المجموع : 8
أَبُثُّكِ وَجدي لَو أَصَختِ لِمَعمودِ
أَبُثُّكِ وَجدي لَو أَصَختِ لِمَعمودِ / وَكَيفَ يُرجى عَطفُ صَمّاءَ صَيخودِ
لَقَد سَئِمَ العُوّادُ فيكَ شِكايَتي / وَما سَإِمَت فيكِ العَواذِلُ تَفنيدي
فَإِن يَذوَ عودي في هَواكِ فَرُبَّما / عَلِقتُكِ فَينانَ الصِبى مورِقَ العودِ
لَيالِيَ لَم يُخلِق رِداءُ شَبيبَتي / وَلَم تُخلِفِ البيضُ الحِسانُ مَواعيدي
وَإِذ أَنا مِن وَصلِ الَّذي غَيرُ مُضمِرٍ / إِياساً وَعَن بابِ الهَوى غَيرُ مَطرودِ
فَيا قَلبُ إِن تَجزَع لِماضٍ مِنَ الصِبى / حَميدٍ وَعادٍ مِن هَوى الخُرَّدِ الغيدِ
فَلَيسَت لَياليكَ الأولى بِرَواجِعٍ / عَلَيكَ وَلا عَصرُ الشَبابِ بِمَردودِ
وَهَل نافِعٌ قَولي جَوىً وَصَبابَةً / لَيالي الهَوى إِن عادَ عَصرُ الصِبى عودي
وَأَرَّقَني في اللَيلِ تَرجيعُ وادِعٍ / مِنَ الوُرقِ في فَرعٍ مِنَ البانِ مَكدودِ
يَنوحُ وَلَم يُضمِر غَرامي ضُلوعُهُ / وَلا عادَهُ فيمَن كَلِفتُ بِهِ عيدي
وَلا حَكَمَت في شَملِ أُلفَتِهِ النَوى / وَلا قَضَتِ الأَيّامِ فيها بِتَبديدِ
أَقولُ وَليلي قَد أَظَلَّ صَباحُهُ / وَأَجفانُ عَيني قَد كُحِلنَ بِتَسهيدِ
أَمِن غَدرِ مَن أَهواهُ ياليلَ هَجرَةٍ / خُلِقتَ لَنا أَم مِن غَدائِرِهِ السودِ
وَلَيلٍ بِطيءِ النَجمِ قَصَّرتَ طولَهُ / بِوارِدَةِ الفِرعَينِ ناعِمَةٍ رودِ
لَهَوتُ بِها حَتّى تَجَلّى ظَلامُهُ / تَجولُ يَدي بَينَ القَلائِدِ وَالجيدِ
بِمُرتَشَفٍ كَالأُقحُوانَةِ بارِدٍ / وَمُعتَنَقٍ كَالخيزُرانَةِ أُملودِ
إِذا ما أَظَلَّتني عَناقيدُ فَرعِها / سَقَتني بِكَأسِ الثَغرِ ماءَ العَناقيدِ
وَباتَت تُعاطيني عُقاراً كَأَنَّها / خَلائِقُ مَجدِ الدينِ ذي البَأسِ وَالجودِ
فَتىً أَقسَمَت مِن حُبِّها الجودَ كَفُّه / لِسُؤآلِها أَن لا تَضَنَّ بِمَوجودِ
رَفيعُ عِمادِ البَيتِ يَأوي مِنَ العُلى / إِلى كَسرِ بَيتٍ بِالسَماحَةِ مَعمودِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ عَزائِماً / وَأَمضى جَناناً مِن أُسودِ الشَرى السودِ
يَضيقُ إِذا سارَ الفَضاءُ وَإِنَّهُ / لَأَرحَبُ صَدراً في سُراهُ مِنَ البيدِ
وَيَلقى الجِبالَ الشُمَّ مِن عَزَماتِهِ / بِأَثبَتَ مِن أَطوادِها الشُمَّخِ القودِ
مِنَ القَومِ لا سَعيُ الرَجاءِ بِمُخفِقٍ / لَدَيهِم وَلا بابُ العَطاءِ بِمَسدودِ
