المجموع : 15
أَيا من بِهِ صارَ الزَمان سَعيداً
أَيا من بِهِ صارَ الزَمان سَعيداً / وَمِن كُلِ مَن وافاه آنس عيدا
فَصارَ مَجيداً مَن أَطاعَ وَمَن عَصى / بِصارمه الهندي صارم جيدا
فَكَم جازَ بيداً بِالحِجاز وَذكره / الينا مَع الرُكبان جاءَ زبيدا
بِقود بِهِ تَطوي الفَيافي كَأَنَّها / بِقَدح الحَصى تَصلي العداة وقودا
إِذا وَعَد الهندي بالريّ مِن دَم / رَأتهُ نُفوس المَعتَدين وَعيدا
صَبا لِلظبا لا للظبي حيثُ أَنه / يَصيد بِها يَوم التَصادم صَيدا
أذا اِلتَقَت الأَعدا وَحيد عَن الوَغى / أَتاه لُهام العَبدليّ وَحيدا
وَلَو شاءَ قادَ الجُند مِن كُلِ مسبغ / حَديداً مغل في الخَميس حَديدا
أَذا وَرَدوا رَوض الوَغى بِرِماحَهُم / جَنوا كُلَما راموا الصُدور وَرودا
جَنوا دَرَجات المَجد بالملك الَّذي / تَصير لَهُ سَود الأُسود جُنودا
سعودهم وافى وفيصلهم مَضى / وَذَلِكَ أَعيى فيصلاً وَسعودا
فَكُم تَرَكوا جَيشاً كَثيراً عَديده / عَلَيهِ تَطيل الثاكِلات عَديدا
وَما ذاكَ إِلّا مِن قَنا العادل الَّذي / أَقامَ بِحَد المُرهَفات حُدودا
جَميع بَني الدُنيا فَدَتهُ مُؤيداً / وَمَولى بِما يَولي الوُفود مُفيدا
وَدونَكَها مِمَن يَكاد لِقَصدكم / يَصيّر بِالنظم النُجوم قَصيدا
يَجل عَن التَعقيد سلك جمانه / وَلَو كانَ في جيد الحِسان عُقودا
أذا جاءَهُ حاشاكَ في النَظم ناقد / يرَيك لَبيد الناقدين بَليدا
وَما كانتَ الدَعوى شِعاري وَأَنَّما / رَأيت لِشعري في العِداة عَتيدا
حَسوا درَن الأَحقاد بُغضَاً وَأَنَّني / لَأَكرَه فَضلاً لا يَغيظ حَسَودا
فَتَكَت بِهُم مِن قَبل ذاكَ لِكَي أَرى / مَريدي بِسوءٍ لا يَصير مَريدا
شَددت بِكُم بَعدَ الإِلَه عَزائمي / فَكُنتُ عَلَيهُم بِالعَذاب شَديدا
وَأَني أَعيذ النَفس بَعدَ بَعَفوِكُم / وَإِن جَلّ ذَنبي أَو مَكَثَت بَعيدا
فَكَم مِن وجود يَممّتكم أَفضتُم / عَلَيهُم نَوالاً كَالسَحاب وَجودا
وَقَد سَدَت سادات العِباد فَأَصبَحَت / لِفَضلك يا اِبن العَبَدليّ عَبيدا
سَموت أَسود العَرب فَضلاً وَأَنَّني / لَأَرجو بِأَن تُسدى بِهِ وَأُسودوا
وَعش وَاِبق ما دامَ الجَديدان سالِماً / لِيَغدو بِكَ العز القَديم جَديدا
فَما تلد العُربان مِثلَك حازِماً / يَحوز المَعالي طارِفاً وَتَليدا
تَسابقك البُشرى بِملك مُؤبد
تَسابقك البُشرى بِملك مُؤبد / تَقول تَهنى بِالسَعيد مُحَمَد
لَقَد أَطلَع الرَحمن في مَصر كَوكَباً / تَجَلى عَلَيها فَاِختَفى كُل فَرقَد
وَقَد قَلَد الدين الحَنيف بمرهف / لَهُ قائم مِنهُ بَنصر الموحد
وَتَوج هام الملك بالملك الَّذي / بِدَولته تَعتَز ملة أَحمَد
وَأَسفَر وَجه الدَهر عَن غُرّة المنا / بِأَهيب بَسام عَزيز مُؤيد
وَحيد تَحَلّت أَنجُم السَعد باسمه / وَأَمسَت بِهِ السَيارة السَبع تَقتَدي
