المجموع : 4
أَلا لَيتَ شِعري هَل أُصادِفُ خَلوَةً
أَلا لَيتَ شِعري هَل أُصادِفُ خَلوَةً / لَدَيكِ فَأَشكو بَعضَ ما أَنا واجِدُ
رَعى اللَهُ يَوماً فيهِ أَشكو صَبابَتي / وَأَجفانُ عَيني بِالدُموعِ شَواهِدُ
لِيَهنِكَ أَن أَحمَدتَ عاقِبَةَ الفَصدِ
لِيَهنِكَ أَن أَحمَدتَ عاقِبَةَ الفَصدِ / فَلِلَّهِ مِنّا أَجمَلُ الشُكرِ وَالحَمدِ
وَيا عَجَباً مِن أَنَّ مِبضَعَ فاصِدٍ / تَلَقَّيتَهُ لَم يَنصَرِف نابِيَ الحَدِّ
وَمِن مُتَوَلّي فَصدِ يُمناكَ كَيفَ لَم / يَهُلهُ عُبابُ البَحرِ في مُعظَمِ المَدِّ
وَلَم تَغشَهُ الشَمسُ المُنيرُ شُعاعُها / فَيُخطِئَ فيما رامَهُ سَنَنَ القَصدِ
سَرى دَمُكَ المُهراقُ في الأَرضِ فَاكتَسَت / أَفانينَ رَوضٍ مِثلِ حاشِيَةِ البُردِ
فِصادٌ أَطابَ الدَهرَ كَالقَطرِ في الثَرى / كَما طابَ ماءُ الوَردِ في العَنبَرِ الوَردِ
لَقَد أَوفَتِ الدُنيا بِعَهدِكَ نُصرَةً / كَأَنَّكَ قَد عَلَّمتَها كَرَمَ العَهدِ
لَدى زَمَنٍ غَضٍّ أَنيقٍ فِرِندُهُ / كَمِثلِ فِرِندِ الوَردِ في خَجلَةِ الخَدِّ
تُسَوِّغُ مِنهُ العَيشَ في ظِلِّ دَولَةٍ / مُقابَلَةِ الأَرجاءِ بِالكَوكَبِ السَعدِ
فَهُبَّ إِلى اللَذاتِ مُؤثِرَ راحَةٍ / تُجِمُّ بِها النَفسَ النَفيسَةَ لِلكَدِّ
وَوالِ بِها في لُؤلُؤٍ مِن حَبابِها / كَجيدِ الفَتاةِ الرودِ في لُؤلُؤِ العِقدِ
وَإِن تَدعُنا لِلأُنسِ عَن أَريَحِيَّةٍ / فَقَد يَأنَسُ المَولى إِذا اِرتاحَ بِالعَبدِ
أَجَل إِنَّ لَيلى حَيثُ أَحياؤُها الأُسدُ
أَجَل إِنَّ لَيلى حَيثُ أَحياؤُها الأُسدُ / مَهاةٌ حَمَتها في مَراتِعِها أُسدُ
يَمانِيَةٌ تَدنو وَيَنأى مَزارُها / فَسِيّانِ مِنها في الهَوى القُربُ وَالبُعدُ
إِذا نَحنُ زُرناها تَمَرَّدَ مارِدٌ / وَعَزَّ فَلَم نَظفَر بِهِ الأَبلَقُ الفَردُ
تَحولُ رِماحُ الخَطِّ دونَ اِعتِيادِها / وَخَيلٌ تَمَطّى نَحوَ غاياتِها جُردُ
لَحِيٍّ لَقاحٍ تَأنَفُ الضَيمَ مِنهُمُ / جَحاجِحَةٌ شيبٌ وَصُيّابَةٌ مُردُ
أَبٌ ذو اِعتِزامٍ أَو أَخٌ ذو تَسَرُّعِ / فَشَيحانُ ماضي الهَمِّ أَو فاتِكٌ جَلدُ
