القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : محمد مهدي الجواهري الكل
المجموع : 6
صبوت إلى أرض العراق وبَرْدها
صبوت إلى أرض العراق وبَرْدها / اذا ما تصابى ذو الهوى لربى نجدٍ
بلاد بها استعذبتُ ماء شبيبتي / هوىٍ ولبست العزَّ بُرداً على برد
وصلت بها عمرِ الشباب وشَرخَه / بذكر على قرب وشوق على بعد
بذلت لها حق الوداد رعايةً / وما حفظ الود المقيم سوى الود
سلام على أرض الرُّصافة إنها / مراح ذوي الشكوى وسلوى ذوي الوجد
لها الله ما ابهى ودجلةُ حولها / تلف كما التف السوارُ على الزند
يعطر أرجاها النسيم كأنما / تنفس فيها الروض عن عابق النَّد
هواؤكِ أم نشر من المسك نافح / وأرضك يا بغداد أم جنة الخلد
أحباي بالزوراء كيف تغيَّرت / رسوم هوىً لم يُراعَ جانبهُ بعدي
رَضِينا بحكم الدهر لا جو عيشنا / بصاف ولا حبل الوداد بممتد
كأن لم نحمِّلْ بيننا عاتق الصبَّا / رسائل أعيته من الأخذ والرد
جفوتم ولم انكر جفاكم فلستمُ / بأولِ صَحْب لم يدوموا على العهد
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي
لو أنَّ مقاليدَ الجَماهير في يدي / سَلَكتُ بأوطاني سبيلَ التمرُّدِ
إذن عَلِمَتْ أنْ لا حياةَ لأمّةٍ / تُحاولُ أن تَحيا بغير التجدُّد
لوِ الأمرُ في كَفِّي لجهَّزتُ قوّةً / تُعوِّدُ هذا الشعبَ ما لم يُعوَّد
لو الأمرُ في كفِّي لاعلنتُ ثورةً / على كلِّ هدّام بألفَي مشيِّد
على كُلِّ رجعيٍّ بألفَي منُاهضٍ / يُرى اليوم مستاءً فيبكي على الغد
ولكننَّي اسعَى بِرجلٍ مَؤوفةٍ / ويا ربَّما اسطو ولكنْ بلا يَد
وحوليَ برّامونَ مَيْناً وكِذْبَةً / متى تَختَبرهُم لا تَرى غيرَ قُعدد
لعمرُكَ ما التجديدُ في أن يرى الفَتى / يَروحُ كما يَهوَى خليعاً ويغتَذي
ولكنَّه بالفكر حُرّاً تزَينهُ / تَجاريبُ مثل الكوكَبِ المُتَوقِّد
مشَتْ اذ نضَتْ ثَوبَ الجُمود مواطنٌ / رأت طَرْحَهُ حَتماً فلم تَتردَّد
وقَرَّتْ على ضَيْم بلادي تسومُها / من الخَسف ما شاءَتْ يدُ المتعبِّد
فيا لك من شعبٍ بَطيئاً لخيرِه ِ / مَشَى وحثيثاً للعَمَى والتبلُّد
متى يُدْعَ للاصلاح يحرِنْ جِماحُه / وان قيد في حبل الدَجالةِ يَنْقد
زُرِ الساحةَ الغَبراء من كل منزلٍ / تجد ما يثير الهَمَّ من كلِّ مَرقد
تجد وَكرَ أوهامٍ وملقَى خُرافةٍ / وشَتّى شُجونٍ تَنتهي حيثُ تَبتدي
هم استسلموا فاستعبَدتْهم عوائدٌ / مَشت بِهمُ في الناس مشيَ المقيَّد
لعمْركَ في الشعب افتقارٌ لنهضةٍ / تُهيِّجُ منه كل اشأمَ أربد
فإمّا حياةٌ حرّةٌ مستقيمةٌ / تَليقُ بِشَعبٍ ذي كيان وسؤدُد
وإمّا مماتٌ ينتهَي الجهدُ عِندَهُ / فتُعذَرُ فاختر أيَّ ثَوْبيَك ترتدي
وإلا فلا يُرجى نهوضٌ لأمّةٍ / تقوم على هذا الأساس المهدَّد
وماذا تُرَجِّي من بلاد بشعرة / تُقاد وشَعب بالمضلِِّّين يَهتدى
