القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ دَرّاج القَسْطَلّي الكل
المجموع : 5
جِهادُكَ حُكم اللهِ من ذا يَرُدُّهُ
جِهادُكَ حُكم اللهِ من ذا يَرُدُّهُ / وعَزْمُكَ أَمْرُ اللهِ مَنْ ذا يَصُدُّهُ
وطائِرُكَ اليُمْنُ الَّذِي أنتَ يُمنُهُ / وطَالِعُكَ السَّعدُ الَّذِي أنتَ سَعدُهُ
وبَيعةُ رِضْوَان رَعَى الله حَقَّها / لمَنْ بَيعةُ الرِّضْوَانِ إِذْ غابَ جَدُّهُ
فأَصبَحَ فِي رَأْسِ الرِّياسَةِ تاجُهُ / وَنُظِّمَ فِي جيدِ الخِلافَةِ عِقدُهُ
مَسرَّتُهُ مأْوى الغريبِ وسِتْرُهُ / ولَذَّتُهُ خَيْرُ المُقِلِّ ورِفْدُهُ
وأجنادُهُ فِي موقِفِ الرَّوْعِ رَوْضُهُ / وَأَعلامُهُ فِي مَوْرِدِ المَوْتِ وِرْدُهُ
نلاعِبُ آرَامَ الفَلا من هِباتِهِ / وآرامُهُ غُرُّ الطِّرَادِ وَجُرْدُهُ
ونَفْتَرِشُ الدِّيباجَ منْ جُودِ كَفِّهِ / وَمَا فَرْشُهُ إِلّا الجَوادُ ولِبدُهُ
ومَنْ بَرَّحَ البيضُ الحِسان بوَجْدِهِ / فبالبيضِ فِي الهَيجاءِ بَرَّحَ وَجْدُهُ
وقَرَّبَنا من رَحْمَةِ اللهِ هَدْيُهُ / وَرَغَّبَنا فِي طاعَةِ الله زُهْدُهُ
وعلَّمَنا بَذْلَ النُّفوسِ لِنَصْرِهِ / نَدى كَفِّهِ المُرْبي عَلَى القَطْرِ عَدُّهُ
ولَوْ لَمْ يُوَافِ الوافِدُونَ قِبابَهُ / لأَصبحَ من زُهر الكواكِبِ وَفْدُهُ
وأَيَّامُهُ المَوصُولُ طُولُ صِيامِهِ / بلَيلٍ تَحلَّى بالتِّلاوَةِ سُهْدُهُ
وأَبْلَجَ من قحطانَ قُربُكَ عِزُّهُ / ومُلكُكَ مَحْياهُ ونَصرُكَ مَجْدُهُ
شَديدُ مِحال الرُّمحِ فيكَ أَبيُّهُ / مُبِرُّ خِصامِ السَّيفِ عَنكَ أَلَدُّهُ
رضاكَ لَهُ يَا مُرتضى دينُ وَاثِقٍ / بأَنَّكَ للدينِ الحَنيفِ تعدُّهُ
وما يَزْدَهِيهِ مِنكَ دهْرٌ يسُودُهُ / إذَا لَمْ تُجرِّدْهُ لِثَغْرِ يَسُدُّهُ
يَوقِّرُ عنكُمْ سَمْعُهُ فيُصيخُهُ / ويَقصُرُ عَنْكُمْ طَرْفُهُ فَيَمُدُّهُ
وعهدُكَ بالآمالِ تَصْرِفُ عَنكُمُ / ورَدَّاكُمُ عَهدَ السَّموْأَلِ عَهْدُهُ
وكم حَلَّ مَوتُ الحَقِّ من شَدِّ عَقدِكم / ويُحيي ابْنُ يَحْيى عَقدَكُمْ فَيَشُدُّهُ
وإِنْ ماتَ مَوْتُ اليَأْسِ منكُم رَجاؤُهُ / تَنَسَّم فيكُم روحَهُ فيَرُدُّهُ
ونادَيْتَ فِي الإِسْلامِ حَيّ عَلَى الهُدى / فَيا لَكَ مِنْ ظَمآنَ قَدْ حانَ وِرْدُهُ
فقلَّدْتَهُ سَيفاً لِزَحْفٍ يقُودُهُ / لِخِزْيِ عِدَاكَ أَوْ لزغف يَقدُّهُ
فإِنْ لَمْ يكَنْ لِلهِنْدِ يوماً حَديدُهُ / فمِنْ يَعرُبَ العَليا شباهُ وَحَدُّهُ
