القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ نُباتَة المِصْري الكل
المجموع : 37
عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد
عذيريَ من ساجي اللواحظ أغيد / يصول بأسياف الجفون ولا يد
غزالٌ يناجيني بلفظٍ معرّب / ولكنه يسطو بلحظٍ مهند
وقدّ روت عن لينه واعتداله / صحاح العوالي مسنداً بعد مسند
إذا قعدت أردافه قام عطفه / فيا طول شجوي من مقيم ومقعد
كلفت به من قبل ما طال قدّه / فطوّله فرطُ العناق المردَّد
وعاينت من فيه العقيقيّ خاتماً / فصغت له باللثم فصّ زبرجد
وحدّثني من ثغره ورضابه / عن الجوهريّ المنتقى والمبرَّد
وكنت حذرت الخود حين تمردت / فأوقعني طرفي لأمرد أمرد
يُخيلُ لي أني له لست عاشقاً / لأنْ ليس لي في حبه من منفد
ولولا الهوى ما بتّ بالدمع غارقاً / عليه وأشكو للورى غلة الصدي
وألثم عطفيه وجفنيه بعد ما / قُتلت برمح منهما ومهند
وأبصر فيما تحت صدغيه من سناً / خيالي خلوقاً تحت محراب مسجد
وربَّ مدام من يديه شربتها / معتعةً تدعو لعيش مجدَّد
إذا جئته تعشو إلى ضوء كاسه / تجد خير نار عندها خيرُ موقد
تحدثك الأنفاس فيها عن اللما / ويأتيك بالأخبار من لم تزَوَّد
فشم بارقاً قد خوَّلتك ولا تشم / لخولة أطلال ببرقة ثهمد
من الّلآءِ خفّت في يمين مديرها / فلو أهرقتها الكأسُ لم تتبدَّدِ
مصعَّدة من حيث تم كيانها / تطافُ علينا في إناءٍ مجسَّد
فأحسنْ بها من كفِّ ساقٍ كأنه / إذا حفَّها محتاب ثوب مورَّد
إذا قهقه الإبريقُ في فمهِ انثنى / فقل في قضيبٍ ماس تحت مغرد
كأنَّ سنا راووقها وصبيبها / حبالُ شعاعِ الشمسِ تفتلُ باليد
كأن بقايا ما نضا من كؤسها / أساوِرُ تبرٍ في معاصمِ خُرَّد
كأن مليكَ الفرسِ صوَّرَ نفسهُ / على جامها عمداً فمنْ يدنُ يسجُدِ
سقى الغيث عني ذلك العيش إنه / تولى هنيءَ الوِرْدِ غير مصرَّد
وفرَّق إلا مقلتي وسهادَها / وجمَّع إلا مهجتي وتجلّدي
وبدرً سرى في طيةِ البينِ متهماً / فيا صاحبي دمعاً لعلكَ منجدي
وقال النسلي بمدنا لجفونه / سهرتِ زماناً يا نواعسُ فارْقدي
حبيبٌ قسمت الشعرَ ما بين حسنهِ / وأوصافِ ملكٍ شامخِ القدرِ أصيد
فلا غزلٌ إلا لهُ من قصيدةٍ / ولا مدحَ إلا للمليكِ المؤيدِ
مليكٌ رأى أن لا مباريَ في الورى / فظلَّ يباري سؤددَ اليومِ بالغد
أخو عزماتٍ في العلى جدَّ جدّها / فلادَدُ منها لا ولا هيَ من دَدِ
سما وعلا حتى كأنَّ ذيولهُ / غمائمُ قد لينت على فرق فرقد
يطوف رجاء المعتفين مقامه / بأبلج هطًّال اليدين ممجَّد
لو اختصمت أهل المكارم في الندى / لقال مقال الحقّ ملكي وفي يدي
ولو قصدته الوحشُ والطيرُ لم تُرَعْ / بمفترسٍ يوماً ولا متصيِّد
كذلكَ فليحفظ تراثَ جدودهِ / مليكٌ بنى فوقَ الأساسِ الموطَّد
توافقتِ الأهواءُ في ذات فضله / فمن حاكمٍ عن علمه ومقلّد
متى شئت يا راعي الكرام وجدته / غمام الندى في دسته قمر الندي
يؤمّ حماهُ طالبٌ بعدَ طالبٍ / فذو الحال يستجدي وذو العلم يقتدي
مباحثُ علمٍ بلدت كلَّ مفصح / على أنها قد فصَّحت كلَّ أبلد
ولفظٌ كأنَّ السحرَ فيه محللٌ / ألم ترَهُ في الذَّوقِ غيرَ معقَّد
كأن النجومَ الزّهرَ في كبد الدّجى / شرارُ لظًى من ذهنه المتوقد
ولا عيبَ فيه غيرُ إسراف جوده / وأنَّ مدَى علياهُ غيرُ محدَّد
تجولُ ثغورُ اللثمِ حولَ بنانه / كما جالَ عقدٌ في ترائب أجيد
هيَ النفسُ ما أفنت ثراءً مفرَّقاً / فعوَّضها إلا بمجدٍ منضَّد
وما المالُ بين الناسِ إلا أزاهرٌ / بروضٍ متى لم تجنَ تهوِ وتفقد
رعى الله أيامَ المؤيد إنها / أحقّ وأولى بالثناءِ المؤيد
