَدِهِ سِلْمٌ تَقُرُّ بهِ النُّهَى / وَحِلْمٌ تَصَافى عنْدَهُ الأَنْفُسُ اللِّد
هُنَاكَ تَجِدُّ الأَرْضُ حلْيَ رياضِها / وَيُثْنَى إِلَى أَوْقَاتِهِ البَرْقُ وَالرَّعْدُ
فَلاَ حَشْدُ إِلاَّ مَا تَلاَقَى أَحبَّةٌ / وَلاَ شَجْوُ إِلاَّ مَا شَجَا طَائرٌ يَشْدُو
تَمَنَّيْتُ لَوْ لَمْ تَعْصِنِي قَطْرَةُ النَّدَى
تَمَنَّيْتُ لَوْ لَمْ تَعْصِنِي قَطْرَةُ النَّدَى / فَأُطْلِعَ مِنْهَا فِي دُجَى الذِّكْرِ فَرْقَدَا
وَلكِنَّ جُهْدِي دُونَ أَدْنَى رَغَائِبِي / فَكُنْ لِخَيَالِي أَيُّهَا الشِّعْرُ مُسْعِدَا
أَعِنِّي عَلَى قَوْلٍ حَكِيمٍ تَصُوغُ لِي / مَعَانِيَهُ دُرّاً وَمَبْنَاهُ عَسْجَدَا
أُغَنِّيهِ تَرْدِيداً بِإِيقَاعِ وَحْيِهِ / فَيُطْرِبُ إِطْرَابَ المثَانِي مُرَدَّدَا
عَلَيْكَ سَلاَمَ اللهِ يَا زَمَناً بَنَى / نَوَابِغُهُ لِلضَّادِ مَجْداً مُخَلَّدَا
أَيَرْجِعُ صَوْتٌ بَعْدَ أَلْفٍ وَنَيِّفٍ / إِلَيْكَ وَلاَ تَنْبُو بِهِ حُجُبُ الرَّدَى
تَقْرَأَ مُهْتَزّاً تحِيةَ عَصْرِنا / وَتَسْمَعَ مُعْتَزّاً صَدَاكَ المُرَددَا
لَئِنْ بِتَّ فِي الْغَيْبِ القَصِيِّ مُحَجَّباً / لَقَدْ عدْتَ فِي هَذَا الزمَانِ مُجَدَّدَا
كَأَنَّكَ وَالأَحْقَابُ أَمْوَاجُ زَاخِرٍ / تَبَسَّطْنَ فِيمَا امْتَدَّ بَعْدَكَ مِنْ مَدَى
وَقفتَ عَلَيْهَا مُوفِياً مِن يَفَاعِهَا / وَأَلْقَيْتَ طَيْفاً فِي نِهَايَتْهَا بَدَا
تَغَيَّرَتِ الأَسْمَاءُ وَالْعَصْرُ لِمْ يَزَلْ / كَمَا كُنْتَ فِي الأَعْصَارِ فَرْداً مُوِحَّدَا
فَكِدْنَا نَخَالُ الدْهْرَ قَابَلَ حَالَةً / وَدَابَرَهَا ثُمَّ اسْتَوَى مُتَرَدِّدَا
أَلَسْتَ إِذَا آنَسْتَ مِنْ عَهْدِنَا سَنىً / لِحِكْمِةِ شَوقِي قُلْتَ حِكْمةُ أَحْمَدَا
أَلَسْتَ إِذَا شَاقَتْكَ أَبْيَاتُ حَافِظٍ / حَسِبْتَ أَبَا تَمَّامِك اليَوْمَ مُنْشِدَا
أَلَسْتَ إِذَا غَنَّاكَ صَبْرِي مُسَائِلاً / أَلِلْبُحْتُرِيِّ الصَّوْتُ رَجَّعَهُ الصَّدَى
أَلَسْتَ إِذَا نَاجَتْكَ رُوحُ ضَرِيرِنَا / ذَكَرْتَ ضَرِيراً بِالمَعَرَّةِ وَسِّدَا
لَقَدْ بَعَثَ اللهُ الْقَرِيضَ وَأَنْشَرَتْ / لَهُ دَوْلَةُ العَبَّاسِ مُلْكاً مُؤَيَّدَا
وَمِنْ آيِهَا تَكْرِيمُنَا اليَوْمَ حَافِظاً / وَتَمْجِيدُنَا مِنْهُ سَرِيّاً مُمَجَّدَا
فَتَى الأَدَبِ الْجِدِّ الَّذِي لاَ يَشُوبُهُ / مِزَاحٌ وَلاَ يُلْفَى ابْتِسَامٌ بِهِ سُدَى
مُقَوِّمُ تَأْوِيدِ الْخَلاَئِقِ حَيْثُمَا / تَبَيَّنَ بَيْنَ النَّاسِ خُلْقاً مُأَوَّدَا
مُجَودُ صَوْغِ الْقَوْلِ لاَ يَنْثرُ الحِلَى / وَلاَ يَنْظِمُ الْعِقْيَانَ إِلاَّ مُجَوَّدَا
مُفَصِّلُ آيَاتِ الْبَلاَغَةِ إِنْ نَهَى / نَهَى عَنْ ضَلاَلٍ أَوْ دَعَا فإِلى هدَى
نجِيُّ المَعَالِي تَعْرِفُ الزُّهْرُ فِي الدجَى / لَهُ حَيْثُمَا سَارَتْ خَيَالا مُسَهَّدَا
أَمِيرُ مَعَانِيهِ وَلِلهِ دَرهُ / إِذَا مَا سَجَا أَوْ جَاشَ أَوْ نَاحَ أَوْ شَدَا
أَيَعْرُوهُ حُزْنٌ فَاقْرَإِ الْوَصْفَ تُلْفِهِ / سَحَاباً رَمَى ظَلاًّ عَلَى الْكَوْنِ أَرْبدَا
أَيَرْضَى لِنُعْمَى نَالَهَا قَمِنٌ بِهَا / فَلاَ قَوْلَ فِي الأَذْهَانِ أَعْذَبُ مَوْرِدَا
أَيَطْعُنُ فِي شَيْنٍ فَإنَّكَ وَاجِدٌ / دَماً وَصَرِيعاً وَالسِّنَانَ المُسَدَّدَا
أَيَرسُمُ مَوْصُوفاًفَتِلْكَ صِفَاتُهُ / حَقَائِقَ حَلاَّهَا الْخَيَالُ وَخَلَّدَا
صَدِيقيَ فَاهْنَأْ وَابْلُغِ الأَوْجَ رُتْيَةً / فَإِنْ تَرْقَهُ لاَ تَنْسَنا وَارْق سَرْمَدَا
لَعَبَّاسٌ خَيْرٌ لِلْمَعَالِي مُقَلِّداً / فَكُنْ بِالنُّهَى خَيْراً لَهَا مُتَقَلِّدَا
ضَمِنْتَ لِهَذَا العَهْدِ ذِكْراً مُخَلَّدَا
ضَمِنْتَ لِهَذَا العَهْدِ ذِكْراً مُخَلَّدَا / وَجَدَّدْتَ لِلإِسْلاَمْ مُعْجِزَ أَحْمَدَا
وَبِتَّ لِمِصْرٍ بِالمَفَاخِرِ مَحْتِداً / وَمِنْ قَبْلُ كَانتْ لِلمَفاخِرِ مَعتدا
أَطَافَ بِهَا لَيْل مِنَ الْجَهْلِ حَالِك / وَصمَّتْ بِهَا الأَسْمَاعُ عَنْ دَعْوَة الهُدى
فَإِنْ قَلبَ المَحْزُون فِي الأُفْقِ طَرْفَهُ / فَلَيْسَ يَرَى إِلاَّ ذَكَاءَكَ فَرْقَدَا
وَمَنْ تَدْعُهُ يِرْدُدْ نِدَاءَكَ لاَ يُجِبْ / كَمَا رَجَّعَالصَّخْرُ الأَصَم لَكَ الصَّدَى
لَكَ اللهُ مِنْ شَاكٍ عَنِ النَّاسِ دَهْرَهُمْ / عَلَى حِينَ لَمْ يَشْكوا وَقَدْ جَارَ وَاعْتَدَى
وَمِنْ سَاهِرٍ يُفْنِي مَنَارَ حَيَاتِهِ / ضِيَاءً لِيَهْدِي غَافِلِينَ وَرُقَّدَا