وإِنْ يَكُ فِي سَرْوِ اليَمانِينَ أَصْلُهُ / فطاعتُهُ فِي عَبدِ شَمْسٍ وَوُدُّهُ
وإِنْ أَنْجَبَتْهُ أَزْدُهُ وتُجِيبُهُ / فَصَفْوَتُهُ عَدْنانُهُ وَمَعَدُّهُ
أَمَا وتَحَلَّى دُونَ مُلكِكَ نَصْلُهُ / لَقِدْماً تَحَلَّى من سَنائكَ غِمْدُهُ
لمُلكٍ نَمى عَبدُ المَلِيكِ مُلُوكَهُ / وأَنْجُمِ نورٍ من هِشامٍ تُمِدُّهُ
بكُلِّ إِمامٍ ناصِرٍ أَنتَ صِنوُهُ / وكُلِّ مليكٍ قاهِرٍ أَنتَ نِدُّهُ
نَمَوْكَ إِلَى بَيتِ النُّبُوَّةِ وابْتَنَوْا / لَكَ الشَّرَف الفَرْدَ الَّذِي أَنتَ فَرْدُهُ
فأَفخِرْ بِمَنْ قُرْبُ النِّبيينَ فَخْرُهُ / وأَمْجِدْ بمَنْ مَجدُ الخَلائِفِ مَجدُهُ
ومَنْ كُلُّ حَقٍّ فِي الخِلافَةِ حَقُّهُ / وكلُّ إِمامٍ فِي البَريَّةِ جدُّهُ
ومَنْ أُمُّهُ أَجْيادُ والرُّكْنُ ظِئرُهُ / ومُرْضِعُهُ البَطحاءُ والحِجْرُ مَهْدُهُ
لَهُ حَرَمُ الإِتْهامِ والغَوْرُ غَوْرُهُ / ومَنْهَجُ سُبلِ الحَجِّ والنَّجدُ نَجدُهُ
وحَيثُ اعْتلَى صَوْتُ المُلَبِّي وَحَجُّهُ / وحَيثُ انتهَى صَدْرُ الحَجيج وَوَخْدُهُ
مَناقِبُ سارَتْ فِي مَعالِمِ كُنْهِها / عُقولُ بَني الدُّنيا وَمَا حُدَّ حدُّهُ
وَفَخْرٌ لَوْ استَنْجدْتُ فِي وَصْفِهِ الوَرَى / لأَسْأَرَ من عَدِّ الحَصى مَنْ يَعُدُّهُ
ولمْ يُبلِ مَا أَبْلاهُ آباءُ مُنْذِرٍ / لأَوَّلهمْ بلْ مَفَخَرٌ تَسْتَجِدُّهُ
وأَلْقَوْا عَلَى مَرْوَانَ صَفوَةَ أَنْفُسٍ / تَعالى بِهَا جَدُّ الزمانِ وجَدُّهُ
وسيفُكَ منهُم سَهْمُكَ الصَّائِبُ الَّذِي / يَزيدُ غَناءً كُلَّما زادَ بُعدُهُ
رَمَيْتَ بِهِ آفاقَ رُومَةَ فانْثَنى / يقودُ بُنُودَ الرُّومِ نَحْوَكَ بَندُهُ
فَرُبَّ حمِيِّ الغِلِّ فِي غِيلِ مُلكِها / بَعيدٍ عَلَى شَأْوِ الجنائِبِ قَصْدُهُ
متى يَرْمِ صَرْفَ الدَّهْرِ لا يَعدُ نفسَهُ / وإِنْ يَرْمِهِ صَرفُ المكارِهِ يَعدُهُ
تجلَّى ابنُ يَحيى فِي سناكَ لِغَيِّهِ / فبَصَّرَهُ أَنَّ اصطناعَكَ رُشْدُهُ
فما أَبْطَأْتَ إِذ أَبطأتْ يدُ قادِحٍ / أَتاكَ وَقَدْ أَوْرى لك النُّجحَ زَنْدُهُ
ولا غابَ من وافاكَ من أرْضِ رُومَةٍ / بغابٍ من الخَطِّيِّ تَزْأَرُ أُسْدُهُ
كتائِبُ لَوْ يُرمى بِهَا الدَّهْرُ قبلَنا / لزُلزِلَ ذُو القَرْنَيْنِ منها وسَدُّهُ
كَأَنَّ فضاءَ الأَرْض أُلبِسَ منهُمُ / لَبوساً من الماذِيِّ قُدِّرَ سَرْدُهُ
