المجموع : 12
فتوحُك رَدَّتْ بَهجةَ المُلكِ سَرمَدَا
فتوحُك رَدَّتْ بَهجةَ المُلكِ سَرمَدَا / وأنتَ حُسامُ اللهِ فَلَّ بِكَ العِدا
يُحدِّثُ عنكَ المَشرَفيُّ مجرَّداً / ويُثني عليك السَّمهريُّ مُسَدَّدا
أعادَ وأبدى الفتحُ منك مُعوَّداً / قِراعَ العِدا جارٍ على ما تعوَّدا
ومُمطرُ أرضِ الرُّومِ من دَمِ أهلِها / سَحاباً إذا رَوَّى الثَّرى منه أحمدَا
تخالفَ فعلُ الغَيثِ منه فكلَّما / بَدا العُودُ مُخْضرّاً ثناه مُورَدَّا
سَرى مُخلِقاً في اللهِ دِيباجَ وجهِه / فذبَّ عن الإسلامِ حتى تجدَّدا
يُفلِّقُ بالضَّربِ التَّريكَ وما حَوى / ويَخرُقُ بالطَّعْنِِ الدَّلاصَ المُسرَّدا
فيا لكَ من يومٍ أحرَّ عليهِمُ / وأندَى على الدِّينِ الحنيفِ وأبرَدا
وربَّ مُحلًّى بالكواكبِ شاخصٍ / شخَصْتَ إليه فانمحى وتأبَّدا
فأعطاك ما تَهوى وقَلَّدَ أمرَه / نجومَ قَنَاً أضحى بهنَّ مُقلَّدا
مثَلْتَ له في مِثلِ أركانِ طَوْدِهِ / وأسطَرْتَ فيه الجَلْمَدَ الصَّلْدَ جَلمَدا
وَصَدْرٍ وراءَ السَّابريِّ خَرَقْتَه / فكان ثِقافَ الرُّمحِ لمَّا تأوَّدا
وأبيضَ رَقراقِ السَّوابغِ أرهجَتْ / سَنابِكُه حتى ثَنا الجوَّ أَربدا
تَتابعَ يَهفُو فوقَه كلُّ طائرٍ / إذا صافَحَتْه راحةُ الرَّاحِ غرَّدا
وأشرقَ في رَأْدِ الضُّحى فكأنما / تُلاعِبُ منه الشَّمسُ صَرْحاً ممرَّدا
يَزُفُّ نجوماً ليسَ يمنعُ ضوءَها / تكاثُفُ ليلِ النَّقْعِ أن يتوقَّدا
إذا ما رأتْهُنَّ البَطارقُ أنحُساً / رآهنَّ مُجْتاحُ البطارقِ أسعُدا
صَدَعْتَ ببرقِ البِيضِ صَدرَ عَجاجَةٍ / وقد أبرقَ المِقدارُ فيه وأرعَدا
وأُبتَ وقد أشرَبْتَ ساحتَه دماً / كأنك أشرقْتَ الأسِنَّةَ عَسْجَدا
لقد لَبِسَ الإسلامُ شَرقاً ومغرِباً / بسيفِ ابنِ عبدِ اللهِ ظِلاًّ مُمدَّدا
ثَنى الخَيلَ عن ماءِ الفُراتِ صَوادراً / فكان لها وِردُ الخَليجَيْنِ مَوْرِدا
يَطيرُ على أرباضِ خَرْشنةٍ بها / لوافحُ يَهتِكْنَ المُنيفَ المشيَّدا
حَريقاً يُغَشِّي الجُدْرَ حتَّى كأنما / لبِسْنَ حَبيرَ الوَشْيِ مَثْنىً ومَوحِدا
إذا الغَرَضُ المنصوبُ باتَ مُعَصفراً / بطائرِ سهمٍ منه أصبحَ أسوَدا
فباتَ على البُرجِ المُطِلِّ كأنَّما / يُلاحِظُ منه فَرْقداً ثمَّ فرقدا
وبثَّ السَّرايا حولها فتفرَّقَتْ / كما بثَّتِ الرِّيحُ الحَيا فتبدَّدا
