القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 22
أَيا رَوضَةَ الوادي أَجِب رَبَّةَ الحِمى
أَيا رَوضَةَ الوادي أَجِب رَبَّةَ الحِمى / وَذاتَ الثَنايا الغُرَّ يا رَوضَةَ الوادي
وَظَلَّل عَلَيها مِن ظِلالِكَ ساعَةً / قَليلاً إِلى أَن يَستَقِرَّ بِها النادي
وَتُنصَبُ بِالأَجوازِ مِنكَ خِيامُها / فَما شِئتَ مِن طَلٍّ غَذاءً لِمُنآدِ
وَما شِئتَ مِن وَبلٍ وَما شِئتَ مِن نَدىً / سَحابٌ عَلى باناتِها رائِحٌ غادِ
وَما شِئتَ مِن ظِلٍّ ظَليلٍ وَمِن جَنىً / شَهِيٍّ لَدى الجاني يَميسُ بِمَيّادِ
وَمِن ناشِدٍ فيها زَرودَ وَرَملَها / وَمِن مُنشِدٍ حادٍ وَمِن مُنشِدٍ هادِ
أَلا يا ثَرى نَجدٍ تَبارَكتَ مِن نَجدِ
أَلا يا ثَرى نَجدٍ تَبارَكتَ مِن نَجدِ / سَقَتكَ سَحابُ المُزنِ جَوداً عَلى جَودِ
وَحَيّاكَ مِن أَحياكَ خَمسينَ حِجَّةً / بِعَودٍ عَلى بَدءٍ وَبَدءٍ عَلى عَودِ
قَطَعتُ إِلَيها كُلَّ قَفرٍ وَمَهمَهٍ / عَلى الناقَةِ الكَوماءِ وَالجَمَلِ العَودِ
إِلى أَن تَراءى البَرقُ مِن جانِبِ الحِمى / وَقَد زادَني مَسراهُ وَجداً عَلى وَجدي
إِذا ما اِلتَقَينا لِلوَداعِ حَسِبتَنا
إِذا ما اِلتَقَينا لِلوَداعِ حَسِبتَنا / لَدى الضَمِّ وَالتَعنيقِ حَرفاً مُشَدَّدا
فَنَحنُ وَإِن كُنّا مُثَنّى شَخوصُنا / فَما تَنظُرُ الأَبصارُ إِلّا مُوَحَّدا
وَما ذاكَ إِلّا مِن نُحولي وَنورُهُ / فَلَولا أَنيني ما رَأَت لِيَ مَشهَدا
أَلا يا نَسيمَ الريحِ بَلِّغ مَها نَجدِ
أَلا يا نَسيمَ الريحِ بَلِّغ مَها نَجدِ / بِأَنّي عَلى ما تَعلَمونَ مِنَ العَهدِ
وَقُل لِفَتاةِ الحَيِّ مَوعِدُنا الحِمى / غُدَيَّةَ يَومِ السَبتِ عِندَ رُبى نَجدِ
عَلى الرَبُوَّةِ الحَمراءِ مِن جانِبِ الضَوى / وَعَن أَيمَنِ الأَفلاجِ وَالعَلَمِ الفَردِ
فَإِن كانَ حَقّاً ما تَقولُ وَعِندَها / إِلَيَّ مِنَ الشَوقِ المُبَرِّحِ ما عِندي
إِلَيها فَفي حَرِّ الظَهيرَةِ نَلتَقي / بِخَيمَتِها سِرّاً عَلى أَصدَقِ الوَعدِ
فَتُلقي وَنُلقي ما نُلاقي مِنَ الهَوى / وَمِن شِدَّةِ البَلوى وَمِن أَلَمِ الوَجدِ
أَأَضغاثُ أَحلامٍ أَبُشرى مَنامَةٍ / أَنُطقُ زَمانٍ كانَ في نُطقِهِ سَعدي
لَعَلَّ الَّذي ساقَ الأَماني يَسوقُها / عَياناً فَيُهدي رَوضُها لي جَنى الوَردِ
أنا المحيي لا أكنى ولا أتبلد
أنا المحيي لا أكنى ولا أتبلد / أنا العربيُّ الحاتمي محمدُ
لكلِّ زمانٍ واحد هم عينه / وإني ذاك الشخصُ في العصرِ أوحدُ
