المجموع : 29
لَعَمروُ أَبيكِ الخَيرِ يا شَعثَ ما نَبا
لَعَمروُ أَبيكِ الخَيرِ يا شَعثَ ما نَبا / عَلَيَّ لِساني في الحُروبِ وَلا يَدي
لِساني وَسَيفي صارِمانِ كِلاهُما / وَيَبلُغُ ما لا يَبلُغُ السَيفُ مِذوَدي
وَإِن أَكُ ذا مالٍ كَثيرٍ أَجُد بِهِ / وَإِن يُعتَصَر عودي عَلى الجَهدِ يُحمَدِ
فَلا المالِ يُنسيني حَيائي وَحِفظَتي / وَلا وَقَعاتُ الدَهرِ يَفلُلنَ مِبرَدي
أُكَثِّرُ أَهلي مِن عِيالٍ سِواهُمُ / وَأَطوي عَلى الماءِ القَراحِ المُبَرَّدِ
إِذا كانَ ذو البُخلِ الذَميمَةُ بَطنُهُ / كَبَطنِ الحِمارِ في الخَلاءِ المُقَيَّدِ
وَإِنّي لَمُعطي ما وَجَدتُ وَقائِلٌ / لِموقِدِ ناري لَيلَةَ الريحِ أَوقِدِ
وَإِنّي لَقَوّالٌ لِذي البَثِّ مَرحَباً / وَأَهلاً إِذا ما جاءَ مِن غَيرِ مَرصَدِ
وَإِنّي لَيَدعوني النَدى فَأُجيبُهُ / وَأَضرِبُ بَيضَ العارِضِ المُتَوَقِّدِ
وَإِنّي لَحُلوٌ تَعتَريني مَرارَةٌ / وَإِنّي لَتَرّاكٌ لِما لَم أُعَوَّدِ
وَإِنّي لَمِزجاءُ المَطِيِّ عَلى الوَجا / وَإِنّي لَتَرّاكُ الفِراشِ المُمَهَّدِ
وَأُعمِلُ ذاتَ اللَوثِ حَتّى أَرُدَّها / إِذا حُلَّ عَنها رَحلُها لَم تُقَيَّدِ
تَرى أَثَرَ الأَنساعِ فيها كَأَنَّها / مَوارِدُ ماءٍ مُلتَقاها بِفَدفَدِ
أُكَلِّفُها أَن تُدلِجَ اللَيلَ كُلَّهُ / تَروحُ إِلى بابِ اِبنِ سَلمى وَتَغتَدي
تَزورُ اِمرَأً أَعطى عَلى الحَمدِ مالَهُ / وَمَن يُعطِ أَثمانَ المَحامِدِ يُحمَدِ
وَأَلفَيتُهُ بَحراً كَثيراً فُضولُهُ / جَواداً مَتى يُذكَر لَهُ الخَيرُ يَزدَدِ
فَلا تَعجَلَن يا قَيسُ وَاِربَع فَإِنَّما / قُصارُكَ أَن تُلقى بِكُلِّ مُهَنَّدِ
حُسامٍ وَأَرماحٍ بِأَيدي أَعِزَّةٍ / مَتى تَرَهُم يا اِبنَ الخَطيمِ تَبَلَّدِ
لُيوثٍ لَدى الأَشبالِ مُحمىً عَرينُها / مَداعيسُ بِالخَطِيِّ في كُلِّ مَشهَدِ
فَقَد ذاقَتِ الأَوسُ القِتالَ وَطُرِّدَت / وَأَنتَ لَدى الكَنّاتِ كُلَّ مُطَرَّدِ
تُناغي لَدى الأَبوابِ حوراً نَواعِماً / وَكَحِّل مَآقيكَ الحِسانَ بِإِثمِدِ
نَفَتكُم عَنِ العَلياءِ أُمٌّ لَئيمَةٌ / وَزَندٌ مَتى تُقدَح بِهِ النارُ يَصلُدِ
أَلا أَبلِغِ المُستَمِعينَ لِوَقعَةٍ
أَلا أَبلِغِ المُستَمِعينَ لِوَقعَةٍ / تَخِفُّ لَها شُمطُ النِساءِ القَواعِدُ
