المجموع : 7
إِلى وَعدِها أصْبو وَهل يُنجَزُ الوَعْدُ
إِلى وَعدِها أصْبو وَهل يُنجَزُ الوَعْدُ / وما سَئِمَتْ أَسْماءُ مِنْ خُلفِها بَعدُ
سَجِيّتُها في القُرْبِ أن تُخفِيَ النَوى / وَعادَتُها في الوَصْلِ أن يَنشأ الصّدُّ
تَعِزّ عَلى الجانِي وتَعْزُبُ رَوْضَةً / فليسَ الأقاحي مُستَراداً ولا الوَرْدُ
وَقد كُنّفَتْ خِدْراً بأُسْدٍ خَوادِرٍ / مَتى كانَت الغزلان تكنفُها الأُسدُ
صَليلُ المَواضي البيضِ دون قبابها / تُناغيهِ في تَصْهالِها السُبُق الجُرْدُ
أصَابتْ عَلى عَمد مَقاتِلَ صَبِّها / فَيَا لَعَميد قَتْلُهُ في الهَوى عَمْدُ
وَمُقْتَدِحٍ بالعذْلِ زَندَ صَبَابَتي / يُشيرُ بِما يُسْلي وَقد شرِيَ الوَجْدُ
ويَدعو إِلى الإغفاء طَرْفاً مُؤَرَّقاً / وبِالقَلْبِ ما يَثْنيهِ عنهُ وَما يَعْدُو
إِذا انْعَقَدَتْ لي في الإفاقَةِ نِيّةٌ / من الحُبِّ حَلّتْها الدَماليجُ والعِقدُ
وإن عَرَض الوادِي ونَكّبت مُعرِضاً / حَدا بِركابي نَحوَه البانُ والرَّندُ
رَعى اللّهُ قَلْباً لِلأذِمَّةِ رَاعِياً / إِذا خُفِر الميثاقُ أو نُقِضَ العَهْدُ
وَرَكْباً أفادَتْني الليالي وَلاءهُم / لهم بالعُلى وَجدٌ وفي سُبلِها وَخدُ
بفَضْلِ حِجاهم أو بفضلِ خِطابِهِم / يُفتحُ مُنْسَدّ ويُفْرَجُ مُشْتَدُّ
أجَابُوا إلى الحُسْنى دُعاءَ خليفَة / كَفَى آمِليه الوَعْدَ إحْسَانُه العِدُّ
فقُلْتُ لهم لمَّا بدا مَعْلَمُ النَّدى / أَريحوا المَطايا إنَّه المِصْقَع الفَردُ
ولا تكلَفُوا بالنَّدِّ وَالمِسْك بَعدها / تُراب أبي فِهْرٍ هو المِسْك والنِّدُّ
جَنابٌ عَزيزٌ خَطَّه المَجْدُ والعُلَى / وألقَى عَصَاه وسطَهُ اليُمْنُ والسَّعْدُ
وَرَوْضٌ نَضيرٌ جادَهُ الجُودُ وَالنَّدى / فليسَ يُبالي بَعدُ ما صنَع العَهْدُ
نَمَت صُعُداً في جِدَّةٍ غُرُفاتُهُ / عَلى عَمَدٍ مِمّا اسْتجادَ لَها الجَدُّ
تُخُيِّلْنَ قاماتٍ وهُنَّ عقائِلٌ / سِوى أنَّهَا لا نَاطِقَاتٌ ولا مُلْدُ
قُدودٌ كَسَاها ضَافِيَ الحُسْنِ عُرْبُها / وأمْعَن في تَنْعيمِها النَّحْتُ وَالقَدُّ
تُذَكِّرُ جناتِ الخُلودِ حَدائِقٌ / زَواهِر لا الزّهراء مِنها ولا الخُلدُ
فَأَسْحَارُهَا تُهْدي لها الطيبَ مَنْبِجٌ / وآصالُها تَهْدِي الصَّبا نَحْوَها نَجْدُ
أنافَ عَلَى شُمِّ القُصورِ فَلَم تَزَلْ / تَنَهَّدُ وَجْداً لِلْقُصور وتَنْهدُّ
رَحيبُ المَعاني لا يَضيق بِوَفْدِهِ / ولَوْ أنَّ أهْلَ الأرضِ كُلَّهمُ وَفْدُ
تَلاقَى لَدَيْهِ النُّورُ والنَّوْر فَانْجَلَتْ / تَفَارِيقَ عَنْ سَاحَاتِهِ الظُّلَمُ الرُّبدُ
وحُفَّ بِأَعْنَابٍ ونَخْلٍ نَواعِمٍ / تَكاد فُروعاً بالنواسِم تَنْقَدُّ