فَما شيمَ مِن ذي الهَبَّةِ الصارِمِ الشَبّا / وَلا حُطَّ عَن ذي المَيعَةِ السابِحِ اللِبدُ
وَفي الكِلَّةِ الحَمراءَ وَسطَ قِبابِهِم / فَتاةٌ كَمِثلِ البَدرِ قابَلَهُ السَعدُ
عَقيلَةُ سِربٍ لا الأَراكُ مَرادُهُ / وَلا قَمِنٌ مِنهُ البَريرُ وَلا المَردُ
تَهادى فَيُضنيها الوِشاحُ غَريرَةٌ / تَأَوُّهُ مَهما ناسَ في جيدِها العِقدُ
إِذا استُحفِظَت سِرَّ السُرى جُنحَ لَيلِها / تَناسى النَمومانِ الأُلُوَّةُ وَالنَدُّ
لَها عِدَّةٌ بِالوَصلِ يوعِدُ غِبَّها / مَصاليتُ يُنسى في وَعيدُهُمُ الوَعدُ
عَزيزٌ عَلَيهِم أَن يَعودَ خَيالُها / فَيُسعِفَ مِنها نائِلٌ في الكَرى ثَمدُ
كَفى لَوعَةً أَنَّ الوِصالَ نَسيئَةٌ / يُطيلُ عَناءَ المُقتَضي وَالهَوى نَقدُ
سَتُبلِغُها عَنّا الشَمالُ تَحِيَّةً / نَوافِحُ أَنفاسِ الجَنوبِ لَها رَدُّ
فَما نُسِيَ الإِلفُ الَّذي كانَ بَينَنا / لِطولِ تَنائينا وَلا ضُيِّعَ العَهدُ
لَئِن قيلَ في الجِدِّ النَجاحُ لِطالِبٍ / لَقَلَّ غَناءُ الجِدِّ ما لَم يَكُن جَدُّ
يَنالُ الأَماني بِالحَظيرَةِ وادِعٌ / كَما أَنَّهُ يُكدي الَّذي شَأنُهُ الكَدُّ
هُوَ الدَهرُ مَهما أَحسَنَ الفِعلَ مَرَّةً / فَعَن خَطَإٍ لَكِن إِساءَتُهُ عَمدُ
حِذارَكَ أَن تَغتَرَّ مِنهُ بِجانِبٍ / فَفي كُلِّ وادٍ مِن نَوائِبِهِ سَعدُ
وَلَولا السَراةُ الصَيدُ مِن آلِ جَهوَرٍ / لَأَعوَزَ مَن يُعدي عَلَيهِ مَتى يَعدو
مُلوكٌ لَبِسنا الدَهرَ في جَنَباتِهِم / رَقيقَ الحَواشي مِثلَما فُوِّفَ البُردُ
بِحَيثُ مَقيلُ الأَمنِ ضافٍ ظِلالُهُ / وَفي مَنهَلِ العَيشِ العُذوبَةُ وَالبَردُ
هُمُ النَفَرُ البيضُ الَّذينَ وُجوهُهُم / تَروقُ فَتَستَشفي بِها الأَعيُنُ الرُمدُ
كِرامٌ يَمُدُّ الراغِبونَ أَكُفَّهُم / إِلى أَبحُرٍ مِنهُم لَها بِاللُها مَدُّ
فَلا يُنعَ مِنهُم هالِكٌ فَهوَ خالِدٌ / بِآثارِهِ إِنَّ الثَناءَ هُوَ الخُلدُ
أَقِلّوا عَلَيهِم لا أَبا لِأَبيكُم / مِنَ اللَومِ أَو سُدّوا المَكانَ الَّذي سَدّوا
أُولَئِكَ إِن نِمنا سَرى في صَلاحِنا / سِجاحٌ عَلَينا كُحلُ أَجفانِهِم سُهدُ
أَلَيسَ أَبو الحَزمِ الَّذي غِبَّ سَعيِهِ / تَبَصَّرَ غاوينا فَبانَ لَهُ الرُشدُ
