القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 3
إِلى مَ اِنتِظاري أَنجُمَ النَحسِ وَالسَعدِ
إِلى مَ اِنتِظاري أَنجُمَ النَحسِ وَالسَعدِ / وَحَتّامَ صَمتي لا أُعيدُ وَلا أُبدي
لَقَد مَلَّ جَنبي مَضجَعي مِن إِقامَتي / وَمَلَّ حُسامي مِن مُجاوَرَةِ الغِمدِ
وَلَجَّ نَجيبي في الحَنينِ تَشَوُّقاً / إِلى الرَحلِ وَالأَنساعِ وَالبِيدِ وَالوَخدِ
وَأَقبلَ بِالتِصهالِ مُهري يَقولُ لِي / أَأَبقى كَذا لا في طِرادٍ وَلا طَردِ
لَقد طالَ إِغضائي جُفوني عَلى القَذى / وَطالَ اِمتِرائي الدُرَّ مِن بُحُرٍ جُدِّ
عذولَيَّ جُوزا بي فَلَيسَ عَلَيكُما / غَوايَ الَّذي أَغوى وَلا لَكُما رُشدي
أَجِدَّكُما لا أَبرَحُ الدَهرَ تابِعاً / وَعِندي مِن العَزمِ الهُمامِيِّ ما عِندي
أَمِثليَ مَن يُعطي مَقاليدَ أَمرِهِ / وَيَرضى بِأَن يُجدى عَلَيهِ وَلا يُجدي
إِذا لَم تَلِدني حاصِنٌ وائِليَّةٌ / مُقابَلَةُ الآباءِ مُنجِبَةُ الوُلدِ
خُؤولَتُها لِلحَوفَزانِ وَتَنتَمي / إِلى المَلِكِ الوَهّابِ مَسلَمَةَ الجَعدِ
يَظُنُّ نُحولي ذو السَّفاهَةِ وَالغَبا / غَراماً بِهِندٍ وَاِشتِياقاً إِلى دَعدِ
وَلَم يَدرِ أَنّي ماجِدٌ شَفَّ جِسمهُ / لِقاءُ هُمومٍ خَيلُها أَبَداً تُردي
قَليلُ الكَرى ماضٍ عَلى الهَولِ مُقدِمٌ / عَلى اللَّيلِ وَالبَيداءِ وَالحَرِّ وَالبَردِ
عَدِمتُ فُؤاداً لا يَبيتُ وَهمُّهُ / كِرامُ المَساعي وَاِرتِقاءٌ إِلى المَجدِ
لعَمري ما دَعدٌ بِهَمّي وَإِن دَنَت / وَلا لِي بِهِندٍ مِن غَرامٍ وَلا وَجدِ
وَلَكِنَّ وَجدي بِالعُلا وَصَبابتي / لعارِفَةٍ أسدي وَمَكرُمَةٍ أجدي
إِلى كَم تَقاضاني العُلا ما وَعَدتُها / وَغَيرُ رِضاً إِنجازُكَ الوَعدَ بِالوَعدِ
وَكَم أَندُبُ المَوتى وَأَستَرشِحُ الصَّفا / وَأَستَنهِضُ الزَمنى وَأَعتانُ بِالرُمدِ
وَأَمنَحُ سَعيي وَالمَوَدَّةَ مَعشَراً / أَحَقُّ بِمَقتٍ مِن سُواعٍ وَمن ودِّ
إِلى اللَّهِ أَشكو عَثرَةً لَو تُدُورِكَت / بِتَمزيقِ جِلدي ما أَسِفتُ عَلى جِلدي
مَديحي رِجالاً بَعضهُم أَتَّقي بِهِ / أَذاهُ وَبَعضاً لِلمُراعاةِ وَالوُدِّ
فَلا الوُدُّ كافي ذا وَلا ذا كَفى الأَذى / وَلا نَظَروا في بابِ ذَمٍّ وَلا حَمدِ
فَكَيفَ بِهِم لَو جِئتُهُم مُتَشَكّياً / خَصاصَةَ أَيّامي وَسمتُهُمُ رِفدي
فَكُنتُ وَإِهدائي المَديحَ إِلَيهِمُ / كَغابِطِ أَذنابِ المُهَلَّبَةِ العُقدِ