مِن البَاسِقَاتِ السابِقاتِ بِحَملِها / إذا تُعْسِرُ الأشجار كانَ لها وَجْدُ
عَلَيها من القِنوان عِقْدٌ ودِملِجٌ / وإن لَم يكُن جيدٌ لدَيها ولا عَضدُ
فتِلك عُرُوشُ الياسَمينَ وزَهْرُهُ / كَزهر النجوم وَسطَ أفلاكِها تَبدُو
وَذاكَ نَضيدُ الطلع والطلحِ قَد جَلا / مَحاسِنَهُ للأَعيُنِ اليَنْعُ والنَّضْدُ
ولاح لنا خوخٌ كَما خَجِلَ الخَدُّ / ويَانع رُمّان كما كَعِبَ النَّهدُ
وَجَوْزٌ لهُ مُبْيَضُّ لُبّ وإن ضَفَا / عَلى مَتْنِهِ جَوْنٌ مِن القِشْرِ مُسوَدُّ
وَعَنَّ جَنَى العُنّاب غَضّاً كأنّما / تُلاحِظُ من أفنانِهِ حَدَقٌ رُمْدُ
وَإِلا كَما أبدَتْ بناناً مطرَّفاً / مِن السُندسِ المَوْشيِّ خَمصانَة رُؤْدُ
وَلَوْ قَنَأَ النارنجُ أبْصَرْتَ أغصُناً / بِها مَاؤُها تُبدِي جِماراً لَها وَقْدُ
وَكَم لِمَةٍ للآس تَقْطُرُ جَعْدَةٍ / يُؤَمَنُها مَسَّ الجُفوفِ ثَرىً جعدُ
حَوالي قِبابٍ فُجِّرَ الماءُ وَسْطَها / فَأَنْحى عَلَى حَرّ المَصيفِ لهُ بَرْدُ
وَمَرَّ كأيمٍ في مَذانِبِ مَرمَرٍ / يلِجُّ قَسيباً مِثلُ ما جَلجَلَ الرَّعدُ
وَخاضَ حَشَا بَحْرٍ هُنَالِكَ طافِحٍ / كَما قُدَّ بالعَضْبِ الرّهيفِ الظبَى سَرْدُ
تَطَلَّع منها كلُّ حسناء جِسمُها / لُجَينٌ وَلِكن من نُضار لَها بَردُ
تَناهَتْ جَمَالاً أو جَلالاً فأصْبَحَتْ / تَنِدُّ عَلى الأوْصافِ إِذْ ما لها نِدُّ
جَنَيْنا بِها الإسعادَ من مَغرِسِ المُنى / وَحَفّ بِنا أثْناءها الرِّفْهُ والرِّفْدُ
وَذابَ لَنا فيها النَّعيمُ فَلا تَرَى / سِوَى ذائِب هَزْلاً وشمَتُهُ الجِدُّ
أفانِينُ شَتّى والفَواكِه شُفِّعَتْ / بأطْعِمَةٍ يَعْيا بِها الشكرُ وَالحَمدُ
طَيَافُرها مُسْتَوْسِقاتٌ كأنَّها / وَسائِقُ تَطمُو أَوْ كَراديسِ تَشتدُ
فبَعضٌ ضَعيفٌ يَحسُر الطرْفَ دُونَه / وَبَعْضٌ قَديرٌ دُونَهُ يَحْصُرُ العَدُّ
أَتتْ بِجِفانٍ كالجَوارِي تُديرُها / عَلَينا طُهاةٌ دأبُها الخَفْرُ والحَفدُ
فَما يُشتَهى مِنْ لَحمِ طَيْرٍ كأنّنا / وَما ضَمّنا الأَبرارُ تُحبَرُ والخُلدُ
عَلى مائِداتٍ ضافِياتٍ غَضارَةً / تَروحُ بِأَصْنافِ النعيمِ كَما تَغدُو
وَقَدْ حَمّلُوها كُلّ مُزدَفر بها / يُرَى دارِما وَهو السَّليكُ إِذا يَعدُو
وَعُجِّلَ عِجلٌ سُنةً فارِضُ القِرَى / حَنيذٌ وُعدْناهُ فَما استَأخَرَ الوَعدُ
تَجَلّى يَسُرُّ النّاظِرِينَ كأنَّما / تَجَلَّلَ رَقْرَاقَ العَبِير لَهُ جِلْدُ
ورُدِّيَ كافُورَ الرّقاقِ مُصَنْدَلاً / لِيُونِقَ ضِدٌّ فيهِ قَابَلَهُ ضِدُّ
فَلا وَأَبِينا ما أَبَيْنا كَضيفِهِ / تَنَاوُلَهُ بَلْ سابَقَ الرّاحةَ الزَّندُ
تَخَيْرتَ مُخْتَارَ الخَلِيفَة لِلْعَهدِ