فباتَ مُغِذَاً في السِّلاحِ ومُوجِفاً / مُغِيراً عليهم في البلادِ ومُنجِدا
يؤانِسُ منهم كلَّ ليثِ حَفيظَةٍ / على الطِّرفِ وحشيَّ الشَّمائلِ أغيَدا
كأنَّ رماحَ الخَطِّ حولَ بيوتِهِم / على صَهَواتِ الخيلِ دُرّاً مُبَدَّدا
عَرَضْتَ على الِبيضِ الرِّقاقِ أُسُودَهم / وسُقْتَ المَها حُوّاً إليها وسُهَّدا
وقوَّمْتَ منهم جانباً لظُهورِهم / وأشرَفْتَهم بالمشرفيَّةِ مُنشِدا
وأوردْتَ حَدَّ السَّيفِ قِمَّةَ لاوُنٍ / لتمزُجَ فيه سُورةَ البأسِ بالنَّدى
أتاكَ يَهُزُّ الرَّوعُ أعضاءَ جِسمهِ / كما هزَّ بالأمسِ الحُسامَ المُهنَّدا
يَغُضُّ لدَيكَ الرُّعْبُ أجفانَ عَيْنِه / فإنْ هَمَّ أن يستغرِقَ اللَّحْظَ أرعدَا
وربَّ حديدِ اللَّفظِ واللَّحظِ منهمُ / مثَلْتَ له فارتدَّ أخرسَ أرمَدا
ذَعَرْتَهُمُ غَزواً دِراكاً فأصبحوا / على البُعْدِ خَفَّاقَ الحشا ومُسهَّدا
يَظُنُّونَ غَربيَّ السحابِ كتيبةً / تُشَرِّقُ والبرقَ الشآميَّ مِطْرَدا
إذا الدولةُ الغَرَّاءُ سمَّتْكَ سيفَها / لتُبْهَجَ سمَّاكَ الهُدى ناصرَ الهُدى
ليَهْنِكَ أنَّ الرومَ ذَلَّ عزيزُها / فصارتْ مواليها بِعزِّكَ أعبُدا
إذا قيلَ سيفُ الدولةِ اهتزَّ عرشُها / وخَرَّتْ رُكوعاً عندَ ذاكَ وسُجَّدا
بِوُدِّيَ لو مُلِّكْتُ ثَنْيَ قِيادي
بِوُدِّيَ لو مُلِّكْتُ ثَنْيَ قِيادي / فأعتاضَ عن غَيِّ الهَوى برَشادِ
تمادَتْ دموعي يومَ جدَّت بك النَّوى / وللَّومِ في أعقابِهنَّ تَمَادي
أُقيمُ وحظِّي الهجرُ عندَ إقامتي / وأرحَلُ والشوقُ المبرِّحُ زادي
إذا ماحداه البَرقُ يرتاحُ صَبوةً / إلى رائحٍ من ذي الأراكِ وَغَادي
وإنْ لم يكن عهدُ الشبابِ براجعٍ / لَدَيْهِ ولا عصرُ الصِّبا بمُعادِ
وأخرى تَحامى خُلَّتي عندَ خَلَّتي / فسِيّانِ قُربي عندَها وبُعادي
وتَعجَبُ من ضَنِّ القريضِ وخُبْره / على وَشَلٍ لا رَيَّ فيه لصادي
فما تَعبي إلا لتجديدِ راحةٍ / ولا سَهَري إلا لطولِ رُقادي
كِلِيني إلى المَهرِيَّةِ القُودِ إنها / ستأخُذُ من أيدي الخُطوبِ قيادي
وكلُّ فتىً أجدَى عليَّ فصاحبي / وكلُّ بلادٍ أخصَبَتْ فبِلادي
وأُقسِمُ بالغُمْضِ الذي جادَ مَوْهِناً / تحيَّةَ مشتاقٍ ورنَّةَ حَادي
لَفَقْدُ النَّدى الرِّبعيِّ أوجَدَني الأَسى / وأفقَدَني عَيشي ولينَ مِهادي