وَقائِلَةٍ هَوِّن عَلَيكَ فَإِنَّها / متاعٌ قَليلٌ وَالسَلامَةُ في الزُهدِ
فَإِن عَلَتِ الرُوسَ الذُنابى لِسَكرَةٍ / مِنَ الدَهرِ فَاِصبِر فَهوَ سُكرٌ إِلى حَدِّ
فَقَد تَملِكُ الأُنثى وَقَد يلثمُ الحَصى / وَيُتَّبَعُ الأَغوى وَيُسجَد لِلقِردِ
وَيَعلو عَلى البَحرِ الغُثاءُ وَيَلتَقي / عَلى الدُرِّ أَمواجٌ تَزيدُ عَلى العَدِّ
وَكَم سَيِّدٍ أَمسى يُكَفِّرُ طاعَةً / لِأَسوَدَ لا يُرجى لِشُكمٍ وَلا شُكدِ
وَلا بُدَّ هَذا الدَهر مِن صَحوِ ساعَةٍ / يَبينُ لَنا فيها الضَلالُ مِن القَصدِ
فَقُلتُ لَها عَنّي إِلَيكِ فَقَلَّما / يَعيشُ الفَتى حَتّى يُوَسَّدَ في اللَحدِ
أَبى اللَّهُ لي وَالسُؤدَدانِ بِأَن أُرى / بِأَرضٍ بِها تَعدو الكِلابُ عَلى الأُسدِ
أَلَم تَعلَمي أَنَّ العُتوَّ نَباهَةٌ / وَأَنَّ الرِّضا بِالذُلِّ مِن شِيمَةِ الوَغدِ
وَأَنَّ مُداراةَ العَدُوِّ مَهانَةٌ / إِذا لَم يَكُن مِن سَكرَةِ المَوتِ مِن بُدِّ
أَأَرضى بِما يُرضي الدَّنِيَّ وَصارِمي / حُسامٌ وَعَزمي عَزمُ ذِي لِبدَةٍ وَردِ
سَأَمضي عَلى الأَيّامِ عَزمَ اِبنَ حُرَّةٍ / يُفَدّى بِآباءِ الرِّجالِ وَلا يُفدي
فَإِن أُدرِكِ الأَمرَ الَّذي أَنا طالِبٌ / فَيا جَدَّ مُستَجدٍ وَيا سَعدَ مُستَعدِ
وَإِن أُختَرم مِن دونِ ما أَنا آمِلٌ / فَيا خَيبَةَ الراجي وَيا ضَيعَةَ الوَفدِ
وَإِنّيَ مِن قَومٍ يَبينُ بِطِفلِهم / لِذي الحَدسِ عُنوانُ السِّيادَةِ في المَهدِ
فَإِن لَم يَكُن لي ناصِرٌ مِن بَني أَبي / فَحَزمي وَعَزمي يُغنِياني عَنِ الحَشدِ
وَإِن يُدرِكِ العَليا هُمامٌ بِقَومِهِ / فَنَفسي تُناجيني بِإِدراكِها وَحدي
وَإِنّي لَبَدرٌ ريعَ بِالنَقصِ فَاِستَوى / كَمالاً وَبَحرٌ يُعقِبُ الجَزرَ بِالمَدِّ
إِذا رَجَّفَت دارَ العَدُوِّ مَخافَتي / فَلا تَسأَلاني عَن سَعيدٍ وَلا سَعدِ
فَآهٍ لِقَومي يَومَ أُصبِحُ ثاوِياً / عَلى ماجِدٍ يُحيي مَكارِمَهُم بَعدي
وَإِنّيَ في قَومي كَعَمرِو بنِ عامِرٍ / لَياليَ يُعصى في قَبائِلِهِ الأَزدِ
أَراهُم أَماراتِ الخَرابِ وَما بَدا / مِنَ الجُرَذِ العَيّاثِ في صَخرِها الصَّلدِ
فَلَم يَرعووا مَع ما لَقوا فَتَمَزَّقوا / أَيادي سَبا في الغَورِ مِنها وَفي النَجدِ
وَكَم جُرَذٍ في أَرضِنا تَقلَعُ الصَّفا / وَتقذفُ بِالشُمِّ الرِعانِ عَلى الصَمدِ
خَليليَّ ما دارُ المَذَلَّةِ فَاِعلَما / بِداري وَلا مِن ماءِ أَعدادِها وِردي
وَلا لِيَ في أَن أَصحَبَ النَذلَ حاجَةٌ / لِصِحَّةِ عِلمي أَنَّهُ جَرِبٌ يُعدي
