المجموع : 5
أَبى البَرقُ إِلّا أَن يَحِنَّ فُؤادُ
أَبى البَرقُ إِلّا أَن يَحِنَّ فُؤادُ / وَيَكحَلَ أَجفانَ المُحِبِّ سُهادُ
فَبِتُّ وَلي مِن قانِئِ الدَمعِ قَهوَةٌ / تُدارُ وَمِن إِحدى يَدَيَّ وِسادُ
تَنوحُ لِيَ الوَرقاءُ وَهيَ خَلِيَّةٌ / وَيَنهَلُّ دَمعُ المُزنِ وَهوَ جَمادُ
وَقَد كانَ في خَدّي لِلشُهبِ مَلعَبٌ / فَقَد صارَ فيهِ لِلوِرادِ طِرادُ
وَلَيلٍ كَما مَدَّ الغُرابُ جَناحَهُ / وَسالَ عَلى وَجهِ السِجِلِّ مِدادُ
بِهِ مِن وَميضِ البَرقِ وَاللَيلُ فَحمَةٌ / شَرارٌ تَرامى وَالغَمامُ زِنادُ
سَرَيتُ بِهِ أُحَيِيهِ لاحَيَّةُ السَرى / تَموتُ وَلا مَيتُ الصَباحِ يُعادُ
يُقَلِّبُ مِنّي العَزمُ إِنسانَ مُقلَةٍ / لَها الأُفقُ جَفنٌ وَالظَلامُ سَوادُ
بِخَرقٍ لِقَلبِ البَرقِ خَفقَةُ رَوعَةٍ / بِهِ وَلِجَفنِ النَجمِ فيهِ سُهادُ
سَحيقٌ وَلا غَيرَ الرِياحِ رَكائِبٌ / هُناكَ وَلا غَيرَ الغَمامِ مَزادُ
كَأَنّي وَأَحشاءُ البِلادِ تَجُنَّني / سَريرَةُ حُبٍّ وَالظَلامُ فُؤادُ
أَجوبُ جُيوبَ البيدِ وَالصُبحُ صارِمٌ / لَهُ اللَيلُ غِمدٌ وَالمَجَرُّ نِجادُ
وَفي مُصطَلى الآفاقِ جَمرُ كَواكِبٍ / عَلاها مِنَ الفَجرِ المُطِلِّ رَمادُ
وَلَمّا تَفَرّى مِن دُجى اللَيلِ طِحلِبٌ / وَأَعرَضَ مِن ماءِ الصَباحِ ثِمادُ
حَنَنتُ وَقَد ناحَ الحَمامُ صَبابَةً / وَشُقَّ مِنَ اللَيلِ البَهيمِ حِدادُ
عَلى حينَ شَطَّت بِالحَبائِبِ نِيَّةٌ / وَحالَت فَيافٍ بَينَنا وَبِلادُ
عَشِيَّةَ لا مِثلَ الجَوادِ ذَخيرَةٌ / وَلا مِثلَ رَقراقِ الحَديدِ عَتادُ
إِذا زارَ خَطبٌ خَفَّرَتني ثَلاثَةٌ / سِنانٌ وَعَضبٌ صارِمٌ وَجَوادُ
فَبِتُّ وَلا غَيرَ الحُسامِ مُضاجِعٌ / وَلا غَيرَ ظَهرِ الأَعوَجِيِّ مِهادُ
مَعانِقَ خِلٍّ لايُخِلُّ وَإِنَّما / مَكانُ ذِراعَيهِ عَلَيَّ نِجادُ
وَمَوقِدِ نارٍ حَتّى كَأَنَّما
وَمَوقِدِ نارٍ حَتّى كَأَنَّما / يَشِبُّ النَدى فيهِ لِساري الدُجى نَدّا
فَأَطلَعَ مِن داجي دُخانٍ بَنَفسَجاً / جَنِيّاً وَمِن قاني شُواظٍ لَهُ وَردا
وَضاحَكَ غُرّاً مِن وُجوهٍ وَضيئَةٍ / فَلَم أَدرِ أَيَّ كانَ أَذكاهُما وَقدا
