المجموع : 14
طَرِبتُ لإلمامِ الخيالِ المُعاوِدِ
طَرِبتُ لإلمامِ الخيالِ المُعاوِدِ / ومَسْراهُ في جُنحٍ من اللّيلِ راكِدِ
وضجْعةِ صحبي بالفلاةِ وما لَهم / بها غيرَ أيدي العيسِ مُلقَى وَسائد
ونَومي إلى جَنبِ المطيّة في الدجى / ولَفّي بها فَضْلَ الزِّمامِ بساعدي
وزَوْرة ذاتِ الخالِ من غيرِ مَوْعدٍ / فيا حُسْنَها لو أنّني غيرُ هاجد
وما زلتُ إما واجداً غيرَ طالبٍ / لليلَى وإمّا طالباً غيرَ واجد
فلا يُبعِدِ اللهُ الخيالَ فإنه / من الجِيرةِ الغادينَ أدنَى المَعاهد
وما زال بي من طارقِ الشّوقِ عائدٌ / على ذِكْرِ عَهْدٍ مَرَّ لي غيرِ عائد
ومستَرقٍ من وَصْلِ أغيدَ فاتنٍ / مَحاسنُه رَوْضي وعيناي رائدي
تَغطّيت منه تحت قَطْرِ مَدامِعي / تَغَطِّيَ سِلْكٍ تحت نظْمِ الفرائد
فلم يَعتنِقني من هوىً غيرَ أنّه / تَوهَّمَ أنّ الصَبَّ بعضُ القلائد
تَمتّعتُما يا ناظِرَيَ بنظرةٍ / وأوردْتُما قلبي أمَرَّ المَوارد
أعَينَيَّ كُفا عن فؤادي فإنّه / من البَغْيِ سَعْيُ اثنينِ في قَتْلِ واحد
كأني نَصْبتُ العينَ منّي حِبالةً / ليغدو بها سِرْبُ الظباء صَوائدي
ومَن لم يُقلِّبْ في الورى طَرْفَ ناقدٍ / يَصِرْ بالأداني نَصْبَ كَيْدِ الأباعد
ولمّا بَلوْتُ النّاسَ أطلُبُ منهمُ / أخا ثقةٍ عندَ اعتراضِ الشَّدائد
تَطلّعْتُ في يَوْمَيْ رخاءٍ وشِدَّةٍ / ونادَيتُ في الأحياءِ هل مِن مُساعد
فلم أرَ فيما ساءني غيرَ شامتٍ / ولم أرَ فيما سَرَّني غيرَ حاسد
فطَلّقْتُ وُدَّ العالمين جميعِهم / ورُحْتُ فلا أُلوي على غيرِ واحد
وعُدْتُ إلى نَفْسٍ من الغزِّ مُرّةٍ / وصَبرٍ على الأيّامِ بالنُّجْحِ واعد
وقَصْرٍ يُسامي النّجْمَ مَن بات فوقه / على أنّه لم تَبْنهِ كفُّ شائد
من السّابقاتِ الرّيحَ عَفْواً إذا غدَتْ / ضَوامِنَ تَقْريبِ المَدى المُتَباعد
فما زال إمضائي عليها عزائمي / لأُنجزَ عندَ المجدِ إحدى المَواعد
إلى أن أعَرْنا مَسقِطَ النَّجمِ طَرْفَها / وقد سامتَتْ في السّيرِ ضوءَ الفَراقد
وقالوا مُناخُ الرَّكْبِ بَغْدادُ غُدوةً / وقودُ المطايا طائشاتُ المَقاود
فما بَرِحتْ منّا مباسمُ واجد / تُقَبِّلُ من شوقٍ مَناسمَ واخد
وقَلَّ من العِقيانِ صَوْغُ أساورٍ / لأيدي مَطي للعراقِ قَواصد
يزرن من الزّوراء بيتَ مكارمٍ / تَولّى له ذو العَرشِ رَفْعَ القواعد
مَواقِفُ خُطّتْ للهدى نَبويّةٌ / لأبيضَ من بيتِ النُّبوةِ ماجد
إذا خَرجَتْ منها المواسمُ صَوّرتْ / ثَرى الأرضِ آثارُ الوجوهِ السواجد
وإنْ أمّهُ الوُفّادُ ألقَوا رِحالَهم / إلى خيرِ مَوفودٍ عليه لوافد
إمامٌ له في بُعْدِه عن عُيونِنا / دُنُوٌّ إلى إسعافِنا بالمقاصد
كعِلْمِك أنّ اللهَ للخَلْقِ شاهدٌ / جلالاً وما خَلْقٌ له بمُشاهد
خليفةُ صِدْقٍ لا يُسِرُّ خلافه / سوى خائنٍ عن شِرعةِ الدّين حائد
ومُستَظْهرٌ باللهِ في نَصرِ دينهِ / مُظاهِرُ درْعَيْ نَجْدةٍ ومَحامد
من الآخِرين السّابقينَ إلى العُلا / إذا الفضلُ أبدَى عن مَسودٍ وسائد
ليهْنِك يا أعلى بني الدّهرِ منصباً / تَوقُّلُ جَدّ في ذرا المجدِ صاعد
وإجلالُ مُلْكٍ في فِناء نُبُوَّةٍ / فأكرِمْ بمَورودٍ عليه ووارد
ولم يَقْترِنْ سَعْدانِ أسعدُ منهما / لدينٍ ولا دُنيا على عَهْدِ عاهد
فلّلهِ عَيْنا مَنْ رأى الوفدَ طالعاً / معَ السّعدِ يبدو للعيونِ الرَواصد
وللهِ سِرٌ فيه آثَرَ سَيْرَهُ / إلى حافظٍ عن حَوْزَةِ اللهِ ذائد
سَرَى في جنودٍ للملائِكِ حَوْلَهُ / وأُخْرَى حُشودٍ من ملوكٍ أماجدِ
وقد رَشَّت الأرضَ الغمامُ لخيلهِ / معَ الصبح إكراماً لتلك المَشاهد
ألم تَر كيف اختالَتِ الأرضُ عِزّةً / بما قد بدا من حُسنِها المُتَزايد
وزُرَّ عليها الوَشْيُ حتّى كأنّها / وقد جُلِيَتْ إحدى الحسانِ الخرائد
وفي الجوِّ غاب بالأسنّةِ شابِكٌ / على أنّهُ يُؤْوي أُسودَ المَطارد
وأحْرَمَ بيضُ الهندِ إحرامَ مُحصَرٍ / بأيدي كماةٍ غيرَ أن لم تُجالد
فأقْسم لو لم تَلتزِمْ بدَمِ العِدا / لها فديةً ما طاوعَتْ كفَّ غامد
أيا كالىءَ الدّنيا معَ الدّينِ راصداً / كذي لِبَدٍ في مُلتقَى السُّبلِ لابد
ومَن رِفْدُه وَقْفٌ على كُلّ طالبٍ / ومَن حُبُّه فرضٌ على كُلّ عابد
فليس بمَقْبولدَى اللهِ دونَه / صلاةُ مُصَلٍ أو جهادُ مُجاهد
تَطلّع داءٌ من نفاقٍ لحاسم / وأينعَ هامٌ من أُناسٍ لحاصد
فثُرْ ثورةً للهِ معتَصِميّةً / لإطفاء نارَيْ مُجلِبٍ ومُكايد
عسى يَجْمَعُ الفتحَيْنِ عَصْرُك آنفاً / كما جُمِعا قِدْماً برَغْمِ المُعاند
فجَدّكَ في كسْرِ العدا غيرُ عاثرٍ / وزَنْدُك في نَصْرِ الهدى غير صالد
وخيْلُك في شَرْقِ البلادِ وغربِها / قلائدُ أعناق الحصونِ المَوارد
يَخُضْنَ الوغَى شُهْباً من البيضِ وَحْدَها / ويَخْرجْنَ شُقراً بالدماء الجَواسد
شَهِدتُ لقد أحسنْتَ في رَعْي أُمّةٍ / لها منك طَرْفٌ دونَها غَيرُ راقد
فلا سَدَّدَ الأيامُ نَحوَك سَهْمَها / ولا رَمَتِ الأعداءَ إلا بصارد
علَوتَ الورى طُرّاً فلن بناقصٍ / مَحلُّك من شَيءٍ وليس بزائد
سوى أنّنا نُهدِي التهاني لأنّها / وإن قَصَّرتْ تُعرِبْنَ عن وُسْعِ جاهد
أيا مَن غدَتْ حُجْبُ الجلالةِ دُونَه / فنائله منّا خُلُوص العقائد
مغَانيك طَوْفُ القاصِدين بها كما / مَعانيك فيها الدَّهرَ طَوفُ القصائد
وإن طالَ بي عن كعبةِ المدحِ غَيبةٌ / فهذا أوانُ السّائراتِ الشَّوارد
يُقَرّطُ منها مَعْشَرٌ بجَواهر / ويُكْعَمُ منها مَعشَرٌ بجَلامد
وللعبدِ إرْثٌ من قديمِ وَلائه / غدا شافعاً منه طَريفاً بتالد
وحَدُّ لسانٍ في أعاديك وَقْعُه / يزيد على سَيفِ الكَميِّ المُجالد
فإن شُرِّفَ العبْدُ اصطِناعاً فسنَّةٌ / لأهْلِ الوغَى حَلْيُ السّيوفِ الحَدائد
وما طَلَبي إلا القبولُ وإنما / أُريد عليه واضحاتِ شَواهد
بَثثْتَ أمير المؤمنين صنائعاً / قليلٌ لها منّي كثير المَحامد
