المجموع : 19
سَرى لَيلَةً حَتّى أَداءَ عَمودُها
سَرى لَيلَةً حَتّى أَداءَ عَمودُها / وَأَيَّةُ سَوقٍ شَوقُها لا يَعودُها
وَسارَ مَسيرَ الشَمسِ لَم تَبقَ بَلدَةٌ / مِنَ الأَرضِ إِلّا نَحوَ أُخرى يُريدُها
وَشَيَّعَهُ قَلبٌ جَرِيٌّ جَنانَهُ / وَنَفسٌ كَأَنَّ الحادِثاتِ عَبيدُها
خَليلَيَّ هَذي دارُ شُرَّةَ فَاِسأَلا / مَغانِيَها لَو كانَ ذاكَ يُعيدُها
خَلَت وَعَفَت إِلّا إِثافٍ كَأَنَّها / عَوائِدُ ذي سُقمٍ بَطيءٌ قُعودُها
وَحَربٍ لَوَ أَنَّ اللَهَ يَرمي بِجَمرِها / شَماريخَ رَضوى زَلزَلَتها جُنودُها
يُسَعِّرُها أَبطالُها بِصَوارِمٍ / وَيَفلِقُ بيضاتِ الحَديدِ حَديدُها
وَمَصقولَةِ الأَطرافِ حُمرٌ كُعوبُها / سَريعٍ إِلى نَفسِ الكَمِيِّ وُرودُها
شَهِدتُ فَأَوطَأتُ الخُيولَ كَأَنَّها / مُفَلَّقَةُ الهاماتِ حُمرٌ جُلودُها
بِعَسكَرِ أَبطالٍ تَبيتُ كُماتُهُ / وَإِن نَزَحَت عَنهُ قَليلاً هُجودُها
وَلَيلٍ يَوَدُّ المُصطَلونَ بِنارِهِ / لَوَ اَنَّهُمُ حَتّى الصَباحِ وَقودُها
يُقيمُ بِبِضِ المَشرَفِيّاتِ وَالقَنا / وِراثَةَ مَجدٍ قَد حَمَتها جُدودُها
إِذا لَبِسوا مِن ذا الحَديدِ غَلائِلاً / وَهَزّوا رِماحَ الخَطِّ حُمراً عُقودُها
هُناكَ تُلاقي الصَبرَ ضَنكاً طَريقُهُ / وَجُندَ المَنايا شارِعاتٍ بُنودُها
كَأَنَّ فُؤادي في مَخاليبِ طائِرٍ
كَأَنَّ فُؤادي في مَخاليبِ طائِرٍ / غَدا صُبحَ يَومٍ ثُمَّ باتَ عَلى فَقدِ
إِذا ما أَرادَ الصَيدَ جَلّى لِنَهضَةٍ / وَهَزَّ جَناحَيهِ كَحاشِيَتَي بُردِ
فَضَمَّ مَخاليباً عَليهِ كَأَنَّها / شُصوصُ حِبالٍ قَد جُمِعنَ إِلى عِقدِ
وَغِزلانِ إِنسٍ قَد طَرَقتُ بِسُدفَةٍ
وَغِزلانِ إِنسٍ قَد طَرَقتُ بِسُدفَةٍ / فَلَم تَكتَحِل أَجفانُهُم بِرُقادِ
يَقُلنَ لَنا يا لَيتَ ذا اللَيلَ سَرمَداً / عَلَينا وَلا نَخشى عِيونَ أَعادِ
فُؤادِيَ مَشغوفٌ وَسَيفِيَ صارِمٌ / فَهَذا لِإِبعادي وَذا لِسُعادِ
أُعَلِّقُ قَلبي بِالأَحاديثِ بَعدَكُم
أُعَلِّقُ قَلبي بِالأَحاديثِ بَعدَكُم / وَأَصرِفُ لَحظي عَن مُحَدِّثِهِ عَمدا
وَأَسأَلُهُ رَدَّ الأَحاديثِ عَلَّهُ / سُؤالٌ وَأُخفي دَمعَةً تَفضَحُ الوَجدا
وَمِن حَسرَةِ الدُنيا هَواكَ لِباخِلٍ
