المجموع : 3
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا
لهم حبّ قلبي إن تدانوا وإن صدّوا / وإن قربوا أوحال دونهم البعد
صبابة قلب قد تفرّد بالأسى / بهم حين أقوى منهم العلم المفرد
أقم مأتم الأشواق إن كنت ذا هوىً / يُرنّحه بأن ويذكره رند
فقد هبّ من أرض العراق نسيمهُ / تضوّع في أرجائها المسلك والند
قفوا بالحمى التجديّ ترجي طلائحا / من الشوق يجدوها من الوجد ما يحدو
وإن رمتم وردا فها فيض عبرتي / لعيسكم إن مسها ظمأ ورد
فلي بين هاتيك القباب خريدة / يطالبني في كل وقت بها الوجد
أحنّ إليها ما تالق بارق / حنينا يرى للنار من حرة برد
ويُطربني إن قام بالدوح نائح / على عذبات البان من شجوه يشدو
سقى الله نجد أما حللتم بأرضها / فإن غبتم عنها فلا سقيت نجد
جحدت الهوى خوف الوشاة فأعربت / دموعي بما ألقى ولم ينفع الجحد
وإني وإن قامت قيامه عذّلي / على كل حال ليس لي منكم بد
أرى كبدي مصدوعة بعد بعدكم / وفي كل عضوٍ من فراقكم كيد
وما أنا بالباغي سواكم النحلّة / وإن أسعدت شعري وإن وصلت هند
وركب تداعوا للسرى ثمتّ انبرى / ليبقي القرى بعد الهدى ذلك الوفد
فقلت لهم والليل فلقٍ جرانهُ / وقد ستر الآفاق من جنحه برد
قفوا حيث انوار الهدى كامليّة / وثار الوغى والمشركون لها وقد
بحيث سواد الليل بالبيض مشرف / وحيث بياض الصبح بالنقع مسودّ
فثم ترى الاسلام يسفر وجهه / شروراً ونجم الحق في أفقه يبذو
فلولا سمي المصطفى ووليّه / وهي الدين بل كادت قوى الحق تنهدّ
فما صاحفحت بيض الصفاح ككفّه / ولا حملت ذاك الطهمة الجرد
ورى زند ذاك الدين الحنيف برأيه / وراتبه من بعد ما قد كبا الزند
وجدّد أثواب المنى فانثنى الفنى / يروح على قصاده مثل ما يغدو
تجمعّن فيه أربع نبويّة / تأثّل منها عنده الفخر والمجد
جلال سليمان وبهجة يوسف / وأخلاق داود ومن أحمد الحمد
إذا متعت أجفان ملك رقادها / عن الملك أضحى حشو أجفانه السهد
وإن وهبوا المافي طريفا وتالداً / فجودهم في بحر إحسانه ثمد
فلو جاز في الدنيا خلود لخالدٍ / على حسن ما تأتي لحق له الخلد
خصائص ايوبية عادلية / شددت بها للدين فوق الذي شدّوا
فروع زكت في الكرمات وإنما / سمت بهم الاحلام والحسب العدا
فلولاهمُ لم ينبت الخط للوغى / وشيجا ولم تطبع صوارمها الهند
فقل لملوك الخافقين إليكمُ / عن الملك أو سدوا من الأمر ما سدوا
مليك الورى أين الملوك عن الندى / قصديت فيه للعدا حينما صدوا
أيطمع أقوام بنعمة عيشة / متى عطشوا فالموت دونهم وردُ
غلام التمادي والفرنج بجمهم / على جيد ومياط كما انتظم العقد
فوالله ثم الله حلفة صادقٍ / حشاه حشايا ملؤها الغيظ والحقد
لما طاب سكنى طيبة ولقد بنا / بجنيب النبي المصطفى ذلك اللحد
وأقسم لولا طود بأسك ما علا / منار الهدى حقا ولا سعد الجد
ولا قام يبغي نصرة الحق قائم / من الناس لولا سيف عزمك والجد