وَظَنُّهُمُ بي أَنَّني لِعَشيرَتي / عَلى أَيِّ حالٍ كانَ حامٍ وَذائِدُ
فَإِن لَم أُحَقِّق ظَنَّهُم بِتَيَقُّنٍ / فَلا سَقَتِ الأَوصالَ مِنّي الرَواعِدُ
وَيَعلَمُ أَكفائي مِنَ الناسِ أَنَّني / أَنا الفارِسُ الحامي الذَمارَ المُناجِدُ
وَأَن لَيسَ لِلأَعداءِ عِندي غَميزَةٌ / وَلا طافَ لي مِنهُم بِوَحشِيَ صائِدُ
وَأَن لَم يَزَل لي مُنذُ أَدرَكتُ كاشِحٌ / عَدُوٌّ أُقاسيهِ وَآخَرُ حاسِدُ
فَما مِنهُما إِلّا وَأَنّي أَكيلُهُ / بِمِثلٍ لَهُ مِثلَينِ أَو أَنا زائِدُ
فَإِن تَسأَلي الأَقوامَ عَنّي فَإِنَّني / إِلى مَحتِدٍ تَنمي إِلَيهِ المَحاتِدُ
أَنا الزائِرُ الصَقرَ اِبنَ سَلمى وَعِندَهُ / أُبَيٌّ وَنُعمانٌ وَعَمروٌ وَواقِدُ
فَأَورَثَنا مَجداً وَمَن يَجنِ مِثلَها / بِحَيثُ اِجتَناها يَنقَلِب وَهوَ حامِدُ
وَجِدّي خَطيبُ الناسِ يَومَ سُمَيحَةٍ / وَعَمّي اِبنُ هِندٍ مُطعِمُ الطَيرِ خالِدُ
وَمِنّا قَتيلُ الشِعبِ أَوسُ اِبنِ ثابِتٍ / شَهيداً وَأَسنى الذِكرِ مِنهُ المَشاهِدُ
وَمَن جَدُّهُ الأَدنى أَبي وَاِبنُ أُمِّهِ / لِأُمِّ أَبي ذاكَ الشَهيدُ المُجاهِدُ
وَفي كُلِّ دارٍ رَبَّةٍ خَزرَجِيَّةٍ / وَأَوسِيَّةٍ لي مِن ذَراهُنَّ والِدُ
فَما أَحَدٌ مِنّا بِمُهدٍ لِجارِهِ / أَذاةً وَلا مُزرٍ بِهِ وَهوَ عامِدُ
لِأَنّا نَرى حَقَّ الجِوارِ أَمانَةً / وَيَحفَظُهُ مِنّا الكَريمُ المُعاهِدُ
فَمَهما أَقُل مِمّا أُعَدِّدُ لا يَزَل / عَلى صِدقِهِ مِن جُلِّ قَومِيَ شاهِدُ
لِكُلِّ أُناسٍ ميسَمٌ يَعرِفونَهُ / وَميسَمُنا فينا القَوافي الأَوابِدُ
مَتى ما نَسِم لا يُنكِرِ الناسُ وَسمَنا / وَنَعرِف بِهِ المَجهولَ مِمَّن نُكايِدُ
تَلوحُ بِهِ تَعشو عَلَيهِ وُسومُنا / كَما لاحَ في سُمرِ المِتانِ المَوارِدُ
فَيَشفينَ مَن لا يُستَطاعُ شِفاؤُهُ / وَيَبقَينَ ما تَبقى الجِبالُ الخَوالِدُ
وَيُشفينَ مَن يَغتالُنا بِعَداوَةٍ / وَيُسعِدنَ في الدُنيا بِنا مَن نُساعِدُ
إِذا ما كَسَرنا رُمحَ رايَةِ شاعِرٍ / يَجيشُ بِنا ما عِندَنا فَنُعاوِدُ
يَكونُ إِذا بُثَّ الهِجاءُ لِقَومِهِ / وَلاحَ شِهابٌ مِن سَنا البَرقِ واقِدُ
كَأَشقى ثَمودٍ إِذ تَعاطى لِحَينِهِ / خَصيلَةَ أُمِّ السَقبِ وَالسَقبُ وارِدُ
فَوَلّى فَأَوفى عاقِلاً رَأسَ صَخرَةٍ / نَمى فَرعُها وَاِشتَدَّ مِنها القَواعِدُ