وَمِن حَسرَةِ الدُنيا هَواكَ لِباخِلٍ / بَعيدٍ مِنَ العُتبي ضَنينٍ بِمَوعِدِ
يَجيءُ مَجيءَ الفَيءِ كُلَّ عَشيَّةٍ / وَيَرجِعُ لا يُعطي بِقَولٍ وَلا يَدِ
وَمُستَنصِرٍ يُزهى بِخُضرَةِ شارِبٍ
وَمُستَنصِرٍ يُزهى بِخُضرَةِ شارِبٍ / وَفَترَةِ أَجفانٍ وَخَدٍّ مُوَرَّدِ
كَأَنَّ عِذارَيهِ عَلى قَمَرٍ عَلى / قَضيبٍ عَلى دَعصٍ رَطيبِ الثَرى نَدي
تَبَسَّمَ إِذ مازَحتُهُ فَكَأَنَّهُ / يُكَشِّفُ عَن دُرٍّ حِجابَ زُمُرُّدِ
قَليلٌ عَلى ظَهرِ الفِراشِ رُقادُهُ
قَليلٌ عَلى ظَهرِ الفِراشِ رُقادُهُ / إِذا اِكتَحَلَت أَجفانُنا بِرُقادِ
وَبَيضاءَ مِن نُعماكَ لَمّا جَحَدتُها / أَبيتُ بِحَمراءِ القَميصِ تُنادي
وَمَشمولَةٍ قَد طالَ بِالقَفصِ حَبسُها
وَمَشمولَةٍ قَد طالَ بِالقَفصِ حَبسُها / حَكَت نارَ إِبراهيمَ في اللَونِ وَالبَردِ
حَطَطنا إِلى خَمّارِها بَعدَ هَجعَةٍ / رِحالَ مَطايا لَم تَزَل يَومَها تَخدي
مُلوكٌ لِلَذّاتِ الشَبابِ تَواضَعوا / وَلَم يَحلِفوا فيها بِذَمٍّ وَلا حَمدِ
فَباتوا لَدى الخُمارِ في بَيتِ حانَةٍ / وَأَخلوا قُصوراً بِالرُصافَةِ وَالحَدِّ
وَدامَ عَلَيهُم بِالمُدامِ مُمَنطَقٌ / بِزُنّارِهِ حُلو الشَمائِلِ وَالقَدِ
يَمُجُّ سُلافَ الخَمرِ في عَسجَديَّةٍ / تَوَهُّجُ في يُمناهُ كَالكَوكَبِ الفَردِ
مُحَفَّرَةٍ فيها تَصاويرُ فارِسٍ / وَكِسرى غَريقٌ حَولُهُ خِرَقُ الجُندِ
وَنارٍ قَدَحناها صَباحاً بِسَحرَةٍ
وَنارٍ قَدَحناها صَباحاً بِسَحرَةٍ / مَتى ما يُرَق ماءٌ عَلَيها تُوَقَّدِ
يَجوبُ حَبابُ الماءِ في جَنَباتِها / كَما جالَ دَمعٌ فَوقَ خَدٍّ مُوَرَّدِ
أَلا رُبَّ يَومٍ بِالدُوَيرَةِ صالِحٍ
أَلا رُبَّ يَومٍ بِالدُوَيرَةِ صالِحٍ / فَكَيفَ بِيَومٍ بَعدَهُ لِيَ فاسِدِ
صَلَلتُ بِها أُسقى سُلافَةَ خَمرَةٍ / بِكَفِّ غَزالٍ ذي جُفونٍ صَوائِدِ
عَلى جَدوَلٍ رَيّانَ لا يَكتُمُ القَذى / كَأَنَّ سَواقِيهِ مُتونُ المَبارِدِ
خَليلَيَّ قَد طابَ الشَرابُ المُبَرَّدُ
خَليلَيَّ قَد طابَ الشَرابُ المُبَرَّدُ / وَقَد عُدتُ بَعدَ الشَكِّ وَالعودُ أَحمَدُ
فَهاتا عُقاراً في قَميصِ زُجاجَةٍ / كَياقوتَةٍ في دُرَّةٍ تَتَوَقَّدُ
يَصوغُ عَليها الماءُ شُبّاكَ فِضَّةٍ / لَها حَلَقٌ بيضٌ تَحَلُّ وَتُعقَدُ