أَيَذهَبُ عُمري ضَلَّةً في مَعاشِرٍ / مَشائِيمَ لا تُهدى لِخَيرٍ وَلا تَهدي
سُهادُهُمُ فيما يَسوءُ صَديقَهُم / وَأَنوَمُ عَن غَمِّ العَدُوِّ مِنَ الفَهدِ
إِذا وَعَدوا الأَعداءَ خَيراً وَفَوا بِهِ / وَفاءَ طَعامِ الهِندِ بِالنّذرِ لِلّبدِ
وَشَرُّهُمُ حَقُّ الصَديقِ فَإِن هَذَوا / بِخَيرٍ لَهُ فَليَنتَظِر فَتحَةَ السَدِّ
سَتَعلَمُ هِندٌ أَنَّني خَيرُ قَومِها / وَأَنّي الفَتى المَرجُوُّ لِلحَلِّ وَالعَقدِ
وَأَنّي إِذا ما جَلَّ خَطبٌ وَرَدتُهُ / بِعَزمَةِ ذي جِدٍّ وَإِقدامِ ذي جَدِّ
وَأَنَّ أَيادي القَومِ أَبسَطُها يَدي / وَإِنَّ زِنادَ الحَيِّ أَثقَبُها زَندي
وَأَنّي مَتى يُدعى إِلى البَأسِ وَالنَدى / فَأَحضَرُها نَصري وَأَجزَلُها وردي
وَأَنَّ كِرامَ القَومِ لا نُهُزَ العِدى / لَيُوجِعُها عَتبي وَيُؤلِمُها فَقدي
تَجافَ عَنِ العُتبى فَما الذَنبُ واحِدُ
تَجافَ عَنِ العُتبى فَما الذَنبُ واحِدُ / وهَبِ لِصُروفِ الدَهرِ ما أَنتَ واجِدُ
إِذا خانَكَ الأَدنى الَّذي أَنتَ حِزبُهُ / فَلا عَجَباً إِن أَسلَمَتكَ الأَباعِدُ
وَلا تَشكُ أَحداثَ اللَيالي إِلى اِمرئٍ / فَذا الناسُ إِمّا حاسِدٌ أَو مُعانِدُ
وَعَدِّ عَنِ الماءِ الَّذي لَيسَ وِردُهُ / بِصافٍ فَما تَعمى عَلَيكَ المَوارِدُ
وَكَم مَنهَلٍ طامي النَواحي وَرَدتُهُ / عَلى ظَمأٍ وَاِنصَعتُ وَالريقُ جامِدُ
فَلا تَحسَبنَ كُلَّ المِياهِ شَريعَةً / يُبَلَّ الصَدى مِنها وَتوكى المَزاوِدُ
فَكَم ماتَ في البَحرِ المُحيطِ أَخو ظَماً / بِغُلَّتِهِ وَالمَوجُ جارٍ وَراكِدُ
وَإِن وَطَنٌ ساءَتكَ أَخلاقُ أَهلِهِ / فَدَعهُ فَما يُغضي عَلى النَقصِ ماجِدُ
فَما هَجَرٌ أَمٌّ غَذَتكَ لِبانُها / وَلا الخَطُّ إِذ فارَقتَها لَكَ والِدُ
وَقَد رُبَّما يَجزي عَلى الصَدِّ وَالقِلى / أَبٌ وَأَخٌ وَالمَرءُ مِمَّن يُساعِدُ
فَبُتَّ حِبالَ الوَصلِ مِمَّن تَوَدُّهُ / إِذا لَم يَرِد كُلَّ الَّذي أَنتَ وارِدُ
وَقُل لِلَّيالي كَيفَ ما شِئتِ فَاِصنَعي / فَإِنَّ عَلى الأَقدارِ تَأتي المكائِدُ
وَلا تَرهَب الخَطبَ الجَليلَ لِهَولِهِ / فَطعمُ المَنايا كَيفَ ما ذُقتَ واحِدُ
نَدِمتُ عَلى مَدحي رِجالاً وَسَرَّني / بِأَن ضَمَّنَتني قَبلَ ذاكَ المَلاحِدُ
وَحُقَّ لِمِثلي أَن يَموتَ نَدامَةً / إِذا أُنشِدَت في الناسِ تِلكَ القَصائِدِ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أُجالِسُ فتيَةً / نَماها إِلى العَلياءِ قَيسٌ وَخالِدُ