وما الناس إلا واحدٌ بعد واحدٍ / حرامٌ على الأدوارِ شخصان يوجد
أقابل عضاتِ الزمان بهمةٍ / تذلُّ لها السَّبعُ الشدادُ وتخمدُ
مؤيّدنا فيه على كلِّ حالة / إله السما وهو النَّصير المؤيد
وما ذاك عن حقِّ ولكن عناية / اتتني وحُسَّادي ترومُ وتجهد
ألم تر أن الله أكرمَ أحمداً
ألم تر أن الله أكرمَ أحمداً / ونادى به حتى إذا بلغ المدى
تلقاه بالقرآن وحياً منزلاً / فكان له روحاً كريماً مؤيدا
وأعطاه ما أبقى عليه مهابةً / فاورثه علماً وحِلماً وسؤددا
وأعلى به الدين الحنيفي والهدى / وصيرَّه يومَ القيامةِ سيِّدا
وهيأ يومَ الفصلِ عند وروده / له فوق أدنى في التقرب مقعدا
وعين يوم الزور في كلِّ حضرةٍ / له في كَثيبِ المسكِ نُزُلاً ومشهدا
فيا خير خلقِ الله بل خير مُرسَلٍ / لقد طبتَ في الأعراق نشأ ومحتدا
تحليت للإرسال في كل شُرعةً / يظهرن آياتٍ ويقدحن أزندا
ففي قولكم لما دعيت مّذماً / كعصمتنا من سبِّ من كان ألحدا
علومٌ وأسرار لمن كان ذا حجى / تدل على خُلق كريمٍ من العِدى
فيا خيرَ مَبعوثٍ إلى خيرِ أُمَّة / لو أنك في ضيقٍ لكنت لك الفدا
ولما دعوتُ الله غيرةَ مؤمنٍ / على من تعدَّى في الشريعة واعتدى
أتاك عتابُ الله فيه ولم تكن / أردت به إلا التعصبُ للهدى
بأنك قد أرسلتَ للخلقِ رحمةً / ومن كان هذا أصله طاب مولدا
مدحتك للأسماع مدحَ معرِّف / وقمت به في موقفِ العدلِ مُنشدا
وها أنا أتلو في مديحك السنا / تعز على من كان في العلمِ قد شدا
ولم أغل بل قلت الذي قال ربنا / وجئت به فضلاً مبيناً لأرشدا
مدحتك بالأسماء أسماء ربنا / ولم ألتفت عقلاً ورأياً مسدَّدا
بأنك عبد الله بل أنت كونه / وأنت مضاف الكافِ شَرعاً وما عدا
فعينك عين السِّرِّ والسمعُ سمعُه / وأنت الكبير الكل للعين إنْ بدا
وأنت الذي أكني إذا قلت كنية / وأنت الذي أعني إذا ما تمجدا
لقد خصك الرحمن بالصورةِ التي / روينا ولم ينزل لنا ذكرها سدى
وأنت مقالُ العبد عند قيامه / من الركعة الزلفى ليهوي فيسجدا
وأنت وجود الهاء مهما تعبدت / وأنت وجودُ الواو مهما تعبَّدا
فقل إنه هو أو فقل ليس هو بهو / وإياك أن تبتغي لنفسك موعدا
ولا تأخذ إلا لقاءً زوراً فإنه / حقيقتكم إن راح عنكم وإن غدا
ولما اصطفاك الله عبداً مقرَّباً / أراك الذي أعطى عليك وأشهدا
فمن كان يدريه يكون موحداً / ومن كان لا يدري يكون موحدا
إذا ما مدحت العبد فامدحه هكذا / وكن في الذي تلقيه عبداً موحدا
فإنك لم تمدحه إلا به فكن / لمن جاء يستفتيك ركناً ومقصدا