ووسَّدَني أيدي الرِّكابِ وطالما / أقضَّ لديها مَضجَعي ووِسادي
إذا أنا حاولتُ الأميرَ فإنما / أحاولُ منه جَنَّتي وعِتادي
حللْتُ بنادي الشأمِ لَمَّا أعادَه / عليُّ بنُ عبدِ الله أكرمَ نَادي
أغرُّ إذا امتدَّتْ يدُ الدَّهْر كفَّها / بِبيضِ صِفاحٍ أو بِبيضِ أيادي
يروعُ النَّدى أموالَه بنَفادِها / وما رِيعَ مَجدٌ عنده بنَفادِ
إذا امتزجَ المعروفُ بالبِشْر عندَه / غدا الحمدُ ممزوجاً له بوَدادِ
رمى كلَّ مُنآدِ القناةِ من العِدا / بِخَطْبٍ تَحاماهُ الخُطوبُ نآدِ
بجُردٍ تُثيرُ النَّقعَ حتى كأنَّما / تُمزِّقُ منه البِيضُ ثَوبَ حِدادِ
وبِيضٍ إذا اهتزَّتْ ترقرَقَ ماؤُّها / وهُنَّ إلى ماءِ النُّفوسِ صَوَادي
وكلِّ رُدَينيٍّ أصمَّ كأنَّما / تُروِّعُ منه الرَّوعَ حيةُ وَادِي
تَحُفُّ بجَذلانِ العَشيِّ كأنه / لَدَى طَرَدٍ ما راحَ نُصبَ طِرادِ
وأَغلبَ رَحْبِ الباعِ يُنجِدُه الرَّدَى / إذا ما ارتدى في مأزَقٍ بنِجاد
يبيتُ وحَدُّ السيفِ حلُّ مبيتِه / لديه وجَفنُ العَينِ حِلُّ سُهادِ
يُصَعِّدُ أنفاسَ العدوِّ إذا ثَنى / إليه المَنايا في ظُبىً وصِعادِ
أمامَ خميسٍ يَحجُبُ الأفْقَ بالقَنا / ويملأُ أقطارَ الثَّرى بجِيادِ
فمَنْ عادَ بالكَيدِ الخفيِّ فإنَّه / يعودُ بيأسٍ في الكريهةِ بَادِي
سأُعْلِمُ نَفسي بالسَّماحةِ عالماً / بأنَّ بلادَ التَّغلبِيِّ بِلادي
فدونَكها تختالُ في كلِّ مَسمَعٍ / وتخطُرُ في مكنونِ كلِّ فؤادِ
حَبَتْكَ برَيحانِ الكلامِ وإنما / تَجودُ بريَّاهُ لكلِّ جَوادِ
بأطيبَ من طِيبِ الرُّقادِ لساهرٍ / وأعذبَ من رِيقِ الحبيبِ لصَادي
أما آنَ للمِلحيِّ أن يَنْشُرَ الوُدَّا
أما آنَ للمِلحيِّ أن يَنْشُرَ الوُدَّا / ويطوي الجَفاءَ المُرَّ والهجرَ والصَّدَّا
أيعضَبُ أن حَلَّيْتُ كفَّ ابنِ هاشمٍ / سِوارَ هِجاج يَقرِضُ القلبَ لا الزَّنْدا
وما خِلْتُ صَفْعَانَ العراقِ يَسومُني / لأمثالِهِ ذمّاً يَسيراً ولا حَمْدا
إذا مَا أَبُو الوَرْدِ انتحاه بِكَفِّهِ / حَسِبْتُ قَفاهُ روضةً تُنبتُ الوَرْدا
تَجودُ سَحابُ الخافقاتِ قَذالَهُ / فتُوسِعُهُ هَطْلاً ومن دَمِه تَنْدَى
سواءٌ علينا وعدُها ووعيدُها
سواءٌ علينا وعدُها ووعيدُها / إذا ما تساوى وَصلُها وصدودُها