تُهَدُّ بِهِمْ شُمُّ الجبالِ فإِنْ هَفَوا / فلَحْظُكَ يَرْمِي جَمْعَهُمْ فَيَهُدُّهُ
فما ينظُرُ الأَعدَاءُ إِلّا عَجَاجَةً / يسيرُ بِهَا الرَّحمنُ فِيهَا وعبدُهُ
إلى يومِ فَلْجٍ ساطِعٍ لَكَ نُورُهُ / وميقَاتِ فتحٍ صادقٍ لكَ وعْدُهُ
عَلى بادِئِ الإِنعَامِ فِيهِ تمامُهُ / وحَقٌّ عَلَى سِبْطِ الخِلافَةِ حَمدُهُ
وحَقٌّ عَلَى يُمنى يَدَيَّ بقاؤُهُ / جديداً عَلَى مَرِّ الزَّمانِ وخُلْدُهُ
بغَرْبِ لسانٍ لَوْ أُبارِي بِهِ الوَرى / مَدى الدَّهر لَمْ يَبْلُغْ نَصِيفيَ مُدُّهُ
عَليماً بأَن مَنْ أَلْحدَتْ فيكَ نَفسُهُ / ففِي لَهَواتِ الذِّيبِ والذَّيخِ لَحْدُهُ
ومَنْ يَبغِ فِي الآفاقِ عنكَ مُراغِماً / فَوِجْدانُهُ فِي مُلتَقى الخَيل فَقدُهُ
ومن يَتَّخِذْ فِي غير بَحرِكَ مَوْرداً / فلم يُتَّخَذْ إِلّا لنَعْلَيْكَ خَدُّهُ
فلا أَمَلٌ إِلّا إِليكَ انتِهاؤُهُ / ولا مَلِكٌ إِلّا إِليكَ مَرَدُّهُ
إِذَا شِئْتِ كَانَ النَّجْمُ عندَكِ شاهِدِي
إِذَا شِئْتِ كَانَ النَّجْمُ عندَكِ شاهِدِي / بلَوْعَةِ مُشتاقٍ ومُقْلَةِ ساهِدِ
غريبٌ كساهُ البينُ أَثوابَ مُدْنَفٍ / وحَفَّتْ بِهِ الأَشجانُ حفَّ الولائِدِ
بَعيدِ الضُّحى من بَعْدِ إِلْفٍ مُفارِقٍ / طويلِ الدُّجى من طولِ بَثٍّ مُعاوِدِ
كَأَنَّ ظلامَ الليلِ سَدَّ طَرِيقَهُ / تعلُّقُ أَجفانِي بِرَعْيِ الفراقِدِ
وَقَدْ لَبِسَتْ آفاقُهُ من دُجُونِهِ / حِدادَ نواعٍ للصباحِ فَوَاقِدُ
سَلِيني عن الليلِ التَّمامِ قطعْتُهُ / بزفرَةِ مُشتاقٍ وأَنفاسِ واجِدِ
طَوَاكِ على طِيبِ الكرى فطَوَيْتُهُ / بشكوى سَلي عنهُنَّ صُمَّ الجَلامِدِ
يطاولُ ليلُ التِّمِّ بَثِّيَ مُسْعِداً / عَلَى ذِكْرِ إِلْفٍ بانَ غيرِ مُساعِدِ
ويوحِشُني ملْءُ السماءِ كواكِباً / إِلَى كوكبٍ فِي مَغْرِبِ البَيْنِ واحِدِ
أَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الصُّبحَ شِبْهُكَ قَبْلَها / فأَعرِفَ منه الآنَ خُلْفَ المَوَاعِدِ
ستَرْعى وفاءَ العهدِ لي إن نَقَضْتَهُ / لواعِجُ بَثٍّ فِي هواكِ مُعاهِدِي
ويُوشِكُ أَن تُجْلى وُجوهُ مَطَالبِي / بأَزْهَرَ وضَّاحٍ وأَرْوَعَ ماجِدِ
مليكٍ لشملِ الملكِ والعِزِّ جامِعٍ / وعن حُرَمِ الأَحسابِ والمجدِ ذائِدِ
أَغَرَّ سَما للدِّينِ فاعْتَصَمَ الهُدى / بِهِ وهَدى المعروفَ سُبْلَ المحامِدِ
