القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 33
بوجه أبي الصقر الذي راح واغتدى
بوجه أبي الصقر الذي راح واغتدى / كشمس الضحى محفوفةً بسُعودها
ولما أتى بغداد بعد قُنُوطِها / وفتْرة داعيها وإيباس عُودِها
إذا ظُلَلٌ قدْ لَوّحتْ ببروقها / إلى ظُلَلٍ قد أرجفت برعودها
سحائبُ قيست بالبلاد فأُلْقِيَتْ / غطاءً على أغوارها ونجودها
حَدَتْها النُّعامَى مُثْقَلاتٍ فأقْبَلَتْ / تَهادَى رُويداً سيرُها كرُكودها
غُيُوثٌ رأى الإمحالُ فيها حِمَامَهُ / قرينَ حياةِ الأرضِ بعد هُمُودها
أظلَّتْ فقال الحرثُ والنَّسْل هذه / فُتُوح سماءٍ أقبلت في سُدودها
فأطفأ نيران الغليل مَواطرٌ / مُضرَّمةٌ نيرانها في وقودِها
سقتنا ونيرانُ الصدى كبرُوقه / فقد بردت أكبادُنا بِبُرُودها
ولمْ نُسْقَ إلا بالوزير ويُمْنِهِ / فَبُورك في أيامه وعهودِها
دعا اللّه لما اغْبَرَّت الأرض دعوة / بأمثالها تغدُو الرُّبى في بُرُودِها
فكم بركاتٍ أذعنت بنزولها / لدعوته إذْ أمْعَنَتْ في صُعودها
سما سَمْوَةً نحو السماء بغُرَّة / مُسَوَّمَةٍ قِدْماً بِسِيمَا سجُودها
وكَفَّيْن تَسْتَحِيي السماءُ إذا رأت / رُفُودَهُمَا من ضَنِّها برُفُودها
فلمَّا تلَقَّتْها الثَّلاثُ رعَتْ لها / مع الجاهِ عند اللّه حُرْمَةَ جُودها
فجادتْ سماءُ اللّه جُوداً غدتْ له / عَقِيمُ بِقاع الأرضِ مثلَ وَلُودِها
بِغَاشِيةٍ من رحمة اللّه لم تَرِثْ / نَسِيَّاتُهَا إلّا كَرَيْثِ نُقُودِها
سقتْنَا ومَرْعانا فروَّت وأفضَلَتْ / لِدِجْلَةَ فضلاً فاغتدت في مُدُودها
حيَاً جُعِلَتْ فيه الحياة فأصبحَتْ / بناتُ الثَّرى قد أنْشِرَتْ من لُحُودها
فمنْ مُبْلِغٌ عنَّا الأمير رسالة / فلا برحتْ نُعْمَاكَ داءَ حَسُودها
بَقِيتَ كما تبْقى معاليك إنها / تبيدُ الهضابُ الشمُّ قبل بُيُودها
رأيْنَاكَ ترعانا بعيْنٍ ذكيَّةٍ / أتَى النَّاسَ طُرّاً نَوْمُهُمْ من سُهُودِها
هي العينُ لم تُؤْثِرْ كَرَاها ولم يزلْ / تَهَجُّدُها أوْلى بها من هُجُودها
ونُعماك في هذا الوزير فإنَّنا / نعوذُ بنعمى ربِّنا من جُحُودها
وكيف جُحُود الناس نعماءَ مُنْعِمٍ / تَنَاغَى بها أطفَالُهُمْ في مُهُودها
لَعمري لقد قَلَّدْتَهُ الأمرَ كافياً / يَلَذُّ التي أعْيَتْ شفاءَ لدُودها
وزيرٌ إذا قاد الأمُورَ تتابَعَتْ / فأصْبَحَ آبِيها جنيبَ مَقُودِها
أخو ثِقةٍ لو حارب الأُسْدَ أذْعَنَتْ / أو الجنَّ ذلَّتْ بعد طولِ مُرُودها
مَليٌّ بأنْ يغشَى الغِمَارَ وأنْ يَرى / مصادِرَها بالرأْي قبْل وُرُودِها
وذو طاعة للّه في كل حالة / ومعصيةٍ للنفس عند عُنُودها
صَدُوعٌ بأحكام الكِتَابِ مُعَوِّدٌ / عَزَائمَهُ التوْقِيفَ عند حُدُودها
وَهَتْ قُبَّةُ الإسلام حتى اجْتَبيتَهُ / فقد أصْبَحَتْ مَعْمُودَةً بِعَمُودها
بآرائه أضحَتْ سيُوفكَ تُنْتَضى / فَتُغْمَدُ من هَامِ العدا في غُمُودِها
غَدا خَيْر ذِي عَوْنٍ لسيِّدِ أمَّةٍ / وَأَكْلأَ ذي عَيْنٍ لِسَرْحِ مَسُودِها
كفى كلَّ ما تَكْفي الكُفَاةُ مُلوكَها / بِنُجْحِ مساعِيها ويُمْنِ جُدُودها
فقد أخمد النِّيران بعد اسْتِعارِها / وقد أوقَدَ الأنْوارَ بعد خُمودها
ويكْفيه إن خانَ الشهادةَ خائنٌ / بما اسْتَشْهَدَتْ آثارُه من شُهُودها
أتانا ودُنيانا عجوزٌ فأصبَحَتْ / به ناهِداً في عُنْفُوانِ نُهودها