وقَفْنا وقد ريَعتْ مَها الحيِّ فانثَنَتْ / تَصِيدُ بألحاظِ المَها مَنْ يَصيدُها
أَعَنْ وَسَنٍ تَرْنو إليَّ عيونُها / أَمِنْ سَكَرِ مالَتْ عليَّ قُدودُها
فجازِعَةٌ تُعطي الغَرامَ قيادَها / وقد راحَ مُقتادُ الغَرامِ يقودُها
وساكنةٌ تهتزُّ ساكنةَ الجَوى / إذا اهتزَّ من ماءِ الشَّبيبةِ عُودُها
فللوردِ خدَّاها وللخَمرِ ريقُها / وللغُصنِ عِطْفاها وللرِّيمِ جِيدُها
ألم ترَني عِفْتُ المَطالبَ إذ عفَا / من الجُودِ مَغناها ورَثَّ جَديدُها
وصُنْتُ عُقودَ المَدحِ من كلِّ مُمْسِكٍ / يَهونُ عليه دُرُّها وفَريدُها
هَلِ المجدُ إلا في أَيادٍ تُفيدُها / سجايا ابنِ فَهْدٍ أو مَعَالٍ تَشيدُها
فتىً حَثَّ جَدواه فما يَستَحِثُّها / وزادَتْ أياديه فما يَستزيدُها
له شرَفٌ عالي المحلِّ وهِمَّةٌ / تُصَعِّدُ أنفاسَ العَدوِّ صعودُها
وما زالَ فَرْدَ المَكرُماتِ وإنما / يؤمَّلُ فردُ المَكرُماتِ وحيدُها
ترى بينَ عينيهِ من البِشْر أنجماً / تَلوحُ لمُرتادِ السَّماحِ وُفُودُها
فإن تَشْتَهِرْ في كلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبٍ / معالي ابنِ فَهدٍ فالثناءُ يَزيدُها
سلامةُ إنَّ الأَزْدَ بالبأسِ والنَّدى / تَسودُ الوَرى طُرّاً وأنتَ تَسودُها
وقد عَلِمَ الأعداءُ أنْ لستَ بادئاً / بجائحةٍ إلا وأنتَ مُعيدُها
رأتْ أسَدَاً يَلقَى المنيَّةَ حاسِراً / إذا اختالَ في قُمْصِ الحديدِ أُسودُها
فأَقصَرَ عنها بأسُها ودِفاعُها / وأُكهِمَ منها حدُّها وحديدُها
أَرِقْتُ لوُدٍّ منك أودى ابتسامُه / وأنجُمِ بشرٍ منك غابَتْ سُعودُها
وما سَتَرَ الكِتْمانُ عندي صَنيعَةً / ولا أفسدَ النَّعماءَ فيَّ جُحودُها
سأنشُرُ فَضْلاً لا تَزالُ تُديمُهُ / وأُثني بنُعمى لا تزالُ تُفيدُها
وأشكُرُها شُكْرَ الرِّياضِ صنيعةً / من الرَّائحاتِ الغُرِّ راحَت تَجودُها
فوَلَّتْ تِجارُ الحَمْدِ تَنْشُرُ حمدَها / وقد سَعِدَتْ بالجُودِ منك جُدودُها
أريتَهُمُ وَجْهاً طليقاً وراحةً / يُري بأسَها في النَّائباتِ وجودُها
وصارَتْ قَوافي الشِّعرِ فيك عرائساً / تُضئُ الدُّجى أجيادُها وخدودُها
فلا زالَتِ الأيامُ تلقاكَ بِيضُها / خصوصاً وتَلقى مَنْ يُعاديكَ سُودُها
فتُسعِدُ في خَفْضٍ منَ العيشِ سعدَها / ويعتادُ في يُمْنٍ من الدَّهرِ عيدُها
