المجموع : 5
بَدا البَرق مِن نَجد فَحَنَّ إِلى نَجدِ
بَدا البَرق مِن نَجد فَحَنَّ إِلى نَجدِ / أَيا بارِقاً ماذا نَشَرت مِنَ الوَجدِ
وَما حَنَّ مِن وَجدٍ بِنَجدٍ وَإِنَّما / يَحِن إِلى نَجد لِمَن حَلَّ في نَجدِ
سَقى العَهدَ مِن هِند عِهادٌ مِنَ الحَيا / ضَحوك ثَنايا البَرق مُنتَحِبَ الرَعدِ
يَحِلُّ عُقود القطر بَينَ مُعاهِدٍ / يَحِلُّ بِها مِن قَبل دُرِيَّةِ العقدِ
فَتاة أَرى الدُنيا بِما في نِقابِها / وَأَلقى بِما في مرطِها جِنَّة الخُلُدِ
هيَ الشَمسُ تَخفي الشَمس عَنها إِذا انتَمَت / فَضاعية الأَخوال فهرية الجَدِّ
دُجوجيَّة الفَرعين شَمسِيَّة الرؤا / كَثيبية الأَردافِ خوطِيَّة القَدِّ
وَناظِرَةٍ مِنَ ناظِري أَم جؤذَرٍ / خَذولٍ بِهِ أَو مُقلَتي رشإٍ فَردِ
مِنَ الوَردِ خَداها مِنَ الدُرِّ ثَغرُها / عَلى أَنَّ رَيّاها مِنَ العَنبَرِ الوَردِ
تَظَلُّ تعاطيك المنى مِن مُقبَّلٍ / بِأَعذَبِ مِن خَمرٍ وَأَطيَب مِن شَهدِ
أَلا قاتِل اللَهَ الحمام فَإِنَّها / بَكَت فَشَجَت قَلباً طَروباً إِلى هِندِ
وَما ذِكرُهُ هِنداً وَقَد حالَ دونَها / قَنا الخُطِّ أَو بيضٍ رِقاق مِنَ الهِندِ
وَأَسدٍ عَلى جُردٍ مِنَ الخَيلِ ضُمَّرٍ / وَهَيهات مَن يَحميكَ أَسداً عَلى جردِ
وَيَهماء يَهوي بَينَ أَورادها القطا / وَيوهي السُرى فيها قوى الضَيغَم الجَلدِ
مطوّحة لَولا الدراريُّ ما دَرى / دَليل بِها كَيفَ السَبيلِ إِلى القَصدِ
سباريتُ ما فيهن زاء لركب / سَنوي ما حَوَت فيها الأَداحي مِنَ الرَبدِ
عَلى أَنَّهُ لَو جارَت الريحُ رَبدِها / لِكُلِّ النَعامي عَن نَعام بِها رُبدِ
كَيهماء كَلَّفتُ المَطي اعتِسافِها / إِلى الشَرفِ العالي إِلى الكَرَمِ العِدِّ
إِلى القمر الهادي إِلى ابن مُفَرِجٍ / إِلى الحَسَبِ الزاكي إِلى الكَوكَبِ السَعدِ
إِلى السَيفِ سَيفِ الدَولَةِ الملكِ الَّذي / تَبيتُ ذرى أَبياتِهِ مألَف الحَمدِ
إِلى الأَسدِ الضِرغام في حومة الوَغى / إِذا احمَرَّ في غاب القَنا حَدَقُ الأَسَدِ
مِنَ الأجأيين الَّذينَ جِيادهم / بِأَحياءِ من عاداهم أَبَداً تَردي
نُجوم بَني قَحطان في طَخية الدُجى / إِلى عَدد عَدٍ وَأَلسِنَةٍ لُدِّ
وَجأواءَ جَرّاحيَّةٍ أَجابِيَّةٌ / حبتها يَداً داود بِالحلق السَردِ
