المجموع : 22
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ
إذا اسْتَلَبَ النّومُ العِنانَ منَ اليَدِ / عَلِقْتُ بأعْطافِ الخَيالِ المُسَهَّدِ
ومالي وللزَّوْرِ الهِلاليِّ مَوْهِناً / بنَهْجٍ طَوَيْنا غَوْلَهُ طَيَّ مِجْسَدِ
بحَيْثُ صَهيلُ الأعْوَجيِّ يَروعُهُ / ويُنْكِرُ سَجْرَ الأرْحَبيِّ المُقَيَّدِ
لكَ اللهُ منْ ماضٍ على الهَوْلِ والعِدا / يهُزّونَ أطرافَ الوَشيجِ المُسَدَّدِ
يُراقِبُ أسرابَ النّجومِ بمُقْلَةٍ / تُقَسِّمُ لحْظاً بينَ نَسْرٍ وفَرْقَدِ
تَراءَتْ لهُ في مُنْحَنى الرّمْلِ جَذْوَةٌ / تَمايَلُ سَكْرى بين صالٍ ومُوقِدِ
وكم دُونَها منْ أتْلَعِ الجِيدِ شادِنٍ / مُهفْهَفِ مُسْتَنِّ الوِشاحَيْنِ أغْيَدِ
إذا الليلُ أدْنى منْ يَدَيَّ وِشاحَهُ / خَلَعْتُ نِجادَ المَشْرَفيِّ المتَأوِّدِ
سَمَوْتُ إليهِ والنّجومُ كأنّها / على الأفْقِ مُرْفَضُّ الجُمانِ المُبَدَّدِ
على لاحِقِ الأطْلَيْنِ يخْتَصِرُ المَدى / بإرْخاءِ ذِئْبِ الرّدْهَةِ المُتَورِّدِ
أُفيضُ عليهِ شِكَّتي وأُخيضُهُ / دُجى اللّيْلِ والأعْداءُ منّي بمَرْصَدِ
وأَجْنُبُهُ الرِّيَّ الذّليلَ وقد جَلَتْ / على الوِرْدِ أنْفاسُ الصَّبا مَتْنَ مِبْرَدِ
وتَجْمَحُ بي عن مَوْطِنِ الذُّلِّ هِمّةٌ / تُجَمِّعُ أشْتاتَ المَعالي بأحْمَدِ
هُمامٌ إذا استَنهَضْتَهُ لِمُلِمّةٍ / مَضى غَيرَ واهي المَنكِبيْنِ مُعَرِّدِ
مُعَرَّسُهُ مأوى المَكارِمِ والعُلا / ونائِلُهُ قَيْدُ الثّناءِ المُخَلَّدِ
تَشَبّتُ منهُ المَكْرُماتُ بماجِدٍ / يَروحُ إِلى غاياتِهنَّ ويغْتَدي
ويَبْسُطُ كفّاً للندىً أُمَويّةً / تُباري شآبيبَ الغَمامِ المُنَضَّدِ
ويَخْفُقُ أنّى سارَ أو حَلَّ فَوقَهُ / حَواشي ثَناءٍ أو ذَوائِبُ سُؤْدَدِ
وما رَوْضَةٌ تَشْفي الجَنوبُ غَليلَها / بذي وَطَفٍ من غائِرِ المُزْنِ مُنجِدِ
كأنّ الرّبيعَ الطّلْقَ في حَجَراتِها / يُجَرِّرُ ذَيْلَ الأتْحَميِّ المُعَضَّدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلهِ التي / يَلوذُ بِها جارٌ وضَيْفٌ ومُجْتَدِ
إليكَ أبا العبّاسِ سارَتْ رَكائِبٌ / بِذِكْرِكَ تُحْدَى بل بنُورِكَ تَهْتَدي
عليهنَّ منْ أفناءِ قَوْمِكَ غِلْمَةٌ / يُزَمْزِمُ عنْهُمْ فَدْفَدٌ بعدَ فَدْفَدِ
وتَشكُو إليكَ الدَّهْرَ تَفْري خُطوبُهُ / بقيّةَ شِلْوٍ من ذَويكَ مُقَدَّدِ
حَوى عُنفُوانَ المَكْرَعِ الناسُ قَبلَنا / وأوْرَدَنا أعْقابَ شِرْبٍ مُصَرَّدِ
ولابدّ منْ يَومٍ أغَرَّ مُحَجَّلٍ / يُبَوّئُنا ظِلَّ الطِّرافِ المُمَدَّدِ
فإنّكَ أصْلٌ طَيِّبٌ أنا فَرْعُهُ / وأيُّ نَجيبٍ سُلَّ منْ أيِّ مَحْتِدِ
وكمْ لكَ عِندي منْ يَدٍ مُسْتَفيضَةٍ / لبِسَتْ بها طَوْقَ الحَمامِ المُغَرِّدِ
بَقِيتَ مَصونَ العِرْضِ مُبْتَذَلَ الندىً / مَديدَ رِواقِ العِزِّ طَلاّعَ أنْجُدِ
ويَوْمُكَ يَلْوي أخْدَعَ الأمْسِ نَحْوَهُ / ويَهْفو بعِطْفَيْهِ اشْتِياقاً إِلى الغَدِ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ
طَرِبْنَ إِلى نجدٍ وأنّى لها نَجْدُ / وبغداذُ لمْ تُنْجِزْ لنا مَوْعِداً بَعْدُ
وأسْعَدَها سَعْدٌ على ما تُجِنِّهُ / من الوَجْدِ لا أدمى جَوانِحَهُ الوَجْدُ
فيا نِضْوُ لا يَجْمَحْ بكَ الشّوقُ واصْطَبِرْ / قَليلاً وكَفْكِفْ منْ دُموعِكَ يا سَعْدُ
فما بِكُما دونَ الذي بي منَ الهَوى / ولكن أبَى أن يَجْزَعَ الأسَدُ الوَرْدُ
ستَرعى وإنْ طالَتْ بنا غُرْبَةُ النّوى / رُباً في حَواشي رَوْضِها النَّفَلُ الجَعْدُ
بحَيْثُ تُناجينا بألحاظِها المَها / إذا ضَمّنا والرّبْرَبَ الأجْرَعُ الفَرْدُ
ولَيْلَةَ رَفّهْنا عَنِ العِيسِ بَعْدما / قَضَتْ وَطَراً منْهُنّ مَلْويّةٌ جُرْدُ
سَرَتْ أمُّ عَمْرٍو والنّجومُ كأنّها / على مُسْتَدارِ الحَلْيِ منْ نَحْرِها عِقْدُ
