المجموع : 3
إِلى مَ اِنتِظاري أَنجُمَ النَحسِ وَالسَعدِ
إِلى مَ اِنتِظاري أَنجُمَ النَحسِ وَالسَعدِ / وَحَتّامَ صَمتي لا أُعيدُ وَلا أُبدي
لَقَد مَلَّ جَنبي مَضجَعي مِن إِقامَتي / وَمَلَّ حُسامي مِن مُجاوَرَةِ الغِمدِ
وَلَجَّ نَجيبي في الحَنينِ تَشَوُّقاً / إِلى الرَحلِ وَالأَنساعِ وَالبِيدِ وَالوَخدِ
وَأَقبلَ بِالتِصهالِ مُهري يَقولُ لِي / أَأَبقى كَذا لا في طِرادٍ وَلا طَردِ
لَقد طالَ إِغضائي جُفوني عَلى القَذى / وَطالَ اِمتِرائي الدُرَّ مِن بُحُرٍ جُدِّ
عذولَيَّ جُوزا بي فَلَيسَ عَلَيكُما / غَوايَ الَّذي أَغوى وَلا لَكُما رُشدي
أَجِدَّكُما لا أَبرَحُ الدَهرَ تابِعاً / وَعِندي مِن العَزمِ الهُمامِيِّ ما عِندي
أَمِثليَ مَن يُعطي مَقاليدَ أَمرِهِ / وَيَرضى بِأَن يُجدى عَلَيهِ وَلا يُجدي
إِذا لَم تَلِدني حاصِنٌ وائِليَّةٌ / مُقابَلَةُ الآباءِ مُنجِبَةُ الوُلدِ
خُؤولَتُها لِلحَوفَزانِ وَتَنتَمي / إِلى المَلِكِ الوَهّابِ مَسلَمَةَ الجَعدِ
يَظُنُّ نُحولي ذو السَّفاهَةِ وَالغَبا / غَراماً بِهِندٍ وَاِشتِياقاً إِلى دَعدِ
وَلَم يَدرِ أَنّي ماجِدٌ شَفَّ جِسمهُ / لِقاءُ هُمومٍ خَيلُها أَبَداً تُردي
قَليلُ الكَرى ماضٍ عَلى الهَولِ مُقدِمٌ / عَلى اللَّيلِ وَالبَيداءِ وَالحَرِّ وَالبَردِ
عَدِمتُ فُؤاداً لا يَبيتُ وَهمُّهُ / كِرامُ المَساعي وَاِرتِقاءٌ إِلى المَجدِ
لعَمري ما دَعدٌ بِهَمّي وَإِن دَنَت / وَلا لِي بِهِندٍ مِن غَرامٍ وَلا وَجدِ
وَلَكِنَّ وَجدي بِالعُلا وَصَبابتي / لعارِفَةٍ أسدي وَمَكرُمَةٍ أجدي
إِلى كَم تَقاضاني العُلا ما وَعَدتُها / وَغَيرُ رِضاً إِنجازُكَ الوَعدَ بِالوَعدِ
وَكَم أَندُبُ المَوتى وَأَستَرشِحُ الصَّفا / وَأَستَنهِضُ الزَمنى وَأَعتانُ بِالرُمدِ
وَأَمنَحُ سَعيي وَالمَوَدَّةَ مَعشَراً / أَحَقُّ بِمَقتٍ مِن سُواعٍ وَمن ودِّ
إِلى اللَّهِ أَشكو عَثرَةً لَو تُدُورِكَت / بِتَمزيقِ جِلدي ما أَسِفتُ عَلى جِلدي
مَديحي رِجالاً بَعضهُم أَتَّقي بِهِ / أَذاهُ وَبَعضاً لِلمُراعاةِ وَالوُدِّ
فَلا الوُدُّ كافي ذا وَلا ذا كَفى الأَذى / وَلا نَظَروا في بابِ ذَمٍّ وَلا حَمدِ
فَكَيفَ بِهِم لَو جِئتُهُم مُتَشَكّياً / خَصاصَةَ أَيّامي وَسمتُهُمُ رِفدي
فَكُنتُ وَإِهدائي المَديحَ إِلَيهِمُ / كَغابِطِ أَذنابِ المُهَلَّبَةِ العُقدِ
وَقائِلَةٍ هَوِّن عَلَيكَ فَإِنَّها / متاعٌ قَليلٌ وَالسَلامَةُ في الزُهدِ