وَهَل تَصحَبَنّي مِن شُرَيكٍ عِصابَةٌ / لَها طارِفٌ في كُلِّ مَجدٍ وَتالِدُ
عَراعِرُ لَم تَحلل ديارَ اِبنِ مُنذِرٍ / فَتُلقى إِلى الأَعداءِ مِنها المَقالِدُ
مَصاليتُ مَضّاؤونَ قِدماً إِلى الوَغى / بِعَزمٍ وَخَيلاها طَريدٌ وَطارِدُ
هُمُ الناسُ لا يَدري الخَنا أَينَ دارُهُم / وَلا عَرَفَت جيرانُهُم ما الشَدائِدُ
تُفَرِّقُ أَيدي الجُودِ ما في بُيوتِهِم / وَتَجمَعُ فيها السائِراتُ الشَوارِدُ
عَطاؤُهُمُ الراجي أُلوفٌ وَغَيرُهُم / إِذا جادَ فَالإِعطاءُ مِنهُ مَواعِدُ
مَناجيبُ لا حيلانُ يُعزى إِلَيهمُ / وَلا عُدَّ فيهم ذُو كِتابٍ مُعانِدُ
أُولَئِكَ إِخواني وَرَهطي وَأُسرَتي / وَقَومي إِذا ما اِستَنهَضَتني الحَقائِدُ
فَإِن ساءَني مِنهُم عَلى القُربِ مَعشَرٌ / وَأَصبَحَ مِن تِلقائِهِم ما أُكابِدُ
فَقَد باعَتِ الأَسباطُ قَبلي أَخاهُمُ / بِبَخسٍ وَكُلٌّ مِنهُمُ فيهِ زاهِدُ
وَقَد يُخطِئُ الرَّأيَ السَديدَ ذَوو النُهى / مِراراً وَتَنبو الباتِراتُ البَوارِدُ
فَيا ذا العُلى كَم ذا التَجَنّي عَلى القِلى / وَفي العَزمِ حادٍ لِلمَطايا وَقائِدُ
فَقُم نَحصدِ الأَعمارَ أَو نَبلُغ المُنى / بِجِدٍّ فِللأَعمارِ لا بُدَّ حاصِدُ
فَلَيسَ بِصَعّادٍ إِلى المَجدِ عاجِزٌ / نَؤُومٌ تُناديهِ العُلى وَهوَ راقِدُ
وَفي السَعيِ عُذرٌ لِلفَتى لَو تَعَذَّرَت / عَلَيهِ المَساعي أَو جَفَتهُ المَقاصِدُ
خَليليّ كَم أَطوي اللَّيالي وَعَزمَتي / تنَوِّلُني الجَوزاءَ وَالجَدُّ قاعِدُ
وَكَم ذا أُناجي هِمَّةً دونَ هَمّها / نُجومُ الثُرَيّا وَالسُهى وَالفَراقِدُ
وَيُقعِدُني عَمّا أُحاوِلُ نَكبةٌ / جَرَت وَزَمانٌ عاثِرُ الجَدِّ فاسِدُ
وَإِخوانُ سُوءٍ إِن أَلَمَّت مُلِمَّةٌ / بِسوءٍ فَهُم أُسّاسُها وَالقَواعِدُ
يُسِرّونَ لي ما لا أُسِرُّ فَكُلُّهُم / عَلى ذاكَ شَيطانٌ مِنَ الجِنِّ مارِدُ
لَقَد بَذَلُوا المَجهودَ فيما يَسوءُني / وَقَد كُنتُ أَرمي دونَهُم وَأُجالِدُ
فَيا لَيتَ أَنّي حالَ بَيني وَبَينَهُم / جُذامٌ وَخَولانُ بنُ عَمرٍو وَغامِدُ
وَصَفَّدَ أَدنانا إِلى الغَدرِ كاشِحٌ / كَفورٌ بِوحدانِيَّةِ اللَّهِ جاحِدُ
وَأَعجَبُ ما لاقَيتُ أَنَّ بَني أَبي / حُسامٌ لِمَن يَبغي جِلادي وَساعِدُ
عَزيزُهُمُ إِن لُذتُ يَوماً بِظِلِّهِ / رَأَيتُ سَموماً وَهوَ لِلخَصمِ بارِدُ