تَخَيْرتَ مُخْتَارَ الخَلِيفَة لِلْعَهدِ / فَرَوّيْتَ أَمَحال البَسِيطَةِ كالعهْدِ
وأَسْعَفتَ أَهل العَقْد والحلِّ في التي / تَقَلّدَها أبْهَى نِظَاماً مِن العِقْدِ
مُشيداً بِمَن في الخافِقين لبَيْعةٍ / كَفَتْ كُلّ مُشتَطٍّ من الَبغْي مُشتَدِّ
ومُعْتَمِدا نصْر الوُلاة عَلى العِدَى / بِمُعْتَمِدٍ في باذِخِ الشّرَفِ العِدِّ
فبَيْنَ مُجِيبٍ يُمْنَها وموَجِّبٍ / ولايةَ مُستَوْلٍ على الهَدْي والرُّشْدِ
وَفي رَجَبٍ ما هُنِّئوا بانْعِقادِها / لِيَهْنِئهَا فَرْدُ الشهورِ إلى فَرْدِ
فَأَرْجَأتَ ما رجَّوْهُ عَن حِكمَةٍ قضَتْ / بِإِحكامِها في أوْسَطِ الحُرُمِ السَّرْدِ
وعندَ حُلولِ الشمسِ بِالحَملِ انتَهى / بِإسْعادِك الإبْدارُ لِلْقَمَرِ السّعْدِ
وَمَا عَنْ مُحابَاةٍ عَهدْتَ بِنَصْبِه / ولَكِن لحبّ الفَوْزِ في جَنّةِ الخُلْدِ
لَعمْرُ الهُدى ما أجمَعَتْ أُمَّةُ الهُدى / عَلى غَيرِ مَهديِّ المَرَاشِدِ في المَهْدِ
ولا استَظهَرَت إِلا بِأَظْهَر قَائِم / لنجدتِهِ فيضٌ عَلى الغَورِ والنجدِ
سَمَا بِأمانِيها سُمُواً بها انْتَهى / إلى الغايَةِ القُصْوى مِن النَصْرِ والعَضدِ
فإن وُعدَتْ قِدْماً مُنَاجَزَةَ العِدى / فَرايَتُهُ الحَمْراءُ مُنْجِزَة الوَعدِ
تَمَلّكُ أعْطافُ المَنابِرِ هزّةٌ / كَما هَفَت الأرْواحُ بالقُضُبِ المُلدِ
وأعْلامُ دِين الحَقِّ تَزدادُ عِزَّةً / بِدَوْلَةِ ماضِي الحَدّ مُسْتَقبَل الجَدِّ
إلَى الأصلِ من عدنان يُعزَى عَدِيُّه / وَلا غَرْوَ أنْ تُعْزَى الصّوارِم للهِنْدِ
هُوَ المُرْتَضَى والمُنتَضَى قَد تَكَفَّلَتْ / مضارِبُهُ بالعَضْدِ في اللّهِ والخَضْدِ
إِذا اتّجَهَت صَوباً سَحائِبُ عِلْمِه / ونائِلِهِ أنْحَتْ عَلَى الجَهْلِ والجَهْدِ
تَحُجُّ مَعالِيهِ المُلوكُ فَتَنْثَنِي / صُمُوتاً وَإن كانَت أُلِي أَلْسُنٍ لُدِّ
ويَقْضِي عَلى التّثليثِ فَيصَلُ بَأسِه / لِطائِفَةِ التّوْحيدِ في القُرْبِ والبُعْدِ
كَأَني بِعُبَّادِ المَسيحِ لِعِزِّهِ / وَسَيِّدُهم يُقْتَادُ فِي ذِلَّة العَبْدِ
ولَكِنْ عَلَى أعْقَابِ هَيْجاءَ نَارُها / بماءِ الحَديدِ السَّكْبِ مُضْرَمَةُ الوَقْدِ
تَخُوضُ لنيْلِ الثّأر فيهِم خُضَارَةً / كَتيبَتُهُ الخَضْراءُ غُلْباً عَلى جُرْدِ
وتَحْتَ لِواء النّصْر لَيْث غَشَمْشَمٌ / يَهيمُ بِوَرد المَوت كَالأسَد الوَرْدِ
بَدا فجَفَا إِلا حَواشِيَ لَمْ يَكُن / لِرِقَّتِها في غِلْظَةِ الحَرْبِ من بُدِّ
فَيكلف بالخَطِّيِّ في سُمرة اللمَى / ويَصْبو إلى الهنْدِيِّ في حُمرَةِ الخَدِّ
مِن القَوْمِ يَلْقَوْنَ العُداةَ بِوَقْسِها / أولئِكَ جُنْدُ اللّهِ يَا لكَ مِن جُنْدِ