فَإِن عَلَتِ الرُوسَ الذُنابى لِسَكرَةٍ / مِنَ الدَهرِ فَاِصبِر فَهوَ سُكرٌ إِلى حَدِّ
فَقَد تَملِكُ الأُنثى وَقَد يلثمُ الحَصى / وَيُتَّبَعُ الأَغوى وَيُسجَد لِلقِردِ
وَيَعلو عَلى البَحرِ الغُثاءُ وَيَلتَقي / عَلى الدُرِّ أَمواجٌ تَزيدُ عَلى العَدِّ
وَكَم سَيِّدٍ أَمسى يُكَفِّرُ طاعَةً / لِأَسوَدَ لا يُرجى لِشُكمٍ وَلا شُكدِ
وَلا بُدَّ هَذا الدَهر مِن صَحوِ ساعَةٍ / يَبينُ لَنا فيها الضَلالُ مِن القَصدِ
فَقُلتُ لَها عَنّي إِلَيكِ فَقَلَّما / يَعيشُ الفَتى حَتّى يُوَسَّدَ في اللَحدِ
أَبى اللَّهُ لي وَالسُؤدَدانِ بِأَن أُرى / بِأَرضٍ بِها تَعدو الكِلابُ عَلى الأُسدِ
أَلَم تَعلَمي أَنَّ العُتوَّ نَباهَةٌ / وَأَنَّ الرِّضا بِالذُلِّ مِن شِيمَةِ الوَغدِ
وَأَنَّ مُداراةَ العَدُوِّ مَهانَةٌ / إِذا لَم يَكُن مِن سَكرَةِ المَوتِ مِن بُدِّ
أَأَرضى بِما يُرضي الدَّنِيَّ وَصارِمي / حُسامٌ وَعَزمي عَزمُ ذِي لِبدَةٍ وَردِ
سَأَمضي عَلى الأَيّامِ عَزمَ اِبنَ حُرَّةٍ / يُفَدّى بِآباءِ الرِّجالِ وَلا يُفدي
فَإِن أُدرِكِ الأَمرَ الَّذي أَنا طالِبٌ / فَيا جَدَّ مُستَجدٍ وَيا سَعدَ مُستَعدِ
وَإِن أُختَرم مِن دونِ ما أَنا آمِلٌ / فَيا خَيبَةَ الراجي وَيا ضَيعَةَ الوَفدِ
وَإِنّيَ مِن قَومٍ يَبينُ بِطِفلِهم / لِذي الحَدسِ عُنوانُ السِّيادَةِ في المَهدِ
فَإِن لَم يَكُن لي ناصِرٌ مِن بَني أَبي / فَحَزمي وَعَزمي يُغنِياني عَنِ الحَشدِ
وَإِن يُدرِكِ العَليا هُمامٌ بِقَومِهِ / فَنَفسي تُناجيني بِإِدراكِها وَحدي
وَإِنّي لَبَدرٌ ريعَ بِالنَقصِ فَاِستَوى / كَمالاً وَبَحرٌ يُعقِبُ الجَزرَ بِالمَدِّ
إِذا رَجَّفَت دارَ العَدُوِّ مَخافَتي / فَلا تَسأَلاني عَن سَعيدٍ وَلا سَعدِ
فَآهٍ لِقَومي يَومَ أُصبِحُ ثاوِياً / عَلى ماجِدٍ يُحيي مَكارِمَهُم بَعدي
وَإِنّيَ في قَومي كَعَمرِو بنِ عامِرٍ / لَياليَ يُعصى في قَبائِلِهِ الأَزدِ
أَراهُم أَماراتِ الخَرابِ وَما بَدا / مِنَ الجُرَذِ العَيّاثِ في صَخرِها الصَّلدِ
فَلَم يَرعووا مَع ما لَقوا فَتَمَزَّقوا / أَيادي سَبا في الغَورِ مِنها وَفي النَجدِ
وَكَم جُرَذٍ في أَرضِنا تَقلَعُ الصَّفا / وَتقذفُ بِالشُمِّ الرِعانِ عَلى الصَمدِ
خَليليَّ ما دارُ المَذَلَّةِ فَاِعلَما / بِداري وَلا مِن ماءِ أَعدادِها وِردي
وَلا لِيَ في أَن أَصحَبَ النَذلَ حاجَةٌ / لِصِحَّةِ عِلمي أَنَّهُ جَرِبٌ يُعدي