إِذا بَسَطَت كَفُّ الهَياجِ إِلى العِدى / أَنامِلَ سُمرِ الخَطِّ كانوا لَها زَندا
فَظَلَّت وَكُلٌّ في مَضاءِ حُسامِهِ / فُؤاداً وَفي إِشرافِ خَطَّيهِ قَدّا
أَرى خَيرَ نارٍ حَولَها خَيرُ فِتيَةٍ / أَنافَت لَهُم جيداً وَحَفّوا بِها عِقدا
إِذا الريحُ هَبَّت مِن سَوادِ دُخانِها / عِذاراً وَمِن مُحمَرِّ جاحِمِها خَدّا
أَثارَت قَتاماً يَملَأُ العَينَ أَكهَباً / وَجالَت جَواداً في عِنانِ الصَبا وَردا
رَأَيتُ جُفونَ الريحِ وَاللَيلُ إِثمِدٌ / تُقَلِّبُ مِن حُمرِ الجُذى أَعيُناً رُمدا
وَبِالجَمرِ مِن أَكنافِها مَسَّ رِعدَةٍ / تَئِنُّ وَحامي الجَمرِ عَن حَرِّهِ بَردا
وَلَيلٍ تَعاطَينا المُدامَ وَبَينَنا
وَلَيلٍ تَعاطَينا المُدامَ وَبَينَنا / حَديثٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ
نُعاوِدُهُ وَالكاسُ يَعبَقُ نَفحَةً / وَأَطيَبُ مِنهُ مانُعيدُ وَما نُبدي
وَنقلي أَقاحُ الثَغرِ أَو سَوسَنَ الطُلى / وَنَرجِسَةُ الأَجفانِ أَو وَردَةُ الخَدِّ
إِلى أَن سَرَت في جِسمِهِ الكاسُ وَالكَرى / وَمالا بِعَطفَيهِ فَمالَ عَلى عَضُدي
فَأَقبَلتُ أَستَهدي لِما بَينَ أَضلُعي / مِنَ الحَرِّ مابَينَ الضُلوعِ مِنَ البَردِ
وَعايَنتُهُ قَد سُلَّ مِن وَشيِ بُردِهِ / فَعايَنتُ مِنهُ السَيفَ سُلَّ مِنَ الغِمدِ
لَيانُ مَجَسٍّ وَاِستِقامَةُ قامَةٍ / وَهَزَّةُ أَعطافٍ وَرَونَقُ إِفرِندِ
أُغازِلُ مِنهُ الغُصنَ في مَغرَسِ النَقا / وَأَلثُمُ وَجهَ الشَمسِ في مَطلَعِ السَعدِ
فَإِن لَم يَكُنها أَو تَكُنهُ فَإِنَّهُ / أَخوها كَما قُدَّ الشِراكُ مِن الجِلدِ
تُسافِرُ كِلتا راحَتَيَّ بِجِسمِهِ / فَطَوراً إِلى خَصرٍ وَطَوراً إِلى نَهدِ
فَتَهبِطُ مِن كَشحَيهِ كَفَّي تَهامَةً / وَتَصعَدُ مِن نَهدَيهِ أُخرى إِلى نَجدِ
أَلا ماءَ إِلّا فَوقَ نَصلٍ يُجَرَّدُ
أَلا ماءَ إِلّا فَوقَ نَصلٍ يُجَرَّدُ / وَلا ظِلَّ إِلّا تَحتَ رُمحٍ يُسَدَّدُ
وَلا غَيمَ إِلّا قَسطَلٌ ثارَ أَقتَمٌ / وَلا بَرقَ إِلّا أَشقَرٌ جالَ تَجرَدُ
وَلا سَيرَ إِلّا فَوقَ ظَهرِ تَنوفَةٍ / يُراعُ سَرابُ القاعِ فيها فَيُرعَدُ
وَخَرقٍ سَحيقٍ يَملَأُ الصَدرَ وَحشَةً / بِرَجعِ صَهيلِ الطِرفِ فيهِ وَيوقِدُ