وَمِنْ نَاظِمٍ لِلمُلْكِ تاَجَ فَرَائِدٍ / مِنَ المَدْحِ تِيجَانُ المُلوكِ لَهُ فِدَى
وَمِنْ مُنشِدٍ يُحْيِي فَخَارَ جُدُودِهِ / فَيُكْسِبُهُمْ مَجْداً بِذَاكَ مجَدَّدَا
إِذَا النَّسْلُ لمْ يَحْفِلْ بِذِكْرِ جُدُودِهِ / فَإِنَّ لَهُمْ مَوْتاً بِهِ مُتَعَدَّدَا
قَوَافٍ يَزِينُ الشِّعْرَ حُسْنُ نِظَامِهَا / كَمَا ازْدَانَ كَأْسٌ بِالْحَبَابِ مُنَضَّدَا
وَسَبْكٌ يُعِيدُ اللَّفْظَ لحْناً مُوَقَّعاً / وَيُبْدِي لنَا المَعْنَى الْخَفِيَّ مجَسدَا
أَسِحْراً تُرِينَا أَمْ صَحَائِفَ كُلَّمَا / نقَلِّبُهَا وَجْهاً نَرَى عَجَباً بَدَا
فبَيْنَا هِيَ الروْضُ الَّذِي تَشْتَهِي المُنَى / تَعَاشَقَ فِيهِ النورَ وَالطِّيبُ وَالنَّدَى
إِذَا هِيَ أَنْهَارٌ تُقِر عُيُونَنَا / إَذَا هِيَ نِيرَانٌ تَثُورُ تَوَقَدَا
إِذَا هِيَ أَفْلاَكٌ بُسِطْنَ وَأَبْحُرٌ / أَغَارَ بِهَا الْفُلكُ الصَّغِيرُ وَأَنْجَدَا
إِذَا هِيَ آجَامٌ تَمُوجُ بِأُسْدِهَا / وَأَوْدِيَة يَرعَى بِهَا الظَّبْيُ أَرْبَدا
إِذَا هِيَ عِيسٌ فِي الْبَوَادِي مُجِدةٌ / تَسِيرُ وَلاَ سَيْر وَتَحْدِي وَلاَ حِدَا
إِذَا هِيَ أَجْيَالُ الزَّمَانِ مُعَاهِداً / بِهَا آدمٌ مَوسَى وَعيسى مُحَمَّدَا
إِذَا هِيَ حَرْبٌ يَخلَعُ البِيدَ جَيْشُها / نِعالا مَتَى هَبوا وَثوباً عَلَى الْعِدَى
بَيَانُكَ سَيْف لِلْحَقِيقَةِ سَاطِع / ذَلِيل بِهِ الْبَاغِي قَتِيلٌ بِهِ الرَّدَى
بِشِعْرِكَ فَلْيَحْيَى الذِي جَل فَضْلهُ / وَمَاتَ جَدِيراً بِالْفَخَارِ مُؤَبَّدَا
وَذُو العِلْمِ فَلْيَخْتَرْ كِتَابَكَ مُؤْنِساً / كَرِيماً وَأُسْتَاذاً حَكِيماً وَمُرْشِدَا
أَنرْتجِلُ الأَشْعَارَ فِي فَرْعِ هَاشِمٍ
أَنرْتجِلُ الأَشْعَارَ فِي فَرْعِ هَاشِمٍ / وَهَل لِيَ فِي بَيْتَيْنِ أَنْ أَجْمَعَ الْمَجْدَ
وَفِي وَصْفِ عَبْدِ اللهِ أَوْ بَعْضِ وَصْفِهِ / يُقصِّرُ مَنْ يَفْنِي قَرِيحَتهُ جُهْدَا
وَلَيْتَ أَمِيرَ الْعُرْبِ بِالْيُمْنِ دَوْلَةً / كَبَا جَدُّهَا دَهْراً فَأَعْلَيْتَهَا جِدَّا
بِعَزْمٍ وَحَزْمٍ أَحْيَيَا مِنْ مَوَاتِهَا / وَرَدَّا مِنَ الْعِزِّ الَّذِي دَالَ مَارِدَا
فمِصْرُ وَقَدْ حَيَّتْكَ يَا فَخْرَ يَعْرُبٍ / تحَيِّي النَّدَى وَالنُّبْلَ والْبَأْسَ وَالجَدَّا
فَضَائِل مِلءُ الْعَيْنِ مِنْ حَيْثُ طُولِعَتْ / جِهَاتُ الْعُلَى فِيهَا أَرَتْ عَلَماً فَرْدا
أَمَوْلاَيَ هَلْ تَدْرِي مَكَاناً تَزُورُهُ / فَلاَ يَزْدَهِي عَجْباً وَلاَ يَنْتَشِي سَعْدَا
فَلاَ غَرْوَ أَنْ أَلْقَيْتَ مِصْرَ حَفِيَّةً / تُعِيدُ عَلَى بَدْءٍ لِسُدَّتِكَ الوُدَّا
وَيُسْتَقْبَلُ الْبَدْرُ الَّذِي بِكَ يُجْتَلَى / وَتَلْبَسُ فِي اسْتِقْبَالهِ الزَّمَنَ الوَرْدَا
وَتهْدِي إِلى الأُرْدُنِّ أَلْطافَ نِيلِهَا / ثَنَاءً عَلَيْهِ وَاحْتِفَاءً بَمَنْ أَهْدَى
طَلَعْتِ طُلُوعَ الشَّمْسِ بِالنُّورِ وَالنَّدَى
طَلَعْتِ طُلُوعَ الشَّمْسِ بِالنُّورِ وَالنَّدَى / فَلاَ زِلْتِ شَمْسَ البِرِّ يَا رَبَّةَ النَّدَى
وَقَدْ تَحْرِمُ الشَّمْسُ العُفَاةَ شُعَاعَهَا / وَلَمْ تَحْرِميهِمْ مِنْكِ فِي حَالَة يَدا
لِمَقْدَمِكِ الْمَيْمُونِ مِصْرُ تَهَلَّلَتْ / وَجَنَّاتُهَا افْتَرَّتْ وَبُلْبُلُهَا شَدَا
أَرَى بَسَمَاتٍ لِلِّقاءِ تَأْلَّقَتْ / عَلَى كُلِّ وَجْهٍ كَانَ إِذْ غِبْتِ مُكْمَدا
وَأَسْمَعُ فِي الأفَاقِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ / أَنَاشِيدَ بُشْرَى فِي النُّفوسِ لَهَا صَدَى
جَمَاهِيرُ فِي طُولِ الْبِلاَد وَعَرْضِهَا / مِنَ الحَافِظِينَ العَهْد غَيباً وَمَشْهَدَا
يُهَنِيءُ كُلُّ مِنْهُمُ النَّفْسَ أَنْ يرَى / إِلى الْوَطَنِ الْمُشْتَاقِ عَوْدَكِ أَحْمَدَا
تَنَادَتْ بَنَاتُ الشِّعْرِ يَضْفَرْنَ لِلَّتِي / تُخَلِّدُهَا الالاءُ تَاجاً مُخَلَّدا
وَذَاكَ إِذَا بَاهَى بِتَاجَيه قَيْصَرٌ / لَهُ رَوْنَقٌ أَزْهَى وَأَبْقَى عَلَى الْمَدَى
أَيُعدَلُ بَاقٍ صِيْغَ مِنْ جَوْهَرِ النُّهَى / بِبَعْضِ الثَّرَى الْفَانِي وَإِنْ كَانَ عَسْجَدَا
حَقِيقٌ بِوَادِي النِّيلِ إِبْدَاءُ سَعْده / عَلَى أَنَّ مَا فِي النَّفْسِ أَضْعَافُ مَا بَدا
فَإِنَّ الَّتِي يُعْلَى بِحَقٍّ مَقَامُهَا / لاَهْلٌ بِإِجْمَاعِ المُوالِينَ وَالعِدَى
أَمَا هِيَ أَرْقَى نِسْوَة الشَّرْقِ شِيْمَةً / وَنُبْلاً وَأَسْمَاهُنَّ جَاهاً ومَحتِدا
