دَع العيس بِالبَيداء تَرقل يا سَعد
دَع العيس بِالبَيداء تَرقل يا سَعد / إِذا ساعَد الباري فَممساكُم نَجد
مَراسيل قَد أَعطَتك في السَير جُهدَها / وَلَيسَ وَراء الجُهد أَن يَبذل الجهد
لَقَد أَكلت نار الهَواجر لَحمَها / وَلَم يَبقَ إِلا الرُوح وَالعَظم وَالجلد
تَرى المرو مَحبوكاً فَتحسبه كلاً / وَيَخدعها لَمع السَراب الَّذي يَبدو
يَقول لَها الرُكبان لا اينك الرَدى / فَمالك إِلا بَعد خامسة وَرد
جَرى الدَم مِن أَخفافِها فَهُو زاهر / بِتلك الفَيافي مثلما أَزهر الوَرد
سِرت بِظَلام اللَيل تَقرَع بِالحَصا / فَتقدح ناراً مِثلَما يَقدَح الزند
إِذا خلَّفت مَحل العراق وَراءَها / فَقَد أَمها القَيصوم وَالشيح وَالرند
وَفي صَدرِها إِن ساعَد اللَه نية / يَهُون عَلَيها مِن تَصَورها البُعد
أَلم تَرَها تَلوي الرِقاب تَيامنا / فَلَيسَ لَها إِلا إِلى حايل قَصد
إِذا وَصَلت قَصر الأَمير محمد / فَقَد وَفَّق الباري لَنا وَلَهُ الحَمد
هُوَ المَلك المَنصور في الحَرب جَيشه / إِذا اِختَلَط الصَفان وَاِزدَحَم الجُند
تَناذرَت الأَعراب خيفة بَأسه / فَلا وَردها علٌّ وَلا نومَها رَغد
إِذا ما غَزا فَالكَون يَرجف خيفة / وَتَهتَز مِنهُ الأَرض وَالحَجر الصَلد
قَضى اللَه أَن يَستأصل البَغي سَيفه / وَإِن قَضاء اللَه لَيسَ لَهُ رَد
إِذا صابح الأَعداء وَاستلَّ سَيفَه / فَلَيسَ لَهُم إِلّا رِقابهم غِمد
سَمعنا بِأَخبار المُلوك الَّتي مَضَت / وَهُم بِالعُلا دُون الأَمير إِذا عدوا
أَمير كَأن اللَه سِوّاه وَحدَه / فَما قَبله قَبل وَما بَعدَه بَعد
إِذا ظَنت الأَيّام تَأتي بِمثله / فَهَيهات ما لِلشَمس شبه ولاند
بَنى أَهله المَجد الرَفيع فَزاده / وَلَم يَكفه ما وَرَّث الأَب وَالجَد
وَما المَجد في جَمع الذَخاير وَحدَه / وَلَكنما حفظ الأُصول هُوَ المَجد
فَشيَّد مُلكاً لِلعَشيرة باقياً / تورّثه مِن بَعد آبائِها الولد
وَأَصلَحه يَوم العَطاء سَحائب / تَجُود وَلا بَرق هُناك وَلا رَعد
خَصيب مَناخ الوَفد تُمسي ضيوفه / كَأَنَّهُم بِالجَنتان لَهُم خُلد
تَقاصده الوفاد مِن كُل وجهة / كَما بِفَناء البَيت يَزدَحم الوَفد
يَنيخون بِالوادي الخَصيب رِكابهم / فَيَحلو لَها المَرعى وَيَصفو لَها الوَرد
يَطيب لَهُم رَفد البِلاد وَريفها / وَكُل أَمير عِندَهُ الريف وَالرَفد
بِآل رَشيد مهد اللَه أَرضه / أَناملهم سحب وَألسنهم لدُّ
مُلوك لَهُم أَعطى الزَمان زِمامه / وَفي رَأيِهم قَد أَصبَح الحل وَالعَقد
إِذا أَخَلت الأَعراب أَخيامَها لَهُم / فَمن خَوفِهم عافَت فَرائسها الأسد
مَطاعين في الهَيجا مَطاعيم في القرى / وَسارَت حداة الرَكب في مَدحِهم تَحدو
يَعيبون أَلفاظ السباب وَإِنَّما / كَلامَهُم نُور وَأَمرَهُم رشد
فَعبدهم بَينَ الأَجانب سَيد / وَسَيدهم لِلضَيف في بَيتِهِ عَبد
وَنيتهم صدق وَرَأيهم حجى / وَقَولَهُم فعل وَوَعدَهم نَقد
وَلا سِيَما عَبد العَزيز فَإِنَّهُ / هُوَ السَيف لا ما أَحكمت صقله الهند
فَتى لا يَهاب الحَرب إِن صرَّ نابُها / يَرى أن مرَ المَوت في فَمه شَهد
لَقَد شَهدت يَوم الطراد بِبَأسه / حُدود المَواضي وَالمطهمة الجرد
يَرف لِواء النَصر مِن فَوق رَأسه / وَيَخدمه الإقبال وَاليمن وَالسَعد
كَريم عَلى عَهد المَحبة ثابِتاً / كَما أنا عِندي ثابت ذلك العَهد
تَجيء ليَ الركبان تَحدو بِسيبه / وَتَرجع مني في مَدايحه تَحدو