فوالله لولا الله ما كنت مصلحاً / ووالله لولا الكونُ ما كنتُ مُفسدا
فمن كان مشهوداً به كان مؤمناً / ومن كان معلوماً له كان ملحدا
فكن من علا في الأمر بالأمر نفسه / ولا تك ممن قال قولاً فأخلدا
فهذا مديح الاختصاصِ مبينٌ / جمعتُ لكم بين الندا فيه والندا
وأجريتُ فيه الخمر نهر الشارب / إذا ما تحسَّى جرعة منه عربدا
ألا إنني أرجو من الله أن أرى / بمشهده الأعلى عبيداً مؤيدا
بأسمائه الحسنى وأنفاسِ جودِه / أكون بها بين الأنام مسوَّدا
تنوّعت الأحوال فاعترف العبد
تنوّعت الأحوال فاعترف العبد / وكان له القربُ المعين والبعدُ
ألم تر أنَّ الله قد وعد الذي / أتاه به صدقاً وقد صدق الوعد
فمن كان ذا عهدٍ وفياً بعهده / يوفي له بالشرعِ ما قرّر العهد
فسلم إليه الأمر في كلِّ حالة / فللَّه هذا الأمر من قبلُ من بعدُ
أنا المؤمن السّجاد أبغي بسجدتي / شهودَ إله قيلَ فيه هو الفرد
وما هو إلا الواحد الأحدُ الذي / يقرّبه عقدٌ ويجحده عقدُ
فمن شاء فليرحل ومن شاء فليقم / فقد عُرفَ المعنى وقد حُقق القصد
دنا وتدلَّى عبدُ ربٍّ وربه
دنا وتدلَّى عبدُ ربٍّ وربه / فلما التقينا لم أجد غيرَ واحدِ
دواماً مع الدنيا على كل حالةٍ / وفي الساحة الأخرى بأعدلِ شاهد
دعوت به حتى إذا ما استجاب لي / رأيتُ الصدى يجري فكنت كفاقد
دووا بي عليه كي أرى غيرَ موجودي / لذاك أرى بين السُّهى والفراقدِ
دعاني إليه بالسجودِ فعندما / سجدتُ له خابت لديه مقاصدي
ولا لك يا هذا حجابك فلتقم / بعزةِ معبودٍ وذلةِ عابدِ
دُعيتُ فلما جئت أكرَمَ مجلسي / وقال لنا أهلاً بأكرم وارد
ومشيت لما قد جاءني من خطابه / وأطعمني ذوقاً لذيذَ المواعد
دوامُ شهودِ الذاتِ فيه لمن درى / إذا ما ابتلاه الله سمّ الأساود
دعِ الأمر يجري منه لا منك واتئد / تكن في عِداد المحصناتِ الفرائدِ
غزالٌ من الفردوس بات معانقي
غزالٌ من الفردوس بات معانقي / فقبلني وداً فتم مرادي
له زينةُ الأسماءِ أسماءِ خالقي / عليه من الأثوابِ ثوبُ حداد
من أجل الذي قد بات فيه مهيماً / ضَحوكاً للقياه صحيح وداد
تراه مع الأنفاس يتلو كتابه / بعبرة محزونٍ حليفِ سهاد
يقوم بأمرِ الله إذ قال قم به / بطاعةِ مهديٍّ وسنة هادي
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب / ألا ليت شعري من هو الربُّ والعبدُ
تسترت عني بي فقلت بأنني / ظهرت فلم تخفَ خفيت فلم أبدُ
طلبتكم مني فلم أر غيركم / فهل حكمُ القبلِ المحكم والبعدُ
قعدتُ بكم عنكم لكوني كونكم / فلما قعدنا قمتَ أنت بنا تعدو