كِرامُ المَساعي يَستَهِلُّ نَوالُهُم / إِذا سُؤِلوا الجَدوى كِرامُ المَواليدِ
تَشيمُ إِذا اِستَجدَيتَهُم واكِفَ الحَيا / وَتَدعو إِذا اِستَنجَدتَهُم بِالمَناجيدِ
وَهوَ الصاحِبُ اِبنُ الصاحِبِ القَرمُ مُغمِدُ / الصَوارِمِ في هامِ الكُماةِ الصَناديدِ
رَأَتهُ لَها بَغداذُ أَمنَعَ ذائِدٍ / فَأَلقَت إِلى تَدبيرِهِ بِالمَقاليدِ
أَعادَ لَها بِالعَدلِ أَيّامَها الأولى / فَأَضحَت بِهِ غَنّاءَ مَورِقَةَ العودِ
فَعَبَّدَ لِلمُستَرفِدينَ طَريقَها / وَوَطَّدَ مِن أَكنافِها أَيَّ تَوطيدِ
وَرَدَّ لِحاظَ الدَهرِ عَنها كَليلَةً / وَكانَت لَها أَحداثُهُ بِالمَراصيدِ
عَلى أَنَّهُ لَم يَعلُ إِلّا بِنَفسِهِ / فَأَربى عَلى عَلياءِ آبائِهِ الصيدِ
وَلَم يَقتَنِع مِنهُ بِما شادَ قَومُهُ / وَما أَحكَموهُ مِن بِناءٍ وَتَشيِيدِ
أَبا الفَضلِ ما مَأثورُ فَضلٍ وَسُؤدَدِ / خُصِصتَ بِهِ بَينَ الأَنامِ بِمَجحودِ
عَتادُكَ لِلأَعداءِ كُلُّ مُهَنَّدٍ / وَمُطَّرِدٍ لَدنِ الأَنابيبِ أُملودِ
وَلا حِقَهُ الإِطلَينِ مِن نَسلِ أَعوَجٍ / وَمُحكَمَةُ السَردَينِ مِن نَسجِ داوُودِ
يِبيدُ العِدى في كُلِّ جَأواءَ فَيلَقٍ / وَيُجري النَدى في كُلِّ شَهباءَ جارودِ
فَيَومِ سَماحٍ بِالنَدى لَكَ شاهِدٍ / وَيَومِ كِفاحٍ في العِدى لَكَ مَشهودِ
فَنَدعوكَ يَومَ السِلمِ ياواهِبَ اللُهى / وَيَومَ الوَغى ياقائِدَ الضُمَّرِ القودِ
فَدونَكَ مِن رِقراقِ شِعري قَلائِداً / مِنَ الحَمدِ لَم يُنظَم لِغَيرِكَ في جيدِ
أَحاديثَ مَجدٍ عَن عُلاكَ رَوَيتُها / فَما ضَعُفَت فيهِنَّ طُرقُ أَسانيدي
كَرائِمُ لَم تُخلِق نَضارَةَ حُسنِها / ضَراعَةُ تِسآلٍ وَخَجلَةُ تَرديدِ
عَدَلتُ بِها عَمَّن سِواكَ وَلَم يَكُن / سِوى جودِكَ المَأمولِ كُفؤٌ لِتَجويدي
فَلا تُبقِ في الإِحسانِ جُهداً فَإِنَّني / بَذَلتُكَ في التَقريظِ غايَةَ مَجهودي
وَعِش مُخلِقاً ثَوبَ اللَيالي مُجَدِّداً / لِباسَ المَعالي في بَقاءٍ وَتَخليدِ
مُظاهِرَ عِزٍّ لا يَرِثُّ جَديدُهُ / وَمُلكٍ عَلى رَغمِ العِدى غَيرِ مَحدودِ
عَسى مَرُّ أَنفاسِ النَسيمِ المُرَدَّدِ
عَسى مَرُّ أَنفاسِ النَسيمِ المُرَدَّدِ / يُحِدِّثُ عَن بانِ الغَضا المُتَأَوِّدِ
وَعَلَّ الصَبا تُهدي إِلَيكَ تَحِيَةً / تَبُلُّ بِرَيّاها صَدى قَلبِكَ الصَدي