لَها مِن حَديد الهِند كُلَّ مُهَلِلٍ / بِماء الرَدى ماضي الغَرارين وَالحَدِّ
وَمِن أَسلاتِ الخُطِّ كُلَّ لَذيذَةٍ / تَروقك بِالنِبراسِ ذاتَ شَباً عَردِ
وَمِن نَسلِ زادَ الركب كل مطهَّمٍ / حَباهُ سُلَيمان بن داود لِلأُزدِ
لقفت بأُخرى كَلَّف الصَبر ربها / بسمر القَنا وَالبيضَ قرع صَفاً صَلدِ
فَلَمّا تَداعَت بَينَها وَشعارها / فَكانَ لَدَيها المَوتُ أَحلى مِنَ القِندِ
دَعَوتُ لَها مِن سِرِّ مَعنٍ فَوارِساً / تَلذَّ المَنايا لذّة العيشَةِ الرَغدِ
فنكر بِذي نَكرٍ إِذا اشتَجر القَنا / وعرف لآمالِ امرىء لَكَ مستجدي
أَمَحمود قَد أَحسَنت أَحسَنَت منعماً / وَما أَنا للإِحسانِ مُستَحسَن وَحدي
فَعِش لِلعُلى لا العز مُستَضعَف القُوى / وَما بحرك الفَيّاض مُستَنزر الرَفدِ
وَلَكِنَّني أَشكو أُموراً تركنني / بِتَيماء مِن أَكناف عِزّي عَلى بُعدِ
أَخا الهَمِّ لا أَدري مِنَ الهَمِّ والأَسى / أَأَكتُم ما بَينَ أَكناف عِزّي عَلى بُعدِ
وَإِنّي إِلى الفَهمِ الَّذي لَكَ أَشتَكي / هُموميَ مِن طولِ اغتِرابي وَمِن كَدّي
فَذو العلم مِن ذي الفَهمِ في كُلِّ راحَةٍ / وَلَكِنَّهُ مِن ذي الغَباوَة في جُهدِ
وَمَن يَجمَع الفهم الَّذي لَكَ في النَدى / فَذاكَ الَّذي لَم يَكب في مَدحِهِ زِندي
عَقيل النَدى وَالحادِثات كَثيرَة / وَمثلك مَدعوٌ لِحادِثَة إِدِّ
أَلَيسَ عَجيباً أَنَّ سَخطكم الَّذي / أُريدُ بِهِ غَيري أَريق بِهِ رَفدي
وَأَعجَب مَن هَذاك أَن أَبا النَدى / بَدا عَنهُ إِقصاري وَما ذاكَ عَن قَصدِ
وَأَعجَبُ مِنهُ أَنَّ دَرّيَ عِندَهُ / وَلَيسَ الَّذي أَبغيهِ مِن دُرِّهِ عِندي
فَوا عَجَباً هَلّا تَفَرَّدَ مَجدُكُم / بِغَرّاء يَبقى ذكرها سمراً بَعدي
بمكرمَةٍ إِن قلت فيها قَصيدة / نظمت بِنَظميها قَلائِد لِلمَجدِ
فَإِن قُلتَ ردوني إِلى الشَرق لَم يَكُن / عَلَيكُم مِنَ الأَشياءِ أَيسَر مِن رِدّي
وَإِن قُلتَ سدوا خلتي وَخصاصَتي / فَأَمثالكم سَدوا الخَصاصات بِالرَفدِ
أَما مِنكُم أَوس أَما حاتِم لَكُم / وَما لَهُما نَدٌ وَمالك مِن نِدِّ
أما بِكُم الأَمثال تَضرِب في النَدى / أَما أَركُبُ الآمالَ نَحوَكُم تَحدي
أَما عَمَّ أَهل الحَزنِ وَالسَهل جودكم / أَما مالُكُم يَغدو عَلى الجودِ يَستَعدي
