المجموع : 5
تَهُبُّ نُسَيماتُ الصَّبا من رُبا نَجدِ
تَهُبُّ نُسَيماتُ الصَّبا من رُبا نَجدِ / فَيَنْفَحنَ عن طِيبٍ ويَعْبقنَ عَنْ نَدِّ
وما ذاك إلّا أنَّهن يَجُلنَ في / مَعاهِدنا بين الأُثَيْلاتِ والرَّنْدِ
هُناكَ الثَّرى يُربي عَلى المسك طِيبُهُ / ودَوحاتُه تُزْري عَلى العَنْبر الوَردِ
معاهدُ نَهواها وتَهوى لِقاءَنا / بها قَدْ مَضى حُكْمُ العَفافِ على الودِّ
على حين لا واشٍ يَفوهُ بِريبةٍ / ولا عاذلٌ يَعْدو ولا كاشِحٌ يُعْدي
أخَذْنا مع الأيَّام فيها مَواثِقاً / فحالَتْ ومازِلْنا كِراماً عَلى العَهْدِ
كذاكَ سبيلُ الدَّهر نَقضٌ عُهودُه / فَنُعماهُ للبَلوى ولُقْياهُ لِلصَّدِّ
ألا ليتَ شعري والمُنى غايةُ الهَوى / أَأُبصِرُ نَجْداً أم أَحُلُّ رُبا نَجْدِ
وهَلْ أنْقَعَنْ من ماءٍ ظمْياءَ غُلَّةً / على كَبدٍ لم يَبْقَ مِنْها سِوى الوَجدِ
وهل أنْزِلَنْ من حَيِّها جادَهُ الحَيا / منازِلَ قد جَلَّتْ مَنازِلُها عِنْدي
بحيثُ القِبابُ البِيضُ والسُّمْرُ والظُّبا / سَماءٌ وأنوارٌ يُشَمْنَ على البُعْدِ
إذا ما شَياطينُ المُنى طُفْنَ حَولَها / رَمَتْها رُجومُ الخَطِّ عن ضُمَّرٍ جُردِ
فإن خفَّ خطوُ الوَهْمِ عن حَدِّ طَورِه / فَثَمَّ سِهامُ اللَّحظِ عن كَثبٍ تُرْدي
وفي القُبَّةِ البَيْضاءِ بيضاءُ لو بَدَتْ / لشَمْسِ الضُّحى يَوماً لحارَتْ عن القَصْدِ
تَطَّلعُ عن صُبحٍ من الوَجْهِ نَيِّرٍ / وتَغْربُ عن لَيْلٍ من الشَّعرْ مُسْوَدِّ
تَقولُ لفتيانِ التَّصابي إلَيْكُمُ / فإنَّا ظِباءَ الخِدْرِ نَبْطِشُ بالأُسْدِ
إذا ما الوَغَى جاشتْ شَهَرْنا عُيونَنا / صَوارمَ والقاماتُ كالأَسَلِ المُلْدِ
حُروبُ الهوى جدَّلْنَ كُلَّ مُجالِدٍ / وأظفرنَ ريمَ القَفْرِ بالأسدِ الوَرْدِ
نَواهِدُها أمْضَى طِعاناً من القَنا / وأَلْحاظُها أنْكى جِراحاً من الهِنْدِ
وأين ضِرابُ السَّيفِ من لَحْظِ ناظِرٍ / وأين طِعانُ الرُّمحِ مِنْ قائمِ النَّهدِ
طعِينُ القَنا يُوسَى فتَبرا كُلومُهُ / وليسَ لِمَطْعونِ النُّهودِ سِوى اللَّحدِ
ومَخْضُوبةِ الكفَّينِ مَعشوقةِ الحُلى / بَدَتْ مثْلَ بَدْرِ التِّمِّ في ليلةِ السَّعْدِ
نَهانيَ عَنها عُذَّلي فَعَصَيْتُهُمْ / فيا غَيَّهم فيما أتَوْهُ ويا رُشدي
حرامٌ على قَلْبي غَرامٌ بِغيرها / وإن جلَّ ما ألقاهُ فيها مِنَ الوَجْدِ
نظرتُ إلى حُسنٍ على خدِّها فَما / وجَدْتُ لِقَلْبي في الوَرَى عَنْهُ مِنْ بُدِّ
أحِنُّ إلى نَجْدٍ إذا ذُكِرَتْ نَجْدُ
أحِنُّ إلى نَجْدٍ إذا ذُكِرَتْ نَجْدُ / ويَعْتادُ قَلبي مِنْ تَذكُّرِها وَجْدُ
ويَعْتَلُّ جِسْمي أن يَهُبَّ نَسيمُها / عَليلاً له بالأثْلِ أثلِ الحِمَى عَهْدُ
وما مَقصدي نَجدٌ ولا ذِكْرُ عَهْدِها / ولكن لِجَرّي مَنْ غَدتْ دارَهُ نَجْدُ
رمَتْني النَّوى قَصْداً فأصْمَتْ مَقاتلي / وللبَيْنِ سَهْمٌ لَيْسَ يُخطي لَهُ قَصْدُ
ألا هَلْ لأيَّامٍ تَقَضَّيْنَ بالحِمَى / سَبيلٌ لِذي وَجْدٍ تَناهَى بهِ الجَهْدُ
إذِ الدَّهرُ سَعدٌ والزَّمانُ مُساعِدٌ / فلا الصَّبُّ مَصدودٌ ولا البابُ مُنسَدُّ
سَقى اللهُ أكنافَ الحِمى كُلَّ واكِفٍ / مِنَ الدَّمعِ يُرْوِيها إذا أخْلَفَ الرَّعدُ