فدُمْ للورى يا خيرَ مَن وَلِيَ الورى / وجادتْ يداه بالبوادي العوائد
فَمن جَعل الدّنيا بمُلكِك جَنّةً / حقيقٌ بأن يعطيكَ عيشةَ خالد
كأنّك بالأحبابِ قد جَدَّدوا العَهْدا
كأنّك بالأحبابِ قد جَدَّدوا العَهْدا / وأنجزَتِ الأيام من وَصْلِهم وَعْدا
وعادوا إلى ما عَوّدُونا فأصبَحوا / وقد أنعمَتْ نُعْمٌ وقد أسعَدتْ سُعْدى
أمانِيَ لا تُدنِي نوى غيرَ أنها / تُعللُ منا أنفُساً مُلئتْ وَجدا
وجَمرةُ شَوقٍ كلما لام لائمٌ / ورَدَّد من أنفاسِه زادَها وَقدا
أحِنُ إلى ليلَى على قُرْبِ دارِها / حَنينَ الذي يَشكو لأُلاَّفِه بُعدا
ولي سِلْكُ جسم ماؤه درّ أدمُع / فلولا العدا أمسَيْتُ في جِيدِها عِقدا
أكتِّمُ جَهْدي حُبَّها وهو قاتلي / وكامن نارِ الزَنْد لا يُحرِق الزّندا
هلالِية قوماً وبُعْدَ منازلٍ / فهل من سناً منها إلى مقلةٍ يُهْدَى
غزاليّةٌ للناظِرينَ إذا بدَتْ / إن انتقبَتْ عيْناً وإنْ سفَرتْ خدّا
إذا زُرْتُها جَرَّ الرماحَ فَوارسٌ / لتَقْصيدها فيمَنْ يُريغ لها قَصدا
وحالُوا بأطرفِ القنا دونَ ثَغْرها / كما ثار يَحْمِي النَّحْلُ بالإبَرِ الشهدا
وآخِرُ عَهْدي يومَ جَرَعاء مالك / بمُنْعَرَجِ الوادي وأظعانُهم تُحْدى
ولمّا دَنتْ والسِتْرُ مُرخىً ودونَها / غَيارَى غدَتْ تَغْلِي صدورُهُم حِقدا
تَقدَّمْتُ أبِغي أن أبيعَ بنظرةٍ / إلى سِجْفها روحي لقد رَخُصَتْ جِدّا
أسِفْتُ على ماضي عهودِ أحبَّتي / وهل يَملِكُ المَحزونُ للفائتِ الرَدَا
أبَوا أن يَبيتَ الصَّبُ إلا مُعذَّباً / إذا بَعُدُوا شوقاً وإن قَربُوا صَدا
متى وَرَدوا بي مَنْهلا من وِصالهم / قضَى هَجْرُهم أن يسبق الصدر الوردا
فكم حاد بي أن لم أنل منهم مُنى / وكم عاد بي أن لم أجِدْ منهمُ بُدّا
وما قاتِلي إلا لواحظُ شادنٍ / منَ الرّاعياتِ القلبَ لا البانَ والرَّندا
لغَيري رمَى بالطَّرف لكن أصابَني / ولا قَوَدٌ في الحُبِ ما لم يكنْ عَمدا
عَجِبتُ لليَلى وهي جِدّ فَروقةٍ / وقد صرَعَتْ يومَ النَّقا فارساً نَجْدا
كأنّ مَعاجَ العيسِ من بطنِ وَجْرةٍ / وقد طَفِقتْ تَصطادُ غِزلانُه الأُسدا
أظَلَّتْه أيّامُ الإمامِ بعَدلِه / فلم يَخْشَ ريمٌ أحورٌ أسَداً وَرْدا
إمامٌ رعَى للهِ أمرَ عبادِه / فعاش الورى في مُلْكِه عيشةً رَغْدا
بحَقٍ إليه اللهُ ألقَى أمورَنا / وللهُ أوْفَى ناقدٍ للورى نَقدا
فقد زَيَّن الدّنيا بآثارِ كَفِّه / سَماحاً وخلاها لأبنائها زُهدا
يُؤَرِّقُه خوفٌ عليهم ليأمَنوا / إذا الدّهرُ أزجَى نحوَهم حادِثاً إدّا
قلوبُ العِدا منه حِذاراً كقلْبِه / علينا وعَيْناهُ كأعيُنهم سهدا
إذا ما الهمومُ المُسهِرات طَرقْنَه / ضُيوفاً قرَاها جَمْعُهُ الجِدّ والجَدّا
وكالصُّبحِ مُبْيْضاً له الرَّأيُ يُنتضَى / إذا ما أظَلَّ الخَطْبُ كاللّيلِ مُسوّدا
بمُستَرشدٍ باللهش مُستَخلَفٍ له / مليكٍ يُريكَ اللهُ طاعتَه رُشْدا
يحولُ حجابُ العِزِّ دون لقائه / وإن كان لا يُعْيِي على طالبٍ رِفدا
وتَنْهَى العُيونَ الشَّمس عنها إذا اعتلتْ / بُهوراً وإن كانتْ بأنوارِها تُهْدى
فدُمْ للعُلا يا خيرَ من مطرَ الورى / نوالاً فلم نَعْرِفْ له في النّدى نِدّا
ورِثْتَ الذي قد ضمَّه البُرْدُ من تُقىً / ومِن كرمٍ من قبلِ أن تَرِثَ البُردا
ووُلِّيتَ من مُلْكِ القضيبِ شَبيه ما / تَولاّه مَنْ كان المُشيرُ به مَجدا
وما هو إلا أمْرُ أُمَتهِ الّذي / إليك انتهَى إذ كنتَ من بَينها الفَردا
سَرائرُ للهِ انطَوتْ في أمائرٍ / أُولوُ العِلْمِ قد كانوا إلى فَهْمِها أهدى
إذا لمَحتْها فِطْنةٌ عربيّةٌ / غدَتْ ألسُناً عند الحِجاجِ لكم لُدا
ألم ترَ أنَّ ابنَيْ نِزارٍ تَملَّكا / له القُبّةَ الحمراءَ والفَرَسَ النَهدا
فكان لهذا بالسيادةِ حجّةً / وهذا يَقودُ الخيلَ نحوَ الوغَى جُردا
دليلانِ كلُّ منهما بُوضوحِه / لكَ اللهُ رب العرشِ أهْدَى الّذي أهدى
نُحِبك لا حُبّ اعتيادٍ وإنّما / بِذاك علينا اللهُ قد أخَذ العَهدا
وما إن نَرى أجْراً على اللهِ واجباً / لمسْعَى رسولِ اللهِ إلا لك الودّا
بِكمُ آل عبّاسٍ يُعاذ ومنكمُ / يُعادُ لنا جَزْلُ العطاء كما يُبْدا
وأنتم شفَعْتُم للحَيا عند حَبْسِه / فأطْلقْتُموه حائزِين له حَمْدا
فهل غَيرُكم من آلِ بيتِ مكارمٍ / إذا افتخَروا كان الغَمامُ لهم عَبدا
لَكُم سَنَّ في الأرضِ الخلافة آدمٌ / ومِن أجلِكم لم يَأْسَ إذ فارق الخُلدا
وفي ظَهْرِ إبراهيمَ كانتْ خَبيئةً / أكفُّكم حتّى غَدتْ نارهُ بَردا
ولولا الّذي أصبَحتُم خلفاءَهُ / لما كان في كَونٍ مَعادٌ ولا مَبْدا
فلَمْ تُخلَفوا حتّى غدا وغَدوتُمُ / قَسيمَيْ عُلا عُدّا لِدينِ الهدى عَدّا
وأنت لدينِ الحقِّ غايتُه التي / تَناهَتْ فما عنها لذِي نُهيةٍ مَعْدى
تركْتَ بني الإلحادِ في كُلِّ مَوطنٍ / وقد هّدَّ سيفُ اللهِ بُنيانَهم هَدّا
هُمُ خَلَطوا الإسلامَ بالكُفْر خَلْطةً / فَصيّرتَ حّدَّ السيفِ بينهم الحَدّا
إذا الكفُّ أبدتْ باغتصابٍ إشارةً / إلى حَقِّك المَوروثِ لم تَصْحبِ الزَندا
إذا رأسُ طاغٍ مال عنك جَهالةً / أبَى حَيْنُه إلا القناةَ له قَدا
وما ارتَدَّ مُنْحازٌ فَرُدَّ بذِلّةٍ / إلا الدّينِ إلاّ سُرعةَ النَّفَسِ ارْتَدا
بَقيتَ لدهرٍ لم تَدَعْ أهلَه سُدىً / ودينٍ جَعْلتَ السّيفَ من دُونهِ سُدّا
إليك أميرَ المؤمنين سَرتْ بنا / ركائبُ أدنَتْ من مَواقِفك الوَفدا
لطَمْنَ بأيديهِنَّ خَدّاً من الفلا / على عَجَلٍ حتّى تَرَكنَ به خَدّا
وقد وفَدَ العبدُ القديمُ وَلاؤه / لِيُتْبعَ طُرْفاً من مَدائحِكم تُلدا
وما الشِعرُ قاضٍ واجباً من حُقوقِكم / لديَّ ولكنْ من مُقِل غدا جُهدا
ولولا مَناهِي دينِ جُودٍ شَرعْتَه / عَممْتُ بناتِ الفكْرِ من أنَفٍ وأدا
فِدىً لك نَفْسي في العبيد من الردى / فمِثْليَ مَن يَفْدِي ومثْلُك مَن يُفدى