فلمّا انْتَبَعّنا للخَيالِ تولّعَتْ / بِنا صَبَواتٌ فَلَّ منْ غَرْبِها البُعْدُ
وقُلْتُ لعَيْني وهْيَ نَشْوَى منَ الكَرى / أبِيني لنا حُلْمٌ رأيْناهُ أم هِنْدُ
لَئِنْ أخْلَفَ الطَّيْفُ المَواعيِدَ باللِّوى / فبالهَضباتِ الحُمْرِ لمْ يُخْلِفِ الوَعْدُ
وبِتْنا برَوْضٍ يَنْثُرُ الطَّلُّ زَهْرَهُ / عَلينا ويُرخي منْ ذَوائِبِهِ الرَّنْدُ
ونحن وراء الحَيّ نَحذَرُ منهُمُ / عُيوناً تُلَظّيها الحَفيظَةُ والحِقْدُ
وتَجْري أحاديثٌ تَلينُ مُتونُها / ويَفْتَنُّ في أطرافِها الهَزْلُ والجِدُّ
وتحتَ نِجادي مَشْرَفيٌّ إذا الْتَوى / بجَنْبيَ رَوْعٌ كادَ يَلْفِظُهُ الغِمْدُ
وهل يرْهَبُ الأعْداءَ مَنْ غَضِبَتْ لهُ / مَغاويرُ منْ بَكْرٍ كأنهُمُ الأُسْدُ
يَذودون عني بالأسِنّةِ والظُّبا / ولولاهُمُ أدنى خُطا العاجِزِ القِدُّ
فأوْجُهُهُمْ والخَطْبُ داجٍ مُضيئَةٌ / وألْسِنَتُهُمْ والعِيُّ مُحتَصَرٌ لُدُّ
إذا انتَسَبوا مَدَّ الفَخارُ أكُفَّهُمْ / إِلى شَرَفٍ أعلى دَعائِمَهُ المَجْدُ
فكُلٌّ سَعى للمَكْرُماتِ وإنّما / إِلى ناصِرِ الدّينِ انتهى الحَسَبُ العَدُّ
أغَرُّ يَهُزُّ الحَمْدُ عِطْفَيْهِ للندىً / على حينَ لا شُكْرٌ يُراعَى ولا حَمْدُ
أتَتْهُ العُلا طَوْعاً وكم رُدَّ طالِبٌ / على عَقِبَيْهِ بعدما استُفْرِغَ الجُهْدُ
ترى سيمِياءَ العِزِّ فوقَ جبينِهِ / كما لاحَ حَدُّ السّيْفِ أخْلَصَهُ الهِنْدُ
له نِعْمَةٌ تأوي إِلى ظِلّها المُنى / ويَسْحَبُ أذيالَ الثّراءِ بها الوَفْدُ
وعَزْمَةُ ذي شِبلَيْنِ ضاقَ بِهَمِّه / ذِراعاً فلا يَثْنيهِ زَجْرٌ ولا رَدُّ
يُقَلِّبُ عَيْناً لا يزالُ لدى الوَغى / يَذُرُّ عليها منْ خَبيئَتِهِ الزَّنْدُ
إذا السّنَواتُ الشُّهْبُ أجْلى قَتامُها / عنِ المَحْلِ حتى عَيَّ بالصَّدَرِ الوِرْدُ
حَلَبْنا أفاوِيقَ الغِنى منْ يَمينِهِ / وما غَرّنا البَرْقُ اللَّموعُ ولا الرَّعْدُ
ودَرَّتْ علَيْنا راحَةٌ خَلَصَتْ بِها / إلينا اليدُ البيْضاءُ والعِيشةُ الرَّغْدُ
فداهُ منَ الأقوامِ كُلُّ مُبَخَّلٍ / لهُ مَنْظَرٌ حُرُّ ومُخْتَبَرٌ عَبْدُ
إذا بَسَطَ المَدْحُ الوُجوهَ وأشرَقَتْ / زَوى بينَ عَيْنَيهِ على الشّاعِرِ الوَغْدُ
فلا بَلَغَتْ إنْ زُرْتُهُ ما تَرومُهُ / رَكائِبُ أنْضاها التّوَقُّصُ والوَخْدُ
يَخُضْنَ الدُّجى خُوصاً كأنّ عُيونَها / وهُنَّ جَليّاتٌ أَناسِيُّها رُمْدُ
إذا ما المَطايا جُرْنَ عن سَنَنِ الهُدى / وجاذَبَنا قَصْدَ النِّجادِ بها الوَهْدُ
ذَكَرْناكَ والظّلْماءُ تَثْني صُدورَها / إِلى الغَيِّ حتى يَسْتَقيمَ بِها الرُّشْدُ
حَمَلْنَ إليكَ الشِّعْرَ غَضّاً كأنّما / غَذَتْهُ برَيّا الشّيحِ عُذْرَةٌ أو نَهْدُ
فما زِلْتُ أحْدوهُ إليكَ مُحَبَّراً / وللهِ دَرّي أيَّ ذي فِقَرٍ أحْدو
ولاعَبْتُ ظِلّي في فِنائِكَ بَعدَما / أبَى أن يُزيرَ الأرضَ طُرَّتَهُ البُرْدُ
وقد كان عَهدي بالمُنى يَسْتَميلُني / إليكَ وتُدْنيني البَشاشةُ والوُدُّ
فما بالُنا نُجْفَى ومنكَ تعلَّمَتْ / صُروف اللّيالي أن يَدومَ لها عَهْدُ
وما بي نَوالٌ أرْتَجيه فَطالما / نَقَعْتُ الصّدى والماءُ مُقْتَسَمٌ ثَمْدُ
ولكنّكَ ابنُ العمِّ والعمُّ والِدٌ / وما لامرِئٍ منْ بِرِّ والِدِهِ بُدُّ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ
سَقى دارَها منْ مُنْحَنى الأجْرَعِ الفَرْدِ / أجَشُّ نَمومُ البَرْقِ مُرْتَجِزُ الرَّعْدِ
فَباتَ يُحَيّي بالحَيا عَرَصاتِها / وهُنَّ على الهُوجِ المَراويدِ تَسْتَعْدي
فلا زالَ يَكسوها الرّبيعُ وشائِعاً / تَرِفُّ حَواشِيها على عَلَمَيْ نَجْدِ
ويُفْعِمُ غُدْراناً كأنّ يَدَ الصَّبا / تَجُرُّ علَيْها رَفْرَفَ النَّثْرَةِ السَّرْدِ
بِها تَسْحَبُ الأرْماحَ فِهْرُ بنُ مالِكٍ / إذا ما شَحا الرّاعي ليَكْرَعَ في الوِرْدِ
