تَعَلَّم فَإِنَّ اللَهَ لَيسَ كَصُنعِهِ
تَعَلَّم فَإِنَّ اللَهَ لَيسَ كَصُنعِهِ / صَنيعٌ وَلا يَخفى عَلى اللَهِ مُلحَدُ
في كُلِ مُنكَرَةٍ لَهُ مَعروفَةٌ / أُخرى عَلى عَينٍ بِما يَتَعَمَّدُ
جُدَدٌ وَتَوشيمٌ وَرَسمُ عَلامَةٍ / وَخَزائِنٌ مَفتوحَةٌ لا تَنفَدُ
عَمَّن أَرادَ بِها وَجابَ عَنانَها / لا يَستَقيمُ لِخالِقٍ يَتَزَيَّدُ
غَيمٌ وَظَلماءٌ وَغَيثُ سَحابَةٍ / أَيّامَ كَفَّنَ وَاِستَرادَ الهُدهُدُ
يَبغي القَرارَ لِأُمِّهِ لِيُجِنَّها / فَبَنى عَلَيها في قَفاها يَمهَدُ
مَهداً وَطِيّاً فَاِستَقَلَّ بِحَملِهِ / في الطَيرِ يَحمِلُها وَلا يَتَأَوَّدُ
مِن أُمِّهِ فَجَرى لِصالِحٍ حَملِها / وَلَداً وَكَلَّف ظَهرَهُ ما تَفقِدُ
فَيَزالُ يَدلَحُ ما مَضى بِجَنازَةٍ / مِنها وَما اِختَلَفَ الجَديدُ المُسنَدُ
وَالأَرضُ نَوَّخَها الإِلَهُ طَروقَةً / لِلماءِ حَتّى كُلُّ زَندٍ مُسفَدُ
وَالأَرضُ مَعقِلُنا وَكانَت أُمَّنا / فيها مَقابِرُنا وَفيها نوأَدُ
فيها تَلامِذَةٌ عَلى قُذُفاتِها / حُسُراً قياماً فَالفَرائِصُ تُرعَدُ
فَبَنى الآلَهُ عَليهُمُ مَخصوفَةً / خلقاءَ لا تَبلى وَلا تَتأَوَّدُ
فَلَو أَنَّهُ يَحدو البُرامَ بِمَتنِها / لَنَبا وَأَلفاها الَتي لا تُقرَدُ
فَأَتَمَّ سِتاً فاِستَوتَ أَطباقُها / وَأَتى بِسابِعَةٍ فأَنَّى تورَدُ
فَكَأَنَّ بِرقِعَ واّلمَلائِكُ حَولَها / سَدِرٌ تَواكَلُهُ القَوائِمُ أَجرَدُ
خَضراءُ ثانيَةٌ تُظِلُّ رُؤُوسَهُم / فَوقَ الذَوائِبِ فاِستَوتَ لا تُحصَدُ
كَزُجاجَةِ الغَسّولِ أَحسَنَ صَنعُها / لَما بَناها رَبُنا يَتَجَرَّدُ
لِمُصَفَّدين عَليهِمُ صاقورَةٌ / صَمّاءُ ثالِثَةٌ تُماعُ وَتُجمَدُ
وَكَأَنَّ رابِعَةً لَها حاقورَةٌ / في جَنبِ خامِسَةٍ عَناصٍ تَمَرَدُ
فيها النُجومُ تُطيعُ غَيرَ مُراحَةٍ / ما قالَ صَدَّقَها الأَمينُ الأَرشَدُ
رَسَخَ المَها فيها فأَصبَحَ لَونُها / في الوارِساتِ كأَنَهُنَّ الإِثمَدُ
شَدَّ القُطوعَ عَلى المَطايا رَبُّنا / كُلٌّ بِنَعماءِ الآلِهَ مُقَيَّدُ
فَأَصَحنَ وَاِفتَرَشَ الرَحائِلَ شَرجَعٌ / نُفُجٌ عَلى أَثباجِهِنَّ مُؤَكَّدُ
بِفُصوصِ ياقوتٍ وَكَظَّ بِعَرشِهِ / هَولٌ وَنارٌ دونَهُ تَتَوَقَدُ
فَعَلا طِوالاتِ القَوائِمِ فاِستَوى / فَوقَ الخُلودِ وَمَن أَرادَ مُخَلَّدُ
وَتَرى شَياطيناً تَروغُ مُضاعَةً / وَرواغُها شَتّى إِذا ما تُطرَدُ
تُلقى عَلَيها في السَماءِ مَذَلَّةٌ / وَكَواكِبٌ تُرمى بِها فَتَعرَّدُ
مَلِكٌ عَلى عَرشِ السَماءِ مُهَيمِنٌ / تَعنو لِعِزَّتِهِ الوجوهُ وَتَسجُدُ
