القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي محمود طه الكل
المجموع : 2
بيانُكَ من نبعِ الجمالِ المخلّدِ
بيانُكَ من نبعِ الجمالِ المخلّدِ / صدَى الوحي في أسلوبهِ المتجدِّدِ
سَرَى لحنهُ في كلِّ قلبٍ كأنما / شدا الحبُّ في نايِ الربيعِ المغرِّدِ
غريباً من الأسماعِ وهو كعهدهِ / قديمٌ على ثغرِ الزمان المردِّدِ
إلى جبلِ النورِ انتهى سرُّ وحيهِ / وما هو إلا ملهِمُ اليومِ والغدِ
فغنِّ به الأجيالَ واهتف بآيهِ / ترانيمَ شادَ أو تراتيلَ مُنشدِ
وأرسلهُ سمحاً من قريحةِ شاعرٍ / يعيشُ بروحِ الصَّيْدحيِّ المجدِّدِ
عوالمُ شتَّى من جلالٍ وروعة / حواها فؤادُ الكاتبِ المتَعَبِّدِ
ذكرتُ وللذكرى حديثٌ محبَّب / وقد زرتُه ليلاً على غيرِ موعدِ
ولليلِ إصغاءٌ وللريح حولَه / رفيفٌ كهمسِ الروحِ في ظل معبدِ
وقد هدأ المصباحُ إلَّا مجاجةً / من النورِ في عيني أديبٍ مُسهّدِ
ترامَى وراء الأفق حيناً وتنثني / ببارقةٍ من ذهنه المتوقِّدِ
فحيّيتُه همساً فحيّا وصافحتْ / يداهُ يدي في رقّة وتودُّدِ
وشاعَ جلالُ الصمتِ بيني وبينَهُ / فأمعَنَ إمعانَ الخيالِ المشرّدِ
وأمسيتُ أرعاهُ فلاحتْ لخاطري / ملائكُ بالنجوى تروحُ وتغتَدي
تُسِرُّ إليه القولَ في غير منطقٍ / بأجنحةٍ تهفو على غير مَشهَدِ
على صُحفٍ غُرِّ الحواشي كريمةٍ / جرى قلمٌ عفُّ السريرةِ واليدِ
نبيل مرامي القولِ في كفِّ كاتبٍ / دعاهُ فلبّاهُ لأنبلِ مَقصدِ
يخطُّ لروحانيَّة الشرقِ سيرةً / هي الحقُّ في دنيا الجمال المجرَّدِ
تمثَّلها في صورة قرشيّة / يشيعُ الرضا في طيفِها المتجسِّدِ
يبثُّ سناها الأرض حبّاً ورحمةً / ويطوي هداها سطوةَ المتمرِّدِ
حياةٌ نمتْ مجدَ الحياةِ وغيَّرتْ / وجوهَ الليالي من وضيءٍ وأربَدِ
تنَادى بها الراؤون فأعجب لما رأوا / جلالُ نبيٍّ في تواضعِ مُرشدِ
تسامى عن الدنيا وفيها لواؤهُ / يطوفُ بسلطانِ العزيزِ المؤيِّدِ
فما ضفَّر الإكليلَ يوماً بمفرِق / ولا حلَّ منه التاجُ يوماً بمعقِدِ
أحبُّ إليه حين يفترشُ الثرى / ويأوي لجذعِ النخلةِ المتأوِّدِ
ويخصِفُ نعليهِ وطوعُ يمينهِ / مصايرُ هذا العالمِ المترغِّدِ
ويمضي إلى الهيجاءِ غرثانَ صادياً / فلِلَّهِ دنيا ذلكَ الساغبِ الصَّدي
ولكنَّه دينٌ أفاءَ ظِلالهُ / على ملأٍ من شيعة اللّه سُجَّدِ
عفاةٍ كأن لم يملكوا قوتَ يومهم / وهم جبهةُ الملكِ العريضِ الموطَّدِ
محَوْا لفظةَ الأربابِ من كلماتِهمْ / فما عرفوا معنى مَسودٍ وسيِّدِ
هو المثلُ الأعلى ومبعوثُ أمةٍ / بناها بناءَ المعجزِ المتفرِّدِ
محمّدٌ ما شعري إليكَ وما يدي / وما الشعر من إبداعك المتعدِّدِ
ولكنَّهُ حوضُ الشفاعة ضمَّنا / على خير ميعادٍ وأعذبِ مورِدِ
نَمانيَ إقليمٌ نماكَ وأطلعتْ / سماءَكَ شمسٌ أطلعتْ فجرَ مولدي
فإن أشدُ بالمجدِ الذي شِدْتَ ركنَهُ / فما هو إلَّا ركن قومي وسودَدي
محمدُ ما أُرضيك بالشعرِ مِدْحةً / فحسبُكَ مرضاةُ النبيِّ محمَّدِ
أَخي إن وردتَ النِّيلَ قبل ورودي
أَخي إن وردتَ النِّيلَ قبل ورودي / فحيِّ ذمامي عندَهُ وعُهُودي
وقبِّلْ ثرىً فيه امتزجنا أُبوَّةً / ونُسلِمُهُ لابنٍ لنا وحفيدِ
أخي إنْ أذانُ الفجر لبَّيتَ صوته / سمِعْتَ لتكبيري ووقعِ سجودي
وما صُغْتَ قولاً أو هتفتَ بآيةٍ / خَلا مَنطقي من لفظها وقصيدي
أخي إنْ حواكَ الصبحُ ريَّانَ مشرقاً / أفقْتُ على يومٍ أغرَّ سعيدِ
أخي إن طواكَ الليلُ سهمانَ سادراً / نبا فيه جنبي واستحالَ رقودي