وَسائِرُهُم إِمّا ضَعيفٌ فَضَعفُهُ / لَهُ عاذِرٌ أَو مُبغِضٌ لي مُجاهِدُ
هُمُ أَلحَموني النائِباتِ وَأُولِعَت / بِلَحمي أُسودٌ مِنهُمُ وَأَساوِدُ
وَهُم تَرَكوا عَمداً جَنابي وَمَربَعي / مِنَ الجَدبِ لا يَرجو بِهِ الخِصبَ رائِدُ
وَهُم شَمَّتُوا بي حاسِديَّ وَذَلِكُم / منَ الأَمرِ ما لا تَرتَضيهِ الأَماجِدُ
وَما لِيَ ذَنبٌ غَير دُرٍّ نَظَمتُهُ / وَأَسناهُ تِيجانٌ لَهُم وَقلائِدُ
وَإِنّي عَلى أَحسابِهِم وَعُلاهُمُ / غَيورٌ وَعَن بَحبوحَةِ المَجدِ ذائِدُ
وَأَحمي عَلَيهم أَن تُدَبِّرَ أَمرَهُم / زَعانِفُ أَهداها عَنِ الرُشدِ حائِدُ
وَلَو قَبِلُوا مِن ذَلِكَ الذَنبِ تَوبَةً / لآلَيتُ أَلفاً أَنَّني لا أُعاوِدُ
فَسُبحانَ رَبّي كَيفَ صارُوا فَإِنَّما / قُلوبُهُمُ لي وَالأَكُفُّ جَلامِدُ
فَلا يَصفَح القَلبُ الَّذي أَنا آمِدٌ / وَلا يَسمَحِ الكَفُّ الَّذي أَنا حامِدُ
أَيا فَضلُ قَد طالَ اِنتِظاري وَلَم يَقُم / شِتاءً وَقَيظاً عِندَ مِثلِكَ وافِدُ
وَقَد زالَتِ الأَعذارُ لا الغَوصُ بائِرٌ / وَلا البَحرُ مَمنوعٌ وَلا الدَخلُ فاسِدُ
وَلا أَنتَ مَحجورُ التَصَرُّفِ في النَدى / عَلَيكَ رَقيبٌ في نَوالِكَ راصِدُ
وَلا في بَني فَضلٍ بَخيلٌ وَإِنَّهُم / إِذا اِغبَرَّتِ الآفاقُ غُرٌّ أَماجِدُ
فَمِن أَينَ يَأتي اللَومُ يا اِبنَ مُحمَّدٍ / وَمَجدُكَ في بَيتِ العُيونيِّ زائِدُ
أَتَرضى بِأَن تَغدُو تَسامى رَكائِبي / حُمولاتُها كِيرانُها وَالمَقاوِدُ
لِحَقِّ مَديحي أَم لِحَقّ مَوَدَّتي / لَكُم أَم لأَنَّ البَيتَ وَالجَدَّ واحِدُ
فَلا تَقطَعَن ما بَينَنا مِن مَوَدَّةٍ / وَقُربى وَخَلِّ الشِعرَ فَالشِعرُ كاسِدُ
وَلا تَنسَيَن ما نالَني في هَواكُمُ / وَقَد ظَفِرَ الساعي وَقَلَّ المُساعِدُ
يَقومُ بِهِ حَيّاً نِزارٍ وَيَعرُبٍ / شُهودٌ وَفي الدَعوى يَمينٌ وَشاهِدُ
لَقَد كُنتُ أَرجو في جَنابِكَ حالَةً / يَموتُ لَها غَيظاً غَيُورٌ وَحاسِدُ
فَهاتِ فَقُل لي ما أَقولُ لِأُسرَتي / فَكُلٌّ عَنِ الأَحوالِ لا بُدَّ ناشِدُ
وَكُلُّهُمُ سامٍ إِليَّ بِطَرفِهِ / يَظُنُّ بِأَنَّ الزارِعَ الخَيرَ حاصِدُ
وَما فَضلُ مَن لا يُرتَجى لِمُلِمَّةٍ / تُلِمُّ وَلا تُبغى لَدَيهِ الفَوائِدُ
فَذو المَجدِ كَالدِينارِ وَالشِعرُ جَوهَرٌ / يحكُّ بِهِ وَالناظِمُ الشِعرَ ناقِدُ
وَلا خَيرَ في مُستَحسَنِ النَقشِ مُطبَقٌ / إِذا حُكَّ نَفَّتهُ الأَكُفُّ النَواقِدُ
