أروح على جمر الغرام كما أغدوا
أروح على جمر الغرام كما أغدوا / فلا الدمع يطفيه ولا يسكن الوقد
وحيرني النائي وموطنه الحشا / فلا قربه قرب ولا بعدعه بعد
أحباي بالوادي المقدس أخذكم / علي طريق الصبر ليس له رد
تذكر كم قلبي فطار شراره / كأن حصاة القلب يقرعها زند
وطلق عيني غمضها فهي بعدكم / تعد الليالي والشهور وتعتد
تحبب لي نجداً عروبة أصلكم / واين من المغموس في دجلة نجد
تنسمت فيها نسمة من رياضكم / يعطرها شيح الجزيرة والرند
على ضوء هاتيك الثنايا زاهياً / اطالع صحفاً من عناوينها المجد
خطوط بأقلام الرماح مشجراً / بها النسب الوضاح والحسب العد
أعاريبنا الاقحاح ما لخيولكم / صوافن لا يخفي حوافرها طرد
مجردة منها المتون كأنما / تسام العرا تلك المسومة الجرد
إذا انبعثت من موطن العرب نزعا / فإن ميادين الطراد لها السند
أما حملت كعب رؤوس أراقم / أما نتأت في صدر مرتبء نهد
تنير مصابيح الأسنة حيهم / وتنبت في الأكناف منها القنا الملد
أشداء بأس لا تحل عقودهم / وإماهم حلوا بمعترك شدوا
أمنت اجتياز العيل يا عصب العدى / فما بقيت في الأجم من أسد أسد
وفي الرملة البيضا مضارب معشر / بها الرفد موفوى كما وفر الوفد
يلذ بعيني السهد في ذكرياتهم / كأن مذاق السهد في مقلتي شهد
ومن ظلمات الليل بحر يخيفني / فلا الجزر ينجيني ولا يعير المد
أرى ساحل الاصباح يبيض رمله / فيضربه موج الظلام ويسود
بماذا أخوض البحر والبحر هائج / ولا ساعد يقوى عليه ولا زند
أماني نفسي أجهدتني تعللا / وان التمني جهد من لا له جهد
إذا ركب الانسان صهوة حظه / تلألأ وهاجاً بغرته السعد
مهازل هذا الدهر ما شئت فالعبي / بقوم تفاني في حياتهم الجد
وكم من فراغ في الزمان وأهله / رأوه فما أسدوا جميلا ولا سدوا
من الحلق والتقصير أجلى صفاتهم / سواء شيوخ القوم والعلمه المرد
قعود عن العقبى فماذا انتظارهم / ودهم الليالي في سنيهم تعدو
فلو نزلوا من صلب قرد كما ادعوا / لأورثهم يوماً فكاهته القرد
إذا عجموا لانوا وان صعدوا هووا / أو ائتمنوا خانوا وان شيدوا هدوا
فهم يمطرون السيل ان مطر الحصى / وهم يسهرون الليل إن سهر الفهد
ومن قبل كانوا يسهرون على الطوى / فهاهم نسوا تلك المعاناة من بعد
أتوا يحملون الجهل طبق زمانهم / فصبحهم غر وعصرهم وغد
أرونا على ضوء الدجى حسناتكم / فنفعكم يخفى وضركم يبدوا
وارجح منكم في رزانته الهبا / وأسمح منكم في الندى الحجر الصلد
إذا الحر لم يستعبد الحر بالجدى / فما هو إلا في خلائقه عبد
حكمتم على عكس القضية والرجا / بعكسهما والحكم أهونه الطرد
جهود بأسلاك العصور تنظمت / فأين نراها بعد ما انفرط العقد
وعقبان رايات تخاف نسورها / إذا ركزت في الأرض آسادها اللبد
يعاهدها الطير الجديد صيانة / وليس لهذا الطير إل ولا عهد
فيا صنعة الفكر التي من رفيفها / تضارب هذا الأفق واضطرب الوهد
تبيضين آجالاً إذا مست الربى / تميد لها الشم الرعان وتنهد
تهز اصول الدوح وهي ثوابت / فتذوي الفروع الباسقات وتنقد
أتيت بعصر النور فاحترق الرجا / وعاد رماداً في خمائله الورد
يقولون هذي الحرب قد شبها الهوى / فقلت كذبتم إنما شبها الحقد
قضيتم على تلك المواريث ساقها / لهم والدبر وذو جدة جد
فلا صاهل إلا تشكى رباطه / ولا صارم إلا وغص به الغمد
يسائلني عن موطن العدل جائر / ويعلم أن العدل موطنه اللحد
على يده أدلاه بالحفرة التي / تبلج فيها الحق وابتسم الرشد
ويسألني عن كنز دري مخاتل / وفي يده مما احتفظت به عقد
لو انبسطت كفي على قدر حقها / أقمت عليه الحد لو أمكن الحد
قصيد حبيب يممته خواطر / فضاع عليها في مسالكها القصد
ونسج ابن برد في القوافي مهلهل / طوته الليالي مثلما طوي البرد
ولولا جمال العصر ساحر بابل / لما ضاع في الأرجاء من حكم ند
تقاسمها في الدو والدوح ألسن / فمرتجز يحدو وصيداحة تشدو
له المقول المصقول ديباج لفظه / إذا المحفل المأهول أصغى به الحشد
إذا انبعثت منه المسائل لم يقف / أمام المجاري من أدلته سد
تمخضت الدنيا فكان نتيجة / بها المنبر المثلوم يهتز لا المهد
وفي الأرض أعلام من الناس والربى / وأشهرهم ذكراً بها العلم الفرد
وأصبحت أولاهم بفصل خطابهم / وأولهم بالفضل إن ذكر العد
وما عقدوا أمراً وأنت تحله / وما حاولوا حلا وفي يدك العقد
يد لك لم يكفر بها الروض ميتاً / فأني وقد أحياه نائلك الجعد
ومرهف فكر أتقن اللَه طبعه / فما سل إلا فل ما تطبع الهند
عليّ لأيام الصبا عهد واثق / بأن المواضي لا يذم لها عهد
مضت كأراجيز الربيع ندية / يشيع في لذاتها عيشها الرغد