فَقالَ أَلا فَاِستَمتِعوا في دِيارِكُم / فَقَد جاءَكُم ذِكرٌ لَكُم وَمَواعِدُ
ثَلاثَةَ أَيّامٍ مِنَ الدَهرِ لَم يَكُن / لَهُنَّ بِتَصديقِ الَّذي قالَ رائِدُ
لَقَد لَعَنَ الرَحمَنُ جَمعاً يَقودُهُم
لَقَد لَعَنَ الرَحمَنُ جَمعاً يَقودُهُم / دَعِيُّ بَني شِجعٍ لِحَربِ مُحَمَّدِ
مَشومٌ لَعينٌ كانَ قِدماً مُبَغَّضاً / يُبَيِّنُ فيهِ اللُؤمَ مَن كانَ يَهتَدي
فَدَلّاهُمُ في الغَيِّ حَتّى تَهافَتوا / وَكانَ مُضِلّاً أَمرُهُ غَيرَ مُرشِدِ
فَأَنزَلَ رَبّي لِلنَبِيِّ جُنودَهُ / وَأَيَّدَهُ بِالنَصرِ في كُلِّ مَشهَدِ
سَأَلتُ قُرَيشاً كُلَّها فَشَرارُها
سَأَلتُ قُرَيشاً كُلَّها فَشَرارُها / بَنو عابِدٍ شاهِ الوُجوهُ لِعابِدِ
إِذا قَعَدوا وَسطَ النَدِيِّ تَجاوَبوا / تَجاوُبَ عِدّانِ الرَبيعِ السَوافِدِ
وَما كانَ صَيفِيٌّ لِيوفِيَ ذِمَّةً / قَفا ثَعلَبٍ أَعيا بِبَعضِ المَوارِدِ
وَاللَهِ ما أَدري وَإِنّي لَسائِلٌ
وَاللَهِ ما أَدري وَإِنّي لَسائِلٌ / مُهانَةُ ذاتُ الخَيفِ أَلأَمُ أَم سَعدُ
أَعَبدُ هَجينٌ أَحمَرُ اللَونِ فاقِعٌ / مُوَتَّرُ عِلباءِ القَفا قَطَطٌ جَعدُ
وَكانَ أَبو سَرحٍ عَقيماً فَلَم يَكُن / لَهُ وَلَدٌ حَتّى دُعيتَ لَهُ بَعدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ الغَدرَ وَاللُؤمَ وَالخِنى
أَلَم تَرَ أَنَّ الغَدرَ وَاللُؤمَ وَالخِنى / بَنى مَسكَناً بَينَ المَعينِ إِلى عَردِ
فَغَزَّةَ فَالمَروتِ فَالخَبتِ فَالمُنى / إِلى بَيتِ زَمّاراءَ تُلداً عَلى تُلدِ
فَقُلتُ وَلَم أَملِك أَعَمروُ بنِ عامِرٍ / لِفَرخِ بَني العَنقاءِ يُقتَلُ بِالعَبدِ
لَقَد شابَ رَأسي أَو دَنا لِمَشيبِهِ / وَما عَتَقَت سَعدُ بنِ زَرِّ وَلا هِندُ
شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي يُجِلَّهُ
شَقَّ لَهُ مِنِ إِسمِهِ كَي يُجِلَّهُ / فَذو العَرشِ مَحمودٌ وَهَذا مُحَمَّدُ
نَبِيٌّ أَتانا بَعدَ يَأسٍ وَفَترَةٍ / مِنَ الرُسلِ وَالأَوثانِ في الأَرضِ تُعبَدُ
فَأَمسى سِراجاً مُستَنيراً وَهادِياً / يَلوحُ كَما لاحَ الصَقيلُ المُهَنَّدُ
وَأَنذَرَنا ناراً وَبَشَّرَ جَنَّةً / وَعَلَّمَنا الإِسلامَ فَاللَهَ نَحمَدُ
وَأَنتَ إِلَهَ الحَقِّ رَبّي وَخالِقي / بِذَلِكَ ما عُمِّرتُ في الناسِ أَشهَدُ
