المجموع : 7
فؤادٌ على كَرِّ الحوادثِ مارِدُ
فؤادٌ على كَرِّ الحوادثِ مارِدُ / وعَزمٌ على جَوْرِ النوائبِ قاصدُ
وقلبٌ يَعافُ الضيمَ مرتعُ همِّهِ / ولو رتعَتْ فيهِ الرِقاقُ البواردُ
تَنُوءُ به الآمالُ والجَدُّ قاعِدٌ / وتُسْهِرُه العلياءُ والحَظُّ راقدُ
يحوزُ المُنَى من دونهِ كلُّ وادعٍ / ويُحرَمُ ما دونَ الرِضا وهو جاهدُ
بهِ من قِراع الخَطْبِ دَاءٌ مماطلٌ / وليس له إلا الليالي عوائِدُ
ونفسٌ بأعقابِ الأمور بصيرةٌ / لها من طِلاع الغيب حادٍ وقائدُ
عليها طِلابُ العِزِّ من قُذُفَاتِه / وليس عليها أنْ تُنَالَ المقاصِدُ
ويُطمِعُها في نيلِها العزَّ أنَّها / حليفُ طِرادٍ والمعالي طرائِدُ
إِذا ميَّزتْ بين الأمور وأبصرتْ / مصايرَها هانتْ عليها الشَّدائِدُ
فتؤثِرُ بَرْحَ الظِمْءِ والرِيُّ فاضح / وتألفُ بؤسَ الجَدْبِ والذُّلُ رائِدُ
وتأنف أن يَشفي الزلالُ غليلَها / إِذا هيَ لم تشتقْ إليها المواردُ
أُولِّي بني الأيام نظرةَ راحمٍ / وإنْ ظنَّتِ الجُهَّالُ أنِّيَ حاسدُ
لهمْ في تضاعيف الرجاءِ مخاوفٌ / ولي في تصاريف الزمان مواعدُ
لك اللّه من هَمٍّ به تَسعَدُ العُلَى / وتشقى المهارى والدُّجَى والفدافِدُ
يزعزع كيرانَ المَطِيِّ بساهمٍ / علاه شحوبُ المجدِ والمجدُ جاهدُ
أغرُّ إِذا استغنى به العزمُ لم يكنْ / له عن حياضِ المجدِ والموتِ ذائدُ
له أربٌ بين الأسِنَّةِ والظُّبَا / إِذا لم يساعدْهُ الحُبَى والوسائِدُ
فقد لفحتْهُ الهُوجُ وهي سَمائِمٌ / كما نفحَتْهُ النُّكْبُ وهي صَوارِدُ
يَشُقُّ جَنانَ الليلِ عن كلِّ مَهْمَهٍ / يذودُ سوامَ النجمِ والنجمُ ساهدُ
فلا ضجعةٌ والصبحُ شَمْطاءُ حاسِرٌ / ولا هَجْعةٌ والليلُ عذراءُ ناهدُ
فأولَى لها من هِمَّةٍ ذُلِّلَتْ لها / صِعابُ العُلَى لولا الزمانُ المعانِدُ
أُريحتْ عليه ثَلَّةُ المجدِ إذْ غَدا / لها من معينِ الملْكِ زندٌ وساعِدُ
ولولا تصاريفُ الحوادثِ أُوطِئَتْ / رِقابُ المعالي حيثُ تُرخَى القلائِدُ
بهِ اعتذر الأيامُ عن هَفَواتِها / وعُدَّ لها بعدَ المساوي المحامدُ
ولو أنصفتْ حامتْ عليه فما لها / إِذا حُمِدَتْ إلا بعَلياهُ حامدُ
أساءَ إليها فاستثارتْ صروفَها / صيالَ نزوعِ القلبِ والقلبُ واجدُ
وعارضها في صَرْفها فتظاهرتْ / عليه الصروفُ البادياتُ العوائدُ
برغم العُلَى أن أُشهِد الأمرَ غُيَّبٌ / وغُيِّبَ عنه حاضرُ اللُّبِّ شاهدُ
وما غابَ حتى طَبَّقَ الأرضَ جُودُهُ / ودانَ لنعماهُ مُقِرٌّ وجاحدُ