حَديثٌ مِن الفَتحِ القَريبِ رُواتُه / مُنَزَّهَةٌ في النقلِ من وَصْمَةِ النَّقدِ
هَنِيئاً ليَحْيَى أنَّه بِمُحَمَّدٍ / توخَّى أَوَاخِيَّ الخِلافَةِ بالشَّدِّ
وَشادَ بِحَيْثُ النيّراتُ بِنَاءَها / عَلى عَمَدٍ للعدْلِ قامَتْ عَلى عَمْدِ
إِمامٌ أَرانا مِن إمَامةِ نَجْلهِ / مَنِيّةَ مُستَعصٍ ومُنْيةَ مُسْتَعْدِ
نُجومُ الدُّجَى من سُهْدهِ في تعجُّب / وإنَّ رَعَايَاه لَيُعْفَونَ منْ سُهْدِ
لَهُ سِيرٌ حَفْصِيَّةٌ ما اشْتمالُها / سِوى سِيراء المَدْحِ تُونَق بالحَمْدِ
متَى رَامَ أمراً فالمُلوكُ أمامَه / لإنْجازه قَبْلَ المَلائكِ في حَفْدِ
عِدَاه لِقَتْلٍ أو لأسْرٍ بِأسرِها / فَإمّا إلى قَيْدٍ وإمّا إلى قدِّ
أدارَ عَلى قَيْسٍ وأمْلاكِها الرّدى / فلَم يَكُ عَنهُم لِلكَوائِنِ مِن رَدِّ
وتاللّهِ ما شَرْقُ البلادِ وغَرْبُها / لِسُلْطانِهِ إِلا هَدايا لِمُستَهْدِ
أعِدْ نَظَراً فيما له من وقائِعٍ / تجِدْها بِحُكم الجدِّ مُعوزَةَ العَدِّ
غَزَتْهُمْ ولَمّا يَسْتَقِلّ سُعودهُ / فَمِنْ صَدرٍ يشْفي الصُّدورَ ومِن وَرْدِ
وَكُفْت لِفيه واليَدَيْنِ عليهِم / ظُباهُ بِأعلى ذِرْوَة الشامخ الصَّلْدِ
فقَد أبْصَروا أَلا خُلُودَ لِمُلْكِهِم / وَإن أصْبَحوا عُميَ البصائرِ كالخُلدِ
وبِالغرْبِ من أعقابِهم غيرُ غُبَّرٍ / تَيَقَّنَّ أنْ تَردْى إِذا جيْشهُ يُرْدِي
وهَلْ ملكتْ للأمرِ والنَّهْي مِقودَاً / أمَيّةُ يَوماً بعد مرْوانِها الجَعْدِ
سَقى اللّه مَعْهوداً إلَيْهِ وعاهِداً / كِفاءً لِمقدارِ الخِلافةِ والعَهْدِ
وخُلِّد للدنيا وللدّينِ منهُما / إمامَيْنِ في التقوَى نِطاقَيْنِ للمَجْدِ
أجَارَ مِنَ الخَطْبِ الأميرُ مُحَمّدُ
أجَارَ مِنَ الخَطْبِ الأميرُ مُحَمّدُ / فَقُمْت بِما أوْلاهُ أُثْني وأحْمَدُ
ويَوْمَ أتَتْني بالبِشارَةِ رُسْلُه / سَجدْتُ وفي التبشيرِ للّهِ يُسْجَدُ
وأَمَّلْتُ بالشكرِ المزيدَ من الرِّضى / وأَيّةُ نُعْمَى كالرِّضى تتزَيّدُ
وظَائفَ ما أهْمَلْتَ حيناً أداءها / وبعضُ شهودِي الأمسُ واليَوم والغَدُ
هُمامٌ كَفاني الحادِثاتِ اعْتِبارُهُ / وقَدْ عنَّ لي مِنها مُقيمٌ ومُقْعِدُ
فَلا مِنّةٌ إلا لَهُ في تخَلصي / بِيُمْن مَساعيهِ الكِرَام ولا يَدُ
ومَنْ يَكُ فَرْعاً للإمَامةِ والهُدَى / فإنَّ جَنَاهُ الغَضَّ مَجْدٌ وسُؤْدَدُ
رَآنيَ مرْدودَ الشّرائعِ كُلّما / تَقَرّبْتُ بالإخْلاصِ أُقصَى وأُبْعَدُ
نَصيبي من الآدابِ حِرْفَتُها التي / شَقِيتُ بِها جاراً لمَنْ بَاتَ يُسْعَدُ
ولِلْحَظِّ لحْظٌ كَلَّ دُونَي خَاسِئاً / كَأني وإياهُ شُعَاعٌ وأرْمَدُ
فَجمَّعَ مِن شَمْلي وشَمْلي مُفَرَّقٌ / وَرفَّه من شِربي وشرْبي مُصَرَّدُ