بَقاءَك أرجو اللهَ ربّي وظِلَّه / على الخَلْقِ طُرّاً أن يَمُدَّهما مَدّا
تَصومُ على يُمنٍ وتُفْطِرُ دائماً / وتَطلعُ في أفْقٍ العُلا أبداً سَعدا
وتَبْقى إلى أن تُبْلِيَ الدَّهرَ خالداً / ولا شَرفٌ للسيفِ أن يُبْلِه الغِمدا
أُراقِب من طَيْفِ البخيلةِ مَوعداً
أُراقِب من طَيْفِ البخيلةِ مَوعداً / وهان عليها أن أبيتَ مُسهَّدا
أبَى الليلُ إسعادي وقد طالَ جُنْحُه / فما هدأتْ عيني ولا طَيفُها اهتدَى
فبات برَعْيِ النّجمِ طَرْفي موكّلاً / وبات لذيذُ النومِ عنّي مُشَرَّدا
وهل هي إلا مُهجةٌ يَطْلُبونَها / فإن أرضَتِ الأحبابَ فَهْي لهم فِدى
أأحبابَنا كم تَجْرحون بهَجْرِكم / فؤاداً يَبيتُ الدّهرَ بالهَمِّ مُكْمَدا
إذا رُمتُمُ قَتْلي وأنتم أحِبّةٌ / فماذا الّذي أخشَى إذا كنتُمُ عِدا
سأُضمِرُ في الأحشاء منكم تَحرُّقاً / وأُظهِرُ للواشين عنكم تَجَلُّدا
وامَنَعُ عَينْي اليومَ أن تُكثِرَ البُكا / لتَسلمَ لي حتّى أراكُم بها غَدا
فهل أنت يا صاحِ الغداةَ مُعرِّجٌ / لنُحييَ عهداً أو نُحَيِّيَ مَعْهَدا
حَنَنْتُ فأَسِعدْني ليومٍ لعلّه / يُضَيَّضُ فيه أن تَحِنَّ فأُسِعدا
وما الدّهرُ إلا ما تَرى فمتى علَتْ / يَدٌ لك في دُنْياكَ فاصنَعْ بها يَدا
دَعُوا الصَّبَّ يَشْفِي العينَ منكم بنَظرةٍ / فلا بُدَّ للمشتاقِ أن يَتَزوَّدا
ولا يَطْمَعُ المَغرُورُ أن أدَعَ الهَوى / وإنْ لامني فيه الخَلِيُّ وفَنّدا
فليس يُبالي بالمَلامِ مَتَيَّمٌ / إذا كان مَن يَهواهُ بالوَصْلِ مُسْعِدا
كما لا يَخافُ الدَّهرَ مُلْكٌ غدا له / وَلِيُّ أميرِ المؤمنين مُؤيِّدا
أَعز ملوكِ الأرضِ نَفْساً ومَعشراً / وأعظَمُ أهلِ الدّهرِ مَجْداً وسْؤددا
تَرى منه مَلْكاً عظَّم اللهُ شَأنَه / فعِصْيانُه غَيٌّ وطاعتُه هُدى
مَهيباً إذا لم تَلْقَهُ البيِضُ سُجَّداً / من الناسِ ألقَتْ هامَها البيِضُ سُجّدا
هوالشّمسُ في العَلْياهوالدّهرُفي السُّطا / هوالبَدْرُفي النّادي هو البحرُ في النَدى
وإنّ أُلوفاً تُصطفَى من محاسنٍ / إذا ما حَواها واحدٌ كان أوحَدا
هنيئاً لكَ الفَتْحُ الّذي سار ذِكْرُه / فغارَ بآفاقِ البلادِ وأنْجدا
تَرْكْتَ به شَمْلَ العُداةِ مُفَرَّقاً / وعَهْدَ المنايا بالعُصاةِ مُجَدَّدا
سَما لكَ من صَحْنِ العراقِ زَعيمُهم / يَقودُ جُموعاً تَمْلأُ الأرضَ حُشّدا
وقد فرَّق الكُتْبَ اللِّطافَ مَواعِداً / وروّع بالجيشِ الكثيفِ تَوعُّدا
وما كَذِبُ الأقلامِ هادِمَ دولةٍ / بَناها لكم صِدْقُ السُّيوفِ وشَيّدا
ولا جَمْعُ أهلِ الأرضِ ينفَعُهم إذا / بنَصْرِكُمُ ربُّ السماءِ تَفَرّدا
طلَعْتَ أمامَ الجيشِ في ظلِّ رايةٍ / نظامّيةٍ يَلْقَى بها المُلْكُ أسْعُدا
مُعوَّدةٍ ألا تَزالَ بنَجْمِها / رَجيماً إذا شيطانُ شَغْبٍ تَمَرّدا
فلم تَلْقَ حَرْباً منذُ أوّلِ عَقْدِها / فعاودتْ ولم تَمَلأْ من الظّفَرِ اليَدا
فلمّا التقَى الخيلانِ أمرحتَ نحْوَهم / خُطا كُلِّ طَيّارِ القوائم أجْرها
بقومٍ إذا ثار العَجاجُ تَهافَتُوا / إلى شَفَراتِ البِيضِ مَثْنَى ومَوْحدا
تَهافُتَ مَبْثوث الفَراشِ وقد رأى / سَنا النّارِ في قِطْعٍ من اللّيلِ أسْودا
فجاؤوا وقد سدُّوا الفضاءَ وسدَّدوا / قناً بين آذانِ الجِيادِ مُسَدَّدا
فلمّا رأوا أن قد أصابوا صدَمْتَهم / كما رُعْتَ رألاً بالقِسيِّ فخَوَّدا
فأضْحوا وقد هاجُوا أُسوداً ضَوارياً / وأمسَوا وقد عاجُوا نَعاماً مُطَرَّدا
وكلُّ له في أوَّلِ الشّوطِ مَرْحَةٌ / ولكنْ يَبيِنُ السّبقُ في آخِرِ المَدى
أسَلْتَ لهم مّدَّ النّهارِ فَوائراً / من الطّعنِ تَثْنِي ناظرَ الرُّمحِ أرمدا
فما غابَ شمْسُ الأفْقِ إلا ومِن دَمٍ / بَدا شَفَقٌ قانٍ به الأفُقُ ارتدى
فلولا طلامٌ يَرقَع النَقْعُ خَرْقَهُ / لأمسَتْ حِياضُ المَوْتِ للقوم مَوردا
وقد حُقِنَتْ منهم بقايا دِمائهم / بأنْ راح سيفُ الشّمسِ في الغَرْبِ مُغْمَدا
وبات سوادُ اللّيلِ لمّا أظَلّهم / هوىً بسوادِ العَيْنِ والقلبِ يُفْتَدى
عَجِبتُ لقومٍ قد أراغوا لِمَطْلَبٍ / مَعاداً ولما يَحَمْدوا منه مُبْتَدا
ألم يَشْهدوا بالأمسِ منك نِكايةً / سقَتْ حَتْفَه منهم هُماماً مُمَجَّدا
فتىً كان أشَقى النّاسِ إذ كنتَ خَصْمَهُ / وإن غَلِطَ المُسْمِي فَسَمّاهُ أسْعَدا
فَبيْنا يَسوسُ النّاسُ مَلْكاً مُعظّماً / تَحَّولَ حتّى خَرَّ شِلْواً مُقَدَّدا
وقام لك الأقبالُ يَهتِفُ مُنْشِداً / أصابَ الرَّدى مَن كان يَهْوى لك الردى
هُناك ترَكتَ المُلْكَ منهم مَطَلّقاً / وغادرْتَ شَمْلَ التّرْكِ عنهم مُبَدَّدا
فإن لم يُطيقوا في مَغيِبك مِنْعةً / فِلمْ حاولوا أن يَشهدوا لك مَشْهَدا
وإذْ راع منك الاسْمُ فانهزموا له / فكيف رجَوا صَبْراً وشَخْصُك قد بدا
لقد أسْأَرَتْ فيهم ظُباك صُبابةً / فأولىَ لهم إن عاد أطرافَها الصَّدى
خُلِقْتَ حميدَ البَدْءِ في كلّ مَوقِفٍ / فإنْ عُدْتَ يوماً كان عَوْدُك أحْمَدا
فحتّى متَى يَصْلَى ببأسِك خائن / منَ الجهلِ في آيات مُلكِكَ ألحَدا
يُداوي له كَسْراً بكَسْرِ ضَلالهِ / كفىً وغدا للنّارِ بالنّارِ مُخْمِدا
ويَجْمَعُ طولَ العامِ شَمْلاً لعَسْكرٍ / وتَجْعلُه في ساعةٍ مُتَبَدِدّا
إذا ظَلَّ مَن طَوَّقْتَه البِرَّ جاحِداً / عَقدتَ مكانَ الطَّوقِ منه المُهَنّدا
إذا جَرَّدَ الباغي أمامَك سَيْفَه / تَقطَّر مَقْتولاً بما هو جَرَّدا
قَدِمْتَ معَ الشّهْرِ الشّريفِ مُظَفَّراً / فهُنّئْتَ عَهْديْ قادِمَيْنِ تَجَدَّدا
فكُلُّ فَمٍ للنُسكِ صامَ منَ الوَرى / وكلُّ فؤادٍ بالمَسرّةِ عَيّدا
فعِشْ ما رنا طَرفُ الظّلامِ مُكَحَّلا / ودُمْ ما بدا خَدُّ الصّباح مُورَّدا
نَصْرتَ غياثَ الدّينِ بالهِمّةِ الّتي / كَفاهُ بها للنّصْرِ جُنْداً مُجَنّداً
وأصبَحْتَ سُدّاً عالياً دونَ مُلْكِه / وأصبحَ مُلْكٌ لستَ راعيَه سُدى