أَما ركزت أَرماحكم حيث شئتموا / أَما كل مَن شِئتم سُيوفكم تَردي
أَما مِذحِجٌ فيكم أَما الأزد أَزدكم / أَما لَكُم كَلب وَأسد بَني فَهَد
أَما تبع سارَت إِلى الصين خيله / أَما حمير شادَت حصون سَمَرقَندِ
أَما قادَ قابوساً أَسيراً لتبَّعٍ / أَما شَدَّ كَبلاً كعبه أَيُّما شَدِّ
أَما لَكُم أَنصار دين مُحَمَدٍ / سراة بَني قَيس وَرَهط بَني سَعدِ
أَلَستُم بِجُندٍ لِلنَّبيِّ وَرَهطِهِ / فَبوركَ مِن رَهطِ وَبورك مِن جُندِ
بَني دَعفَل مَن ذا يَعُدُّ مِنَ الوَرى / مآثركم أَو مكرماتكمُ عَدّي
وَلَمّا خزمتم ما حوته أَكُفُّنا / عَثرتم بِنا مِن غَيرِ علم وَلا عَمدِ
وَكُنتُم كذي لج وَذو اللج إِن طَما / أَبادَ بِلا بَغضٍ وَنَجّا بِلا وُدِّ
أَلَمَّت وَدوني مِن تِهامَةَ بَيدُها
أَلَمَّت وَدوني مِن تِهامَةَ بَيدُها / وَعَهدي بِها عَنّي كَثير صُدودُها
يَمانِيَّةَ لِلبَدرِ شُبِّهَ وَجهُها / وَلِلظَّبي مِنها مُقلَتاها وَجيدُها
سِرتَ تَستَزيدَ الوَشي بَيني وَبَينَها / وَهَل لي وُد غَيرُها فَأَزيدُها
أَلَمَّت وَرحلي بَينَ شَعب رَمَت بِهِم / وَلي هِمَمٌ في رِفعَة أَستَزيدُها
وَقَد علقوا أَنضاءَنا بِرُؤوسِهِم / وَلَو خَلِيَت كانَ الكَلالُ قُيودُها
وَساعَدَها في النَومِ بيض أَوانِس / قِصار الخُطى بيضُ السَوالِف غَيدُها
تَضَوَّعَ مِنهُنَّ العَبير كَأَنَّما / أَتَتكَ بِغارِ المِسكِ غِباً برودُها
أَغَضَّ مِن الوَردِ الجَنيِّ خُدودها / وَأَرشَق مِن شَرقِ الرِياضِ قُدودُها
فَكَم مِن يَدٍ أَولَيتَني فَجَحدتُها / وَشُكر أَيادي الغانِيات جُحودُها
وَلَيسَ سفاحاً جئنَ لكن مُهورها / صَحيحُ وِدادٍ وَالغَرام يَقودُها
سَل اللَهَ تَهويم الكَرى لَيسَ غَيره / لَعَلَّ الكَرى يَوماً إِلَيكَ يُعيدُها
أَيا حَبَّذا أَرض السَراةِ وَحَبَّذا / تَهائِمها مِن أَجلِها وَنجودُها
عَلى أَنَّهُم بانوا وَبَينَ جَوانِحي / هَوى مِثلَ لَذعِ النارِ شَبَّ وَقودُها
وَلَم أَنسَها يَومَ النَوى وَقَد التَقى / جمانان جاري دَمعها وَعُقودُها
لَها مَبسَم يَحكي المَساويك إِنَّهُ / بَعيد الكَرى عَذب الثَنايا بُرودُها
وَهَل منصف مِنها فَيَلزم قَومها / حمالة ما قَد أَتلَفَت أَو يَقيدُها