اقول لقَومٍ يجِذبون وراءهُم / مساكين أمثالِ البَعير المعبَّد
اقاموا على الأنفاس يحتكرونها / فأيَّ سبيلٍ يَسلُلكِ المرءُ يُطردَ
وما منهمُ الا الذي إنْ صَفَتْ له / لَياليه يَبْطَر او تُكَدِّرْ يُعربِد
دَعوا الشعبَ للاصلاح يأخذْ طريقَه / ولا تَقِفوا للمصلحينَ بمَرْصَد
ولا تَزرعوا اشواككم في طريقه / تعوقونه .. مَن يزرعِ الشوكَ يَحصِد
أكلَّ الذي يشكُو النبيُّ محمدٌّ / تُحلُونَه باسم النبيِّ محمّد
وما هكذا كان الكتابُ منزَّلاً / ولا هكذا قالت شريعةُ لَموعد
اذا صِحتُ قلتُم لم يَحنِ بعد مَوعد / تُريدون إشباعَ البُطون لمَوعد
هدايتَك اللهمَّ للشعب حائراً / أعِنْ خُطوات الناهضين وسدِّد
نبا بلساني أن يجامِلَ أنني / أراني وإنْ جاملتُ غير مُخَلَّد
وهب أنني أخنَتْ عليَّ صراحتي / فهل عيشُ من داجَي يكون لسرمَد
فلستُ ولو أنَّ النجومَ قلائدي / أطاوع كالأعمى يمين مقلدي
ولا قائلٌ : اصبحتُ منكم وقد أرى / غوايَتكم او انني غير مهتدي
ولكنني ان أبصِرِ الرشد أءتمرْ / به ومتى ما احرزِ الغي أبعد
وهل انا الا شاعر يرتجونَه / لنصرة حقٍ او للطمةِ معتدي
فمالي عمداً استضيمُ مواهبِي / وأورِدُ نفساً حُرَّةً شرَ مَورد
وعندي لسانٌ لم يُخِّني بمحفِلٍ / كما سَيْف عمروٍ لم يَخنُه بمشْهَد
تزاحمت الآمال حولكِ وانبرتْ
تزاحمت الآمال حولكِ وانبرتْ / قلوب عليهنَّ العُيون شواهدُ
مشت مهجتي في إثرِ طرفِكِ واقتفت / دليل الهوى والكلُّ منهنَّ شارد
حُشاشةُ نفسٍ أجهدت فيك والهوى / يطاردها عن قصدها وتطارد
أجابت نفوسٌ فيك وهي عصية / ولانت قلوب منك وهي جلامد
أعلَّ السُّها مسرى هواك وأوشكت / تَنازَلُ عن أفلاكهنَّ الفراقد
ورغبَني في الحب ان ليس خالياً / من الحب إلا بارد الطبع جامد
إذا كان وحي الطرف للطرف مدليا / بأسرار قلبينا فأين التباعد
خليلي ما العين في الحب ريبةٌ / إذا كُرمت للناظرين المقاصد
ولي نزعات أبعدتها عن الخنا / سجية نفس هّذبتها الشدائد
أقاويل أهل الحب يفنى نشيُدها / وأما الذي تُملي الدموع فخالد
وما الشعر إلا ما يزان به الهوى / كما زَيّنت عطلّ النحور القلائد
على رغم أنف الموت ذكُرك خالدُ
على رغم أنف الموت ذكُرك خالدُ / ترِنُّ بسَمع الدهر منكَ القصائدُ
نُعيتَ إلى غُرّ القوافي فأعولَتْ / عليك من الشعر الحسانُ الخرائد
وللعلم فياضاً فماجَتْ مصادرٌ / عُنيتَ بها بحثاً وجاشَتْ موارد
وفلسفةٌ أطلعتَ في الشعر نُورَها / هي اليومَ ثَكْلى عن جميلٍ تُناشد
حَلفتُ يميناً لم تَشُبْها اختلاطةٌ / وقلبي على دعوى لسانيَ شاهد
لقد كنتَ فخراً للعراق وزينةً / تُزانُ نواديه بها والمعاهد
وكنت على خِصبِ العراقِّي شاهداً / إذا أعوزتنا في التباهي شَواهد
وكنت أرقَّ الناس طبعاً ونُكتةً / وألطفَ من دارَتْ عليه المقاعد
وأنت ابتعثتَ الشعرَ بعد خُموله / نشيطاً . فخوضُ الشعر بعدك راكد