وَغَنّى لَنا في جَوفِها حَبَشِيَّةٌ / عَلَيها سَراويلٌ مِنَ الماءِ مُجسَدُ
فَظاهِرُها حِلمٌ صَبورٌ عَلى الأَذى / وَباطِنُها جَهلٌ يَقومُ وَيَقعُدُ
وَلَمّا جَنَيناها قِطافاً رَويَّةً / تَذوبُ إِذا مَسَّت عَناقيدَها اليَدُ
وَمَقتولِ سُكرٍ عاشَ لي إِذ دَعَوتُهُ
وَمَقتولِ سُكرٍ عاشَ لي إِذ دَعَوتُهُ / وَبادَرَ مَسروراً يَرى غَيَّهُ رُشدا
وَقامَ بِكَفَّيهِ بَقايا خُمارِهِ / وَعَيناهُ مِن خَدَّيهِ قَد جَفَتا قَدّا
أَرِقتُ جَميعَ اللَيلِ لِلبارِقِ الَّذي
أَرِقتُ جَميعَ اللَيلِ لِلبارِقِ الَّذي / تَرَفَّعَ مَع نَجدٍ فَشاقَ إِلى نَجدِ
أَحُلَّ بِدارِ اللَهوِ حَيثُ لَقيتُها / وَأَهزِلُ بِاللَذاتِ وَالدَهرُ في جِدِّ
أَلا إِنَّما الدُنيا بَلاغٌ لِغايَةٍ / فَإِمّا إِلى غَيٍّ وَإِمّا إِلى رُشدِ
شَرِبنا عَصيرَ الكَرمِ تَحتَ ظِلالِهِ
شَرِبنا عَصيرَ الكَرمِ تَحتَ ظِلالِهِ / عَلى وَجهِ مَعشوقِ الشَمائِلِ أَغيَدِ
كَأَنَّ عَناقيدَ الكُرومِ وَظِلَّها / كَواكِبُ دُرٍّ في سَماءِ زَبَرجَدِ
رَوَينا فَما نَزدادُ يا رَبِّ مِن حَيّاً
رَوَينا فَما نَزدادُ يا رَبِّ مِن حَيّاً / وَأَنتَ عَلى ما في النُفوسِ شَهيدُ
سُقوفُ بُيوتي صِرنَ أَرضاً أَدوسُها / وَحيطانُ داري رُكَّعٌ وَسُجودُ
أَلَستَ تَرى مَوتَ العُلى وَالمَحامِدِ
أَلَستَ تَرى مَوتَ العُلى وَالمَحامِدِ / وَكَيفَ دَفَنّا الخَلقَ في قَبرِ واحِدِ
وَلِلدَهرِ أَيّامٌ تُسيءُ عَواقِباً / وَتُحسِنُ إِن أَحسَنَّ غَيرَ عَوامِدِ
فَإِن تَسأَلاني فيمَ حُزني فَإِنَّهُ
فَإِن تَسأَلاني فيمَ حُزني فَإِنَّهُ / لِشَخصٍ ثَوى بَينَ القُبورِ فَقَيِّدِ
وَما كُنتُ أَخشى أَن تُحَوِّلَ نَظرَتي / إِلى شامِتٍ مِن غابِطٍ وَحَسودِ
تَعالَوا نَزُر قَبرَ السَماحَةِ وَالعُلى
تَعالَوا نَزُر قَبرَ السَماحَةِ وَالعُلى / وَلا نَعتَذِر مِن دَمعِ عَينٍ عَلى خَدِّ
لَقَد عِشتَ لَم يَعلَق بِعَقلِكَ ذامَةٌ / وَمُتَّ عَلى رُغمِ المَحامِدِ وَالمَجدِ
هُوَ الدَهرُ قَد جَرَّبتَهُ وَعَرَفتَهُ
هُوَ الدَهرُ قَد جَرَّبتَهُ وَعَرَفتَهُ / فَصَبراً عَلى مَكروهِهِ وَتَجَلُّدا
وَما الناسُ إِلّا سابِقٌ ثُمَّ لاحِقٌ / وَآبِقُ مَوتٍ ثُمَّ يَأخُذُهُ غَدا