المجموع : 9
سلو البارقَ النجديِّ من عَلَمَيْ نجدِ
سلو البارقَ النجديِّ من عَلَمَيْ نجدِ / تبسَّمِ فاستبكى جفوني من الوجدِ
أجاد ربوعي باللوى بوركَ اللوى / وسَحَّ به صوبُ الغمائم من بعدِي
ويا زاجري الأظعانِ وهي ضوامِرٌ / دعُوها تردْ هيماً عطاشاً على نَجْدِ
ولا تنشقوا الأنفاس منها مع الصَّبا / فإن زفيرَ الشوق من مثلها يُعْدي
براها الهوى بريَ القِداح وخَطَّها / حُرُوفاً على صفح من القفر مُمْتَدُ
عجبت لها أنِّى تجاذبني الهوى / وما شوقها شوقي ولا وجدها وجدي
لئن شاقَها بين العُذَيْب وبارقٍ / مياه بفَيء الظلُ للبان والرَّندِ
فما شاقني إلا بدورَ خدُورِها / وقد لُحْنَ يومَ النّفر في قُضُبِ مُلْدِ
فكم في قباب الحيِّ من شَمْسِ كِلَّةٍ / وفي فلك الأزرار من قمر سعدِ
وكم صارم قد سُلَّ من لحظِ أَحوَرٍ / وكَمْ ذابلٍ قد هُزَّ من ناعمِ القَدِّ
خذوا الحذر من سُكان رامةَ إِنّها / ضعيفات كرِّ اللّحظ تفتك بالأسْدِ
سهام جفونِ عن قسِيِّ حواجبٍ / يُصاب بها قلبُ البريء على عمدِ
وروض جمال ضاع عَرفُ نسيمه / وما ضاع غير الورد في صفحة الخدِّ
ونرجس لحظ أرسل الدمع لؤلؤاً / فرشَّ بماءِ الورد روضاً من الوردِ
وكم غُصُنٍ قد عانق الغصنَّ مثله / وكلٌُّ على كلٌّ من الشوق يَسْتَعدي
قبيح وداع قد جلا لعيوننا / محاسنَ من روض الجمال بلا عَدِّ
رعى الله لَيْلَى لو علمت طريقها / فرَشتُ لأخفاف المطيِّ بها خَدِّي
وما شاقني والطيف يرهب أدمعي / ويسبح في بحر من الليل مُرْبدُ
وقد سُلَّ خفَاق الذوائب بارق / كما سُلَّ لمَّاع الصِّقال من الغمدِ
وهُزَّتْ مُحلاَةً يدُ الشوق في الدُّجى / فحُلَّ الَّذي أبرمتُ للصبر من عَقدِ
وأَقلق خفّاق الجوانح نسمة / تَنِمُّ مع الإصباح خافقة البردِ
وهبْ عليلٌ لفَّ طيَّ بُرودِهِ / أحاديثَ أهداها إلى الغَور من نَجدِ
سوى صَادحٍ في الأيك لَمْ يَدْرِ ما الهوى / ولكنْ دعا مني الشجون على وعدِ
فهل عند ليلى نعمَّ اللهُ ليلَها / بأنّ جفوني ما تمَلُّ من السُّهدِ
وليلةًَ إِذْ وافى الحجيجُ على مِنىً / وَفَتْ لي المُنى منها بما شئتُ من قصدِ
تقضَّيتُ منها فوق ما أحسب المنى / وبُرد عفافي صانه الله من بُردِ
وليس سوى لحظ خفيِّ نُجيلُه / وشكوى كما ارفضَّ الجُمانُ من العِقْدِ
غفرت لدهري بعدَها كلَّ ما جنى / سوى ما جنى فدُ المشيبِ على فَؤدِي
عرفتُ بهذا الشَّيْب فضلَ شبيبتي / وما زال فضلُ الضّدِّ يُعرفُ بالضِّدِّ
ومن نام في ليل الشباب ضلالةً / سيوقظه صبحُ المشيب إلى الرشدِ
أما والهوى ما حِدْتُ عن سَنَن الهوى / ولا جُرْتُ في طُرْق الصَّبابَةِ عن قصدِ
تجاوزت حدَّ العاشقين الألى مضَوْا / وأصبحت في دين الهوى أمَّةً وحدي
نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي / وأقفر ربعُ القلب إِلاَّ من الوَجْدِ
إليك أبا زيدٍ شكاةً رفعتُها / وما أنت من عَمْرِو لديَّ ولا زيد