أَنارَت بِهِ الدُنيا وَدانَ لملكه / بِرَغم الأُنوف الشَمّ كل مسود
أَنامَ الرَعايا تَحتَ ظل أَمانه / فَلا رَوع ذي ظلم وَلا خَوف مُعتَد
وَقَد عَمّ نور العَدل مَصر فَأَشرَقَت / بِأَبلَج فَياض النَدى باسط اليَد
تَولى فَولى الجَور عَنها مَع العَنا / وَساسَ أَهاليها بِرأي مسدد
واحيي رُسوم الملك مِن بَعد ما عَفَت / وَنَظّم مِنها كُل شَمل مُبَدد
فَلَم تَرَ إِلا دَولة ملكية / بِهِ رفلت في ثَوب مَجد مُجَدد
وَعَهدي بِها دونَ الستور فَأَقبلَت / إَلَيهِ تَهادى في مَلابس سُؤدد
إِذا حَسرت باتَ الملوك بِحَسرة / تَردد فيها كُل فكر مُشَرّد
فَكَم مِن أُنوف أَرغَمَت في طلابها / وَكانَت شماخاً في حَضيض التَردد
وَتَكبر إِن تَهدى لِغَير مملك / سَعيدٌ أَعَزّ الوَجه طلاع أَنجَد
إِذا همّ أَمضى كُل أَمر فعزمه / أَحدّ وَأَمضى مِن حَديد المهند
فَقلدها طَوق السَعادة بَعدَ ما / تَعَطَل جيد الملك مِن كُلِ مسعد
وَأَلبَسَها تاج الفَخامة فَاِزدَهَت / عَلى رَونَق السَيف الصَقيل المُجَرّد
لَئن كانَت الدولات في الملك أَنجُما / فَدَولته شَمس بِها النَجم يَهتَدي
هُوَ الدائل السامي عَلى كُل سامك / وَجادع أَنف الظالم المُتَمَرد
وَمَغمد في هام البُغاة سيوفه / بِنَشر لِواء العَدل في كُل مَشهَد
وَمُستَبق الخَيرات في حَلبة الهُدى / وَناصر دين الهاشميّ المُمَجد
أَقام عِماد الملك مِن بَعد ميله / وَشيّد أَركان المقام المُشَيد
فَأَصبَح ثَغر الدَهر مُبتَسِماً بِهِ / تروح بَنوه بِالسُرور وَتَغتَدي
فَمن ناطق بِالحمد وَالشُكر وَالثَنا / وَمِن صامت يُصغي لِإِلقاء مُنشد
نَظمتُ لَهُ العقد الفَريد مهنئاً / وَأَعرَضت عَن صَوغ الكَلام المُعَقَد
وَقَد صنت شعري عَن سِواه وَإِنَّه / لعمري أَجدى بِالمَديح المُجوّد
لِأَني مِن القَوم الأُولى قَد تَسابَقوا / إِلى بَحرِهِ الفَياض في كُلِ مَورد
وَلَكِنَّهُم مِن بَعد رَيٍّ تَعَطَشوا / إَلَيهِ وَقَد حانَ الوُرود لمجتد
لتهنَ الجَواري المُنشِئات وَأَهلها / وَتَبسم بِالثَغر النَقيّ المُنَضَد
وَتَجري عَلى عاداتِها في مَسيرها / تَرَنح عَطفي عودها المُتأوّد
وَتَضرب ان مَرّ القُبول بِدَفها / عَلأى نَغمة تَزري بِنَغمة مَعبد
فضما حَبَسَت بِالرَغم إِلّا وَقَد حَكَت / صُقوراً هَوَت نَحوَ الحَمام المُغَرّد
فَبُشرى لِأَهل البَحر وَالبَر وَالعُلى / بَصدق مَوالاة وَحُسن تَودد
وَإِصلاح ذاتَ البَين بِالعَدل فيهُم / وَراحَتهُم مِن كُلِ باغ وَمُفسد
وَبُشرى لِأَرباب الحجا بِمُهَذَب / يَميز بَينَ الدُرّ وَالخَرَز الرّدي
لَقَد آن أن تَجلى الكُروب وَتَشتَفي / قُلوب الرَعايا مِن ظلوم وَأَنكَد
وَتَرفل في بَرد المَسَرّة مَصره / وَتُسفر عَن وجه السُعود بِأَسعد
