المجموع : 6
إذا لم يكن بين القلوب صدود
إذا لم يكن بين القلوب صدود / فأهون شيء أن تصد خدود
وعندي على جور الزمان وعدله / فؤاد بغير الغانيات عميد
ووجد عدمت الصبر لما وجدته / وهم على نقص الحياة يزيد
خليلي لم يبل الزمان وإنما / بلينا وصرف النائبات جديد
وما هذه الأيام إلا رواحل / تبيد بها الأعمار ثم تبيد
وأضغاث أحلام تمر فتستوي / على المرء منها يقظة وهجود
ولما رأيت الغدر في كل شيمة / وليس لموف بالعقود عقيد
عذرت المواضي كيف تنبو شفارها / وسامحت نصل الرمح كيف يحيد
وعمم فودي المشيب فلم يقل / وقاري ألا ليت الشباب يعود
وقد تتمناه نفوس غبية / وليس تمني المستحيل يفيد
وكل امرء خانته صبغة رأسه / فإن وفاء الناس منه بعيد
تلوم الليالي في عهود نقضتها / وما لمواثيق الرجال عهود
مضى الصالح الملك الكفيل ودهره / ذميم وأما سعيد فحميد
تحلت به الأيام ثم سلبنه / فعطل نحر للزمان وجيد
تسود وجه الصبح منه رزية / وشابت نواصي الليل وهو وليد
وما كنت أدري قبلها أن حظنا / شقي وحظ النائبات سعيد
ولا أن وجه الرشد والرشد واضح / يغيب ولو أن الزمان يكيد
أتسطو بأعيان الملوك عبيدها / لقد ذل أحرار وعز عبيدها
لئن كان فينا الصالح الملك صالحاً / فكم من قدار لم تلده ثمود
أبعد أبي الغارات قدس روحه / يؤمل وعد أو يخاف وعيد
ولولا أبو النجم المظفر بعده / تقلص جود واضمحل وجود
وجدناه لما أن فقدنا شقيقه / فبورك موجود وطاب فقيد
لقد شكرته دولة علوية / يدافع عن حوبائها ويذود
تداركها بالحزم والعزم أروع / له عدة من نفسه وعديد
وقام بها والمجد يخذل أختها / أتم قيام والأنام قعود
إلى أن قر العز في مستقره / وقامت بحد المشرفي حدود
وفي ضحوة الإثنين سكن جأشها / وشد قواها والبلاء شديد
وطارت نفوس الخلق من خفقاتها / وكادت جبال الخافقين تميد
فأمسكها بدر بن رزيك عندما / وهي طنب منها ومال عمود
وأطفأ نار الشر عند التهابها / وليس لها غير الرجال وقود
وساس أمور الناس بالبأس والندى / فأخصب مرتاد وذل مريد
ومد على البيداء ستر غمامة / لها البيض برق والصليل رعود
ولو شاء يوم الجمعة الفتك بالعدى / لرضت جباه منهم وخدود
ولكنه أبقى ليعلم أنه / قدير على ما يشتهي ويريد
ألم تتسرع من أوائل خيله / فوارس لم يثبت لهن حسود
ألم يعف عنهم قادراً بعدما غدوا / فريقين منهم قائم وحصيد
وكل مقامات المظفر في الوغى / لها السيف قاض والرقاب شهود
أغر إذا لاقى الخطوب فإنه / صبور على حر الجلاد جليد
ترحب بالأهوال ساحة صدره / إذا طرقتها للهموم وفود
ولا غرو إن ماتت حقود بصدره / فإن صدور القادرين لحود
خليلي بالبطحاء حيث تجمعت / محامل منها ركع وسجود
أعندكما أني تيممت حضرة / مكارمها للوافدين قيود
وزارت أبا النجم الهمام قصائدي / فأنجح قصد عنده وقصيد
وهبت لها ريح القبول بفضله / فليس لها بعد الهبوب ركود
وميزها عن بهرج الناس نقده / وعلمها بالجود كيف تجيد
وفي كل يوم لا تزال صلاته / إلى منزلي تبدي الندى وتعيد
وأعجب ما شاهدت إحسان كفه / إلي وقد عض الحديد حديد
ولم تلهه عن عادة الجود محنة / بها الرمح غار والحسام رشيد