إِلَى أَوْجِهَا الأعْلَى رَفَعْتُ تَحِيَّتي / وَفِي كُلِّ قَلْبٍ رَجْعُهَا قَد تَرَدَّدَا
وَأَحْسَبُنِي عَنْ مِصْرَ نُبْتُ وَأَهْلِهَا / وَعَنْ مَجْدِ مِصْرٍ دَارِساً وَمُجَدَّدَا
وَعَنْ كُلِّ مَحْزُونٍ وَعَنْ كُلِّ بَائِسٍ / بِهَا عَادَ عَنْ بَابِ الأمِيرَة بِالْجَدَا
وَعَنْ كُلِّ مَلْهُوفٍ أَغَاثتْ وَحُرَّةٍ / مِنْ الْعاثِرَاتِ الجَدِّ مَدَّتْ لَهَا يَدا
وَعَنْ كُلِّ خِرِّيجٍ بِعِلْمٍ وَصَنْعَةٍ / أَقَامَتْ لَهُ فِي سَاحَة الْفَضْلِ مَعْهَدَا
وَعَمَّا أَعَدَّتْ لِلْيَتِيمِ فَثَقَّفَتْ / فَرُبَّ يَتِيمٍ عَادَ لِلْخَلْقِ سَيِّدَا
أَيَا آيَةَ الشَّرْقِ الَّتِي ضَنَّتِ العُلَى / بِاشْرَفَ مِنْهَا فِي العُصُورِ وَأَمجَدَا
دَعَوكِ بِأُمِّ الْمُحْسِنِينَ وَأَنَّهَا / لَدَعْوَةُ صِدْقٍ فِي فَمِ المَجْد سرْمَدا
فَأَنْتِ لَهُمُ أُمُّ وَأَنْتِ أَمِيرَةٌ / أَجَلْ وَلَكِ الدُّنْيَا وَأَجْوَادِهَا فِدَى
تَجَلَّى مُحَيَّاهُ فَحَيُّوا مُحَمَّدَا
تَجَلَّى مُحَيَّاهُ فَحَيُّوا مُحَمَّدَا / وَقَدْ آبَ فِي ذِكْرَاهُ حَيّاً مُخَلَّدَا
نَضَتْ يَدُرَبِّ العَرْشِ عَنْهُ حِجَابَهُ / وَكَانَ عَلَى التِّمْثَالِ ظِلاًّ مِنَ الرَّدَى
لَقَدْ أُنْصِفَ المَظْلُومُ إِبَّانَ مَجْدِهِ / فَعَادَ بِمَا أَوْلاَهُ مَوْلاَهُ أَمْجَدَا
فَلِلَّهِ فَارُوقٌ وَمَا هُوَ بَاذِلٌ / لِيُسْعِدَ أَبْنَاءَ البِلاَدِ فَيَسْعَدَا
وَما العِيدُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالبِشْرِ عَاهِلٌ / وَلَكِنَّهُ عِيدٌ إِذَا الشَّعْبُ عَيَّدَا
فَعِشْ يَا عَزِيزَ الشَّرْقِ لا مِصْرَ وَحْدَهَا / وَكُنْ أَبَدَ الدَّهْرِ المَلِيكَ المْؤَيَّدَا
وَإِذْناً فَإِنِّي اليَوْمَ أَقْضِي لِرَاحِلٍ / عَلَى مِصْرَ حَقّاً كَادَ يَبْلَى فَجُدِّدا
لِطَلْعَتَ حَرْبٍ فِي مَجَالِ اجْتِهَادِهِ
لِطَلْعَتَ حَرْبٍ فِي مَجَالِ اجْتِهَادِهِ / مَفَاخِرُ يَحْرَى ذِكْرُهَا أَنْ يُرَدَّدَا
فَقَدْ كَانَ فِي إِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ / بِأَوْفَى المَعَانِي قُدْوَةً لِمَنِ اقْتَدَى
وَفِي سِيَرِ الغُرِّ المَيَامِين كَمْ جَلَتْ / لَنَا المثُلُ العُلْيَا مَنَائِرَ لِلهُدَى
بِنَفْسِ عِصَامٍ رَامَ عِزّاً وَسُؤدَداً / فَأَدْرَكَ عِزّاً لاَ يُرَامُ وَسُؤْدَدَا
وَأَثْرَى مِنَ المَالِ المُؤَثَّلِ بِالنُّهَى / وَأَثْرَى مِنَ الْحَمْدِ المُؤَثَّلِ بِالنَّدَى
أَتَى آخِرَ الأَقرَانِ فِي حَلْبَةِ العُلَى / فَجَلَّى وَلَمْ يُلْحَقْ إِلَى آخِرِ المدَى
كَبِيرُ المُنَى هَيْهَاتَ أَنْ يَبْلُغَ المُنَى / إِذَا طَاشَ فِي آرَائِهِ وَتَرَدَّدَا
وَمَنْ لَمْ يُعِنْ بِالجِدِّ عَالِيَ جَدِّهِ / فَيَقْظَتُهُ حُلْمٌ وَعِيشَتُهُ سُدَى
بِهَذَا تَسَامى كُلُّ مَنْ رَاضَ نَفْسَهُ / وَقَوَّمَ مِنْ أَخْلاَقِهِ مَا تَأَوَّدَا
فَتىً عُلِّقَ الآدَابَ فِي مَيْعَةِ الصِّبَا / وَقَدْ قَلَّ مَا تُجْدِي وَقَدْ حَلَّ مَا شَدَا
فَلَمْ يُغْنِهِ عِلْمٌ بِسُوقِ جَهَالَةٍ / وَلَمْ يُرْضِهِ رِزْقٌ يَحِقُّ فَيُجْتَدَى
وَآثَرَ أَنْ يَخْتَطَّ فِي العَيْشِ خُطَّةً / أَسَدَّ وَأَمْلَى أَنْ تُحَقِّقَ مَقْصِدَا
يُجَشَّمُ فَيهَا مَا يُجَشَّم عَالِماً / بِأَنَّ طَرِيقَ الفَوْزِ لَيْسَ ممَهَّدَا
فَمَاذا اقْتضته حَاله مِن تجَددٍ / وَقدْ يَقْتَضِي عَزْمُ الأُمورِ التَّجَدُّادَ
تَوَلَّى الأَبِيُّ الحرُّ خِدْمَةَ غيْرِهِ / وَلمْ يَكُ جَبَّاراً وَلاَ متمَرِّدَا
يحَاوِلُ مَا يَبْغِي وَيَصْفو عَلَى القذى / إِلَى أَمَدٍ وَاليَوْمُ يَجْلُو له الغدَا
وَمَن كَافحَ الدُّنْيَا وَقَدْ صَحَّ عَزْمُهُ / تَعَوَّدَ فِيهَا غَيْرَ مَا قَدْ تَعَوَّدا
أَيَسْتَقْبِلُ الغُصْنُ الرَّبِيعَ وَثَوْبُهُ / قَشِيبُ الحِلَى إِلاَّ إِذَا مَا تَجَرَّدَا
فَمَا زَالَ بِالأَيَّامِ حَتَّى تَكَشَّفَتْ / لَهُ عَنْ ثَنَايَا لِلصُّعُودِ فَأَصْعَدَا
كِلا مَوْقِفَيْهِ مُونِقٌ وَمُشْرِّفٌ / فَلِلَّهِ مَا أَمْسَى وَاللهِ مَا غَدَا
أَصَابَ مِنَ الإِيسَارِ مَا شَاءَ فَانْثَنَى / إِلى مَطْلَبٍ فِي المَجْدِ أَسْنَى وَأَبْعَدَا
يُريدُ حَيَاةً لِلبِلاَدِ جَدِيدَةً / تَرُدُّ عَلَى القوْمِ الثرَاءَ المبَددَا
فمَا كل حَتى وَجَّهَ القَوْمَ وِجْهَةً / مُوَفَّقَةً أَجْدَى عَلَيْهِمْ وَأَرْشَدَا