فَكَم دونَ ذاكَ الجِزعِ مِن مُغرَمِ الحَشا / إِذا عَنَّ ذِكرى موجَعِ القَلبِ مُكمَدِ
يُؤَرِّقُهُ بَرقُ الغَمامِ إِذا سَرى / وَيُقلِقُهُ نوحُ الحَمامِ المُغَرِّدِ
بِنَفسي مَن وَدَّعتُها وَدُموعِها عَلى / نَحرِها مِثلُ الجُمانِ المُبَدَّدِ
تُناشِدُني وَالبَينُ قَد جَدَّ جِدَّهُ / وَقَد أَعلَقَت خَوفَ النَوى يَدَها يَدي
تَراكَ عَلى شَحطِ المَزارِ وَبَعدِهِ / تَروحُ عَلى دينِ الوَفاءِ وَتَغتَدي
أَمِ الدَهرُ مُسلٍ لِلفَتى عَن خَليلَةٍ / تُجِدُّ هَوىً في كُلِّ يَومٍ مُجَدَّدِ
فَقُلتُ لَها لا تَستَريبي فَإِنَّهُ / سَواءٌ مَغيبي في هَواكِ وَمَشهَدي
فَما تَظفَرُ الأَيّامُ مِنّي بِغُدرَةٍ / وَلا يَجذُبُ السُلوانُ عَنكِ بِمَقوَدي
وَلا زِلتُ ذا قَلبٍ يَهيمُ صَبابَةً / إِلَيكِ وَطَرفٍ في الغَرامِ مُسَهَّدِ
عَزيزُ التَأَسّي وَالتَحَمُّلِ في الهَوى / كَما يَعهَدُ الواشي قَليلُ التَجَلُّدِ
وَفارَقتُها وَالدَمعُ يَمحو اِنحِدارُهُ / نَضارَةَ خَدٍّ بِالبُكاءِ مُخَدَّدِ
كَأَنَّ جُفوني في السَماحِ بِمائِها / بَوارِعُ مِن جَدوى الوَزيرِ مُحَمَّدِ
فَتى الجودِ لا مَرعى العَطاءِ مُصَوِّحٌ / لَدَيهِ وَلا وِردُ النَدى بِمُصَرَّدِ
غَنِيٌّ إِذا ما الحَربُ شَبَّ ضِرامُها / بِآرائِهِ عَن ذابِلٍ وَمُهَنَّدِ
يُضيءُ ظَلامُ الخَطبِ مِن نارِ عَزمِهِ / وَيَقطُرُ ماءُ البِشرِ مِن وَجهِهِ النَدي
إِذا العامُ أَكدى وَالمَطالِبُ أَظلَمَت / حَلَلتُ بِهِ بَحرَ النَدى قَمَرَ النَدي
أَلا قُل لِباغي الجودِ يُنضي رِكابَهُ / عَلى الرِزقِ خَبطاً لا يَرى وَجهَ مَقصَدِ
يَجوبُ الفَيافي ناشِداً غَيرَ واجِدٍ / نَشيدَتَهُ مُستَرشِداً غَيرَ مُرشَدِ
أَنِخ بِالوَزيرِ تَلقَ مِن دونِ بابِهِ / مَوارِدَ بَحرٍ مِن عَطاياهُ مُزبِدِ
أَزِرهُ القَوافي وَاِحتَكِم في عَطائِهِ / تَزُر طيِّبَ المَلقى كَثيرَ التَوَدُّدِ
إِذا أَنتَ أَذمَمتَ الرِجالَ خَلائِقاً / فَيَمِّمهُ وَاَخبُر مِن سَجاياهُ تَحمَدِ
وَإِن أَمحَلوا فَاِسرَح رِكابَكَ مُخصِباً / بِوادي نَداً مِن جودِهِ خَضِلٍ نَدي
فَلَولاكَ عَضدَ الدينِ ما اِبيَضَّ مَطلَبٌ / وَلا عَثَرَ المُستَرفِدونَ بِمُرفِدِ
وَلا كَفِلَت بِالنُجحِ مَسعاةُ طالِبٍ / وَلا صافَحَت كَفَّ الغِنى يَدُ مُجتَدِ
وَبِالقَصرِ مِن آلِ المُظَفَّرِ ماجِدٌ / كَريمُ المُحَيّا وَالشَمائِلِ وَاليَدِ