تعاوَرهُ غَمْزُ الثِقَافِ فردَّهُ / صَليبٌ على قَرْعِ الحوادثِ ماردُ
وأرهف حدَّيهِ الخطوبُ طوارقاً / كما رقّقتْ متنَ الحُسامِ المبارِدُ
فلا تَشْمتِ الأعداءُ بالطَوْدِ مائِداً / وقد رسختْ أركانُه والقواعِدُ
فما بالحُسامِ المشرفِيّ غَضاضَةٌ / إِذا ردَّهُ يومَ الكريهةِ غامدُ
فمنْ مخبِرٌ والقولُ بالغيبِ ظِنَّةٌ / عن الدَّوحِ والأيامُ عُوْجٌ نواكِدُ
هل اخضرَّ من بعدِ التسلُّبِ عُودُهُ / ومدَّ بضبعيهِ الغصونُ الأمالدُ
فعهدي على أنّ الحوادثَ جَمَّةٌ / به وهو ريَّانُ العساليجِ مائِدُ
وقد يتعَرَّى الغُصْنُ حيناً ويكتسي / نَضارتَهُ ما لم ينلْ منه خاضِدُ
بكُرهِيَ أنْ فارقتُ جَوَّ ظِلالِه / كما فقدَ الكَفَّ المنيعةَ ساعدُ
تهدَّفتُ للأيامِ بعدَ فِراقِه / إِذا مرَّ منها نازلٌ كَرَّ عائدُ
أَمرُّ بذاك الرَّبْعِ ولهَى رياحُهُ / معطلةً أعلامُه والمعاهدُ
عَهِدناهُ دَهراً بِالوُفودِ مُعضَّلاً / يُزاحِمُ فيهِ الأَقرَبينَ الأَباعِدُ
فَلَيسَ يُرى إِلّا شِفاهٌ لَوائِمٌ / تَراهُ خُضوعاً أَو جِباهٌ سَواجِدُ
مَواسِمُ جودٍ ما يَغِبُّ وُفودُها / إِذا خَفَّ مِنها راحِلٌ حَطَّ وافِدُ
إِذا سامَ فيها المُجتَدونَ مَراتِعٌ / وَإِن عاثَ فيها المُعتَدونَ مَآسِدُ
تُهالُ عَلى بُعدِ الأَعِزَّةِ وَالسُرى / مَهولٌ وَإِن غابَ الأُسودُ الحوارِدُ
مَعارِكُ بِأسٍ في مَآلِفِ صَبوَةٍ / تَجَمَّعُ فيهِنَّ المَعاني الشَوارِدُ
تُغَمغِمُ أَبطالٌ وَتَصهَلٌ قُرَّحٌ / وَتَصخَبُ أَوتارٌ وَتُروى قَصائِدُ
أَضاءَ لَها بَرقٌ مِنَ العِزِّ خاطِفٌ / وصالَ بِها رَدعٌ مِنَ المَجدِ راكِدُ
سَقاها رُجوعُ الظاعِنين فَحَسبُها / وَإِن أَخطَأَتها البارِقاتُ الرَواعِدُ
أَقولُ وَأَنضاءُ الأَماني طَلائِعٌ / لَدَيَّ وَأَنيابُ الدَواهي حَدائِدُ
وَقَد أَصحَرَت مِن جانِبَيَّ مَقاتِلٌ / تُخَضخَضُ فيهِنَّ السِهامُ الصَوارِدُ
وَبَينَ جُفوني لِلدُموعِ مَنابِعٌ / وَتَحتَ ضُلوعي لِلهُمومِ مَراقِدُ
وَأَوطَأَني الأَيّامُ أَعقابَ مَعشَرٍ / لَهُم أَوجُهٌ قَد بَرقَعَتها الجَلامِدُ
فَأَخلاقُهُم بِالمُخزِياتِ رَهائِنٌ / وَأَعراضُهُم لِلمُندِياتِ حَصائِدُ
يُقَهقِرُ عَن نَيلِ المَعالي خُطاهُمُ / فَسِيّانَ ساعٍ لِلمَعالي وَقاعِدُ
أَما يَستَفيقُ الدَهرُ عَن نَزَقاتِهِ / فَيُصبِحُ مُستَثنىً لَدَيهِ الأَماجِدُ
أما آن أن تَقْنَى الخطوبُ حياءَها / فَتُدْرَكُ أوتارٌ وتُشْفَى مواجدُ
أما للرِقاقِ المشرفيَّةِ ضاربٌ / أما للعِتَاقِ الهِبْرَذِيَّةِ ناقدُ