حَياً طبَّقَ الآفاقَ شَرْقاً ومَغْرِباً / فما تُقْتَفى فِي المَحْلِ آثارُ رَائِدِ
بسيفٍ لأَقدارِ الحُتُوفِ مساوِرٍ / وسَيْبٍ لِتَهْتَانِ الغيومِ مُجاوِدِ
سليلُ عُلاً تَنْمِيهِ أَنسابُ حِمْيَرٍ / إِلَى كُلِّ بانٍ للمفاخِرِ شائِدِ
همامٌ لَهُ من فَخْرِ يَعْرُبَ فِي العُلا / ذُرى كلِّ سَامِي السَّبْكِ راسِي القواعِدِ
محاتِدُ عِزٍّ واعتلاءٍ كَأَنَّما / سنا الشمسِ من إِشراقِ تِلْكَ المحاتِدِ
فتىً أَذْعَنَ الدهرُ الأَبيُّ لِحُكْمِهِ / فأَضحى إِلَيْهِ مُلْقِياً بالمَقالِدِ
هُوَ البَدْرُ إِشراقاً ونوراً وسيفُهُ / مَدى الدهرِ منه فِي مَحَلِّ عُطَارِدِ
تدانَتْ من الآمالِ أَنواءُ كَفِّهِ / وبَرَّزَ سَبْقاً فِي المدى المُتباعِدِ
فَحَجَّبَ منهُ الملكَ أَكرمُ حاجِبٍ / وقادَ جنودَ النصرِ أَكرمُ قائِدِ
كتائِبُ توحيدُ الإِلَهِ شِعارُها / وَمَا يومُ خِزْيِ الكفر فِيهَا بِواحِدِ
إِذَا يَمَّمَتْ منه حِمىً فكأَنَّما / أَرَبَّتْ عَلَيْهِ مُصْعِقاتُ الرَّواعِدِ
لئِنْ حَلَّ دارَ الملكِ من بَعْدُ قافِلاً / لقد شَدَّ أَقصاها برأْيِ مُجاهِدِ
فشاهَدَ عنه النصرُ إِنْ لَمْ يُشَاهِدِ / وجالَدَ عنهُ الصَّبْرُ إِن لَمْ يُجالِدِ
رعى اللهُ للمَنْصُورِ نُصْرَةَ دِينِهِ / فَجَازَاهُ خيرَ ابْنٍ تلا خَيْرَ والِدِ
وأيّد هَذَا المُلْكَ والدِّينَ مِنْهُما / بأَيمَنِ يُمْنى ساعَدَتْ خَيْرَ سَاعِدِ
فيا جامِعَ الإِسلامِ شَمْلاً وتارِكاً / دِيارَ الأَعادِي مُوحِشاتِ المعاهِدِ
ومقتحِمَ الأَهْوالِ فِي حَوْمَةِ الوغى / كَمَا بادرَ الظمآنُ عذبَ المَوَارِدِ
لِيَهْنِكَ أَنَّ العيدَ وافاكَ قادِماً / بأوشَكِ بادٍ للسرورِ وعائِدِ
تلقَّاكَ بالبُشْرَى وحيَّاكَ بالمنى / وساعَدَ للبُشْرى لأَعْدَلِ شاهِدِ
فلا زَالَتِ الأَيَّامُ أَعيادَ فضلِكُمْ / لكُلِّ مُوالٍ خالِصِ الشكرِ حامِدِ
ولا زِلْتُمُ مأْوَى غريبٍ وآمِلٍ / ومَفْزَعَ ملهوفٍ وفُرْصَةَ قاصِدِ
أهنِّيكَ يَا عِيدَ الرَّغائِبِ عيدا
أهنِّيكَ يَا عِيدَ الرَّغائِبِ عيدا / تَلَقَّاكَ بِاسمٍ صادقٍ لِتَعُودَا
كنُعماك فينا فاتِحاً ومُتمِّماً / وجُهدِكَ فينا مُبدِئاً ومُعِيدا
فأعطاكَ بالعَهدِ الكريمِ مَوَاثِقاً / وبالنصر فِي طُولِ البقاءِ عهودا
وقد مَلأَ الأيَّامَ منك مَحاسِناً / وآفاقَها العليا إليكَ سُعودا
وحلّاكَ عِقدَ المَكرُمَاتِ مُنَظَّماً / وأَلبَستَهُ ثوبَ السرورِ جديدا