ودونَك من مُستطرَفِ الوَشْيِ خِلْعةً / مَطارِفُها مَوْشِيَّةٌ وبُرودُها
فما زهَرَتْ إلا لديكَ نجومُها / ولا حَسُنَتْ إلا عليكَ عُقودُها
أُناشِدُ دَهْري أن يَعودَ كما بَدا
أُناشِدُ دَهْري أن يَعودَ كما بَدا / فَقد غارَ بي في الحادثاتِ وأنجدَا
توعَّدَني من بَعْدِ ما وَعَدَ الغِنى / فأنجزَ إبعاداً وأخلَفَ مَوعِدا
وكنتُ أرى الأيامَ ظِلاً مُمَدَّداً / ومُهْتَصَراً غَضّاً وعَيشاً مُمَهَّدا
فَصِرْنَ لرَيْبِ الدَّهْرِ سَهْماً مُسَدَّداً / وأسمرَ خَطّيّاً وعَضْباً مُجَرَّدا
سَقاها وما السُّقْيا بكفِّ صَنيعِها / خَليعِ الحَيا إن جَرَّ بُرْدَيْهِ غَرَّدا
فزارَ من الدَّيْرَيْنِ إلْفاً ومَألَفاً / وجادَ على النَّهرين عَهْداً ومَعْهَدا
مَراقدُ من بُسْطِ الرِّياضِ إذا اكتفى / بِهنَّ صريعُ الرَّاحِ لم يَنْبُ مَرْقَدا
وليلٍ كأنَّ التُّرْبَ تحتَ رِواقِه / مُنَدّىً بماءِ الوَردِ ما باشرَ النَّدى
تُعانِقُنا فيه الرِّياحُ مَريضةً / كأَنَّا لَقِيناها مع الصُّبحِ عُوَّدا
أرَتْنا اللَّيالي قَصْدَها دونَ جَوْرِها / وشأنُ اللّيالي أن تجورَ وتَقْصِدا
ومن عَجَبٍ أنَّ الغَبِيِّينِ أبرَقا / مُغِيرَيْنِ في أقطارِ شِعْري وأرعَدا
فَقَد نَقلاه عن بياضِ مَناسبي / إلى نَسَبِ في الخالديَّةِ أسودَا
وإنَّ عَلِيّاً بائعَ الملحِ بالنَّوى / تجرَّدَ لي بالسَّبِّ فيمَن تجرَّدا
وعندي له لو كان كُفءَ قوارضي / قوارضُ يَنُثْرنَ الدِّلاصَ المُسَرَّدا
ومغموسةٌ في الشَّرْيِ والأَرْيِ هذه / ليَرْدَى بها باغٍ وتلكَ لتُرتدَى
إذا رامَ عِلْجُ الخالديَّةِ نيلَها / أخذْنَ بأعنانِ النُّجومِ وأخلَدا
لكَ الويلُ إن أطلقْتُ بيضَ سيوفَها / وأطلقْتُها خُزْرَ النَّواظرِ شُرَّدا
ولستَ لجِدِّ القَوْلِ أهلاً فإنما / أُطيرُ سِهامَ الهَزْلِ مثنىً ومَوْحِدا
نَصَبْتَ لِفتيانِ البَطالَةِ قُبَّةً / ليَدخُلَها الفِتيانُ كَهْلاً وأمرَدا
وكان طريقُ القَصْفِ وعراً عليهِمُ / فسهَّلْتَه حتى رَأَوه مُعبَّدا
وكم لِذَّةٍ لا منَّ فيها ولا أذىً / هَدَيْتَ لها خِدْنَ الضَّلالةِ فَاهْتَدَى
قصدتَهمُ وزناً فساوَيْتَ بينَهُم / ولم تأخذِ السَّيفَ الشَّديدَ لتَقْصِدا
وجئتهمُ قبلَ ارتدادِ جُفونِهم / بمائدة تُكسَى الشَّرائحَ والمِدَى
ومبيضَّةٍ مما قراه محمدٌ / أبوك لكي تَبيضَّ عِرْضاً ومَحتِدا