وَهَلْ كانَ شَعْبٌ سَيِّداً فِي دِيَارِهِ / إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ سَيِّدَا
لِمصْرَ سُيُوفٌ في حَديث جهَادهَا / حَمَتْ حَوْضَهَا منْ أَنْ يَظَلَّ مُهَدَّدَا
وَطَلعَتُ حَرْبٍ المُرَادَاة دُونَهَا / أَبَى أَنْ يُذَادَ الورْدُ عَنْهَا فَأَوْرَدَا
أَجَلْ كَانَ سَيْفاً للحسَاب مُجَرَّداً / وَلَمْ يَكُ سَيْفاً للضِّرَاب مُجَرَّدَا
يُنَافحُ عَنْ أَرْزَاق مصْرَ لأَهْلهَا / وَمَنْ صَانَ حَقّاً مَا تَعَدَّى وَلاَ اعْتَدَى
وَمَا يَمْنَعُ الجَالينَ نَفْعاً مُحَلَّلاً / وَلَكَّنهُ يَأْبَى عَلَى مَنْ تَزيدا
لمصْرَ بَنَى مَا عَزَّ قَبْلاً بنَاؤُهُ / عَلَى مُقْدمٍ جَلدٍ فَأَعْلَى وَمَدَّدَا
بَنَى بَنْكَهَا منْ مَالهَا برجَالهَا / وَهَيَّأَ صَرْحاً بَعْدَ صَرْحٍ فَشَيَّدَا
مَعَالمُ قَامَتْ وَاحداً تِلوَ وَاحدٍ / فَكَانَتْ يَداً مَيْمُونَةً أَعْقَبَتْ يَدَا
بهَا منْ جَنَى مصْرٍ وَمنْ نَسْج كَفِّهَا / كُسَاهَا وَلَمْ يَمْدُدْ غَريبٌ لَها يَدَا
وَسَيَّرَ فِي البَحْر المُحيط سَفينَهَا / فَمَا كَانَ أَحْلى عَوْدَهُنَّ وَأَحْمَدَا
وَأَطْلَقَ فِي الجَوِّ السَّحيق نسُورَهَا / تَجُوبُ فَضَاءَ الله مَثْنَى وَمَوْحَدَا
وَأَنْشَأَ دُوراً للصِّنَاعَات جَمَّةً / بهَا خَيْرُ عَهْدٍ للصِّنَاعَات جُدِّدَا
وَكَمْ في سَبيل العلمِ عَبَّأَ بَعْثَةً / وَكَمْ في سَبيل الفَنِّ أَنْشَأَ مَعْهَدَا
يُيَسِّرُ أَرْزَاقاً وَيَرْعَى مَرَافقاً / زَكَتْ مَصْدَراً للعَاملينَ وَمَوْرِدَا
وَيُولي بُيُوتَ العلمِ منْ نَفَحَاتهِ / ذَرَائعَ إِصْلاَحٍ لمَا الفَقْرُ أَفْسَدَا
وَيَذْكُرُ للآدَاب عَهْداً فَمَا يَني / مُعيناً لمَنْ يُعْنَى بهِنَّ وَمُنْجدَا
مَآثرُ مِا دَامَتْ سَتُثْني بمَا بهَا / عَلَى فَضْلهِ الأَوْفَى وَتُزْري المُفَنِّدَا
فَلَمَّا دَعَاهُ اللهُ بَعْدَ جهَادهِ / إِلَى الرَّاحَةِ الكًبْرَى وَقَدْ بَاتَ مُجْهَدَا
تَوَارَى وَملْءُ النَّاظرَيْنَ شُعَاعُهُ / فَرَاعَ مَغيباً مثْلَ مَا رَاعَ مَشْهدَا
ذَخْيرَةُ قَوْمٍ فُوجئُوا بضِيَاعهَا / فَمَا دَفَعَ الحرْصُ القَضَاءَ وَمَا فَدَى
فَأَيُّ أَديبٍ اَلْمَعيٍّ طَوَى الثَّرَى / وَأَيُّ اجْتمَاعيٍّ حَكيمٍ تَغَمَّدَ
وَأَيُّ اقْتصَاديٍّ رَمَاهُ وَلَمْ يَبِنْ / لَهُ مَقْتَلٌ رَامٍ خَفيٌّ فَأَقْصَدَا
فَقيدٌ عَلَى قَدْرِ المَعَالي تَعَدَّدَتْ / مَآتمُهُوَالرزْءُ فيهِ تَعَدَّدَا
فَفي مِصْرَ بَلْ فِي الشَّرْقِ أَحْزَانُ أُسْرَةٍ / عَلَى خَيْرِ أنْ لَمَّ الشَّتَاتَ وَوَحَّدَا
تَوَلَّى وَمَا خلْنَاهُ يُحْصَى زَمَانُهُ / عَلَيْه وَمَا خلْنَا امْرَءاً منْهُ أَسْعَدَا
لَهُ منْ خُلُودِ الذِّكْرِ عُمْرٌ وَلَيْتَ مَنْ / يُرَجَّى جَنَاهُ كَانَ بالعُمْرِ أُخْلدَ
فَيَا آلَهُ هَلْ يُوحَشُ الدَّارِ أُنْسُهُ / وَقَدْ تَرَكَ الذِّكْرَ الجَميلَ المُؤَبَّدَا
ليَمْنَحْكُمُ اللهُ العَزَاءَ وَخَيْرُهُ / تَعَهُّدكُمْ منْ مَجْدِهِ مَا تَعَهَّدَا
وَيَا مَنْ تَوَلَّى بَعْدَهُ رَعْيَ مَا بَنَى / لَقَدْ كُنْتَ خَيْراً حَافِظاً وَموَطِّدَا
مَكَانُكَ فيمَنْ أَنْجَبَ العَصرُ بَاذخ / وَمَا زلْتَ في أَعْلاَمه الشُّمِّ مفْرَدَا
إِذَا مُنَيتْ عَلياءُ مصْرَ بفَرْقَد / تَغَيَّبَ عَنْهَا أَطْلَعَ اللهُ فَرْقَدَا
لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ
لَقَدْ آنَ أَنْ يَسْتَمْرِىءَ النَّوْمَ سَاهِدُ / وَأَنْ يَسْتَقِرَّ الأَلْمَعِي المُجَاهِدُ
كَأَنِّي بِهِ لِمْ يَقْضِ فِي العُمْرِ سَاعَةً / بِلاَ نَصَبٍ يُضْنِي وَهَمٍّ يُعَاوِد
حَيَاةُ عَنَاءٍ كُلَّمَا رَقِيَتْ بِهَا / إِلَى الخَيْرِ نَفْسٌ صَارَعَتْهَا المَنَاكِدُ
بِرَغْمِ المُنَى أَنْ غُيِّبَ القَبْرَ فَرْقَدٌ / أَضَاءَتْ بِمَا أَضْفَى عَلَيْهَا الفَرَاقِدُ
وَحُجِّبَ مَيْمُونُ النَّقِيبَةِ عَنْ حِمىً / بَكَتْهُ أَدَانِيهِ أَسىً وَالأَبَاعِدُ
شَبِيهٌ بِقتْلٍ مَوْتُهُ حَتْفَ أَنْفِهِ / وَمَا ذَنْبُهُ إِلاَّ العُلَى وَالمَحَامِدُ
وَكُنَّا نُرَجِّي أَنْ يَطُولَ بَقَاؤُهُ / فَعَاجَلَهُ سَهْمٌ مِنَ الغَيْبِ صَارِدُ
رَمَى مِنْ وَرَاءِ الظَّنِّ رَامِيهِ عَامِداً / وَمَنْ يَرْمِ خَتْلاً فَهْوَ جَان وَعَامِدُ
إِلَى مَنْ نُقَاضِيهِ فَتَنْتَصِفُ النُّهَى / وَيَسْلَمُ مِنْهُ الأَكْرَمُونَ الأَمَاجِدُ