إليكم عسى يبدو وجودي إليكمُ / فألفيته في اسم يقال له الفرد
فأسماؤك الحسنى يكثر كونها / وجودي ولولا ذاك لم يكن البعد
فمن يحصها حالاً يكون بجنة / ومن يحصها عدّا يكون له الحدّ
لي البعد منكم والتداني من اسمكم / فبعدي لكم قربٌ وقربي بكم بُعدُ
إذا أنت أعطيتَ النعيم وجدتني / شكوراً وإن لم تعطني فلك الحمد
مركبنا يبغيه برهانُ وجدكم / وأفراده بالذاتِ يطلبها الحدّ
فمن قام في الأفراد فالحدّ آجلٌ / ومن قام في التركيب برهانه النقد
فكم بين موضوع حماه محرَّم / وكم بين محمولٍ يساعده الجدّ
إذا غطني ملقى الحديثِ بباطني / ففي حلِّ تركيبي يكونُ له قصد
فيفصم عني وهو للذاتِ قاهرٌ / إذا بلغ المقصودُ من غطّيَ الجهد
أسايره حتى إذا ينقضي الذي / أتاني به ألوي على عقبي أعدو
يزملني من كان عندي حاضراً / لما هدَّ مني ما تضمنه العهدُ
ولستُ بما قد قلته بمشرِّع / لقومي ولكني ورثتُ فلم أعد
تروح عليّ الروح يوماً إذا يرى / قبولا بآداب وعن امره تغدو
بما أنا مأمور به انا آمر / وما لي مهما جاءني منهما بدّ
لعبت بشطرنجِ العقولِ مدبراً / ولي في الذي يبدو القبولُ أو الردّ
وبالنرد يلهو صاحبُ الشرعِ والحجى / وقد عرفَ المطلوبَ من لهوه النرد
وبينهما شطرنج نردٍ لمن يرى / ويقضي عليه ما يقابله العقد
تولى على الأسرار سلطانُ ودِّه / وأفلح سرٌّ كان سلطانه الودّ
له حرمات في شهور تعينت / فواحدهم فردٌ وباقيهمُ سرد
إذا أنت شاهدت الوجودَ وجودَه / بذلك ما يعطيه من قدحه الزند
ولكنه بالريح روحٌ بقائه / يقال له في عُرفنا النفخ والوقد
فيفعل فعل النورِ والنارِ وسمه / كما لهما الإطفاء والذم والحمد
فخصّ بفتح النون إذ عمّ نفعه / ورحمته والضم من شأنه السدّ
فتطمع فيه الكاعبات لنفعه / وترهب منه في أماكنها الأسد
تبارك ربٌّ لم يزل عالي الجدّ
تبارك ربٌّ لم يزل عالي الجدّ / نزيهاً عن الفصلِ المقومِ والحدّ
تعالى فلا كونٌ يقاوم كونه / يعبر عنه الكشفُ بالعَلَمِ الفرد
تميز في خلق جديد مميز / بأسمائه الحسنى وبالأخذ للعهد
فقلت له من أنت يا من جهلته / فقال المنادي ذو الثناء وذو المجد
كمثلِ الصدى كان الحديث فمن يقل / خلاف الذي قد قلته خاب في القصد
فمن يدر سرَّ الفرد لم يجهل الذي / يجيء به الفرد الوحيدُ من العدّ
وليس سواه والعيون كثيرةٌ / وتختلف الألقاب فيه مع الفقد
ألا إنه الفرقانُ عينُ وجودي
ألا إنه الفرقانُ عينُ وجودي / وإن كان قرآناً فذاك شهودي
زَبورٌ وتوراةٌ وإنجيلُ مهتدٍ / مسيحٌ وقرآنٌ صريحٌ وجودي