تَعالَيتَ رَبَّ الناسِ عَن قَولِ مَن دَعا / سِواكَ إِلَهاً أَنتَ أَعلى وَأَمجَدُ
لَكَ الخَلقُ وَالنَعماءُ وَالأَمرُ كُلُّهُ / فَإِيّاكَ نَستَهدي وَإِيّاكَ نَعبُدُ
لِأَنَّ ثَوابَ اللَهِ كُلَّ مُوَحِّدٍ / جِنانٌ مِنَ الفِردَوسِ فيها يُخَلَّدُ
لَسنا بِشَربٍ فَوقَهُم ظِلُّ بُردَةٍ
لَسنا بِشَربٍ فَوقَهُم ظِلُّ بُردَةٍ / يُعِدّونَ لِلحانوتِ تَيساً وَمِفصَدا
مُلوكٌ وَأَبناءُ المُلوكِ إِذا اِنتَشَوا / أَهانوا الصَبوحَ وَالسَديفَ المُسَرهَدا
إِذا جَلَسوا أَلفَيتَ رَشحَ جُلودِهِم / مِنَ المِسكِ وَالجادِيِّ جَفناً مُبَدَّدا
تَرى فَوقَ أَثناءِ الزَرابِيِّ ساقِطاً / نِعالاً وَقَسّوباً وَرَيطاً مُعَضَّدا
وَتَحسُبُهُم ماتوا زُمَينَ حَليمَةٍ / وَإِن تَأتِهِم تَحمَد نِدامَهُمُ غَدا
وَذو نَطَفٍ يَسعى مُلَصِّقَ خَدِّهِ / بِديباجَةٍ تَكفافُها قَد تَقَدَّدا
ماذا أَرَدتُم مِن أَخي الخَيرِ بارَكَت
ماذا أَرَدتُم مِن أَخي الخَيرِ بارَكَت / يَدُ اللَهِ في ذاكَ الأَديمِ المُقَدَّدِ
قَتَلتُم وَلِيَّ اللَهِ في جَوفِ دارِهِ / وَجِئتُم بِأَمرٍ جائِرٍ غَيرِ مُهتَدِ
فَهَلّا رَعَيتُم ذِمَّةَ اللَهِ وَسطَكُم / وَأَوفَيتُمُ بِالعَهدِ عَهدِ مُحَمَّدِ
أَلَم يَكُ فيكُم ذا بَلاءٍ وَمَصدَقٍ / وَأَوفاكُمُ عَهداً لَدى كُلِّ مَشهَدِ
فَلا ظَفِرَت أَيمانُ قَومٍ تَظاهَرَت / عَلى قَتلِ عُثمانَ الرَشيدِ المُسَدَّدِ
لَعَمرُكَ ما تَنفَكُّ عَن طَلَبِ الخَنا
لَعَمرُكَ ما تَنفَكُّ عَن طَلَبِ الخَنا / بَنو زُهرَةَ الأَذالُ ما عاشَ واحِدُ
لِئامٌ مَساعيها قِصارٌ جُدودُها / عَلى الخَيرِ لِلجارِ الغَريبِ مَحاشِدُ
وَما مِنهُمُ عِندَ المَكارِمِ وَالعُلى / إِذا حَضَرَت يَوماً مِنَ الدَهرِ ماجِدُ
غَدا أَهلُ حِضنَي ذي المَجازِ بِسُحرَةٍ
غَدا أَهلُ حِضنَي ذي المَجازِ بِسُحرَةٍ / وَجارُ اِبنِ حَربٍ بِالمُحَصَّبِ ما يَغدو
كَساكَ هِشامُ بنُ الوَليدِ ثِيابَهُ / فَأَبلِ وَأَخلِف مِثلَها جُدُداً بَعدُ
قَضى وَطَراً مِنها فَأَصبَحَ عادِياً / وَأَصبَحتَ رِخواً ما تَخُبُّ وَما تَعدو
فَلَو أَنَّ أَشياخاً بِبَدرٍ شُهودُهُ / لَبَلَّ مُتونِ الخَيلِ مُعتَبَطٌ وَردُ
فَما مَنَعَ العَيرُ الضَروطُ ذِمارَهُ / وَما مَنَعَت مَخزاةَ والِدِها هِندُ
لَقَد كانَ قَيسٌ في اللِئامِ مُرَدِّداً