حمت وهمت فالناسُ ما بين هاجدٍ / أماناً وداعٍ في الدّجى متهجد
وما عرفتْ يومي ندًى وشجاعة / بأخلاقِ موعودٍ ولا متوَعد
ورُبَّ وغًى موهي السوابغَ حرّها / ويتركُ أعطافَ الحسامِ كمبرد
تيممها الملكُ المؤيدُ وادِعاً / تيممَ منصورِ اللواء مطوَّد
جلت بمساويك الرِّماح جيوشه / خلوفَ العدَى من كلّ ثغرٍ ممهد
وصلت بأوطانِ الشهادةِ بيضهمْ / تماماً كأنَّ البيضَ زُوَّارُ مشهد
تقوم بأيديهم وتركعُ في الطلا / وتسجدُ في بطن الجوادِ المزَرَّد
دَعِ المبتغي نحو الأكارم شافعاً / وجئهُ فقيراً بالرَّجاءِ المجرَّد
هنالكَ تلقى نعمةً إثرَ نعمةٍ / لداعي الندى مثل النداء المؤكد
ومبيضّ آثارِ الصنائع أحمدت / مناقبه أيام كلّ مسود
إذا شامَ رأياً في الملمات كفها / بأفتك من صرف الزمان وأكيد
وإن طلب الأعداء راع جيادهم / فذو السبق في تمحيله كالمقيد
وخلفهم تبكي على الجسد الطلا / بكاءَ لبيدٍ يوم فرقة أربدِ
وقصرَ عن هيجائه شعرُ مادحٍ / فأصغى إلى مدح الوشيج المقصد
وحدَّثنا يومَ الفخار جبينه / أحاديث صدق عن طهارة محتد
ولولا تكاليف العلى وشجونها / لما كان فيها مرصدٌ فوق مرصد
ليهنكَ وِدّ الناصرِ الملك إنهُ / دليلٌ على وصل الهنا المتودّد
أخذْتَ به من كلّ ريبٍ براءَةً / فيالك من أنفالِ رأي مسدَّد
وقطَّعت أسباب الحوادثِ بعدما / علقتَ بحبل من حبال محمد
وهزَّك غصناً في مهمات ملكه / فصان بمسلول وزانَ بمعمد
وما زالت للألقاب في الفضل صالحاً / تشرّفها ما بين مثنى وموحد
كأني بأوطان العراق وقد عنتْ / لشام وأقصى شرقها وكأن قد
ولست إذا عدّ المقالُ بكاهنٍ / ولكنّ من تزجرْ بيمنكَ يرشد
إليك سلكت الخلق سمحاً وباخلاً / وجبت المرامي فدْفدا بعد فدْفدِ
فوفيتني وعدَ الأماني وإنها / سجيةُ إسماعيلَ في صدقِ موعد
وجاد بكَ الدهرُ البخيلُ وطالما / تدفَّقَ عذبُ الماء من قلب جلمد
فيا ليت قومي يعلمون بأنني / تعجلت من نعماك أضعاف مقصدي
وجملت فيك الشعر حتى نظمتهُ / فما البيتُ إلا مثل قصرٍ مشيدِ
وأخملت أرباب القريض كأنني / أدرتُ على أسماعهم كأس مرقدِ
فلا زلت مخدوم المقامِ مخلداً / ومن يكتسب هذا الثناءَ يخلد
شكرتك حتى لم تدعْ ليَ لفظةً / وكدت بأن أشكوكَ في كل مشهد
لأنك قد أوهنت جهدي باللهى / وأنسيتني أهلي وأكثرتَ حسَّدي
صدودُكِ يا لمياء عني ولا البعدُ
صدودُكِ يا لمياء عني ولا البعدُ / إذا لم يكنْ من واحدٍ منهما بدّ
بروحيَ من لمياءَ عطفٌ إذا زها / على الغصن قال الغصن ما أنا والقدّ
وعنقٌ قد استحسنتُ دمعي لأجلها / وفي العُنقِ الحسناء يستحسن العقد
من العُرب إلا أنَّ بين جفونها / أحدّ شبا مما يجرّده الهند
على مثلها يعصى العذولُ وإنما / يطاعُ على أمثالها الشوق والوجد
عزيزٌ على العذال عني صرفها / وللقلب في دينارِ وجنتها نقد
أعذَّالنا مهلاً فقد بان حمقكم / وقد زاد حتى ما لحمقكُم حد
وقلتم قبيحٌ عندنا العشق بالفتى / ومن أنتُم حتى يكون لكم عندُ
سمحتُ بروحي للحسان فما لكم / وما لي وما هذا التعسف والجهد
وثغرٌ يتيم الدّرّ سلّمَ مهجتي / فأتلفها من قبل ما ثبت الرّشد
هو البرَد الأشهى لغلة هائمٍ / أو الطلعُ أو نورُ الأقاحي أو الشهد
ومرشفه المنّ الذي لا يشو به / سلوّي أو الرَّاحُ الشمولُ أو النهد
عهدت الليالي حلوةً بارتشافهِ / وهنَّ الليالي لا يدوم لها عهد
فلا ابتسم البرق الذي كان بالحمى / غداةَ تفرّقنا ولا قهقهه الرَّعد
تولت شموس الحيّ عنه ففي العلى / سناها وفي أكباد عشاقها الوقد
وكم ذابحٍ للصبِّ يومَ تحملوا / بأخبيةٍ غنى بها للسرى سعد
فيا قلبُ جهداً في التحرق بعدهم / وهذا لعمري جهدُ منْ لا له جهدُ