لِذا المُلْكِ كانَتْ ذي الوِزارةُ تُقتنَى / وإن غاظَ أعداءً فثاروا وَحُسّدا
قضَى اللهُ هذا الأمْرَ يومَ اصطحَبْتُما / فكنتَ أبا بَكْرٍ وكان مُحَمّدا
فلا زال يَجْلو ناظِرُ الدّهرِ منكما / سنَا فَرقدٍ آخَى من اللّيلِ فَرْقَدا
ولا زال للمَولىَ الشهيدِ تَحيّةٌ / من اللهِ ما ناحَ الحَمامُ وغَرّدا
ولا زِلت في عَرْضِ العَبيدِ مُوفَّقاً / لمدْحكَ عُمْري أن أقولَ وتَنْقُدا
وقالتْ لك العلياءُ أحسَنْتَ نائلاً / فأحسَنَ تَقْريظاً وجُدْتَ فَجَوَّدا
سلا حاديَ الأنضاء أين يريدُ
سلا حاديَ الأنضاء أين يريدُ / وهذا وقد كلَّ المَطِيُّ زرودُ
رِياضٌ كدِيباجِ الخدودِ نَواضِرٌ / وماءٌ كسَلْسالِ الرُّضابِ بَرود
فمِيلوا إليها بالمطايا فَدُونَنا / تهائمُ يُطْوَى عَرْضُها ونُجود
وفي ذلك الوادي العَقيقّيِ ظَبيةٌ / تُصادُ ظباءُ القاع وهْي تَصيد
من القاتلاتِ الصَّبَّ بالهَجْرِ في الهوى
من القاتلاتِ الصَّبَّ بالهَجْرِ في الهوى / وما لِقتيلِ الغانياتِ مُقيد
فإمّا تَريْنِي قد جزِعْتُ لبَينِكُم / فإنّي على ريْبِ الزّمانِ جليد
ومِمّا شجاني أن عفَتْ مِن ديارِها / معاهِدُ لم تُذْمَمْ لهُنَّ عُهود
وألقَتْ بياضاً في سوادِي بمَرِّها / من الدّهرِ بِيضٌ مايَنِين وسُود
ويَأْبَى جديدُ الدهرِ أن يُعدمَ البِلى / عليه وحاشا وُدَّكنَّ جديد
وماضٍ منَ الأيّامِ أمَّا ادِّكارُهُ / فدانٍ وأمّا عهْدُه فَبعيد
إذا ذَكرتْه النَّفْسُ فاضَتْ مدامِعٌ / وعاد المُعنَّى للصَّبابةِ عِيد
أُهوِّنُ خطْبَ النّاظِرَيْنِ فإنّما / هما اثْنانِ كلٌّ بالدُّموعِ يجود
ولكنّما أَرْثي لقلبي فإنّه / يُلاقِي جُنودَ الهمِّ وهوْ وحيد
خليليَّ ضاف الشَّوقُ رحْلِيَ طارِقاً / فهَبَّتْ قلوبٌ والعُيونُ رُقود
وأقبَل زَوْرٌ طافَ في نَعْسةِ السُّرى / وأعناقُنا فوق الرّكائبِ غِيد
خيالٌ تَجلَّى آخِرَ الليَّلِ وجْهُه / فصَحْبِي إليه في الرِّحالِ سُجود
وقد لاحَ للسّاري من الصُّبْحِ ساطِعٌ / أمالَ خِباءَ الليّلِ منه عَمود
أقولُ وتحت الرَّكْبِ تخْتَلِسُ الخُطا / ضوامِرُ أشباهُ الأزِمَّةِ قُود
إذا زُرْتِ بي بابَ الوزيرِ وأُلقِيَتْ / بمُنتَجَعِ الآمالِ عنكِ قُتود
أَعدْناكِ عزّاً والإباضُ ذوائبٌ / لأيدِيكِ منّا والسَّريحُ خُدود
فِسِيرِي إلى أكنافِ أبيضَ ماجِدٍ / مَغانيهِ روْضٌ للعُفاةِ مَجود
إلى ظِلِّ مَلْكٍ بالمعالي مُتَوَّجٍ / له الأرضُ دارٌ والأنامُ عبِيد
يُقَلِّدُهم طوْقيْ نجيعٍ ونائل / إذا شاء بأْسٌ من يديْهِ وجُود
ولمّا رأَينا العَدْلَ ولنّى كأنّه / بأطْرافِ آفاقِ البلادِ شَريد
وقد رفَعَتْ سِجْفَ الخطوبِ حوادثٌ / وباحَتْ بأسرارِ المَنونِ غُمود
ففي كُلِّ شِبْرٍ بالخِلافِ خوارج / وفي كُلِّ أرضٍ للغُواةِ جُنود
ولا مَلِكٌ تُنْهَى إليه ظُلامَةٌ / ولا وزَرٌ يأْوِي إليه طَريد
تَجرَّدَ لُطْفُ اللّهِ من بَعْدِ فتْرةٍ / كذاك لإمْهالِ البُغاةِ حُدود
وقام نصيرُ الدِّينِ ضامِنَ نَصْرِه / على حينَ شيطانُ الضَّلالِ مَريد
فظلَّتْ عيونُ الخَلْقِ وهْي قريرةٌ / وأصبَح ظِلُّ الأمْنِ وهْو مديد
فقُلْ للرَّعايا يشْكرُوا لزمانِه / فمُرتقَبٌ للشّاكرِين مَزيد
فقد عادتِ الدُّنيا لنا مُستَقيمةً / بأَرْوعَ سهْمُ الرَّأْيِ منه سديد
وأَصبَح هذا المُلكُ من بَعْدِ عُطْلِه / زماناً ومِلْءُ الجِيدِ منه عقود
يُدبِّرُهُ سَعْدٌ وأَثْبَتُ قائمٍ / على الدّهرِ أَمْرٌ دبَّرتْه سُعود
وما كان إلاّ دُرّاً انْحَلَّ سِلْكُه / إلى أن أعاد النَّظْمَ منه مُعِيد
فتىً كَمُلتْ فيه المَحاسِنُ كلُّها / فلم يبْق فيه ما يَعيبُ حَسود
وساد كُفاةَ المُلْكِ قِدْماً بفَضْلِه / وذو النَّقْصِ إذ تخْلو الديارُ يسود
وما نال مُلْكاً بالمُنَى ولربّما / تَنبَّهُ للقومِ النِّيامِ جُدود
ولكنْ بطُولِ الخوضِ في غمَراتها / وبطْشُ المنايا بالرِّجالِ شَديد
ومهْزوزةِ الأعطافِ سُمْرٍ كأنّها / إذا خطَرتْ للنّاعماتِ قُدود
وخوّاضةٍ ماءَ الرِّقابِ من العِدا / لها صَدرٌ ما ينْقَضِي وورُود
وخيْلٍ كعِقْبانِ الشُّرَيفِ مُشيحةٍ / عليها الكُماةُ الدّارِعون قُعود
سِهامٌ لمَنْ يَحْمِلْنَهُ يومَ نجْدةٍ / وأما لِمَنْ يطْلُبْنَه فَقُيود
فَقُلْ للعِدا هذا بدِيءُ عِقابِه / فإنْ سَرَّكم ما تعْلمون فعُودوا
أما راعكُم يومٌ جلافيه بأْسَه / فكادتْ له الأرضُ الفَضاءُ تَميد
ومُستَدْرِجُ الأعداءِ من تحت حِلْمِه / فيَفْترشون الأمنَ وهْو يَكيد
ستَعلمُ أبناءُ الشِّقاقِ إذا انتَهى / مدى حِلْمِه ماذا بِذاك يُريد
إليكَ حثَثْنا السُّفْنَ والعِيسَ فارتَمتْ / غِمارٌ بأصحابي تُخاضُ وبيد
كأنّا نُبارِي الشُّهْبَ في كُلِّ قُنَّةٍ / فمِنّا هُبوطٌ تارةً وصُعود
وما النّجمُ أعْلى من صِحابي مَحلَّةً / ونحن إلى سامِي ذُراك وُفود
وإنّ امْرأً في النّاسِ يتْعَبُ عاجِلاً / ويَعلمُ عُقْبَى أمرِه لسَعيد
وَلِيتُ بأرْجانَ القضاءَ ولم أكنْ / عرَفْتُ بها أنّ الخُطوبَ شُهود
وقد كنتُ أرضَى بالقليلِ قناعةً / زماناً لرِيحِ الفضلِ فيه رُكود
فأمّا إذا ما عنَّ بحْرٌ لِوارد / فلا عُذْرَ أن يعلُو الوُجوهَ صَعيد
نعَمْ نُوَبٌ أَلْوَتْ بما قد حَويْتُه / فلم يبْقَ منه طارِفٌ وتليد
سِوى أملٍ عَلَّقْتُه بِكَ راحِلاً / ومن أين للآمالِ عنك مَحيد
إذا أنت سُدْتَ الناسَ في ظِلَّ دولةٍ / وأورقَ منها بالمُنَى لك عُود
فبِتْ ساهِراً وامْلأْ عُيونَهمُ كرىً / إذا شِئْتَ أن تحْيا وأنتَ حَميد
وما المالُ إلاّ للمعالي ذَريعةٌ / ولا الذِكْرُ إلاّ للكِرامِ خُلود
ودُونَك فاسْمَعْ من ثنائي بديعةً / تُقِيمُ مع الأيّامِ وهْي شَرود
وما حِليةُ الأملاكِ مِمّا أَصوغُه / سِوى دُرَرٍ أسماؤهُنَّ قصيد
تَجيءُ على سَومِ الأراذلِ رذْلةً / وإنْ هِيَ قِيلتْ في الجَوادِ تجود