لَقَد كانَ قَيسٌ في اللِئامِ مُرَدِّداً / عُصارَةَ فَرخٍ مَعدِنِ اللُؤمِ ماكِدِ
وِلادَةُ سوءٍ مِن سُمَيَّةَ إِنَّها / أُمَيَّةُ سوءٍ مَجدُها غَيرُ تالِدِ
سِفاحاً جِهاراً مِن أُحَيمَقِ مِنهُمُ / فَقَد سَبَقَتهُم في جَميعِ المَشاهِدِ
فَجاءَت بِقَيسٍ أَلأَمِ الناسِ مَحتِداً / إِذا ذُكِرَت يَوماً لِئامُ المَحاتِدِ
ما طَلَعَت شَمسُ النَهارِ وَلا بَدَت
ما طَلَعَت شَمسُ النَهارِ وَلا بَدَت / عَلَيكَ بِمَجدٍ يا اِبنَ مَقطوعَةِ اليَدِ
أَبوكَ لَقيطٌ أَلأَمُ الناسِ مَوضِعاً / تَبَنّى عَلَيكَ اللُؤمَ في كُلِّ مَشهَدِ
إِذا الدَهرُ عَفّى في تَقادُمِ عَهدِهِ / عَلى عارِ قَومٍ كانَ لُؤمُكَ في غَدِ
لَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّ اِبنَ هاشِمٍ
لَقَد عَلِمَ الأَقوامُ أَنَّ اِبنَ هاشِمٍ / هُوَ الغُصنُ ذو الأَفنانِ لا الواحِدُ الوَغدُ
وَما لَكَ فيهِم مَحتِدٌ يَعرِفونَهُ / فَدونَكَ فَاِلصَق مِثلَ ما لَصِقَ القُردُ
وَأَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي رِسالَةً / فَما لَكَ مِن إِصدارِ عَزمٍ وَلا وَردُ
وَإِنَّ سَناءَ المَجدِ مِن آلِ هاشِمٍ / بَنو بِتِ مَخزومٍ وَوالِدُكَ العَبدُ
وَما وَلَدَت أَفناءُ زُهرَةَ مِنكُمُ / كَريماً وَلَم يَقرَب عَجائِزَكَ المَجدُ
وَلَستُ كَعَبّاسٍ وَلا كَاِبنِ أُمِّهِ / وَلَكِن هُجَينٌ لَيسَ يورى لَهُ زَندُ
وَكُنتَ دَعِيّاً نيطَ في آلِ هاشِمٍ / كَما نيطَ خَلفَ الراكِبِ القَدَحُ الفَردُ
وَإِنَّ اِمرَأً كانَت سُمَيَّةُ أُمَّهُ / وَسَمراءُ مَغلوبٌ إِذا بُلِغَ الجَهدُ
إِنَّ اِمرَأً أَمسى وَأَصبَحَ سالِماً
إِنَّ اِمرَأً أَمسى وَأَصبَحَ سالِماً / مِنَ الناسِ إِلّا ما جَنى لِسَعيدُ
وَإِنَّ اِمرَأً نالَ الغِنى ثُمَّ لَم يُنِل / قَريباً وَلا ذا خُلَّةٍ لَزَهيدُ
وَإِنَّ اِمرَأً عادى الرِجالَ عَلى الغِنى / وَلَم يَسأَلِ اللَهَ الغِنى لَحَسودُ
لَقَد سَفَحَت مِن دَمعِ عَينَيكَ عَبرَةٌ
لَقَد سَفَحَت مِن دَمعِ عَينَيكَ عَبرَةٌ / وَحُقَّ لِعَيني أَن تُفيضَ عَلى سَعدِ
قَتيلٌ ثَوى في مَعرَكٍ فُجِعَت بِهِ / عُيونٌ ذَواري الدَمعِ دائِمَةِ الوَجدِ
عَلى مِلَّةِ الرَحمَنِ وارِثِ جَنَّةٍ / مَعَ الشُهَداءِ وَفدُها أَكرَمُ الوَفدِ
