المجموع : 9
أَيا مَعشَرَ الأَصحابِ ما لي أَراكُمُ
أَيا مَعشَرَ الأَصحابِ ما لي أَراكُمُ / عَلى مَذهَبٍ وَاللَهِ غَيرِ حَميدِ
فَهَل أَنتُمُ مِن قَومِ لوطٍ بَقِيَّةٌ / فَما مِنكُمُ مِن فِعلِهِ بِرَشيدِ
فَإِن لَم تَكونوا قَومَ لوطٍ بِعَينِهِم / فَما قَومُ لوطٍ مِنكُمُ بِبَعيدِ
تُرى هَل عَلِمتُم ما لَقيتُ مِنَ البُعدِ
تُرى هَل عَلِمتُم ما لَقيتُ مِنَ البُعدِ / لَقَد جَلَّ ما أُخفيهِ مِنكُم وَما أُبدي
فِراقٌ وَوَجدٌ وَاِشتِياقٌ وَلَوعَةٌ / تَعَدَّدَتِ البَلوى عَلى واحِدٍ فَردِ
رَعى اللَهُ أَيّاماً تَقَضَّت بِقُربِكُم / كَأَنّي بِها قَد كُنتُ في جَنَّةِ الخُلدِ
هَبوني امرَأً قَد كُنتُ بِالبَينِ جاهِلاً / أَما كانَ فيكُم مَن هَداني إِلى الرُشدِ
وَكُنتُ لَكُم عَبداً وَلِلعَبدِ حُرمَةٌ / فَما بالُكُم ضَيَّعتُمُ حُرمَةَ العَبدِ
وَما بالُ كُتبي لا يُرَدُّ جَوابُها / فَهَل أُكرِمَت أَن لا تُقابَلَ بِالرَدِّ
فَأَينَ حَلاواتُ الرَسائِلِ بَينَنا / وَأَينَ أَماراتُ المَحَبَّةِ وَالوُدِّ
وَما لِيَ ذَنبٌ يَستَحِقُّ عُقوبَةً / وَيا لَيتَها كانَت بِشَيءٍ سِوى الصَدِّ
وَيا لَيتَ عِندي كُلَّ يَومٍ رَسولَكُم / فَأُسكِنَهُ عَيني وَأُفرِشَهُ خَدّي
وَإِنّي لَأَرعاكُم عَلى كُلِّ حالَةٍ / وَحَقِّكُمُ أَنتُم أَعَزُّ الوَرى عِندي
عَليكُم سَلامُ اللَهِ وَالبُعدُ بَينَنا / وَبِالرَغمِ مِنّي أَن أُسَلِّمَ مِن بُعدِ
يُبَشِّرُني مِنكَ الرَسولُ بِزَورَةٍ
يُبَشِّرُني مِنكَ الرَسولُ بِزَورَةٍ / فَإِن صَحَّ هَذا إِنَّني لَسَعيدُ
وَلَستُ إِخالُ الدَهرَ يَسخو بِهَذِهِ / أَلا إِنَّها مِن فِعلِهِ لَبَعيدُ
فَيا أَيُّها المَولى الَّذي أَنا عَبدُهُ / لَقَد زادَ بي شَوقٌ إِلَيكَ شَديدُ
مَتى تَتَمَلّى مِنكَ عَيني بِنَظرَةٍ / وَحَقِّكَ ذاكَ اليَومُ عِندِيَ عيدُ
تَساوَيتُمُ لا أَكثَرَ اللَهُ مِنكُمُ
تَساوَيتُمُ لا أَكثَرَ اللَهُ مِنكُمُ / فَما فيكُمُ وَالحَمدُ لِلَّهِ مَحمودُ
رَأَيتُكُمُ لا يَنجَحُ القَصدُ عِندَكُم / وَلا العِرفُ مَعروفٌ وَلا الجودُ مَوجودُ
وَدِدتُ بِأَنّي ما رَأَيتُ وُجوهَكُم / وَأَنَّ طَريقاً جِئتُكُم مِنهُ مَسدودُ
مَتى تُبعِدَنّي عَن حُدودِ بِلادِكُم / مُطَهَّمَةٌ جُردٌ وَمَهرِيَّةٌ قودُ
وَأُصبِحُ لا يَجري بِبالِيَ ذِكرِكُم / وَتَقطَعُ ما بَيني وَبَينَكُمُ البيدُ