أَغَرُّ تَمَهَّدنا بِهِ الخَفضَ بَعدَما / أَقَضَّ عَلَينا مَضجَعٌ وَنَبا مَهدُ
لَشَمَّرَ حَتّى اِنجابَ عارِضُ فِتنَةٍ / تَأَلَّقَ مِنها البَرقُ وَاِصطَخَبَ الرَعدُ
فَسالَمَ مَن كانَت لَهُ الحَربُ عادَةً / وَوافَقَ مَن لاشَكَّ في أَنَّهُ ضِدُّ
هُوَ الأَثَرُ المَحمودُ إِن عادَ ذِكرُهُ / تَطَلَّعَتِ العَلياءُ وَاِستَشرَفَ المَجدُ
تَوَلّى فَلَولا أَن تَلاهُ مُحَمَّدٌ / لَأَوطَأَ خَدَّ الحُرِّ أَخمَصُهُ العَبدُ
مَليكٌ يَسوسُ المُلكَ مِنهُ مُقَلِّدٌ / رَوى عَن أَبيهِ فيهِ ما سَنَّهُ الجَدُّ
سَجِيَّتُهُ الحُسنى وَشيمَتُهُ الرِضى / وَسيرَتُهُ المُثلى وَمَذهَبُهُ القَصدُ
هُمامٌ إِذا زانَ النَدِيَّ بِحَبوَةٍ / تَرَجَّحَ في أَثنائِها الحَسَبُ العِدُّ
زَعيمٌ لِأَبناءِ السِيادَةِ بارِعٌ / عَلَيهِم بِهِ تُثنى الخَناصِرُ إِن عُدّوا
بَعيدُ مَنالِ الحالِ داني جِنى النَدى / إِذا ذُكِرَت أَخلاقُهُ خَجِلَ الوَردُ
تَهَلَّلَ فَاِنهَلَّت سَماءُ يَمينِهِ / عَطايا ثَرى الآمالِ مِن صَوبِها جَعدُ
مُمِرٌّ لِمَن عاداهُ إِذ أَولِياؤُهُ / يَلَذُّ لَهُم كَالماءِ شيبَ بِهِ الشَهدُ
إِذا اِعتَرَفَ الجاني عَفا عَفوَ قادِرٍ / عَلا قَدرُهُ عَن أَن يَلِجَّ بِهِ حِقدُ
وَمُتَّئِدٌ لَو زاحَمَ الطَودَ حِلمُهُ / لَحاجَزَهُ رُكنٌ مِنَ الطَودِ مُنهَدُّ
لَهُ عَزمَةٌ مَطوِيَّةٌ في سَكينَةٍ / كَما لانَ مَتنُ السَيفِ وَاِخشَوشَنَ الحَدُّ
يُوَكِّلُ بِالتَدبيرِ خاطِرَ فِكرَةٍ / إِنِ اِقتَدَحَت في خاطِرٍ أَثقَبَ الزَندُ
ذِراعٌ لِما يَأتي بِهِ الدَهرُ واسِعٌ / وَباعٌ إِلى مايُحرِزُ الفَخرَ مُمتَدُّ
إِذا أَسهَبَ المُثنونَ فيهِ شَأَتهُمُ / مَراتِبُ عُليا كَلَّ عَن عَفوِها الجُهدُ
هُوَ المَلِكُ المَشفوعُ بِالنَسكِ مُلكُهُ / فَيا فَضلَ مايَخفى وَيا سَروَ مايَبدو
إِلى اللَهِ أَوّابٌ وَلِلَّهِ خائِفٌ / وَبِاللَهِ مُعتَدٌّ وَفي اللَهِ مُشتَدُّ
لَقَد أَوسَعَ الإِسلامَ بِالأَمسِ حِسبَةً / نَحَت غَرَضَ الأَجرِ الجَزيلِ فَلَم تَعدُ
أَباحَ حِمى الخَمرِ الخَبيثَةِ حائِطاً / حِمى الدينِ مِن أَن يُستَباحَ لَهُ حَدُّ