فَإِن تَكُ قَد وَدَّعتَنا عَن مَوَدَّةٍ / وَأَمسَيتَ في غَبراءَ مُظلِمَةِ اللَحدِ
فَأَنتَ الَّذي يا سَعدُ أُبتَ بِمَشهَدٍ / كَريمٍ وَأَثوابِ المَكارِمِ وَالحَمدِ
بِحُكمِكَ في حَيَّي قُرَيظَةَ بِالَّذي / قَضى اللَهُ فيهِم ما قَضَيتَ عَلى عَمدِ
فَوافَقَ حُكمَ اللَهِ حُكمُكَ فيهِمِ / وَلَم تَعفُ إِذ ذُكِّرتَ ما كانَ مِن عَهدِ
فَإِن كانَ رَيبُ الدَهرِ أَمضاكَ في الأولى / شَرَوا هَذِهِ الدُنيا بِجَنّاتِهِ الخُلدِ
فَنِعمَ مَصيرُ الصادِقينَ إِذا دُعوا / إِلى اللَهِ يَوماً لِلوَجاهَةِ وَالقَصدِ
تَفَكَّرتُ في الدُنيا وَفيها مَواعِظٌ
تَفَكَّرتُ في الدُنيا وَفيها مَواعِظٌ / تَروحُ وَتَسري في اللَيالي وَتَغتَدي
فَمَن يَأمَنِ الدَهرَ الفَتونَ فَإِنَّني / بِرَأيِ الَّذي لا يَأمَنُ الدَهرَ مُقتَدي
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَهَ أَنزَلَ نَصرَهُ / عَلى عَبدِهِ خَيرِ العِبادِ مُحَمَّدِ
وَأَرسَلَهُ في الناسِ نوراً وَرَحمَةً / فَمَن يَرضَ ما يَأتي مِنَ الأَمرِ يَهتَدِ
قَتَلنا أُمَيّاً يَومَ بَدرٍ عَنوَةً
قَتَلنا أُمَيّاً يَومَ بَدرٍ عَنوَةً / وَبُعداً لَهُ مِن هالِكٍ لَم يُوَسَّدِ
وَأَفلَتَ مِنّا بَعدَما طالَ يَومُهُ / أُبَيٌّ عَلى مَوّارَةِ الضَبعِ جَلعَدِ
وَفَرَّ حَكيمٌ خَشيَةً مِن رِماحِنا / عَلى سابِحٍ غَربٍ بَعيدِ التَرَدُّدِ
وَحانَ أَبو العاصي وَعَمرٌ كِلاهُما / وَعُتبَةُ في أَشياعِهِ وَاِبنُ الاِسوَدِ
وَشَيبَةُ إِذ يَعلوهُ بِالسَيفِ مُقدِماً / عُبَيدَةُ لا يَألو بِغَضبٍ مُهَنَّدِ
فَكَيفَ رَأَيتُم يَومَ بَدرٍ ضِرابَنا / وَإِقدامَنا وَالخَيلُ لَم تَتَبَدَّدِ
بِكُلِّ حُسامٍ أَخلَصَتهُ قُيونُهُ / بِأَيدي رِجالٍ مَجدُهُم غَيرُ قُعدُدِ
مِنَ السِرِّ مِن أَولادِ عَمروِ بنِ عامِرٍ / يُنادونَكُم في كُلِّ مَندىً وَمَشهَدِ
بَطَيبَةَ رَسمٌ لِلرَسولِ وَمَعهَدُ
بَطَيبَةَ رَسمٌ لِلرَسولِ وَمَعهَدُ / مُنيرٌ وَقَد تَعفو الرُسومُ وَتَهمَدِ
وَلا تَمتَحي الآياتُ مِن دارِ حُرمَةٍ / بِها مِنبَرُ الهادي الَذي كانَ يَصعَدُ
وَواضِحُ آثارٍ وَباقي مَعالِمٍ / وَرَبعٌ لَهُ فيهِ مُصَلّى وَمَسجِدُ
بِها حُجُراتٌ كانَ يَنزِلُ وَسطَها / مِنَ اللَهِ نورٌ يُستَضاءُ وَيوقَدُ
مَعارِفُ لَم تُطمَس عَلى العَهدِ آيُها / أَتاها البِلى فَالآيُ مِنها تُجَدَّدُ