طَويلُ نِجادِ السَيفِ وَالباعِ وَالقَنا / فَسيحُ مَجالِ الهَمِّ رَحبُ المُقَلَّدِ
إِذا جِئتَهُ مُستَصرِخاً في مُلِمَّةٍ / دَعَوتَ مَجيداً وَاِستَعَنتَ بِمُنجِدِ
مِنَ القَومِ لا يوطونَ في كُلِّ غارَةٍ / جِيادَهُمُ غَيرَ الوَشيجِ المُنَضَّدِ
تَتيهُ الصُدورُ وَالمَواكِبُ مِنهُم / بِكُلِّ عَظيمٍ في الصُدورِ مُمَجَّدِ
عَلى نَسَقٍ مِثلِ الأَنابيبِ في القَنا / تَوالوا نِظاماً سَيِّداً بَعدَ سَيِّدِ
إِذا خَرِبَت طُرُقُ المَعالي وَجَدتَهُم / يَسيرونَ مِنها في طَريقٍ مُعَبَّدِ
فَداكَ جَبانٌ لا يُحَدِّثُ نَفسَهُ / بِفَتكٍ بَخيلٌ لا يَجودُ بِمَوعِدِ
فَداكَ جَبانٌ لا يَحَدَّثُ نَفسَهُ / بِفَتكٍ بَخيلٌ لا يَجودُ بِمَوعِدِ
نَوافِدُهُ مُبيَضَّةٌ وَلِثامُهُ / يُلاثُ عَلى عِرضٍ مِنَ العارِ أَسوَدِ
إِذا ما أَناخَ المُدلِجونَ بِبابِهِ / أَناخوا بِجَعجاعٍ مِنَ الأَرضِ فَدفَدِ
يَبيتُ نَزيلاً لِلمَذَلَّةِ جارُهُ / وَيَرحَلُ عَنهُ الضَيفُ غَيرَ مُزَوَّدِ
دَعَوتُكَ وَالأَحداثُ تَقرَعُ مَروَتي / فَكُنتَ مُجيري مِن أَذاها وَمُسعِدي
فَليتَ اللَيالي الجائِراتِ تَعَلَّمَت / قَضاءَكَ أَوكانَت بِهَديِكَ تَهتَدي
عَلِقتُ وَقَد أَصبَحتُ فيكَ مُوالِياً / بِحَبلِ ذِمامٍ مِن وَلائِكَ مُحصَدِ
بَسَطتَ لِساني بِالعَطاءِ وَخاطِري / وَلا عُذرَ لي إِن كُنتُ غَيرَ مُجَوِّدِ
وَأَلبَستَني النُعمى الَّتي جَلَّ قَدرُها / فَأَفنَيتَ آمالي وَكَثَّرتَ حُسَّدي
وَأَتعَبتَ شُكري وَهوَ عودٌ مُدَرَّبٌ / بِحَملِ بَوادٍ مِن نَداكَ وَعوَّدِ
وَأَحمَدتُ يَومي في ذَراكَ وَإِنَّني / لَأَرجوكَ ذُخراً لِلشَدائِدِ في غَدِ
أُعيذُكَ أَن أَضحى وَظِلُّكَ سابِغاً / مَقيلي وَأَن أَظما وَبَحرُكَ مَورِدي
وَأَن تَستَلينَ الحادِثاتُ عَريكَتي / وَتَعلَمُ أَني مِن نَذاكَ بِمَرصَدِ
فَكَم مِن مَديحٍ فيكَ لي بَينَ مُتهِمٍ / تَناقُلِهُ أَيدي الرِكابِ وَمُنجِدِ
تَنوبُ مَنابي في الثَناءِ رُواتُهُ / فَتَنشُرُهُ في كُلِّ نادٍ وَمَشهَدِ
يَزورُكَ أَيّامَ التَهاني مُبَشِراً / بِمُلكٍ عَلى مَرِّ الزَمانِ مُجَدَّدِ
نَطَقتُ بِعِلمٍ فيكَ لا بِفَراسَةٍ / فَلَم أُطرِ في وَصفي وَلَم أَتَزَيَّدِ
فَمَن كانَ في مَدحِ الرِجالِ مُقَلِّداً / فَإِنِّيَ في مَدحيكَ غَيرُ مُقَلِّدِ
كَذا كُلَّ يَومٍ دَولَةٌ تَتَجَدَّدُ