وقد أشرقَت منكَ المُصَلَّى بغرَّةٍ / يظلُّ لَهَا وجهُ الصباحِ حَسودا
أضاءَت بنورِ الحقِّ والعدلِ والنُّهى / فجاءَتكَ أحرارُ الرِّجالِ عَبيدا
سَجَدتَ لربِّ العرشِ ديناً وطاعةً / فَخَرَّتْ إليكَ النائباتُ سُجودا
ومَدَّ إليك الناظرونَ نواظِراً / أقامَتْ بإخلاصِ القلوبِ شُهودا
فَمَلَّأْتَها هَدياً وبِرّاً وسُودَداً / وبأساً عَلَى أعدائِهنَّ وجُودا
وأعلامَ عِزٍّ أحدَقتْ بمكارِمٍ / فواتخ عقبانٍ حَمَلْنَ أُسودَا
كأَنَّ نَدى يُمناكَ مِمَّا تجودُها / كساها من الرَّوضِ النَّضِيدِ بُرُودا
وقد طَلَعَ الدِّيباجُ والوشيُ فَوقَها / حَدَائِقَ زَهرٍ فِي الغصونِ نَضِيدا
وكم لَبِستْ منه عِداكَ حِدادَها / إذا لَبِسُوا فوقَ السُّروجِ حَديدا
وكم مَلؤُوا الأرضَ الفضاءَ حَوَافِراً / وجَوَّ السَّماء قَسطَلاً وبُنُودا
وبِيضاً ردَدْنَ الليلَ أبيضَ مُشرقاً / علينا وأيَّامَ المعانِدِ سُودا
وزُرقاً من الخطِّيِّ أوقدها الوغى / فأضحَتْ لَهَا غُلبُ الرِّقابِ وَقُودا
مَساعٍ رَعَينَ الملكَ حَتَّى تَلأَلأَت / قلائِدَ فِي لَبَّاتِهِ وعُقودا
فَلَو لَمْ تُشَيِّعكَ الجنودُ إلى العِدى / لأضحى لَكَ النصرُ العزيزُ جُنودا
فلا زِلتَ للإسلامِ سَيفاً مُحامِياً / وصِنوُكَ رُكناً للثُغورِ شَديدا
تُنادِمُهُ كأسَ الوفاءِ فإن غَدَا / بعيداً فما مثواهُ مِنكَ بَعِيدا
فَمُلِّيتُما نُصحاً يعودُ بغبطَةٍ / وألهِمتُما حَمدا يقودُ مَزيدا
فِداؤكَ من لَوْ كَانَ فِي وُسعِهِ الفِدا
فِداؤكَ من لَوْ كَانَ فِي وُسعِهِ الفِدا / للاقى الأسى من دونِ نَفسِكَ والرَّدى
فلم تُضحِ من صرفِ الزمانِ مُرَوَّعاً / ولا بِتَّ من ليلِ المنونِ مُسَهَّدا
ولا راعَ منك الصبحُ سِرباً مُسَوَّماً / ولا هَزَّ عنكَ الليلُ مَثوىً مُمَهَّدا
ولم تَجِدِ الشكوى لِعَلْيَاكَ مُرتَقىً / ولا النائباتُ فِي سَماِئكَ مَصعَدا
ولا الحُزنُ فِي رَوْضاتِ عِزِّكَ مَرتَعاً / ولا الهمُّ فِي أرجاءِ بَحرِكَ مَورِدا
ولا ماءُ دَمْعٍ فِي جفونكَ مَسلَكاً / ولا نارُ وَجْدٍ فِي ضلوعِكَ مَوقِدا
وأصبَحَ جَدِّي حِينَ أفديكَ طائِعاً / بنفسِيَ أحظى بالوفاءِ وأسعَدا
ومالي لا أفدِي المكارِمَ والعُلا / وناهِجَ سُبلِ الفضلِ والجودِ والندى
ولكِن أرى مِنْ سَلِّ رأيِكَ للنُهى / وسعيِكَ للحسنى وَهدْيِكَ للهُدى
لقاءَكَ مَا لُقِّيتَ إلّا تَصَبُّراً / وحملَكَ مَا حُمِّلتَ إلّا تَجَلُّدا