بقِيت ولا أبقَى الردى لك كاشحاً / فإنّك في هذا الزَّمانِ فَريد
عُلاك سِوارٌ والممالكُ مِعْصَمٌ / وجُودُك طوْقٌ والبَرِيّةُ جِيد
تَجلَّتْ فقلْتُ البدرُ لولا عُقودُها
تَجلَّتْ فقلْتُ البدرُ لولا عُقودُها / وماسَتْ فقلتُ الغصْنُ لولا نُهودُها
وظَلّ نساءُ الحّيِ يَحسُدْنَ وجهَها / ولا خيرَ في نُعميَ قليلٍ حَسودها
عَشِيّةَ أبدَتْ عن رياضِ محاسنٍ / فلم يَدْرِ سَرْحُ اللّحظِ كيفَ يَرودها
ومِن دونها زُرْقُ الأسنّةِ شُرَّعٌ / إذا وردَتْها العَينُ ظلّتْ تَذودها
غَدتْ وحديدُ الهِندِ حادي جِمالِها / وقِيدَتْ بأشطانِ الرُّدَيْنّيِ قُودها
وقد سارتِ الأحداجُ من بطْنِ وَجْرةٍ / وأَدنَى ديارِ الحّيِ منها زَرودها
ببِيضٍ وليس البِيضُ إلاّ لِحاظُها / وسُمْرٍ وليس السُّمْرُ إلاّ قُدودها
وما بَرِح الألحاظُ يَجني كَليلُها / علينا وبيضُ الهندِ يَنْبو حَديدها
عَجبتُ لذاتِ الخالِ أنَّى تَقلّدتْ / دماءً وَحَمْلُ العِقْدِ مِمّا يؤودها
تَمُدُّ أمامَ السِربِ للرّكْبِ جيدَها / فللّهِ من وَحشيّةٍ ما نَصيدها
نظرتُ وأقمارُ الخدورِ طَوالعٌ / وقد أَتلعَتْ بِيضَ السّوالفِ غِيدها
فلم أر كالألحاظِ لولا نُبوُّها / ولم أرَ كالأجيادِ لولا صُدودها
ومهما حدا الحادي بسُعْدَى ففي الكَرى / مُعيدٌ على رَغْمِ الفراقِ يُعيدها
عقيلةُ حيٍّ راكِزينَ رِماحَهم / إلى حُلَلٍ تَحْمِي مَهاها أُسودها
مُمنّعةٌ حاطتْ عليها رِماحَها / ولو قَدرتْ خيطتْ عليها جُلودها
إذا ما اجتَلْينا ما أَسرّتْ حِجالُها / تَجلَّى علينا ما أَسرَّتْ غُمودها
وقد زاد أشواقي إليكم حَمائمٌ / وما كنتُ أدرِي أنّ شيئاً يَزيدها
مُطوّقةٌ من زُرْقةِ الفجرِ قُمْصُها / وَمن حُلْكةِ اللّيلِ البهيمِ عُقودها
ولو قد أعارَتْ حين شاقَتْ إليكمُ / جناحاً به تُطْوَى على النّأْيِ بِيدها
تَقلّدت منها مِنّةً يَغْتدِي لها / مدَى الدّهْر في طَوقَيْنِ جيدي وجيدها
ومن عُدَدِي للشّوقِ عَينٌ إذا بكَت / جَرت عَبْرةٌ لا يُستطاعُ جمُودها
فلا مطَرتْ إلاّ لليْلَى عِهادها / ولا سُقيَتْ إلاّ بَدْمعيِ عُهودها
وما كُنتُ وَفّيتُ الصِّبا كُنْهَ حَقِّه / وأيّامَه حتّى تَقضَّي حَميدها
فلمّا انقضَى عَجْلانَ قلتُ لصاحبي / ألا هل له من عَودةٍ نَستعيدها
وبُدِّلتُ من سوداءَ تُهوَى على البِلَى / بِبيضاءَ مشْنوءٌ إلينا جَديدها
وكم ذا تُرى يَبْقَى سَوادِي بحالِه / إذا اختلفَتْ بِيضُ اللّيالي وسُودها
وخُوصٍ طَويْنَ البِيدَ وهْي طلائحٌ / تَرامَى بها أغوارُها ونُجودها
يُباري نجومَ اللّيلِ طَوراً هُبوطُها / معَ الفَلَكِ الأعْلى وطَوراً صُعودها
وجُزْنا جِبالاً مِلْؤُها كُلُّ ماردٍ / على صَعْبةٍ أعيَتْ على مَنْ يَقودها
رُماةُ سهامٍ لا تُمَدُّ قِسيُّها / وفُرسانُ خيلٍ لا تُشَدُّ لُبودها
فتلك جلاميدٌ بهنّ قِتالُها / وتلكَ شَناخِيبٌ عليها قُعودها
ستَرجِعُ والأطوادُ شِيبٌ فُروُعها / ركائبُ سارتْ وهْي جُرْدٌ خُدودها
وما بيَ من طُرْقِ تَشيبُ جِبالُها / ولكنْ لأيّامٍ يَشيبُ وَليدها
رحَلْنا عنِ القومِ اللّئام نجائباً / تُشَدُّ بشَكْواهم وتُلْقَى قُتودها
وعنْديَ لو أَطلقتُ عنها سَوائرٌ / أَوابدُ إلاّ أنّ حِلْمِي قُيودها
ومَن عَبد الأطماعَ ذُلاً فإنّنا / لَمُستَعْبِدوها عِزّةً لا عَبيدها
كفى حَزناً أَنّى تَبرّضْتُ نُطْفةً / من العيشِ لم يُبْلِلْ لساني وُرودها
وحاسِدُها يَرمِي بُمقْلةِ أَحْولٍ / فَيزدادُ في عَينَيْهِ ضِعْفاً عَديدها
نُفوس من الشّنْآنِ أضحَتْ مريضةً / فقد جَعَلتْ أفكارُ سَوءٍ تَعودها
وما غَرَّ منّي القومَ حتّى تَألّبوا / سوى غَيْبتي عن رِحلةٍ هُم شُهودها
فلمّا رأَى الحُسّادُ حُسْنَ وِفادتي / على السُّدّةِ العلياءِ فُتّتْ كُبودها
وقالوا سَديدَ الحضرة اختَرتَ صاحباً / فقلْتُ لهم خيرُ السّهامِ سَديدها
رَميتُ به الأغراضَ حتّى أَصبْتُها / وحتّى دنا منّي الغداةَ بَعيدها
له شِيمةٌ لم يُعْطِها اللّهُ غيَرهُ / من النّاسِ حتّى ظَلّ وهْو وَحيدها
يَزيدُ بإفْراطِ التّواضُعِ رفْعةً / وتلك مَعالٍ في مَعالٍ يَشيدها
ويَعلَمُ عِلْمَ الحّقِ أنْ ليس قبْسَةٌ / من النّارِ يُخشَى الدّهرَ منها خُمودها
ويَحفَظُ أموالَ الممالكِ حِفْظَها / وأُخْرَى يَدٌ يُرضِي الرّعيّةَ جُودها
رأَى مَلِكُ الدنْيا اختصاصَكَ بالّتي / تُذيبُ لها أكبادَ قومٍ حُقودها
وقال رَسولُ اللّهِ يُوسُفُ ولّنِي / خزائنَها تُحفَظْ لديَّ حُدودها
وولاّك سلطانُ الأنامِ ولم تَسَلْ / وهاتِيكَ عُلْيا لا يُطاقُ جُحودها
وأَشْرفُ ما ولّي الملوكُ وِلايةٌ / تُريدُ المُولَّي لا المُولَّي يُريدها
فللّهِ مَيْمونُ النّقيبةِ ما انتمَى / إلى دولةٍ إلاّ وأَورقَ عُودها
فأصبح يَحمِي قُبّةَ المُلْكِ نُصْحُه / وآراؤهُ من أنْ يَميلَ عَمودها
له ساحةٌ لم يَنتَثِرْ حَبُّ مُزْنةٍ / كما تَتوالَى كُلَّ يومٍ وُفودها
إشارتُه العلياءُ للنّاسِ قِبلةٌ / إليها هوىً يُضحِي ويُمسِي قُصودها
فطَوراً لأرماحِ الكُماةِ رُكوعُها / وطَوراً لأقلامِ الكُفاةِ سُجودها
نَمتْهُ إلى أعلَى ذُؤابةِ سُؤْددٍ / من العَجَمِ البِيض المناسيبِ سِيدها
ملوكٌ سمَتْ عَلْياؤها وجدودها / كما كَرُمَتْ آباؤها وجُدودها
غدتْ سادةَ الدُّنيا على حينِ عِزّها / وراحَتْ وكُلُّ الخافقَيْنِ مَسودها
وما نِيلَ من أُمنيّةٍ ومَنّيةٍ / سِوى ما أتاهُ وعْدُها ووَعيدها
بكُلِّ يدٍ لولا نَداها وجُودها / على النّاسِ ما سَرَّ الكريمَ وُجودها
أخو كَرمٍ تَتلو المقالَ فعالُه / سريعاً كما يتلو بُروقاً رُعودها
وأَعطافُهُ تَهتَزُّ حقَّ اهتزازِها / إذا راحَ مَخْلوعاً علينا بُرودها
كأنّ علينا رَوضةً من ثنائهِ / إذا ظلَّ يُمناهُ سماءً تَجودها
هو الشّمسُ والعافون أَقمارُ أفْقهِ / تُجِدُّ وتُبْلِي النُّورَ ممّا يُفيدها
بأزمانِ نُوشَرْوانَ فاخرَ أَحمدٌ / نَبِيُّ الهُدى لمّا تلاقَتْ سُعودها