نَثَرْتَ عليها البَقْلَ غَضّاً كأنما / نَثَرْتَ على حُرِّ اللُّجَيْنِ الزَّبَرْجَدا
ومصبوغَةٍ بالزَّعفرانِ عريضةٍ / كأنَّ على أَعْضائِها منه مِجْسَدا
تَرَقَّبَها الصَّيَّادُ يَوْماً فقادَها / كما قُدْتَ بالرِّفقِ الجَوادَ المُقيَّدا
ولم يَدْرِ إذ أنجى لها بِردائِه / أكانَ رِدَاً ما ارتدَّ منه أم رَدى
تُريك وقد عُلَّت بياضاً بصُفرَةٍ / مِثالاً من الكافورِ أُلبِسَ عَسْجَدا
يَحُفُّ بها منهم كهولٌ وفتيةٌ / كأنهمُ عِقْدٌ يَحُفُّ مُقلَّدا
فلا نَظَرُ الدَّاعي إلى الزَّادِ كَفَّهم / ولا خَجَلةُ المدعوِّ ردَّتْ لهم يَدا
ومِلْتَ بهم من غيرِ فَضلٍ عليهمُ / إلى الوَرْدِ غضّاً والشَّرابِ مُورَّدا
فيا لَكَ يوماً ما أخفَّ مؤونَةً / وأعذبَ في تلك النُّفوسِ وأرغدا
مُناهدةٌ إن باتَ مثلُكَ طيَّها / تَنفَّسَ مجروحَ الحشا أو تنهَّدا
فلا عَدِمَ الفِتيانُ منكَ قرارةً / أَيسلُّهُم سَعْداً عليَّ مُسْعِدا
مُعِدّاً لهم في كلِّ يومٍ مُجَدَّدٍ / من الرَّاحِ والرَّيحانِ عيشاً مُجدَّدا
إذا وصَلوا أضحى الخِوانُ مُدَبَّجاً / وإن وصَلوا أمسى الخِوانُ مُجرَّدا
وإن شرَعوا في لَذَّةٍ كنتَ بيعَةً / وإن طَمِعُوا في مَرفِقٍ كنتَ مَسجِدا
لك القُبَّةُ العَلياءُ أوضحْتَ فَتقَها / وأطلعْتَ منها للفُتوَّةِ فَرْقَدا
يُصادِفُ فيها الزَّوْرُ جَدْياً مُبرَّزاً / وباطيةً ملأى وظبياً مُغرِّدا
وقد فَضُلَت بيضُ القِبابِ لأنني / نصبْتُ عليها بالقصائدِ مِطرَدا
أعاذِلُ إنَّ النَّائباتِ بمَرصَدِ
أعاذِلُ إنَّ النَّائباتِ بمَرصَدِ / وإنَّ سرورَ المرءِ غيرُ مُخَلَّدِ
إذا مضى يومٌ من العيشِ صَالحٌ / فَصِلْهُ بيومٍ صالحِ العيشِ مُرغِدِ
وحاليةٍ من حُسنِها وجَمالِها / وإن برزَتْ عُطلَ الشَّوى والمُقَلَّدِ
تُعاطيكَ كأساً غيرَ ملأى كأنَّما / فواقِعُها أحداقُ دِرْعٍ مُزَرَّدِ
كأنَّ أعاليها بَياضُ سَوالفٍ / تَلوحُ على تَوريدِ جَيْبٍ مُوَرَّدِ
وبِكْرٍ شَرِبناها على الوَرْدِ بُكرةً
وبِكْرٍ شَرِبناها على الوَرْدِ بُكرةً / فكانتْ لنا وِرْداً إلى ضحوةِ الغَدِ
إذا قامَ مُبَيضُّ اللِّباسِ يُديُرها / توهَّمْتَه يَسعى بكُمٍّ مُوَرَّدِ
أميرَ النَّدى إنَّ الثَّناءِ خلُودُ
أميرَ النَّدى إنَّ الثَّناءِ خلُودُ / وإنَّ القَوافي السَّائراتِ جُنودُ