رآني بعين لو رأت يابس الثرى / لأينع مخضراً وأورق عود
تملك شكري من طريق خفية / بها تعرف السادات كيف تسود
وأيقظ لي أجفان حظي ولم أزل / أنبهها مذ كنت وهي رقود
فأفسد بالمعروف وجه معارفي / فمالي من أهل الوداد ودود
وخاطب عني نفسه فتفضلت / بما لم أكن أستامه وأورد
وما الجود إلا فطنة وتيقظ / وما البخل إلا حيرة وجمود
وفي بعض ما أولى غناي وإنما ال / ملوك على قدر النفوس تجود
وأحسن من نعماه عندي كرامة / صديقي عليها كاشح وحسود
فأوزعني الرحمن شكر اصطناعه / فما فوق ما أسدى إلي مزيد
ترى عند نجم الدين علم بما عندي
ترى عند نجم الدين علم بما عندي / له من جزيل الحمد أو خالص الود
وهل عنده أني خطيب لمجده / وأني على عليائه غير معتد
ولكن وداد سره مثل جهره / فباطن ما أخفي كظاهر ما أبدي
عفا الله عني في مديح معاشر / عفا عنهم ذمي وعاتبهم حمدي
أؤلف زور القول فيهم وقد أبت / مساعيك لي أن توقع الغي بالرشد
ومدحك عندي يا مؤيد طاعة / تقربني من طاعة الله والمجد
ولم لا وفيك البأس والدين والندى / وفضلك لا يحصى بحصر ولا عد
وبيتك من عليا عقيل بن عامر / إذا عدت الأنساب واسطة العقد
ولولا حياء الشعر من جودك الذي سرى / وافداً في كل أرض إلى الوفد
لقلت سقى الرحمن أيام جودكم / فقد بعدت عني وطال بها عهدي
فلا زالت الأعياد يلقاك وفدها / وأنت علي الجد مقتبل السعد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد / بل الحمد والمغبون من ليس يحمد
أرى شرف الأخلاق وهي عطية / بها الله يشقي من يشاء ويسعد
تفرد نجم الدين منها بسيرة / يحل بها الذكر الجميل ويعقد
جمال وإجمال وبأس ونائل / وفضل وإفضال ومجد وسؤدد
وحزم وعزم واتقاء وعفة / وخلق وأخلاق وفرع ومحتد
وما ضم هذا الشمل وهو كم ترى / وتسمعه إلا الأجل المؤيد
كريم إذا كلفت دهرك مثله / فقد سميته إيجاد ما ليس يوجد
أجزت على الدار الشريفة بعده / فقلت هل الأيام لي في عود
وهل ألتقي بدر الدجى منك طالعاً / وأبناؤه في برج سعدك أسعد
فلم تمض أيام إلى أن رأيته / وعهد العلى باق كما كنت أعهد
فقلت لها يا دار يهنيكي قادم / رحابك من أنواره تتوقد
فرحت به حتى كأن قدومه / رحيل بشيب أو شباب يجدد
وهنأت حسن الظن منك بمنعم / يصلي له الخطب الجليل ويسجد
لك المعجزات الخمس لم يفتخر بها
لك المعجزات الخمس لم يفتخر بها / سواك ولم تخفق عليه بنودها
فمنها بنو رزيك حين أزلتهم / وحمر المنايا في يديهم وسودها
ومنها رجوع الغز عن مصر بعدما / أبيح بهم وأغوارها ونجودها
ومنهن أيام رأينا وزارة / لغيرك عادت بعدما صد خودها
ألا إن حد السيف لم يبق خاطراً
ألا إن حد السيف لم يبق خاطراً / من الناس إلا حائراً يتردد
ذعرت الورى حتى لقد خاف مصلح / على نفسه أضعاف ما خاف مفسد
فإن بروق الماضيات وصوتها / رواعد منهن الفرائض ترعد
وإن صليل السيف أفحش نغمة / تظل تغني في الطلى وتغرد
تجاوز وإلا فالمقطم خيفة / يذوب وماء النيل لاشك يجمد
لك الحمد إن أرضاك قولي لك الحمد
لك الحمد إن أرضاك قولي لك الحمد / ومالي وسع غير ذاك ولا جهد
أنا الحر يا عبد الرحيم فإن جرى / حديث الذي أوليتني فأنا العبد