فَدَع ذكر سَعدى إِن فيكَ بَقيَّةَ / إِلّا إِنَّما يَبغي المَها مِن يَصيدُها
أَتَرضى بِعَيش المقتَرين وَهَذِهِ / أَنامِل نور الدَولَة إِنهَلَّ جودُها
دَعى جودَ ذي العزَين عيسى وَلَم يَزَل / مِن اليمن الأَقصى نَداهُ يَقودُها
فَجاءَتهُ مَكتوباً عَلى حَرِّ وَجهها / حَرامٌ إِلى غَيرِ الأَمير وَخيدُها
سَليل مُلوك مِن ذؤابَة عامِرٍ / تُرَجّى عَطاياها وَيُخشى وَعيدُها
مهذَّبها قَمقامها تاج فَخرِها / موفَّقها في كُلِّ رأي سَديدها
مقدمها في كُلِّ حَرب شجاعها / مُدَبِّرُها في كُلِّ خَطبٍ حَميدها
مكرَّمها مفضالها لَو ذعيُّها / وَمَلجأؤها في النائِباتِ عَميدها
مُسوَّدُها مقدامها كَنز عِزَّها / سنميدعها مصداقها وَرَشيدها
تَخُرُّ لَهُ الأَملاك في الأَرضِ سُجَّدا / وَقَلَّ لَهُ تَعفيرَها وَسُجودَها
إِذا ما ابتَدى يَوماً بِنعمي أَعادَها / وَيا رَبَّ مبدي نِعمَةٍ لا يُعيدُها
يَحن إِلى أَسمائِهِ كُلَّ مِنبَرٍ / فَلَو يَستَطيع اهتَزَّ واخضَرَّ عودُها
يَسودُ عُقيلاً وَهيَ لِلناسِ سادَةً / وَلا بُدَّ لِلساداتِ مِمَّن يَسودها
يُدافِعُ عَن أَحسابِها بِنَوالِهِ / وَيَحمِل عَن أَشياخِها ما يوؤدُها
وَيَردي أَعاديها بِكُلِّ كَتيبَةٍ / يَرُدُّ عُيونَ الناظِرينَ حَديدُها
ثَقيلٌ مَلاقيها خَفيف رُكوبها / كَثيرٌ سَباياها قَليل عَديدُها
إِذا وَقَعوا في وَقعَةٍ أَوقَعوا بِها / وَبالاً فَهُم أَشبالِها وَأسودُها
وَخاضوا إِلى المَوتِ الصَفائِح وَالقَنا / وَهانَ عَلَيهِم صَعبُها وَشَديدُها
هوَ البَحرُ إِلّا أَنَّهُ طابَ وَردُهُ / وَكَم مِن بِحارٍ لا يَطيب ورودُها
وَما البَرقُ إِلّا دوحَة هوَ ماؤُها / وَلا غاضَ مِنها الماء ما اخضَرَّ عودُها
رَأَيتُ الوَرى أَتباع آل مُسَيَّبٍ / وَلَولا كَلامُ الناسِ قلت عَبيدُها
وَلَو أُمَّ عاف طفل آل مُسَيَّبٍ / لِقاسِمِهِ در الرَضاع وَليدُها
تُقِرُّ عَقيلٌ بَل نزار بِفَضلِهِم / وَلَو أَنكَرت يَوماً أَقَرَّت جُلودُها
مُلوكَ أَضافَت ما احتَبَت بِسُيوفِها / وَزادَت عَلى ما أَورَثَتها جُدودُها
يَلوحُ ضِياء المُلكِ فَوقَ جِباهِها / إِذا أَخفَقَت راياتها وَبنودُها
مُلوكٌ شَرَت حُسنَ الثَناءِ بِمالِها / فَأَضحى حَميداً حَيُّها وَفَقيدُها
فَلو كانَ جودَ المَرءِ يَخلِدُ ربه / لَدامَ عَلى رَغمِ العَدوِّ خُلودُها