فَطَوَّقَ بِاستِئصالِها المِصرَ مِنَّةً / يَكادُ يُؤَدّي شُكرَها الحَجَرُ الصَلدُ
هِيَ الرِجسُ إِن يُذهِبهُ عَنهُ فَمُحسِنٌ / شَهيرُ الأَيادي ما لِآلائِهِ جَحدُ
مِظَنَّةُ آثامٍ وَأُمُّ كَبائِرٍ / يُقَصِّرُ عَن أَدنى مَعايِبِها العَدُّ
رَأى نَقصَ مايَجبيهِ مِنها زِيادَةً / إِذِ العِوَضُ المَرضِيَّ إِلّا يَرُح يَغدو
غَنِيٌّ فَحُسنُ الظَنِّ بِاللَهِ مالُهُ / عَزيزٌ فَصُنعُ اللَهِ مِن حَولِهِ جُندُ
لَنِعمَ حَديثُ البِرِّ تودِعُهُ الصَبا / تَبُثُّ نَثاهُ حَيثُ لاتوضِعُ البُردُ
تَغَلغَلَ في سَمعِ الرَبابِ وَطالَعَت / لَهُ صورَةً لَم يَعمَ عَن حُسنِها الخُلدُ
مَساعٍ أَجَدَّت زينَةَ الأَرضِ فَالحَصى / لَآلِئُ نَثرٌ وَالثَرى عَنبَرٌ وَردُ
لَدى زَهَراتِ الرَوضِ عَنها بِشارَةٌ / وَفي نَفَحاتِ المِسكِ مِن طيبِها وَفدُ
فَدَيتُكَ إِنّي قائِلٌ فَمُعَرِّضٌ / بِأَوطارِ نَفسٍ مِنكَ لَم تَقضِها بَعدُ
مُنىً كَالشَجى دونَ اللَهاةِ تَعَرَّضَت / فَلَم يَكُ لِلمَصدورِ مِن نَفثِها بُدُّ
أَمِثلِيَ غُفلٌ خامِلُ الذِكرِ ضائِعٌ / ضَياعَ الحُسامِ العَضبِ أَصدَأَهُ الغِمدُ
أَبى ذاكَ أَنَّ الدَهرَ قَد ذَلَّ صَعبُهُ / فَسُنِّيَ مِنهُ بِالَّذي نَشتَهي العَقدُ
أَنا السَيفُ لا يَنبو مَعَ الهَزِّ غَربُهُ / إِذا ما نَبا السَيفُ الَّذي تَطبَعُ الهِندُ
بَدَأتَ بِنُعمى غَضَّةٍ إِن تُوالِها / فَحُسنُ الأُلى في أَن يُوالِيَها سَردُ
لَعَمرُكَ ما لِلمالِ أَسعى فَإِنَّما / يَرى المالَ أَسنى حَظِّهِ الطَبِعُ الوَغدُ
وَلَكِن لِحالٍ إِن لَبِستُ جَمالَها / كَسَوتُكَ ثَوبَ النُصحِ أَعلامُهُ الحَمدُ
أَتَتكَ القَوافي شاهِداتٍ بِما صَفا / مِنَ الغَيبِ فَاِقبَلها فَما غَرَّكَ الشَهدُ
لَيَحظى وَلِيٌّ سِرُّهُ وَفقُ جَهرِهِ / فَظاهِرُهُ شُكرٌ وَباطِنُهُ وُدُّ
يُمَيِّزُهُ مِمَّن سِواهُ وَفاؤُهُ / وَإِخلاصُهُ إِذ كُلُّ غانِيَةٍ هِندُ
لِيَهنِ الهُدى إِنجاحُ سَعيِكَ في العِدا
لِيَهنِ الهُدى إِنجاحُ سَعيِكَ في العِدا / وَأَن راحَ صُنعُ اللَهِ نَحوَكَ وَاِغتَدى
وَنَهجُكَ سُبلَ الرُشدِ في قَمعِ مَن غَوى / وَعَدلُكَ في اِستِئصالِ مَن جارَ وَاِعتَدى