فقدْ قُيِّدَتْ عنَّا المخاوفُ كلُّها / وقد أُطْلِقَتْ آمالُنا مِنْ قُيودها
بذِي شِيَمٍ يُصبيكَ حُسنُ وُجُوهِهَا / ولِينُ مَثانِيها وجَدْلُ قُدُودها
حمانا وأرْعانا حِمَى كلِّ ثرْوَةٍ / وأبْدَلَنا بيضَ الليالي بسُودِها
فأَضْحى ولو تَسْطِيعُ كلُّ قبيلةٍ / وَقَتْ نَعْله مَسَّ الثَّرَى بخدُودها
تَأَلَّف وَحْشِيَّ القُلوب بلْطفِهِ / فأضْحَى مُعَادِيهَا لهُ كَوَدُودِها
وفَى وَعَفَا عن كلِّ صاحِبِ هفْوَةٍ / وكابَدَ ما دون العُلا من كُؤُودها
بنفْسٍ أبتْ إلا ثَباتَ عُقُودِها / لمنْ عَاقَدَتْهُ وانْحِلالَ حُقُودها
ألاَ تلْكُمُ النفْسُ التي تَمَّ فضْلُها / فما نَستَزِيدُ اللّه غيْرَ خُلُودها
وإن عُدَّتِ الأحْسَابُ يوماً فإنَّمَا / يُعَدُّ مِن الأحْساب رَمْلُ زَرُودِها
مَفاخِرُ عنْ آبائِهِ وبِنَفْسِه / نُفُودُ حصى الإحْصَاءِ قبل نُفُودها
تداركَ إسماعيلُ للعَربِ العُلاَ / فعادتْ لإسمَاعِيلِها ولِهُودِها
فتىً من بني شيْبانَ في مُشْمَخِرَّةٍ / شَدِيد على الرَّاقِي رُقيَّ صُعُودها
نَمَتْهُ من العَلْيا جبالُ صُقُورها / وحفّت جَنَابيْهِ غِيَاضُ أُسُودها
فتىً لعطاياه وفودٌ تَؤمُّها / فَإن قعدُوا كانت وفُودَ وُفُودها
إذا بَدْءُ ما أعْطَى أنَامَ عُفَاتَهُ / سرى عَوْدُهُ مُسْتَيْقِظاً لِرُقُودها
وَلَمَّا رَحَلْتُ العِيسَ نحو فِنَائه / ضَمِنْتُ عليه عِتْقَهَا من قُتُودِها
أمِنْتُ على نعمائه رَيْبَ دهرِه / وَلِمْ لا وذاك العُرْفُ بعضُ جُنُودِها
رقَقْتُ له من قبحه المحْضِ رِقَّةً
رقَقْتُ له من قبحه المحْضِ رِقَّةً / ألاَنْت لهُ قَلْبِي فَقَادَتْ له وُدِّي
فَتَاه بِوجْهٍ يَطْرفُ العينَ قِبْحُهُ / له صورة كالشَّمسِ في الأعين الرُّمد
ولا عَجَبٌ أن كانَ من كانَ مِثْلَهُ / تشَبَّهَ بالمعْشوُقِ في التيِّه والصدِّ
إذا لم يكن قِرْداً تَمَاماً حِكَاية / وقبحاً فلم تكملْ لهُ صورة القردِ
لَقَدْ آن أن أسْلاهُمُ وأملَّهمْ
لَقَدْ آن أن أسْلاهُمُ وأملَّهمْ / فكيف وما لاقيتُ منهم أخا رشْدِ
وكيف وقد جرَّبتُ من طبقاتهم / تَجَاريبَ تدعو النفس فيهم إلى الزهد
بُنَيَّ الذي أهْدَتْهُ كَفَّايَ للثَّرَى
بُنَيَّ الذي أهْدَتْهُ كَفَّايَ للثَّرَى / فَيَا عِزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرة المُهدِي
ألا قاتَل اللَّهُ المنايا ورَمْيَها / من القَوْمِ حَبَّات القُلوب على عَمْدِ
تَوَخَّى حِمَامُ الموتِ أوْسَطَ صبْيَتي / فلله كيفَ اخْتار وَاسطَةَ العِقْدِ
على حينََ شمْتُ الخيْرَ من لَمَحَاتِهِ / وآنَسْتُ من أفْعاله آيةَ الرُّشدِ
طَوَاهُ الرَّدَى عنِّي فأضحَى مَزَارُهُ / بعيداً على قُرْب قريباً على بُعْدِ
لقد أنْجَزَتْ فيه المنايا وعيدَها / وأخْلَفَتِ الآمالُ ما كان من وعْدِ
لقَد قلَّ بين المهْد واللَّحْد لُبْثُهُ / فلم ينْسَ عهْدَ المهْد إذ ضُمَّ في اللَّحْدِ
تَنَغَّصَ قَبْلَ الرِّيِّ ماءُ حَياتِهِ / وفُجِّعَ منْه بالعُذُوبة والبَرْدِ
ألَحَّ عليه النَّزْفُ حتَّى أحالَهُ / إلى صُفْرَة الجاديِّ عن حُمْرَةِ الوَرْدِ
وظلَّ على الأيْدي تَساقط نَفْسُه / ويذوِي كما يذوي القَضِيبُ من الرَّنْدِ
فَيَالكِ من نَفْس تَسَاقَط أنْفُساً / تساقط درٍّ من نِظَام بلا عقدِ
عجبتُ لقلبي كيف لم ينفَطِرْ لهُ / ولوْ أنَّهُ أقْسى من الحجر الصَّلدِ
بودِّي أني كنتُ قُدِّمْتُ قبْلَهُ / وأن المنايا دُونَهُ صَمَدَتْ صَمْدِي
ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي / وللرَّبِّ إمْضَاءُ المشيئةِ لا العَبْدِ
وما سرني أن بعْتُهُ بثَوابِه / ولو أنه التَّخْليدُ في جنَّةِ الخُلْدِ
وَلا بِعْتُهُ طَوْعاً ولكنْ غُصِبْته / وليس على ظُلْمِ الحوادِث من مُعْدِي
وإنِّي وإن مُتِّعْتُ بابْنيَّ بَعْده / لَذاكرُه ما حنَّتِ النِّيبُ في نَجْدِ
وأولادُنا مثْلُ الجَوارح أيُّها / فقدْناه كان الفاجِعَ البَيِّنَ الفقدِ
لكلٍّ مكانٌ لا يَسُدُّ اخْتلالَهُ / مكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جَلدِ
هَلِ العَيْنُ بَعْدَ السَّمْع تكْفِي مكانهُ / أم السَّمْعُ بَعْد العيْنِ يَهْدِي كما تَهْدي
لَعَمْرِي لقد حالَتْ بيَ الحالُ بَعْدَهُ / فَيَا لَيتَ شِعْرِي كيف حالَتْ به بَعْدِي
ثَكِلتُ سُرُوري كُلَّه إذْ ثَكلتُهُ / وأصبحتُ في لذَّاتِ عيْشي أَخَا زُهْدِ
أرَيْحَانَةَ العَيْنَينِ والأَنْفِ والحَشا / ألا لَيْتَ شعري هَلْ تغيَّرْتَ عن عهدي
سأسْقِيكَ ماءَ العيْن ما أسْعَدَتْ به / وإن كانت السُّقْيَا من الدَّمْعِ لا تُجْدِي
أعَيْنَيَّ جُودا لي فقد جُدْتُ للثَّرى / بأنْفِس ممَّا تُسأَلانِ من الرِّفْدِ
أعَيْنيَّ إن لا تُسْعِداني أَلُمْكُمَا / وإن تُسْعداني اليوم تَسْتَوْجبا حَمْدي
عَذَرْتُكُما لو تُشْغَلانِ عن البُكا / بِنَوْمٍ وما نَوْمُ الشَّجِيِّ أخي الجَهْدِ
أقُرَّةَ عيني قدْ أطَلْت بُكاءها / وغادرْتها أقْذَى من الأعينِ الرُّمدِ
أقُرَّةَ عيني لو فَدَى الحَيُّ مَيِّتاً / فَدَيْتُك بالحَوْبَاء أَوَّلَ من يَفْدِي
كأني ما اسْتَمْتَعتُ منك بنظْرة / ولا قُبْلةٍ أحْلَى مَذَاقاً من الشَّهْدِ
كأني ما استمتعتُ منك بِضَمَّةٍ / ولا شمَّةٍ في مَلْعبٍ لك أو مَهْدِ
ألامُ لما أُبْدي عليك من الأسى / وإني لأخفي منه أضعاف ما أُبْدي
محمَّدُ ما شيْءٌ تُوُهِّمَ سَلْوةً / لقلبيَ إلا زاد قلبي من الوجدِ
أرى أخَوَيْكَ الباقِيينِ فإنما / يَكُونان للأَحْزَانِ أوْرَى من الزَّندِ
إذا لَعِبا في ملْعَبٍ لك لذَّعا / فؤادي بمثل النار عنْ غير ما قَصدِ
فما فيهما لي سَلْوَةٌ بَلْ حَزَازَةٌ / يَهِيجانِها دُونِي وأَشْقَى بها وحْدي
وأنتَ وإن أُفْردْتَ في دار وَحْشَةٍ / فإني بدار الأنْسِ في وحْشة الفَرْدِ
أودُّ إذا ما الموتُ أوْفَدَ مَعْشَراً / إلى عَسْكَر الأمْواتِ أنِّي من الوفْدِ
ومن كانَ يَسْتهدِي حَبِيباً هَدِيَّةً / فَطَيْفُ خيَال منك في النوم أسْتَهدي
عليك سلامُ الله مني تحيةً / ومنْ كلِّ غيْثٍ صادِقِ البرْقِ والرَّعْدِ
كما بأبي العباس أنشئ مُلكُكُمْ
كما بأبي العباس أنشئ مُلكُكُمْ / كذا بأبي العباس منكم يُجدّدُ
إمامٌ يظلُّ الأمسُ يُعْمِلُ نحوه / تلفُّتَ ملهوف ويشتاقُه الغدُ
يودّ الزمانُ المنقضي عنه أنه / عليه لِزامٌ آخرَ الدهر سرمدُ
تأمَّلْ وأنتَ المرءُ ينظر نظرة
تأمَّلْ وأنتَ المرءُ ينظر نظرة / فلا غَوْرَ إلا وهو في عينه نجْدُ
ذكاءً وإشرافاً على كل غامضٍ / يقصِّرُ قِدْماً دون عفوهما الجُهْد
ألم تر أن الجدَّ مذ كان سيِّدٌ / وأن الوَنَى في كل عارفة عبْدُ
وتكميل معروف الكريم بِحشده / وأسديْتَ معروفاً وقد بقي الحشْدُ
ولستُ براضٍ منك ما لستَ راضياً / ولستَ براضٍ غير ما يرتضي المجدُ
إذا ما قصدتَ الأمرَ أول قصْدِه / ولم تَتْلُها أخرى فما حَصْحَصَ القصدُ