ثوى اليومَ في هذي الحفيرة عالِمٌ / باسرارها . لهه بالعقل ناشد
أقامَ على العلم الصحيح اعتقادَه / عَدوٌّ لا شباح الخُرافات طارد
وكان نقياً فكرةً وعقيدةً / عزيزاً عليه ان تَسِفَّ العقائد
يؤكد أن الدينَ حُبٌّ ورحمةٌ / وعدلٌ وأن اللهَ لا شكَ واحد
وأن الذي قد سخَّر الدينَ طامعاً / يتاجرُ باسم اللهِ للهِ جاحد
ثوَى اليومَ في هذي الحفيرة شاعرٌ / على الظلم محتجٌّ عن العدل ذائد
وشيخوخةٍ مدّت على الكون ظلَّها / تكافحُ عن آرائها وتجالِد
أبا الشعرِ إنَّ الشعر هذا محلُّه / فقد نصَّت الاسماعُ والجمع حاشِد
وهذي جيوشُ العلم والشعر تبتغي / لها قائداً فذاً فهل أنَت قائد؟
فأين قصيدٌ قد نظَمتَ فريدَهُ / وأينَ من الشعر البديعِ الفرائد
وأين النكاتُ المؤنساتُ كأنها / حدائقُ تُسقى بالندى وتعاوِد
وأين العيونُ اللامعاتُ زكانةً / رغائبُ تبدو تبدو فوقها ومقاصد
جميل أعانَ الرافدينِ بثالثٍ / من الشعر تَنميه بحورٌ رَوافد
وكان حياةً للنفوس ورحمةً / تُغاثُ بها هذي النفوسُ الهوامد
تطاوعُه غُرُّ كأنها / وصائفُ في زِيناتها وَولائد
أقولُ لرهطِ الشعر يبغون باعثاً / عليه . تُثير الشعرَ هذي النضائد
هلمُّوا إلى قبر الزهاويِّ نقتنصْ / به نَفَساً من روُحه ونُطارِد
وإن خيالاً يملأُ الشعرَ رَهبةً / سكونٌ على قبرِ الزهاويِّ سائد
وحجُّوا إلى بيتٍ هو الفنُّ نفسُه / أنارَتْ " فَنيسٌ " ساحَه و " عُطارد"
فإن بيوتَ الشاعرين مناسكٌ / وإن قبورَ النابغين معابد
أبا الشعر والفكرُ المنبِّهُ أمةٌ / عزيزٌ علينا أنكَ اليومَ راقد
وأن الذي هزَّ القلوبَ هوامداً / وحرَّكَها في التُرب ثاوٍ فهامد
وأن فؤاداً شع نوراً وقوَّةً / هو اليوم مسودُّ الجوانب بارد
فهل أنت راضٍ عن حياة خبرتَها / ممارسةً أمْ أنت غضبانُ حارِد؟
أضاعوك حياً وابتغوك جنازةً / وهذا الذي تأباه صِيدٌ أماجد
"بَلِينا وما تَبْلى النجوم " الرواكدُ
"بَلِينا وما تَبْلى النجوم " الرواكدُ / رسومٌ عَفَت منها العلا والمحامدُ
أصاخَ بها للجهل طيرٌ مشردَّ / وسابت بها للغي رُقْمٌ أساود
وليلة بتنا بالغريّ بساطُنا / رياض ومن خد الشقيق الوسائد
تخال الصبَّا إما سرت كفَّ لا قط / وقد نُظِمتْ للطلِّ فيها فرائد
تجمع للأحزان جو ملبدٌ / وهبّت من البلوى رياحٌ رواكد
ومما شجا أن الثلاثة قادهم / لما قادني حَظٌ عن الكل شارد
صغارٌ بغوا للنحو شرَّ وسيلة / تضِل بها للسالكين المقاصد
يقولون أعْرب قام زيد وخالد / وما جرّ الا الشؤمَ زيد خالد
فقلتُ: لئن قاما فذاك الفعل حاضر / وقد بان عما تسألون الشواهد
وقالوا : جلاميدٌ أقيمت مَحْارِباً / فقلت : جسومٌ دونهن الجَلامد
فلما دنونا وانجلى ضوء بارق / من الحق جلّى الظن ُ والظن فاسد
هناك التقى الجِنُحان منها وأخفقا / ضعيفان مقصودٌ هناك وقاصد
وما منهمُ الا كما البرجُ ناهض / علينا ومثل الكلب للتُرب ساجد