كَذا كُلَّ يَومٍ دَولَةٌ تَتَجَدَّدُ / وَمُلكٌ عَلى رَغمِ الأَعادي مُخَلَّدُ
وَجَدٌّ عَلى ظَهرِ المَجَرَّةِ صاعِدٌ / وَمَجدٌ عَلى هامِ النُجومِ مُوَطَّدُ
وَلا زالَ لِلعافينَ في كُلِّ مَوسِمِ / وَقوفٌ عَلى أَبوابِكُم وَتَرَدُّدُ
يَزورُكُمُ فيها التَهاني وَشَملُكُم / جَميعٌ وَشَملُ الحاسِدينِ مُبَدَّدُ
يَعودُ إِلَيكُم بِالبَقاءِ وَعَيشُكُم / رَقيقُ الحَواشي وارِفُ الظِلِّ أَغيَدُ
فَلا بَرِحَت تُهدي الثَناءَ إِلَيكُمُ / أَيادٍ لَكُم فينا بَوادٍ وَعُوَّدُ
أَيادٍ كَأَطواقِ الحَمامِ وَأَنعُمٌ / تَقَرُّ بِها الأَعناقُ طَوعاً وَتَشهَدُ
غَدَت بِكُمُ بَغداذُ دارَ كَرامَةٍ / طَريقُ النَدى لِلناسِ فيها مُعَبَّدُ
لَها طَودُ حِلمٍ في الحَوادِثِ مِنكُمُ / مَنيعٌ وَبَحرٌ بِالمَكارِمِ مُزبِدُ
وَأَنتُم مَلاذٌ لِلعُفاةِ وَمَوئِلٌ / بِها وَمُرادٌ لِلسَماحِ وَمَورِدُ
وَكَم لِلوَزيرِ اِبنِ المُظَفَّرِ مِن يَدٍ / إِلى أَهلِها بَيضاءَ وَالدَهرُ أَسوَدُ
وَلَولاهُ أَضحَت ما بِها مِن مُلِمَّةٍ / مُجيرٌ وَلا فيها عَلى الخَطبِ مُسعِدُ
وَزيرٌ أَتى الدُنيا بِعَينِ تَجَرُّبٍ / يَرى أَنَّ كَسبَ الحَمدِ أَجدى وَأَعوَدُ
فَإِنَّ جَميلَ الذِكرى يَبقى مُخَلَّداً / لِكاسِبِهِ وَالمالُ يَفنى وَيَنفَدُ
فَأَفنى ثَراءً يُخلِقُ الدَهرُ ثَوبَهُ / وَأَبقى ثَناءً ذِكرُهُ مُتَجَدِّدُ
فَيا عَضُدَ الدينِ الَّذي أَنشَرَ النَدى / وَآوى غَريبَ الفَضلِ وَهوَ مُشَرَّدُ
لَقَد أَصبَحَ الدَهرُ المُذَمَّمُ صَرفُهُ / بِكُلِّ لِسانٍ في زَمانِكَ يُحمَدُ
وَعَهدي بِأَحداثِ اللَيالي ضَوارِياً / تَقومُ بِأَهلِ الفَضلِ فيها وَتَقعُدُ
وَهَل لِلخُطوبِ الجائِراتِ مُخَلَّصٌ / إِلى بَلدَةٍ فيها الوَزيرِ مُحَمَّدُ
يَبيتُ مِنَ الإِحسانِ لِلناسِ كَعبَةً / يُحَجُّ إِلَيها بِالأَماني وَيَقصَدُ
تُصَلّي لَها الآمالُ مِن كُلِّ وَجهَةٍ / وَيَهدى لَها هَذا المَديحُ الُقَلَّدُ
حَلَفتُ بَبيتِ اللَهِ حَلفَةَ صادِقِ ال / أَلِيَّةِ لا يَغلو وَلا يَتَزَيَّدُ
لَأَنتَ أَبَرُّ الناسِ نَفساً وَراحَةً / وَأَكرَمُهُم بَيتاً جَديداً وَأَمجَدُ
وَعَمَّت يَداكَ الأَرضَ عَدلاً وَنائِلاً / فَلا الظُلم في الدُنيا وَلا العُدمُ يوجَدُ
سَعِدتَ بِعامٍ أَنتَ كَوكَبُ سَعدِهِ / وَلا زالَتِ الأَيّامُ تَشفي وَتُسعِدُ
صَديقٌ أَفادَتني الحَداثَةُ وُدَّهُ