فَلا تَتَّكِل يا فَضلُ في الفَضلِ وَالنَدى / عَلى سالِفٍ أَسداهُ جَدٌّ وَوالِدُ
فَلا حَمدَ إِلّا بِالَّذي يَفعَلُ الفَتى / وَلَو كَثُرَت في أَوَّليهِ المَحامِدُ
فَكُن عِندَ ظَنّي فيكَ لا ظَنّ عاذِلٍ / نَهانِيَ عَن قَصديكَ فَالمالُ نافِدُ
فَقَد تَصِلُ الأَرحامُ في عُقرِ دارِكُم / وَتَرتاحُ لِلجودِ الإِماءُ الوَلائِدُ
وَغَيرُ خَفِيٍّ نَيلُ مَن تَعرِفونَهُ / وَهَل لِضياءِ الشَمسِ في الأَرضِ جاحِدُ
فَعِش وَاِبقَ وَاِسلَم واِنجُ مِن كُلِّ غَمَّةٍ / جَنابُكَ مَحروسٌ وَمُلكُكَ خالِدُ
إِلامَ أُرَجّي ضُرَّ عَيشٍ مُنَكَّدا
إِلامَ أُرَجّي ضُرَّ عَيشٍ مُنَكَّدا / وَأُغضي عَلى الأَقذاءِ جَفناً مُسَهَّدا
وَكَم أَعِدُ النَفسَ المُنى ثُمَّ كُلَّما / أَتى مَوعِدٌ بِالخُلفِ جَدَّدتُ مَوعِدا
إِذا قُلتُ يَأتي في غَدٍ ما يَسُرُّني / وَجاءَ غَدٌ قالَ اِتَّئِد وَاِنتَظِر غَدا
فَهَلّا اِنقَضَت تَبّاً لَها مِن مَواعِدٍ / كَمِثلِ نُعاسِ الكَلبِ ما زالَ سَرمَدا
عَدمتُ الفَتى لا يُنكِرُ الضَّيمَ وَالرَّدى / عَلى خَطأٍ يَغتالهُ أَو تَعَمَّدا
وَلا عاشَ مَن يَرضى الدَنايا أَهَل رَأى / جَباناً عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّدا
وَهَل ماتَ مِن خَوضِ الرَّدى قَبلَ يَومِهِ / فَتىً لِوَطيسِ الحَربِ ما زالَ مُفئَدا
وَهَل سادَ راضٍ مَرتَعَ الذُلِّ مَرتَعاً / وَهَل فازَ راضٍ مَورِدَ الذُلِّ مَورِدا
وَهَل عَزَّ بِالأَعداءِ مِن قَبلِ تُبَّعٍ / مَليكٌ تَمَطّى المُلكَ كَهلاً وَأَمرَدا
وَهَل طابَ عَيشٌ بِالمُداراةِ أَو صَفا / لَوَ اِنّ المُداري راحَ بِالخُلدِ وَاِغتَدى
فَحَتّى مَ أُبدي لِلموالي تَجَنُّباً / وَصَدّاً وَأُبدي لِلأعادي تَوَدُّدا
وَشَرُّ بِلادِ اللَهِ أَرضٌ تَرى بِها / كُلَيباً مَسُوداً وَاِبنُ آوى مُسَوَّدا
وَأَشقى بَني الدُنيا كَريمٌ يَسوسُهُ / لَئيمٌ إِذا ما نالَ شبعاً تَمَرَّدا
فَيا ذا العُلى وَالمَجدِ وَالمَنصِبِ الَّذي / سَما فَعَلا حَتّى على النَّجمِ أَتأَدا
أُعيذُكَ أَن تَرضى المقامَ بِبَلدَةٍ / تَراها وَما تَحوي لِأَعدائِها سُدى
يَجِلُّ بِها مَن كانَ ذا عُنجُهِيَّةٍ / خَفيفاً عَلى الأَعداءِ خَلفاً مُلَهَّدا
أَخو عَزمَةٍ كَالماءِ بَرداً وَهِمَّةٍ / هَوَت فَاِحتَوَت مِن هامَةِ الحوتِ مَقعَدا
تَرى بابَهُ لا يُهتَدى غَيرَ أَنَّهُ / تَرى بَينَ أُذنَيهِ طَريقاً مُعَبَّدا
فَقُم وَاِلتَمِس داراً سِواها فَإِنَّما / أَخو العَزمِ مَن قَد رامَ أَمراً تَجَرَّدا