ويا دمعُ فضْ وجداً بذكر خدودهم / فإنكَ ماءُ الوردِ إن ذهب الوَرْد
رعى الله دهراً كنت فارسَ لهوه / أروح إلى وصلِ الأحبةِ أو أغدو
جوادي من الكاسات في حلبة الهنا / كميتٌ وإلاّ من صدور المها نهد
وفي عضدي بدر الجمال موسدٌ / وقد قدِحت للرَّاح في خدهِ زندُ
وعيشي مأمون الطباق الذي أرى / فلا الشعرُ مبيضٌّ ولا الحال مسودُّ
زمان تولى بالشبيبةِ وانقضى / وفي فيَّ طعمٌ من مجاجته بعدُ
يزولُ وما زالتْ مذاقته الصبى / ويبلى وما تبلى روائحه البُردُ
له أبداً مني التذكر والأسى / وللأفضل الملكِ القصائدُ والقصدُ
بكم آلَ أيوبٍ غنينا عن الورى / فلم نجدِ الأمداحَ فيهم ولم يجدوا
أتينا لمغناكم تجاراً وإنما / بضائعنا الآمالُ تعرضُ والحمدُ
فنفَّقتمُ سوق الثنا بضنائع / معجّلة للوفد من سبقها وفدُ
ورِشتمْ جناح الآملين وطوّقت / رقابٌ بنعماكم فلا غرْوَ أن تشدو
سقى تربةَ الملك المؤيد وابلٌ / وفيٌّ على عهد المعالي له عهد
لقد صدقتنا في الزمانِ وعودُهُ / وشيمةُ إسماعيل أن يصدق الوعد
وولى وقد أوصى بنا الملك الذي / أبرّ على جمع العلى شخصه الفرد
فما لبني أيُّوبَ ندٌّ من الورى / وما في بني أيوبَ عندي له ندّ
مليكٌ له في الملك أصلٌ ومكسبٌ / وحظّ فنعم الجدّ والجدُّ والجدّ
حوته العلى قبل الحجورِ وهزَّهُ / حديث الثنا من قبل ما هزَّه المهد
وغذَّته للعلياء قبلَ لبانهِ / لباناً لها من مثله مخضَ الزُّبدُ
فجاءَ كما ترضى السيادةُ والعلى / وحيداً على أبوابه للورى حشدُ
رعى خلقه ربُّ العبادِ وخُلقه / فحسَّنَ ما يخفى لديه وما يبدو
ألم ترني يمَّمتُ كعبة بيتهِ / لحجِّ ولائي لا سُواعٌ ولا ودُّ
علقتُ بحبلٍ من حبالِ محمدٍ / أمنتُ به من طارقِ الدهر أنْ يعدو
ويممت مغناه بركب مدائح / يسيل بها غوْرٌ ويطفو بها نجد
من اللاءِ أجدى كُثرُها فتكاثرت / لديّ بها الأتباعُ والأصلُ والولدُ
وأعجبني المرعى الخصيب ببابه / فحالي به الأهنى وعيشي به الرَّغدُ
أيا ملكاً لولا حماهُ وجودُهُ / لما ملح المرعى ولا عذُبَ الوِرْدُ
تجمّع في علياك كلّ مفرَّق / من الوصف حتى الضدّ يظهره الضدُّ
فقربك والعليا وحلمك والسطا / وحزمك والجدوى وملكك والزهد
وعنك استفاد الناسُ مدحاً بمثله / على الشب يشدو أو على الركب إذ يحدو
فدونكها مني على البعد غادةً / يظل عبيداً وهو من خلفها عبدُ
على أنها تحتك منك بناقدٍ / يرجى له نقدٌ ويخشى له نقد
عريق العلى ألفاظهُ كدُروعهِ / غدا والوغى والسلم يحكمه سرْد
حمى الله من ريبِ الحوادثِ ملكهُ / ولا زال للأقدارِ من حوله جند
هو الكافل الدنيا بأنعمهِ فما / يحسّ لمفقودٍ بأيامه فقد
وإني وإنْ أخرتُ سعياً لأرتجي / عوائد من نعماه تسعى بها البرد
إذا المرء لم يشدد إلى الغيث رحله / أتى نحو مغناه حيا الغيث يشتدُّ
وما أنا إلا العبدُ ما في رجائه / ولا ظنّهِ عيبٌ ولا يمكنُ الردُّ
هلالٌ بأفقِ الملك تزهى سعودُه
هلالٌ بأفقِ الملك تزهى سعودُه / وشبلٌ بغابِ السمر تربى أسودُه
وفرعُ علًى تهتزّ أعطافُ مجده / وينفحُ أبناءَ المحامد عودُه
تباشرتِ الدنيا به وتنافست / مراتبُه في شخصه ومهودُه
وسرّ بني أيوبَ أنَّ مقامهم / محافظة عاداته وعهودُه
إذا غاب ملكٌ لم يغب غيرُ شخصه / وقامَ ابنهُ من بعده وحفيدُه
فيا لك بيتاً في الفخار سعيده / بنوه على حالاته وجدودُه
هنيئاً لبيت الفضلِ أنَّ عمادَهُ / مقيمٌ وأنَّ الملكَ باقٍ عميدُه
وأن وليد الأفضل الملك قد محا / عن الناس حزناً لا ينادى وليدُه
سمعنا به في شهر شعبان فانتهت / لنا والعدى حلواؤه ووقودُه
يكادُ قبيلَ المهدِ تعلو سروجُه / وتنشرُ من قبلِ القماط بنوده