صَديقٌ أَفادَتني الحَداثَةُ وُدَّهُ / فَأَصبَحتُ سَهلاً في يَدَيَّ قِيادُهُ
يَميلُ مَعي حَتّى كَأَنَّ فُوادَهُ / نَجِيُّ فُؤادي أَو مُرادي مُرادُهُ
فَلَمّا أَحالَ الدَهرُ صِبغَةَ رَأسِهِ / وَأَحنا عَلَيهِ حالِ في اِعتِقادُهُ
وَما كُنتُ قَبلَ اليَومِ أَحسِبُ أَنَّهُ / إِذا شابَ رَأسُ المَرءِ شابَ وِدادُهُ
لَحا اللَهُ لَيلاً في العِراقِ سَهِرتُهُ
لَحا اللَهُ لَيلاً في العِراقِ سَهِرتُهُ / أُنَقِّحُ في مَدحِ اللِئامِ القَصائِدا
وَأَنسُجُ مِن وَشي القَوافي حَبائِراً / وَأُخرِجُ مِن نَظمِ المَعالي فَرائِدا
فَلَمّا نَضى عَنّي الظَلامُ رِدائَهُ / تَيَمَّمتُ سوقاً لِلمَدائِحِ كاسِدا
وَقائِلَةٍ قُم وَاِسعَ في طَلَبِ الغِنى
وَقائِلَةٍ قُم وَاِسعَ في طَلَبِ الغِنى / فَكَيفَ يَقومُ المَرءُ وَالدَهرُ قاعِدُ
إِذا لَم يَكُن وَقتُ الرَخاءِ بِدائِمٍ / فَأَحرى بِها أَن لا تَدومَ الشَدائِدُ
لَئِن أَخَّرَتني الحادِثاتُ وَقَصَّرَت
لَئِن أَخَّرَتني الحادِثاتُ وَقَصَّرَت / خُطايَ اللَيالي وَاِستَلانَ تَجَلُّدي
فَما فاتَني شيءٌ يَطولُ تَأَسُّفي / عَليهِ سِوى لُقياكَ يا اِبنَ مُحَمَّدِ
تَرى الظاعِنَ الغادي مُقيماً عَلى العَهدِ
تَرى الظاعِنَ الغادي مُقيماً عَلى العَهدِ / وَفاءً أَمِ الأَيّامُ غَيَّرنَهُ بَعدي
وَهَل ماطِلٌ ديني مَعَ الوَجدِ عالِمٌ / بِما بِتُّ أَلقى في هَواهُ مِنَ الوَجدِ
إِذا مَطَلَت لَمياءُ وَهيَ قَريبَةٌ / فَأَجدَرُ أَن تُلوى الدُيونُ عَلى البُعدِ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَبيتَنَّ لَيلَةً / وَما أَنا مِن نَأيِ الحَبيبِ عَلى وَعدِ
وَهَل مِن سَبيلٍ وَالأَماني تَعِلَّةٌ / إِلى مَعهَدٍ بِالرَملِ طالَ بِهِ عَهدي
وَهَل لِلَيالٍ مِن شَبابٍ صَحِبتُها / أُجَرِّرُ أَذيالَ البَطالَةِ مِن رَدِّ
وَأَيّامُ وَصلٍ كُلُّهُنَّ أَصائِلٌ / وَماضي زَمانٍ كُلُّهُ زَمَنُ الوِردِ
سَمَحتُ بِدَمعي لِلدِيارِ مُسائِلاً / رُسومَ الهَوى لَو أَنَّ تَسآلَها يُجدي
وَكُنتُ ضَنيناً أَن يُحَلَّ عُقودُهُ / عَلى مَنزِلٍ لَولا هَوى رَبَّةِ العِقدِ
وَلَم أَبكِ أَطلالاً لِهِندٍ مَواثِلاً / بِذي الأَثلِ لَكِنّي بَكيتُ عَلى هِندِ
فَيا مَن لِعَينٍ يَستَهِلُّ غُروبُها / غُروباً عَلى خَدٍّ مِنَ الدَمعِ ذي خَدِّ
عَلى القَلبِ تَجني كُلُّ عَينٍ بِلَحظِها / وَعَيني عَلى قَلبي جَنَت وَعَلى خَدّي