أَيَصْدُقُ كُلَّ الصِّدْقِ مَا هُوَ مُوعِدٌ / وَيَكْذِبُ كُلَّ الكِذْبِ مَا هُوَ وَاعِدُ
إِذَا قَامَ فِي ظُلمٍ عَلَى الدَّهْرِ شَاهِدٌ / فَمَا مِثْلُ دَاوُدٍ شَهِيدٌ وَشَاهِدُ
بِقَلْبِي جِرَاحٌ كِيْفَ أَرْجُو انْدِمَالَهَا / وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رِفَاقِيَ فَائِدُ
يَعِزُ أَسَاهَا مَا حَييتُ وَهَذِهِ / مَآتِمُهُمْ لاَ تَنْقَضِي وَالمَشَاهِدُ
وَيَأْبَى لِيَ السُّلْوَانَ مَا طُفتُ بِالحِمَى / مَوَائِلُ مِنْ آثَارِهِمْ وَمَعاهِدُ
ليَعْذِرْنِيَ الإِخَوْانُ إِنْ جَفَّ مِرْقَمِي / فَقَدْ عَلِمَ الإِخْوَانُ مَنْ أَنَا فَاقِدُ
وَجِسْمِي عَلِيلٌ حَارَ فِيهَ طَبِيبُهُ / وَهَمِّي ثَقِيلٌ قَلَّ فِيهِ المُسَاعِد
وَيُجْهِدُ ذِهْنِي شَاغِلٌ بَعْدَ شَاغِلٍ / فَمِنْ أَيِّ رُوحٍ تُسْمَتَدُّ القَصَائِدُ
حَنَانَيْكَ يَا شَيْخَ الصِّحَافَةِ مَنْ لَهَا / إِذَا مَا اسْتُثِيرَ القَلْبُ وَالقَلْبُ هَامِدُ
شَدِيدٌ عَلَيْهَا أَنْ يَزُولَ بُنَاتُهَا / وَلَمْ تَتَمَكَّنْ أُسُّهَا وَالقَوَاعِدُ
فَمَنْ يَتَصَدَّى لِلشَّدَائِدِ مُرْهِفاً / عَزَائِمَ لاَ تَقْوَى عَلَيْهَا الشَّدَائِدُ
وَمَنْ يَنْبَرِي لاَ هَائِباً غَيْرَ رَبِّهِ / يُحَامِي بِهَا عَنْ قَوْمِهِ وَيُجَالِدُ
وَمِمَّا يَضِيمُ الحُرَّ شِقْوَةُ مَوْطِنٍ / بَنُوهُ نِيَامٌ عَنْهُ وَالحُر ذَائِد
فَهُمْ فِي عَدِيدٍ لِلكِفَاحِ وَعُدَّةٍ / بِعَيْنِ الأَعَادِي وَالمُكَافِحُ وَاحِد
مَلأْتَ الدُّجِى بِالنَّيِّرَاتِ تَخُطُّهَا / حُرُوفاً فَتَهْدِي النَّاسَ وَهْيَ شَوَارِدُ
لَيَالِيكَ كَانَتْ فِي اللَّيَالِي فَرَائِداً / وَهَلْ عَجَبٌ أَنْ تُسْتَرَدَّ الفَرَائِدُ
كَأَنَّكَ تَأْبَى عَوْدَهُنَّ لِلاَقِلىً / وَفِي وُدِّنَا لَوْ أَنَّهُنَّ عَوَائِدُ
ظَلِلتَ تقَاسِيهِن وَالرأْسُ مُطْرِقٌ / وَيُثْقِلُ رَضْوَى بَعْضُ مَا أَنْتَ وَاجِدُ
تُرِيدُ مِنَ الأَحْدَاثِ مَا لاَ يُرِدْنَهُ / فَتَنْحَتُ مِنْ قَلبٍ وَهُنَّ جَلاَمِدُ
دَؤُوباً تُعَنِّي النَّفْسَ حَتَّى تُذِيبَهَا / لِيَصْحُوَ مُعْتَزٌّ وَيَنْهَضَ قَاعِد
وَهَمُّكَ هَمُّ الشَّرْقِ حَتَّى إِذَا بَدَتْ / طَلِيعَةُ فَوْزٍ بَدَّدَتْهَا المَكَايِدُ
فَمِنْ أَيِّ خَصْمَيْهِ تَصُونُ حُقُوقَهُ / وَأَعْدَى لَهُ مِنْ غَاصِبِيْهِ المَفَاسِدُ
إِذَا دَبَّ خُلفٌ مُوهِنٌ فِي جَمَاعَةٍ / أَيُبْلِغُهَا أَدْنَى الأَمَانِيِّ قَائِدُ
سَلُوا أُمَماً بَادَتْ وَمَا تَجْهَلُونَهَا / تُبَصِّرُكُمْ أَعْيَانُهُنَّ البَوَائِد
لِدَاوُدَ كَانَتْ فِي كِفَاحَيْهِ خُطَّةٌ / يُلاَيِنُ فِيهَا تَارَةً وَيُعَانِد
مُحِيطاً بِأَطْوَارِ السِّياسِةِ سَاعِياً / بِرِفْقٍ إِلى إِدْرَاكِ مَا هُوَ نَاشِد
عَلِيماً بِمَا يَخْشَاهُ وَهْوَ مَقَارِبٌ / عَلِيماً بِمَا يَرْجُوهُ وَهْوَ مَّبَاعِد
وَأَليَنُ مَا تُلْفِيهِ وَهْوَ مُخَالِفٌ / وَأَثْبَتُ مَا تُلفِيهِ وَهْوَ مُعَاهِد
وَمَا فِكْرُهُ فِي نَهْضَةِ العَصْرِ جَامِدٌ / وَمَا حِسُّهُ فِي مَوْطِنِ البِرِّ جَامِدُ
سَمَاحَةُ نَفْسٍ تَلتَقِي فِي مَجَالِهَا / عَلَى الرُّحْبِ آرَاءُ الوَرَى وَالعقَائِدُ
لَهَا شِرْعَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ نَقِيَّةٌ / مَصَادِرُهَا مَحْمُودَةٌ وَالمَوَارِدُ
غَذَاهَا البَيَانُ العَذْبُ تَهْمِي سَحَابُهُ / وَتُرْوِي البُّهَى أَنْهَارُهُ وَالسَّوَاعِدُ
فُصُولٌ عَلَى تَنوِيعِهَا اجْتَمَعَتْ بِهَا / إِلَى طُرَفٍ مِنْ كُلِّ ضَرْب فَوَائِدُ
مِنَ الذِّكْرِ وَالتَّارِيخِ فِيهَا ضَوَابِطٌ / وَفِيهَا مِنَ الخُبْرِ الحَدِيثِ أَوَابِدُ
فَلاَ زَعْمَ إِلاَّ أَيَّدَتْهُ أَدِلَّةٌ / وَلاَ حُكْمَ إِلاَّ وَطَّدَتْهُ شَوَاهِدُ
قَلِيلٌ لِدَاوُدَ الَّذِي قَلَّدَ النهَى / حِلىً لاَ تُبَاهَى أَنْ تُصَاغَ القَلاَئِد
تَعَدَّدَ مَا تَهْوَى العُلَى فِي خِصَالِهِ / فَمِنْ حَيْثُ تَبْغِي وَصْفَهُ فَهْوَ فَارِدُ
يَفِي لِمُوَالِيهِ وَلَمْ يَتَعَاقدَا / كَمَا يُنْفِذُ الصَّكُّ الأَمِينُ المُعَاقِد
وَيَغْفِرُ لِلخِدْنِ المُجَافِي جَفَاءَهُ / وَلَوْ أَنَّ ذَاكَ الخِدْنُ لِلفَضْلِ جَاحِد
فَإِنْ يَرَ شَيْئاً فَهْوَ لِلعُذْرِ قَابِلٌ / وَإِنْ يَرَ زَيْناً فَهْوَ جَذْلاَنُ حَامِدُ
وَلاَ يَتَعَدَّى الحَدَّ فِي نَقْدِ زَائِفٍ / إِذَا مَا تَعَدَّى ذلِكَ الحَدَّ نَاقِد