وتَدْفَعُ عنهُ كلَّ أشْوَسَ باسِلٍ / بمَسْنونَةٍ زُرْقٍ ومَلْبونَةٍ جُردِ
يَصوبُ بأيديهِمْ نَجيعٌ ونائِلٌ / ولولا الندىً لم تَسْتَنِرْ صَفْحَةُ المَجْدِ
بكى حَضَنٌ إذْ عُرِّيَتْ هَضباتُهُ / منَ البَطَلِ الجَحجاحِ والفَرَسِ النَّهْدِ
وفي الجيرَةِ الغادينَ هَيْفاءُ غادَةٌ / نَأَتْ لا دَنا قُرْطٌ لظَمْياءَ منْ عِقْدِ
إذا نَظَرَتْ أغْضى لها الرّيمُ طَرْفَهُ / وإنْ سَفَرَتْ أخْفى سَنا البَدْرِ ما تُبْدي
خَليليَّ إنْ علّلْتُماني فعَرِّضا / بِها قَبلَ تَصْريحِ الفؤادِ عنِ الوَجْدِ
فما هَبَّ عُلْويُّ الرّياحِ ولا بَدا / سَنا بارِقٍ إلا طَرِبْتُ إِلى هِنْدِ
وقد كَمَنَتْ في القَلْبِ منّي صَبابَةٌ / إليها كُمونَ النارِ في طَرَفِ الزَّنْدِ
أأنْقُضُ عهْدَ المالِكيَّةِ باللِّوى / إذاً لا رَعى العَلْياءَ إنْ خُنْتُها عَهْدي
وأغْدِرُ وابْنا خِنْدِفٍ يَهْتِفانِ بي / ويَلْمَعُ حَدُّ السّيفِ منْ خِلَلِ الغِمدِ
ولو لمْ يَكُنْ فيَّ الوَفاءُ سجِيّةً / دَعاني إليها الأرْيَحيُّ أبو سَعْدِ
فتىً يَفْتَري شَأْوَ المعالي بهِمّةٍ / تُناجي غِرارَ السّيْفِ في طَلَبِ الجَمْدِ
وما رَوْضَةٌ حَلَّ الرّبيعُ نِطاقَها / وجَرَّتْ بِها الأنْواءُ حاشِيَةَ البُرْدِ
إذا حَدَرَتْ فيها النُّعامى لِثامَها / ثَنى عِطْفَهُ الحَوْذانُ والْتَفَّ بالرَّنْدِ
بأطْيَبَ نَشْراً منْ شَمائِلِهِ التي / تَنُمُّ بِرَيّاها على العَنْبَرِ الوَرْدِ
أغَرُّ إذا هَزَّتْهُ نَغْمَةُ مُعْتَفٍ / تَبَلَّجَ عنْ أُكْرومَةٍ وندىً عِدِّ
إليكَ زَجَرْتُ العِيسَ بين عِصابَةٍ / كُهولٍ وشُبّان وأغْلِمةٍ مُرْدِ
تَخوضُ خُدارِيَّ الظّلامِ بأوْجُهٍ / تُقايِضُ غَيَّ الدّاعِرِيَّةِ بالرُّشْدِ
على كُلِّ فَتْلاءِ الذِّراعِ كأنّها / منْ الضُّمْرِ شِلْوُ الأصْبَحيِّ منَ القِدِّ
تَرَكْنا وَراءَ الرّمْلِ دارَ إقامَةٍ / ملأْتُ بِها كَفَّيَّ منْ لَبَدِ الأُسْدِ
ولولاكَ لم تَخطرْ بِبالي قَصائِدٌ / هَوابِطُ في غَوْرٍ طَوالِعُ منْ نَجْدِ
لَحِقْتُ بِها شأْوَ المُجيدينَ قَبْلَها / وهَيْهاتَ أن يُؤْتَى بأمثالِها بَعْدي
فهُنَّ عَذارى مَهْرُها الوُدُّ لا الندىً / وما كُلُّ مَنْ يُعْزى إِلى الشِّعْرِ يَسْتَجْدي
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى
وَمُشْبِلَةٍ شَمْطاءَ تَبْكي مِنَ النَّوَى / وقَد غَيَّبَتْ عَنْ غَابِها أَسَداً وَرْدا
وَتَحْتَ حَبابِ الدَّمْعِ عَيْنٌ رَويَّةٌ / مِنَ الدَّمِ وَالأحشاءُ مُضْمِرَةٌ وَجْدا
إِذا طَرَق الرَّكْبُ العِراقيُّ أرْضَها / بِحَيْثُ تُظِلُّ السُّمْرُ مُقْرَبَةً جُرْدا
وَيَحمي ذِمارَ الجارِ كلُّ ابْنِ حُرَّةٍ / يَكادُ مِنَ الإكرامِ يُوْطِئُهُ خَدَّا
تَولّتْ بِقَلْبٍ يَسْتَطيرُ شَرارُهُ / إِذا قَدَحَتْ أَيْدي الهُمومِ بِهِ زَنْدا
وَقَالتْ نِساءُ الحَيِّ أَيْنَ ابْنُ أُخْتِنا / أَلا أَخْبِرونَا عَنْهُ حُيِّيتُمُ وَفْدا
رَعاهُ ضَمانُ اللهِ هَلْ في بِلادِكمْ / أَخْو كَرَمِ يَرْعَى لِذي حَسَبٍ عَهْدا
فَإِنَّ الّذي خَلَّفْتُموهُ بِأَرْضِكُمْ / فَتىً مَنْ رَأَى آباءهُ ذَكَرَ المَجْدا
أَبَغْداذُ كَمْ تُنْسيهِ نَجْداً وَأَهْلَهُ / أَلا خَابَ من يَشْري بِبغْدادِكُمْ نَجْدا
فَدَتْهُنَّ نَفْسي لو سَمِعْنَ بِما أرى / رَمَى كُلُّ جِيدٍ مِنْ تنَهُّدِها عِقْدا
أَلَسْتُ مُقيماً في أُناسٍ وِدادُهُمْ / يُشابُ بِغِلٍّ حينَ أَمْحَضُهُمْ وُدّا
وَيَثْلِمُ عِرْضِي عِنْدَهُمْ كلُّ كاشِحٍ / وَأَدْفَعُ عَنْ أَعْراضِهِمُ أَلسُناً لُدّا
وَأَنْصُرُهُمْ وَالسَّيْفُ يَدْمَى غِرارُهُ / وَأُخْذَلُ فِيهمْ وَهْوَ يَعْتَنِقُ الغِمْدا
وَهُمْ في غَواشِي نَشْوَةٍ مِنْ ثَرائِهِمْ / وَلا خَيْرَ في مَالٍ إِذا لَمْ يُفِدْ حَمْدا
فَمَنْ لي على غَيِّ التَّمَنِّي بَصاحِبٍ / سَليمِ نَواحِي الصَّدْرِ لا يَحْمِلُ الحِقْدا