ولا عَمْدَ لم يحفزهُ عمْدٌ مؤكَّدٌ / من المرءِ إلا أشْبَهَ الخطأَ العمْدُ
وعنديَ أمثالُ لذاك كثيرة / سَيَحْدُو بها في البر والبحر من يحدُو
إذا ما عقدتَ العَقْد ثم تركته / ولم يَثْنِهِ عِقْدٌ وهَى ذلك العَقْدُ
وما النَّهْلُ دون العَلِّ شافي غُلَّةٍ / وإن ساعدَ الماءَ العُذُوبَةُ والبرْدُ
ولا البرقُ دون الرعْدِ ضامن مَطْرة / ولكن إذا ما البرقُ عاضده الرعْدُ
وما العينُ عيناً حين تفقد أختَها / ولا الأذنُ أذُناً ما طوى أختَها الفقْدُ
وما اليدُ لو لا أختُها بقويَّةٍ / ولا الرِّجل لو لا الرجل تمشي ولا تعدو
ولا كلُّ محتاج إلى ما يشدُّه / يُسَفْسِفُ إلا والوهاءُ له وكْدُ
فعزِّزْ كتاباً منك وِتْراً بَشْفعه / فما عزَّ إلا اللَّه مُسْتَنْجَدٌ فرْدُ
ترفَّعْ عن التعْذير غير مُذمَّم / إلى شرف الإِعذار يخْلُصْ لك الحمدُ
وزدنا من الفعل الجميل فلم تزلْ / تَكَرَّمُ حتى يعشق الكَرَمَ الوغْدُ
وبَعدُ فإني يا قَرِيعَيْ زماننا / مُبِثُّكُما وجدي فما مثله وجْدُ
ألا فاسمعا لي إن شكوتُ فطال ما / شدوتُ بمدحي فيكما فوق من يشدو
عَمِيدَيَّ ما بالي حُرمت جَداكما / ورأيُكما رأيٌ وعهدكما عهْدُ
أعِنْدِي مُنقضُّ الصواعق منكما / وعند ذوِي الكفر الحيا والثرى الجعدُ
وتحتيَ نعْلي تخبِطُ الأرضَ جهْدَها / وتحت سِوايَ السَّرْجُ والسابح النهدُ
ولا غَرْوَ أن تحظى عَليَّ عصابة / لَوَتْ حمدها والحمدُ عندِيَ والحقدُ
كذا الوهد تحظى بالسُّيول على الرُّبا / ويُعْشِبن بَدْءاً قبل أن يُعْشِبَ الوَهدُ
متى أنْصَرِفْ بالوجه والقلبِ عنكما / وأغدُ على حَرْدٍ فَحُقَّ ليَ الحرْدُ
شهدتُ لقد أشقيتماني وإنما / تقدم لي بالحظِّ لا الشَّقْوَةِ الوعْدُ
أُرجِّي فما أرجو ضمانٌ لديكما / وأخشى فما أخشاه عندكما نَقْدُ
وما هو إلا واقع العَتْبِ منكما / وهل مثلُه حَبْسٌ وهل مثله جَلدُ
وما لِيَ من ذنب وإن براءتي / وعُذْرِيَ مما لا يُغَيِّبه الجَحْدُ
أتنبُو بيَ الدنيا على حين لينها / وقد سكن الزلزال وامْتُهِدَ المهْدُ
وقد ضم عَنْزَ الأهل والذئبَ مرتعٌ / وأصبح ظَبْيُ الرَّمْلِ صالحه الفهدُ
أمالي إلى أن تجمعا لي رضاكما / سبيلٌ ولا يجري بذلك لي سعدُ
أمالي إلى أن تغدوا صدرَ مجلسٍ / مساغٌ فلا يغدو ابن حظٍّ كما أغدو
هنالك تجري لي سُعوديَ كلها / فيحيا الشباب اللدْنُ والزمن الرغْدُ
تعاديتما والحْسنُ والطيب فيكما / كما يتعادى النرجس الغضُّ والوردُ
وما الحسن والطيب الذي قد حويتما / سوى فضْلِ أخلاق محامِدها سَرْدُ
وعلم وحلم لا يوازن بعضَه / شَرَوْرَى ولا رَضْوَى وعَرْوى ولا رقدُ
عذلتُكما عَذلِيْ وليس بجارح / فإن كان عذلاً جارحاً فهو القصدُ
له النخسةُ الأولى وينفع غِبَّهُ / وما زال مني نحو نفعكما صَمدُ
بُذُورُكُما فاستصلِحاها لتجْنِيا / صلاحاً إذا ما الرَّيْعُ حصَّلَهُ الحصْدُ
وإياكما والبغْيَ خِدْناً فإنه / ذميم دميم في أحاديث من يَندو
وعلمُكما بالرشد ما قد علمتما / ونحوكما نَصُّ المُشاوِرِ والوخدُ
وباللَّه ما مقدار دنيا تُنُوفِستْ / بمثْلٍ ولا عدلٍ لبعض الذي يبدو
وما أنا إلا ناصح مُتَحَرِّقٌ / بحبكما حتى يُشقَّ له اللحدُ
وما زُلتُ عن رأيٍ ولا حُلْتُ عن هوى / ولا قلتُ حتى قيل لي حجر صلدُ
وفدتُ وآمالي ومدحي عليكما / ولا عذرَ ما لم يَغْش وفدَكما وفْدُ
ويعطي فيكفي بدءُ جَدْواه عَودَها