تعاليتَ أنت الله في كل صورةٍ / تجلَّت بلا ستر لعينِ مريد
وقد شهدت عندي بذاك مسامعي / من ألفاظِ معصوم بجبل وريد
فما العالم المنعوتُ بالنقصِ كائنٌ / ولكنه نقصٌ بغير مزيد
فما نظرت عيني مليكاً مسوَّداً / تجلى لمملوك بنعتِ مسود
سواه ولكن فيه للقلب نظرة / إذا هو ملاه بنعت عبيد
فأخبرت عن قرب بما أنا شاهد / وإن كنتُ فيما قلته ببعيد
فبعدي به قربٌ إليه وقربنا / هو البعد إذ كان الوجودُ شهيدي
وما أنا معصوم ولست بعاصمٍ / إذا طلعت شمسي بنجم سعودي
ولو كنتُ معصوماً لما كنت عارفاً / وإني لعلاَّم به وبجودي
كما جاءنا نصُّ الكتابِ مخبراً / بغفرانِ ذنبِ المصطفى بقيودِ
يقولون أنت الحقُّ بل أنا خلقه / ولو كنتَ حقاً لم يكن ببعيدِ
فإني مشهودٌ وحكمي قاصرٌ / وإن كان عينُ الحقِّ عينَ وجودي
وحكمي عليه نافذٌ غير قاصر / وعينُ الحقِّ عينُ شهودي
ولستُ بخلاقٍ ولستُ بفاجرٍ / إذا كان لي كن واستمر قصودي
ومهما يفو سمعي فإني سامعٌ / لما أورده فالورودُ ورودي
وما أنا علاَّمٌ ولستُ بجاهلٍ / إذا كان مشهودي بحيث شهودي
وما أنا حيّ لا و لا أنا ميِّتٌ / وإنْ ألحقوني عندهم بلحودي
ولستُ بأعمى لا و لا أنا مبصرٌ / إذا كان قربي منه قرب وريدي
ولستُ بذي نطقٍ وإن كنتُ مفصحاً / بأخبار ما عاينتُ دونَ مزيدِ
فذاتي ذاتُ الحقِ إذ هي عينُنا / كما جاء في الشَّرعِ المبينِ فعودي
إلى الحقِّ يا نفسي ولا تجزعي لما / أتيت بما أودعتهُ بقصيدي
إذا ما ذكرت الله في غسق الدجى
إذا ما ذكرت الله في غسق الدجى / دُجى الجسمِ لو عند الصباحِ إذا بدا
صباحُ الذي يحيى به الجسم عندما / هو الروح لكن بالمزاجِ تبلَّدا
فلا يأخذِ الأشياء من غير نفسه / ولكن بآلاتٍ بها سرُّه اهتدى
فأمسى فقيراً بعد أن كان ذا غنى / وأصبح عبداً بعد أن كان سيِّدا
لقد خلته رُوحاً كريماً منزهاً / فأصبح ريحاً عنصرياً مُجسَّدا
وكان جليساً للخضارمةِ العُلى / بمقعد صدقٍ للنفوسِ مؤيدا
لقد كان فيهم ذا وقارٍ وهيبةٍ / فلما ارتدى الجسمَ الترابيّ ألحدا
وأجرى له نهراً من الخمر سائغاً / فلما تحسي شربةً منه عربدا
وكان له فوق السموات مشهدٌ / فلما رأى الأرض الأريضة أخلدا
وكان لما يلقاه بالذاتِ قائلاً / وكان إذا ما جاءه الوحي أسجدا
وقد كان موصوفاً فأصبح واصفاً / كما كان ذا قصدٍ فأصبح مَقصدا
كما كان فيما نال منه موعدا / فأصبح فيما نيل منه موحدا
وفي عالم البعدِ الذي قد رأيته / رأيت له في حضرةِ القربِ مقعدا
ولما تجلّى من تجلى بنعتهم / رأيتهمُ خرّوا بكياً وسجّدا