وَتُشرق في أُفق مِن العز قَد سَما / وَتَزهو بِملك قَد تَأَيَّد سَرمدي
فَقَد أَومت البُشرى إَلَيها وَأَرَّخت / حَوَت مَصر نوراً بِالسَعيد مُحَمد
هلمَّ لِكي تَروي صَداك بِوَرد ماء
هلمَّ لِكي تَروي صَداك بِوَرد ماء / يَسوغ بِشُكر الوارد المُتَرَدد
يَطيب عَلى اسم اللَه مِنهُ مُؤرخ / سَبيل بِهِ للخير دائم مورد
أَذا رَقَ طَبع المَرء أَسس مَجده
أَذا رَقَ طَبع المَرء أَسس مَجده / عَلى البر وَالتَقوى وَدام ممجدا
وَأَبصر حسني كَيفَ شادَ مُؤرِخاً / أَنيقاً بِتَوفيق العَزيز تَجددا
سُرور بِإِقبال السَعيد تَأَبّدا
سُرور بِإِقبال السَعيد تَأَبّدا / وَبَشر وَإِقبال بِهِ السَعد قَد بَدا
لَقَد عادَ للدست السني مملك / بِهِ قَد رَعى الرَحمَن مَصر وَأَسعَدا
فَأَمسَت دِيار المُلك كَالأُفق زينة / وَمَصر عَلى فَرق البَسيطة فَرَقَدا
كَأَنَّ مَصابيح السَماء تَنَزَلَت / وَأَطلَع وَجه الأَرض نَجماً تَوَقَدا
وَإِلّا بَدَت كَالبَدر غُرة قائم / لَهُ هَبَطَت زَهر الكَواكب سُجّدا
قُدوم كَسا الخَضراء حلة أَطلَس / وَقَد قَلَد الغُبَراء مِنهُ زَبَرجَدا
أَلا أَيُّها البَحر الَّذي البَحر مِن نَدى / يَديه وَإِن أَجرَت أَياديه عَسجدا
رَمَيت شَناخيب الحِجاز وَأَهلها / بِعَزم أَقامَ العَرب رُعباً وَأَقعَدا
وَسَرَت بِجَيش تَحت عَقد لِوائه / نِظام بِهِ شَمل العَدوّ تَبَدَّدا
سَحاب جُنود دونَ أُفق بِيارق / إِذا أَبرَقَت بيض الصَوارم أَرعَدا
رَأوا تَحتَ رايات العَزيز عَزيمة / وَرأَياً كَمثل السمهريّ مسددا
كَسوتهمُ بِالفَضل وَالسَيف مغمد / وَلَو لَبِسوا ثَوبَ الفُضول تَجَرَدا
لَقَد نَظَروا زرق الأَسنة وَالنَدى / فَقالوا رَأَينا الرزق شَيئاً مُحَددا
وَلَو لَم يَعودوا لِلخُضوع أَريتهم / سناناً بِأَصلاب الكماة تَعودا
وَلَكنهم خافوا سطاك فَأَذعنوا / إِلى ملك بالحلم يَستعبد العدا
رَؤوف بِأَهل البرّ برُّ نَواله / يَفيض فَلو جاراه بَحر تَجَعَدا
وَأَعلى مُلوك الأَرض قَدراً وَمَنصِباً / وَأَيمنهم كَعباً وَأَكرَمَهُم يَدا
أَريتَهُم نيلاً حَكى النيل مزبدا / وَبِالوَجه بَدراً أَخجَل البَدر مُذ بَدا
غَمرتهم بِالجود فَضلاً فَما دَروا / نَوالك أَم قطر السَحاب هُوَ النَدى
وَما كُنتُ إِلّا كَالحسام إِذا مَضى / بَقائمه دين النَبيّ تَقَلَدا
جَمَعَت مَع الإِقبال حَزماً وَقُدرة / وَعَزماً بِهِ الملك الجَليل تَأيّدا
وَقَد زُرت خَير المُرسلين مُحَمداً / وَعَدت وَكانَ العود للملك أَحمَدا
قَدَمت فَأَعلنا البَشائر بَيننا / وَأَضحى سُرور العالمين مُجَدّدا
وَمُذ نلت إِيجاب الشَفاعة أَرخوا / فَبُشرى سَعيد الدَهر زار محمدا
دَعيني فَما في الأَمر غَير التَوَعد
دَعيني فَما في الأَمر غَير التَوَعد / فَحَتّى مَتى إِدمان هَذا التَهدُدِ