وصَرّحَ بِالبُقيا ومازالَ مُنْعِماً / له مَصْدَرٌ في الصالِحاتِ ومَوْرِدُ
وكانَت هوىً ألقى إلَيها بِيَ الهَوى / فَخلّصَنِي منها مُعَاٌن مُؤَيَّدُ
تَشَفّعْتُ فيها للإمامِ بِنَجْلِه / ونِعْمَ شَفيعُ المذنبينَ مُحَمَّدُ
سَلامٌ كَما افْتَرّ الرّبيعُ عَن الوَرد
سَلامٌ كَما افْتَرّ الرّبيعُ عَن الوَرد / وفُضّ خِتامُ المسكِ والعَنبرِ الوَرْدِ
وزَارك مَنْ تَهواه غِبّ قَطيعَةٍ / عَلى غَيْرِ ذِكْرٍ مِنْ لِقاء ولا وَعْدِ
أخُصُّ به مَثْوى أبي الحَسَن الذي / تكُنُّ الحَشا مِن حُبهِ ضعفَ ما تبدِي
تَحِيّةَ معْمور الفُؤادِ بِذكْرِهِ / عَلى كلِّ حالٍ من دُنُوّ ومن بُعْدِ
مُقيمٌ عَلى رَعْي العُهودِ التي خَلَتْ / إِذا لَم يُحافِظْ كُلُّ خِلٍّ عَلى العَهدِ
قُصَارك جَهْلاً في حيَاة قَصيرةٍ
قُصَارك جَهْلاً في حيَاة قَصيرةٍ / أمانٍ طِوالٌ بِئْسَ مَا تَتَزَوّدُ
تَجُود بِمحْياك الليالي على الرَّدى / وأنْتَ على دُنْياك بالدّينِ أجْوَدُ
لَقَد أبْرَقَتْ فيها المنايا وأرْعَدَتْ / وما لكَ عنْ طُولِ الذُّهول مُطَرَّدُ
تَجرّدْ مِنَ الدّنيا فإنّك إنّما / خَرجْتَ إلى الدُّنيا وأنتَ مُجَرَّدُ
أَشَادَ بِها الدَّاعِي المُهيبُ إلَى الرُّشْدِ
أَشَادَ بِها الدَّاعِي المُهيبُ إلَى الرُّشْدِ / فَهَبَّ لَها أَهلُ السعَادَة بِالخُلْدِ
وِلايَةُ عَهْدٍ أنْجَزَ الحَقُّ وَعْدَه / بِتَقْلِيدِها مِنْ أهْلِهِ الصادِق الوَعْدِ
وبَيْعَة رضْوانٍ تَبَلَّجَ صُبْحُها / عَنِ القَمَرِ الوَضَّاحِ فِي أُفُقِ المَجْدِ
تَجَلتْ وَجَلَّتْ عِزّةً فَليَوْمها / مِنَ الدَّهْرِ تَفْويفُ الطّرازِ مِنَ البُرْدِ
وَحَلَّتْ بِسَعْدِ الأَسْعدِ الشَّمسُ عِنْدَها / فَأيِّدَ فِي أَثْنائِها السَّعْدُ بِالسَّعْدِ
وَلَمَّا أَتَتْ بَيْنَ التَّهانِي فَريدَةً / تَخيَّرَها التَّوفيقُ فِي رَجَبِ الفَرْدِ
أَبَى الدِّين والدُّنيا وُلاةً سِوَى بَنِي / أَبِي حَفْص الأَقْمَار وَالسُّحْبِ والأُسْدِ
وَإِنْ ضَايَقَتْ فيهَا المُلُوك وَعَدَّدَتْ / مَنَاقِبَ تَحْكِي الشُّهبَ فِي الظُّلَمِ الرُّبْدِ
فَإِنَّ كِتابَ اللَّهِ يَفْضُلُ كُلُّهُ / وَقَدْ فَضَلَتْهُ بَيْنَها سُورَةُ الحَمْدِ
وَفِي شَجَراتِ الرَّوْضِ طيبٌ مُعَطَّرٌ / صَباهُ وَلِلأُتْرُجِّ مَا لَيْسَ لِلرَّنْدِ
وَكُلُّ سِلاحِ الحَرْبِ بَادٍ غَناؤُهُ / ولَكِنْ لِمَعْنىً أُوثِرَ الصارِمُ الهِنْدِي
عَلى زَكَرِيَّاءَ بْنِ يَحْيَى التقى الرِّضَى / كَما التَقَتِ الأَنْداءُ صُبْحاً عَلَى الوَرْدِ
عَلَى المُرْتَضَى بنِ المُرْتَضَى فِي أَرُومَةٍ / نَمَتْ صُعداً بالنَّجْلِ والأَبِ والجَدِّ
عَلَى المُكْتَفِي والمُقْتَفِي نَهْجَ قَصْدِهِ / وَمُشْبِهِه في البَأْسِ وَالجُودِ وَالجَدِّ