فَكاسٌ إِذا أُسقي بِها اليَومَ مُكرَهاً / أَخوكَ سَتُسقى مِن فُضالَتِها غَدا
وَحِلمٌ يُدَنّي الضَيمَ مِنكَ سَفاهَةٌ / وَجَهلٌ تَرُدُّ الضَيمَ شِرَّتهُ هُدى
وَلا خَيرَ في هِلباجَةٍ كُلَّما أَتى / إلَيهِ الأَذى أَبدى خُضوعاً وَأَسجَدا
وَمالَ إِلى بَردِ الظِلالِ وَراقَهُ / مَقالُ إِماءِ الحَيِّ لا غالَكَ الرَدى
وَلَكِنَّ ذا عَزمٍ إِذا هَمَّ لَم يُبَل / أَوَسَّدَ ذا الطَعن الثَرى أَم تَوَسَّدا
كَثيرَ سُهادِ العَينِ لا في مَكيدَةٍ / يُهينُ بِها الأدنين مَثنىً وَمَوحدا
فَكَم أَتَحَسّى الضَيمَ مُرّاً وَأَمتَري / عَقابيلَ خِلفٍ قَد أَزى وَتَجَدَّدا
وَكَم يَعتَريني بِالأَذى كُلُّ مُقرِفٍ / إِذا سُئِلَ الحُسنى أَغَدَّ وَعَربَدا
فَئيدٌ كَعِلّوصِ الأَباءِ لَدى الوَغى / وَإِمّا مَشى بَينَ البَغايا تَقيّدا
تَراهُ عَلى أَعدائِهِ ماءَ مُزنَةٍ / وَفي رَهطِهِ الأَدنى حُساماً مُجَرَّدا
فَلا تَقعُدَن مُحبَنظِئاً خَوفَ مِيتَةٍ / سَتَأتي فَما تَلقى جَواداً مُخَلَّدا
وَلا تَكُ مِئلافاً لِدارِ مَذَلَّةٍ / وَلَو فاضَ واديها لُجَيناً وَعَسجَدا
وَسِر في طِلابِ المَجدِ جِدّاً فَإِنَّني / رَأَيتُ المَعالي لا يُواتينَ قعدُدا
فَلو لَم يُفارِق غِمدَهُ السَيفُ في الوَغى / لَما راحَ يُدعى المَشرَفيَّ المُهنَّدا
وَلَولا اِنتقالُ البَدرِ عَن بُرجِهِ الَّذي / بِهِ النَقصُ لَم يُدرِك كَمالاً وَأَسعدا
وَلَو نامَ سَيفٌ بِالحُصيبِ وَلَم يَلِج / عَلى الهَولِ لَم يُدعَ المَليكَ المَمَجَّدا
وَلَم يَنشَعِ الأحبوشَ كَأساً مَريرَةً / وَيَجمَع في غُمدانَ شَملاً مُبَدَّدا
وَحَسبُكَ أَن تَلقى المَنايا وَقَد رَجَت / حِباكَ المَوالي وَاِتَّقَت بَأسَكَ العِدى
خَليليّ مِن حَيّي نِزارٍ رُعِيتما / وَجُوزيتُما الحُسنى وَجاوَزتُما المَدى
أَلا فَاِطلُبا غَيري نَديماً فَرُبَّما / تَشامَختُ قَولاً سِيمَ خَسفاً فَأَبلَدا
فَلي عَن ديارِ الهونِ مَنأىً وَمَرحَلٌ / إِذا النِّكسُ ظنَّ العَجزَ عَقلاً فَأَفرَدا
وَعِندي عَلى الأَحداثِ رَأيٌ وَعَزمَةٌ / وَعيسٌ يُبارينَ النَعامَ المُطَرَّدا
وَخَيرُ جِوارٍ مِن عَدوٍّ مُكاشِحٍ / جِوارُكَ ضِبعاناً وَسيداً وَخُفدُدا
وَلَيسَ مَناخُ السوءِ حَتماً مُقَدَّراً / عَلَيَّ لِأَن أَضحى مَقَرّاً وَمَولِدا
فَكَم فارقَ الأَوطانَ مِن ذي ضَراعَةٍ / فَأَصبَحَ في كُلِّ النَواحي مُحَسَّدا