أَيَذهَبُ عُمري ضَلَّةً في مَعاشِرٍ / مَشائِيمَ لا تُهدى لِخَيرٍ وَلا تَهدي
سُهادُهُمُ فيما يَسوءُ صَديقَهُم / وَأَنوَمُ عَن غَمِّ العَدُوِّ مِنَ الفَهدِ
إِذا وَعَدوا الأَعداءَ خَيراً وَفَوا بِهِ / وَفاءَ طَعامِ الهِندِ بِالنّذرِ لِلّبدِ
وَشَرُّهُمُ حَقُّ الصَديقِ فَإِن هَذَوا / بِخَيرٍ لَهُ فَليَنتَظِر فَتحَةَ السَدِّ
سَتَعلَمُ هِندٌ أَنَّني خَيرُ قَومِها / وَأَنّي الفَتى المَرجُوُّ لِلحَلِّ وَالعَقدِ
وَأَنّي إِذا ما جَلَّ خَطبٌ وَرَدتُهُ / بِعَزمَةِ ذي جِدٍّ وَإِقدامِ ذي جَدِّ
وَأَنَّ أَيادي القَومِ أَبسَطُها يَدي / وَإِنَّ زِنادَ الحَيِّ أَثقَبُها زَندي
وَأَنّي مَتى يُدعى إِلى البَأسِ وَالنَدى / فَأَحضَرُها نَصري وَأَجزَلُها وردي
وَأَنَّ كِرامَ القَومِ لا نُهُزَ العِدى / لَيُوجِعُها عَتبي وَيُؤلِمُها فَقدي
تَجافَ عَنِ العُتبى فَما الذَنبُ واحِدُ
تَجافَ عَنِ العُتبى فَما الذَنبُ واحِدُ / وهَبِ لِصُروفِ الدَهرِ ما أَنتَ واجِدُ
إِذا خانَكَ الأَدنى الَّذي أَنتَ حِزبُهُ / فَلا عَجَباً إِن أَسلَمَتكَ الأَباعِدُ
وَلا تَشكُ أَحداثَ اللَيالي إِلى اِمرئٍ / فَذا الناسُ إِمّا حاسِدٌ أَو مُعانِدُ
وَعَدِّ عَنِ الماءِ الَّذي لَيسَ وِردُهُ / بِصافٍ فَما تَعمى عَلَيكَ المَوارِدُ
وَكَم مَنهَلٍ طامي النَواحي وَرَدتُهُ / عَلى ظَمأٍ وَاِنصَعتُ وَالريقُ جامِدُ
فَلا تَحسَبنَ كُلَّ المِياهِ شَريعَةً / يُبَلَّ الصَدى مِنها وَتوكى المَزاوِدُ
فَكَم ماتَ في البَحرِ المُحيطِ أَخو ظَماً / بِغُلَّتِهِ وَالمَوجُ جارٍ وَراكِدُ
وَإِن وَطَنٌ ساءَتكَ أَخلاقُ أَهلِهِ / فَدَعهُ فَما يُغضي عَلى النَقصِ ماجِدُ
فَما هَجَرٌ أَمٌّ غَذَتكَ لِبانُها / وَلا الخَطُّ إِذ فارَقتَها لَكَ والِدُ
وَقَد رُبَّما يَجزي عَلى الصَدِّ وَالقِلى / أَبٌ وَأَخٌ وَالمَرءُ مِمَّن يُساعِدُ
فَبُتَّ حِبالَ الوَصلِ مِمَّن تَوَدُّهُ / إِذا لَم يَرِد كُلَّ الَّذي أَنتَ وارِدُ
وَقُل لِلَّيالي كَيفَ ما شِئتِ فَاِصنَعي / فَإِنَّ عَلى الأَقدارِ تَأتي المكائِدُ
وَلا تَرهَب الخَطبَ الجَليلَ لِهَولِهِ / فَطعمُ المَنايا كَيفَ ما ذُقتَ واحِدُ
نَدِمتُ عَلى مَدحي رِجالاً وَسَرَّني / بِأَن ضَمَّنَتني قَبلَ ذاكَ المَلاحِدُ
وَحُقَّ لِمِثلي أَن يَموتَ نَدامَةً / إِذا أُنشِدَت في الناسِ تِلكَ القَصائِدِ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أُجالِسُ فتيَةً / نَماها إِلى العَلياءِ قَيسٌ وَخالِدُ