وَيَرْعِى ذَوِي رِعَايَةَ وَالِدٍ / فَأَبْنَاؤُهُ كُثْرٌ وَمَا هُوَ وَالِدُ
وَيُدْرِكُ أَقْصَى الآمِلِينَبِجُودِهِ / كَأَنَّ لَهَّ وُجْداً وَما هُوَ وَاجِدُ
تَحَدَّثْ إِلى شَتَّى الجَمَاعَاتِ تُلْفِهَا / ثَكَالى وَقَدْ بَانَ العَمِيدُ المُنَاجِد
رَئِيسٌ وَيَأْبَى طَبْعُهُ أَنْ يَكُونَهُ / فَتُلْقَى عَلَى كُرِهٍ إِلَيْهِ المَقَالِد
فَذَلِكَ دَاودُ الحَليمُ وَرُبَّمَا / تَنَكَّرَ مَعْرُوفٌ وَنَكَّبَ قَاصِد
إِذَا سَامَهُ خَسْفاً عَتِيٌّ وَمَارِد / ثَنَاهُ إِلَى المُثْلَى عَتِيٌّ وَمَارِدُ
يُلأْلِيءُ تَحْتَ الحَاجِبِ الجَثْلِ لَحْظُه / كَمَا شَبَّ تَحْتَ الغَيْهَبِ النَّارَ وَاقِدُ
وَتَبْدُرُ مِنْهُ غَضْبَةٌ جَبَلِيَّة / لَهَا جُؤْجُؤٌ يَوْمَ الحِفَاظِ وَسَاعِدُ
بَنِي بَرَكَاتٍ إِنْ جَزِعْتُمْ فَرُزْؤُكُمْ / تُعَافُ لَهُ الدنْيَا وَتُجْفَى الوَسَائدُ
وَلَكِنْ أَسَا آسِي القُلُوبِ جِرَاحَكُمْ / بِمَا لاَ يُوَارِيهِ طَرِيفٌ وَتَالِدُ
شَجَا مَا شَجَاكُمْ أُمَّةَ الضَّادِ كُلَّهَا / فَقَيْسُونُ مُهْتَزٌّ وَلُبْنَانُ مَائِد
وَمَرَّ الفُرَاتُ العَذْبُ وَارْتَاعَ دِجْلَةٌ / وَشَجَّتْ كَأَجْفَانِ الكَظِيم الرَّوَافِدُ
وَفِي مِصْرَ شَعْبٌ مَائِجٌ فِي رِحَابِكُمْ / تَقَاطَرَ يَتْلُو وَافِداً مِنْهُ وَافِدُ
دعَاه الوَفاءُ المَحْضُ وَالكَرَمُ الَّذِي / تَعَوَّدَهُ فِيهِ مَسُودٌ وَسَائِدُ
مَوَاكِبُ سَارَتْ بِالجِنَازَةِ لَمْ تُسَقْ / إِلَيْهَا وَلَمْ يُغْلِظْ عَلَيْهَا مُنَاشِد
تَقَاصَرَ عَنْهَا طَرْفُ كُلِّ مُشَاهِدٍ / وَطَالَتْ فَلَمْ يُدْرِكُ مَدَاهَا مُشَاهِدُ
كَفَى سَلوَةً أَنْ شَاطَرَ الشَّرْقُ حُزْنَكُمْ / عَلَى أَنْ مَنْ تَبْكونَ حَي وَخَالِد
أَلِلشَّرْقِ سَلْوَى بِالبَيَانِ المُخَلَّدِ
أَلِلشَّرْقِ سَلْوَى بِالبَيَانِ المُخَلَّدِ / إِذَا مَا غَدَا رَبُّ البَيَانِ بِلاَ غَدِ
تَوَلَّى وَلِيُّ الدِّينِ أَوْحَدُ عَصْرهِ / وَقَلَّ ثَنَاءً أَنْ يُسَمَّى بِأَوْحَدِ
صَدِيقٌ فَقَدْتُ الأُنْسَ حِينَ فَقَدْتُهُ / وَهَلْ مُوحَشٌ كَاليَائِسِ المُتَفَقِّدِ
تَبُلُّ ثَرَاهُ نَاضِبَاتُ مَدَامِعِي / وَقَلْبِيَ بَعْدَ اليَوْمِ فِي إِثْرِهِ صَدِي
وَأَشْعُرُ أَنْ الشِّعْرَ لَيْسَ بِمَانِحِي / لَدَى خَطْبِهِ إِلاَّ نَحِيبَ المُعَدِّدِ
خَلِيلَيَّ مَا بَالِي وَحَوْلِي خَلاَئِقٌ / تَعِجُّ أَرَانِي فِي سَكِينَةِ فَدْفَدِ
فَلاَ تُغْرِيَانِي بِالسُّلُوِّ فَقَدْ أَبَى / إِبَائِي سُلُوّاً حِينَ يُسْقَطُ فِي يَدِي
أُطَالِبُ بِالحُرِّ المُهَذَّبِ دَهْرَهُ / وَلَيْسَ مُجِيبِي غَيْرَ أَظْلَمِ مُعْتَدِ
قَضَى الخِدْنُ نِعْمَ الخِدْنُ فِي كُلِّ حَالَةٍ / قَضَى طَاهِرُ الأَرْدَانِ عَفُّ المُوَسَّدِ
قَضَى مَنْ عَلَى حَرْبِ الزَّمَانِ وَسَلْمِهِ / شَمَائِلُهُ كَانَتْ شَمَائِلَ سُؤْدُدِ
قَضَى مَنْ سَمَا نَفْساً وَعَزَّ نَبَالَةً / وَلَمْ يُكُ بِالعَاتِي وَلاَ المُتَمَرِّدِ
فَتىً لَمْ يَكُنْ فِي قَوْلِهِ وَفِعَالِهِ / وَبَادِيهِ وَالخَافِي سِوَى كُلِّ جَيِّدِ
متَى يَنْتَدِبْ لِلذَّوْدِ عَمَّا بَدَا لَهُ / مِنَ الحَقِّ يَسْتَوْثِقْ فَيَنْوِ فَيَعْمِدِ
بِعَزْمٍ لَهُ حِينَ المضَاءِ إِضَاءَةٌ / تَرُوعُ كَإِشْعَاعِ الحُسَامِ المُجَرَّدِ
فَأَمَّا وَقَدْ بَانَ المَهِيبُ سِجَالُهُ / وَبَاتَ سِيَاجُ الفَضْلِ جِدَّ مُهَدَّدِ
لِيَفْخَرْ بِغَالِي دُرِّهِ كُلُّ كَاتِبٍ / وَيَجْأَرْ بِعَالِي صَوْتِهِ كُلُّ مُنْشِدِ
أَجِدَّكَ هَلْ تَسْخُو اللَّيَالِي بِشَاعِرٍ / مُجِيدٍ كَذَاكَ الشَّاعِرِ المُتَفَرِّدِ
وَهَلْ تَسْمَحُ الأَيَّامُ بَعْدُ بِنَاثِرٍ / لَهُ مِثْلُ ذَاكَ الخَاطِرِ المُتَوَقِّدِ
بِبَالِغِ غَايَاتٍ إِلَيْهَا انْتَهَى النهَى / وَصَائِغِ آيَاتٍ لَهَا سَجَدَ النَّدي
لِمُعْجِزِهِ نَظْماً وَنَثْراً شَوَارِدٌ / مِنَ الفِكْرِ لَمْ تُغْلَلْ وَلَمْ تَتَقَيَّدِ
يُرَادُ بِهَا وَعْرُ المَعَانِي وَصَعْبُهَا / بِسَهْلٍ مِنَ اللَّفْظِ الأَنِيقِ المُجَوَّدِ
فَيَبْعُدُ بِالتَّبْغِيضِ كُلُّ مُقَرَّبٍ / وَيَقْرُبُ بِالتَّحْبِيبِ كُلُّ مُبَعَّدِ
إِذَا وَصَفَتْ وَجْداً تَخَيَّلْتَهَا جَرَتْ / بِمَا اكْتَنَّ فِي جَفْنِ المُحِبِّ المُسْهَّدِ
تَسَمَّعُ مِنْهَا النفْسُ حِسّاً يَشُوقهَا / شَجِيّاً كَتَرْجِيعِ الهَزَارِ المُغَرِّدِ