وحَيّى وُجوهَ الحَيِّ من جانِبِ الغَضا / بِكلِّ حَياً يُعدي بخِصْبٍ ولا يَعْدُو
أأحبابَ قَلْبي والهَوانُ أخُو الهَوى / وإنَّ الَّذي أُخْفي لفَوقَ الَّذي يَبْدو
خُذوا بِيَدي قد ضِقْتُ ذَرعاً بِصَدِّكُمْ / وإِلّا فإجْهازاً ومِنْ بعدِ ذا صُدُّوا
إذا أنتُمُ لم تَرْحَمُوا ذلَّ مَوْقِفي / فَقولوا لِمنْ آتي فأرْجوهُ مِنْ بَعْدُ
صِلوا أو فَصُدُّوا أنْتُم الأمْنُ والمُنى / عَلى كلِّ حالٍ ليسَ لي عَنْكُمُ بُدُّ
أقول وعَبْراتي غَوادٍ رَوائحٌ / لِخلَّيْن أقْصاني وإيَّاهُما الصَّدُّ
بِعَيْشِكُما إنْ جِئتُما أجرَعَ الحِمى / قِفا فابْكِيا مَنْ ليسَ يُرجى لهُ رُشْدُ
فإنْ تُسْألا مَن ذا الَّذي تَنْدُبانِهِ / فَقُولا مَشوقٌ خانَهُ في الهَوى الجَدُّ
خَليليَّ والعُشَّاقُ في الحُبِّ أضْرُبٌ / ولكنَّنِي في لوْعَتي عَلَمٌ فَرْدُ
نَشدتُكُما اللهَ اصْدُقانِيَ هَلْ لِما / بَدا لَكُما مِن حالتي في الهَوى نِدُّ
تَألَّى عليَّ الدَّهرُ نَقْضَ عَزائِمي / فأصبحتُ لا حَلٌّ لَديَّ ولا عَقْدُ
أعاذِلتي إن كانَ لَومِيْ عَلى الهَوى / فَليسَ لقلبي فيهِ أخذٌ ولا رَدُّ
عَسى اللهُ أن يُحْيي سُروري بِقُربِهمْ / فَقدْ نالَ مِنِّي فوقَ ماشاءهُ البُعْدُ
فيصبحَ قَلبي وهو بَيْنَ جَوانِحي / وقدْ دانتِ الدُّنيا وقَدْ ساعَد السَّعْدُ
ووَرْدِيَّةِ الجلْبابِ أعْجَبَها الوَرْدُ
ووَرْدِيَّةِ الجلْبابِ أعْجَبَها الوَرْدُ / فغَنَّتْ وما بالغانِياتِ لَها عَهْدُ
تُرِيكَ اضْطِرابَ الرَّاقِصاتِ إذا انْثَنَت / وتُسمِعُ لَحْنَ المُسْمِعاتِ إذا تَشْدو
أتَتْ وبِطاحُ الأرضِ تُجْلى عَرائِساً / وفي كُلِّ غُصْنٍ مِنْ أزاهِرِهِ عِقْدُ
وقَد أبدتِ الدُّنيا مَحاسِنَ وجْهِها / فَمِنْ زَهْرَةٍ ثَغْرٌ ومن وَردَةٍ خَدُّ
وساعَدَها طِيْبُ الهَواءِ وفَضْلُهُ / وفَصْلُ الرَّبيعِ الغَضُّ والمَنزِلُ السَّعْدُ
فَغَنَّتْ غِناءَ الشَّربِ أنْشَتْهُمُ الطِّلا / وَحَنَّتْ حَنينَ الصَّبِّ باحَ بهِ الوَجْدُ
أكُلّاً يُثِيرُ الوَجْدُ كامِنَ حُزنِهِ / لَقَدْ جازَ في حُكْمِ الغَرامِ بِنا الحَدُّ
وخاطِرَةٍ كالظَّبيِ في خَطْوِها بُعْدُ
وخاطِرَةٍ كالظَّبيِ في خَطْوِها بُعْدُ / تَكادُ أعاليها مِنَ اللِّينِ تَنْقَدُّ
تَمَنَّيْتُها في حَضْرَةٍ وَسْطَ رَوْضَةٍ / يَنِمُّ عَلَينا مِنْ خَمائِلها النَّدُّ
فَصدَّتْ وقالَتْ ما لِطَبعِكَ قد جَفا / وأيَّ رِياضٍ تَبْتَغي بَعْدَما أبْدُو
وفِرْدَوسُها والقُضْبُ والعَرفُ والنَّدى / وأوْراقُها والوُرْقُ والكُثْبُ والرَّنْدُ
وحضْرَتُها والرَاحُ والنُّقْلُ والغِنا / ونَرْجِسُها والزَّهرُ والآسُ والوَرْدُ
ثِيابي وأعطافي ونَشْري ونِعْمَتي / وقُرْطي وحَلْيِي والرَّوادِفُ والقَدُّ
وَوَجْهي وَرِيقي والنُّهودُ ومَنْطِقي / ولَحْظي وثَغْري والغَدائِرُ والخَدُّ
إذا لُحْتُ لاحَ الحُسْنُ طُرّاً وإنْ أغِبْ / فلا شَجَنٌ يَخْفى ولا حَسَنٌ يَبْدُو
إذا ما دَعَتْكَ النَّفْسُ يوماً لِريبَةٍ
إذا ما دَعَتْكَ النَّفْسُ يوماً لِريبَةٍ / فحاذِرْ عِقابَ اللهِ فَهوَ شديدُهُ
فصَبْرُ الفَتى عَمَّا يُريدُ أخَفُّ مِنْ / تَصَبُّرهِ كرهاً لِما لا يُريدُهُ