مُرَزَّأَ أفلاذِ الفؤادِ مصائِباً / توالت بِهَا الأيامُ مَثَنىً ومَوحَدَا
فلم تَبدَ إلّا كُنتَ بالصَّبرِ بادِياً / ولا عُدنَ إلّا كنتَ بالعَودِ أحمدا
جَدِيراً وَقَدْ أشجاكَ فقدُ مُحَمَّدٍ / بِسَلوَةِ ذِكرَاكَ النَّبيَ مُحَمَّدَا
لِتقتَضِيَ الأَجرَ الجَزيلَ مُضَاعَفاً / وتَشتمِلَ الصَبرَ الجَمِيلَ مُمَدَّدَا
بأعلى مِنَ النَّجمِ الَّذِي غَارَ مُقتنىً / وأزكى منَ الغُصْنِ الَّذِي
هِلالاً يُسامِي فيكَ مَجرىً ومَطلعَاً / وفَرعاً يبارِي مِنكَ أصلاً ومَحتِدا
تَتِمُّ بِهِ النُعمى ويُسلى بِهِ الأَسى / وتَبأى بِهِ الدنيا ويَشجى بِهِ العِدى
تَصَدَّتْ لِوَشْكِ البَيْنِ من جَفْوَةِ الصَدِّ
تَصَدَّتْ لِوَشْكِ البَيْنِ من جَفْوَةِ الصَدِّ / وحَلَّتْ قناعَ الصَبْر عن زفرة الوجْدِ
وألقتْ إلى حُكمِ الأَسى عِزَّةَ الأُسا / فَنَمَّ بما تُخْفي تُبارِيحُ مَا تُبْدِي
وأسْفَرَ رَيْبُ السُّخْطِ عن صادِقِ الرِّضا / ولاح هِلالُ الوصلِ من مَغْربِ الصَّدِّ
فوشكانَ مَا لَفَّتْ قضيباً بقاضِبٍ / وأدْنَتْ نِجادَ السَّيْفِ من مَسْلَكِ العِقْدِ
وَهبَّ غليلُ الشَّجْوِ فِي غَلَلِ اللَّمىَ / وسالَ جُمانُ الخَدِّ فِي يانِعِ الوَرْدِ
فَجَرَّعتُ حَرَّ الشَوْقِ من بَرَدِ الحَيا / وزَوَّدْتُ مُرّ الصَّابِ من ذائِبِ الشَهْدِ
وقالتْ وتَوْديعُ التَفَرُّقِ قَدْ هَفا / بِصَدرٍ إلى صدرٍ وخَدٍّ إلى خَدِّ
عَسى قُرْبُ مَا بَيْنَ الجوانِحِ فَأْلَنا / لِمَجنى ثِمارِ القُرْبِ من شَجَرِ البُعْدِ
فسَبْقاً إلى ذي السَّابِقاتِ برِحْلَةٍ / تَلُوحُ بنَجمِ العِلْمِ فِي مَطْلَعِ السَّعْدِ
إلى الحِمْيَريِّ العامريِّ الَّذي بِهِ / غَدَتْ حُرْمَةُ التَأميلِ وارِيَةَ الزَّنْدِ
إلى مَلِكٍ مِلْءِ الرَغائِبِ والمُنى / وملْءِ نِجادِ السّيْفِ والدِّرْعِ والبُرْدِ
ومِلْءِ مَكَرِّ الخيلِ فِي حَوْمَةٍ الوغى / وملْءِ رداءِ الحِلمِ فِي مَشْهَدِ الحمدِ
وَ مُؤْتمَنٍ للهِ مُسْتَحْفَظٍ لَهُ / لما ضاعَ من حقٍّ وَمَا خاسَ من عَهْدِ
تَجَلَّى لَنا فِي مَطْلعِ المُلكِ فَانْجَلَتْ / بِهِ ظُلُماتُ الغَيِّ فِي سُبُلِ الرُّشْدِ
فأعْلقَ سيفَ النصر فِي عاتِقِ العُلاَ / وأثْبَتَ تاجَ المُلْكِ فِي مَفْرِقِ المجدِ
وأشْرَقَ فِي جَوٍّ من العِزِّ مُعْتَلٍ / وأغْدَقَ من ظِلٍّ عَلَى الأرضِ مُمتَدِّ
ولاقى وْجوهَ الراغبينَ كأنَّما / أمانِيُّهُم يُصْبِحَنَ مْنهُ عَلَى وعْدِ