يَعُدُّ الغِنَى فَضْفاضَةً ذاتَ رَفْرَفٍ / وَصَمْصامَةً عَضْباً وَذا خُصَلٍ نَهْدا
وَلَوْلا افْتِراشُ الذِّئْبِ لِلْغَدْرِ صَدْرُهُ / لَما كُنْتُ أَتْلَو في مطالِبَها الأُسْدا
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى
عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْغي مَدايَ وَقَدْ رَأَى / مَساحِبَ ذَيْلي فَوْقَ هامِ الفَراقِدِ
وَلي نَسَبٌ في الحَيِّ عالٍ يَفاعُهُ / رَحِيبُ مَسارِي العِرْقِ زاكي المَحاتِدِ
وَفيَّ مِنَ الفَضلِ الّذِي لَوْ ذَكَرْتُهُ / كَفانِيَ أَنْ أُزْهَى بِجَدٍّ وَوالِدِ
وَرِثْنا العُلا وَهْيَ الَّتي خُلِقَتْ لَنا / وَنَحْنُ خُلِقْنا لِلْعُلا وَالمَحامِدِ
أَبَاً فَأَبَاً مِنْ عَبْدِ شَمْسٍ وَهكذا / إِلى آدَمٍ لَمْ يَنْمِنا غَيْرُ مَاجِدِ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ
وَساجِيةَ الأَلْحاظِ تَفْتُرُ إِنْ رَنَتْ / فَتَحْسَبُها مَمْلوءَةً مِنْ رُقادِها
أُعَلّلُ نَفْسي بِالمُنى وَيَشوقُني / سَنا البَرْقِ يَسْري مَوْهِناً مِنْ بِلادِها
وَما لِيَ مِنْها غَيْرُ داءٍ مُخامِرٍ / يُبَرِّح بي في قُرْبِها وَبِعادِها
وَأَرْعَى نُجومَ اللَّيْلِ وَالعَيْنُ ثَرَّةٌ / تُرَاقِبُها مَطْروفَةً بِسُهادِها
فَلَيْتَ بَياضَ الصُّبْحِ يَبْدو لِمُقْلَةٍ / كَأَنَّ الدُّجَى مَخْلُوقَةٌ مِنْ سَوادِها
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني
وَسِرْبِ عَذارَى مِنْ عُقيلٍ سَمِعْنَني / وَراءَ بُيوتِ الحَيِّ مُرْتَجِزاً أَشْدو
فَسُدَّتْ خَصاصَاتُ الخُدورِ بِأَعْيُنٍ / حَكَتْ قُضُباً في كُلِّ قَلْبٍ لَها غِمْدُ
وَرَدَّدْنَ أَنْفاسَاً تُقَدُّ مِنَ الحَشَى / وَتَدْمَى فَلَمْ يَسْلَمْ لِغَانِيَةٍ عِقْدُ
وَفِيهِنَّ هِنْدٌ وَهْيَ خَوْدٌ غَزيرةٌ / وَمُنْيَةُ نَفْسِي دونَ أَتْرابِها هِنْدُ
فَقُلْنَ لَهَا مِنْ أَينَ أَوْضَحَ ذا الفَتى / وَمَنْشَؤُهُ غَوْرا تِهامَةَ أَوْ نَجْدُ
فَفي لَفْظِهِ عُلْويَّةٌ مِنْ فَصاحَةٍ / وَقَدْ كادَ مِنْ أَشْعارِهِ يَقْطُرُ المَجْدُ
فَقالَتْ غُلامٌ مِنْ قُرَيْشٍ تَقاذَفَتْ / بِهِ نِيَّةٌ يَعْيَى بِها العاجِزُ الوَغْدُ
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّها لَخَبيرةٌ / بِأَرْوَعَ يَمْري دَرَّ نائِلِهِ الحَمْدُ
مِنَ القَوْمِ تَسْتَحْلِي المَنايَا نُفُوسَهُمْ / وَيَخْتالُ تِيهاً في ظِلالِهِمُ الوَفْدُ
وَمَنْ لانَ لِلْخَطْبِ المُلِمِّ عَريكَةً / فَإنّي على ما نَابَني حَجَرٌ صَلْدُ
بَلَغْتُ أَشُدِّي وَالزَّمانُ مُمارِسٌ / جِماحِي عَلَيْهِ وَهْو ما راضَنِي بَعْدُ
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا
إِذا غَارَ عَزْمي في البِلادِ وَأَنْجَدا / فَإِنَّ قُصَارَى السَّعْي أَنْ أَبْلُغَ المَدَى
وَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَتْ بِيَ هِمَّتي / فَلا بُدَّ مِنْ نَيْلي المَعالي أَو الرَّدَى
لَأَدَّرِعَنَّ النَّقْعَ وَالسَّيْفُ يُنْتَضَى / لُجَيْناً وَنُؤويهِ إِلى الغِمْدِ عَسْجَدا
بِجُرْدٍ يُجاذِبْنَ الأَعِنَّةَ أَيْدِيَاً / لَبيقَاتِ أَطْرِافِ الأَنامِلِ بِالندى
إِذا هُنَّ نَبَّهْنَ الثَّرَى مِن رُقادِهِ / ذَرَرْنَ بهِ في مُقْلَةِ النَّجْمِ إِثْمِدَا
وَشَعَّثْنَ أَعْرافَ الصَّباحِ بِهَبْوَةٍ / يُطالِعْنَ مِنْها نَاظِرَ الشَّمْسِ أَرْمَدا
فَلَسْتُ ابْنَ مَنْ سَادَ الأَنَامَ وَقادَهُمْ / لَئِنْ لَمْ أُرَوِّ الرُّمْحَ مِنْ ثُغَرِ العِدَا
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ
وَيَوْمٍ طَوَيْنا أَبْرَدَيْهِ بِرَوْضَةٍ / يُنَشِّرُ فيها الأَتْحَمِيُّ المُعَضَّدُ
وَنَحْنُ على أَطْرافِ نَهْرٍ تُظِلُّهُ / أَزاهيرُها وَالشَّمسُ فيها تَوَقَّدُ
وَتُظْهِرُهُ طَوْراً وطَوْراً تُجِنُّهُ / فَتَحْسِبُه سَيْفاً يُسَلُّ وَيُغْمدُ