وَهَل تَصحَبَنّي مِن شُرَيكٍ عِصابَةٌ / لَها طارِفٌ في كُلِّ مَجدٍ وَتالِدُ
عَراعِرُ لَم تَحلل ديارَ اِبنِ مُنذِرٍ / فَتُلقى إِلى الأَعداءِ مِنها المَقالِدُ
مَصاليتُ مَضّاؤونَ قِدماً إِلى الوَغى / بِعَزمٍ وَخَيلاها طَريدٌ وَطارِدُ
هُمُ الناسُ لا يَدري الخَنا أَينَ دارُهُم / وَلا عَرَفَت جيرانُهُم ما الشَدائِدُ
تُفَرِّقُ أَيدي الجُودِ ما في بُيوتِهِم / وَتَجمَعُ فيها السائِراتُ الشَوارِدُ
عَطاؤُهُمُ الراجي أُلوفٌ وَغَيرُهُم / إِذا جادَ فَالإِعطاءُ مِنهُ مَواعِدُ
مَناجيبُ لا حيلانُ يُعزى إِلَيهمُ / وَلا عُدَّ فيهم ذُو كِتابٍ مُعانِدُ
أُولَئِكَ إِخواني وَرَهطي وَأُسرَتي / وَقَومي إِذا ما اِستَنهَضَتني الحَقائِدُ
فَإِن ساءَني مِنهُم عَلى القُربِ مَعشَرٌ / وَأَصبَحَ مِن تِلقائِهِم ما أُكابِدُ
فَقَد باعَتِ الأَسباطُ قَبلي أَخاهُمُ / بِبَخسٍ وَكُلٌّ مِنهُمُ فيهِ زاهِدُ
وَقَد يُخطِئُ الرَّأيَ السَديدَ ذَوو النُهى / مِراراً وَتَنبو الباتِراتُ البَوارِدُ
فَيا ذا العُلى كَم ذا التَجَنّي عَلى القِلى / وَفي العَزمِ حادٍ لِلمَطايا وَقائِدُ
فَقُم نَحصدِ الأَعمارَ أَو نَبلُغ المُنى / بِجِدٍّ فِللأَعمارِ لا بُدَّ حاصِدُ
فَلَيسَ بِصَعّادٍ إِلى المَجدِ عاجِزٌ / نَؤُومٌ تُناديهِ العُلى وَهوَ راقِدُ
وَفي السَعيِ عُذرٌ لِلفَتى لَو تَعَذَّرَت / عَلَيهِ المَساعي أَو جَفَتهُ المَقاصِدُ
خَليليّ كَم أَطوي اللَّيالي وَعَزمَتي / تنَوِّلُني الجَوزاءَ وَالجَدُّ قاعِدُ
وَكَم ذا أُناجي هِمَّةً دونَ هَمّها / نُجومُ الثُرَيّا وَالسُهى وَالفَراقِدُ
وَيُقعِدُني عَمّا أُحاوِلُ نَكبةٌ / جَرَت وَزَمانٌ عاثِرُ الجَدِّ فاسِدُ
وَإِخوانُ سُوءٍ إِن أَلَمَّت مُلِمَّةٌ / بِسوءٍ فَهُم أُسّاسُها وَالقَواعِدُ
يُسِرّونَ لي ما لا أُسِرُّ فَكُلُّهُم / عَلى ذاكَ شَيطانٌ مِنَ الجِنِّ مارِدُ
لَقَد بَذَلُوا المَجهودَ فيما يَسوءُني / وَقَد كُنتُ أَرمي دونَهُم وَأُجالِدُ
فَيا لَيتَ أَنّي حالَ بَيني وَبَينَهُم / جُذامٌ وَخَولانُ بنُ عَمرٍو وَغامِدُ
وَصَفَّدَ أَدنانا إِلى الغَدرِ كاشِحٌ / كَفورٌ بِوحدانِيَّةِ اللَّهِ جاحِدُ
وَأَعجَبُ ما لاقَيتُ أَنَّ بَني أَبي / حُسامٌ لِمَن يَبغي جِلادي وَساعِدُ
عَزيزُهُمُ إِن لُذتُ يَوماً بِظِلِّهِ / رَأَيتُ سَموماً وَهوَ لِلخَصمِ بارِدُ