فَلا تَحسَبي تَهديد مَثلي يَروعه / فَإني بِما قالَ الفَرَزدق أَقتَدي
وَكَيفَ أَخاف الناس وَاللَه قابض / عَلى الناس وَالسَبعين في راحة اليَد
فَلا وَجَدت نَفسي مِن العَدَم مُنجِدا / إِذا خَضَعت يَوماً إِلى غَير موجد
إِذا المَرء لَم يَمنع مِن الأَمر نَفسه / فَلا فَضل إِذ لَم يَشقَ مَثلي وَيَسعَد
وَإِن لَم يَكُن أَمر الخَليفة في غَد / لِغَير الإِله العَرش صَبراً إِلى غَد
إِذا اِعتَضَد الباغي عَليَّ بِمثله / فَإِني بِالقهار معتضد اليَد
أَلا في سَبيل المَجد نَفس عَزيزة / يَعز عَلَيها ان تَذُل لمعتد
فَمالَكَ لا تَأوين لي مِن صَبابة / رويدك ان الحسن غَير مُخلّد
صَرمت حبال الودّ بَعد اِتصالها / وَلَم تقصدي إِلّا شَماتة حُسَّد
فَكوني كَما شاءَ الوشاة وَصدّقي / زَخارفهم واصغي لِقَول المفنّد
فَلَيسَت يَد الهُجران قاتلة أمرء / يَهزّ مِن السُلوان كُل مُجَرّد
وَهبك بلغتِ القَصد مني أَلَم يَكُن / إِلى اللَه يَقضي الأَمر يا امّ معبد
بِأَي اِعتِذار بَعد تَأتين في غَد / إِذا كانَ يَوم الحَشر أَمرك في يَدي
بَخلت بِشيء لا تَدوم بِحالة / دَواعيه مِن قَدّ وَخَدّ مورد
فَهَلا اِكتَسَبَت حَمد شاكر نعمة / بتعليه دون الوَعيد بِمَوعد
رويدك مَهلاً لا تَدلي بِمَعشر / تَصيد بِأَطراف القَنا كل أَصيد
لَئن لَم أَكُن كُفؤاً لَقَومك أَنَّني / سَآوي إِلى رُكن شَديد مُشيد
وَأَعدل عَن وَرد المَكاره مُذ بَدَت / إِلى وَرد بَحر بِالمَكارم مَزبد
إِلى مَلجأ العاني إِلى كَعبة الرَجا / إِلى حَرَم اللاجي إِلى خَير منجد
إِلى غَير مَنان بِما مَنَّ مِن نَدى / يَديه وَلَم يبدِ اِعتِذاراً لِمجتد
إِلى جامع شَمل المَكارم بَعدما / تَبَدّد فَاِستَولى عَلى كُل سُؤدد
فَتى زَرَع المَعروف حَتّى جَنى بِهِ / ثَناءً وَمَن يَزرع يَد الخَير يحصد
شَكَرت أَيادي فَضله فَأَدامها / فَحَققت ان الشكر كَالقَيد لليد
سَخا وَرآني لا أملّ مِن الثَنا / فَطوقَني بِالفَضل طَوق المُغَرّد
فَيا لَيتَني كُنتُ اِبتَدَأت بِمَدحه / وَلَم يَك قَبلي بِالمَكارم يَبتَدي
وَيا لَيتَني قَلدت لُبّة مَجدِهِ / عُقود بَديع لا عُقود زَبَرجد
وَلَكن لَهُ بِالسَبق في الفَضل عادة / وَمثلي بِذاكَ السَبق لَم يَتعوّد
كَذا فَليَكُن سَعي الكِرام إِلى العُلى / وَيَستَبق الغايات مِن لَم يَقيّد
وَمَن ذا الَّذي في المَجد يُدرك شَأوه / وَأَنّي تَباري الشَمس طَلعة فَرقد
فَلا فَضحَت نُظم الجمان قَصائدي / وَلا بَلَغَت بي رقتي كُل مَقصَد
إِذا لَم أَطوّق مَجده بِقَلائد / بِغَير حلاها الدَهر لَم يتَقَلد
فَرائد مَدح في سُلوك مَناقب / لِمنفرد بِالمُكرَمات مسوّد
وَإن لَم أُسيّر بِالقَوافي رَكائِباً / فَلا قيدت شعري مَحابر منشد
سَأطلع في أُفق البَلاغة أَنجُماً / إِلَيهِ بِها سَيّارة الحَمد تَهتَدي