ويهتزّ للجدوى وما هزّ مهده / به وتناغى بالهبات وفوده
شبيه أبيه في الفخار وجده / فيا لقديمٍ قد تلاه جديدُه
سقى الله مثوى جدّه كلَّ مزنةٍ / تضوعُ بها ضوعَ الرياض لحوده
وأبقى أباهُ للسيادةَ والعلى / تُنالُ عطاياهُ وتُحمى جنودُه
وأنشأه في الجود والبأس نشأةً / يبيد بها تبرُ الثرى وحديده
أما والأيادي الأفضلية إنها / تحمّل جهدَ الحمدِ حتى تؤوده
لقد نهضت علياهُ نهضة ماجدٍ / قصيّ مداهُ فائضات مدُودُه
مضيءٌ وما في الأفق برقٌ نشيمه / مفيءٌ وما في الأرض خصبٌ نرودُه
له عزمات في العلى شادَوِّيةٌ / لها أبداً من كلِّ عزمٍ سديدُه
فما همّها إلا ضعيفٌ تسوسه / بفضل نداها أو قويٌّ تسوده
مقسمةٌ أقلامهُ وسيوفهُ / لنعماءَ يبديها وطاغٍ يبيده
عزيزٌ على الساعي مداه وهذه / مهابته عصر الشباب وجوده
إذا كان حربٌ فهو سفَّاحُ يومه / وإن كانَ رأيٌ غامضٌ فرَشيدُه
يرَجّيه من بحر القريض سريعه / فيلقاه من بحرِ النوالِ مدِيدُه
يساويه في حق العلى متشبهٌ / إذا ما تساوى سبطُه ويزيدُه
ويسمى سعيداً دهرُه ومباركاً / فصحَّ لنا أنَّ الدُّهورَ عبيده
تسوق إليه كلّ سعدٍ يشاؤه / وتخدمه في كلِّ أمرٍ يريده
فلو أننا في يوم قصد جنابه / سألنا شباب العمر كادَ يعيده
فلو أنَّ أقمارَ السماء تحجبت / لأغنى سراةَ الليل عنها وُجودُه
ولو أنه لم يحشدِ الجيشَ للوغى / كفتهُ سطاهُ أن يجرَّ حسودُه
ألا إنَّ سلطانَ المعالي محمداً / لمشكورُ سعي المكرماتِ حميدُه
فليتَ عمادَ الدّين يبصرُ نسله / وقد جلّ مسعاهُ وزادَ عديدُه
وما هو إلاَّ بيتُ ملكٍ منظمٍ / فمن أجلِ ذا أيامه تستعيدُه
أأزكى الورَى نفساً وأكرم معشراً / وأمكنهم من سؤدَدٍ تستجيدُه
بكم غنيتْ حالي عن الناس وازدهى / نظامُ كلامي فيكمو وفريده
فما الدّرّ إلاَّ دونَ نظمٍ أنصه / وما القصر إلاَّ دونَ بيتٍ أشيده
إليكَ مديرَ الكأسِ عنيَ إنني
إليكَ مديرَ الكأسِ عنيَ إنني / رأيت دموع الخوف تقطع للصدى
وإياك باللمياء يشرقُ خدَّها / فإنيَ لم آنس على ناره هدى
نزعتُ فلا الساقي لديّ براكعٍ / وليستْ أباريقُ المدامةِ سجدا
وما أنا بالساعي لمحراب طرَّةٍ / على طلعةٍ كانت لعشقيَ مشهدا
كفى ما استبنت اليوم لي من جرائمٍ / إذا لم أبدِّلها فيا خجلي غدا
إلهيَ قد مدَّ الرجا يدَ قاصدٍ / وَجودُكَ أولى أن تبلغه يدا
وقدَّمت آباءً ونسلاً فكيف لي / بباقيةٍ والأصلُ والفرعُ قد غدا
وفاضَ وليٌّ من دموعي فعله / يكونُ وليًّا للإنابةِ مرشدا
بروحي إناساً قبلنا قد تقدموا / ونادوا بنا لو أننا نسمع النِّدا
وسارت بهم سيرَ المطيّ نعوشهم / وبعض أنين القادمين لهم حدا
وأمسوا على البيداء ينتظروننا / إلى سفرٍ يقضي بأن نتزوَّدا
فريدون في أجداثهم بفعالهم / وكم منهمُ من ساقَ جنداً مجنَّدا
تساوَوْا عِدًى تحت الثرى وأحبةً / فلا فرق ما بين الأحبة والعدى
سل الدهرَ هل أعفى من الموت شائباً / غداةَ أدارَ الكأس أم ردّ أمردا
وهل أبقت الأيامُ للعلم والعلى / وبذل الندى ذاكَ المليكَ المؤيدا
وهل تركت للسؤدد ابن عليّه / وهل قبلت منا الفِدى لأبي الفِدا
غياث الورى يومي رجاً ومخافةً / شهاب العلى نجم الهدى كوكب الندى
ألا في سبيل الله نصل عزائم / وعلم غدا في باطن الأرضِ مغمدا
على الرّغمِ منا أنْ خبا منه رونقٌ / وجاوَبنا من حولِ تربتهِ الصّدى
غنينا زماناً في ظلالِ نواله / فلله ما أغنى زماناً وأرْغدا
نزورُ حمًى ما لامسَ الخطبُ جارَه / ونجني عطاً ما رَدَّ من لامسٍ يدا
ونمدح معتاد المديح وإنما / لكل امرئٍ من دهره ما تعودا
إلى أن قضى الدنيا سعيداً مؤملاً / وعاد إلى الأخرى شهيداً ممجدا