إذا انفضَّ من حَولِ الملوكِ عديدُها / فحولَك منها عُدَّةٌ وعَديدُ
فهنَّ إذا ناضَلْنَ عنك صَوارِمٌ / وهنَّ إذا لاحَتْ عليكَ عُقودُ
ولي من نَدى كفَّيْكَ رسْمٌ تضاءَلَتْ / مَعالِمُه حتى تَكادَ تبيدُ
غَدَا خَلَقاً والحمدُ فيه مُجدَّدٌ / ومُنْتَقَصاً والشُّكرُ فيه يَزيدُ
فإنْ يَكُ رَسْمي من نَوالِكَ دارساً / فرسمُكَ غَضٌّ من ثَنايَ جَديدُ
يُنافسُني في الشِّعْرِ والشِّعرُ كاسدُ
يُنافسُني في الشِّعْرِ والشِّعرُ كاسدُ / حَسودٌ كَبا عن غايتي ومُعانِدُ
وكلُّ غَبيٍّ لو يُباشِرُ بَرْدُهُ / لظَى النَّارِ أضحَى حرَّها وهو بارِدُ
إذا سُئِلُوا عمَّا يَلوحُ تبلَّدوا / كأنَّهمُ عندَ السُؤالِ جَلامِدُ
قِيامٌ يَهُزُّونَ النُّسوعَ كأنَّما / بأيديهمُ حيَّاتُ رَمْلٍ أساوِدُ
يَموتُ ذَكاءُ الطِّفْلِ ما دامَ عندَهُمْ / وكيفَ صَلاحُ الفَرْعِ والأصلُ فاسِدُ
أَفيقُوا فلن يُعطى القريضَ مُعلِّمٌ / وهل يتولَّى الأغبياءَ عطاردُ
فلا تمنحوا منه الكرامَ قلائداً / فليسَ من الحَصباءِ تُهدَى القَلائِدُ
أقولُ لحنَّانِ العَشيِّ المُغَرِّدِ
أقولُ لحنَّانِ العَشيِّ المُغَرِّدِ / يهُزُّ صفيحَ البارقِ المتوقِّدِ
تَبَسَّمَ عن رَيِّ البلادِ حَبيُّه / ولم يبتسمْ إلا لإنجازِ مَوْعِدِ
على الشَّرَفِ المعمورِ بالعَمْرِ فالرُّبا / فتلكَ الثَّنايا فالطريقِ المعبَّدِ
فسُودِ اللَّيالي من بَنِيَّةِ جَعْفَرٍ / فَدِمنَةِ آثارِ الخليفةِ أحمدِ
بِصَفحةِ مصقولِ الأديمِ كأنَّما / سَفائِنُهُ رُبْدُ النَّعامِ المُشرَّدِ
شَوائِلُ أذنابٍ يُخَيَّلُ أنَّها / عقارِبُ دَبَّتْ فَوقَ صَرْحٍ مُمَرَّدِ
فمَشهَدُ عمروٍ حيثُ يُلعَنُ ظالِمٌ / وتَبكي على المظلومِ آلُ محمَّدِ
مَحلُّ الهَوى العُذريِّ في غَيرِ حِلَّةٍ / وعَهْدُ الشَّبابِ الغَضِّ في غَيرِ مَعهَدِ
مَضَت نَومَةُ التَّعريسِ في ظلِّ أمنِهِ / وأعقَبها ليلُ السَّليمِ المُسَهَّدِ
أمُجُّ له العَذْبَ النَّميرَ كأنَّه / مُجاجةُ مُحمَرِّ الحماليقِ أسوَدِ
ولا وِصْلَ إلا أن أروحَ مُغَرِّراً / بأدهمَ في تَيَّارِ أخضرَ مُزبِدِ
إذا ما أَهَلَّ الرَّكْبُ فيه جَرَى لَهُم / على سَنَنٍ كالمَشرفيِّ المُجرَّدِ
إذا ما ارتدَى اللَّيلَ البَهيمَ فإنَّني / بلَيْلَينِ منه والدُّجُنَّةِ مُرتَدي
