المجموع : 8
تَذَكَّرَ وَالذكرى تُهيجُ أَخا الوَجدِ
تَذَكَّرَ وَالذكرى تُهيجُ أَخا الوَجدِ / مراتعَ ما بين الغُوَير إِلى نَجدِ
أَسيرٌ يُعاني من نوائِب دَهرِه / حوادثَ لا تنفكُّ تَترى على عَمدِ
إذا شاقَهُ من نحو رامةَ بارقٌ / ذرى عبرَةً من مُقلَتَيهِ على الخَدِّ
يحنُّ إِلى أَحياءِ لَيلى بِذي الغَضا / وَأَينَ الغَضا وَيبَ المَشوق من الهِندِ
وَيَبكي بطَرفٍ يمتَري الشَوقُ دمعَهُ / إذا ما شدَت ورقٌ عَلى فنني رندِ
هيَ الدارُ لا غَبَّت مراتع غيدِها / ذِهابُ الغَوادي الجون تُزجَر بالرَعدِ
تَحلُّ بها غَيداءُ من آل عامِرٍ / كَليلةُ رَجعِ الطَرفِ مائسةُ القَدِّ
يُرَنِّحُها زَهوُ الصِباحين تَنثَني / كَما رنَّحت ريحُ الصبا عَذبَ المُلدِ
نَمتها سَراةٌ من ذؤابة عامِرٍ / إلى سَرواتِ المَجدِ والحَسَب العِدِّ
فَيا لَيتَ شِعري وَالأَماني تَعلَّةٌ / وَجورُ النَوى يُهدي إلى القَلب ما يهدي
أَيُصبِحُ ذاكَ العَهد للشمل جامِعاً / فَيَخبو جَوىً بين الجَوانح ذو وَقدِ
وَنَغدو عَلى رَغم الزَمان وقد صَفَت / موارِدُ وَصلٍ رنَّقتها يَدُ البُعدِ
برَبِّكَ إِن يمَّمتَ يا صاحبي نَجدا
برَبِّكَ إِن يمَّمتَ يا صاحبي نَجدا / فَقِف شارِحاً عنّي الصَبابةَ والوَجدا
وَعُج بِخُيَيماتٍ هُناكَ على اللِوى / بهنَّ ظِباءٌ تَقنصُ الأَسَدَ الوَردا
فإن شاهدَت عَيناكَ هنداً وتِربَها / فَقُل لَهما تَاللَه أَخلَفتُما الوَعدا
أَما كنتما أَعطيتماني مَواثِقا / بأَنَّكما لا تَنقُضانِ لنا عَهدا
فَما لِلهَوى أَمسَت عفاءً رُبوعُهُ / وأَصبحَ عِقد الودِّ مُنفصِماً عَقدا
فإن آلَتا بِاللَه حِلفةَ آثِمٍ / بأَنَّهما ما خانَتا قطُّ لي ودّا
فقل لَهما يكفيكما أَن طَوَيتُما / عَن الهائِم الولهان سِرَّكما عَمدا
فَلا تكسِبا حِنثاً عَفا اللَهُ عنكما / على كُلِّ حالٍ لا رُزئناكما فَقدا
بِنَفسي هَوى هِندٍ على البعد والنَوى / وإن كُنتُ قد أَوطَنتُ من بعدها الهِندا
بِنَفسيَ هَيفاءُ المَعاطفِ ناهدُ
بِنَفسيَ هَيفاءُ المَعاطفِ ناهدُ / أراودُها عَن نَفسها وَتُراوِدُ
وَقَد عذلَتها العاذِلاتُ وإنَّما / عواذِلُ ذاتِ الخال فيَّ حواسِدُ
شُغفتُ بها حبّاً وَرُمتُ وِصالَها / وَرامَت وِصالي والقُلوبُ شواهدُ
إِلى أَن خَلَونا لِلعناق وقد دَنا / محبٌّ لها في قُربه مُتباعِدٌ
وَقَد سكنت عَنّا الوشاةُ وأَبلَسَت / كما سكنَت بطنَ التُرابِ الأَساودُ
شَرَعتُ لها رُمحاً أَصَمَّ مقوَّماً / تخرُّ له عند الطِعان الوَلائِدُ
فَلَمّا رأَته اِستعظمته وكبَّرت / وَقالَت وقد هانَت عليها الشَدائدُ
لَعَمري هو المَطلوبُ لو أَنَّ غادَةً / تُساعدُني في حَمله وأُساعدُ
فَقُلتُ لها مَهلاً فَدَيتُك إِنَّه / إذا عظُم المَطلوبُ قلَّ المساعدُ
ولكن إذا ما شئت أَولجتُ بعضَه / وَرأَيُك في إِيلاج ما هو زائِدُ