بعيشِك خبَّرني وما زلتَ مُفُضِلاً / أعندك من شوقِ كمثل الذي عندي
فكم ثار بي شوق إليك مُبَرْحٌ / فظلَّت يدُ الأشواق تقدح من زندي
وصفق حتى الريح في لِمَمِ الرُّبى / وأشفق حتّى الطفل في كبد المهدِ
يقابلني منك الصباح بوجنةٍ / حَكى شَفَقاً فيها الحَيَاءُ الَّذي تُبدِي
وتوهمني الشمسَ المنيرة غُرَّةٌ / بوجهك صان اللهُ وجهك عن رَدِّ
محيّاك أجلى في العيون من الضحى / وذكرك أحلى في الشفاه من الشهدِ
وما أنْت إِلاَّ الشمسُ في علو أفقها / تفيدُك من قرب وتَلْحظُ من بُعدِ
وفي غُمَّةٍ مَنْ لا ترى الشمسَ عينُهُ / وما نفعُ نور الشَّمسِ في الأعين الرُّمدِ
من القوم صانوا المجد صون عينُهُ / كما قد أباحوا المال يُنهّبُ للرُفدِ
إذا ازدحموا يوماً على الماء أسوة / فما ازدحموا إلاَّ على مورد المجدِ
ومهما أغاروا منجدين صريخَهُمُ / يشبُّون نارَ الحرب في الغور والنَّجدِ
ولم يقتنُوْا بعد الثناء ذخيرةً / سوى الصّارم المصقول والصافن النَّهدِ
وما اقتسم الأنفال إلا ممدِّحٌ / ملاها بأعراف المطهَّمةِ الجُرْدِ
أَتنسى ولا تنسى ليالِينَا التي / خلسنا بِهِنَّ العيش في جنَّة الخُلدِ
ركبنا إلى اللَّذات في طَلَقِ الصِّبا / مطايا الليالي وَادعينَ إلى حدِّ
فإن لم نَرِد فيها الكؤوس فإننا / وردنا بها للأنس مستعذبَ الوردِ
لقيتُك في غرب وأنت رئيسه / وبابُك للأعلام مجتمعُ الوفدِ
فآنست حتى ما شكوتُ بغربةٍ / وواليتَ حتَّى لَمْ أَجدْ مَضَضَ الفقدِ
وعدتُ لقُطري شاكراً ما بلّوتُهُ / من الخُلُقِ المحمودِ والحَسَبِ العِدِّ
إلى أن أجزتَ البحر يا بحرُ نحونا / وزرت مزارَ الغيث في عَقِب الجَهْدِ
ألذْ من النُّعمى على حال فاقةٍ / وأشهى من الوصل الهَنيِّ على صدِّ
وإن ساءني أَنْ قَوْضَتْ رحلَك النوى / وعُوِّضت منها بالذَّميل وبالوَخْدِ
لقد سرني أنْ لُحْتَ في أُفُق العلا / على الطائر الميمون والطالع السعدِ
طلعتَ بأفق الشرق نجمَ هدايةٍ / فجئت مع الأنوار فيه على وعدِ
يميناً بمن تسري المطيُّ سَوَاهماً / عليها سامُ قد رمت هدف القَصدِ
إلى بيته كيما تزور معاهداً / أبان بها جبريلُ عن كرم العهدِ
لأنت الذي مهما دجا ليلُ مشكلٍ / قَدَحْتَ به للنور وارية الزِّندِ
وحيث استقلَّت في ركاب لطيَّةٍ / فأنت نَجيُّ النفس في القرب والبعدِ
وإنِّي بباب الملك حيث عهدتني / مديدُ ظِلالِ الجاه مستحصَف العقدِ
أُجهْزُ بالإنشاء كلَّ كتيبةٍ / من الكُتْبِ والكُتّابُ في عرضها جندي
نلوذ من المولى الإمامِ محمّدٍ / بظلٍّ على نهر المبرَة مُمُتَدِّ
إذا فاض من يمناه بحر سماحة / وعَمَّ به الطوفان في النجد والوَهْدِ
ركبنا إلى الإِحسان في سُفُنِ الرّجا / بحورَ عطاءٍ ليس تجزُرُ عَن مَدِّ
فمن مبلغُ الأمْصار عنِّي ألوكةً / مغلغلةٌ في الصدق منجزةَ الوعدِ
بآيةِ ما أعطى الخليفةَ ربُّهُ / مفاتيح فتحٍ ساقها سائق السعدِ
ودونَك من روض المحامدِ نفحةٌ / تفوقُ إذا اصطفَّ النَّديُّ عن النَّدِّ