وَسَمراءَ تَحكي الرُمحَ لَوناً وَقامَةً
وَسَمراءَ تَحكي الرُمحَ لَوناً وَقامَةً / لَها مُهجَتي مَبذولَةٌ وَقِيادي
وَقَد عابَها الواشي فَقالَ طَويلَةٌ / مَقالَ حَسودٍ مُظهِرٍ لِعِنادِ
فَقُلتُ لَهُ بَشَّرتَ بِالخَيرِ إِنَّها / حَياتي فَإِن طالَت فَذاكَ مُرادي
نَعَم أَنا أَشكو طولَها وَيَحِقُّ لي / لَقَد طالَ فيها لَوعَتي وَسُهادي
وَما عابَها القَدُّ الطَويلُ وَإِنَّهُ / لَأَوَّلُ حُسنٍ في المَليحَةِ بادي
رَأَيتُ الحُصونَ الشُمَّ تَحرُسُ أَهلَها / فَأَعدَدتُها حِصناً لِحِفظِ وِدادي
بِروحِيَ مَن قَد زارَني وَهوَ خائِفٌ
بِروحِيَ مَن قَد زارَني وَهوَ خائِفٌ / كَما اِهتَزَّ غُصنٌ في الأَراكَةِ مائِدُ
وَما زارَ إِلّا طارِقاً بَعدَ هَجعَةٍ / وَقَد نامَ واشٍ يَتَّقيهِ وَحاسِدُ
فَلَم أَرَ بَدراً قَبلَهُ باتَ خائِفاً / فَهَل كانَ يَخشى أَن تَغارَ الفَراقِدُ
وَكُنتُ أَظُنُّ الحُسنَ قَد خَصَّ وَجهَهُ / وَما هُوَ إِلّا قائِمٌ فيهِ قاعِدُ
فَدَيتُ حَبيباً زارَني مُتَفَضِّلاً / وَليسَ عَلى ذاكَ التَفَضُّلِ زائِدُ
وَما كَثُرَت مِنّي إِلَيهِ رَسائِلٌ / وَلا مَطَلَت بِالوَصلِ مِنهُ مَواعِدُ
رَآني عَليلاً في هَواهُ فَعادَني / حَبيبٌ لَهُ بِالمَكرُماتُ عَوائِدُ
فَمُت كَمَداً يا حاسِدي فَأَنا الَّذي / لَهُ صِلَةٌ مِمَّن يُحِبُّ وَعائِدُ
وَلي واحِدٌ ما لي مِنَ الناسِ غَيرُهُ / أَرى أَنَّهُ الدُنيا وَإِن قُلتُ واحِدُ
فَيا مُؤنِسي لا فَرَّقَ اللَهُ بَينَنا / وَلا أَقفَرَت لِلأُنسُ مِنّا مَعاهِدُ
وَيازائِراً قَد زارَ مِن غَيرِ مَوعِدٍ / وَحَقِّكَ إِنّي شاكِرٌ لَكَ حامِدُ
إِلى كَم أُداري أَلفَ واشٍ وَحاسِدِ
إِلى كَم أُداري أَلفَ واشٍ وَحاسِدِ / فَمَن مُرشِدي مَن مُنجِدي مَن مُساعِدي
وَلَو كانَ بَعضُ الناسِ لي مِنهُ جانِبٌ / وَعَيشِكَ لَم أَحفِل بِكُلِّ مُعانِدِ
إِذا كُنتَ يا روحي بِعَهدِيَ لا تَفي / فَمَن ذا الَّذي يَرجو وَفاءَ مَعاهِدي
أَظُنُّ فُؤادي شَوقُهُ غَيرُ زائِدٍ / وَأَحسَبُ جَفني نَومُهُ غَيرُ عائِدِ
أَبى اللَهُ إِلّا أَن أَهيمَ صَبابَةً / بِحِفظِ عُهودٍ أَو بِذِكرِ مَعاهِدِ
وَكَم مَورِدٍ لي في الهَوى قَد وَرَدتُهُ / وَضَيَّعتُ عُمري في اِزدِحامِ المَوارِدِ
وَما لِيَ مَن أَشتاقُهُ غَيرُ واحِدٍ / فَلا كانَتِ الدُنيا إِذا غابَ واحِدي
أَأَحبابَنا أَينَ الَّذي كانَ بَينَنا / وَأَينَ الَّذي أَسلَفتُمُ مِن مَواعِدِ