فَقالَ على اسم اللَه أولجهُ إنَّني / سأَجهدُ في صَبري له وأُجاهِدُ
فأَضجعتُها وَاللَيلُ قد مدَّ سجفَه / وإنَّ ضَجيعَ الخَودِ منّي لماجدُ
فَما راعَها إِلّا وقد خاض جَوفَها / قُمُدٌّ له عند الطِعانِ مَكايدُ
وَلَم يَحمها من فَتكتي عند طَعِنها / لَمى شَفتَيها والثُديّ النواهِدُ
فَأَنّت وَرَنَّت واِرجحنَّت وأَجهشَت / وَقَد بُلَّ من فيض الدِماءِ المجاسِدُ
وَقالَت بِهَذا الرمح تفتضُّ طِفلةً / وقد عجزت عنه النِساءُ القَواعدُ
فَقُلتُ فدتكِ النَفسُ صَبراً فإنَّها / مواردُ لا يُصدِرنَ من لا يجالدُ
فَقالَت وَهَل صَبرٌ عدمتُك فاتِكاً / على طعنةٍ تنقدُّ منها القَلائِدُ
وَرمحك هَذا في الرماح بليَّةٌ / تَضيقُ به أَوقاتُه وَالمَقاصدُ
فَقُلتُ اِحمليهِ ساعةً وَتحمّلي / فَلا بأسَ إِن ضاقَت عليه المَوارِدُ
فَقالَت إِذَاً لا تُكثر الدَفع واِتَّئد / وَدَعني قَليلاً أَتَّقي ما أُكابدُ
فانَّ قَليلَ الحُبِّ في العقل صالحٌ / وإنَّ كثير الحُبِّ بالجهل فاسِدُ
فعامَلتُها بالرِفق والرفقُ مذهبي / ولكنَّ طبعَ النَفس للنَفسِ قائدُ
فطوراً أراضيها وطوراً أَروضُها / وَطوراً أدانيها وطوراً أُباعدُ
إِلى أَن تَسنّى أَمرُها وتسهَّلت / مسالكُها واِلتفَّ جيدٌ وَساعدُ
فَباتَت تجيدُ الرَهز تحتي وَقَد غدت / تصادم رمحاً تتَّقيه الجلامدُ
وَتُسعدُني في غمرةٍ بعد غمرَةٍ / سَبوحٌ لها منها عليها شَواهدُ
تَثَنّى على قَدر الطِعان كَأَنَّما / مفاصلُها تحت الرِماح مَراودُ
وَقالَت جُزيتَ الخَيرَ هَل أَنتَ عالِمٌ / بأَنَّك في قَلبي لعمريَ خالِدُ
وإنَّ دَماً أَجريتَه بكَ فاخِرٌ / وإنَّ فؤاداً رُعته لك حامِدُ
هُم نَقَضوا عَهدَ الوِدادِ وأَقبَلوا
هُم نَقَضوا عَهدَ الوِدادِ وأَقبَلوا / يَرمونَ من قَلبي البَقاءَ على العَهدِ
يَقولون لو تَصفو صَفَونا وَهيهمُ / وفوا بالَّذي قالوا فَماذا الَّذي يُجدي
أَلَم يَسمَعوا قَولَ الوشاة وَجاهَروا / على غير ذَنبٍ بالقَطيعَةِ والصَدِّ
وَذي هَيفٍ ما زالَ بالرَملِ مولَعاً
وَذي هَيفٍ ما زالَ بالرَملِ مولَعاً / إِذا ما سأَلتُ الوَصلَ منه تَبلَّدا
وَوَشّى نَقيَّ الخَدِّ منه بحمرَةٍ / فَقُلتُ طَريقٌ للوِصال تولَّدا
روَيدكَ حادي العيس أَين تُريدُ
روَيدكَ حادي العيس أَين تُريدُ / أَما هذه حُزوى وَتِلكَ زَرودُ
لَقَد كُنتُ أَبكي قبلَ أَن أَعرفَ النوى
لَقَد كُنتُ أَبكي قبلَ أَن أَعرفَ النوى / مَخافةَ بينٍ والخطوبُ هجودُ
فَكَيفَ وقد شَطَّ المَزارُ وأَصبحَت / أَيادي النَوى تحدو بنا وَتَقودُ
وَبثّوا الجيادَ السابحات ليَلحقوا
وَبثّوا الجيادَ السابحات ليَلحقوا / وَهُل يُدرِك الكسلانُ شأو أَخي الجدِّ
فساروا وعادوا خائبين على وجىً / كَما خابَ من قد باتَ منهم على وَعدِ