فَرِفقاً بِعان في يَدِ الشَوقِ مُفرَدٍ / بِأَشجانِهِ يا ظَبيَةَ العَلَمِ الفَردِ
وَعودي لِمَسجورِ الجَوانِحِ يَلتَظي / غَراماً إِلى ما في ثَناياكِ مِن بَردِ
يُكَلِّفُ عُرّافَ العِراقِ دَواؤُهُ / وَيَعلَمُ أَنَّ البُرء في عَلَمي نَجدِ
وَطَيفِ خَيالٍ باتَ يُؤنِسُ مَضجَعي / بِوارِدَةِ الفَرعَينِ وَردِيَةَ الخَدِّ
أَلَمَّ فَداوى القَلبِ مِن أَلَمِ الجَوى / وَأَسرى فَسَرّى مِن غَرامي وَمِن وَجدي
وَطافَ بِرَحلي عائِداً لي وَزائِراً / فَأَعدى بِزورِ الوَصلِ مِنهُ عَلى الصَدِ
هَزَزتُ لَهُ عِطفَيَّ شَوقاً وَصَبوَةً / كَما هَزَّ عِطفَيهِ الخَليفَةُ لِلحَمدِ
فَكَم مِن يَدٍ لِلطَيفِ لا بَل لِأَحمَدَ ال / إِمامِ أَبي العَبّاسِ مَشكورَةٍ عِندي
أَخي العَدلِ أَمسى أُمَّةً فيهِ وَحدَهُ / وَإِنِّيَ في مَدحي لَهُ أُمَّةٌ وَحدي
لِيَ العَفوُ مِن مَعروفِهِ وَحَبائِهِ / وَلا غَروَ إِن أَفنَيتُ في حَمدِهِ جُهدي
إِمامٌ يَخافُ اللَهَ سِرّاً وَجَهرَةً / وَيَضمِرُ تَقوى اللَهِ في الحَلِ وَالعَقدِ
إِلى جَدِّهِ المَنصورِ يَنزَعُ جَدُّهُ / فَناهيكَ مِن جَدٍّ سَعيدٍ وَمِن جَدِّ
يُفَرِّقُ ما بَينَ الجَماجِمِ وَالطُلى / وَيَجمَعُ بَينَ الشاءِ وَالأَسَدِ الوَردِ
وَتَعرِفُ أَطرافُ العَوالي بَلائَهُ / مَشيجاً وَأَعرافُ المُطَهَّمَةِ الجُردِ
يُعِدُّ لِإِرهابِ العِدى كُلَّ لَيِّنِ ال / مَهَزَّةِ لَدنِ المَتنِ مُعتَدِلِ القَدِّ
وَذي شُطَبٍ كَالماءِ يَجري صِقالُهُ / وَسابِحَةٍ شَطباءَ كَالحَجَرِ الصَلدِ
فَيَفري بِها قَبلَ اللِقاءِ مَهابَةً / وَمِن عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السَيفُ في الغَمدِ
لَهُ خاتَمُ المَبعوثِ أَحمَدَ خاتَمٍ / النُبُوَّةِ مَوروثاً مَعَ السَيفِ وَالبُردِ
وَما بَرِحَت طَيرُ الخِلافَةِ حَوَّماً / عَليهِ كَما حامَ الظِماءُ عَلى الوِردِ
فَآلَ إِلى تَدبيرِهِ الأَمرُ وادِعَ العَزيمَةِ / مِن غَيرِ اِعتِسافٍ وَلا كَدِّ
وَقامَ يَرُدُّ الخَطبَ عَنها بِساعِدٍ / قَوِيٍّ عَلى دَفعِ العَظائِمِ مُشتَدِّ
يُقيمُ حُدودَ اللَهِ غَيرَ مُراقِبٍ / بِقائِمٍ مَطرورِ الشِبا باتِرِ الحَدِّ
وَعارِضِ مَوتٍ أَحمَرٍ بَكَرَت بِهِ / سَراياهُ في يَومٍ مِنَ النَقعِ مُسوَدِّ
يُزَمجِرُ في أَرجائِهِ أُسُدُ الشَرى / وَيَلمَعُ في حافاتِهِ قُضُبُ الهِندِ