أيا ملكا أجهدتُ نفسي بسعيها / إليه رجاءً أن سينفعني الجهد
قصدتك لا ألوي على الناس كلهم / سواك عسى يرعى لنا ذلك القصد
أؤمل أن أبقى بقيّة مدتي / لديك وعيشي ناعم عندكم رغم
ولست أرجي غير خدمتك التي / يتم بها بين الورى عنديَ السعدُ
تركت بلادي وارتحلت أريدكُم / فدونك فضلا حال عن جزره المد
فخذوا واستمع مدحا تمدّ لواءه / يدُ الدهر يرويه لرونقه الضد
فها أنا يا ملك الملوك وأنتم / وها بصر لكن الخصيب لكم عبد
فمن ذا يرجى بعد أن جاء نحوكم / مليكا ومن ذا يستماح له رفد
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا
أقيموا عمود الدين للّه تسعدوا / فقد جاءكم عيسى وهذا محمد
فريق الهدى والله يظهر دينه / على دين من قد اشركوا وتمردّوا
فللّه ألطاف عليكم خفيّة / فإن تنجدوه من لظى النار ينجدوا
أرى الآية الكبرى من النصر قد جرى / بها الفال فالأفراحُ فيها تجدّدُ
ومما يبيد الشركين بأنّه / تجمّع للإسلام عيسى وأحمد
عسى الله أن يأتي بموسى فإنّني / أرى كبدي شوقا إليه توقّد
ليظهر أن الحق حقّ محمد / وكلّ بني بالذي قلت يشهد
فلا تجزعوا من حادثٍ حباء فادحاً / فذا الدين للحرمن في نصره يد
فشنوا الدين الكفر غارات معشرٍ / لهم في الهدى فرع زكيّ ومحتد
وشبّوا الهم نار الجهاد فإنكم / متى تتركوها آن للنار تحمد
فذا الدين ما أرسى قواعد حقّه / لدى الناس إلا ذابل ومهنّد
فحزبكُم حزب الإله وإنهم / همم الغالبون الشرك والمود أحمد
هل الدين ملبوس جميل وشبعة / ينيلكموها اليوم أو سعف الغد
وهل فرمن نار القتال أخو حجاً / ليبقى وفي نار الجحيم يخلّد
أطيعوا مليكا يشتري الحمد بالندى / ويرقد في جفن الردى وهو أرمد
له عزمات الدهر إن همّ بالعدى / وكالغيث يهمي صوبهُ وهو مرعدُ
له دوحة يسمو بها عادليّة / وللمجد منها كلّ وقتٍ مجدّد
فللحقّ منه خير ركن وملجأ / وللعدل والإسلام سيف معضّد
إذا جئته تلقى السماح مجسدا / بكفّ طوال الدهر يعطي ويرفد
وإنّ قرى العافي إذا أمّ ظلّه / جداول تجري والسديفُ المسرهد
لقد سطرت من بشره ونوالهِ / أحاديثُ ودٍ عنه تروى وتسند
فيقني ولم يسبق عطاياه موعد / ويفني ولم يسبق رواه التوعّد
ومن وهب الأموال أو قتل العدا / ليشري بذاك الشكر والحمد بحمدُ
وكان عليه أن يحوز مدى العلى / أليّة برورٍ وحلف مؤكّد
أقام عمود الدين حقّا محمّد / كما بدأ الدين الحنيف محمّد
فأشرق بدر الحق في أفقِ الهدى / وقد غالهُ قطع من الكفر أسود
نزلت وحاجاتي بباب محمّد / فأذهله عنّي زمان منكّد
وقد كان ظنّي أنّني أقطع الردى / به فهو سيف في الرزايا مجرّد
تجاوزت أقواماً عليّ أعزّةً / إليه عسى بؤسي بنعماه يفقد
فلم يك لي في ظلّه ذا عناية / فيعرف فضلي ثم يثني وبحمد
وظلم إذا ما قيل إني شاعر / وفي كلّ علم لي مقام ومشهد
ولو جاز في الدنيا خلود لفاضلٍ / لبشّرت الدنيا بأنّي مخلّد
فوا أسف ما بال حظّيَ ناقصاً / لديكم ودهري بالفضائل أحسد