وَكَم واتَنَ الأَوطانَ مِن ذي جَلادَةٍ / فَأَضحى بِها مِن غَيرِ سُقمٍ مُسَخَّدا
فَإِن أَرتحِل عَن دارِ قَومي لِنبوَةٍ / وَيُصبِحُ رَبعي فيهمُ قَد تَأَبَّدا
فَقَد رَحَلَ المُختارُ عَن خَيرِ مَنزِلٍ / إِلى يَثرِبٍ تَسري بِهِ العِيسُ مُصعَدا
وَجاوَرَ في أَبناءِ قَيلَةَ إِذ رَأى / سَبيل القِلى وَالبُغضِ مِن قَومِهِ بَدا
كَذا شِيمُ الحُرِّ الكَريمِ إِذا نَبا / بِهِ وَطَنٌ زَمَّ المَطايا وَأَحفَدا
أَأَقنَعُ بِالحظِّ الخَسيسِ وَلَم أَكُن / كَهاماً وَلا رَثَّ المَساعي مُزَنَّدا
وَلا بَلتعانيّاً إِذا سيمَ خِطَّةً / تَمَطّى وَناجى عِرسَهُ وَتَلدَّدا
وَأَلقى المَنايا لَم تُسامَ بِأرجُلي / نَجائِبُ لَم يَحمِلنَ إِلّا مُنجَّدا
سَأُمضي عَلى الأَيّامِ عَزمَ اِبنِ حُرَّةٍ / يَرى العودَ فيما تَكرَهُ النَفسُ أَحمَدا
فَإِمّا حَياةً لا تُذَمُّ حَميدَةً / يُحَدِّثُ عَنها مَن أَغارَ وَأَنجَدا
أَنالُ المُنى فيها وَإِمّا مَنِيَّةً / تُريحُ فُؤاداً أَحَّ مِن غُلَّةَ الصَدى
وَأَهجُرُ داراً لَو يَحِلُّ اِبنُ قاهِثٍ / بِها راحَ مَسحوتاً مِنَ المالِ مُجحِدا
يُدَبِّرُها أَوباشُ قَومٍ تَنَكَّبُوا / عَنِ الرُشدِ حَتّى خِلتُ ذا الغَيَّ أَرشَدا
إِذا رَضِيَ الأَعداءُ مِنهُم مَهانَةً / بِأَخذِ الجِزى عَدُّوهُ نَصراً مُؤَيَّدا
أَقاموا الأَغاني بِالمَغاني وَضَيَّعُوا / كِرامَ المَساعي وَالثَناءَ المُخَلَّدا
فَلَو أُحسِنُ التَصفيقَ وَالرَقصَ فيهِمُ / وَرَفعَ المَثاني وَالغِناءَ المُهَوَّدا
لَعِشتُ عَزيزاً فيهمُ وَلما اِجتَرا / يَمُدُّ إِليَّ الضَّيمَ باعاً وَلا يَدا
وَلا راحَ شُربُ المُقرِفينَ ذَوي الخَنا / بِها نَهَلاً عَبّاً وَشُربي مُصَرَّدا
وَلَو أَنَّني كُنتُ اِتَّخَذتُ رَذِيَّةً / أُوَيطِفَ رَغّاءً لَدى الشَدِّ أَكبَدا
وَصاحَبتُ مِن أَدنى البَوادي مُكَشَّماً / ضَعيفَ الأَيادي قاصِرَ الجاهِ مُسنَدا
لَكانَت سَنِيّاتُ الجَوائِزِ تَرتَمي / إِلى حَيثُ أَهوى بادِياتٍ وَعُوَّدا
وَلَكِنَّني لَم أَرضَ ذاكَ صِيانَةً / لِعِرضِيَ أَن أُعطي المُعادينَ مِقوَدا
وَأَكبَرتُ نَفسي أَن أُجالِسَ قينَةً / وَدُفّاً وَمِزماراً وَعُوداً وَأَعبُدا
وَأَن أَجعَلَ الأَنذالَ حِزباً وَشيعَةً / وَلَو جارَ فِيَّ الدَهرُ ما شاءَ وَاِعتَدى
فَلَستُ بِبِدعٍ في الكِرامِ وَهَذِهِ / سَبيلُ ذَوي الإَفضالِ وَالبَأسِ وَالنَدى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025