عَرِفتُ بِها رَسمَ الرَسولِ وَعَهدَهُ / وَقَبراً بِها واراهُ في التُربِ مُلحِدُ
ظَلَلتُ بِها أَبكي الرَسولِ فَأَسعَدَت / عُيونٌ وَمِثلاها مِنَ الجِنِّ تُسعَدُ
يُذَكِّرنَ آلاءَ الرَسولِ وَما أَرى / لَها مُحصِياً نَفسي فَنَفسي تَبَلَّدُ
مُفَجَّعَةً قَد شَفَّها فَقدُ أَحمَدٍ / فَظَلَّت لِآلاءِ الرَسولِ تُعَدِّدُ
وَما بَلَغَت مِن كُلِّ أَمرٍ عَشيرَهُ / وَلَكِن لِنَفسي بَعدُ ما قَد تَوَجَّدُ
أَطالَت وُقوفاً تَذرِفُ العَينُ جُهدَها / عَلى طَلَلِ القَبرِ الَذي فيهِ أَحمَدُ
فَبورِكتَ يا قَبرَ الرَسولِ وَبورِكَت / بِلادٌ ثَوى فيها الرَشيدُ المُسَدَّدُ
وَبورِكَ لَحدٌ مِنكَ ضُمِّنَ طَيِّباً / عَلَيهِ بِناءٌ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدُ
تَهيلُ عَلَيهِ التُربَ أَيدٍ وَأَعيُنٌ / عَلَيهِ وَقَد غارَت بِذَلِكَ أَسعُدُ
لَقَد غَيَّبوا حِلماً وَعِلماً وَرَحمَةً / عَشِيَّةَ عَلَّوهُ الثَرى لا يُوَسَّدُ
وَراحوا بِحُزنٍ لَيسَ فيهِم نَبيُّهُم / وَقَد وَهَنَت مِنهُم ظُهورٌ وَأَعضُدُ
يُبَكّونَ مَن تَبكي السَمَواتُ يَومَهُ / وَمَن قَد بَكَتهُ الأَرضُ فَالناسُ أَكمَدُ
وَهَل عَدَلَت يَوماً رَزِيَّةُ هالِكٍ / رَزِيَّةَ يَومٍ ماتَ فيهِ مُحَمَّدُ
تَقَطَّعَ فيهِ مُنزَلُ الوَحيِ عَنهُمُ / وَقَد كانَ ذا نورٍ يَغورُ وَيُنجِدُ
يَدُلُّ عَلى الرَحمَنِ مَن يَقتَدي بِهِ / وَيُنقِذُ مِن هَولِ الخَزايا وَيُرشِدُ
إِمامٌ لَهُم يَهديهِمُ الحَقَّ جاهِداً / مُعَلِّمُ صِدقٍ إِن يُطيعوهُ يَسعَدوا
عَفُوٌّ عَنِ الزَلّاتِ يَقبَلُ عُذرَهُم / وَإِن يُحسِنوا فَاللَهُ بِالخَيرِ أَجوَدُ
وَإِن نابَ أَمرٌ لَم يَقوموا بِحَملِهِ / فَمِن عِندِهِ تَيسيرُ ما يَتَشَدَّدُ
فَبينا هُمُ في نِعمَةِ اللَهِ وَسطَهُم / دَليلٌ بِهِ نَهجُ الطَريقَةِ يُقصَدُ
عَزيزٌ عَلَيهِ أَن يَجوروا عَنِ الهُدى / حَريصٌ عَلى أَن يَستَقيموا وَيَهتَدوا
عَطوفٌ عَلَيهِم لا يُثَنّي جَناحَهُ / إِلى كَنَفٍ يَحنو عَلَيهِم وَيَمهَدُ
فَبَينا هُمُ في ذَلِكَ النورِ إِذ غَدا / إِلى نورِهِم سَهمٌ مِنَ المَوتِ مُقصَدُ
فَأَصبَحَ مَحموداً إِلى اللَهِ راجِعاً / يُبكيهِ حَقُّ المُرسِلاتِ وَيُحمَدُ
وَأَمسَت بِلادُ الحُرمَ وَحشاً بِقاعُها / لِغَيبَةِ ما كانَت مِنَ الوَحيِ تَعهَدُ