وأصعقهم وحيٌ من الله جاءهم / فلما أفاقوا قلت ماذا فقال دا
أصابهم في حالِ نشأةِ ذاتهم / ولن يصلحَ العطارُ ما الدهر أفسدا
فقلت وهل ميزتني في رعيلهم / فقال وهل عبدٌ يصير مسوَّدا
جعلتكمُ في أرض كوني خليفةً / وأبلست من ناداك فيها وفندا
وأسجدتُ أملاكي وكانوا أئمة / لرتبتك العليا فأمسيت معبدا
نهيتك عن أمر فقاربته ولم / نجد لك عزماً إذ نرى منك ما بدا
وقمت لكم فيه بعذر مُبين / بوّئت داراً خالداً ومخلدا
كما قال من أغواكمُ غير عالم / بما قاله إذ قال قولاً مسددا
ومار بخسران إلى أصل فلقه / كنوز سراج في ظلام توقَّدا
يضيء لإبصارٍ ويحرقُ ذاته / عن أمر إلهي أتاه فما اعتدى
فيا ليتَ شعري هل يرى الناس ما أرى
فيا ليتَ شعري هل يرى الناس ما أرى / من العلم في القرآن والنورِ والهدى
لقد جمعَ الله الكريمُ بفضلِه / ورحمته بين الأودَّاء والعِدى
وما كلُّ قربٍ كائنٌ عن قرابةٍ / كمثلي وإنّ الحقَّ بالكامل ارتدى
وكان كمالي فيه بالصورة التي / خُصصت بها فانظره في باطن الردا
وفي سورةِ الشورى إبان وجودها / بديّ لمن قد فاز فيها إذا ابتدا
وأنزلنا في عالمِ الخلق قدوةً / أئمتها وأسوةً لمن اقتدى
فللَّه ما يبقى ولله ما مضى / فلم يوجد الأشياء خلاقها سدى
وإني لعلاّم بما جئتكم به / وما أنا ممن حار فيه وقلَّدا
وإنّ لنا في كلِّ حالٍ مواقفاً / ومقعدَ صدقٍ في الغيوبِ ومشهدا
وإني ممن أسلم الأمر فيكمُ / إليه وممن بالإمامة قلَّدا
أنا خاتمٌ للأولياء كما أتى / بأنَّ ختام الأنبياءِ محمدا
ختامَ خصوصٍ لا ختامَ ولاية / تعم فإنّ الختم عيسى المؤيَّدا
لقد منح الله العبيدَ قصيدةً / يقوم بها يومَ القيامةِ مُنشدا
على رأسِ مبعوثٍ إلى خير أمّة / لقد طاب أصلاها شمياً ومولدا
مطوتُ متونَ الصافنات جيادي
مطوتُ متونَ الصافنات جيادي / بقبة أجيادِ ومهبطِ وادِ
أزاحم فيه كلَّ ملكٍ متوّجٍ / وأنفق فيه طار في وتِلادِي
وأظهرُ فيه كلَّ يومٍ بصورة / إلى أنْ نزلتُ الأرضَ أرضَ إياد
فعاينتُ قُساً في عكاظٍ وعنده / بمجلسِه المهديّ وهو ينادي
أظلكمُ وقتٌ عليه مهابةٌ / بإظهار مهدي شريعةِ هاد
أقول بأني واحد بوجودي
أقول بأني واحد بوجودي / وإني كثير في الوجود بجودي
لنا ألسن بالجود والكرم الذي / ورثناه من آبائنا وجدودي
تميزَ ربي عن وجودي بحدّنا / وجد إلهي إن نظرتَ وجدودي
ولا حدَّ لله العظيم فإنه / نزيه وتنزيه الإله حدودي
وإني في خلق جديد بصورتي / ولستُ بخلقٍ للحديثِ جديد
تفكرت في قولٍ جديد فلم أجد / سواه وإنَّ الله غيرُ جديدِ