يقولون : لا تَهمِس وبالهمس قولهم / فقلت : استوى منا خليُّ وواجد
أراكم " حسبتم كل بيضاء شحمةٍ" / من الناس أو ضاقت عليكم فدافد
وإلا فهل اغنتكُمُ عن طرائف / من المال هذى البالياتُ الأوابد
لهم حسب في اللؤم دقَّت عروقُهُ / طوارفُه تسمو بهِم والتوالد
مُحالاً أرى تصحو من الغي قفرة / أراذلها تُكسى تَعرى الأماجد
لئن سلبوا ثوباً أرَّثَّ فبعدما / كستهم ثياب العار مني القصائد
أساتذتي أهلَ الشعورِ الذينَ هُمْ
أساتذتي أهلَ الشعورِ الذينَ هُمْ / مناريَ في تدريبتي وعمادي
أروني انبلاجا في حياتي فانَّني / سئمتُ حياةً جُلّلتْ بسواد
وما الشاعرُ الحسَّاسُ صِنوٌ لِعيشةٍ / مكرَّرةٍ مخلوقةٍ لجماد
خذوا بِيدَيْ هذا " الغريب ِ" فانَّه / لكلِّ يدٍ مُدَّتْ إليه مُعادي
لئن جئتُ عن أزمانِكمْ متأخراً / فإنّي قريبٌ منكمُ بفؤادي
لغيرِ زمانٍ كَوَّنَ الدهرُ نزعتي / وكوَّنَ أعصابي لغير بلاد
وعنديَ منكمْ كلَّّ يومٍ مَجالسٌ / ترفُّ بها أرواحُكم ونوادي
معي روحُ "بشَّارٍ" وحَسبْي بروحه / تقرّبني من حكمةٍ وسَداد
تعّلِمني سُخفَ القوانينِ في الورى / وسوءَ نظامٍ لم يجئ برشاد
وطوراً مع الشَّهم الظريف " ابن هانيءٍ " / يراوح خمَّاراً له ويغادي
يسجّل ما احصْت يداه بدقَّةٍ / ويمزُج منه صالحاً بفساد
ومن قبلُ " للحاناتِ" كانت ولم تزلْ / لدى الشعراء النابهينَ أيادي
تعوِّضهمْ عن وحشةٍ بانطلاقةٍ / وعن يقظةٍ مذمومةٍ برقاد
أساتذتي لا تُوحِدوني فانَّني / بوادٍ وكلُّ الشاعرين بوادي
ولا تعجبوا أنَّ القوافي حزينةٌ / فكلُّ بلادي في ثيابِ حِداد
وما الشعر إلاَّ صفحة من شَقائها / وما أنا إلاَّ صورة لبلادي
فلا تذكروا عيشي فانَّ يراعتي / تَرفَّعُ عن تدوينه ومدادي
أمرُّ مَن المِلح الأُجاج مواردي / وأرجعُ من شوكِ القتادةِ زادي
تقدَّمني مَن لستُ أرضى اصطحابه / وطاولني من لم يكنْ بعدادي
وضُويقتُ حتى في شعوري وإنَّما / شعوري ّبُقيا عُدَّتي وعتادي
وما لذَّةُ الدُّنيا إذا لم أكن بها / أُمتَّع في تفكيرتي ومرادي
وما أنا بالحُرِّ الذي ينعتَونه / إذا لم يكن في راحَتَيَّ قيادي
أُصرِّفُه فيما أروم وأشتهي / وأبذلُ فيه طارفي وتلادي
وماذا يريدُ الناسُ مني وإنَّما / " لنفسي صلاحي أو عليَّ فسادي "
فلا تَنشُدوا حُريّةَ الفكر إنَّها / "ببغدادَ " معنى نكبةٍ وصفاد
فما كان بشَّارٌ بأوَّلِ ذاهبٍ / ضحيَّةَ جهلٍ شائنٍ وعناد
إلى اليوم في" بغداد " خنقُ صراحةٍ / وتعذيبُ الافٍ لأجل أحاد
مداخلةٌ في مجلسٍ ومساربٍ / وتضييقةٌ في جِيئةٍ ومَعاذ
وخلّوا اهتضامَ الشعر إنَّ حديثَه / شجونٌ اقضَّتْ مضجعي وَوِسادي
خلَتْ حَلبةُ الآداب إَّلا هجائناً / ملفَّقَةً سدَّتْ طريق جياد
تشكَّى القريضُ العابثين بَحقله / كما يتشكَّى الروضُ وقعَ جراد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025