وَلا وَدّعُوا يَومَ النوَى جارَةَ الحِمَى
وَلا وَدّعُوا يَومَ النوَى جارَةَ الحِمَى / وَلا أَطمَعُونِي فِي الوُصولِ إِلَى دَعدِ
وَلا عَلَّلُوا مِن عِلَّةِ البَينِ وَالأَسَى / أَسِير الأَمانِي فِي هَوان مِن القَيدِ
فَيا هَلْ يَلذُّ العَيشُ مِن بَعدِهم وَهَل / تَعودُ الليالِي بِالقَديمِ مِنَ الودِّ
وَهَل تَسمَحُ الأيامُ بِالوَصلِ بَينَنا / وَبَينَ المُنَى أَم لا يَفِي الدَّهرُ بِالعَهدِ
فَمَن لِي وَلَو بِالطيفِ فِي عالَمِ الكَرَى / يُخبرُ عَنْهُم مَا يُقالُ عَلَى هِندِ
أَتَذْكُر دارَ عِزِّها عزَّةَ البَها / فشعش نَفْساً ودُّهَا صادِق الوَعدِ
فَلَيْتَ صَدِيقاً يُنبِئُ الحَيَّ عَنْهُم / بِأَنَّ صدُوقَ الوَجدِ حَدَّثَ بِالعَهدِ
وَمَنْ ليَتيم الدَّهرِ أَصْبَحَ باكِياً / عَلَى ثَدْي أُمّ باكٍ وَهوَ فِي المَهدِ
تَقولُ تَجلَّدْ لا تَمُت كَمَداً لَها / وَصَبْرِي عَنْها حائِرٌ وَهْيَ فِي لَحدِ
فَكَيفَ يَطِيبُ العَيشُ وَالصَّبرُ مَيِّتٌ / وَكَيفَ يُفيدُ العَذْلُ فِي غَمْرَةِ الصَّدِّ
تُوبِخني الأَحْداثُ وَالشَّيْخُ عاذِرِي / عَلَى سَفَهٍ فِي الحلْمِ يَا حَسْرَتِي وَحْدِي
فَكَم أَشْمَتَتْ بِي العِدا مِن عِداتِها / مَوَاعِد عرْقُوب أَخا الطمَعِ المُردِ
وَمَا أَشعَبِي الخِلالِ إِلا كَباسِط / لِيَشرَبَ راحاً بِالإِشارَةِ فِي الوَهدِ
وَكَيفَ بُلوغُ الماءِ وَالكَف رازِم / إِلَى فَم ظامٍ لا يَعبُّ مِنَ العَدِّ
فَواضَيْعَة الأَعمارِ فِي غَيرِ حاصِلٍ / وَيا خَيبَة الأَعمارِ مِن طائِلِ الرفدِ
وَوَاعَجَبِي مِن خُلْفِ وافٍ بِعَهدِهِ / وَمن عَثرَة المَخْدُوعِ لَم يَسلُو بِالرَّدِ
إِذا ما يُنادِي الناسُ قامَ بِلا دُعا / طُفَيْلِيَ أَعراس يخب وَقَدْ يَردِي
تُعَنِّفُهُ الردادِ فِي غَيرِ مَرَّةٍ / وَلا يَنْثَنِي عَنْ بابِهِم ساقِطَ الوَغدِ
فَما حيلَةُ المَخْبولِ مِن أَصلِ خلقِهِ / عَلَى الطمَعِ الفَضَّاحِ وَالسفَه الفنْدِي
أَبَعْدَ امتِحان الدَّهْرِ يَجْمُلُ بِالفَتَى / ركُون إِلَى الأَوهامِ أَو حلم تُرْدِي
وَقَدْ شابَ قَرْنِي وَالشبابُ مُوَدع / وَشَيبتُ قَرْنِي فِي الكُهُولِ وَفِي المُردِ
وَقَد حَكَّنِي الدَّهرُ المُهَذَّب صَرْفه / يؤدِبُني كَالطفْل فِي مَكْتب الجدِّ
وَذَوَّقَنِي بَعْد الحَلاوَةِ قَارِسا / وَمُرّاً وَبَعْد العِزِّ ذُلا علَى فَقدِ
فَأَصبَحْتُ خَلْفَ الأنْس فِي وَحْشِ غُرْبَتِي / أكابِد مَا يَلْقَى بِها الحائِر المكدِي
وَأغرَب شَيء فِي الحِكَايَةِ سُغْتُه / لِتَذْكيرِ نَاس مَا أضل مِن الميدِ
وَكُنْتُ حَسبت التيس مِن سُوء غِرَّتِي / وَشِبْه الخصا بِالضرْعِ عَنْزا عَلَى بُعدِ