وأَيّامُ نُوشَرْوانَ في حَقِّ أَحمدٍ / كتلكَ سواءٌ شِيبُها وجَديدها
فَخُذها قوافٍ ما تزالُ لحُسْنِها / تَسيرُ بآفاقِ البلادِ شَرودها
يَلَذُ لأسماعِ الكرامِ قَريضُها / ويَحْلو بأفواهِ الرُّواةِ نَشيدها
أَتَتْكَ بها نَفْسٌ إليكَ مَشوقةٌ / لها حُرْمتاها قَصْدُها وقصيدها
ولا زلْتَ في دُنيا يُقيمُ نَعيمُها / ولا زلتَ في نُعْمَي يَدومُ مزيدها
وتَحْوِي بها الذِكْرَ الجميلَ ابنَ خالدٍ / فما الذكْرُ للأحرارِ إلا خُلودها
إليك وقد طوّفْنَ في الأرضِ بُرْهةً
إليك وقد طوّفْنَ في الأرضِ بُرْهةً / أَمَلْنا رقابَ العيسِ بالرَّكبِ وُفَّدا
فعُدْ بالذي عَوَّدْتَنا من كرامةٍ / فخَيْرُ خِلالِ المرء ما كان عَوّدا
وزِدْنا يَزِدْك اللهُ يا أكرمَ الورَى / فمَن زاد مُلكاً كان نُعماهُ أَزَيدا
وما العَوْدُ إلاّ أحمدٌ فإذا غدا / إلى أحمدٍ من أحمدٍ كان أحمَدا
حضرْتُ لإسماعيلَ مجلسَ وعظِه
حضرْتُ لإسماعيلَ مجلسَ وعظِه / فصادفْتُ منه أُمّةً وهْو واحِدُ
ورُمْتُ نُهوضاً من لديه فلم أُطِقْ / نُهوضاً لأنّي أثْقلتْني الفوائد
فواللهِ ما أَدْرِي أتلك فَوائدٌ / تُقَرَّطُ آذاني بها أم فَرائد
أأحبابَنا قد شُقْتمُونا فأسْعِدوا
أأحبابَنا قد شُقْتمُونا فأسْعِدوا / ولا تُجْمِعوا أن تُسهِرونا وتَرقُدوا
لقد خيطَتِ الأجفانُ منكم على الكرى / وجَفْني كحيلٌ بالظّلامِ مُسَهَّد
فلا تَدَّعوا صِدْقَ الوفاء وإنّنا / لأيقاظُ لَيْلٍ أنتمُ فيهِ هُجَّد
ولا تُنِكروا حَقَّ المَشوُقِ فإنّما / لنا وعليكم أنجمُ اللّيلِ تَشْهَد
بقَولكمُ العذْبِ اغتَررْنَا وفِعلُكم / من النّجمِ يبدو في ذُرا الأفْقِ أَبْعَد
أَرانا سهاماً في الهوى وأَراكمُ / حنايا فما تَدْنون إلاّ لتُبْعِدوا
أبِيتُ نَجِيَّ الهَمِّ في كُلِّ ليلةٍ / كأنّ بها طَرْفِي طِرافٌ مُمَدَّد
فأهْدابُه أطنابُه ونُجومُها / وقد بِتْنَ أوتاداً لُجَينٌ وعسجد
فنَوْمِيَ من عَيْني وقلبي من الحشا / وجسمي من الأوطانِ كُلٍّ مُشرَّد
وهاجرةٍ تَحْمي نَواها كوَصْفِها / ويَنْدَى أصيلُ الوَصْلِ منها وَيبرد
يُسافِرُ طَرْفُ العين حتّى إذا انتهى / إلى الوَجْهِ منها سافراً يتَقيّد
تَعاكَسَتِ الأنوارُ من وَجهِ غادةٍ / لها الخَدُّ وَرْدٌ والخِمارُ مُورَّد
ولم أنسَها يومَ النّوى ودموعُها / تَحدَّرُ والأنفاسُ منها تَصعَّد
وجاد لها جفنٌ كسا الخَدَّ دُرُّه / وجِيدٌ لها عارٍ من الدُّر أجيد
بعِقدَيْنِ عِقْدٍ حَلَّ غيرَ محلِّه / وعِقْدٍ نظيمٍ حَلَّ من حيث يُعقَد
فقلتُ لها والعِيسُ تُحدَي ودُرّها / تَشابَهَ منه ما يَذوبُ ويَجْمُد
تَحلّى المُحيّا منكِ في جلوةِ النّوى / بذاكِ الّذي منه تَحلّى المُقَلَّد
فقد نهبَتْ صَبرِي من الصَّدر مَوهناً / طليعةُ بَينٍ جَالبٍ جيشَه الغَد
وسالَ أَبِيُّ الدمعِ منّي صَبابةً / فأصبح خَدِّي منه وهْو مُخَدَّد
وإنْ يَحْكِ دَمْعي دَمعَها ببياضِه / ومن تحتهِ نارُ الجوانح تُوقَد
فما الدّمعُ لي ماءً من العينِ قاطراً / ولكنّه قلْبٌ مُذابٌ مُصعَّد
إلى رُؤيةِ الأحبابِ رامَ تَطرُّقاً / فؤادٌ غدا منّي لعينيّ يَحسُد
فأعمَلَ منه الفكْرَ حتّى بدا له / إليهم طريقٌ في الدُّموعِ مُعَبَّد
فما زال منه كلّما اشتاقَ شُعبةٌ / تَسلَّلُ من حَبْسِ الضُّلوعِ فيصعد
تَغيّرَ في الدّنيا عُهودِيَ كُلُّها / فلم يَبْقَ كالمعهودِ منهنَّ مَعهَد
فمِن كلَفِي لم يَبْقَ إلا تكَلُّفٌ / ومن جَلَدي لم يَبْقَ إلا تَجلُّد
أرى بينَ أيّامي وشَعْرِيَ قد بدا / لتَعْجيلِ إبلائي خِلافٌ مُجَدّد
فقد أصبحتْ سُوداً وشَعْرِيَ أبيضٌ / وعَهْدِي بها بِيضاً وشَعْريَ أسود
عدَتْني العوادي ما كفَى أن يُعينها / عليّ أعادٍ لي زمانُ وحُسَّد
وخُوّانُ إخوانٍ وحاشا كِرامَهمْ / وهمْ حُضّرٌ أَلْباً مَع الدّهرِ حُشَّد
وآثارُ أغلالٍ تَوالَتْ فلم تدَعْ / لدى النّاسِ آثاراً إلى اليومِ تُحمَد
وأصبَحَ ساداتي وقد شَطّتِ النّوى / بنا وبهمْ والدّارُ تَدنو وَتَبْعُد
متى ما أُرِدْ خَطْواً وخَطّاً إليهمُ / عصاني فلا رجْلٌ تُطيعُ ولا يَد
بُليتُ ولكنْ لي ببغدادَ صاحبٌ / كريمٌ إذا شاهَدْتُه أتجَدَّد
متى أنا في رَكْبٍ يَحُجّونَ بَيْتَه / وقد رَحلوا قَصْداً له وتَزَوَّدوا
وقد علِموا الإحرامَ من شرطِهم فمِن / وسائلِهمْ إلاّ الرّجاءَ تَجَرَّدوا
فسارِيهمُ يَسْرِي بضَوءِ وَلائهِ / وحاديهمُ فيه بمَدْحِي يُغَرِّد
لعلّي من الزّوراء أحظَى بزَوْرةٍ / وعَوْدٍ إلى عَهْدٍ بها كنت أَعهَد
ويَقْضِي بتأييدٍ من اللهِ أن أرى / به مَنْ غدا للدّينِ وهْو المؤَيَّد
صيامُ الورى شهرٌ ودَهْرٌ عنِ الورى / إلى أنْ أراهُ صومِيَ المتَوكّد
ولا عِيدَ إلاّ يوم أغدُو وناظرِي / بوجْهِ سديدِ الدّولَتَيْنِ مُعَيِّد
أمينِ أميرِ المؤمنين الذّي اصطفَى / وسهمِ أميرِ المؤمنين المُسدَّد
جَموعِ شتيتاتِ العلا فإذا غدا / أُلوفُ العلا في واحدٍ فهْو أوحد
يُعَدُّ عِياناً واحداً وهْو أُمّةٌ / ويُصِبحُ في جَمْع الورى وهْو مُفْرد
له المأثُراتُ الباهراتُ التي غدَتْ / تفَرَّثُ للحُسّادِ منهنّ أَكبُد
ففي فَرْدِ نَعْلٍ تحته الطِّرْفُ فانثنى / هلالاً به الدّهرَ الشُّهورُ تُعَدَّد
ومنه الثُّريّا وَطْؤُهُ أثّرتْ بها / له القَدمُ العلياءُ فيما تَرَدَّد
وقد جرّ فوقَ الأنجمِ الذَّيلَ جرّةً / تَوشَّحها صرحُ السماء المُمَرَّد
صُوىً نُصبَتْ منه على طُرُقِ العُلا / بهنّ متى يَسترشِدِ القومُ يُرشَدوا
وكانتْ وسيلاتُ المقاصدِ كُلِّها / خُطا الخيلِ لا ينْأىَ عليهنّ مَقْصد
وَسْيرٌ على أَثباجِ كُلِّ نجيبةٍ / وخَطّارةٍ بالرِّجْلِ لليَدِ تَطْرُد
وطِرْفٌ هو الرّيحُ الّتي كان مُجرِياً / سُليمانُ إلاّ أَنّه مُتَجسِّد
فأصبحَ منه اليومَ تُغني عن الخُطا / خَواطرُ منها يَطلُعُ الدّهرَ أَسعُد