نَفَائِسُهَا مِنْ دِقَّةٍ وَصِيَاغَةٍ / سَمَتْ عَنْ مُحَاكَاةِ الجُمَانِ المنضدِ
سَلاَمٌ أَدِيبَ الشَّرْقِ لاَ مِصْرَ وَحْدَهَا / سَلاَمٌ أَبَا الفَنِّ البَدِيعِ المُجَدَّدِ
يُذِيبُ فُؤَادِي ذِكْرُ مَا قَدْ بَلَوْتَهُ / مِنَ البُؤْسِ فِي الدُّنْيَا بِذَاكَ التَّجَلدِ
أَلاَ يَا لَقَوْمِي لِلْبَيَانِ فَإِنَّهُ / مُضَاعٌ بِإِهْمَالٍ وَفِقْدَانِ مُسْعِدِ
بِرَبِّكُمُو مَا رَوْضُكُمْ وَثِمَارُهُ / إِذَا الرَّوْضُ لِمْ يُمْطِرْ وَلَمْ يُتَعَهَّدِ
لَوَ أنَّ أُولِي الأَقْلامِ سُودُ صَحَائِفٍ / مِنَ الإِثْمِ لَمْ يُجْزَوْا بِأَنْكَى وَأَنْكَدِ
يُضَنُّ عَلَيْهِمْ بِاليَسِيرِ يَعُولُهُمْ / وَيُدْعَوْنَ لِلزِّينَاتِ فِي كُلِّ مَشْهَدِ
ومِنْ مَجْدِهِمْ مَا يَسْتَظِل بِظِلهِ / بَنو الوَطَنِ الحُرِّ العَزِيزِ المُمَجَّدِ
فَيَا سُوءَ مَا يُجْدِيهِمِ فِي مَعَاشِهِمْ / تَجَرُّدُهُمْ لِلعِلْمِ كُلَّ التَّجَرُّدِ
أَلاَ يَا صَفِيّاً مَاتَ فِي شَرْخِ عُمْرِهِ / وَعَاشَ نَقِيَّ الطَّبْعِ غَيْرَ مُفَنَّدِ
إِلَى اللهِ فَارْجِعْ صَابِراً مُتَشَهِّداً / فَنِعْمَ وَلِيُّ الصَّابِرِ المُتَشَهِّدِ
جَرَعْتَ الأَذَى فِي مُتْرَعَاتٍ مِنَ القَذَى / فَذُقْ فِي نَعِيمِ الخُلْدِ أَعْذَبَ مَوْرِد
قَضَى عُمْرَهُ حَنَّا كَمَا كَانَ آلُهُ
قَضَى عُمْرَهُ حَنَّا كَمَا كَانَ آلُهُ / وَهُمْ خَيْرُ آلٍ بَانِياً وَمُشَيِّدَا
يُؤَثِّلُ مَجْداً طَارِفاً بَعْدَ تَالِدٍ / وَيَرْعَى شُؤُونَ البِرِّ رَعْياً مُسَدَّدا
رَفِيقاً بِاهْلِيهِ نَصِيراً لِصَحْبِهِ / نَدِيَّ يَدٍ بَذْلاً لِسَائِلِهِ يَدَا
وَيَلْزَمُ تَقْوَى رَبِّهِ كُلَّ سَاعَةٍ / وَيَذْكُرُهُ بِالْحَمْدِ ذِكْراً مُرَدَّدا
فَيَا زَائِراً هَذَا الضَّرِيحَ وَنَاظِراً / إِلى أَثَرٍ لِلْحَزْمِ وَالعَزْمِ خُلِّدَ
هُنَا فِي جِوَارِ اللهِ حَيِّ مُؤَرَّخاً / كَبِيرَ بَنِي الصَّبَّاغِ بَاتَ مُوَسَّدَا
أَضَاءَ رَجَاءٌ فِي دُجَى الرَّأْيِ كَاذِبٌ
أَضَاءَ رَجَاءٌ فِي دُجَى الرَّأْيِ كَاذِبٌ / فَأَوْحَى إِلى قَلْبِي السُّرُورَ فَأَنْشَدَا
كَمَا غُشَّ بِالْمِصْبَاحِ قُمْرِيُّ حُجْرَةٍ / تَوَهَّمَهُ ضَوْءَ الصَّبَاحِ فَغَرَّدَا
لَوَ أنَّ الْهَوَى أَعْطَى فُؤَادِي حَقَّه
لَوَ أنَّ الْهَوَى أَعْطَى فُؤَادِي حَقَّه / لَمَا كَانَ لِي دُونَ العِبَادِ فُؤَادُ
وَلَكِنْ وِدَادٌ لِلْحَبِيبِ مَحَضْتُهُ / هُوَ الحُبُّ لَكِنِّي أَقُولُ وِدَادُ
لِي الْعُذْرُ إِنْ أَسُكُنْ عَلَى أَنَّ مُهْجَتِي / بِهَا أَلَمٌ وَالحَادِثَاتُ عَدَادُ
يُكَادُ يَبِينُ الْحُزْنُ ظِلِّي إِذَا سَرَى / وَفِي الْوَجْهِ بِشْرٌ إِذْ تَلُوحُ سَعَادُ
فِدَاءٌ لِمَنْ أَهْوَاهُ روحِي فَهَلْ تَرَى
فِدَاءٌ لِمَنْ أَهْوَاهُ روحِي فَهَلْ تَرَى / يقَاسِمُنِي ذَاكَ الْهَوَى وَيغَادِي
وَلَوْ أَنَّ أَيَّامِي أَتَاحَتْ لِيَ الْمُنَى / لَظَلَّ مقِيماً فِي صَمِيمِ فُؤَادِي
خَلِيلَيَّ وَمِلْءُ الْعَيْنِ مِنِّي حُسْنُهُ / وفِي كُلُّ آنٍ مِنْهُ خَوْفُ بُعَادِ
تُنَاهِبُه مِنِّي لِحَاظُ صَوَاحِبِي / وَتِلْكَ إِلى قَلْبِي سِهَامُ أَعَادِ
أَغَارُ عَلَيْهِ مِنْ نَضِيرِ شَبَابِهِ / وَأَبْغَيهِ كَهْلاً لَوْ يَتِمُّ مُرَادِي
رَأَيْتُ مِلاَحاً بِلاَدٍ كَثِيرَةٍ
رَأَيْتُ مِلاَحاً بِلاَدٍ كَثِيرَةٍ / يُشَارِكْنَ فِي حُسْنٍ وَحُسْنُكِ وَاحِدُ
وَزَادَكِ رَبُّ الْعَرْشِ مِنْ زِينَةِ النُّهَى / رَوَائِعَ يُسْبِي نَثْرُهَا وَالقَصَائِدُ
وفاء كهذا العهد فليكن العهد
وفاء كهذا العهد فليكن العهد / وعدلاً كهذا العقد فليكن العقد
قرانكما ما ساءه لكما الهوى / وبيتكما ما شاده لكما السعد
هناءً وطيباً فالمنى مارضيتما / ودهركما صفوٌ وعيشكما رغد
وما جمع اللَه النظيرين مرةً / كجمعكما والند أولى به الند
تضاهيتما قدراً وحسناً وشيمةً / كما يتضاهى في تقابله الورد
أعز أعزاء الحمى أبواكما / وأسطع جدٍّ في العلى لكما جد
كفى بحبيبٍ في أساطين عصره / هماماً على الأقران قدمه الجد
إذا ما بدا دلت جلالة شخصه / على أنه في قوم العلم الفرد
قضى في جهاد الدهر أطول حقبةٍ / فما خانه فيها الذكاء ولا الجهد
وما زاده زيغ السنين بلحظة / سوى نظر في حالك الأمر يستد
له البيت غايات المعالي حدوده / ولكن بلطف اللَه ليس له حد
مشيد على التقوى منيع على العدى / قريب إلى العافين عذب به الورد
متين على الأركان وهي ثلاثة / بأمثالها تحيي أبوتها الولد