وَأَتّرك الأَقلام ما بَينَ رُكَّع / لِذكر سَليم في المَديح وَسُجَّد
وأَرعف بِالتَحبير شمّ أُنوفَها / بِمسك عَلى كافور طرس مُجَسَد
وَسَوفَ إِذا نظَّمت بَعضَ صِفاته / أَبدد شَمل النَظم في كُل فَدفَد
وَأَدعو غَوادي الواكِفات لِتَقتَدي / بِكَفيهِ ما دامَت تَروح وَتَغتَدي
وإِن لَم تَكُن تَنهَلّ مَثل نَواله / بِنيران بَرق العَجز فَلتتوقد
وَإِن لَم يحاكِ البَحر فيض يمينه / بِلَفظ ثَمين الدُر فَليتقلد
وَإَلا فَلا صانَ الحَيا ماء وَجهه / وَدامَ مَتى يَسمَع بذكراه يَبرد
أَنا المخجل الشهب الدراري بِمَنطقي / وَتاركها في حيرة وَتَردّد
فَتُمسي إِذا لاحَت شُموس بَراعتي / تَلاحظها شَزراً بِطَرف مُسهد
وَلَيسَت تُباريها إِذا هِيَ أَشرَقَت / وَلا ذات تَمييز مِتى قلت تَشهَد
أَلا أَيُّها السامي السماكين رفعة / وَسِباق غايات الفَخار المُؤَبَّد
حَنانيك رفقاً بي وَأَمسك يَد النَدى / فَإِنّ اِداء الشُكر أَوهى تَجَلُدي
وَخُذها بِلا أَمر عَلَيك وَليدة / تَغازل بِالأَلفاظ أَلحاظ أَغيد
وَلَيسَ لَها إِلّا المَودة باعث / وَشُكر أَيادي فَضلك المُتَعدد
وَغاية ما أَرجوه مِنكُم قُبولها / إِذا هِيَ وافتكُم وَحُسن التَودد
بَشائر صَديق رَشيدٍ بِأَحمَدا
بَشائر صَديق رَشيدٍ بِأَحمَدا / تَوالَت عَلى الدُنيا بِمَن طابَ مَولِدا
سَما كَوكَباً في الأَرض فَاِبتَهَجَت بِهِ / وَأَصعَدَه مَولاه فيها وَأَسعَدا
فَقُلت إِلى العَين الَّتي هَو نورَها / أَرى البَدر في أَعلى المَنازل قَد بَدا
تَتَوج بِالإِقبال وَهُوَ بِمَهدِهِ / وَبِالعز في عَهد العَزيز تَقَلَدا
وَمِن عادة الدَوح الَّذي طابَ أَصله / مَتى اِخضَلَّ بِالفَضل العَميم تَعَودا
وَلما أَرَدت النَظم في وَصف مَجدَكُم / قَدحت زِناد الفكر حَتّى تَوَقَدا
وَجئت بِهِ كَالدُر قَد زانَ سلكه / وَفَصلته بِالحَمد حينَ تَفَرَدا
وَلَكِنَني لَم أَستَطع حَصرَ بَعضِهِ / وَمن رامَ حَصر النَجم في القَصد أَبعَدا
فَما أَوجد الرَحمن مِثلك في الوَرى / وَمِن كُل ذا جاه عَلا كانَ أَجوَدا
بَقيت بَقاء الدَهر للملك ما شَدا / بِشعري راوٍ لِلبداءة أَنشَدا
فَعلياك إِسماعيل أَهدَت وَأَرخَت / بَشائر صَديقٍ رَشيدٍ بِأَحمَدا
مِن الحَزم أن تَروي الحسام المهندا
مِن الحَزم أن تَروي الحسام المهندا / إِذا كانَ لا يُجدي التَكَرُم وَالجدا
وَإِن غر مِن عاديت حلم فإنما / مِن الحلم ما يَدعو الغَبي إِلى الرَدى
فَويل لَقحطان وَكَهلان رَهطَهُم / إِذا اِرتَكَبوا أَمراً عَسيراً فَأَجهَدا
أَثاروا لَهُم نَقعاً كحلت عَيونَهُم / بِهِ وَجَعَلَت السمهرية مرودا
أَرادوا بِكُم كَيداً فَحاقَ بِجَمعِهُم / وَعيد بِهِ قَد أَنجَزَ اللَهُ مَوعِدا
وَما هُم مِن الصَيد الكُماة وَإِنَّما / قَد اِستَأسَدَ السُنور لَما تَفَرَدا