وَتَبْسِمُ في رَأْدِ الضُّحى وَتَؤودُها / أَبابِيلُ مِنْ طَيْرٍ عَلَيْها تُغَرِّدُ
شَرْبِنا بِها ماءً تُغازِلُهُ الصَّبا / فَيَصْفُو وَيَقْتاتُ النَّسيمَ فَيَبْرُدُ
إِذا ما ذَكَرْنا طِيبَهُ بَعْدَ بُرْهَةٍ / مِنَ الدَّهْرِ عاوَدْناهُ وَالعَوْدُ أَحْمَدُ
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا
وَفِتْيانِ صِدْقٍ إِنْ يُهِبْ بِهِمُ العِدا / إِلى غَمَراتٍ لا يَرُعْهُمْ وُرودُها
إِذا احْتَضَنوا بِيضَ الصَّوارِمِ أَوْمَضَتْ / بِحُمْرِ المَنايَا وَالرُّؤوسُ غُمودُها
عَلى أَعْوَجِيّاتٍ تَهَشُّ إِلى الوَغَى / وَيَلْقَى تَكالِيفَ الأَذَى مَنْ يَذُودُها
وَفَوْقَ مَطاهَا كُلُّ أَرْوَعَ مَاجِدٍ / يَقُودُ نِزاراً كُلَّها وَيَسُودُها
وَتُعْبِقُ رَيّا كَفِّهِ يَزَنِيَّةً / إِذَا لَمَسَتْها كادَ يَخْضَرُّ عُودُها
وَقَدْ حَارَبَتْهُ مِنْ مَعَدِّ وَغَيْرِها / قَبائِلُ تَبْغِي المُلْكَ صُعْراً خُدُودُها
فَخايَلَ في ثِنْي المُفاضَةِ ظِلَّهُ / وَسُلّتْ بِأَطْرافِ العَوالي حُقُودُها
وَنَحْنُ مَلَكْنا الأَرْضَ فَانْتَعَشَ الوَرَى / بِأَيْدٍ سِباطٍ شيبَ بِالبأَسِ جُودها
وَسُقْناهُمُ وَالخَيْرُ فينا سَجِيَّةٌ / إِلى نِعَمٍ لا يُسْتَطاعُ جُحودُها
فَإِنْ يَحْسُدونا لا نَلُمْهُمْ وَهذِهِ / مَآثِرُ تَأْبَى أَنْ يُلامَ حَسَودُها
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو
أَرُوحُ بِأَشْجانٍ عَلى مِثْلِها أَغْدو / فَحَتَّى مَتى يُزْري بِيَ الزَّمَنُ الوَغْدُ
أَفي كُلِّ يَومٍ دَوْلَةٌ مُسْتَجَدَّةٌ / يَذِلُّ بِها حُرٌّ وَيَسْمو لَها عَبْدُ
إِذا أَقْبَلَتْ أَلْقَتْ عَلى الذَّمِّ بَرْكَها / وَإِنْ أَدْبَرَتْ لَمْ يَتْلُ أَرْبابَها الحَمْدُ
فَذُو النَّقْصِ في عَيْشٍ وَريقٍ غُصونُهُ / وَلَيْسَ لِذي فَضْلٍ بِها عِيشَةٌ رَغْدُ
أَيَا دَهْرُ كَفْكِفْ مِنْ جماحِكَ إِنَّني / إِذَا الخَطْبُ أَمْهى نابَهُ أَسَدٌ وَرْدُ
وَلَسْتُ أَشِيمُ البرقَ فَلْيَدْعُ لِلْحَيا / سِوايَ وَلا يَرْفَعْ عَقيرتَهُ الرَّعْدُ
وَتَخْطِرُ أَحْيانَاً بِبالي مَطامِعٌ / فَيَمْنَعُ عِرْضِي أَنْ يُلابِسَها المَجْدُ
تَبِعْتُ أَضَالِيلَ المُنى في شَبيبَتي / فَحَلَّ مَشيبي وَهيَ تَخْدَعُني بَعْدُ
أَبا خالِدٍ لا تَبْخَسِ الشِّعْرَ حَقَّهُ
أَبا خالِدٍ لا تَبْخَسِ الشِّعْرَ حَقَّهُ / فَتَقْتَصَّ مِنْكَ الشّارِداتُ الأَوابِدُ
وَإِنْ خِفْتَ هَجْواً وَاتَّقَيْتَ بِنائِلٍ / قَوارِصَ تَأْباها النُّفوسُ المَواجِدُ
فَمِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلى الفِكْرِ وَحْيُهُ / وَتَمْلَأَ أَفْواهَ الرُّواةِ القَصائِدُ
أَغَرَّكَ أَنّي لِلِّسانِ عَنِ الخَنى / بِحِلْمي وَمِنْ أَخْلاقِنا الحِلْمُ ذائِدُ
فَما الظَّنُّ وَالمَغْرُورُ مَنْ لا يَهابُني / بِصِلٍّ عَلى أَنْيابِهِ السُّمُّ راكِدُ
سَقى اللهُ رَمْلَيْ كُوفَنٍ صَيِّبَ الحَيا
سَقى اللهُ رَمْلَيْ كُوفَنٍ صَيِّبَ الحَيا / وَلا بَرِحا مُسْتَنَّ راعٍ وَرائِدِ
وَلي أَدْمُعٌ إِنْ أَمْسَكَ المُزْنُ دَرَّهُ / كَفَلْنَ بِصوْبِ البارِقاتِ الرَّواعِدِ
فَقد أَوْطَنَتْها مِنْ أُمَيَّةَ عُصْبَةٌ / غُذُوا بِالمَعالي في حُجورِ المَحامِدِ
أَبُوهُمْ مُعاويُّ النِّجارِ وَأُمُّهُمْ / مُقابَلَةُ الأَعْراقِ في آلِ غامِدِ
وَكَمْ وَلَدا مِنْ صَائِبِ الرَّأْيِ حَازِمٍ / وَمِنْ أَرْيَحِيٍّ وافِرِ العِرْضِ ماجِدِ
وَكانُوا بِها وَالْعِزُّ في غُلَوائِهِ / مَطاعِينَ في الهَيْجا طِوالَ السَّواعِدِ
وَجُودُهُمُ يَكْسو الرِّقابَ قَلائِداً / وَبَأْسُهُمُ يَفْري مَناطَ القَلائِدِ
وَقَدْ قَايَضَتْهُمْ إِذْ أُتِيحَ بَوارُها / بِشِرْذِمَةٍ يَنْميهمُ شَرُّ والِدِ