وَسائِرُهُم إِمّا ضَعيفٌ فَضَعفُهُ / لَهُ عاذِرٌ أَو مُبغِضٌ لي مُجاهِدُ
هُمُ أَلحَموني النائِباتِ وَأُولِعَت / بِلَحمي أُسودٌ مِنهُمُ وَأَساوِدُ
وَهُم تَرَكوا عَمداً جَنابي وَمَربَعي / مِنَ الجَدبِ لا يَرجو بِهِ الخِصبَ رائِدُ
وَهُم شَمَّتُوا بي حاسِديَّ وَذَلِكُم / منَ الأَمرِ ما لا تَرتَضيهِ الأَماجِدُ
وَما لِيَ ذَنبٌ غَير دُرٍّ نَظَمتُهُ / وَأَسناهُ تِيجانٌ لَهُم وَقلائِدُ
وَإِنّي عَلى أَحسابِهِم وَعُلاهُمُ / غَيورٌ وَعَن بَحبوحَةِ المَجدِ ذائِدُ
وَأَحمي عَلَيهم أَن تُدَبِّرَ أَمرَهُم / زَعانِفُ أَهداها عَنِ الرُشدِ حائِدُ
وَلَو قَبِلُوا مِن ذَلِكَ الذَنبِ تَوبَةً / لآلَيتُ أَلفاً أَنَّني لا أُعاوِدُ
فَسُبحانَ رَبّي كَيفَ صارُوا فَإِنَّما / قُلوبُهُمُ لي وَالأَكُفُّ جَلامِدُ
فَلا يَصفَح القَلبُ الَّذي أَنا آمِدٌ / وَلا يَسمَحِ الكَفُّ الَّذي أَنا حامِدُ
أَيا فَضلُ قَد طالَ اِنتِظاري وَلَم يَقُم / شِتاءً وَقَيظاً عِندَ مِثلِكَ وافِدُ
وَقَد زالَتِ الأَعذارُ لا الغَوصُ بائِرٌ / وَلا البَحرُ مَمنوعٌ وَلا الدَخلُ فاسِدُ
وَلا أَنتَ مَحجورُ التَصَرُّفِ في النَدى / عَلَيكَ رَقيبٌ في نَوالِكَ راصِدُ
وَلا في بَني فَضلٍ بَخيلٌ وَإِنَّهُم / إِذا اِغبَرَّتِ الآفاقُ غُرٌّ أَماجِدُ
فَمِن أَينَ يَأتي اللَومُ يا اِبنَ مُحمَّدٍ / وَمَجدُكَ في بَيتِ العُيونيِّ زائِدُ
أَتَرضى بِأَن تَغدُو تَسامى رَكائِبي / حُمولاتُها كِيرانُها وَالمَقاوِدُ
لِحَقِّ مَديحي أَم لِحَقّ مَوَدَّتي / لَكُم أَم لأَنَّ البَيتَ وَالجَدَّ واحِدُ
فَلا تَقطَعَن ما بَينَنا مِن مَوَدَّةٍ / وَقُربى وَخَلِّ الشِعرَ فَالشِعرُ كاسِدُ
وَلا تَنسَيَن ما نالَني في هَواكُمُ / وَقَد ظَفِرَ الساعي وَقَلَّ المُساعِدُ
يَقومُ بِهِ حَيّاً نِزارٍ وَيَعرُبٍ / شُهودٌ وَفي الدَعوى يَمينٌ وَشاهِدُ
لَقَد كُنتُ أَرجو في جَنابِكَ حالَةً / يَموتُ لَها غَيظاً غَيُورٌ وَحاسِدُ
فَهاتِ فَقُل لي ما أَقولُ لِأُسرَتي / فَكُلٌّ عَنِ الأَحوالِ لا بُدَّ ناشِدُ
وَكُلُّهُمُ سامٍ إِليَّ بِطَرفِهِ / يَظُنُّ بِأَنَّ الزارِعَ الخَيرَ حاصِدُ
وَما فَضلُ مَن لا يُرتَجى لِمُلِمَّةٍ / تُلِمُّ وَلا تُبغى لَدَيهِ الفَوائِدُ
فَذو المَجدِ كَالدِينارِ وَالشِعرُ جَوهَرٌ / يحكُّ بِهِ وَالناظِمُ الشِعرَ ناقِدُ
وَلا خَيرَ في مُستَحسَنِ النَقشِ مُطبَقٌ / إِذا حُكَّ نَفَّتهُ الأَكُفُّ النَواقِدُ