لَولا وِثاقُ اللَهِ ضَلَّ ضَلالُنا / وَلسَرَّنا أَنّا نُتَلُّ فَنوأَدُ
بِأُولي قِوى فَمُبتَّلٌ وَمُتَلمَدُ /
يَنتاَبُهُ المُتَنَصِّفونَ بِسُحرَةٍ / في أَلفِ أَلفٍ مِن مَلائِكَ تُحشَدُ
رُسُلٌ يَجوبونَ السَماءَ بِأَمرِهِ / لا يَنظُرونَ ثَواءَ مَن يَتَقَصَّدُ
فَهُمُ كَأَوبِ الريحِ بيَنا أَدبَرَت / رَجَعَت بَوادِرُ وَجهِها لا تُكرَدُ
خَذٌّ مَناكِبُهُم عَلى أَكتافِهِم / زَفُّ يَزِفُّ بِهِم إِذا ما اِستُنجِدوا
وَإِذا تَلامِذَةُ الآلِهِ تَعاوَنوا / غَلَبوا وَنَشَّطَهُم جَناحٌ مُعتَدُ
نَهَضوا بِأَجنِحَةٍ فَلَم يَتَواكَلوا / لا مُبطِئٌ مِنهُم وَلا مُستَوغِدُ
حَيّاً وَمَيتاً لا أَبا لَكَ إِنَّما / طولُ الحَياةِ كَزادِ غادٍ يَنفَدُ
وَالشَهرُ بَينَ هِلالِهِ وَمُحاقِهِ / أَجلٌ لِعِلمِ الناسِ كَيفَ يُعَدَّدُ
لا نَقسَ فيهِ غَيرَ أَنَّ خَبيئَهُ / قَمَرٌ وَساهورٌ يُسَلُّ وَيُغمَدُ
خَرِقٌ يَهيمُ كَهاجِعٍ في نَومِهِ / لَم يَقضِ رَيبَ نُعاسِهِ فَيُهَجَّدُ
فَإِذا مَرَتهُ لَيلَتانِ وَراءَهُ / فَقَضى سُراهُ أَو كَراهُ يَسأَدُ
لِمَواعِدٍ تَجري النُجومُ أَمامَهُ / وَمُعَمَّمٌ بِحِذائِهِنَّ مُسَوَّدُ
مُستَخفياً وَبَناتُ نَعشٍ حَولَهُ / وَعَنِ اليَمينِ إِذا يَغيبُ الفَرقَدُ
حالَ الدَراري دونَهُ فَتَجِنُّهُ / لا أَن يَراهُ كُلُّ مَن يَتَلَدَّدُ
حُبِسَ السَرافيلُ الصَوافي تَحتَهُ / لا واهِنٌ مِنهُم وَلا مُستَوعِدُ
زُحلٌ وَثَورٌ تَحتَ يُمنى رِجلِهِ / وَالنَسرُ لِليُسرى وَلَيثٌ مُرصِدُ
وَالشَمسُ تَطلُعُ كُلَّ آخِرِ لَيلَةٍ / حَمراءَ يُصبِحُ لَونُها يَتَوَرَّدُ
تأَبى فَلا تَبدو لَنا في رِسلِها / إِلّا مُعَذَّبَةً وَإِلّا تُجلَدُ
لا تَستَطيعُ أَن تُقَصِّرَ ساعَةً / وَبِذاكَ تَدأَبُ يَومَها وَتَشَرَّدُ
وَلَسوفَ يَنسى ما أَقولُ مَعاشِرٌ / وَلَسوفَ يُذَكُرُهُ الَذي لا يَزهَدُ
فَاِغفِر لِعَبدٍ إِنَّ أَوَّلَ ذَنبِهِ / شُربٌ وَإِيسارٌ يُشارِكُها دَدُ
دارٌ دَحاها ثُمَّ أَعمَرَنا بِها / وَأَقامَ بِالأُخرى الَّتي هِيَ أَمجَدُ
وَيُنَفِّدُ الطوفانَ نَحنُ فِداؤُهُ / وَاِقتادَ شَرجَعَهُ بَداحٌ بَديَدُ
وَالطوطَ نَزرَعُهُ أَغَنَّ جِراؤُهُ / فيهِ اللِباسُ لِكُلِّ حَولٍ يُعَضَدُ
فَاِسمَع لِسانَ اللَهِ كَيفَ شُكولُهُ / عَجَبٌ وَيُنبِئكَ الَذي تَستَشهِدُ
وَالوَحشَ وَالأَنعامَ كَيفَ لُغاتُها / وَالعِلمَ يُقسَمُ بينَهُم وَيُبَدَّدُ
لِلَّهِ نِعمَتُنا تَباركَ رَبُّنا / رَبُّ الأَنامِ وَرَبُّ مَن يتَأَبَّدُ