يَبيتُ بُراقُ الرَّأْيِ منه وفكْرَه / به في سماء المُلْكِ يَسمو وَيصعَد
وتُومِي له اليُمنى إلى قَلَمٍ له / هو المَلْكُ والأقلامُ أجمَعُ أَعبُد
سَريرٌ له في المُلْكِ أَسرارُ كفِّه / ففيهِ لأقلامِ الورَى تَتَعبّد
لأمرِ أمير المؤمنين ونَهْيهِ / ترَى الدّهرَ منه ناظراً يتَرصَّد
ويَغْدو لساناً نائباً عن لسانِه / فيُصدِرُ عنه ما يشاءُ ويُورِد
إذا أَمَّ أقلامَ الورى فأكفُّهم / مَحاريبُ والأقلامُ فيهنّ عُبَّد
فأدمعُهمْ خوفاً مدى الدّهرِ سُجَّمٌ / وأرؤسُهم طوعاً مدَى الدّهرِ سُجَّد
لمُلْكِ بني العبّاسِ تَعْدو بهامِها / فيشْكُرُ منها السّعْيَ مَلْكٌ مُؤَيَّد
أيا مَن خلا الدّنيا وساد رِجالُها / وما كانتِ الدّنيا خلَتْ وهْو سَيِّد
أتاني كتابٌ منك ضُمِّنَ صَدْرُه / نفيسَ كلامٍ عندَه الدُّرُّ يَكْسُد
فمِن نَثرِه فيه فرائدُ نُصَّعٌ / ومن نَظْمِه فيِه أوابِدُ شُرَّد
تَحيَّر فيه ناظِري ثُمَّ خاطِري / وقد لاح ذاكَ الجَوهرُ المُتَبَدِّد
ونَمْنَم كافوراً بمِسْكٍ فَطِيبُه / إلى اليومِ باقٍ في يَدِي ليس يَنْفَد
غرائبُ خَطَّتْها لأكرمِ كاتبٍ / يَدٌ كلّما خَطّتْ ثَنتْنا لها يَد
بديعُ أساليبِ الكلامِ مُسلِّمٌ / له بالمعاني والمعالي التَّفرُّد
فألفاظُه طُرّاً عُقودٌ جَميعُها / وما في مَعانيهِنَّ مَعْنىً مُعقَّد
وإنّي وإنْ حاولْتُ منه إجابةً / فأصبحتُ فيه حائراً أتَلَدَّد
لكالمُتصَدِّي أَنْ يكونَ مُعارِضاً / لِمُعْجِزِه حتّى عَراهُ التَّبلُّد
ولكنّني لمّا رُميتُ بنَظْرةٍ / وبالدُّرِّ طَبْعاً بَحْرُ فَضْلِك يُزْبِد
جعلْتُ جوابي عنه منهُ مُسارِقاً / وكم سارقٍ بالقَطْعِ لا يُتَوَعَّد
ولم يُرَ قبلي غائصٌ رَدَّ دُرَّه / على بَحْرِه خُلْقٌ لَه مُتعَوّد
وما أدّعِي أنّي بإسماعِ ظِنّةٍ / أروّجُ لي زَيْفاً ومثْلُكَ يَنقُد
ولكنْ مُوالاتي كأني أمِنْتُ أن / يُزَيِّفَها نَقْدٌ وعَهْدِي المُوكِّد
ومهما تَجُدْ من مِدْحةٍ لكَ قُلْتُها / فجُودُك أندَى منه حُسْناً وأجْود
وكلُّ طريفٍ من ثنائي ومُتْلَدٍ / حَذاهُ طريفٌ من نَداك ومُتْلَد
فيا سَيّداً ما مثْلُ سُؤدَدِه اغتدَى / لذي شَرَفٍ يوماً من النّاسٍ سُؤدَد
أبوك المُسمَّى عبْدَ مَنْ أصبحَ اسمُه / مدى الدّهرِ وصْفاً لابْنِه ليس يُجْحَد
غدا ماجِداً لولا ابنُه أنت لم يكن / إذا عُدَّ في كُلِ الورى منه أمجَد
فزانَ عُلاً عبدُ الكريمِ مُحمّداً / وزاد عُلا عبدَ الكريم مُحمّد
ولم يَجتمْع في الأفْقِ بَدْرٌ وأنجمٌ / كما اجتَمعا للمرء نَفْسٌ وَمحْتِد
وأعلَى بني المُلْكِ ابْنُك الأشرفُ الّذي / غدا أنت فيه وهْو فيك مُحسَّد
هلالُ بُدورِ التِّمّ يَنقُصُ عندَهُ / وشِبْلُ أسودِ الغابِ عنه تَفَرُّد
فدُمْتَ لتَلْقَى من بَنيهِ قبائلاً / تَحُفُّ بناديك الشّريفِ وتَحفِد
ولا زال في الإطراب عيشٌ مُهنَّأٌ / يَضُمُّ لكم شَملاً ومُلْكٌ مُخلَّد
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ / إذا ما سَرى وَهْناً نسيمُ صَبا نَجْدِ
وأهوَنُ شَيءٍ ما أُقاسي منَ الجَوى / إذا ما صَفا عيشُ الأحبّةِ من بَعْدي
خليلَيّ من سَعْدٍ ألم تَعرِفا الهوى / ومَن لي بأن يَهوَى خَليلايَ من سَعْد
أُقيمُ بأَعلَى الدَّيرِ فَرْداً مُتَيّماً / أُسائلُ عَمَّنْ حَلّ بالأجْرَعِ الفَرد
ونَدَّتْ بلَيلٍ للرّياحِ لَطيمةٌ / فنَمَّ بها للرّكبِ نَشْرٌ منَ النَّدّ
يُسائلُها السّاري عنِ الجِزعِ والحمى / ويَنْسُبها الواشي إلى البانِ والرَّنْد
وما خطَرتْ إلاّ برمَلْة عالجٍ / ولا عَطِرتْ إلاّ بحاشيتَيْ بُرد
فلا تَعْجَبا من طُولِ وَجْدي فإنّما / وُجوديَ حَيّاً بعدَ أسماءَ من وَجْدي
إذا فارقَتْ رُوحي سوى عُلْقةٍ لها / بقَلْبي من الذِّكرى ففي قَطْعِها فَقْدي
وما زلْتُ من أسماءَ منذُ عَلِقْتُها / على حالةٍ في الدَّهْرِ مَذْمومةِ العَهْدِ
فإمّا على شَوقٍ يُتاحُ معَ النّوى / وإمّا على قُرْبٍ يُنغَّصُ بالصَّدّ
هِلاليّةٌ تَحِكي الهلالَ بوجْهها / إذا لاح في ليلٍ من الفاحمِ الجَعد
بها سُكْرُ طَرْفٍ من مُدامةِ ريقةٍ / لعُنقودِ صُدْغٍ فوقَ غُصْنٍ من القَدّ
أوَرديّةَ الخَدَّينِ من تَرَفِ الصِّبا / ويا ابنةَ ذي الإقدامِ بالفَرسِ الوَرْد
صِلِي واغنمي شُكْراً فما وردةُ الرُّبا / تَدومُ على حالٍ ولا وَردةُ الخَدّ
أَضُمُّ على قلبي يَديَّ من الوَجْدِ / إذا ما سَرى وَهْناً نسيمُ صَبا نَجْدِ
وأهوَنُ شَيءٍ ما أُقاسي منَ الجَوى / إذا ما صَفا عيشُ الأحبّةِ من بَعْدي
خليلَيّ من سَعْدٍ ألم تَعرِفا الهوى / ومَن لي بأن يَهوَى خَليلايَ من سَعْد
أُقيمُ بأَعلَى الدَّيرِ فَرْداً مُتَيّماً / أُسائلُ عَمَّنْ حَلّ بالأجْرَعِ الفَرد
ونَدَّتْ بلَيلٍ للرّياحِ لَطيمةٌ / فنَمَّ بها للرّكبِ نَشْرٌ منَ النَّدّ
يُسائلُها السّاري عنِ الجِزعِ والحمى / ويَنْسُبها الواشي إلى البانِ والرَّنْد
وما خطَرتْ إلاّ برمَلْة عالجٍ / ولا عَطِرتْ إلاّ بحاشيتَيْ بُرد
فلا تَعْجَبا من طُولِ وَجْدي فإنّما / وُجوديَ حَيّاً بعدَ أسماءَ من وَجْدي
إذا فارقَتْ رُوحي سوى عُلْقةٍ لها / بقَلْبي من الذِّكرى ففي قَطْعِها فَقْدي
وما زلْتُ من أسماءَ منذُ عَلِقْتُها / على حالةٍ في الدَّهْرِ مَذْمومةِ العَهْدِ
فإمّا على شَوقٍ يُتاحُ معَ النّوى / وإمّا على قُرْبٍ يُنغَّصُ بالصَّدّ
هِلاليّةٌ تَحِكي الهلالَ بوجْهها / إذا لاح في ليلٍ من الفاحمِ الجَعد
بها سُكْرُ طَرْفٍ من مُدامةِ ريقةٍ / لعُنقودِ صُدْغٍ فوقَ غُصْنٍ من القَدّ
أوَرديّةَ الخَدَّينِ من تَرَفِ الصِّبا / ويا ابنةَ ذي الإقدامِ بالفَرسِ الوَرْد
صِلِي واغنمي شُكْراً فما وردةُ الرُّبا / تَدومُ على حالٍ ولا وَردةُ الخَدّ
ويَغْلِبُ جَهْلَ الجاهِلين بحِلْمِهِ / ولا طِبَّ حتّى يُدفَعَ الضِّدُّ بالضِدّ