فَلا تَتَّكِل يا فَضلُ في الفَضلِ وَالنَدى / عَلى سالِفٍ أَسداهُ جَدٌّ وَوالِدُ
فَلا حَمدَ إِلّا بِالَّذي يَفعَلُ الفَتى / وَلَو كَثُرَت في أَوَّليهِ المَحامِدُ
فَكُن عِندَ ظَنّي فيكَ لا ظَنّ عاذِلٍ / نَهانِيَ عَن قَصديكَ فَالمالُ نافِدُ
فَقَد تَصِلُ الأَرحامُ في عُقرِ دارِكُم / وَتَرتاحُ لِلجودِ الإِماءُ الوَلائِدُ
وَغَيرُ خَفِيٍّ نَيلُ مَن تَعرِفونَهُ / وَهَل لِضياءِ الشَمسِ في الأَرضِ جاحِدُ
فَعِش وَاِبقَ وَاِسلَم واِنجُ مِن كُلِّ غَمَّةٍ / جَنابُكَ مَحروسٌ وَمُلكُكَ خالِدُ
إِلامَ أُرَجّي ضُرَّ عَيشٍ مُنَكَّدا
إِلامَ أُرَجّي ضُرَّ عَيشٍ مُنَكَّدا / وَأُغضي عَلى الأَقذاءِ جَفناً مُسَهَّدا
وَكَم أَعِدُ النَفسَ المُنى ثُمَّ كُلَّما / أَتى مَوعِدٌ بِالخُلفِ جَدَّدتُ مَوعِدا
إِذا قُلتُ يَأتي في غَدٍ ما يَسُرُّني / وَجاءَ غَدٌ قالَ اِتَّئِد وَاِنتَظِر غَدا
فَهَلّا اِنقَضَت تَبّاً لَها مِن مَواعِدٍ / كَمِثلِ نُعاسِ الكَلبِ ما زالَ سَرمَدا
عَدمتُ الفَتى لا يُنكِرُ الضَّيمَ وَالرَّدى / عَلى خَطأٍ يَغتالهُ أَو تَعَمَّدا
وَلا عاشَ مَن يَرضى الدَنايا أَهَل رَأى / جَباناً عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّدا
وَهَل ماتَ مِن خَوضِ الرَّدى قَبلَ يَومِهِ / فَتىً لِوَطيسِ الحَربِ ما زالَ مُفئَدا
وَهَل سادَ راضٍ مَرتَعَ الذُلِّ مَرتَعاً / وَهَل فازَ راضٍ مَورِدَ الذُلِّ مَورِدا
وَهَل عَزَّ بِالأَعداءِ مِن قَبلِ تُبَّعٍ / مَليكٌ تَمَطّى المُلكَ كَهلاً وَأَمرَدا
وَهَل طابَ عَيشٌ بِالمُداراةِ أَو صَفا / لَوَ اِنّ المُداري راحَ بِالخُلدِ وَاِغتَدى
فَحَتّى مَ أُبدي لِلموالي تَجَنُّباً / وَصَدّاً وَأُبدي لِلأعادي تَوَدُّدا
وَشَرُّ بِلادِ اللَهِ أَرضٌ تَرى بِها / كُلَيباً مَسُوداً وَاِبنُ آوى مُسَوَّدا
وَأَشقى بَني الدُنيا كَريمٌ يَسوسُهُ / لَئيمٌ إِذا ما نالَ شبعاً تَمَرَّدا
فَيا ذا العُلى وَالمَجدِ وَالمَنصِبِ الَّذي / سَما فَعَلا حَتّى على النَّجمِ أَتأَدا
أُعيذُكَ أَن تَرضى المقامَ بِبَلدَةٍ / تَراها وَما تَحوي لِأَعدائِها سُدى
يَجِلُّ بِها مَن كانَ ذا عُنجُهِيَّةٍ / خَفيفاً عَلى الأَعداءِ خَلفاً مُلَهَّدا
أَخو عَزمَةٍ كَالماءِ بَرداً وَهِمَّةٍ / هَوَت فَاِحتَوَت مِن هامَةِ الحوتِ مَقعَدا
تَرى بابَهُ لا يُهتَدى غَيرَ أَنَّهُ / تَرى بَينَ أُذنَيهِ طَريقاً مُعَبَّدا