أما جرّدُوه مقضباً وهو ناشِئٌ / أما جَرَّبوه مقنباً وهو واحدُ
ومُفتَقَر الدنيا إِلى رأيهِ الذي / يُرَدُّ إليه في الأمورِ المقالدُ
سيذكُرهُ ذِكْرَ الطّرِيدِ محلَّهُ / عُرَى المُلْكِ مُنْحَلَّاً بهن المعاقدُ
وتصبُو إليه المكْرُماتُ عواطِلاً / تُزحْزَحُ عن أجيادِهنَّ القلائدُ
ويُبْلِغُه الإقبالُ ما هو ضَامِنٌ / ويُنْجِزُ فيه الجَدُّ ما هو واعدُ
وتعتذرُ الأيامُ بعدَ اساءةٍ / فَيُصْحَبُ أبَّاءٌ ويُصْلَحُ فاسدُ
فإن الليالي إن أخذنَ خواطِئاً / غوارمُ ما يأخُذْنَهُ فعوامدُ
على ذا مضَى حكمُ الزمإن لأهلهِ / فوادحُ مقرونٌ بهنَّ فوائدُ
وأرفَهُ خَلْقِ اللّهِ راضٍ بعيشةٍ / وأتعبُهم قلباً على الدهر واجدُ
كأنّي به مِلءَ المواكب والحُبَى / تُباهِي به أفراسُه والمساندُ
فما هو إلا البدرُ بعدَ سِرارِهِ / بَدَا وهو مِلْءُ العينِ والقلبُ صاعدُ
أبى اللّهُ أن أسمو بغيرِ فضائلي
أبى اللّهُ أن أسمو بغيرِ فضائلي / إِذا ما سَما بالمالِ كلُّ مُسَوَّدِ
وإن كَرُمَتْ قبلي أوائلُ أُسرتِي / فإني بحمدِ اللّه مبدأُ سُودَدِي
يُذَمُّ لأجلي الدهرُ إن يكْبُ مَرَّةً / بجَدّي وإن ينهضْ بجَدِّيَ يُحْمَدِ
وما مَنْصِبٌ إلا وقدريَ فوقَهُ / ولو حُطَّ رحلي فوق نَسْرٍ وفرقدِ
إِذا شَرُفَتْ نفسُ الفَتى زادَ قَدْرُهُ / على كلِّ أسنَى منه ذِكراً وأمجدِ
كذاكَ حديدُ السيفِ إن يَصْفُ جوهراً / فقيمتُهُ أضعافُه وزنَ عَسْجَدِ
يُكاثِرُنِي من لا يُقاسُ نِجَادُهُ / بشِسْعِي إِذا ما ضَمَّنا صدرُ مشهدِ
وما المالُ إلا عارةٌ مستَردَّةٌ / فهلّا بفضلِي كاثروني ومَحْتِدِي
وإنّ أناساً صِرْتُ جارَ بيوتِهم / عباديدُ شَذْرٍ فُصِّلَتْ بزبرجَدِ
يُسَرُّ بقربِي منهمُ كلُّ أصيدٍ / ويكرَهُ كوني منهمُ كلُّ أنكَدِ
وأصحبُ منهمْ سائِساً غيرَ حازمٍ / وأتبعُ منهم هادياً غيرَ مهتدي
إِذا لم يكنْ لي في الولاية بسطةٌ / يطولُ بها باعي ويسطُو بها يدي
ولا كان لي حُكمٌ مطاعٌ أُجِيزهُ / فأُرغِمُ أعدائي وأكبُتُ حُسَّدِي
ولم يَغْشَ بابي موكبٌ بعدَ موكبٍ / مَخافةَ إيعادٍ وتأميلَ موعِدِ
فأروَحُ لي منها اعتزالٌ يصونُني / صِيانةَ مطرورِ الغِرارين مُغْمَدِ
فأُعْذَرُ إن قصَّرْتُ في حقِّ مُجْتَدٍ / وآمنُ أن يعتادَني كيدُ معتدي
أَأُكفَى ولا أَكْفِي وتلك غَضاضَةٌ / أرى دونَها وقعَ الحسامِ المُهَنَّدِ
ولولا تكاليفُ العُلى ومغارمٌ / ثِقَالٌ ودينٌ آخذٌ بالمقلَّدِ