ثناء يقول المسك إن ضاع عَرْفُهُ / أيا لك من نَدِّ أما لك من نِدِّ
وما الماء في جوِّ السحاب مُروْقاً / بأطْهر ذاتاً منك في كنف المهدِ
فكيف وقد حلّتك أسرابَها الحُلَى / وباهت بك الأعلام بالعلم الفردِ
وما الظل في ثغر من الزهر باسمٍ / بأصفى وأذكى من ثنائي ومن وُدِّي
ولا البدر معصوباً بتاج تمامِهِ / بأبهر من وُدِّي وأسْيَرَ من حَمْدي
بقيتَ ابنَ خلدونٍ إمام هدايةٍ / ولا زلتَ من دنياك في جنَّة الخُلدِ
على الطائرِ الميمون والطالع السعدِ
على الطائرِ الميمون والطالع السعدِ / قدمت مع الصنع الجميل على وعدِ
وقد عُدتَ من جَبْل الشِّوار لتجتلي / عقائلَ للفتح المبين بلا عَدِّ
أيا عِلية الكتاب دعوةَ مُنصفٍ
أيا عِلية الكتاب دعوةَ مُنصفٍ / عليكم بكم في مقطع الحق يستعدي
سمحتم بنظم الدُّرِّ في لَبَّةِ العلا / فكم راق من سمط هناك ومن عِقدِ
فما ضرَّكم أنْ تسمحوا لي بكتبها / فتستجزلوا شكري وتستوجبوا حَمدي
على الطائر الميمون والطالع السعد
على الطائر الميمون والطالع السعد / أتتني مع الصنع الجميل على وعدِ
وأحييت يا يحيى بها نفس مغرم / يجيل جيادَ الدمع في ملعب السعدِ
نسيتُ وما أنسى وفائي وخلتي / وأقفر ربع القلب إلاّ من الوجد
وما الطلُّ في ثغرٍ من الزهر باسم / بأزكى وأصفى من ثنائي ومن وُدِّي
فأصدقتها من بحر فكري جواهراً / تنظّم من در الدراريّ في عقدِ
وكنتُ أطيلُ القولَ إلاَّ ضرورةً / دعتني إلى الإيجاز في سورة الحمدِ
أَإِنسان عين الدهر جفنك قد غدا
أَإِنسان عين الدهر جفنك قد غدا / يحفُّك منه طائر اليمن والسعدِ
إذا ما هفا فوق الرؤوس شراعُهُ / أراك جناحاً مُدَّ للجزر والمدِّ
ضريحَ أمير المسلمين محمد
ضريحَ أمير المسلمين محمد / يخصُّك ربِّي بالسلام المردَّدِ
وحيَّتكَ من رَوْح الإِلَه تحيةٌ / مع الملأ الأَعلى تروح وتَغتدي
وشقّت جيوبَ الزهر فيك كمائمٌ / يرفُّ بها الريحان عن خَضِلٍ نَدي
وصابت من الرُّحمَى عليك غمائمٌ / تُروّي ثرى هذا الضريح المنجّدِ
وزَارَتْكَ من حور الجنان أوانسٌ / نواعمُ في كل النعيم المخلْدِ
وجاءتك بالبشرى ملائكة الرضى / كما جاء في الذكر الحكيم الممجَّدِ
وصافح منك الروضُ أطيب تربةٍ / وعاهد منك المزنُ أكرم معهدِ
رضى الله والصفحُ الجميل وعفوُهُ / يُوالي على ذاك الصفيح المنضدِ
ويا صدفاً قد فاز من جوهر العلا / بكلِّ نفيس بالنفاسة مفردِ
أعندك أن العلم والحلم والحجى / وزهرَ الحلى قد أُدرجت طيَّ مَلْحَدِ
وهل أنت إِلاّ هالةُ القمر الذي / بنور هداه الشهبُ تهدي وتهتدي
ويا عجبً من ذلك الترب كيف لا / يفيضُ ببحر للسماحة مزبدِ
لقد ضاقت الأكوان وهْيَ رحيبةٌ / بما حُزتَ من فخر عظيم وسؤددِ
قدِمْتَ على الرحمن أكرم مَقدّمٍ / وزُوَدت من رُحماه خير مُزوَّدِ
أقام بك المولى الإمام محمدً / مؤمِّلَ فوز بالشفيع محمّدِ
فجاء كما ترضى وترضى به العلا / وأنجز للآمال أكرم موعدِ