أخي إنْ شربتَ الماءَ صفواً فقد زكتْ / خمائلُ جنَّاتي وطاب حصيدي
أخي إنْ جفاكَ النهرُ أو جفَّ نبعُهُ / مشى الموتُ في زهري وقصَّفَ عودي
فكيف تُلاحيني وألحاكَ إنني / شهيدكَ في هذا وأنتَ شهيدي
حياتُكَ في الوادي حياتي فإِنما / وُجُودك في هذي الحياة وجودي
أخي إنْ نزلتَ الشاطِئيْن فسَلهما / متى فصلا ما بيننا بحدودِ
رَماني نذيرُ السُّوءِ فيكَ بنبأةٍ / فجَلَّلَ بالأحزان ليلة عيدي
وغامتْ سمائي بعد صفوٍ وأُخرِستْ / مَزاهرُ أحلامي وماتَ نشيدي
غداةَ تمنَّى المستبدُّ فِراقنا / على أرضِ آباءٍ لنا وجدودِ
وزفَّ لنا زيْفَ الأماني عُلالةً / لعلَّ بنا حُبَّ السيادة يُودي
أُخُوَّتُنا فوق الذي مان وادَّعى / وما بيننا من سيِّدٍ ومسودِ
إذا قال الاستقلالُ فاحذره ناصباً / فِخاخَ احتلال كالدهورِ أبيدِ
وكم قبْلُ منَّاني على وفرِ ما جَنَى / بحربين من زرعي وضَرْع وليدي
فلما أتاهُ النصرُ هاجَتهُ شِرَّةٌ / فهمَّ بنكراني ورامَ جُحُودي
ألا سَلهُ ماذا بعد سبعين حِجةً / أأنجز من وعدٍ أفكَّ قيودي
يُبَدِّلُني قيداً بقيدٍ كأنه / مدى الدهر فيها مُبدِئِي ومُعيدي
أخي وكلانا في الأسار مكبَّلٌ / نجُرُّ على الأشواكِ ثُقْلَ حديدِ
إذا لم تُحرِّرنا من الضيم وحدَةٌ / ذَهَبْنا بشملٍ في الحياة بديدِ
وما مصرُ والسودانُ إلَّا قضيَّةٌ / مُوحَّدَةٌ في غايةٍ وجهودِ
سَئمنا هُتافَ الخادعين بعَالمٍ / جديدٍ ولمَّا يأتِنا بجديدِ
وجفَّتْ حشاشاتٌ وُعِدْنَ بمائِهِ / فلما دَنَا أَلفَتْ سرابَ وعودِ
وطال ارتقابُ الساغبين لنارِهِ / على عاصفٍ يرمي الدُّجى بجليدِ
إِذا يَدُنا لم تُذْكِ نارَ حياتنا / فلا تَرْجُ دِفئاً من وميضِ رعودِ
إذا يَدُنا لم تَحْمِ نَبْعَ حياتنا / سرى رِيُّهُ سمّاً بكلِّ وريدِ
سيُجْريهِ ما شاءَتْ مطامعُ قومِهِ / ويحبسُهُ ما شاءَ خَلْفَ سدودِ
وكيف ينام المضعفون وحوْلهم / ظِماءُ نسورٍ أو جياعُ أسودِ
أخي هل شَهِدْتَ النيلَ غضبان ثائراً / يَرُجُّ من الشطآن كلّ مشيدِ
جرى من مَصَبَّيْهِ شُواظاً لنبعِهِ / على نفثاتٍ من دمٍ وصديدِ
وجنَّاتِ نَخْلٍ واجماتٍ كواسفٍ / وأسرابِ طير في الفلاةِ شريدِ
لدى نبأٍ قد رِيعَ من حمله الصَّدى / وضجَّ لهُ الموتى وراءَ لُحودِ
جنوبُكَ فيه والشمال تفزّعا / لتشتيتِ أهلٍ وانقسامِ صعيدِ
أحال ضياءَ الصبح حوليَ ظُلمةً / بها الحزنُ إلْفِي والهناءُ فقيدي
وسَعَّرَ أنفاسي فأطلقتُ نارَها / على الظالِمِ الجبَّار صَوْتَ وعيدِ
أرادكَ مفصومَ العُرى وأرادني / بهدْمِ إِخاءٍ كالجبال مشيدِ
ليأكلَنا من بَعْدُ شِلواً ممزَّقاً / كَطَيرٍ جريحٍ في الشِّباك جهيدِ
تَحايُلُ شيطانِ الأساليب لم يَدَعْ / مجالاً لشيطانٍ بهنَّ مَريدِ
على النيل يا ابن النيل أطلِقْ شراعَنا / وقُلْ لِلياليهِ الهنيّةِ عودي
وأرسلْ على الوادي حمائمَ أيكه / برنّة ولْهى أو شكاة عميدِ
وقل يا عروسَ النبع هاتي من الجنى / ودوري عَلَيْنا بالرحيق وجودي
وَهُبِّي عذارى النخل فرعاءَ وارقصي / بخُضْرِ أكاليلٍ وحُمْرِ عقودِ
ألا يا أخي واملأ كؤوسَ محبَّةٍ / مُقدّسَةٍ موعودةٍ بخلودِ
إذا هي هانتْ فانْعَ للشمس نورَها / وللقمر الساري بروجَ سعودِ
وقُلْ يا سماءَ النيل ويحكِ اقلعي / ويا أرضُ بالشُّمِّ الرواسخ مِيدي
وغيضي عيونَ الماءِ أو فتفجَّري / لَظىً وإِنِ اسطعتِ المزيدَ فزيدي

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025