فَقُم وَاِلتَمِس داراً سِواها فَإِنَّما / أَخو العَزمِ مَن قَد رامَ أَمراً تَجَرَّدا
فَكاسٌ إِذا أُسقي بِها اليَومَ مُكرَهاً / أَخوكَ سَتُسقى مِن فُضالَتِها غَدا
وَحِلمٌ يُدَنّي الضَيمَ مِنكَ سَفاهَةٌ / وَجَهلٌ تَرُدُّ الضَيمَ شِرَّتهُ هُدى
وَلا خَيرَ في هِلباجَةٍ كُلَّما أَتى / إلَيهِ الأَذى أَبدى خُضوعاً وَأَسجَدا
وَمالَ إِلى بَردِ الظِلالِ وَراقَهُ / مَقالُ إِماءِ الحَيِّ لا غالَكَ الرَدى
وَلَكِنَّ ذا عَزمٍ إِذا هَمَّ لَم يُبَل / أَوَسَّدَ ذا الطَعن الثَرى أَم تَوَسَّدا
كَثيرَ سُهادِ العَينِ لا في مَكيدَةٍ / يُهينُ بِها الأدنين مَثنىً وَمَوحدا
فَكَم أَتَحَسّى الضَيمَ مُرّاً وَأَمتَري / عَقابيلَ خِلفٍ قَد أَزى وَتَجَدَّدا
وَكَم يَعتَريني بِالأَذى كُلُّ مُقرِفٍ / إِذا سُئِلَ الحُسنى أَغَدَّ وَعَربَدا
فَئيدٌ كَعِلّوصِ الأَباءِ لَدى الوَغى / وَإِمّا مَشى بَينَ البَغايا تَقيّدا
تَراهُ عَلى أَعدائِهِ ماءَ مُزنَةٍ / وَفي رَهطِهِ الأَدنى حُساماً مُجَرَّدا
فَلا تَقعُدَن مُحبَنظِئاً خَوفَ مِيتَةٍ / سَتَأتي فَما تَلقى جَواداً مُخَلَّدا
وَلا تَكُ مِئلافاً لِدارِ مَذَلَّةٍ / وَلَو فاضَ واديها لُجَيناً وَعَسجَدا
وَسِر في طِلابِ المَجدِ جِدّاً فَإِنَّني / رَأَيتُ المَعالي لا يُواتينَ قعدُدا
فَلو لَم يُفارِق غِمدَهُ السَيفُ في الوَغى / لَما راحَ يُدعى المَشرَفيَّ المُهنَّدا
وَلَولا اِنتقالُ البَدرِ عَن بُرجِهِ الَّذي / بِهِ النَقصُ لَم يُدرِك كَمالاً وَأَسعدا
وَلَو نامَ سَيفٌ بِالحُصيبِ وَلَم يَلِج / عَلى الهَولِ لَم يُدعَ المَليكَ المَمَجَّدا
وَلَم يَنشَعِ الأحبوشَ كَأساً مَريرَةً / وَيَجمَع في غُمدانَ شَملاً مُبَدَّدا
وَحَسبُكَ أَن تَلقى المَنايا وَقَد رَجَت / حِباكَ المَوالي وَاِتَّقَت بَأسَكَ العِدى
خَليليّ مِن حَيّي نِزارٍ رُعِيتما / وَجُوزيتُما الحُسنى وَجاوَزتُما المَدى
أَلا فَاِطلُبا غَيري نَديماً فَرُبَّما / تَشامَختُ قَولاً سِيمَ خَسفاً فَأَبلَدا
فَلي عَن ديارِ الهونِ مَنأىً وَمَرحَلٌ / إِذا النِّكسُ ظنَّ العَجزَ عَقلاً فَأَفرَدا
وَعِندي عَلى الأَحداثِ رَأيٌ وَعَزمَةٌ / وَعيسٌ يُبارينَ النَعامَ المُطَرَّدا
وَخَيرُ جِوارٍ مِن عَدوٍّ مُكاشِحٍ / جِوارُكَ ضِبعاناً وَسيداً وَخُفدُدا
وَلَيسَ مَناخُ السوءِ حَتماً مُقَدَّراً / عَلَيَّ لِأَن أَضحى مَقَرّاً وَمَولِدا
فَكَم فارقَ الأَوطانَ مِن ذي ضَراعَةٍ / فَأَصبَحَ في كُلِّ النَواحي مُحَسَّدا