مُؤيِّدُ دينِ اللهِ ما زال بالنهي / إذا أبدتِ الأيّامُ عن حادثٍ إدّ
إذا المَوقِفُ المُسترشِدِيُّ دعَا بِه / غدا بصَراً في ناظِرَيْ ذلك الرُّشد
حَباهُ أميرُ المؤمنين لنُصْحِه / بضافيةِ النُّعَمى وصافيةِ الوُدّ
رآه سديداً من سهامِ كِفايةٍ / وعن ساعدٍ يَنْضو من الرأيِ مُستَدّ
ولا تَدعُ العلياءُ صَهْوةَ طِرْفِه / تَقِرُّ ولا مِقْدارَ تَجفيفةِ الِّبْد
وما النّجمُ يَحْكِي سَيْرَهُ وهْو لم يَزلْ / من الشّرقِ نحو الغَرْبِ في ليلةٍ يَخْدي
فإن يكُ كالإسكندرِ المَلْكِ عَزمْةً / فمَسْعاهُ منِ دونِ الحوادثِ كالسُّدّ
أيا مَن سكونُ المُلْكِ من حَركاتِه / فما لِمَطاياهُ قَرارٌ منَ الوَخْد
رفعتَ لعصرٍ أنت سَيِّدُ أهلِه / لواءً إلى تَفْضيلِه للورَى يَهْدي
وما حَسُنَ النَّيروزُ إلا لأنّه / أجَدّ طُلوعاً فيه وجهُك بالسَّعْد
وما أعبَقَ الوردَ الرّبيعُ وإنّما / بَنانُك أهدَى عَرْفُ عُرْفِك للوَرد
بيُمنك عادَتْ جِدّةُ الأرضِ بعدما / غدا الرّوضُ حيناً وهْوكالرَّيْطةِ الجرد
وحَلّتْ عليها عِقْدَها كُلّ مُزْنةٍ / كثيرةِ ضِحْكِ البرقِ من ضَجّةِ الرَّعْد
وغَنّى حَمامُ الأيكِ والغُصْنُ مُنتَشٍ / بكأْسِ الصَّبا والغُدْرُ تَلعَبُ بالنّرد
لعَمْري لقد أبدى السّرورَ بك الورَى / ولا عيبَ في نَشْرِ السُّرورِ لمَنْ يُبْدي
وزارتْك أبناءُ الوفودِ فأقبلُوا / وُرودَ قطا البيدِ المُصِّبحِ للوِرد
حلَفْتُ لأنت المرءُ يُرجَى ويُتّقى / وإن زاد أبناءُ الزّمانِ على العَدّ
إذا ما الورى طُرّاً فدَوْكَ من الردى / فقد جَلّ مَن يُفدَى وقد قَلَّ مَن يَفْدي
وما أنت إلاّ للورى بيتُ سُؤددٍ / وكَعبةُ مَجْدٍ قَصْدُها أبداً مُجْدي
فإن أكُ عن حَجِّي له العامَ عاجزاً / على أنّني لم آل في البَذْلِ للجُهد
فلم يُعْيِني في البُعْدِ إنفاذُ مِدحةٍ / وذلك تَقبيلٌ إلى رُكْنِه أُهدي
فدونكَها عِقْداً ثميناً نظمتُه / ليُهدي إلى جيدٍ به زينةُ العِقد
وأصحبْتُه مَن لم أَلِدْه وحُبُّه / من العِزّ حبٌّ الأكرمِين من الوُلْد
فجُدْ باعتناءٍ آنِفٍ بعد سالفٍ / وطُرْفٍ من الإنعامِ ضُمّ إلى تُلد
فما أنا إلاّ مَن أَعُدُّك عُدَّتي / وما أنت إلاّ مالِكُ الكَرَمِ العِدّ
فتىً كيفما قَلّبتُ أَمرِيَ ناظِراً / أرى عنده قلبي وإحسانَهُ عِندي
ومن قَبلُ لمّا جاء جَيّاً بعَزْمةٍ / تُزعزِعُ أعطافَ المُطَهّمَةِ الجُرد
أتانا وكانتْ مائلاتُ أزِمّةٍ / إليه المطايا بالقصائدٍ والقَصد
وكنتُ إليه أعقِدُ النِسْع راحِلاً / فجاء فأغنَى حَلُّه هو عن عَقْدي
وكم قد رأوا وفداً إلى البحرِ سائراً / وما سَمِعوا بالبحرِ سارَ إلى وفْد
وزارتْ بلا وَعْدٍ أياديه زورةً / فكيف إذا ما نحنُ زُرْنا على وَعد
أرى النّاسَ من هَزْلٍ وهُزْءٍ ولا أرى / سوى واحدٍ قد فاز بالجِدِّ والجَدّ
خلا الدّهرُ من سَمْحٍ وجُدْتَ تَكَرُّماً / فحُزْتَ جميعَ الحَمْدِ بالفَرْضِ والرَّدّ
وما قدَّم الأيامُ مثْلَك غَلْطةً / ولكنّ كَفَّ الدّهرِ أعرفُ بالنّقْد
بنَفْسٍ وأصْلٍ قد تَقدَّمْتَ ماجِداً / ولا بُدَّ من صَفْحٍ لسَيْفٍ ومن حَدّ
وأعظَمُ مِمّا نِلْتَ ما ستَنالُه / فَمبْدأُ ألفٍ حين يُحسَبُ من فَرد
شَهِدْتُ لمَا شاهدْتُ مثْلَكَ في الورَى / أغرَّ كريماً ذا شمائلَ كالشُّهْد
ولم أَر في الدُنيا كلُطْفِك بالفَتى / وعَطْفِك لولا أنّه جائزُ الحَدّ
بَقيت ولا أبقَى أعادِيَك الردى / ودُمتَ مدى الأيّامِ في عيشةٍ رَغْد
ومُتِّعْتَ بالفَرْعِ الكريمِ انضِمامُه / إلى الأصلِ ضَمَّ الكَفَّ منك إلى الزَّند
ومُلِّيتَ أشبالاً لا تُناجِلُ أو تَرى / بهم قَصْرَكَ العالي عَريناً من الأُسد
أيا سَيِّداً سَبْطَ الأناملِ بالنّدى / فِداؤك جَعْدٌ كَفُّه ليس بالجَعد
دعوتُك والأحداثُ حَوْلي مُطيفةٌ / دُعاءَ أسيرٍ في العِدا مُوثَقِ الشّدّ
وليس المُعنَّى القَلْبِ في حَلَقِ الأسى / كمثْلِ المُعنّى القَلْبِ في حَلَق القِدّ
فها أنا قِرْنُ الدّهْرِ ألقاهُ واحداً / وقد جاءني من صَرْفهِ وهْو في حَشد
فأمدِدْ على نَأْيِ الدّيارِ بنُصْرةٍ / فقد يُهرَعُ المَولَى إلى صَرخةِ العَبد
وخَلْفِيَ أقوامٌ أمدُّوا عيونَهم / إلى يومِ سَعْدٍ منك يَعلو به جَدّي
فإن انت لم تَمنَعْ من الدّهرِ جانبي / ولم تُعْدِني نَصْراً عليه فَمْن يُعدي
وكم خاطبٍ إحدى بناتِ خواطري / بمَهْرَيْنِ من جاهٍ وسيعٍ ومن رِفد
ولكنّني أرجوك وحدَكَ في الورى / وإنْ لم تكنْ نُعماك تَشمَلُني وحْدي
ألا قُلْ لسَعْدِ المُلْكِ دام علاؤه
ألا قُلْ لسَعْدِ المُلْكِ دام علاؤه / وقد يَعطِف المَولَى الكريمُ على العَبدِ
أَعِدْ نظَراً يا سَعْدُ نَحْوي فإنّما / صلاحُ الوَرى لا زالَ من نَظَرِ السَّعْد
ودُمْ لي وللعلياء والبأسِ والنّدَى / وللدّينِ والدُّنيا وللمُلْكِ والمَجْد
بلَغْتَ من الدّنيا وإن رَغِمَ العِدا / مَراتبَ قد أدركْتَها صاعِدَ الجَدّ
وأعظَمُ ممّا نِلْتَ ما ستنالُه / من العزِّ إنّ الألْفَ يَبدأُ من فَرْد
ونارنْجةٌ بين الرياضِ نظَرْتُها
ونارنْجةٌ بين الرياضِ نظَرْتُها / على غُصُنٍ رطْبٍ كقامة أَغْيَدِ
إذا مَيّلَتْها الريحُ كانتْ كأُكْرةٍ / بدتْ ذهَباً في صَوْلجان زبَرجَد
بنَفْسي حبيبٌ هوَّن البُعدَ طَيفُهُ
بنَفْسي حبيبٌ هوَّن البُعدَ طَيفُهُ / عليّ ولكنْ نغَّص القُرْبَ صَدُّهُ
ومُستهزئٌ في الحُسْنِ بالبدرِ وجهُه / ومُستهزئٌ في الطّيبِ بالورْد خَدُّه
وبالمِسْك صُدْغاه وبالدُّرِّ ثَغْرُه / وبالظّبْي عَيناه وبالخُوط قَدُّه
كتبتُ ولي عينٌ إليك مَشوقةٌ
كتبتُ ولي عينٌ إليك مَشوقةٌ / إلى وَجْهِك الوضّاحِ طالَ امتدادُها
وأَقصَى مُنَى إنسانِها هو أَنّه / رجاءً التّلاقي من سَوادي مِدادها
فقد حسَدتْ عَيْني كتابي صبَابةً / تَقولُ إذا الأشواقُ جَدّ اشتِدادها
أَمِنْ بَعْد أَيّامٍ يَراك سَوادُه / وُصولاً ويَبْقَى لا يَراك سَوادها