غَيوثٌ وَلَكِن قَطرِها المال وَالنَدى / ليوثٌ وَلَكِن المُلوكَ صُيودُها
بكم بَلَغَت كَعبٌ مَناها وَرَبُّها / يَتِمُّ لَها نُعماؤُها وَيَزيدَها
وَدانَ لَها شَرق البِلادِ وَغَربِها / وَذَلَّ لَها شُمسُ المُلوكِ وَصَيدُها
فَكَم صَعِدَت خُطّابِها كل مِنبَرٍ / وَلَولاكُم واللَهُ قَلَّ صُعودُها
أَتى العيدُ فاسعَدَ أَلفَ عامٍ بِمِثلِهِ / فَأَنتَ لأَبناء المَظالِم عيدُها
إِذا ما حَلَلتَ الأَرض وَلَّت نُحوسها / وَأَقبَلَ مِن كُلِّ الجِهاتِ سُعودُها
وَكَيفَ يَحِلُّ الجَدب أَرضاً تَحلها / وَكَفُّكَ غَيث لا يَزال يَجودُها
فَكَم لَيلَةٍ سِرنا إِلَيكَ شَوازِياً / سُواء عَلَيها مَيلُها وَبَريدُها
وَمالَت رِقاب القَوم بِالنَومِ فالتَقَت / مَناكِب أَبناء السُرى وَخُدودُها
وَغَنّى مُغَنِّيَنا بِمَدحك مِثلَما / عَوى بشرورى آخر اللَيلِ سيدُها
وَقَد وَعدتني النَفس عِندَكَ بِالغِنى / فأجدر بِها ألا تَخيب وُعودُها
وَلَولاكَ ما جِبنا الفَلاةَ وَلا اِنطَوى / لأنضائِنا طَي الرِداءِ بَعيدُها
سَأكسوكَ مِن مَدحي عَلى النأي حلة / يَدوم عَلى مَرِّ الجَديد جَديدُها
وَأَشكُر نُعماءً بِمَدحِكَ نِلتُها / وَمِمَّن حَباها دائِماً أَستَزيدُها
أَلَمَّت بِنا بَعدَ الهَدوِّ سُعاد
أَلَمَّت بِنا بَعدَ الهَدوِّ سُعاد / بِليل لباس الجو مِنهُ حِدادُ
أَلَمَّت وَفي جَفني وَجفن مُهنَّدي / غِرارانِ ذا سَيف وَذاكَ رِقادُ
فَما برحت حَتّى تَجَلّى ليَ الدُجى / كَما فارَقَ العضب الحُسام غمادُ
وَأَحدَق باللَيلِ الصَباحِ كَأَنَّهُ / بَياض بعين وَالظَلامُ سوادُ
أَناة كَمِثلِ الشَمسِ نوراً وَعادَة / فَفيها دُنوٌ مطمعٌ وَبعادُ
فأن ترني أَخفي هَواها تجملاً / فَيا رُبَّما أَخفى الضِرام زِنادُ
وَلَم أَنسَها وَالبَينُ يُجري دموعها / عَلى مشرق لِلعَين فيهِ مُرادُ
يَروق بِدَمعِ اللَهوِ وَالحزن خَدّها / فَما عَنه طرف إِن راهُ يحادُ
وَإِن سَفَحَت بِالكُحلِ دَمعاً فَخدّها / مِن النور طرسٌ وَالدموعُ مِدادُ
بِها مَرَضٌ في لَحظِها وَهوَ صِحَّةٌ / وَلَكِن مَريض اللَحظِ لَيسَ يُعادُ
أَلَيسَ عَجيباً أَن تَصيدَ قلوبنا / مَهاةٌ وَعَهدي بِالمَهاةِ تُصادُ
سَقاها إِذا ما المزن أَخلف أَرضها / بنان عليِّ إِنَّها لَعِهادُ