أَمن حَمير أم مِن لؤى ابن غالب / قَد اِختارَ رَب العالمين مُحَمَدا
أَلَيسوا بَني مِن أَغرَق الفار أَرضَهُم / فَكَيفَ بِهُم وَالعاديات لَهُم عدا
وَهَذي جُنود اللَهِ لانَت بِهاشم / وَهُم كَضَباب وَالجِبال لَهُم كَدا
فَلَو ضَرَبَ الصَمصام صَفحاً مصمما / عَلى العَفو قامَ الرُمح حَتّى تَقَصَدا
وَلَيسَ يُبالي العَبدَليّ بِهُم وَقَد / أَعَدَّ لَهُم صاباً مَتّى شاءَ أَورَدا
فَأَرسل عقباناً تَزف اليهُم / عَلى أَنَّهُم أَبناء مَن هابَ هدهدا
وَقَد ذَبح الكَبش الرَئيس عَلَيهُم / فَظَنوا بِأَن الكَبش أُضحي لَهُم فَدا
وَلَيسَت بَنو القيل العرنجج في الوَرى / بِأَبذَخ مِن عَدنان مَجداً وَأَنجَدا
كَذا قَد عَصى فَرعون مَن جاءَ بِالعَصا / عتواً وَنَمرود الخَليل تَمَرَدا
عَلى أَنَّهُم فيما تَمَنَت نُفوسَهُم / بِغاث ضَعيف لِلنسور تَوَعدا
قَد اِكتَسَحوا أَموالَهُم وَدِيارَهُم / بِجَيش أَقام المَوت فيهُم وَأَقعَدا
فَكَم مِن رَسول مِن قُريش أَتاهُم / نَذيراً فَقالوا ما هَدى بَل تَهَدَدا
فَذاقوا وَبال الأَمر مَرّ مَذاقِهِ / وَما زَرَع المُرتاد إِلا لِيَحصِدا
قَد اِعتَصَم المَغرور بِالطود قَبلَهُم / وَلَكن طَغى الطوفان وَاِنقَطَع النَدا
وَقَد تَرَكوهم بَينَ قَتلى وَشارد / طَليق مَضى يَبكي الأَسير المُصفِدا
لِأَنَّهُم راموا مُباراة مَعشَر / بِهم وَلَهُم رَب البَرية أَنجَدا
فَلَو أَنَّهُم يأَجوج وَالسَد دونَهُم / قَديماً أَتى الفَتح المُبين مُجَدَدا
أَذَلَهُم مَولاهُمُ وَأَزالَهُم / وَأَيَّد عَبد اللَه عِزاً وَأَبَدا
فَمِن بَعد تلكَ الكُتب مِنهُ أَتَتهُم / كَتائب تَطوي الأَرض سَهلاً وَفَدفَدا
وَشَقَت لَهُم صَدر العَباب سَفائن / بَدَت كَجِبال تَحتَها البَحر أَزبَدا
رَمَتهُم بِأَمثال الصَواعق أَضرَمَت / فَكادَ بِها الدَأماء أَن يَتَوقَدا
فَما غَرَهُم بِالعَبدَلي وَسَيفه / مَتى اِستَقبَلَ الجارود يَمضي مُجَرَدا
وَهادَ بِأَنوار النُبوة مُهتَد / قَد اِقتَبَس الأَملاك مِن رَأيِهِ الهُدى
بِهِ أَحرَزَت حَمداً معد وَما حَوَت / وَسادَت بَني حَواء طَراً بِأَحمَدا
وَسَامَت قُريش كُل باد وَحاضر / بِأَكرَم أَهل الأَرض فرعاً وَمحتدا
مَليك بِمَجد الأَبطحي مُتَوج / وَقَد صارَ بِالنَصر العَزيز مُقَلَدا
إِذا رمت إِغراقاً وَشَبَهَت جوده / وَقَسَت نَدى كَفيهِ فَالبَحر كَالنَدى
فَسيرتها في الخافقين قَصيدة / مِن الشارِدات المُستَجيدات مَقصَدا
تَقبل أَطراف البِساط نيابة / وَتَبسط أَعذاري وَإِن بَعد المَدى
وَتعلمه أَني مُشوق وَإِنَّما / مَحال بِأَن يَسعى أَسير تَقَيَدا
مَتى قامَ بي شَوق رَمَتني عَوائق / مِن القَدر الجاري فَأَصبَحَت مَقعَدا
عَلَيكَ اِبن عَون كُلُ يَومٍ وَلَيلة / سَلام مِن اللَه السَلام تَرَدَدا