هُمُ أَفْسَدوا إِذْ صَاهَرُونا أُصُولَنا / وَكَمْ صَالِحٍ شَانَتْهُ صُحْبَةُ فَاسِدِ
أَراذِلُ مِنْ أَوْباشِ مَنْ تَجْمَعُ القُرى / يَرومُونَ شَأْوي وَهْوَ عِنْدَ الفَراقِدِ
وَلَوْ شَاءَ قَوْمِي لَمْ يَبُلَّ عَدُوُّهُمْ / غَليلَ الصَّدى إِلَّا بِسُؤرِ المَوارِدِ
وَحاطُوا حِماهُمْ بِي وَما اسْتَشْرَفَتْ لَهُمْ / غَوائِلُهُ تَسْري خِلالَ المَكائِدِ
وَلكِنَّني أَعْرَضْتُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ / يَلُفُّ عَلى الشَحْناءِ أَضْلاعَ حاسِدِ
وَأَنْفَعُ مِنْ وَصْلِ الأَقَارِبِ لِلْفَتى / إِذَا زَهِدوا فِيهِ جِوارُ الأَباعِدِ
أَعِد نَظَراً هَل شارَفَ الحَيُّ ثَهْمَدا
أَعِد نَظَراً هَل شارَفَ الحَيُّ ثَهْمَدا / وَقَد وَشَّحَتْ أَرجاؤُهُ الرَّوضَ أَغيَدا
جَلا الأُقحوانُ النَّضرُ ثَغراً مُفَلَّجاً / بِهِ وَالشَّقيقُ الغَضُّ خَدّاً مُوَرَّدا
إِذا المُزنُ أَذرى دَمعَهُ فيهِ خِلتَهُ / عَلى طُرَرِ الرَيحانِ دُرّاً مُنضَّدا
وَما الجِزعُ مِن واديهِ رَبعاً أَلفتُهُ / فَقَد كانَ مَغنىً لِلغَواني وَمَعهدا
تَلوحُ بِأَيدي الحادِثاتِ رُسومُهُ / وُشوماً فَلا مَدَّت إِلى أَهلِهِ يَدا
وَلا زالَ يَسقي شِربَهُ مِن مَدامِعي / شآبيبَ تَحكي اللؤلؤَ المُتَبَدِّدا
وَقَفتُ بِهِ وَالشَّوقُ يُرعي مَسامعي / حَنينَ المَطايا وَالحَمامَ المُغَرِّدا
وَأَبكي وَفي الإِعوال لِلصَبِّ راحَةٌ / فَأُطفىءُ ما كانَ التَجَلُّدُ أَوقَدا
وَيَعذِلُني صَحبي وَيَعذُرُني الهَوى / وَهَل يَستَطيعُ الصَبُّ أَن يَتَجَلَّدا
وَشَرُّ خَليليَّ الَّذي إِن دَعَوتُهُ / لِيَدفَعَ عَنِّي طارِفَ الهَمِّ فَنَّدا
وَلَولا تَباريحُ الصَبابَةِ لَم أَقِفْ / عَلى مَنزِلٍ بالأَبرَقينِ تأَبَّدا
ذَكَرتُ بِهِ عَيشاً خَلَعتُ رداءَهُ / وَجاذَبنيهِ الدَّهرُ إِذ جارَ واِعتَدى
وَقَد خاضَ صُبحُ الشَّيبِ لَيلَ شَبيبَةٍ / تَحَسَّرَ عَنّي وَالشَّبابُ لَهُ مَدى
وَبَثَّ ضياءً كادَ مِن فَرَقي لَهُ / يَضِلُّ بِهِ لُبِّي وَبالنُّورِ يُهتَدى
تَوَسَّدَ فَوْدي وَفدُهُ قَبلَ حينِهِ / وَذَلِكَ زَورٌ لَيسَ يُخلِفُ مَوعِدا
وَأَخلَقَ سِربالُ الصِّبا فَأَظَلَّني / نَوالُ غياثِ الدَّينِ حَتىّ تَجَدَّدا
وَقَد كُنتُ لا أَرضى وَإِن بِتُّ صادياً / بِرِىٍّ وَلَو كانَ المَجَرَّةُ مَورِدا
وَيأبى أُوامى أَن يَبُلَّ غَليلَهُ / سِوى مَلِكٍ فاقَ البَريَّةَ سؤدَدا
فَيَمَّمتُ خَيرَ النَّاسِ إِلّا مُحَمَّدا / قَسيمَ أَميرِ المؤمنينَ مُحَمَّدا
وَقَد خَلفَتْ صَوبَ الغَمامِ شِمالُهُ / وَلَولاهُما لَم يُعرَفِ البأسُ وَالنَّدى
يَنامُ الرَّعايا وَهوَ فيما يَحوطُهُم / يُراقِبُ أَسرابَ النُّجومِ مُسَهَّدا
وَقَد خَضَعَت صيدُ المُلوكِ مَهابَةً / لِأَروَعَ مِن أَبناءِ سَلجوقَ أَصيَدا
إِذا رُفِعَت عَنهُ السُّجوفُ وَأَشرَقَتْ / أَسِرَّتُهُ خَرَّ السَلاطينُ سُجَّدا
يُحَيُّونَ أَوفاهُم ذِماماً لِجارِهِ / وَأَكرَمَهُم أَعراقَ صِدقٍ وَأَمجدا
لَئِنْ أَسَّسوهُ فَهوَ أَعلى مَنارَهُ / وَزادَ عَلى ما أَثَّلوهُ وَشَيَّدا
وَيُعشي عُيونَ النَّاظِرينَ وَكُلُّهُم / يُقَلِّبُ في أَنوارِهِ لَحظَ أَرمَدا
وَيُوقِظُ أَقطارَ البِلادِ كَتائِباً / يَجُرُّونَ في الرَوعِ الوَشيجَ المُمَدَّدا
وَما واصَلَت إِلّا النُّحورَ رِماحُهُم / وَلا فارَقَتْ أَسيافُهُم قِمَمَ العِدا
إِذا اعوَجَّ مِنها ذابِلٌ في تَريبَةٍ / أَقاموا بِهِم مِن قِرنِهم ما تأَوَّدا
وَإِن لَم يُجِنَّ المَشرَفيَّ قِرابُهُ / غَدا في الطلى أَو في الجَماجِمِ مغمدا
وَلِلَّهِ دَرُّ السَيفِ يَجلو بَياضُهُ / غَياهِبَ يَومٍ قاتِمِ الجَوِّ أَربَدا
بِمُعتَرَكٍ يُلقي بِهِ المَوتُ بَركَهُ / يُسَلُّ لَجَيناً ثُمَّ يُغمَدُ عَسجَدا
هُمُ الأُسدُ يَلقَونَ الوقائِعَ حُسَّرا / وَهَل يَلبَسُ الأُسدُ الدِّلاصَ المُسَرَّدا