ويعطي فيكفي بدءُ جَدْواه عَودَها / ألا هكذا فليَمنع اليومُ رِفْدَ غدْ
يعاقب ما أدنى العقابُ من التقى / ويعفو فلا يعفو قعوداً على ضَمَدْ
لبستَ سناه واعتليتَ اعتلاءه
لبستَ سناه واعتليتَ اعتلاءه / ونأمل أن تحظى بمثل خلودِهِ
وأقبَلت بحراً زاخراً في مُدُوده / على متنِ بحرٍ زاخرٍ في مدودِهِ
وأُقسمُ بالمُعْلِيكَ قدراً ورتبةً / لجَودُكَ بالمعروف أضعافُ جودِهِ
وما رفدُك المحمودُ من رفْد رافدٍ / تُعَدُّ عيوبٌ جمَّةٌ في رفُودِهِ
تذوبُ رفودُ البحر بعد جمودها / ومالَكَ رفدٌ ذاب بعد جمودِهِ
وأنت متى جُزْتَ الحدود نفعتنا / وكم ضرَّ بحرٌ جاز أدنى حُدودِهِ
وما زلت في كل الأمور تبزُّهُ / بما يعجز الحُسَّابَ ضبطُ عقودِهِ
وقد عرفَ البحرُ الذي أنا عارفٌ / فطأطأ من طغْيانه ومُرُوده
وأضحى ذَلولاً ظهرُه إذ ركبته / لمجدٍ يبيد الدهْرُ قبل بُيُودِهِ
ومن أجلك استكسى الشَّمَال برودَهُ / وأقبل مزفُوفاً بها في بُرُودِهِ
ولولاك لاستكسى الجنوبَ سلاحَهُ / فكان ورودُ الحرب دون ورودِهِ
ولكن رأى سعدَ الكواكب فوقه / فسار وديعاً سيرُه كركُودِهِ
فهنَّأك اللّه السلامةَ قادماً / برغم مُعادِي حَظِّكم وحَسُودِهِ
فهنَّأك اللّه الكرامةَ خافضاً / وفي كلِّ حالٍ يا ابن مجدٍ وعودِهِ
وبعد فإنِّي المرءُ أجديتُ قاعداً / ولم يجدِ قبلي قاعدٌ بقعودِهِ
وما ذاك إلا أنَّ أرْوَعَ ما جداً / وَفَى لي بعهدٍ من كريم عهودِهِ
على أنَّ عَتْبا منه حَوَّلَ حالتي / لبعض عُنُودي لا لبعض عُنُودِهِ
وكان مَحَلِّي في النجود بفضله / فبدَّلني أغوارَهُ من نجودِهِ
فهل قائل عني له متوسّلٌ / بلين سجاياه ومجد جُدُودِهِ
لعبدك حقٌّ بالتَّحَرُّم واجبٌ / أبى لك طيبُ الخِيم لؤمَ جحودِهِ
وفي جيده طوقٌ لنعماك لازِبٌ / أبى ربُّه إلا قيامَ شهودِهِ
وأنت الذي يأبى انحلال عقوده / وإن كان لا يأبى انحلال حُقُودِهِ
فَجَدِّدْ له نعمى بعفوٍ ونائلٍ / فما زلتَ أعْنَى سَيِّدٍ بمسودِهِ
وبشرى من البِشْرِ الجميل فلم يزل / يبشّر بالصبْح انبلاجُ عمودِهِ
خَصصتُ وأَثنى بالعموم ولم أكن / كصاحب نومٍ هبَّ بعد هجودِهِ
ولكنَّني بدَّأتُ أبلَجَ لم أزل / أقاتل أسباب الردى بجنودِهِ
بقيتم بني وهبٍ برغم عدوكم / وشدة بلواه وطول سهودِهِ
ولا برحت بيضُ الأيادي عليكُمُ / ومنكمْ مدى بيض الزمان وسودِهِ
دُفِعْتُمْ إلى مُلكٍ كثيرٍ سدُودُه / فعادت فُتوح الملك ضِعْفَيْ سُدودِهِ
بكيْدٍ لكم قد زايلته غُمُوده / يؤيِّدُهُ كيْدٌ لكم في غمودِهِ
وألفيتُمُ المرْعى كثيراً أُسُودُهُ / فأَنصفتُمُ خِرْفانه من أسودِهِ
ولم يركم أمرٌ طلبتُمْ صلاحه / تَكأَّدَكم ما دونه من كَئُودِهِ
فأعرض عنّا كلُّ شرٍ بوجهه / وأقبل وجه الخير بعد صدودِهِ
فزاد مُصَلِّينا بكم في رُكُوعه / زاد مصلينا بكم في سجودِهِ
ألا لا عدمنا طِبَّكُمْ وشفاءه / فقد بردت أحشاؤنا بِبَرُودِهِ
ولا عدم العرفُ الذي تصنعونه / مِداداً نُفُودُ البحر قبل نفودِهِ
إليكُمْ رأى الراجي مَشَدَّ قُتُودِهِ / وفيكم رأى الساري محطَّ قُتُودِهِ
أتاكم ولم يشفعْ فلقَّاه طَوْلُكُمْ / نسيئاتِ ما رَجَّاه قبل نُقُودِهِ
وقد كان تأميلُ النفوس مُقَيَّداً / فأطلقتُمُ تأميلَها من قيودِهِ
وأشكرُهُ شكرين شكراً لحاجة
وأشكرُهُ شكرين شكراً لحاجة / قضاها وشكراً أنها لم تُنَكَّدِ
قَضَى حاجتي سمحاً بها مُتَيَسِّراً / فَعَال امرىءٍ بالصالحات مُعَوَّدِ