فمن ذا يروم العاقل الندب في الورى / وأعظم منكم في الدناليس يوجد
أعيد ومهما عشت للناس دائما / مدى نحروا الاعداء فيه وعيّدوا
فظلّك مسدول وجودك غامر / وفعلك مشكور وبابك مقصدُ
سقاه الصبا خمر الدلال المردّد
سقاه الصبا خمر الدلال المردّد / فراح بطرفٍ في القلوب معربد
وشجّت بماء الحسن منه فأظهرت / أشقّها في خدّه المتورّد
غزال متى ما غازلتني لحاظهُ / أراقت دمي من جفنها بمهنّد
مليح المعاني ما شفاني وإنما / سقاني الهوى لكن بكاس منكّد
نضلّ بليل الشعر منه وإنما / بصبح محياه المهلل نهتدي
إذا ما ثناياه تجسّم برقُها / سُقيت سحابا من سلافة صرخد
بثغر حكى الأغريض حسنا وإنّه / لفاخر درّ في عقيق منضّد
أطاع النوى لما نوى لي غدرةً / فغادرني حلف الغرام المجدّد
أناشد رسم الدار أين ترحلّوا / وأنشد قلبي عند برقة منشد
وقفت بها أبكى وترزم ناقتي / مشوقا إليها وقفة المتبلّد
أفرّق شمل الدمع بعد فراقهم / يبدّده جفني لشاملي المبدّد
وما اعتادني منها سوى فرط لوعة / تصبّب دمعي بالزفير المصعّد
وذي عذل قد حرق القلب لومه / فقلت له قول العنيف المشدّد
أعاذل إن اللوم في الحبّ ضلّة / إذا لم يكن نفع بلوم مردّد
أترغب في إفراق من في فؤاده / كلوم بسهم للصبابة مصررِ
يجنّ إذا ما جنّ ليل ويفتدي / بجفنٍ على طول الليالي مسهّد
أقول لخفّاق النسيم إذا سرى / يروح على درا الحبيب ويغتدي
تحمّل سلامي نحو منعرج اللوى / وإيّاك تعدو حلّةً من بني عدي
فلي بين هاتيك الخيام مخيّم / غدا منتهى سؤلي وغاية مقصدي
فاست أرجّي غير طيب وصالهِ / وبذل الندى من زيد بن محمد
توقّل في هضب العلى فعلا على / بني الدهر من تشييد مجد وسؤدد
صفا جوده لما ضفا ثوب جوده / على الناس بالجدوى وعظم التودّد
إذا برقت بشرا أسرّة وجهه / همى عارض من ماله المتبدّد
هدى الناس للعلياء بالجود واهتدى / لغرّ السجايا فهو هاد ومهتدي
يطرّ به من جاء يسأل جودهُ / ولا كأغاريد الغريض ومعبد
تنكّر لي دهري المسيبء فردّه / برأي ممرّ في الملمات محصَد
ودافع عني الخطب حتى تهدمت / قواعده من ركن جود مشيد
خلائق قل الشكر عنها وإنّها / لميراثُ حقّ عن عليّ وأحمد
وماذا عسى رب القوافي يقوله / ومدحكم طيّ الكتاب المحجّد
فجدّكم بالله للخلق منذر / ووالدكم هاد لكل موحّد
إذا أغلقت أبوابُ سعي عن أمريء / فتحتم له بأبي رجاء ومقصد
وإن كذبت منه الأماني تغيّرت / بجودكم عن سوء ظن مشرّد
وإن صديت نحو الندى نفس آملٍ / سقاها بكاس الجود غير مصرّد
فخذها ضياء الدين مني قصيدة / غدا نظمها كاللؤلؤ المتسرّد
سقى روضها نوء العلوم فأظهرت / بدائع أزهار الثناء المخلّد
متى ير هارب الفصاحة والحجا / بإدراك ما فيها يهلّ ويسجد
إذا تليت راقت لدى كل سامع / فيعظمها في كل نادٍ ومشهد
ستنشر إذ أطوى ويزهي بحفظها / وانشادها في الناس كلّ مغرّد
فعش فالورى ما عشت في ظل نعمةٍ / ومهد من المعروف جدّ ممهّد