وخلّف إسماعيل أركانَ بيته / مؤسسةً يدعو إليها محمدا
مليكٌ حوى في الملكِ أفضل وصفه / فيا حبَّذا نعتاً ونفساً ومحتدا
له همةٌ توَّاقةٌ شادَويةٌ / إذا صعدت تاقت لأشرف مصعدا
إذا بلغت في الملك دار نعيمه / أبى عزمه إلا النعيم مخلَّدا
فكم هاجدٍ تحت الثرى ومحمدٌ / أخو الملك أمسى ساهداً متهجدا
تزَهَّد حيثُ العمرُ والملكُ مقبلٌ / وقد قلّ من لاقاهما متزهدا
فديناهُ مهدياً لحالٍ رشيدةٍ / وقلّ لذاك الفضل بالأنفسِ الفدى
رعى ليَ في الملكِ المؤيد ذمةً / ولم ينس لي فيه قصيداً ومقصدا
وأشهدني عهدَ الشهيدِ بأنعمٍ / أبى عطفها أن لا يكون مؤكدا
أيا ملكاً ندعوه للسلمِ والوغى / وللدين والدّنيا وللجدِّ والجدا
أيا سالكَ التقوى طريقاً منيرةً / ويا بانيَ المعروف حصناً مشيدا
ويا واضعاً في كفهِ السيف لم يضر / علاه بوضع السيف في موضع الندى
على أبركِ الأوقاتِ تسري لمقصدٍ / وترجع موفور العلى متزيدا
عوائدُ لطفِ الله فيكَ جميلةٌ / فلا تدفع الرجوى ولا تحذر العدى
فكم سرتَ محمودَ المسيرِ مهنأً / وعدتَ فكان العودُ أهنى وأحمدا
أناعسةَ الأجفانِ أسهرتِ مكمدا
أناعسةَ الأجفانِ أسهرتِ مكمدا / عسى تكحلي عينيه بالخصر مرودا
فيا حبَّذا للخصر مرود عسجدٍ / جعلت عليه للذَّوائب إثمدا
لئن فهمت عيناكِ حالي معرّباً / لقد سلَّ منها الجفن سيفاً مهنَّدا
وإن كان فيك الحسن أصبح كاملاً / لقد أصبح اللاّحي عليك مبرَّدا
وإن كنت مع شيبي خليعَ صبابةٍ / فيا رُبَّ يومٍ من لقاكِ تجدّدا
ويا رُبّ ليلٍ فيه عانقت كاعباً / تذكر صدري نهدَها فتنهدا
وقيَّدني إحسانها بذوائبٍ / ومن وجد الإحسان قيداً تقيدا
فيا ليتها عندي أتمت جميلها / فتكتب في قيدي عليه مخلدا
زمان الصبى يا لهفَ حيران بعده / يظلّ على اللذاتِ في مصر مبعدا
ولو عاودت ذاكَ الشقيّ شبيبةٌ / لعاودَ ذياكَ النعيم وأزيدا
وأشهى إليه من رجوع شبابه / رجوعكَ يا قاضي القضاةِ مؤيدا
بدأت بحكمٍ وقت الخلق حمدَه / وعدْت فكان العودُ أوفى وأحمدا
وكان سرور اليوم في مصر قد فشا / فكيفَ وقد أنشأت أضعافه غدا
ولم أنس من دار السعادة صحبة / مباركةَ الاثنينِ تطلع أوحدا
مدائح لما كان ممدوح مثلها / تراه البرايا مفرداً كنتُ مفردا
أجيدٌ ويجدي عادتينا وإنما / لكل امرئٍ من دهره ما تعودا
فدتكم بني السبكيّ خلقٌ رفعتمو / فلا أحد إلا إذاً لكم الفداْ
ولا أحدٌ إلا خصصْتم برفدِكم / فلا فرق ما بين الأحبَّة والعدى
وما تخرج الأحكام عنكم لغيركم / فسيَّان من قد غاب منكم ومن بدا
فلو وكفانا الله وُليَ غيركم / لما راح في شيء يجيد ولا غدا
وما الشام إلاَّ معلم قد ملأته / بعدلك أحكاماً وعلمك مقتدى
حكمت بعدلٍ لم تدعْ فيه ظالماً / وصلت بعلمٍ لم تدعْ فيه ملحدا
وجدت إلى أن لم تدعْ فيهِ مقتراً / وسدت إلى أن لم تذَر فيه سيدا
وأعطيت في شرخ الصبا كلّ سؤدد / إلى أن ظننَّا أنَّ في المشيب أسودا
يقولُ ثناء الخرْرَجيّ وقومه / لعمرك ما سادت بنو قيلةٍ سدا
ولا عيبَ في أثناء عيبة يلتقي / سوى سؤدد يضني وشاةً وحسدا
فدونكها علياء فيكم تردَّدت / وعزم اختيارٍ فيكُم ما تردَّدا
وهنئتها أو هنئت خلعاً إذا / أضاءَت فمن أطواقها مطلعُ الهدى
وإن أزهرت بيضاً وخضراً رياضها / وفاحت ففي أكمامها سحب الندى
إذا ابن عليّ سار في الشعرِ ذكره / فقل حسناً زكَّى قصيداً ومقصدا
جواداً أتينا طالباً بعد طالب / فهذا اجْتذى منه وهذا به اقْتدى
مسافرة أموالهُ لعفاتهِ / كأنَّ الثنا حادٍ بأظعانها حدا
له في العلى بابٌ صحيحٌ مجرَّبٌ / لعافٍ رجا خيراً وعادٍ قد اعتدى
فللهِ ما أشقى الحسود بعيشةٍ / لديه وما أهنى الفقير وأسعدا