وما ذاك بدعاً من أفاعيل ماجدٍ / له بيت مجدٍ في القديم وسُؤْددِ
فتى الصّلْحِ بل بغداذ بل سُرَّ من رأى / وما هو مما فوق ذاك بمُبعِدِ
لَعمري لئن دارتْ رحايَ بإذنه / صبوحاً برغم من أَعادٍ وحُسَّدِ
لقد أصبحت أرْحاء فكري دوائراً / له بفنونٍ من مديح مؤبَّدِ
وكل امرىءٍ يَبْقَى جميلُ ثنائه / وإن كان يمضي فهو مثلُ المُخَلَّدِ
فتى جاور النعماء حق جوارها / عفافاً وبرَّاً باللسان وباليدِ
فأضحى عليه ثوبها وهو سابغ / فلا زال منها في لبوسٍ مجدَّدِ
ويا حبَّذا النعماء ثوباً لمنعمٍ / وَصُولٍ كريمٍ في الكرامِ مرَدَّدِ
تردَّى عليها حَمْدَ حُرٍّ ولم تكن / لتكمُلَ إلا وهو بالحمد مُرتدِ
فإن طلبوها أو أفاضوا بذكرها
فإن طلبوها أو أفاضوا بذكرها / لقوا الهُون من حبْس طويل ومن جَلْدِ
وأنت ابن دَنِّ الخَلِّ في ظلِّ نعمة / وعيشٍ رقيقٍ مثل حاشية البُردِ
تُظاهر بين الخزِّ والوشْي تُرْفَةً / فيالك من سيف ويا لك من غمدِ
بنو هاشم رَجْلٌ وأنت مُجنَّبُ / لك الخيل تَرْدِي من كميت ومن وَرْدِ
بلغتَ سُكاك النجم عِزّاً وثروةً / بلا طائل إلا بِغُرْمُولكَ النَّهْدِ
رأيتُك عند الله أعظمَ زُلفَةً / من الأنبياء المصطفيْنَ ذوي الرُشْدِ
أولئك أُعطوا جَنَّةً بنسيئة / وأنت ابن دَنِّ الخلِّ في جنة النقدِ
لك الحمد مولانا وإني لَقائلٌ / لك الحمدُ عن نفسٍ تَقَاعَسُ بالحمدِ
وكيف تكون النفس بالحمد سمحة / على حالة تدعو إلى الكفر والجحدِ
غدت تَتَّقِيني بالخدود عيونها
غدت تَتَّقِيني بالخدود عيونها / وقد تتقيني بالعيون خدودُها
لئن نفرتْ مني الظباء لربما / يكون قريباً من سهامي بعيدُها
ليالي لا تنجو بنَبْلي خريدةٌ / وإن عزَّ حاميها وجمَّ عَديدُها
إذا ما رمتني ذاتُ دَلٍّ رميْتُها / بعين لها منها مُقِيدٌ يُقِيدُها
وليس بمتبولٍ كريم تَصيده / سهامُ الغواني تارة ويصيدها
ولكنما المتْبولُ من ليس بارحاً / على تِرَة منهنّ لا يسْتَقِيدُها
سقى اللّه أيام الوُشاة فإنها / هي الصالحات الطالعاتُ سُعودُها
هنالك صاحبتُ الشَّبيبةَ غضّةً / تنافسني بيضُ السوالف غِيدُها
وهل خُلَّةٌ معسولة الطعم تُجْتَنَى / من البيض إلّا حيث واشٍ يكيدها
مع الواصل الواشي وهل تَجْتَنِي يَدٌ / جَنى النحل إلا حيث نحلٌ يذودها
ليستخلِف الجهلُ النُّهَى في دياره / إذا استخلفت بِيضَ المفارق سُودُها
ألا إن في الدنيا أعاجيبَ جَمَّةً / وأعجبُها أن لا يشيب وليدُها
أرى الناس مخسوفاً بهمْ غير أنهم / على الأرض لم يقلبْ عليهم صعيدُها
وما الخسفُ أن تَلْقى أسافلُ بلدةٍ / أعالِيَهَا بل أن يَسُودَ عبيدُها
غدا النُّكْر بين الناس والربُّ واحد / كما كان والأحياء شتى عُبودُها
فيا ليتها من أمة صاح صائحٌ / بها صيحة فاسْتلحقَتْها ثمودُها
عَذيري من الدنيا تخيبُ سُعَاتُها / ويحظى بمنفوس الأحاظي قُعودُها
نظرتُ فما تنفك للدهر وطأة / شديدٌ على خَدِّ الكريم وَميدُها
فأما أيَاديه على كل حارضٍ / لئيمْ فتَتْرى لا يُمَنُّ مَزيدُها
أرى كل نعمى ذاتَ رَنْقٍ يَشوبها / سوى نعمة الخَلّال قلَّ حسودُها
على أنه بادي العبُوس كأنه / حديثة ثُكْلٍ قد توالت فُقودُها
وما ذاك إلا أن نفساً لئيمة / عليها من النعماء ثِقْلٌ يؤُودها
أمفترشَ النعمى التي لست كُفأها / وأكفاؤها هلْكى نيامٌ جُدُودُها
أتصبحُ موفوراً سليماً وهذه / قُرومُ بني العباس تخطِرُ صِيدُها