تَعَوَّدَ أَن يَلقَى القَنا بِلبانِهِ / وَخاضَ غِمارَ المَوتِ حَتىّ تَجَدَّدا
عَلَيهِ رِداءُ النَّقعِ يُغسَلُ مِن دَمٍ / كَما تَصنَعُ الخَودُ المُلاءَ المُعَضَّدا
وَتَلطِمُ خَدَّ الأَرضِ مِنهُ حَوافِرٌ / تُعانِقُ مِنهُنَّ الجَلامِدُ جَلمَدا
يُطيعونَ مَيمونَ النَّقيبَةِ أَصبَحَت / لَهُ الأَرضُ دارا وَالبَريَّةُ أَعْبُدا
أَيا خَيرَ مَن يُهدى إِلَيهِ مَدائِحٌ / يَضُمُّ قوافيها الثَّناءَ المُخَلَّدا
جَذَبتَ بِضَبعي فاِمتطى الشُّهبَ أَخمَصِي / فَلَم أَنتَعِل إِلّا جُدَيّاً وَفَرقَدا
وَأَدنَيتَني حَتى اِنطَوى النَّاسُ كُلُّهُم / عَلى حَنَقٍ لي غائظينَ وَحُسَّدا
وَهَذا الَّذي أَدرَكتُهُ اليومَ لَم يَكُن / ليَبلُغَ ما أَحظى بإِدراكِهِ مَدى
وَباعُكَ مَبسوطٌ وَأَمرُكَ نافِذٌ / وَسَيفُكَ لا يَنبو وَسَيبُكَ يُجتَدى
إِذا المُزنُ أَغفى وَالكَلالُ يَمسُّهُ
إِذا المُزنُ أَغفى وَالكَلالُ يَمسُّهُ / تَشَبَّثَ بِالأَضلاعِ مِن جَمرِهِ وَقدُ
يَلوحُ كتوشيعِ اليماني وَأَدمُعي / تَفيضُ وَقَد شابَ النَجيعَ بها الوَجدُ
فَلا زالَ دارٌ بَينَ وَجرَةَ وَالحِمى / يَروحُ إِلى أَطلالِها لِها الصَبُّ أَو يَغدو
إِذا نَظَرتَ فالرِّيمُ يَرنو بِطَرفِها / وَإِن سَفَرَت فالشَّمسُ مِن وَجهِها تَبدو
تُحاكي النَّقا رِدفاً وَبالخَصرِ دِقَّهٌ / وَأَعلى القَنا لَحظاً وَسائِرُهُ قَدُّ
وَكالرَّوضِ يَرفَضُّ النَّدى مِن عِذارِهِ / غَدا يَرتَوي مِن فَيضِ عَبرَتِها الخَدُّ
وَقَد بَسَطَت عِندَ الوَداعِ أَنامِلاً / لَها في دَمي لَونٌ وَمِن دَمعِها جِلْدُ
وَقَرَّبتُ فَتلاءَ الذِّراعِ لِرِحلَةٍ / بِها تُدفَعُ الجُلَّى وَيُستَمطَرُ الرِّفدُ
وَصَحبي إِذا أَغْشَوْا مَطيَّهُمُ الرُّبا / دَعا بِالَّذي تَحثوهُ مِن تُربِها الوَهدُ
يَقولونَ لي كَم أَمتَطي غارِبَ الدُّجى / وَتَبغي الغِنَى وَالجِدُّ يَعنيكَ لا الكَدُّ
فَقُلتُ لَهُم لا تَيأَسوا مِنهُ إِنَّني / أُحاوِلُهُ ما دامَ مِن صارِمي حَدُّ
وَلَم أَستَدِرَّ المُزنَ يَقدُمُ وَدقَهُ / بُرَيقٌ كَما يَفتَرُّ عَن سِقطِهِ الزِّندُ
فَلي مِن غياثِ الدِّينِ نَعماءُ ثَرَّةٌ / يُقَطِّعُ أَنفاسَ الحَيا دونَها الجَهْدُ
وَمَن مَلَكَ البَرقَ المُرَجّى نَوالُهُ / نَدىً لَم يُراقِب دونَ نَفحَتِهِ الرَّعدُ
إِذا زُرتَهُ وَالوَهنُ يَحرِقُ نابَهُ / ثَنى صَرفَهُ عَنّي وَأَنيابُهُ دَردُ
وَيَغشى الوَغى وَاليَومُ قانٍ أَديمُهُ / بَعَضبٍ لَهُ مِن هامَةِ البَطَلِ الغِمدُ
يُقَرِّبُهُم مِمّا يَرومونَ ضُمَّرٌ / عِتاقٌ تَساوى عِندَها القُربُ وَالبُعدُ
مِنَ القرَياتِ الجُلحِ خَلَّفَها لَهُ / أَبٌ حينَ واراهُ وُقيتَ الرَدى لَحدُ
وليسَ إذا حلَّ الرَّبيعُ نِطاقَهُ / يَرِفُّ بِها الحَوذانُ والنَّفَلُ الجعدُ
وَيَخشى القَطا الكُدْرِيُّ فيها ضَلالَهُ / وَيَشكو لَظاها في أَداحيِّها الرُّبْدُ
خَليليَّ إِنَّ الحُبَّ ما تَعرِفانِهِ
خَليليَّ إِنَّ الحُبَّ ما تَعرِفانِهِ / فَلا تُنكِرا أَنَّ الحَنينَ مِنَ الوَجدِ
أَحِنُّ وَللأَنضاءِ بِالغَورِ حَنَّةٌ / إِذا ذَكَرَت أَوطانَها بِرُبا نَجِدِ
وَتَصبو إِلى رَندِ الحِمى وَعَرارِهِ / وَمِن أَينَ تَدري ما العَرارُ مِنَ الرَندِ
وَمِمّا شَجاني أَنَّ لَيلى تَغَيَّظَتْ / فَقالَت سِراراً وَالمَطِيُّ بِنا تَخدِي
هُذَيمٌ وَسَعَدٌ يَعذِلانِ عَلى الهَوى / فَماذا لَقينا مِن هُذيمٍ وَمِن سَعدِ
رَمَتني غَداةَ الخَيفِ لَيلى بِنَظرَةٍ
رَمَتني غَداةَ الخَيفِ لَيلى بِنَظرَةٍ / عَلى خَفَرٍ وَالعيسُ صُعْرٌ خُدودُها
فَما لاذَ مَن نالتهُ إِلّا بِمَدمَعٍ / يُحاكي بِجَفنَيهِ الدُّموعَ عُقودُها
وَأَذرت بِجَمعٍ فالمُحَصِّبِ عَبرَةً / فَظَلَّتْ بِأَطرافِ البَنانِ تَذودُها
مِنَ البيضِ لَم تَعرِف سِوى البُخلِ شيمَةً / وَلَم يُرجَ إِلّا بِالأَحاديثِ جودُها