غَيوث وَلَكِن قطرة الغيث بدرة / مكملة أَو نبرة وَجوادُ
أَغيث جداه الماء لا شيء غيره / كَغيث جداه طارِف وتلادُ
بِنانٌ عَلى بَذلِ المَواهِبِ سبطة / وَلَكِن عَلى قَبض الرِماحِ جعادُ
يَجولُ بِهِ في الحَربِ نَهدٌ كَأَنَّهُ / عِقابٌ وَلَكِن الجَناحَ بدادُ
وَقَد خُضِّبَت أَسيافَه فَكَأَنَّها / مِنَ الدم جَمرٌ وَالغُبارُ رَمادُ
لَهُ كرم كالبَحر يَزداد كُلَّما / يُرجّى فَما يَخشى عَلَيهِ نَفادُ
عصيبت إِلَيهِ النَفسُ حَتّى أَتَيته / فَفزتُ وَعِصيان النفوس رَشادُ
وَأَعلقت أَسبابي لمختص دولَة / غراس الأَماني في ذَراهُ حَصادُ
بِأَبلَج سوق الحَمدِ يَنفق عِندَهُ / وَفي سوقِهِ الألدية كَسادُ
تَهُزُّ يَمين الملك مِنهُ مثقَّفاً / يَقيهِ لِسان كالسِنان حِدادُ
لَهُ حملات في المَكارِم مقدماً / إِلى جودِهِ والمَكرُماتِ طرادُ
لَقَد أَنشر الطَيموم أَموات طيىء / بِعَليائِهِ وَالمَجدُ حينَ يُشادُ
فَإِن لَم يَعُد مَن ماتَ مِنهُمُ فَذِكرُهُ / وَذِكرُ الفَتى قَبلَ المَعادِ مُعادُ
رَأيتُ عَليّاً في الفَضائِلِ كاسمِهِ / عَليّاً لَهُ شُمُّ الجِبالِ وَهادُ
فَإِن شارَكوهُ في اسمِهِ فَلَرُبَّما / يُشارِكُ في إِسم ناطِق وَجَمادُ
بَصيرٌ بِتَركِ الجودِ في مُستَحِقِّهِ / وَما كُلُّ مَن يُعطي الجَزيل جَوادُ
لَقَد زدتَ هَذا الدَهر حُسناً وَهيبَةً / كَأَنَّكَ في صَدرِ الزَمانِ نِجادُ
فَلَو صَوَّرَ اللَهُ البَريَّةَ واحِداً / لصوَّرَهُم جِسماً وَأَنتَ فُؤادُ
حملت العُلى بِالجودِ حَتّى اقتَنصتَها / وَلِلمَجدِ وَحش بِالنوالِ يُصادُ
فَقَد سُدَّت طياً وَهيَ لِلناسِ سادَة / وكل جَواد سَيِّد سَيُسادُ
وَطيىءٌ عماد الناس في كُلِّ مَوطنٍ / وَأَنتَ لَها يا ابن الكِرامِ عِمادُ
تَقودُ ذُرى قَحطان آل مفرجٍ / وَلَو لَم يَكُن آل المُفَرِّج قادوا
إِذا أَسَّسوا شادوا وَإِن وَعَدوا وَفوا / وَإِن بَدأوا في المكرمات أَعادوا
أَفادوا مَديحي واستَفدت ثَوابهم / وَكل مُفيدٍ إِن رَأَيتَ مُفادُ
رَأيت العُلى شَخصاً وَقَحطان وَجهِهِ / وطيىءُ لَهُ عين وَأَنتَ سَوادُ
إِلَيكَ فرت بي كل قَفرٍ وَمَهمَهٍ / مُضبَّرة مِثلَ العَلاة سِنادُ
ثَنى القَفر مِن أَخفافِها فَكَأَنَّما / عَلَيهُنَّ مِن ماءِ الدِماء جِسادُ