وكم قابلت رجوايَ حالاً حسبته / فضاعف لي ذاك الحساب وعدَّدا
وكم نقدةٍ من تبره ولجينه / تخِذْتُ لديها كالنجم مرصدا
رأيتُ بنقديهِ بياضاً وحمرةً / فقلتُ ليَ البشرى اجتماعٌ توَلدا
وسدت على نجل الحسين بمدحِ من / سأثقلُ أفراسي بنعماه عسجدا
أأندى الورى كفاه وجهة ذي حيا / على أنَّه أجدى وجاد وجوَّدا
أغارَ على حالي الزمانُ بعسفه / ولكن ندى كفَّيك في الحال أنجدا
وما كنتُ أبغي في المعيشةِ مرفقاً / فكم من يدٍ في الجودِ اتبعتها يدا
حلفتُ بمن أنشا بنانك والحيا / لقد جدت حتى المجتدِي بك يجتدى
ومن قطع الأطماع من كلّ حاسدٍ / لقد زدت حتَّى ما يكون محسدا
ولا خبرٌ في الحلمِ والعلمِ والثنا / تجاه الورَى إلاَّ وذكرك مبتدَا
فعشْ للعلى تاجاً يليق بمثلهِ / فريد الثنا ممَّن أجادَ منضَّدا
تردُّ الرَّدى عنكَ المحبُّون فدية / تكون لهم في التربِ مجداً مؤيَّدا
ولا أرْتضي موت العداةِ فإنهم / ببقياك في عيشٍ أمرُّ من الردى
فدًى لكَ مسلوب الرقاد شريده
فدًى لكَ مسلوب الرقاد شريده / يعاودهُ برْح الأسى ويعوده
إذا ما ذكا في فحمةِ الليلِ بارقٌ / تبينَ في الأحشاءِ أين وَقوده
وإن نظمت ريح الصبا عقد حزْنه / تناثر من سلك الجفون فريده
وإن ألقتْ الوُرْقُ السواجعُ درسها / أعادَ الأسى بين الضلوع معيده
بروحيَ من أعطافَهُ وعذارُهُ / هي القصد لا بانُ الحمى وزرُ وده
ومن شيبت عشاقه زمن الصبى / شوائبُ عشقٍ لا ينادى وليده
محا رسم مغناه الغمام وما محا / لدمعيَ رسماً لا يزال يجوده
ورُبَّ مدامٍ ثغرُه وحبابها / سواءٌ ولفظي والبكا وعقوده
شربت على وردِ الرُّبى وهو خدّه / وإلاَّ على سوسانها وهو جيده
ونبهت عيداني بنوحٍ على الدّجى / وما ناحَ قمريٌّ ولا ماسَ عوده
سروراً بإقبالِ الزمانِ وحبَّذا / سرورُ زمانٍ محكمات سعوده
وقد رقمت وشيَ الرّبى أبرُ الحيا / وجرَّت على وادِي دمشق برُوده
وعادت وكانَ العودُ أحمدَ دولةٌ / لها النصرُ إرثٌ زاكيات شهوده
يهزُّ ابن فضلِ الله بيض قواضبٍ / إذا هي هزَّت في المهارِقِ سوده
يؤَازِرُ ربّ الملك ربّ كتابةٍ / كأنَّ طروس الخط منها جنوده
ويجري بأمرِ الملك سودَ يراعهِ / فيا حبَّذا ساداتنا وعبيده
وتبسم أرجاء الثغورِ مسرةً / بأبلج لا تعبان إلاَّ حسوده
سعيد مساعٍ أو سعيد مناسبٍ / فقد سعدت في كلِّ حالٍ جدوده
وشهمٌ ولكن جنده من سطورِهِ / وقاضٍ ولكنَّ المعاني شهوده
روى فرعه عن دوحةٍ عمريةٍ / قديم فخارٍ لا يشابُ جديده
فأيَّ فخارٍ أوَّل لا يجده / وأيَّ فخارٍ آخر لا يجيده
وأيَّ مقامٍ في العلى لا يسوسه / وأيَّ همامٍ في الورى لا يسوده
رأيت ابن فضلِ الله فاضل دهره / إذا اعْتبرت ألفاظهُ وسعوده
إذا ابن عليٍّ وابن يحيى تساجلا / فقل طارف المجد الرَّضي وتليده
أعادت علاه بيتَ فضل منظماً / فلله بيتٌ طيبٌ يستعيده
وعلمنا صوغَ الكلام بحمدهِ / فها نحنُ نحيي لفظهُ ونعيده
وأنقذنا بالبرِّ من وهج حادثٍ / يذوبُ بهِ من كلِّ عانٍ جليده
نظرت أبا العباس نظرة باسمٍ / لحالِ امرئٍ كادَ الزمانُ يبيده
وكانَ على حالِ الحسين من الظما / إلى وِرْدِ غوثٍ والزمانُ يزيده
فأحييته بعد الرَّدى أو أقمته / وقد طالَ من تحتِ التراب هموده
وجلّيتها يا ابن المجلي ضمينة / خلودَ الفتى إنَّ الثناءَ خلوده
فدونك من نظمي عجالة مادحٍ / إليك تناهى قصده وقصيده
يقال انْظروا الممدوح وافقَ مادِحاً / فذا فاضلُ الدُّنيا وهذا سعيده
عاش وصلاً وغيره مات صدّا
عاش وصلاً وغيره مات صدّا / مستهامٌ لسلوةِ ما تصدَّى
بأبي زائرٌ وقد شرعَ الإص / باحُ يطوي من الدجنة برْدا