شَكَت سَقَماً أَلحاظُها وَهي صِحَّةٌ / فَلَستُ أَرى إِلّا القُلوبَ تَعودُها
رَمى صاحِبي مِن ذي الأَراكِ بِنَظرَةٍ
رَمى صاحِبي مِن ذي الأَراكِ بِنَظرَةٍ / إِلى الرَّملِ عَجلى ثُمَّ كَرَّرَها الوَجدُ
وَأَتَبعتُها أُخرى فَبي مِثلُ ما بِهِ / أَجِلْ ما اسَطَعتَ الطَّرْفَ أُسْعِدْكَ يا سَعدُ
مَتى طَرَقَتْني نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ / يَفوحُ بِرَيَّاها العَرارُ أَوِ الرَّندُ
أَزالَتْ فؤادَ الصَبِّ عَن مُستَقَرِّهِ / بِوَجدٍ كَما يَفتَرُّ عَن نارِهِ الزَّندُ
إِذا ما الغَمامُ الجَوْدُ حَلَّ نِطاقَهُ / فَخصَّ بِهِ نَجدٌ وَمَن ضَمَّهُ نَجدُ
وَظَلماءَ مِن لَيلِ التَّمامِ طَوَيتُها
وَظَلماءَ مِن لَيلِ التَّمامِ طَوَيتُها / لأَلْقى أَناةَ الخَطوِ مِن سَلَفَيْ سَعدِ
أُمَزِّقُ جِلبابَ الظَّلامِ كَما فَرى / أَخو الحُزنِ ما نالَت يَداهُ مِنَ البُردِ
وَقَد عَبَّ في كأسِ الكَرى كُلُّ راكِبٍ / فَمالَ نَزيفاً وَالجيادُ بِنا تَردِي
وَحَلَّ عِقالَ الوَجدِ شَوقٌ كَأَنَّهُ / شَرارَةُ ما يَرفَضُّ مِن طَرَفِ الزَندِ
وَأَوقَرَ أَجفاني دُموعٌ نَثَرتُها / عَلى مِحمَلي نَثرَ الجُمانِ مِنَ العِقدِ
فَلَم يُبقِ مِنّي الحُبُّ إِلّا حشاشَةً / يُجاذِبنيها ما أُعاني مِنَ الوَجدِ
وَظَمياءَ لا تَجزي المُحِبَّ بِوُدِّهِ / وَلِلَّهِ ما يُخفيهِ مِنهُ وَما يُبدي
وَتوهِي مَريراتِ العهودِ خِيانَةً / لِمُصفي الهَوى راعي المَوَدَّةِ وَالعَهدِ
وَتَرتاحُ لِلواشي بأُذنٍ سَمِيعَةٍ / تَلَقَّفُ مِنهُ ما يُنيرُ وَما يُسدي
وَتُنكِرُ حَتىّ لَيلَةَ الجِزعِ بِالحِمى / لَيالينا بِالسَّفحِ مِن عَلَمَيْ نَجدِ
وَقَد زُرتُها وَالباتِراتُ هَواتِفٌ / بِنا وَأَنابيبُ الرُدَينيَّةِ المُلْدُ
وَذُقتُ لَها أَستَغفِرُ اللَهَ ريقَةً / كَبَيضاءَ قَد شيبَت بِحَمراءَ كالوَردِ
وَنِلتُ حَديثاً كادَ يَغشى مَواقِفي / مِنَ القُلَّةِ الشَّماءِ بالأَعصَمِ الفَردِ
وَلَمّا اِفتَرَقنا كانَ ما وَعَدَتْ بِهِ / سَراباً وَمَن بِالماءِ مِن حَجَرٍ صَلْدِ
وَمِن عَجَبٍ أَن تُخلِفَ العَهدَ غادَةٌ / أَبي وَأَبوها مِن بَني صادِقِ الوَعدِ
وَبِالقَلبِ وَشمٌ مِن هَواها وَلَم يَكُن / لِيَمحُوَهُ غَدري حَياءً مِن المَجدِ
أَحِنُّ إِلَيها وَالعُلَيمِيُّ عاذِلي / هُذَيمُ أَفِقْ مِن مَنطِقٍ حَزَّ في جِلدي
فَلَولا ابنَةُ السَعيدِّ لَم يَكُ مَنزِلي / بِحَيثُ العَرارُ الغَضُّ يَلتَفُّ بِالرَّندِ
وَلا هاجَ شَوقي نَفحَةٌ غَضَوِيَّةٌ / غَداةَ تَلَقَّتها العَرانينُ مِن نَجدِ
وَمن أَجلِها أُبدي الخُضوعَ لِقَومِها / وَأَمحَضُهُم وُدِّي وَأُوطِئُهُم خَدّي
وَلي شيمَةٌ عَسراءُ تَرأَمُ نَخوَةً / تُحَلِّىءُ سَيفي عَن مُضاجَعَةِ الغِمدِ
مَرَرتُ عَلى ذاتِ الأَبارِقِ مَوهِناً
مَرَرتُ عَلى ذاتِ الأَبارِقِ مَوهِناً / فَعارَضَني بيضُ التَّرائِبِ غيدُ
وَقَد أَشرَقَتْ مَصقولَةً بيَدِ الصِّبا / وُجوهٌ عَلَيها نَضرَةٌ وَخُدودُ
وَأَلقَتْ قِناعَ الفَجرِ قَبلَ أَوانِهِ / فَهبَّ حَمامُ الأَيكِ وَهيَ هُجودُ
وَأَبصَرتُ أَدنى صاحِبيَّ يَهُزُّهُ / عَلى طَرَبٍ مِيلُ السَّوالِفِ قُودُ
فَمالَ وَأَبكاهُ الغَرامُ كَأَنَّهُ / عَلى الكورِ غُصنٌ ريحَ وَهوَ مَجودُ
فَقالَ تَرى يا بْنَ الأَكارِمِ ما أَرى / أَلاحَ ثُغورٌ أَم أَضاءَ عُقودُ
فَقُلتُ لَهُ نَهنِهْ دُموعَكَ إِنَّها / ظِباءٌ حَمى أَسْرابَهُنَّ أُسودُ
هَبِ القُرَشِيَّ اِعتادَهُ لاعِجُ الهَوى / وَمادَ فَما لِلعامِريِّ يَمييدُ
رَنا نَحوَها طَرْفي وَقَلبي كِلاهُما / فَلَم أَدرِ أَيَّ النَّاظِرَينِ أَذودُ
لَئِن نَشَبَت مِن سِربِها في حِبالَتي / مَليحَةُ ما وارى البَراقَعُ رودُ
فَإِنّي وَحُبِّيها أَليَّةَ عاشِقٍ / يَبَرُّ التُّقى أَيمانَهُ لَصَيودُ