طِلاباً لِأَمرٍ يَركَعُ الرُمحُ عِندَهُ / طَويلاً وَيَهوي المَشرَفِيُّ فَيَسجُدُ
وَحَوماً عَلى ماءٍ تَدانى بِهِ المُنى / وَيَنأى بِهِ المَسرى فَيَدنو وَيَبعُدُ
طَوَيتُ بِهِ تَحتَ الضُلوعِ سَريرَةً / سَيُفصِحُ عَنها السَيفُ وَهوَ مُجَرَّدُ
وَقَد فَلَّهُ طولُ الجِلادِ كَأَنَّما / يُضاحِكُ مِنهُ مَفرِقَ الفَرقِ أَدرَدُ
وَطولُ اِعتِناقِ المَجدِ كُلِّ ثَنِيَّةٍ / تُمَدُّ إِلى لَمسِ السَماءِ بِها يَدُ
عَلَيها وِشاحٌ لِلعَقيقَةِ مُذهَبٌ / يَجولُ وَبُردٌ لِلغَمامَةِ أَربَدُ
وَأَخضَرَ عَجّاجٍ تُدَرِّجُهُ الصَبا / فَتُتهِمُ فيهِ العَينُ طَوراً وَتُنجِدُ
كَأَنَّ فُؤاداً بَينَ جَنبَيهِ راجِفاً / يَقومُ بِهِ نَأيُ الحَبيبِ وَيَقعُدُ
سَأَركَبُ مِنهُ ظَهرَ أَدهَمَ رَيِّضٍ / مَروعٍ بِسَوطِ الريحِ يَرتَدُّ يُزبِدُ
وَأَمضي فَإِمّا بَيتُ نَفسٍ كَريمَةٍ / يُهَدُّ وَإِمّا بَيتُ عِزٍّ يُشَيَّدُ
وَإِن غُضَّ يَوماً دونَهُ طَرفُ حاسِدٍ / فَإِنَّهُما شَمسٌ تُنيرُ وَأَرمَدُ
فَلا يَغتَرِر بِالحِلمِ قَومٌ فَرُبَّما / تَصَدَّعَ عَن سَقطٍ مِنَ النارِ جَلمَدُ
وَلا يَكفُروا نُعمى الغَمامِ فَرُبَّما / تَدَلَّت عَلَيهِم صَعقَةٌ تَتَوَقَّدُ
فَقَصرُ أَناةِ الحِلمِ عَضَّةُ سَطوَةٍ / تُقيمُ صَغا تِلكَ القَنا وَتُسَوِّدُ
وَإِن عَصَفَت يَوماً بِهِم ريحُ زَجرَةٍ / وَلَفَّهُمُ خَطبٌ تَقَعقَعَ مُرعِدُ
فَإِنَّ لِإِبراهِمَ فَيأَةَ رَأفَةٍ / تَعودُ بِعَطفِ الحِلمِ وَالعَودُ أَحمَدُ
وَما اِبنُ عِصامٍ غَيرَ هَضبَةِ عِصمَةٍ / تُجيرُ وَسُقيا رَحمَةٍ تَتَجَدَّدُ
يَسيرُ بِهِ في الحَقِّ رَأيٌ مُسَدَّدٌ / عَلى مَنهَجِ التَقوى وَعَزمٌ مُؤَيَّدُ
فَما تُرعِدُ الأَسيافُ إِلّا مَهابَةً / لِمُؤتَمِرٍ في اللَهِ يَنهى وَيَنهَدُ
وَلا تُكسَفُ الأَقمارُ إِلّا حَسادَةً / لِمُضطَلِعٍ بِالمَجدِ يَسعى فَيَسعَدُ
وَيُذكي وَراءَ اللَيلِ عَيناً حَديدَةً / يَنامُ بِها الدينُ اِحتِراساً وَيَسهَدُ
وَيَحلَمُ لاعَن ذِلَّةٍ وَلَرُبَّما / سَطا أَسَدٌ مِنهُ وَأَطرَقَ أَسوَدُ
أَما وَسِراطٍ بَينَ عَينَيهِ لِلهُدى / لَقَد شادَ أَركانَ الهُدى مِنهُ سَيِّدُ