ونسيم الصّبا على الأفقِ يُذكي / سحراً من مجامر الزهرِ ندَّا
يا رعى الله سفحَ نعمانَ سفحاً / وسقى الله عهد نعمان عهدا
ومهاة تعدّ نعمان داراً / واللوى والعقيقَ صدغاً وخدَّا
مشتهاة اللقا كما تشتهى الدن / يا وإن أتعب النفوس وأكدى
يتثنى الأراكُ زهراً فينبي / إنَّ في ثغرها مداماً وشهدا
ومن الجوهر الصغير يتيماً / لم يدع للهوى لرائيه رشدا
ما علمنا من قبله في تصاني / ف الهوى إنَّ لابن بسَّام عقدا
كيراعِ الوزيرِ جوداً وبأساً / حين تذكو في الحالتين وتندى
الوزير الذي نهى الخطب عنا / فتعدَّى عنا ولم يتعدى
يتقي جانب التقيّ وتخشى الإن / سُ والجن من سليمان حدا
أوفر العالمين عزًّا وعزماً / وهو أوفى العباد نسكاً وزهدا
طالع يجتلي به الملكُ بدراً / ووقور يحبه الملك أُحدا
ومهيبٌ لو يلمح الدّمَ لم يخ / رج من العرق حين يفصد فصدا
وحليمٌ قد راقه الحلم حتى / كاد مخطي الذنوب يذنب عمدا
وجواد لو رام فيض الغوادي / أن يحاكيه عُدّ ذلك فردا
ورئيس كما تريد المعالي / لا كمن آده المسيرُ فردَّا
وبليغ تنضد المدح فيه / وهو أبهى منه وأنضر نهدا
يرتجى سيبه ويخشى ذكاه / فيرجى نقداً ويحذَرُ نقدا
خطبته وزارةٌ وجدته / في اكتساب العلى أجدَّ وأجدى
ورأت صَلْصَلاً بفضل علاه / شهدت في الورى صحابٌ وأعدا
ولعمري لقد دعته وزيراً / منتهى معشرٍ لعلياهُ مبدا
فكفى الجانبين مصراً وشاماً / وأفاض العينينِ عدلاً ورِفدا
ومشى في الورى على نهج حقٍّ / مستبين الهدى وساد وأسدى
وارتدى فيهم رداءً من الع / زِّ وأما حسودُه فترَدَّى
أيها الحاسد المعذب فيه / جئت شيئاً من الشقاوَة إدَّا
كيف ناوَيت سيداً كلما زا / دَ عِداةً يزيده الله مجدا
إن يكن في العفاة ابسط كفًّا / فهو في المكرماتِ أبسط زندا
خاف خلاَّقه فخيف إلى أن / ضمَّ من عدلهِ ظباءً وأسدا
وأبادَ الطغاةَ بأساً ورعباً / وأعاد الجميل فينا وأبدَى
واحداً في مراتبِ الفضلِ تلقى / حول أبوبهِ من الخلقِ جندا
يرحم الجمع دون مغناه جمعاً / مستميراً ويتبع الرفد رفدا
ما ثنى الجاهَ عن ذليلٍ ولا أع / طى لذي حاجةٍ عطاء وأكدى
مسعد الرأيِ ذابحٌ للأعادِي / فهو مهما خبرتهُ كانَ سعدا
ليس فيه عيبٌ يعدُّ سوى أنَّ / أياديهِ تجعلُ الحرَّ عبدا
يمَّم الشام بعد إقتار وقت / لم تجد فيه للمناجح قصدا
كم بعثنا إلى الدواوين طرساً / خائباً كاده الزمان فكدا
طال تردَادُهُ إلى القومِ حتَّى / لو بعثناه وحدَه لَتَهدَّى
فغدا الآنَ ذلك العسرُ يسراً / بحقيقٍ وذلكَ المنعُ رِفدا
وسرى المال من شآمٍ ومصرٍ / كعمومِ السحابِ قرباً وبعدا
عزماتُ تحفها بركاتٌ / مثلها منه للممالكِ تهدى
ويراعٌ من حدِّه ونداه / كادَ بينَ السيوف أن يتحدَّى
قلمٌ أخضرُ المرابع لا غرْ / وَ إذا كانَ عيش راجيه رغدا
حملته أيدي الوزير فخلنا / بارِقاً في سحابةٍ قد تبدَّى
يا وزيراً يهدي الثناءَ سناه / ولهاه إلى المقاصدِ تهدى
شكرَتك الرُّواةُ عنِّي بعزِّ / قاطعات السرى آكاماً ووهدا
ذاكراتٌ جميلَ صنعك عندِي / بقوافٍ بها الركائب تحدى
سائرات في الأفقِ بين الجواري / والجواري في حسنها كالعبدا
كلُّ معنًى كالنجمِ أو كلّ بيتٍ / هو أهدى في الأفقِ من أن يهدى
هاكها تخلد الثنا بمعانٍ / تتركُ الضدّ بالأشعَّة خلدا
هكذا ينبتُ الصنيعُ نباتاً / وكذا تحصد المعادي حصدا
عشْ بظلِّ الحبا وأنت المرجى / وتبيدُ العدى وأنت المفدَّى
ملئَ البيتُ من يديك نوالاً / فملأنا أبيات مدحك حمدا
تنهدت لمَّا أذكرتني النواهدُ
تنهدت لمَّا أذكرتني النواهدُ / زمان الصبى والعيش ريَّان مائد
وغيداء أمَّا عيبها فهو ردفها / ثقيلٌ وأمَّا ثغرها فهو بارد