سأزهدُ في الدنيا الدنية كاسمها / فلم يبق أيْمُ اللّه إلا زهيدُها
وأنْصِبُ للأيام فيك عداوة / ولِم لا أعاديها وأنت سعيدُها
إذا ذل في الدنيا الأعزةُ واكتستْ / أذلَّتُها عزَّاً وسادَ مَسودُها
هناك فلا جادت سماء بِصَوْبها / ولا أمْرَعَتْ أرض ولا اخضرَّ عودُها
لعمري لقد نبهت ما اسْطَعْتُ هاشماً / لكشف المخازي لو يهبّ رقَودُها
ولا تبعدنْ من أكلة سبقتْ بها
ولا تبعدنْ من أكلة سبقتْ بها / يدا سابق في حَلْبة المجدِ مبعدِ
ولا كان في استبداده متعمداً / وما كنتُ في الإخلال بالمتعمدِ
خلا أن هذا البخْتَ يجري مبلّداً / بصاحبه طوْراً وغير مبلَّدِ
وينْدُر في الأحيان جِدَّ مُحَرَّرٍ / ويندر في الأحيان جِدُّ مُبَرَّدِ
فبُعْداً له من طالبٍ مُتمنِّعٍ / وسُحْقاً له من راغب متزهِّدِ
فلا يَبْعدِ الشبُّوطُ من متلبِّسٍ / ظِهارته الحسنى ومن مُتجَرِّدِ
إذا نَشَّ في سفُّوده عند نُضْجِهِ / وأخرج من سرباله المتوَرّدِ
فَتيٌّ رعى مَرْعىً بدجلة مُخْصِباً / أبى أن يراه رائدٌ غيرَ مُحْمِدِ
إلى أن أصابته من الدهر نوبةٌ / وقد صار أقصى مُنيةَ المتجَوِّدِ
فأصدره الصَّياد عن خير مَوْرِدٍ / وأورده الشَّوَّاءُ أخبثَ مورِدِ
وجاء به الحمَّالُ أطيبَ مطعَمٍ / إلى الطيِّب المِنْفاق غيْرِ المصرِّدِ
ويا حبذا إمعانُنا فيه ناضجاً / كما جاء من تَنُّورِه المتوقِّدِ
وإني لمشتاق إلى عَوْدِ مثله / وإن كنتُ أُبدي صفحة المتجلِّدِ
فهل يا أخي من مِنَّةٍ بتغمُّدٍ / فما زلت تسْدي منَّةَ المتغمِّدِ
وإن تك عَوْدَاتي قِباحاً فلم يكن / لمعتادِهِنَّ الذنبُ دون المعَوِّدِ
صفحتَ فعاودنا وطال دلالُنا / وكم مُسْتَذِمٍّ في ذُرا مُتحمِّدِ
فأنت شريكي في الذي قد جَنيته / وإن كنتُ عينَ الجارِمِ المتمرِّدِ
وقد أمَّلتْ نفسي لديك إقالةً / فهل ماجدٌ مستهدفٌ للمُمَجِّدِ
وكم قائلٍ في مثلها وهو طالبٌ / فهل ساقطٌ مستهدِفٌ لمفنِّدِ
وأنت امرؤ في ظل كل مُسَمَّحٍ / فَسَمِّحْ ونكِّبْ عن طريق المنكّدِ
وإن لا تكن لي سيداً في إقالتي / فلي من أبي العباس أكرمُ سَيِّدِ
وآنستُه فازداد نفراً كأنه
وآنستُه فازداد نفراً كأنه / وإيايَ ظَبي قد أحسَّ بصائدِ
لينكر ما أشكو بخلوة قلبه / وليس لشكْوى واجدٍ غيرُ واجدِ
ولَلكلْبُ خير منك لؤمك شاهدي
ولَلكلْبُ خير منك لؤمك شاهدي / بذلك دهري ما أُباعد شاهدي
جمعتَ خلال الشرِّ والعَرِّ كلها / وشُنعَ المخازي من طريف وتالدِ
فلو لم تكن في صلب آدمَ نطفةً / لخَرَّ لهُ إبليس أول ساجدِ
ولو كنت عيناً في الرجال وغُرَّةً / لكنتَ زنيماً شِنْتَ شين الزَّوائدِ
فكيف وقد حُزْتَ المعايب كلَّها / فلم تَتَّركْ منها نصيباً لواجدِ
رُقادَك لا تسهر إلى الليل ضلَّةً / ولا تَتجشَّمْ فيَّ حَوْك القصائدِ
أبي وأبوك الشيخُ آدم تَلتقي / مَناسبنا في مُلْتَقى منه واحدِ
فلا تَهجُني حسبي من الخزي أنني / وإياك ضمَّتنا ولادةُ والدِ
أما والقوافي المحكمَات لقد رعى / سَوام العِدا منه بأنكد رائد
تَظنَّوْهُ سَعْداناً مَريئاً فصادفوا / ذُعافاً وذِيفاناً وخَيم العوائدِ
وكم شاعرٍ غادرت تشبيب شعره / بكاءً على سلمى بعَوْلة فاقدِ
لَهتْ نفسُه عما مضى من شبابه / بإقلاع سلم أمسُه غيرُ عائدِ
إذا ذكر استغشاءه النومَ آمناً / جرت مقلتاه بالدموع الحواشدِ
ولِمْ لا يُبكِّي من يبيت كأنَّه / سَليمُ أفاعٍ أو سليمُ أساودِ