فَإِني لَم أَبَرَح عَلى العَهد مُخلِصاً / وَإِن طالَ عَهد البُعد وَاِشتَقَت مَعهَدا
بِفَضلك قَد يَقوى فوادي وَساعِدي
بِفَضلك قَد يَقوى فوادي وَساعِدي / فَأَيد يَدي بِالمُكرمات وَساعد
فَلَولا ضياء الشَمس ما ذر شارق / وَلا كانَ نور البَدر فَوقَ الفَراقد
أَرى الناس مِن جَدواك ما بَينَ صادر / رَوى ما رَوى شُكراً وَما بَينَ وارد
وَبَحرك فَياض فإِن شَطَ ساحِلاً / فَمن فَيضه تَجري جَميع المَوارد
تَكاد الغَوادي إِن تجاريك في نَدى / يَمينك لَولا وَصفَها بِالرَواعد
وَهَيهات أَن تَحكي وَلو ساغَ أَشبَهَت / وَحيداً بِهِ غَصَت جَميع الحَواسد
إِذا كُنتَ بالإِجماع في الفَضل مُفرَداً / وَفي البَذل لاذ الكُل مِنكَ بِواحد
وَما لي لَم أَقصد إِذا ضقت مَنعماً / كَريماً بِهِ أَرجو بُلوغ المَقاصد
أَأَحرم وَحدي مِن أَياديك وَالوَرى / بناديك طرّاً في مَحل الفَوائد
لَئن قُلت لَم أَحرم فَفي الحال شاهد / وَإِن قُلت لَم أَرحَم فَمِن لي بِشاهد
فَقُل لي إِلى مَن أَلتَجي إِن رَدَدتني / وَغَير بَني الزَهراء لَست بِواجد
أَقَلني وَبادر بِالجَميل فَإِنَّني / أَرى العَفو دَوماً مِن صِفات الأَماجد
لِأَنظم أَشتات المَعاني بَديعة / عَلى الجيد مِن عَلياك نَظم القَلائد
أَيَحسَن سوء الظَن بي وَأَنا الَّذي / أَقَمت عَلى عَهدي بتلك المَعاهد
وَجَدك بالاسلام قَد كانَ راحِماً / وَهَل يَقتدي المَولود إِلّا بِوالد
أَمالي بِكَعب أَسوة عِندَ ما التجا / اليه وَفي بانت سعاد مساعد
عَلى رُسلُكُم لا تَعجَلوا بِوَعيدَكُم / إِليّ وَلَكن عجلوا بَالعَوائد
وَثَقَت بِحُسن العَفو مِنكُم وَجئتَكُم / بِأَحسن مِما في نُحور الوَلائِدِ
أَناخَت بِأَعتاب الحُسين مَقاصد / لَهُ ركبت شَوقاً بِحار القَصائد
لَهُ طالع البَدر المُنير الَّذي بَدا / سَعيداً وَإِن عَدوه بَعدَ عَطارِدِ
لَئن كانَ بَيتُ المَلك مالَ عِماده / فَعَزم ذَوي عَون لَهُ كَالقَواعِدِ
وَإِن كانَ رَوض الحَمد ظَمآن لِلنَدى / فَغَيث نَداه في الطَريف كَتالِدِ
وَإِن كانَ جَيد المَجد قَد صارَ عاطِلاً / لِأَمر تَحلى مِنهُمُ بِالفَرائِد
وَإِن كانَ نَصل السَيف قَد صارَ مُغمَداً / تَناوَلَهُ في اللَهِ خَير مُجالِدِ
لَهُ قائم قَد لاحَ في يَد قائم / يَنال بِإِجراء العَدل أَجر المُجاهِدِ
فَلا زالَ لِلعافينَ ذَخراً وَمَلجَأ / وَدامَ دَوام الدَهر كَيد المُعانِدِ
وَلا بَرح الخَتم الشَريف بِخُنصر / بِخَير يَد تمتد مِن خَيرِ ساعِدِ
تَرَفَعت بَدراً لِلأَكارم إِذ بَدا
تَرَفَعت بَدراً لِلأَكارم إِذ بَدا / تَدافَعَت بَحراً بِالمَكارم أَزبَدا
وَقَد سَحَبَت فَوقَ السَحائب فَضلَها / أَياديكَ حَتّى صارَ يَعزى لَها النَدى
وَقَد حارَت الأَفكار في حُسن مَدحكم / أَتنظمه نَطقاً وَإِلا زَبَرجَدا