بأغزال شعري في بديع صفاتها / ومدح رئيس الشام تسري القصائد
رئيسٌ وفَى حقّ المعالي فحبذا / مهيبٌ وهوبٌ شاملُ الجود زاهد
له قلمٌ في صدرِ محراب درجه / لباريه في كلِّ المقاصد ماجد
كريم الورى يا ابن الكرام إذا انتمى / ليهنك عيدٌ للسعودِ معاود
كذا ألف عيدٍ شرف اسمك زينهُ / وهنئتِ الدنيا بأنكَ خالد
ألا في سبيل الله فرع كتابةٍ
ألا في سبيل الله فرع كتابةٍ / ثنتهُ المنايا وهو ريان مائد
وكوكب فضل قدرُه قد سما به / إلى أن بكى حزناً عليه عطارد
ودينار وجهٍ غاله صرف دهره / سريعاً كأن الصرف للباس ناقد
وعيشك يا يحيى لو أنك تفتدي / لهنئتِ الدُّنيا بأنكَ خالدُ
وما صامتٌ يمضي ويرجع حائراً
وما صامتٌ يمضي ويرجع حائراً / ويقضي على أوصاله الوصلُ والصدُّ
كأنَّ الأسى آلى عليه أليةً / فما فيه إلا النفس والعظم والجلد
وأحرفه خمسٌ على أنَّ شطره / ثلاثةُ أخماسِ الحروف التي تبدو
أمولايَ شمس الدّين دمت مهنئاً
أمولايَ شمس الدّين دمت مهنئاً / ودمتَ كريماً شاهدَ الذكر سائدا
نرى الفضل يفنى عن أناسٍ وإنما / لك الفضلُ يحيى يا ابن جعفر خالدا
أتيتك يا أزكى البرية جامعاً
أتيتك يا أزكى البرية جامعاً / لأمرين في يومٍ من الدهر وافد
هنًى وعزاً لا عتبَ فيه لأنني / أهني بعشرٍ إذ أعزِّي بواحد
سقى الله جسماً منكِ أودى به الضنى
سقى الله جسماً منكِ أودى به الضنى / فأودى بعينيّ البكى والتسهد
وقد كان مسلولاً يهيّج حسرتي / فكيف به تحت الثرى وهو مغمد
برغم العدى إنا فقدناك أوحداً
برغم العدى إنا فقدناك أوحداً / إذا اجتمعت أرباب فضل وسؤدد
دعتك المنايا فاقتفيت سبيلها / وتلك سبيلٌ لست فيها بأوحد
مضيت وقد كانت لمن أنت عنده
مضيت وقد كانت لمن أنت عنده / مصائدُ نرجو نفعها ونطارد
فأصبح يبكي والمجرّ الذي خلا / ومثلك من تبكي عليه المقاود
عسى لعليل الجسم طيفك عائد
عسى لعليل الجسم طيفك عائد / كريم اللّقا والمكرمات عوائد
لقد حجَّ فيَّ الطيف بالوصل مرة / فهل هو في حجِّ الوصال معاوِدُ
ألا إنني في الحبِّ يا ظبيةَ النقا / كما في العلا بن القيس إني واحد
شريف مسماه الممدّح واسمه / وشائدُ بيت المدح والمنح سائد
تهنّ به حجّ القبول ودعوة / عليها لأنوار القبول شواهد
تقول لهاتيك المناسكِ مرحباً / بكم يا بني مخزومَ حين تشاهد
لقد شرَّفت ناسٌ وبادت وإنما / لكم شرفٌ في سائرِ الناسِ خالد
بقيت بقا الأيامِ للفضل خالداً
بقيت بقا الأيامِ للفضل خالداً / وهنّ الورى في العلم والجود واحدا
ولا عدم الحالَ الضعيفُ موافياً / لديك بأنواعِ اللهى وعوائدا
ولا زلتَ بالأقلامِ والحلمِ زائداً / تظلّ بها عن حوزة الدين ذائدا
وحقك لو جاءَ الغمامُ بشامةٍ / يساجل كفيك الندى جاء واردا
ولو أنَّ فيضَ النيلِ باراك في العطا / بمصرَ لما استحلت له الناس زائدا
برغمي بنات الرُّوم حزناً رقابها
برغمي بنات الرُّوم حزناً رقابها / وحالُ الهوى بالشيب والهمّ فاسد
تبكّي عليهنَّ البطاريقُ في الدّجى / وهنَّ لدينا ملقيات كواسد
أما والصبى إني أعفّ بفقده / وإنَّ ضجيع الجود مني لماجد
إليك أخا العلياء دعوةَ لائذٍ
إليك أخا العلياء دعوةَ لائذٍ / بمعروفك والمعروف قد راح واغتدى
نباتيّ حمد ذا بنينٌ وذا أب / جميعاً يرجِّي من أياديك موعدا
فقل في نباتٍ أصله وفروعه / مواثل ترجو من سحائبك الندى
لك الله ما أزكى وأشرف همة
لك الله ما أزكى وأشرف همة / وأحمد صنعاً حيث تتلى المحامد
لعمري لقد خلدتها شرفية / تضيء وتبقى حين تبلى الفراقد
وأنت الذي قرت برؤيته العلى / وهنئت الدنيا بأنك خالد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025