قِفاراً سِوى مَعمورَةِ اللَحدِ ضافَها / فَقيدٌ تُبَكّيهِ بَلاطٌ وَغَرقَدُ
وَمَسجِدُهُ فَالموحِشاتُ لِفَقدِهِ / خَلاءٌ لَهُ فيهِ مَقامٌ وَمَقعَدُ
وَبِالجَمرَةِ الكُبرى لَهُ ثَمَّ أَوحَشَت / دِيارٌ وَعَرصاتٌ وَرَبعٌ وَمَولِدُ
فَبَكّي رَسولَ اللَهِ يا عَينُ عَبرَةً / وَلا أَعرِفَنكِ الدَهرَ دَمعَكِ يَجمَدُ
وَما لَكِ لا تَبكينَ ذا النِعمَةِ الَّتي / عَلى الناسِ مِنها سابِغٌ يَتَغَمَّدُ
فَجودي عَلَيهِ بِالدُموعِ وَأَعوِلي / لِفَقدِ الَذي لا مِثلُهُ الدَهرُ يوجَدُ
وَما فَقَدَ الماضونَ مِثلَ مُحَمَّدٍ / وَلا مِثلُهُ حَتّى القِيامَةِ يُفقَدُ
أَعَفَّ وَأَوفى ذِمَّةً بَعدَ ذِمَّةٍ / وَأَقرَبَ مِنهُ نايِلاً لا يُنَكَّدُ
وَأَبذَلَ مِنهُ لِلطَريفِ وَتالِدِ / إِذا ضَنَّ مِعطاءُ بِما كانَ يُتلَدُ
وَأَكرَمَ صيتاً في البُيوتِ إِذا اِنتَمى / وَأَكرَمَ جَدّاً أَبطَحيّاً يُسَوَّدُ
وَأَمنَعَ ذِرواتٍ وَأَثبَتَ في العُلى / دَعائِمَ عِزٍّ شامِخاتٍ تُشَيَّدُ
وَأَثبَتَ فَرعاً في الفُروعِ وَمَنبِتاً / وَعوداً غَذاهُ المُزنُ فَالعودُ أَغيَدُ
رَباهُ وَليداً فَاِستَتَمَّ تَمامُهُ / عَلى أَكرَمِ الخَيراتِ رَبٌّ مُمَجَّدُ
تَناهَت وَصاةُ المُسلِمينَ بِكَفِّهِ / فَلا العِلمِ مَحبوسٌ وَلا الرَأيُ يُفنَدُ
أَقولُ وَلا يُلفى لِما قُلتُ عائِبٌ / مِنَ الناسِ إِلّا عازِبُ العَقلِ مُبعَدُ
وَلَيسَ هَوايَ نازِعاً عَن ثَنائِهِ / لَعَلّي بِهِ في جَنَّةِ الخُلدِ أَخلَدُ
مَعَ المُصطَفى أَرجو بِذاكَ جِوارَهُ / وَفي نَيلِ ذاكَ اليَومِ أَسعى وَأَجهَدُ
مَن مُبلِغُ الصِدّيقِ قَولاً كَأَنَّهُ
مَن مُبلِغُ الصِدّيقِ قَولاً كَأَنَّهُ / إِذا قُصَّ بَينَ المُسلِمينَ المَبارِدُ
أَتَرضى بِأَنّا لَم تَجِفَّ دِماؤُنا / وَهَذا عَروسٌ بِاليَمامَةِ خالِدُ
يَبيتُ يُناغي عِرسَهُ وَيَضُمُّها / وَهامٌ لَنا مَطروحَةً وَسَواعِدُ
إِذا نَحنُ جِئنا صَدَّ عَنّا بِوَجهِهِ / وَتُلقى لِأَعمامِ العَروسِ الوَسائِدُ
وَما كانَ في صِهرِ اليَماميَّ رَغبَةٌ / وَلَو لَم يُصِب إِلّا مِنَ الناسِ واحِدُ
فَكَيفَ بِأَلفٍ قَد أُصيبوا كَأَنَّما / دِمائُهُمُ بَينَ السُيوفِ المَجاسِدُ
فَإِن تَرضَ هَذا فَالرِضا ما رَضيتَهُ / وَإِلّا فَغَيِّر إِنَّ أَمرَكَ راشِدُ