وَأَلَّفَ أَشتاتَ الفَضائِلِ أَروَعٌ / وَقامَ بِأَعباءِ المَكارِمِ أَيِّدُ
وَدارَ بِهِ في مُقلَةِ المَجدِ ناظِرٌ / وَأَشرَقَ في حَليِ المَساعي مُقَلَّدُ
وَسارَ مَسيرَ النَجمِ هَدياً وَرِفعَةً / فَغارَ بِهِ رَأيٌ وَأَنجَدَ سودَدُ
فَطابَقَ مِنهُ مَنظَراً راقَ مَخبَرٌ / وَظاهَرَ فيهِ مَولِداً طابَ مَحتِدُ
وَحَسبُكَ مِن لَفظٍ وَخَطٍّ قِلادَةٌ / تُفَصِّلُ لِلعَليا وَوَشيٌ مُعَمَّدُ
فَلِلَّهِ طِرسٌ كُلَّما اِسوَدَّ أَسطُراً / تَأَلَّق لَفظاً فَهوَ أَبيَضُ أَسوَدُ
وَنَدبٌ لَبيبٌ يَمشُقُ الطَعنَ كاتِباً / وَيَكفيهِ أُنبوبٌ مِن الرُمحِ أَملَدُ
يُسَوِّدُ أَطرافَ اليَراعِ وَإِنَّما / يُحَمِّرُ سُمرَ الخَطِّ حينَ يُسَوِّدُ
تَبَرَّعَ لَم يَلجَأ إِلى الوَعدِ صَمتُهُ / وَعاقَبَ لَم يُقعِدهُ ضَعفٌ فَيوعِدُ
لَهُ شيمَةٌ تَندى فَتَشفي مِنَ الصَدى / وَتَنقَعُ أَحشاءَ الهَجيرِ فَيَبرُدُ
تَمُدُّ عَلَيكَ الظِلَّ سَرحَةُ أَبطَحٍ / بِها وَيُغنيكَ الحَمامُ المُغَرِّدُ
فَمِن نورِ رَأيٍ لَو تَراءى لِناظِرٍ / لَلاحَ بِهِ تَحتَ الدُجُنَّةِ فَرقَدُ
وَمِن حُرِّ نُبلٍ قَد أَفاضَتهُ هِمَّةٌ / فَساحَ بِهِ في سَفحِ ثَهلانَ مَورِدُ
وَقَولٍ لَهُ في مَعقَدِ الحِلمِ حِكمَةٌ / يُحَلُّ بِها في اللَهِ طَوراً وَيَعقُدُ
وَحُكمٍ لَهُ دونَ الدِيانَةِ سَورَةٌ / تُقيمُ عَلى جَمرِ العِقابِ وَتَقعُدُ
وَما السَيفُ لَولا الخَوفُ إِلّا حَديدَةٌ / وَلا الرُمحُ إِلّا خوطَةٌ تَتَأَوَّدُ
فَيا عارِضاً يَطوي السُرى طَيَّ رَهبَةٍ / فَيَستَلُّ سَيفَ البَرقِ طَوراً وَيُغمَدُ
وَيَسحَبُ أَذيالَ الرَبابِ عَلى الرُبى / فَيَلقَطُ مِن دُرِّ النَدى مايُبَدَّدُ
تَحَمَّل إِلى قاضي القُضاةِ تَحِيَّةً / تَبيتُ بِمَلقى رَحلِهِ تَتَرَدَّدُ
تَضوعُ كَما فاحَت مَعَ الفَجرِ رَوضَةٌ / وَطابَ بِريحِ المَندَلِ الرَطبِ مَوقِدُ
وَتُهوي إِلى لَثمِ البِساطِ وَإِنَّما / تُصَلّي إِلى رُكنِ المَعالي فَتَسجُدُ
أَلا قُل لِذاتِ الخالِ عَنّي إِنَّني
أَلا قُل لِذاتِ الخالِ عَنّي إِنَّني / لَأَرغَبُ عَن خالٍ تَطَلَّعَ في خَدِّ
وَزَهَّدَني في ذَلِكَ الخالِ نِسبَةٌ / أَراها بِخالِ الخَدِّ مِن جُعلِ الوَردِ