المجموع : 6
وَفى عُروَةَ العُذريِّ إِن مِتُّ أُسوَةٌ
وَفى عُروَةَ العُذريِّ إِن مِتُّ أُسوَةٌ / وَعَمروِ بنِ عَجلانَ الَّذي قَتَلَت هِندُ
وَبي مِثلُ ما ماتا بِهِ غَيرَ أَنَّني / إِلى أَجَلٍ لَم يَأتِني وَقتُهُ بَعدُ
هَلِ الحُبُّ إِلّا عَبرَةٌ بَعدَ عَبرَةٍ / وَحَرٌّ عَلى الأَحشاءِ لَيسَ لَهُ بَردُ
وَفَيضُ دُموعِ العَينِ بِاللَيلِ كُلَّما / بَدا عَلَماً مِن أَرضِكُم لَم يَكُن يَبدو
أَلا لَيتَ أَيّامَ مَضَينَ تَعودُ
أَلا لَيتَ أَيّامَ مَضَينَ تَعودُ / فَإِن عُدنَ يَوماً إِنَّني لَسَعيدُ
سَقى دارَ لُبنى حَيثُ حَلَّت وَخَيَّمَت / مِنَ الأَرضِ مُنهَلُّ الغَمامِ رَعودُ
عَلى كُلِّ حالٍ إِن دَنَت أَو تَباعَدَت / فَإِن تَدنُ مِنّا فَالدُنوُّ مَزيدُ
فَلا اليَأسُ يُسليني وَلا القُربُ نافِعي / وَلُبنى مَنوعٌ ما تَكادُ تَجودُ
كَأَنِّيَ مِن لُبنى سَليمٌ مُسَهَّدٌ / يَظَلُّ عَلى أَيدي الرِجالِ يَميدُ
رَمَتني لُبَينى في الفُؤادِ بِسَهمِها / وَسَهمُ لُبَينى لِلفُؤادِ صَيودُ
سَلا كُلُّ ذي شَجوٍ عَلِمتُ مَكانَهُ / وَقَلبي لِلُبنى ما حَيِيتُ وَدودُ
وَقائِلَةٍ قَد ماتَ أَو هُوَ مَيِّتٌ / وَلِلنَفسِ مِنى أَن تَفيضَ رَصيدُ
أُعالِجُ مِن نَفسي بَقايا حُشاشَةٍ / عَلى رَمَقٍ وَالعائِداتُ تَعودُ
فَإِن ذُكِرَت لُبنى هَشِشتُ لِذِكرِها / كَما هَشَّ لِلثَديِ الدَرورِ وَليدُ
أُجيبُ بِلُبنى مَن دَعاني تَجَلُّدا / وَبي زَفَراتٌ تَنجَلي وَتَعودُ
نُعيدُ إِلى رَوحِ الحَياةَ وَإِنَّني / بِنَفسِيَ لَو عايَنتِني لَأَجودُ
لَعَمري يَقَد صاحَ الغُرابُ بِبَينِهِم
لَعَمري يَقَد صاحَ الغُرابُ بِبَينِهِم / فَأَوجَعَ قَلبي بِالحَديثِ الَّذي يُبدي
فَقُلتُ لَهُ أَفصَحتَ لا طِرتَ بَعدَها / بِريشٍ فَهَل لِلبَينِ وَيحَكَ مِن رَدِّ
فَما وَجَدَت وَجدي بِها أُمُّ واحيدٍ
فَما وَجَدَت وَجدي بِها أُمُّ واحيدٍ / وَلا وَجَدَ النَهديُّ وَجدي عَلى هِندِ
وَلا وَجَدَ العُذريُّ عَروَةُ في الهَوى / كَوَجدي وَلا مَن كانَ قَبلي وَلا بَعدي
تَعلَقُ رَوحي رَوحَها قَبلَ خَلقِنا
تَعلَقُ رَوحي رَوحَها قَبلَ خَلقِنا / وَمِن بَعدِ ما كُنّا نِطافا وَفي المَهدِ
فَزادَ كَما زِدنا فَأَصبَحَ نامِيا / فَلَيسَ وَإِن مُتنا بِمُنفَصِمِ العَهدِ
وَلَكِنَّهُ باقٍ عَلى كُلِّ حادِثٍ / وَزائِرُنا في ظَلمَةِ القَبرِ وَاللَحدِ
يَكادُ حُبابُ الماءِ يَخدِشُ جِلدَها / إِذا اِغتَسَلَت بِالماءِ مِن رِقَتِ الجِلدِ
وَإِنِّيَ أَشتاقُ إِلى ريحِ جَيبِها / كَما اِشتاقَ إِدريسُ إِلى جَنَّةِ الخُلدِ
وَلَو لَبِسَت ثَوباً مِنَ الوَردِ خالِصاً / لَخَدَّشَ مِنها جِلدَها وَرَقُ الوَردِ
يُثَقِّلُها لُبسُ الحَريرِ لِلينِها / وَتَشكو إِلى جاراتِها ثِقَلَ العِقدِ
وَأَرحَمُ خَدَّيها إِذا ما لَحَظتُها / حِذاراً لِلَحظي أَن يُؤَثِّرَ في الخَدِّ
لَو أَنَّني أَسطيعُ صَبراً وَسَلوَةً
لَو أَنَّني أَسطيعُ صَبراً وَسَلوَةً / تَناسَيتُ لُبنى غَيرَ ما مُضمِرٍ حِقدا
وَلَكِنَّ قَلبي قَد تَقَسَّمَهُ الهَوى / شَتاتاً فَما أُلفى صَبوراً وَلا جَلدا
سَلِ اللَيلَ عَنّي كَيفَ أَرعى نُجومَهُ / وَكَيفَ أُقاسي الهَمَّ مُستَخلِياً فَردا
كَأَنَّ هُبوبَ الريحِ مِن نَحوِ أَرضَكُم / يُثيرُ فُتاتَ المِسكِ وَالعَنبَرَ النَدى