وَكَم واتَنَ الأَوطانَ مِن ذي جَلادَةٍ / فَأَضحى بِها مِن غَيرِ سُقمٍ مُسَخَّدا
فَإِن أَرتحِل عَن دارِ قَومي لِنبوَةٍ / وَيُصبِحُ رَبعي فيهمُ قَد تَأَبَّدا
فَقَد رَحَلَ المُختارُ عَن خَيرِ مَنزِلٍ / إِلى يَثرِبٍ تَسري بِهِ العِيسُ مُصعَدا
وَجاوَرَ في أَبناءِ قَيلَةَ إِذ رَأى / سَبيل القِلى وَالبُغضِ مِن قَومِهِ بَدا
كَذا شِيمُ الحُرِّ الكَريمِ إِذا نَبا / بِهِ وَطَنٌ زَمَّ المَطايا وَأَحفَدا
أَأَقنَعُ بِالحظِّ الخَسيسِ وَلَم أَكُن / كَهاماً وَلا رَثَّ المَساعي مُزَنَّدا
وَلا بَلتعانيّاً إِذا سيمَ خِطَّةً / تَمَطّى وَناجى عِرسَهُ وَتَلدَّدا
وَأَلقى المَنايا لَم تُسامَ بِأرجُلي / نَجائِبُ لَم يَحمِلنَ إِلّا مُنجَّدا
سَأُمضي عَلى الأَيّامِ عَزمَ اِبنِ حُرَّةٍ / يَرى العودَ فيما تَكرَهُ النَفسُ أَحمَدا
فَإِمّا حَياةً لا تُذَمُّ حَميدَةً / يُحَدِّثُ عَنها مَن أَغارَ وَأَنجَدا
أَنالُ المُنى فيها وَإِمّا مَنِيَّةً / تُريحُ فُؤاداً أَحَّ مِن غُلَّةَ الصَدى
وَأَهجُرُ داراً لَو يَحِلُّ اِبنُ قاهِثٍ / بِها راحَ مَسحوتاً مِنَ المالِ مُجحِدا
يُدَبِّرُها أَوباشُ قَومٍ تَنَكَّبُوا / عَنِ الرُشدِ حَتّى خِلتُ ذا الغَيَّ أَرشَدا
إِذا رَضِيَ الأَعداءُ مِنهُم مَهانَةً / بِأَخذِ الجِزى عَدُّوهُ نَصراً مُؤَيَّدا
أَقاموا الأَغاني بِالمَغاني وَضَيَّعُوا / كِرامَ المَساعي وَالثَناءَ المُخَلَّدا
فَلَو أُحسِنُ التَصفيقَ وَالرَقصَ فيهِمُ / وَرَفعَ المَثاني وَالغِناءَ المُهَوَّدا
لَعِشتُ عَزيزاً فيهمُ وَلما اِجتَرا / يَمُدُّ إِليَّ الضَّيمَ باعاً وَلا يَدا
وَلا راحَ شُربُ المُقرِفينَ ذَوي الخَنا / بِها نَهَلاً عَبّاً وَشُربي مُصَرَّدا
وَلَو أَنَّني كُنتُ اِتَّخَذتُ رَذِيَّةً / أُوَيطِفَ رَغّاءً لَدى الشَدِّ أَكبَدا
وَصاحَبتُ مِن أَدنى البَوادي مُكَشَّماً / ضَعيفَ الأَيادي قاصِرَ الجاهِ مُسنَدا
لَكانَت سَنِيّاتُ الجَوائِزِ تَرتَمي / إِلى حَيثُ أَهوى بادِياتٍ وَعُوَّدا
وَلَكِنَّني لَم أَرضَ ذاكَ صِيانَةً / لِعِرضِيَ أَن أُعطي المُعادينَ مِقوَدا
وَأَكبَرتُ نَفسي أَن أُجالِسَ قينَةً / وَدُفّاً وَمِزماراً وَعُوداً وَأَعبُدا
وَأَن أَجعَلَ الأَنذالَ حِزباً وَشيعَةً / وَلَو جارَ فِيَّ الدَهرُ ما شاءَ وَاِعتَدى
فَلَستُ بِبِدعٍ في الكِرامِ وَهَذِهِ / سَبيلُ ذَوي الإَفضالِ وَالبَأسِ وَالنَدى