يُسَدُّ الفَضاءُ الرَحبُ مِنهُ بِجَحفَلٍ / كَأَنَّكَ قَد أَشرَفتَ مِنهُ عَلى السَدِّ
بِأَيديهِمُ مِثلُ الرِياضِ مِنَ الظُبى / وَعاليهِمُ مِثلُ النَهاءِ مِنَ السَردِ
مَرَتهُم رِياحٌ مِن سُطاهُ فَأَمطَرَ ال / عَدُوُّ رِهاماً مِن مُثَقَّفَةٍ مُلدِ
فَقُل لِمُلوكِ الأَرضِ دينوا لِأَمرِهِ / وَلا تَتَوَلَّوا حائِرينَ عَنِ القَصدِ
وَلا تُضمِروا عِصيانَ أَمرِ إِمامِكُم / مُخالَفَةً عَنهُ فَعِصيانُهُ يُردي
أَطيعوهُ مِن حُرٍّ وَعَبدٍ فَإِنَّهُ / خَليفَةُ مَبعوثٍ إِلى الحُرِّ وَالعَبدِ
وَلا تَأمَنوا مَع عَفوِهِ أَن يُصيبَكُم / بِقارِعَةٍ فَالماءُ وَالنارُ في الزَندِ
إِلى الناصِرِ اِبنَ المُستَضيءِ رَمَت بِنا / رَكائِبُ ما ريعَت بِنَصٍّ وَلا وَخدِ
وَلا سُرِحَت تَرتادُ مَرعىً دَنِيَّةً / وَلا زاحَمَت هيمَ المَطايا عَلى وِردِ
رَكائِبُ ما زُمَّت لِرِفدٍ وَلَم تَكُن / لِتَرغَبَ مِن غَيرِ الخَليفَةِ في رَفدِ
فَحَلَّت بِدارِ الأَمنِ وَالخِصبِ تَرتَعي / رِياضَ النَدى وَالجودِ مِن مَسرَحِ المَجدِ
وَما مُزنَةٌ وَطفاءُ دانٍ سَحابُها / مُبَشِّرَةٌ بِالخِصبِ صادِقَةُ الوَعدِ
يُساقُ الثَرى مِنها فَيُسفِرُ وَجهُها / إِلى مُكفَهِرٍّ عابِسِ الوَجهِ مُربَدِّ
إِذا ما أَمالَتها الصَبى مُرجَحِنَّةً / أَرَتكَ اِبتِسامَ البَرقِ في صَخَبِ الرَعدِ
تَسِحُّ عَلى هامِ الأَهاضيبِ هامِياً / مِنَ الوَدقِ حَتّى يَلحَقُ القورُ بِالوَهدِ
بِأَغزَرَ مِن كَفِّ الخَليفَةِ نائِلاً / وَرِفداً إِذا اِغتَصَّت مَغانيهِ بِالوَفدِ
فَسَمعاً أَميرَ المُؤمِنينَ لِحُرَّةٍ / إِذا اِنتَسَبَت فاءَت إِلى حَسَبٍ عِدِّي
تَخيَّرَها عَبدٌ لِمَدحِكَ مُسمِحُ ال / بَديهَةِ مَطبوعٌ عَلى الهَزلِ وَالجِدِّ
يَروحُ وَيَغدوا مِن وَكيدِ وَلائِهِ / وَليسَ لَهُ غَيرَ اِمتِداحِكَ مِن وَكدِ
يُجَرِّعُ مِن عاداكَ صاباً يُذيقُهُ / بِأَلفاظِ مَدحٍ فيكَ أَحلى مِنَ الشُهدِ
تَراها شَجاً بَينَ التَرائِبِ مِنهُمُ / إِذا سَمِعوها فَهيَ تَحنُقُ بِالزُبدِ
فَحُطها بِلَحظٍ مِنكَ تَبدوا لَوائِحاً / عَليها إِماراتُ السَعادَةِ وَالجَدِّ
فَما فاتَ سَهمُ الحَظِّ مَن كُنتَ ناظِراً / إِلَيهِ قَريباً مِنهُ بِالكَوكَبِ السَعدِ
فَلا زِلتَ ذا ظِلٍّ عَلى الأَرضِ وارِفٍ / مَديدٍ وَذا عُمرٍ مَعَ الدَهرِ مُمتَدِّ