وإشفاقُ نفسي من خِلافِ أعِزَّتِي / وخوفيَ أعقابَ الأحاديثِ في غَدِ
لأعطيتُ نفسي في التخلي مُرادَها / وذاكَ مُرادي مذ نشأتُ ومقصِدِي
من الحزمِ أن لا يَضْجَرَ المرءُ بالذي / يُعانيهِ من مكروههِ وكأن قَدِ
إِذا جلَدي في الأمرِ خان ولم يقمْ / بنُصْرةِ عزمي نابَ عنه تجلُّدِي
ومن يستعِنْ بالصبرِ نالَ مُرادَهُ / ولو بعد حينٍ إنهُ خيرُ مُسْعِدِ
بُنَيَّ إِذا السلطانُ خَصَّك فاعتمِدْ
بُنَيَّ إِذا السلطانُ خَصَّك فاعتمِدْ / نزاهَةَ نفسٍ تملِكُ العِزَّ أغيَدَا
ووفِّر عليهِ كلَّ مَا مَدَّ عينَهُ / إليهِ ولا تمدُدْ إِلى ما رأى يدَا
ألم ترَ أنَّ الذئبَ طَيَّرَ رأسَهُ / مزاحمةُ الضِّرغامِ فيما تَصَيَّدا
رأى نفسَه بالصيدِ أولَى فدقَّهُ / بلَطْمةِ مُسوَدِّ الذِّراعين أصيدَا
فلما أحسَّ الثعلبانُ ببأْسِهِ / تعلَّمَ منه قِسمةَ الصيدِ جيِّدَا
وآثرَهُ بالصَّيْدِ صَوْناً لنفسهِ / وكان مُعَاناً في الأمورِ مُؤَيَّدَا
كذا ضربَ الأمثالَ من كان قبلَنا / وأورثَنا المجدَ الرفيعَ المُشَيَّدَا
أيا حاديَ الأظعانِ غَرِّدْ فقد بَدَا
أيا حاديَ الأظعانِ غَرِّدْ فقد بَدَا / لنا حَضَنٌ واستقبلَتْنَا صبَا نَجْدِ
وبشَّرنا وعدٌ من المُزْنِ صادقٌ / بواصٍ من الحَوذَانِ والنَّفَلِ الجَعْدِ
وطارح رَذاياها وقد مَلَّتْ السُّرَى / أغاريدَ يُغْرِينَ الطلائحَ بالوَخْدِ
فانّ بذاكَ الجَوِّ فاتنةَ اللُّمَى / أسيلةَ مجرَى الدمعِ واضحةَ الخَدِّ
إِذا ما المَدارَى خُضْنَ سُودَ لِمامِهَا / خلطنَ فُتاتَ المِسْك بالعَنْبَرِ الورد
لقد طالَ عهدي بالحِمَى وحلولِهِ / ولولا شقائِي لم يَطُلْ بِهمُ عهدي
أسائِلُ عنهُ من لَقِيتُ وعنهمُ / متى جادَهُ غيثٌ وما فعلوا بعدِي
هلِ اخضَرَّ واديهمْ فعاشُوا بغِبْطَةٍ / أمِ استبدلوا الصَّمَّانَ بالأجرعِ الفردِ
وهل جذوةُ النارِ التي يُوقِدُونَها / لها حيث شَبُّوها دليلٌ على كبْدي
وهل نُغْبَةُ الماءِ التي يرِدُونَها / عن الحائمِ الحَيرانِ ممنوعةُ الوِرْدِ
أقولُ لأصحابي غَداةَ تزافَرُوا / رُويدَكُمُ إنَّ الهَوى داؤُه يُعْدِي
إِذا ما قدحتُمْ نارَ وجدٍ فإنَّما / شرارتُها فيكم وجَمْرَتُها عِندي
أقولُ لأنضَاءِ الغَرامِ عشيّةً / بِبُصْرَى وأنْضَاءُ المَطِيِّ بنا تَخْدي
أقيما صدورَ العِيس واستخبروا الصَّبَا / عن الحَيِّ بالجَرْعاءِ ما فعلوا بعدِي
وما طابَ نَشْرُ الريحِ إلا وعندَها / أخابِيرُ من نَجْدٍ ومن ساكِني نَجْدِ
وقد زادَها حُبَّاً لديَّ ونعمةً / سفارتُها بينَ الأراكةِ والرَّنْدِ