وَعاذِلَةٍ قالَت تأنَّ فَرُبَّما / يَروقك بَعضُ النَبتِ وَهوَ كِبادُ
فَقُلتُ لَها كُفّي فآل مُفرجٍ / بِحارُ نَدىً وَالعالَمون ثمادُ
أَيَخلف ظَنّي مِن أَبوه مُفرِجٌ / أَلا إِنَّ أَولادَ الجِيادِ جِيادُ
أَلا هَل لِعَهدِ العامِريَّةِ جاحِدُ
أَلا هَل لِعَهدِ العامِريَّةِ جاحِدُ / وَعِندي مِن صدق المَوَدَّةِ شاهِدُ
حُكي لَكِ عَنّي أَنَّني لَكِ مُبغِضٌ / فَلا تَسمَعي ما قالَ فيَّ حَواسِدي
فَواللَهِ ما الأَعراض عَنكِ مَلالة / أَأَسطيعُ إِعراضاً وَشوقيَ زائِدُ
وَلَكِن حِذاراً مِن وُشاةٍ عيونهم / عَلَينا وَإِن أَبدَت هُجوداً رَواصِدُ
أَناديكِ مِن شَوقٍ إِلَيكَ وَصبوة / وَما بَينَ دارينا مَدىً مُتباعِدُ
وَكَم سرت في طُرقِ السلو فَلَم أَجِد / سَبيلاً وَضاقَت في هَواكِ المَقاصِدِ
وَكَم طلبت عَينايَ في الناس ماجِداً / كَريماً فَناداني النَدى لَيسَ ماجِدُ
سِوى من عَليه الحمد وَقفٌ وَعِندَهُ / بلوغ المُنى إِن جاءَ يَرجوهُ قاصِدُ
أَبا الفَضل عَبدُ اللَهِ بن مُحَمَدٍ / عَلى وَجهِهِ للمكرمات شَواهِدُ
لَهُ مِن سَماءِ الفَخرِ مِن طيب أَصلِهِ / وَإِحسانِهِ في المعتفين مُشاهِدُ
كَريم عَلى أَبوابِهِ النُجح ثابِت / إِذا مَرَّ عَنها وافد جاءَ وافِدُ
وَما خَيَّبَ الدهر الخؤون لِطالِبٍ / وَلاذَ بِها إِلّا أَتَتهُ الفَوائِدُ
عَلَيها ازدِحام لِلعفاة وَحَولها / عَلى كُلِّ فِترٍ للعُفاةِ مَوارِدُ
لَئِن نامَ عَن جَدوى أَبي الفَضلِ طالِب / فَما جودِهِ عَن ما يُحاوِلُ راقِدُ
أَعادَ عَلى حَمدِ الأَنامِ فَخاره / فَظَلَّ لَهُ مِن سائِرِ الناس حاسِدُ
مَواهِبه في الناس لَم يَبقَ غيرها / لعودَةِ ممتاحٍ طَريفٌ وَتالِدُ
تَكادُ تُناجيهِ بِأَعذَبِ مَنطِقٍ / عَلى الخَلقِ مِن حُسنِ الفِعالِ المَحامِدُ
وَمن لَم يَكُن يُعطي الخُلود فَإِنَّهُ / بِحَمدِ الوَرى في الدَهرِ لَو ماتَ خالِدُ
عَوائِدُهُ أَلّا يُخَيِّبَ سائِلاً / فَيا حَبَّذا في الناس هَذي العَوائِدُ
أَبا الفَضل إِنَّ الشِعرَ عِندَكَ نافِقٌ / وَعِندَ الَّذي سامى عُلوك كاسِدُ
إِذا ضَلَّتِ القُصّاد عَن حَوض ماجِدٍ / يَكونُ لَها مِن مكرماتك راشِدُ
وَإِن عَدَلَ المَحرومُ عَنكَ فَإِنَّهُ / إِذا خافَ الإِقبال نَحوَكَ عائِدُ