تهيج به من مبعث الفكر لوعةٌ / تُوكِّل عينيه برعي الفراقدِ
ما كرَّم اللّه بني آدمٍ / إذ كان أمْسى منهمُ خالدُ
واللّه لو أنَّهم خُلِّدوا / حتى يبيد الأبد الآبدُ
وسُخِّرَ البرُّ لهمْ مركَباً / والبحرُ أنَّى قصد القاصِدُ
ودوَّخُوا الجنَّ فدانتْ لهمْ / وأذعن العِفْريتُ والماردُ
وأصبح الدهرُ حفيّاً بهم / كأنه من برِّه والدُ
واستوت الأقدار في خُطَّةٍ / فليس محسودٌ ولا حاسدُ
ولم يكن داءٌ ولا عاهةٌ / فالعيش صافٍ شرْبُهُ بارِدُ
ودامت الدنيا لهم غضّةً / كأنها جارية ناهدُ
ما كُلِّفوا الشكر وقد ضمهم / وخالدُ اللْؤمِ أبٌ واحدُ
تُنادي رسومٌ كلَّ يوم محمداً
تُنادي رسومٌ كلَّ يوم محمداً / أيا لابسي قد طال عهدي فجدِّدِ
بَليتُ وأبليتُ الرجال وأصبحت / سنونٌ طوال قد أتتْ دون موْلدي
وضجَّت إلى الرحمن من نتن جِرْمه / ومن ذَفَرٍ في باطن الرفْغ واليدِ
وقالت له أيضاً مراراً كثيرة / أما حان إطلاق الأسير المقيَّدِ
فقال لها مهلاً رسومُ فما أنا / بمُعفيك منِّي أو أحُلَّ بمُلْحَدي
فقالت له هل أنت أيضاً مكفَّنٌ / إذ متَّ بي يا ابن البخيل المصرّدِ
فقال نعم ما إن تزالي قرينتي / إلى يوم بعث من ضريح وجلمدِ
عجبتُ لدهرٍ ينتحيك صُرُوفُه
عجبتُ لدهرٍ ينتحيك صُرُوفُه / وليس لها إلّا بعرفك حامدُ
أتهدي لك الأيام غوْلاً وإنما / مساعيك في أعناقهن قلائدُ
تجنَّى عليك الدْهرُ ذنباً فلم يجد / لك الدهرُ ذنباً غير أنك ماجدُ
سيعلم إن لم ينزجر عنك أنه / كطارف عَيْنَيْ نفسه وهو عامدُ
ولو كان يدري أن خلدك زينةٌ / له وجمالٌ ودَّ أنَّك خالدُ
لما وَجَدَتْ وجدي بكم أُمُّ واحدٍ
لما وَجَدَتْ وجدي بكم أُمُّ واحدٍ / تَعُوذُ من الأَسْواء فيه بواحدِ
وإني وإن أضحى لسانيَ جاحداً / لذو مدْمعٍ يُضْحي وليس بجاحدِ
فكيف بإقرارِ المحبِّ وإنما / يروح ويغدو بين باغٍ وحاسدِ
وفي قُبْحها كافٍ لها من كِيَادها
وفي قُبْحها كافٍ لها من كِيَادها / ولكنها في فعلها تتبرَّدُ
ولو عَقِلَت ما كايدتنا لأنها / بأنفاسها والوجهِ والطبلِ أكْيَدُ
ولكنها تبغي التَّبرُّد أنها / تُكابِدُ ناراً في استها تتوقَّدُ
ستعلم إن أحْمى الهِجاءُ وطيسَه / على من غدا شيطانُها يتمَرَّدُ
ألا فليهاجر حبَّه وعزيزه
ألا فليهاجر حبَّه وعزيزه / ويصبرْ على بُعد يؤدي إلى القصْدِ
ولكنكُمْ كنتُمْ تريدون علّةً / فهيَّجَكُمْ أدْنَى عِتاب إلى الصَّدِّ
عبرتُمْ زماناً تطلبون قطيعتي / فأوجدْتُكُمْ ما تطلبون بلا عمدِ
رجوتُ صلاح القبْل بالبَعْدِ فانبرى / لنا ظلمُكُم فاستفسد القبلَ بالبعدِ
ومن حرك المعتلَّ عرَّضَ وصْله / وخُلَّته للصَّرْم والغدْرِ بالعهدِ
لعمري لقد غُرِّرْتُ حين اسْتَزَدْتُكُمْ / بما كان من عهدٍ ضعيفٍ ومن عقدِ
وكنت وما حاولته من زيادةٍ / وما نالني من ذاك في جملة الودِّ
كطالبِ رِبْحٍ في سبيلٍ مخوفةٍ / فأَوْدَى بأصل المال والحرصُ قد يودي
وكم طالبٍ ربحاً إلى أصل ماله / فآب حَريباً أوْبة الخائب المُكْدِي
ومن رام تشييد البناء وأُسُّهُ / ضعيفٌ فما يبنيه أَوَّلُ منهدِّ
وكنتم أعرتم فارتجعتُمْ وإنما / تؤول عَوارِيُّ المعِير إلى الردِّ
فإنك ما أوحشت حين تركتها
فإنك ما أوحشت حين تركتها / نديماً ولا أوجدتَ فقدك فاقدا
لما زاد في الشرب الذي قد تركته / من الراح خيرٌ منك في الشرب زائدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025