وأعلم أني في مزيد بجودِه / لأني شكورٌ لا بشكرِ مزيدِ
ولولا امتثالُ الأمر ما قلت هكذا / فعينُ دعائي للوفا بعهودي
عقدتُ مع الله الكريم بأنه / هو الربُّ لي في غيبتي وشهودي
وما زال هذا حالتي وعقيدتي / فميزني فيمن وفي بعهودي
لساني كلام الحقِّ فالقول قوله / أنوب به عن أمره وشهيدي
عليه كلام جاء من عنده بنا / أنا قائم في قومتي وسجودي
تنزهت أن أحظى ويحظى بنا وقد / علمتُ بأني عنه غير بعيد
تمنيتُ من ربي وجوداً مكملا / فقال وجود الكون عين وجودي
أقسم ما بين المراد حقيقته / لمن ليس يدريها وبين مريدِ
وما وقع التقسيم فيها وإنه / لمعنى يراه الناظرون سديد
كما قسّم الله الصلاةَ بحكمة / لنا ما بين ساداتٍ وبين عبيد
إذا ما نعتَّ الحقَّ يوماً فقيِّد
إذا ما نعتَّ الحقَّ يوماً فقيِّد / ولا تطلقنَّ النعتَ إن كنتَ تهتدي
إذ أنت أرسلت النعوت ولم تكن / تقيدها فيه فما أنت مهتدي
إذا كنتَ علاماً بما أنت ظاهرٌ / علمتَ بأنّ السرَّ بالعبد مرتدي
وإن كنتَ لا تدري ولست بطالبٍ / ولا باحثٍ فاعلم بأنك معتدي
إذا لم يقع نفعٌ لنفسِك ههنا / فأنت إذا بعثرت اخسر في غد
لو أنك مطلوبٌ بكل جريمةٍ / ومتَّ على التوحيد علما كان قد
ولستَ بأهلٍ للخلود بنارِه / ولستَ بمجرومٍ ولستَ بمفسد
كذا أنتَ عند الله في عينِ علمه / بقبضة اليمنى تروحُ وتعتدي
دليلي عليه ذو السجلاتِ فاعلموا / وذلك عينُ الحكم في غير مَشهد
وإن كنتَ سبَّاقاً لكل فضيلةٍ / تفوزُ إذا جاؤوا بأصدقِ مقعد
عجبتُ لمن قد كان عينَ هويتي
عجبتُ لمن قد كان عينَ هويتي / ويشهد لي بالنقص عينُ مزيدي
فما أدري ما هذا ولستُ بجاهل / وقد عرفتني بالأمور حدودي
ولولا حدود الشيء ما امتاز عينه
ولولا حدود الشيء ما امتاز عينه / ولولا حدودي ما عرفتُ حدودي
لقد عشتُ أيّاماً بغير منازعٍ / ولم أك محسوداً لغير حسود
ألا إن كشفي مثبتٌ كلَّ معتقدٍ
ألا إن كشفي مثبتٌ كلَّ معتقدٍ / إذا كان إثباتا ولستُ بمنتقد
فمن كان ينوي الخير فالخير حاصلٌ / ومن كان ينوي الشرَّ فالشرُّ قد فقد
ولو كان عقد الأمر عقداً معينا / لضاقَ نطاقُ الأمرِ فاقدحْ عسى تِقد
فقد وسم الحق اعتقاداتِ خلقه / وحسبك ما قد قلت في حقه وقد
ويأبى جنابُ الحقِّ إلا اتساعه / لتشهدَه الأبصار في كلِّ معتقد
وما تدرك الأبصار منه سوى الذي / تراه وما يخفى عن العينِ يعتقد
وإنَّ اللبيبَ الحبر يصمتُ عندما / يرى شاهد التحويلِ في الحقِّ قد وجد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025