ونادَى خُطوبَ الدَّهْرِ بَرَّحْتِ فَاقْصِري / وثَوَّبَ بالآمالِ أبْرَحتِ فامْتَدِّي
إلى رَوْحِ إنعامٍ يُراحُ إلى المُنى / ولُجَّةِ معروفٍ تُهِلُّ إلى الوِرْدِ
تُرَاثُكَ عن جَدٍّ وجَدٍّ بِهَدْيِهِمْ / تَناهى بِكَ الدُّنْيا إِلَى أَسْعَدِ الجَدِّ
فحسبُكَ من نفسٍ وكافِيكَ من أبٍ / وشَرْعُكَ من عَمٍّ وناهِيكَ من جَدِّ
بِهِمْ مُدَّ بَحْرُ الدِّينِ فِي كُلِّ بلدةٍ / وهُمْ تركوا بَحْرَ الأعادي بلا مَدِّ
وهُمْ عَمَرُوا الأيَّامَ من ساكِنِ الهُدى / وأخْلَوا غِياضَ الشِّركِ من ساكِنِ الأُسْدِ
وهُمْ جَرَّدُوا أسياف دِينِ مُحَمَّدٍ / وخَلَّوا سيوفَ النَاكِثينَ بلا حَدِّ
وهُمْ سَلبُوا كِسْرى وقَيْصَراً / وحَلَّوْكَ تاجَ المُلكِ فَرْداً بلا نِدِّ
دعائِمُ سُلْطَانٍ وأرْكانُ عِزَّةٍ / بِهَا وَشَجَتْ قُربى تميمٍ من الأزدِ
وما حَفِظُوا أعلامها ونِظامَها / بِمِثْلِكَ من مولىً ومِثلِيَ من عَبْدِ
بما شدْتَ فِيهَا من سَناءٍ ومِنْ سَناً / ورَاقَ عليها من ثَنائي ومِنْ حَمدي
فما جَلَتِ الدنيا عَروسَ رِياسَةٍ / لِمُلْكِهِمُ إلّا وَفِي صَدْرِها عِقدي
ولا جاشَتِ الآفاقُ من طِيبِ ذِكرِهِمْ / بِجَيشِ ثناً إلّا وَفِي وسْطِهُ بَندي
بما بَسَطوا لي أيْدِياً مَلَّكَتْ يَدِي / أعِنَّةَ أعنْاقِ المُسَوَّمَةِ الجُرْدِ
وما مَهَّدُوا لي من فِراشِ كَرَامَةٍ / وَمَا أتْبعُوني من لِواءٍ ومن جُنْدِ
وكم جَلّلُوني نِعْمَةً قَدْ جَلَوْتُها / عَلَى غابِرِ الأزمانِ فِي حُلَّةِ الخُلدِ
فإنْ تَمْتَثِلْها مِنْهُمُ فيَّ فَذَّةً / فَكَمْ حُزْتُها مِنْهُمْ عِدَاءً بلا عَدِّ
وإن تَحْبُنيها عَنْ تَناهِيكَ فِي النُّهى / فقِدْماً حَبانِيها أبوكَ مِنَ المَهْدِ
وإن عَمَّ أهْلَ الأرضِ فَيْضُ نَدَاكُمُ / فإنِّيَ قَدْ بَرَّزْتُ فِي شُكْرِكُمْ وَحْدِي
بَدائِعُ أضْحَتْ فِيكُمُ آلَ يَعرُبٍ / أوَائِلَ مَا قَبْلي وآخِرَ مَا بَعْدِي
وما بُعْدُ عهدي عَنَكَ يُنسِي عُهُودَهُمُ / إليكَ بحقِّي من وفائِكَ بالعَهدِ
ولا نأيُ دارِي عَنْكَ يُبْلي وَسائِلاً / جَلِيٌّ بِهَا قُرْبي وَفيٌّ بِهَا بُعْدِي
فَلا أخْطأت أسْيافُكُمْ سَيْفَ مُعْتَدٍ / ولا خَذَلَتْ أيْدِيكُمُ ظَنَّ مُعْتَدِّ
ولا زَالَتِ الأيامُ تُشْرِقُ مِنْكُمُ / كَمَا أشْرَقَ الإحسانُ من عِنْدِكُم عِنْدِي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025