تظنونَ حالي في الهَوى مثلَ حالِكمْ / وهيهاتَ إني في الهَوى أمَّةٌ وحدِي
وكيف تَساوى الحال بيني وبينَكمْ / وأعظمُ ما تشكونَ أهونُ ما عِندي
ومن طولِ إِلْفِي في الهَوى ورياضتي / لنفسي على قُربِ الأحِبَّةِ والبُعْدِ
أذُمُّ جفُوناً ليس يقرحُهَا البُكا / وأُنكرُ قلباً لا يذوبُ من الوَجْدِ
تمنَّى رجالٌ ما أرادُوا وإنَّما
تمنَّى رجالٌ ما أرادُوا وإنَّما / تمنَّيْتُ أنْ ألقاكَ حيثُ أُرِيدُ
وقد غَفلتْ عينُ الرقيبِ ومُقلتِي / بلا حَذَرٍ في عارضيكَ تَرودُ
وأشكُو الذي لاقيتُ بعدَك إنَّهُ / عجائبُ يُجْرِي الدمعَ وهي جَمودُ
وما بينَ أثناءِ الكلامِ تَغَازُلٌ / عِتَابٌ وعَتْبٌ كاذِبٌ ووعُودُ
حديثٌ يُزِلُّ العُصْمَ وهيَ منيعَةٌ / وتُنْظَمُ منه في النُّحورِ عُقودُ
وضمٌّ كَلَفِّ الريحِ غُصْنَي أراكةٍ / تَميدُ على عِطْفيَّ حيثُ أمِيدُ
وبين مجاري اللحظتينِ من الهَوى / عقودٌ عليهنَّ القلوبُ شهودُ
أناولكَ الصَّهباءَ طَوراً وتارةً / تناولني والحادِثَاتُ رقودُ
فيا قَمَراً قد بانَ عَنِّيَ ضَوؤهُ / لياليَّ والأيامُ بعدَك سُودُ
ويا مورِداً قد سَدَّ عنِي طريقَهُ / رماحُ العِدَى هل لي عيك وُرودُ
ويا بَرَدَاً ما ذُقْتُه غيرَ أنَّهُ / على ما أرى عَذْبُ المذَاقِ بَرودُ
أما نغبةٌ من فضلِ كاسِكَ يشتفي / بها من لهُ بين الضُلوعِ وقودُ
نَعِمنا زماناً ثم فرَّقَ بينَنا / يَدُ الدَّهْرِ تُبْدي كيدهُ وتُعيدُ
أُعَلِّلُ نفسي باللِّقاءِ فإن أعِشْ / إِلى أنْ أراكُمْ إنَّني لجليدُ
وإنْ لم يكنْ بيني وبينَ لِقائِكمْ / سِوى عُمْرِ يومٍ إنَّه لَبعيدُ
رأى اللّهُ لي فيما يراهُ لِيَ العِدَى
رأى اللّهُ لي فيما يراهُ لِيَ العِدَى / وكان بهِم لا بي وقد جَهِدُوا الرَّدَى
بلغتُ المَدى لما صبرتُ وأخطأتْ / مساعي رجالٍ أخطَأوا سُبُلَ الهُدَى
ومن رامَ ما لا بُدَّ منهُ فما لَهُ / من الصْبرِ بُدٌّ طالَ أم قَصُرَ المَدى
وإنَّ الذي أعطَى وأجزلَ أوَّلاً / ومنَّ أخيراً ليس يترُكُنِي سُدى
خذ العلم عن قرب ونكّب عن البعدِ
خذ العلم عن قرب ونكّب عن البعدِ / ففي القرب أشياء تدل على الرشد
خذ الحجر المنبوذ في الطرق والثرى / وصيّره ماء تستريح من الكدّ
لها جريان بارك الله فيهما / إذا اجتمعا صارا على هيئة الزبدِ
وثالثها فرد وإن جلّ ذكره / ولا بد للاثنين من ذلك الفردِ
ولا بد من حلّ وعقد كلاهما / وكل الذي ترجوه في الحلّ والعقدِ
فهذا وعهد الله جملة سرنا / حكيناه للأخ المقيم على العهدِ