لِأَنَكُم أَجدى البَرية كُلَها / وَأَجدرَهُم بِالحَمد وَالمَجد وَالجدا
تَعاليتُم عَن دُر نَظمي فَلَيتَني / أَنظم مِن شَمل الدراري المبَددا
تَفردتمُ بِالمُكرَمات وَمثلَكُم / وَمِن مثلَكُم في الأَكرَمين تَفَردا
وَقَد سرتمُ بِالعَدل في الناس سيرة / تَصيّر حسن الذكر في الدَهر سرمدا
أَريد وَروداً مِن نَداكُم لأَرتوي / كَما يَطلب الصادي عَلى البُعد مَورِدا
إِذا جالَ ذِكراكم بِناد تَهزُني / مَعانيه هَزَ السَيف أَضحى مُجَرَدا
فَسيَّرَت آمالي دَليل قَصائِدي / لنيل الأَماني عَلّ أَبلغ مَقصَدا
أَرى الناس أَفواجاً بِأَبواب فَضلِكُم / جَميعاً وَللأَعتاب قَد جئت مُفرَدا
أَنخت المَطايا في رِحاب قَريبة / وَأَمل غَيري في سِواكُم فَأَبعَدا
وَيممت بَدراً قَد هَداني بِنوره / وَمِن قَصد المَولى بِتوفيقه اِهتَدى
رَويت جَليلاً في جَليل مِن الثَنا / فَكانَ عُقوداً لا كَلاماً مُعَقَدا
فَرائد لَفظ في فَريد نَظمتها / بِها الدُرر في جيد الحِسان تَقَلَدا
قَواف كَأَمثال الثُريا تَناسَقَت / بِسلك نَظامي لُؤلؤاً وَزمردا
تَغنى بِها حادي الأَماني فَأدلَجَت / إِلى أَن بَدا الإِصباح وَالطَير غَرَدا
وَأَورَدَت آمالي مِن الفَضل كَوثَرا / تَدَفَق بِالآلاء حَتّى جَلا الصَدى
وَإِن يَسر المَولى سَعيت إِلى الصَفا / وَإِن مَنَّ بِالتَوفيق زُرتُ محمدا
وَمَن هُوَ بِالأَعتاب أَولى هَل الفَتى / تَمَدَن بالآداب أَو مَن تَبَلَدا
إِذا ساعد الإِقبال أَقبلَت نَحوَهُ / مَع الحَمد وَالتَمجيد دامَ مُخَلَدا
وَسيرَتها شَرقاً وَغَرباً وَفرقها / مَضيءٌ يَريه الشَمس تَشبه فَرقَدا
فَإِن قارنت سَعد السعود تلوتها / وَأَبَت وَأَبقاه الإِله وَاَسعَدا
لتوت وَبابا شهر هاتور كيهك
لتوت وَبابا شهر هاتور كيهك / وَطوبى لأمشير هَواه زياده
برمهات برمودا بشنسُ بؤنة / أَبيبُ وَمَسرى وَالنَسيء زيادة
أَلا مُبلغ عَني الخَلائق أَنَّني
أَلا مُبلغ عَني الخَلائق أَنَّني / شَهِدت بِأَن اللَه لا شَكَ واحد
وَأَن النَبي الهاشمي مُحَمَداً / رَسولٌ لَهُ مِن مُعجز الآي شاهد
إَلَيكَ أَميناً قَد نظمت قَلائِداً
إَلَيكَ أَميناً قَد نظمت قَلائِداً / بِها الدُر في جيد الحُسين تَقَلَدا
فَلا تَحتَقر مثلي لرقة حالَتي / فَمَحمود قَد هادى الأَمين مُحمَدا
إِذا طالَ ليلي مد همي تَسهدي
إِذا طالَ ليلي مد همي تَسهدي / كَأَن بِهِ صُبحي لِبعدك مَفقود
فَما السَهد إِلّا في هَواك مُحَبب / وَما الشَوق إِلّا في بُعادك مَحمود
لَئن أَرجف الأَعداء لا در درهم
لَئن أَرجف الأَعداء لا در درهم / إِذا اِنشَقَ هَذا البُند عَن كُلِ سُؤدد
فَقَد جَهَلوا ما لَو دروه لأَصبَحَت / قُلوبَهُم مِن خَفقة لَيسَ تَهتَدي
فَإِن اِنشقاق البند لِلنَصر آية / كَما اِنشَقَ بَدر قَبلَها لمحمد