وَأَن باتَ مَن والاكَ في نَشوَةِ الغِنى / وَأَصبَحَ مَن عاداكَ في غَمرَةِ الرَدى
وَبُشراكَ دُنيا غَضَّةُ العَهدِ طَلقَةٌ / كَما اِبتَسَمَ النُوّارُ عَن أَدمُعِ النَدى
وَدَولَةُ سَعدٍ لا اِنتِهاءَ لِحَدِّهِ / إِذا قيلَ فيهِ قَد تَناهى تَوَلَّدا
دَعَوتَ فَقالَ النَصرُ لَبَّيكَ ماثِلاً / وَلَم تَكُ كَالداعي يُجاوِبُهُ الصَدى
وَأَحمَدتَ عُقبى الصَبرِ في دَرَكِ المُنى / كَما بَلَغَ الساري الصَباحَ فَأَحمَدا
أَعَبّادُ يا أَوفى المُلوكِ بِذِمَّةٍ / وَأَرعاهُمُ عَهداً وَأَطوَلَهُم يَدا
تَبايَنتَ في حالَيكَ غُرتَ تَواضُعاً / لِتَستَوفِيَ العَليا وَأَنجَدتَ سودَدا
وَلَمّا اِعتَضَدتَ اللَهَ كُنتَ مُؤَهَّلاً / لَدَيهِ لِأَن تُحمى وَتُكفى وَتُعضَدا
وَجَدناكَ إِن أَلفَحتَ سَعياً نَتَجتَهُ / وَغَيرُكَ شاوٍ حينَ أَنضَجَ رَمَّدا
وَكَم ساعَدَ الأَعداءُ أَوَّلَ مُطمَعٍ / رَأَوكَ بِعُقباهُ أَحَقَّ وَأَسعَدا
فَلا ظافِرٌ إِلّا إِلى سَعدِكَ اِعتَزى / وَلا سائِسٌ إِلّا بِتَدبيرِكَ اِقتَدى
ضَلالاً لِمَفتونٍ سَمَوتَ بِحالِهِ / إِلى أَن بَدَت بَينَ الفَراقِدِ فَرقَدا
رَأى حَطَّها أَولى بِهِ فَأَحَلَّها / حَضيضاً بِكَفرانِ الصَنيعَةِ أَوهَدا
وَما زادَ لَمّا لَجَّ في البَغيِ أَنَّهُ / سَعى لِلَّذي أَصلَحتَ مِنها فَأَفسَدا
فَزَلَّ وَقَد أَمطَيتَهُ ثَبَجَ السُها / وَضَلَّ وَقَد لَقَّيتَهُ قَبَسَ الهُدى
طَويلُ عِثارِ الجُرمِ قُلتَ لَهُ لَعاً / بِحِلمٍ تَلَقّى جَهلَهُ فَتَغَمَّدا
تَجَنّى فَأَهدَيتَ النَصيحَةَ مَحضَةً / وَلَجَّ فَوالَيتَ العِقابَ مُرَدَّدا
وَلَم تَألُهُ بُقيا عَلَيهِ تَنَظُّراً / لِفَيئَةِ مَن أَكرَمتَهُ فَتَمَرَّدا
فَما آثَرَ الأولى وَلا قَلَّدَ الحِجى / وَلا شَكَرَ النُعمى وَلا حَفِظَ اليَدا
كَأَنَّكَ أَهدَيتَ السَوابِحَ ضُمَّراً / لِيَركِضَها فيما كَرِهتَ فَيُجهِدا
وَأَجرَرتُهُ ذَيلَ الحَبيرِ تَأَلُّفاً / لَيَخلُقَ فيما جَرَّ حِقداً مُجَدَّدا
سَلِ الحائِنِ المُعتَرَّ كيفَ اِحتِقابُهُ / مَعَ الدَهرِ عاراً بِالعِرارِ مُخَلَّدا
