أَلا إِنَّ هِنداً أَمسِ رَثَّ جَديدُها
أَلا إِنَّ هِنداً أَمسِ رَثَّ جَديدُها / وَضَنَّت وَما كانَ المَتاعُ يَؤودُها
فَلَو أَنَّها مِن قَبلُ جادَت لَنا بِهِ / عَلى العَهدِ إِذ تَصطادُني وَأَصيدُها
وَلَكِنَّها مِمّا تَميطُ بِوُدِّها / بَشاشَةُ أَدنى خُلَّةٍ تَستَفيدُها
أَعاذِلُ ما يُدريكِ أَن رُبَّ بَلدَةٍ / إِذا الشَمسُ في الأَيّامِ طالَ رُكودُها
وَآمَت صَواديحُ النَّهارِ وَأَعرَضَت / لَوامِعُ يُطوى رَيطُها وَبُرودُها
قَطَعتُ بِفَتلاءِ اليَدينِ ذَريعةٍ / يَغولُ البِلادَ سَومُها وَبَريدُها
فَبِتُّ وَباتَت بِالتَنوفَةِ ناقَتي / وَباتَت عَلَيها صَفنَتي وَقُتودُها
وَأَغضَت كَما أَغضَيتُ عَيني فَعَرَّسَت / عَلى الثَفِناتِ وَالجِرانِ هُجودُها
عَلى طُرُقٍ عِندَ اليَراعَةِ تارَةً / تُوازي شَريمَ البَحرِ وَهوَ قَعيدُها
كَأَنَّ جَنيباً عِندَ مَعقِدِ غَرزِها / تُراوِدُهُ عَن نفسِهِ وَيُريدُها
تَهالَكُ مِنهُ في النَجاءِ تَهالُكاً / تَقاذُفَ إِحدى الجونِ حانَ وُرودُها
فَنَهنَهتُ مِنها وَالمَناسِمُ تَرتَمي / بِمَعزاءَ شَتّى لا يُرَدُّ عَنودُها
وَأَيقَنتُ إِن شاءَ الإِلَهُ بِأَنَّهُ / سَيُبلِغُني أَجلادُها وَقَصيدُها
فَإِنَّ أَبا قابوسَ عِندي بَلاؤُهُ / جَزاءً بِنُعمى لا يَحِلُّ كُنودُها
وَجَدتُ زِنادَ الصَالِحينَ نَمَينَهُ / قَديماً كَما بَذَّ النُجومَ سُعودُها
فَلَو عَلِمَ اللَهُ الجِبالَ ظَلَمنَهُ / أَتاهُ بِأَمراسِ الجِبالِ يَقودُها
فَإِن تَكُ مِنّا في عُمانَ قَبيلَةٌ / تَواصَت بِإِجنابٍ وَطالَ عُنودُها
وَقَد أَدرَكَتها المُدرِكاتُ فَأَصبَحَت / إِلى خَيرِ مَن تَحتَ السَماءِ وُفودُها
إِلى مَلِكٍ بَذَّ المُلوكَ بِسَعيِهِ / أَفاعيلُهُ حَزمُ المُلوكِ وَجودُها
وَأَيَّ أُناسٍ لا يُبيحُ بِقَتلَةٍ / يُوازي كُبَيداتِ السَماءِ عَمودُها
وَجَأواءَ فيها كَوكَبُ الموتِ فَخمَةٍ / تَقَمَّصَ بِالأَرضِ الفَضاءِ وَئيدُها
لَها فَرَطٌ يَحمي النِهابَ كَأَنَّهُ / لَوامِعُ عِقبانٍ مَروعٍ طَريدُها
وَأَمكَنَ أَطرافَ الأَسِنَّةِ وَالقَنا / يَعاسيبُ قودٌ ما تُثَنّى قُتودُها
تَنَبَّعَ مِن أَعطافِها وَجُلودِها / حَميمٌ وَآضَت كَالحَماليجِ قودُها
وَطارَ قُشارِيُّ الحَديدِ كَأَنَّهُ / نُخالَةُ أَقواعٍ يَطيرُ حَصيدُها
بِكُلِّ مَقَصِّيٍّ وَكُلِّ صَفيحَةٍ / تَتابَعُ بَعدَ الحارِشِيِّ خُدودُها
فَأَنعِم أَبَيتَ اللَعنَ إِنَّكَ أَصبَحَت / لَدَيكَ لُكَيزٌ كَهلُها وَوَليدُها
وَأَطلِقهُمُ تَمشي النِساءُ خِلالَهُم / مُفَكَّكَةً وَسَطَ الرِحالِ قُيودُها