أَرى الغيث مَفقوداً مِنَ الدَهرِ بُرهَةً / وجودك باقٍ ماله الدَهر فاقِدُ
يَزيدُ عَلى فَيضِ البِحارِ انسِكابِهِ / وَعِدَّتُها سَبعٌ وَأَنتَ فَواحِدُ
وَلَولاكَ ماتَ الجود يا بن مُحَمَّدٍ / فَأَنتَ لَهُ دونَ البَريَّةِ والِدُ
ترفعت عَن مَدح الأَنامِ جَلالَةً / فَسادَ بِنَشرِ الحَمدِ عَنكَ القَصائِدُ
فَنجمك في بُرجِ السَعادَةِ بالِغٍ / وَمَجدك في أَعلى المَنازِلِ صاعِدُ
نُفوس العِدى تَهواكَ يا ابن مُحَمَدٍ / فَما لَكَ في إِحسانَ كَفِّكَ حاسِدُ
إِذا رُمتُ أَن أَثني عَلَيكَ بِصالِحٍ / فَماليَ في خَلقِ الإِلَهِ مُعانِدُ
وَإِن رمت أَن أَثني عَلَيكَ بِغَيرِهِ / فَماليَ في كُلِّ الأَنامِ مُساعِدُ
فَدَم سالِماً يا ابن المَنيع مُجدداً / فَلا طرقتك الحادِثات الشَدائِدُ
لَقَد كُنتَ نَبّالاً بِلَحظِكَ صائِداً
لَقَد كُنتَ نَبّالاً بِلَحظِكَ صائِداً / فَأردَفتُ رُمحاً حينَ أَصبَحت ناهِدا
سِلاحٌ وَلَكِن لا يَضيرُ مُدانياً / وَيَنفُذُ فيهِ حده مُتَباعِدا
يُبَرِّزُ وَرد الخَدِّ ثمَّ يُعيدُهُ / وَلَم أَرَ وَرداً في الكَمائِمِ عائِدا
لَها مُقلَةٌ بِالسُقمِ تُعدي وَما بِها / سِقام وَهَل تَردي السموم الأَساوِدا
لَها بَردٌ مِن دونِها الريق دونَه / فَطابَ وَلَولا ذاكَ لَم يَكُ بارِدا
وأَقسِمُ أَنّي ما هَمَمتُ بِريبَةٍ / لِغانِيَةٍ إِلّا إِذا كُنتُ راقِدا
وَلَكِنَّني لَمّا رَأَيتُ جُفونَها / مُمَرَّضَةٌ أَرسَلَت طرفي عائِدا
وَلَو لَم تَكُن أَجفانُها صدفاً لَما / نثرن غداة البين دراً فَرائِدا
كلفت بِحُبِّ البيض وَالقَلبَ مولَعٌ / بِحُبِّ المَواضي ما هجرت الخَرائِدا
تُوَسدني العيس الطَليح ذِراعها / إِذا لَم توسدني الخَريدة ساعِدا
وَيُسعدني سَيفي عَلى كُلِّ بُغيةٍ / إِذا لَم أَجِد في العالَمينَ مُساعِدا
وَكُنتُ إِذا ما رُمتُ رَعيَ قَرارَةٍ / مِنَ المَجدِ أَرسَلتُ الرُدَينيَّ رائِدا
وَكَم رَجُلٍ أَثوابُهُ دونَ قَدرِهِ / وَقَد يَلبِس السلك الجمان الفَرائِدا
فَلا يُعجِبَن ذا البُخلِ كَثرَة مالِهِ / فَإِنَّ الشَغا نَقص وَإِن كانَ زائِدا
فَوا أَسَفا حَتّام أَمدَح جاهِلاً / وَأَنظَم فيمَن لا يُساوي القَصائِدَ
وَأَمدَح قَوماً لَيسَ يَدرونَ أَنَّني / مُقاوِد قَد قَلَّدتَهُم أَو قَلائَدا