أرى بلداً يشكو منَ الماءِ مثلَ ما / شَكا الغِمْدُ من حَدِّ الحُسامِ المُهَنَّد
تَحَوَّفَ غَربيَّ القصورِ كأنَّما / رُمينَ على الأيَّامِ منه بمِبرَدِ
مُكَفَّرَةُ الجُدرانِ للمَدِّ لا تَني / تَخُرُّ عليه من رُكوعٍ وسُجَّدِ
وعَهْدي بها مثلُ الفَراقدِ تُنْتَضى / ذَوائِبُها ما بينَ نَسْرٍ وفَرقَدِ
بقيَّةُ أبشارِ البناءِ كأنما / تَصوغُ لها الآصالُ تِيجانَ عَسجَدِ
فيا سطوةَ الأيَّام ِعُودي لسِلْمِها / كما كنتِ قبلَ اليومِ مَغلولةَ اليَدِ
ويا جانِبيَهْا بالمُناخِ سُقيتُما / بأعذبَ ممَّا يُسقَيانِ وأبرَدِ
ويا ديْرَها الشَّرقيَّ لازالَ رائحٌ / يَحُلُّ عُقودَ المُزنِ فيكَ ويَغتدي
مَوارِدُ لَهْوٍ صَفَّقَتْ في ظِلالِها / مَوارِدُ من ماءِ الكرومِ مُوَرَّدِ
عليلَةُ أنفاسِ الرِّياحِ كأنَّما / يُعَلُّ بماءِ الوَرْدِ نَرجِسُها النَّدي
يَشُقُّ جيوبَ الوَرْدِ في شَجَراتِها / نَسيمٌ متى يَنْظُرْ إلى الماءِ يَبرُدِ
وملعَبُ إفرِنْدِيَّةِ الرَّوْضِ يَعْتَلي / عليه خَلوقيُّ البِناء المُشَيَّدِ
صوامعُ في سَروٍ أنافَ كأَنها / قِبابُ عقيقٍ في قِبابِ زَبَرْجَدِ
تَقَرَّبْتُ من هذي القَوارِبِ راكباً
تَقَرَّبْتُ من هذي القَوارِبِ راكباً / ويا ليتَني منها الغداةَ بَعيدُ
فبِتُّ أرى جُندَ الحِمامِ وليسَ لي / إذا اعتزَلَت إلاَّ الدُّعاءَ جُنودُ
تَلاعَبُ بي أمواجُ بَحْرٍ كأنَّها / شَواهِقُ بَرٍّ تَنْثَني وتَمِيدُ
فإنْ أنْقَلِبْ منها إلى الأرضِ واطئاً / على التُّرْبِ يوماً إنَّني لسعيدُ
نَوائبُ دَهْرٍ مُكثِراتٌ عِنادَها
نَوائبُ دَهْرٍ مُكثِراتٌ عِنادَها / أُجاهِدُها حتَّى أمَلَّ جِهادَها
وما الدَّهرُ إلاَّ عَثرَةٌ لا أقالَها / وفائدةٌ محمودَةٌ لا أفادَها
ولستُ أرى أنَّ ابنَ حَسَّانَ مُخْبِثٌ / إذا هو أبدَى عِفَّةً وأعادَها
أخو الظُّلْمِ يُخْفي كَيْدَه بسكُونِهِ / كذا النَّارُ تُخفي بالرَّمادِ اتَّقادَها
وكم من كتابٍ نَمَّقَتْ فيه كَفُّه / شَهادَةَ زُورٍ لا تُساوي مِدادَها
ومالكةٍ إرْثاً حَوى الإرثَ دونَها / وقد أمْلَكَتْهُ النَّائباتُ قيادَها
فراحتْ وما امتدَّتْ إلى الزَّادِ كَفُّها / وراحَ رَخِيَّ البالِ يأكلُ زادَها
فلو أنَّ ما يأتي من الظُّلْمِ ظُلْمَةٌ / على الأُفْقِ لم يَجْلُ الصَّباحُ سوادَها