ذكرت شباباً لو سردت صفاتهم / وآياتهم في الفضل لم يحصها السرد
أولئك هم يوم الفخار شهودنا / على أننا أكفاء ما يبتغي المجد
وأنا إذا استكفت بلاد حماتها / ففينا الحكيم الضرب والأسد الورد
ومن لك في الفتيان بالفاضل الذي / له نبل ميخائيل والحلم والرفد
كبير المنى جم الفضائل جامع / إلى الأدب السلسال طبعاً هو الشهد
يصغر للعافي من الناس نفسه / ويكبرها عن أن يلم بها الحقد
ومن كحبيب عادل الخلق صادقٌ / له فعل ما يرجى وليس له وعد
أخو ترفٍ قد تعرف الخيل بأسه / ويحفظ من آثاره الطود والوهد
ومن مثل جرح طاهر النفس والهوى / ومن مثله حر ومن مثله نجد
وثوب إلى كشف الظلامات ساكن / إلى بأسه في حين لا تأمن الأسد
تخير في الأنساب أصدقها على / وأبعدها مرمىً فتم له القصد
وأي نسيبٍ بالغٌ بمقامه / مقام نجيب في الكرام إذا عدوا
إذا فاق سادات الحمى آل سرسق / فإن نجيباً فيهم السيد الجعد
سري يرى الإقدام في كل خطةٍ / وخطته في كل حالٍ هي القصد
تراه بلا ظلٍّ نحولاً وجاهه / عريض له ظل على الشرق ممتد
محبوه في نعمى وقرة أعيونٍ / وحساده مما بأنفسهم رمد
وما الناس إلا عاثر جنب ناهضٍ / وما الأرض إلا الغور جاوره النجد
ألا أيها الشهم النبيل الذي له / على صغر في سنه المنصب النهد
لو أنك لم تمنع لوافي مهنئاً / بعرسك وفدٌ حافلٌ تلوه وفد
فإن مكاناً في القلوب حللته / ليزهى على ملكٍ تؤيده جند
فذاك أناسٌ قل في الخير شأنه / فلا قربهم قرب ولا بعدهم بعد
يرومون أن يثنى عليهم بوفرهم / وأفضله عنهم إلا البر لا يعدو
إذا رخص الغالي من السلعة اشتروا / ولا يشترون الحر إن رخص العبد
أعذت برب العرش من عين حاسدٍ / طلاقة ذاك النور في الوجه إذ تبدو
ورة ذاك اللفظ في كل موقفٍ / يصان به عرض ويقني به ود
وبسطه كف منك في موضع الندى / يعاد بها غمضٌ وينفى بها سهد
شكا الدهر ما تأسو جراح كرامه / وأنكر منك الرفق جانبه الصلد
ولكن هذا البر طبع مغلب / عليك وهل يهدي سوى طيبه الند
فمهما تصب خيراً فقد جدرت به / فضائل لم يضمم على مثلها برد
حظيت بملء العين حسناً وروعةً / عروس كبعض الحور جاد بها الخلد
يود بهاء الصبح لو أنه لها / محياً وغر الزهر لو أنها عقد
فإن خطرت في الرائعات من الحلى / تمنت حلاها الروض والأغصن الملد
كفاها تجاريب الحداثة رشدها / وقد جاز ريعان الصبي قبلها الرشد
ولو لم يكن قهراً لها غير عقلها / لكان الغنى لا المال يقنى ولا النقد
غنىً لا يحل الزهد فيه لفاضلٍ / حصيفٍ إذا في غيره حسن الزهد
ليهنئكم هذا القران فإنه / سرورٌ بما نلقى وبشرى بما بعد
ففي يومه رقت وراقت سماؤه / لمن يجتلي وانزاحت السحب الربد
وفي غده سلم تقربه النهى / وحلمٌ تصافى عنده الأنفس اللد
هناك تجد الأرض حلى رياضها / ويثني إلى أوقاته البرق والرعد
فلا حشد إلا ما تلاقى أحبةٌ / ولا شجو إلا ما شجا طائر يشدو
طلعت طلوع الشمس بالنور والندى
طلعت طلوع الشمس بالنور والندى / فلا زلت شمس البر يا ربة الندى
وقد تحرم الشمس العفاة شعاعها / ولم تحرميهم منك في حالة يدا
لمقدمك الميمون مصر تهللت / وجناتها افترت وبلبلها شدا
أرى بسمات للقاء تألقت / على كل وجهٍ كان بالبعد مكمدا
واسمع في الآفاق من كل جانبٍ / وأناشيد بشرى في النفوس لها صدى
جماهير في طول البلاد وعرضها / من الحافظين العهد غيباً ومشهدا
يهنئ كل منهم النفس أن يرى / إلى الوطن المشتاق عودك أحمدا
تنادت بنات الشعر يضفرن للتي / تخلدها الألاء تاجاً مخلدا
وذاك إذا باهي بتاجيه قيصر / أعز وأزهى ما تمادى به المدى
أيعدل باقٍ صيغ من جوهر النهى / ببعض الثرى الفاني وإن كان عسجدا
حقيقٌ بوادي النيل إبداء سعده / على أن ما في النفس أضعاف ما بدا
وأن التي يعلى بحق مقامها / لأهل بإجماع الموالين والعدى
أما هي أرقى نسوة الشرق شيمةً / ونبلاً وأسماهن جاهاً ومحتدا
إلى أوجها الأعلى رفعت تحيتي / وفي كل قلبٍ رجعها قد ترددا
وأحسبني عن مصر نبت وأهلها / وعن مجد مصر دارساً ومجددا
وعن كل محزون وعن كل بائس / بها عاد عن باب الأمير بالجدا
وعن كل ملهوفٍ أغاثت وحرة / من العاثرات الجد مدت لها يدا
وعن كل خريجٍ بعلم وصنعةٍ / أقامت له في ساحن الفضل معهدا
وعما أعدت ليتيم فثقفت / فرب يتيمٍ عاد للخلق سيدا
فيا آية الشرق التي ضنت العلى / بأشرف منها في العصور وأمجدا
دعوك بأم المحسنين وإنها / لدعوة صدق في فم المجد سرمدا
فأتت لهم أمٌّ وأنت أميرٌ / أجل لك الدنيا وأجوادها فدى