قَرِيبٌ بِمُحْتَلِّ الهَوانِ بعِيدُ
قَرِيبٌ بِمُحْتَلِّ الهَوانِ بعِيدُ / يجُودُ ويَشْكُو حُزْنَهُ فيُجِيدُ
نَعَى ضرَّه عِنْد الإِمامِ فيا له / عدُوٌّ لأَبْنَاءِ الكِرَامِ حسُودُ
وما ضَرَّهُ إِلا مُزَاحٌ ورِقَّةٌ / ثَنَتْهُ سفِيه الذِّكْرِ وهْو رشِيدُ
جَنَى ما جَنَى في قُبَّة الماءِ غَيْرُهُ / وطُوِّقَ منه بالعَظيمةِ جيدُ
وما فِيَّ إِلَّا الشِّعْر أَثْبَتَهُ الهَوى / فسارَ به في العالَمِين فَرِيدُ
أَفُوهُ بما لم آتِهِ مُتَعَرِّضاً / لحُسْنِ المعانِي تَارةً فأَزِيدُ
فإِنْ طال ذِكْرِي بالمُجُونِ فإِنَّنِي / شَقِىٌّ بِمَنظومِ الكَلامِ سعيدُ
وهَلْ كُنْتُ في العُشَّاقِ أَوَّل عاشِقٍ / هَوتْ بحِجاهُ أَعْيُنٌ وخُدُودُ
وإِنْ طَال ذِكْرِي بالمُجُونِ فإِنَّهَا / عَظائِمُ لم يصْبِرْ لهُنَّ جلِيدُ
فراقٌ وسِجْنٌ واشْتِياقٌ وذلَّة / وجبَّارُ حُفَّاظٍ عليّ عَتيدُ
فَمن مُبْلغُ الفِتْيان أَنِّيَ بعْدهُم / مُقِيمٌ بدارِ الظالِمِين طَرِيدُ
مُقِيمٌ بِدارٍ ساكنُوها مِن الأَذى / قِيامٌ على جمْرِ الحِمام قُعُودُ
ويُسْمعُ للجنَّانِ في جنَباتِهَا / بسِيطٌ كَتَرْجِيعِ الصَّدَى ونَشِيدُ
وما اهْتَزَّ بابُ السِّجْنِ إِلا تَفَطَّرتْ / قُلُوبٌ لنا خَوْف الرَّدى وكُبُودُ
ولَسْتُ بِذِي قَيْدٍ يرِقُّ وإِنَّما / على اللَّحْظِ مِن سُخْطِ الإِمامِ قُيُودُ
وقُلْتُ لصدَّاحِ الحمامِ وقد بكَى / على القَصْرِ إِلْفاً والدُّمُوع تجُودُ
ألا أَيُّها الباكِي على من تُحِبُّهُ / كِلانَا مُعنى بالخَلاءِ فَرِيدُ
وهل أَنْت دانٍ من مُحِبٍّ نأَى به / عن الإِلْفِ سُلْطَانٌ علَيْهِ شَدِيدُ
فَصفَّق مِن ريِش الجنَاحيْنِ واقِعاً / على القُرْبِ حتَّى ما علَيْهِ مزِيدُ
ومازال يُبْكِينِي وأُبكِيهِ جاهِداً / وللشَّوْقِ مِن دُونِ الضُّلُوعِ وقُودُ
إِلى أَن بكى الجُدْرانُ مِن طُولِ شَجْوِنا / وأَجْهَشَ بابٌ جانِباهُ حدِيدُ
أَطاعتْ أَمِير المُؤْمِنِين كَتائِبٌ / تَصرَّف في الأَحْوالِ كَيْف يُرِيدُ
فللشَّمْسِ عنها بالنَّهَارِ تَأَخُّرٌ / وللبدْرِ عنها بالظَّلامِ صُدُودُ
أَلا إِنَّها الأَيَّامُ تَلْعبُ بالفَتَى / نُحُوسٌ تهادى تارةً وسُعُودُ
وما كُنْتُ ذا أَيْدٍ فيُذْعِنَ ذُو قُوى / مِن الدَّهْرِ مُبْدٍ صرْفَهُ ومُعِيدُ
وراضَتْ صِعابِي سطْوةٌ علَوِيَّةٌ / لها بارِقٌ نَحْوَ النَّدى ورُعودُ
تَقُولُ التَّي مِن بَيْتِها خَفَّ مَرْكَبِي / أَقُربُكَ دان أَمْ نَوَاكَ بَعِيدُ
فقُلْتُ لها أَمْرِي إِلى من سَمَتْ به / إِلى المجْدِ آباءٌ له وجُدُودُ