رَأى أَنَّهُ أَضحى هِزَبراً مُصَمِّماً / فَلَم يَعدُ أَن أَمسى ظَليماً مُشَرَّدا
دَهاهُ إِذا ماجَنَّهُ اللَيلُ أَنَّهُ / أَقامَ عَلَيهِ آخِرَ الدَهرِ سَرمَدا
يُحاذِرُ أَن يُلفى قَتيلاً مُعَفَّراً / إِذا الصُبحُ وافى أَو أَسيراً مُقَيَّدا
لَبِئسَ الوَفاءُ اِستَنَّ في اِبنِ عَقيدَةٍ / عَشِيَّةَ لَم يُصدِرهُ مِن حَيثُ أَورَدا
قَرينٌ لَهُ أَغواهُ حَتّى إِذا هَوى / تَبَرَّأَ يَعتَدُّ البَراءَةَ أَرشَدا
فَأَصبَحَ يَبكيهِ المُصابُ بِثُكلِهِ / بُكاءُ لَبيدٍ حينَ فارَقَ أَربَدا
فِداءٌ لِإِسماعيلَ كُلُّ مُرَشَّحٍ / إِذا جُشِّمَ الأَمرُ الجَسيمَ تَبَلَّدا
أَفادَ مِنَ الأَملاكِ حِدثانِ فَشلِهِم / مَوالِيَ لَم يَشكُ الصَدي مِنهُمُ الصَدى
أَعادَ الصَباحَ الطَلقَ لَيلاً عَلَيهِمُ / فَجاءَ وَأَثنى ناظِرَ الشَمسِ أَرمَدا
فَحَلَّ هِلالاً في ظَلامِ عَجاجَةٍ / تُلاحِظُهُ الأَقمارُ في الأُفقِ حُسَّدا
يُراجِمُ مِن صِنهاجَةٍ وَزَناتَةٍ / بِمِثلِ نُجومِ القَذفِ مَثنىً وَموحَدا
هُمُ الأَولِياءُ المانِحوكَ صَفاؤُهُم / إِذا امتازَ مُصفي الوُدَّ مِمَّن تَوَدَّدا
لَهُم كُلُّ مَيمونِ النَقيبَةِ بازِلٍ / كَفيلٍ بِأَن يَستَهزِمَ الجَمعَ مُفرَدا
يَسُرُّكَ في الهَيجا إِذا جَرَّ لامَةً / وَيُرضيكَ في النادي إِذا اِعتَمَّ وَاِرتَدى
كَرِهتَ لِسَيفِ المُلكِ أُلفَةَ غِمدِهِ / وَقَلَّ غَناءُ السَيفِ ماكانَ مُغمَدا
وَلَم تَرَ لِلشِبلِ الإِقامَةَ في الثَرى / فَجَدَّ اِفتِراساً حينَ أَصحَرَ لِلعِدا
هُمامٌ إِذا حارَبتَ فَاِرفَع لِواءَهُ / فَما زالَ مَنصورَ اللِواءِ مُؤَيَّدا
وَيَأنَفُ مِن لينِ المِهادِ تَعَوُّضاً / بِصَهوَةِ طَيّارٍ إِلى الرَوعِ أَجرَدا
وَقِدماً شَكا حَملَ التَمائِمِ يافِعاً / لِيَحمِلَ رَقراقَ الفِرِندِ مُهَنَّدا
وَلَم نَرَ سَيفاً باتِكَ الحَدِّ قَبلَهُ / تَناوَلَ سَيفاً دونَهُ فَتَقَلَّدا
لَئِن أَنجَزَت مِنهُ الشَمائِلُ آخِراً / لَقَد قَدَّمَت مِنهُ المَخايِلُ مَوعِدا
قَرَرتَ بِهِ عَيناً فَكَم سادَ عِترَةً / وَكَم ساسَ سُلطاناً وَكَم زانَ مَشهَدا
وَأَعطَيتُما فيما تُريغانِهِ الرِضى / وَبُلِّغتُما مِمّا تُريدانِهِ المَدى