جَعَلتُكُمُ حَظّي مِنَ الناسِ كُلُّهُمُ / وَأَعرَضتُ عَن زَيدٍ وَعَمرٍ وَخالِدِ
فَلا تُرضِخوا وُدّاً عَلَيكُم عَرَضتُهُ / فَيا رُبَّ مَعروضٍ وَلَيسَ بِكاسِدِ
وَحَقِّكُمُ عِندي لَهُ أَلفُ طالِبٍ / وَأَلفُ زَبونٍ يَشتَريهِ بِزائِدِ
يَقولونَ لي أَنتَ الَّذي سارَ ذِكرُهُ / فَمِن صادِرٍ يُثني عَلَيهِ وَوارِدِ
هَبوني كَما قَد تَزعَمونَ أَنا الَّذي / فَأَينَ صِلاتي مِنكُمُ وَعَوائِدي
وَقَد كُنتُمُ عَوني عَلى كُلِّ حادِثٍ / وَذُخري الَّذي أَعدَدتُهُ لِلشَدائِدِ
رَجَوتُكُمُ أَن تَنصُروا فَخَذَلتُمُ / عَلى أَنَّكُم سَيفي وَكَفّي وَساعِدي
فَعَلتُم وَقُلتُم وَاِستَطَلتُم وَجُرتُمُ / وَلَستُ عَليكُم في الجَميعِ بِواجِدِ
فَجازَيتُمُ تِلكَ المَوَدَّةِ بِالقِلى / وَذاكَ التَداني مِنكُمُ بِالتَباعُدِ
إِذا كانَ هَذا في الأَقارِبِ فِعلَكُم / فَماذا الَّذي أَبقَيتُمُ لِلأَباعِدِ
تَوَقَّ الأَذى مِن كُلِّ رَذلٍ وَساقِطٍ
تَوَقَّ الأَذى مِن كُلِّ رَذلٍ وَساقِطٍ / فَكَم قَد تَأَذّى بِالأَراذِلِ سَيِّدُ
أَلَم تَرَ أَنَّ اللَيثَ تُؤذيهِ بَقَّةٌ / وَيَأخُذُ مِن حَدِّ المُهَنَّدِ مِبرَدُ
عَفا اللَهُ عَنكُم أَينَ ذاكَ التَوَدُّدُ
عَفا اللَهُ عَنكُم أَينَ ذاكَ التَوَدُّدُ / وَأَينَ جَميلٌ مِنكُمُ كُنتُ أَعهَدُ
بِما بَينَنا لاتَنقُضوا العَهدَ بَينَنا / فَيَسمَعَ واشٍ أَو يَقولَ مُفَنِّدُ
وَيا أَيُّها الأَحبابُ ماذا أَرى بِكُم / وَإِنّي بِحَمدِ اللَهِ أَهدى وَأَرشَدُ
تَعالَوا نُخَلِّ العَتبَ عَنّا وَنَصطَلِح / وَعودوا بِنا لِلوَصلِ وَالعَودُ أَحمَدُ
وَلا تُخدِشوا بِالعَتبِ وَجهَ مَحَبَّةٍ / لَهُ بَهجَةٌ أَنوارُها تَتَوَقَّدُ
وَلا نَتَحَمَّل مِنَّةَ الرُسلِ بَينَنا / وَلا غُرَرَ الكُتبِ الَّتي تَتَرَدَّدُ
إِذا ما تَعاتَبنا وَعُدنا إِلى الرِضى / فَذَلِكَ وُدٌّ بَينَنا يَتَجَدَّدُ
عَتَبتُم عَلَينا وَاِعتَذَرنا إِلَيكُمُ / وَقُلتُم وَقُلنا وَالهَوى يَتَأَكَّدُ
عَتَبتُم فَلَم نَعلَم لِطيبِ حَديثِكُم / أَذَلِكَ عَتبٌ أَم رِضاً وَتَوَدُّدُ
وَقَد كانَ ذاكَ العَتبُ عَن فَرطِ غَيرَةٍ / وَيا طيبَ عَتبٍ بِالمَحَبَّةِ يَشهَدُ
وَبِتنا كَما نَهوى حَبيبَينِ بَينَنا / عِتابٌ كَما اِنحَلَّ الجُمانُ المُنَضَّدُ
وَأَضحى نَسيمُ الرَوضِ يَروي حَديثِنا / فَيا رَبُّ لا تُسمَع وُشاةٌ وَحُسَّدُ