فَلَما أقَمت التيس للحَلبِ واستَوى / قَرِيباً مِن القربي تَيقنْتُ بِالضدِ
وَمِن عَجَبِ الأَشياءِ فِي الوَقْتِ طالِح / وَشَاخَ مَعَ الصُّلاحِ لَولاي بِالكَيدِ
أَلَيْسَ مِن البُهتانِ كَوْنُك صالِحاً / وَتَطوِي لِشقِّ الدينِ كَشحا عَلَى حَقدِ
وَمَنْ يَحتَطِب كُل الشظَايَا لِبَيتِهِ / يَجِد فِي زَوَايا البَيْتِ سَقْطا مِن الزندِ
فَمَا عُذْر جَافٍ لا يُبَاكِر فِي الرِّضَى / إِلَى خَيْرِ وَافِ لا يَبِيتُ عَلَى حَردِ
وَكَمْ بتُّ وَالأَفراحُ فِي غُرفَاتِنَا / إِلَى أَن تَجَلى الصُّبح فِي صُورَةِ الخودِ
وَعانَقَتْ أَبكَارُ الحُبور مِن الصفَا / وَبَاكَرَتْ أَقدَاحُ الحُضورِ مِن الوَجْدِ
كَأَن لَمْ يَكُنْ فِي الرَّكبِ حاجِبُ عَينِهِ / وَلا جَاءَ مِن غَرْبِ الهَوَى ناشِر البندِ
وَلا جالَ فِي شَرْقِ الهَوَى مَشْرِق الضحَى / وَلا قالَ فِي ظِلِّ العُلا شامِخ الطَّودِ
وَلا اعْتمَّ فِي صَدْرِ المَجَالِسِ مالِك / وَلا حاتِم الأَضيافِ فِي لَيْلَةِ البَردِ
وَلا قَيْس حُب أَو مَفاخِر دارِم / وَلا قَس لب قَطُّ أَو طَرفة العَبدِ
وَحَسبِيَ مِن ذِكْرِ الفخَارِ عَلَيهِم / بِأَنِّي فِي الأَشهادِ خاتِمَة العَدِّ
فَإِن أَنَّبتنِي سُوقة وَتَعَنَّتَت / عَلي وَظَنت رِيبَةً أَلسنُ النقدِ
فَما عَلِمُوا أَنِّي الجَوادُ بِنَفْسِهِ / وَكَيفَ يَغرّ المالُ عيسَى مِنَ الزُّهدِ
وَلا علم العَميان والفَجْر صادِق / بِأَن الضُّحَى يَمتَد لِلسالِكِ الفَردِ
فَأَيْنَ يَكونُ الباغِي مِن حُر يَومِه / وَأَنَّى يُقِيل الطاغِي فِي قيعٍ جُردِ
فَلا تَعْجَبا مِما انْثَنَى عَطْف حَاسِد / يُكابِرُ كَيْداً وَهوَ كَالقاذِفِ الشهدِ
فَما غَيَّر البَحرَ وَالفُراتَ مزاحِمٌ / عَلَى مَضَض وَالعَذْبُ فِي حَجَرٍ صَلدِ
وَلا ضَار شَمساً أشْرَقَت منكر الضُّحى / وَلا جَحْدُ جافٍ لِلبُدورِ مِن الرُّمدِ
إِذا اتَّسَقَت فِي الفَرْعِ وَالأَصلُ طَيِّبٌ / فُنُونُ النَّدَى وَالطبْعُ شهْدٌ مَعَ الزُّبدِ
فَذاكَ كَمال الفَضْلِ وَالنبْل شاهِد / لِيَقْضِيَ بِالقُسْطَاسِ وَالٍ بِلا كَيدِ
أَتُخزَى بَنو العَبَّاسِ وَالمَجْدُ فيهِمُ / وِرَاثَة جَدّ لا شِراءَ عَن الجدِ
وَتَعلُو بَنُو الأَوباشِ دُونِيَ فِي المَلا / وَلا تَرْعَوِي عَنْ غَيِّها شِيعَة القردِ
وَماذَا عَلَيَّ فِي الحُثالَةِ قادَها / إِلَى حَتفِها المَغرُور بِالبَطلِ الجدِّ
وَفِي خَبَل خَتمُ السُّلافَةِ بِالصَّفَا / وَحَبْلُ الوَفا بِالعَهدِ يَجرِي مَعَ الأَيدِي
وَمَازالت السَّمحاء يَنْهل مزنُها / بِكُلِّ سَبِيل مِنْهُ شرْبٌ لِذي ذودِ
وَقَد تنجِد الأَنْوَاء وَاليَأسُ غالِب / عَلَى أَمَل عَيْشَا مِن الأَزدِ