ومدَّ ظلال العدل في كل وجهةٍ / وكفَّ أكُفَّ البغي من كلِّ معتدِ
وقام بمفروض الجهاد عن الورى / وعوّدَ دين الله خير معوَّدِ
قضى بعدما قضَّى الخلافةِ حقّها / وعامل وجه اللَّهِ في كل مقصدِ
وفتّح بالسيف الممالك عَنْوةً / ومدَّت له أملاكُها كفّ مجتدِ
وكسَّر تمثال الصليب وأخرست / نواقيسُ كانت للضلال بمَرْصَدِ
وطهَّر محراباً وجدَّد منبراً / وأعلن ذكر الله في كل مسجدِ
ودانت له الأمْلاك شرقاً ومغرباً / وكلُّهُمُ ألقى له الملكَ باليدِ
وطبَّق معمورَ البسيطة ذكرُهُ / وسارتْ بهِ الركبان في كل فَدْفَدِ
وسافر عن دار الفناء ليجتلي / بما قدّم اليوم السعادة في غدِ
وقام بأمر الله حقَّ قيامه / بعَزمة لا وانٍ ولا مُتَردِّدِ
لئن سار للرحمن خير مودع / وحلَّ من الفرودس أشرفَ مقعدِ
فقد خلَّف المولى الخليفة يوسفاً / يُعيد له غُرَّ السماعي ويبتدي
سبيلك في سُبْل المكارم يقتفي / وهديَك يا خير الأئمة يقتدي
محمدُ جلَّى الخطبَ من بعدُ يوسفٌ / ويوسفُ جلَّ الخطبُ بعد محمَدِ
ولو وَجَدَ الناسُ الفداء مُسوْغاً / فداك ببذل النفس كلُّ مُوحِّدِ
ستبكيك أرض كنت غيثَ بلادها / وتبكيك حتى الشهبُ في كل مشهدِ
وتبكي عليك السحبُ ملءَ جفونها / بدمع يُروِّي غُلّة المجدِب الصَّدِي
وتلبَسُ فِيكَ النَّيِّراتُ ظلامَهَا / حداداً ويذكي النجمُ جفُن مُسهْدِ
وما هي إِلاْ أعين قد تسهَّدت / فكحَّلها نجم الظلام بإِثمِدِ
فلا زلتَ في ظل النعيم مخلَّداً / ونجلُك يحيا بالبقاء المخلَّدِ
وأوردك الرحمن حوض نَبيِّهِ / وأصدر من خلَّفت عن خير موردِ
عليك سلامٌ مثل حمدك عاطر / يفضُّ ختام المسك عن تُربك النَّدي
وصلى على المختارِ من آل هاشم / صلاةً بها نرجو الشفاعة في غدِ
ألائمةً في الجود والجود شيمةٌ
ألائمةً في الجود والجود شيمةٌ / جُبلتُ على إِيثارها يوم مولدِي
ذريني فلو أَنّي أُخَلّد بالغنى / لكنتُ ضنيناً بالذي ملكت يدي
هنيئاً هنيئاً لا نفاد لعدِّهِ
هنيئاً هنيئاً لا نفاد لعدِّهِ / وبشرى لدين الله إنْجازُ وعدِهِ
فقد لاح بدر التم في أفق العلا / وحلَّ كما يرضى منازل سعدهِ
وطاف أمير المسلمين محمدٌ / بحضرته العليا مبلَّغ قصدِهِ
وأبصَرَتِ الأبصار شَمْسَ هداية / وأشرقت الأرجاءُ من زُهر رفدِهِ
ولوَّحتِ الأعلامُ فيها بنصره / كما لوَّح الصبح المبين ببندِه
ستُهدي له الأيام كلَّ مسرَّةٍ / ويحيي به الرحمن آثار جَدِّهِ
فسُلَّ حسام السعد واضربْ به العدا / وخَلِّ حسام الهند في كِنِّ غِمْدهِ
فسيفُك سيفُ الله مهما سَلَلْتَهُ / يُقيم حُدودَ الله قائمُ حَدِّهِ
رعى الله زهراً ينتمي لقرنفل
رعى الله زهراً ينتمي لقرنفل / حكى عَرْفَ من أهوى وإشراقَ خَدِّهِ
ومنبته في شاهق متمنّعٍ / كما امتنع المحبوب في تيهِ صدِّهِ
أميل إذا الأغصان مالت بروضةٍ / أعانق منها القُضْبَ شوقاً لقدِّهِ
وأهفو لخفّاق النسيم إذا سرى / وأهوى أريج الطيب من عَرْقِ نَدِّهِ