وَيَنْشَقُ عَن فَجْر مِن الفَرَجِ الدُّجَى / وَيَنْجابُ فِي عَصْر ضَبابُ الهَوي الوَردِ
وَفِي سُوقِ أَربَابِ البَلاغَة وَالنُّهى / سَمِين وَغَث منتَقَى العندِي
وَمن عِنْدِيَاتِ المَرْء حُبلَى وَسَاقِط / وَمِنها السها وَالبَدر فِي نَظَرِ الحدِّ
وَلا يَضْربُ الأَمثالَ إِلا لِجهبذ / حَكِيمُ الأَيادِي فِي قَوافِي الفَتَى الأيدِي
وَمِن عَجَب الأَيامِ فِي كُلِّ مَطلَع / تَلَوُّنُها كَالقَوْل يأتِيكَ بِاللدِ
وَمَا أَحمَد الأَحوالِ إِلا كَقابِض / عَلَى جَرة بِالكَف من ساعد السعدِ
وَعِندَ الجهينِي فِي الحِكايَةِ مخْبر / يَقِينِي كَرَأْيِ العَينِ مِن حازِم الكردِ
تَحَجَّبَ فِي بَيتِ الحُكومَةِ قاسِط / وَوَاكف عَدل فِي القَضا هاتِن الرعدِ
وَلَو عَلِمَ المرتاب مَا يَعقُب الجَفا / لأَرْبابِهِ لاقتَصَّ مِن نَفسِهِ يَفدِي
وَلا صَدَّ عَن بابِ الإِشارَةِ قاسِط / مُفِيض الثنا فِي الأَرضِ كالعارِض الحدِّ
فَأَصبَحَ مِن وَقعِ الهتُون عَلَى الرُّبى / عَزِيزُ بِنَاء الجُدرِ فِي ذِلة الهدِّ
وَقامَ خَطيبُ الجمعِ فِي جامِع الصفَا / عَلَى منبَرِ التمكِينِ يَدعُو إِلَى الرشدِ
فَشابَ لَها قَرن الوَليدِ وَلَم تفد / مَعاقِلُ مَنع دونَها فاتِكُ الأسدِ
هُنالِكَ لا يَنجُو مِن الهَولِ هالِك / تَحصن مِن رَيبِ الحَوادِثِ بِالرَّصدِ
فَيا حَسرَة المَسبُوقِ وَالوَيل لازِب / لِمُنخَدِعٍ مِن فَتكَةِ الأَسَدِ الوَردِ
وَما وزر المَغرور إِلا سَحابَة / تَظَلُّ قَلِيلاً ثُمَّ يضحَى عَلَى وَقدِ
وَقَد تَصدق الأَحلام وَالظن كاذِب / وَلَيسَ كَرَأيِ العَينِ مِن خَبَرٍ عندِي
وَأَجمَل شَيء فِي العُلا عَفو قادِر / عَلَى مُذنب لَم يَقتَرِف زِلة الجَحدِ
وَمن ساوَرَ الضرغام أَصبَح باكِيا / عَلَى فَقدِهِ مَحبُوبه حينَ لا يُجدِي
فَلِلَّهِ دَرّ الطائِي فِي قَولِه وَقَد / أَجادَ وَقاس الجود بِالصاعِ وَالمدِّ
وَإِنِّي لعَبْد الضَّيف ما دامَ ثاوِيا / وَما بِيَ إِلا تِلكَ مِن شِيمِ العَبدِ
فَلا يَطمَع المَخذُول فِي عَفْو ماجِد / إِذا سامَهُ بِالمَكْرِ أَو نَخوَة الندِّ
أَتَرْضَى بِبُخْسِ الفَخرِ فِي مَوقِف النُّهى / وَسوق النُّهَى مَا بَينَ راخ وَمُشْتَدِّ
وَمِن كَرَم الحُرِّ الكَريم دِفاعُهُ / أَكُف الدَّنايا عَن جوارِه كالزَّردِ
فَلا يُحْمدُ الأَكْرامُ بِالصَّبْرِ فِي الرَّدَى / وَلا يُجْلدُ الضّرْغامُ كالكَلبِ بِالقَدِّ
وَمَن قاسَ بِاللَّيْثِ الكَبيرِ أُضَيْبِعا / فَسَوفَ يُريهِ الشّبْل مَا صارَ فِي الفَهْدِ
وَقَد يصْطَلِي المَحمُومُ وَاليَومُ صَائِف / وَلا يَشْعُرُ المَسْمومُ بِالضُّرِّ فِي الصَفْدِ