المجموع : 7
يَمُدُّ الدُجى في لَوعَتي وَيَزيدُ
يَمُدُّ الدُجى في لَوعَتي وَيَزيدُ / وَيُبدِئُ بَثّي في الهَوى وَيُعيدُ
إِذا طالَ وَاِستَعصى فَما هِيَ لَيلَةٌ / وَلَكِن لَيالٍ ما لَهُنَّ عَديدُ
أَرِقتُ وَعادَتني لِذِكرى أَحِبَّتي / شُجونٌ قِيامٌ بِالضُلوعِ قُعودُ
وَمَن يَحمِلِ الأَشواقَ يَتعَب وَيَختَلِف / عَلَيهِ قَديمٌ في الهَوى وَجَديدُ
لَقيتَ الَّذي لَم يَلقَ قَلبٌ مِنَ الهَوى / لَكَ اللَهُ يا قَلبي أَأَنتَ حَديدُ
وَلَم أَخلُ مِن وَجدٍ عَلَيكَ وَرِقَّةٍ / إِذا حَلَّ غيدٌ أَو تَرَحَّلَ غيدُ
وَرَوضٍ كَما شاءَ المُحِبّونَ ظِلُّهُ / لَهُم وَلِأَسرارِ الغَرامِ مَديدُ
تُظَلِّلُنا وَالطَيرَ في جَنَباتِهِ / غُصونٌ قِيامٌ لِلنَسيمِ سُجودُ
تَميلُ إِلى مُضنى الغَرامِ وَتارَةً / يُعارِضُها مُضنى الصَبا فَتَحيدُ
مَشى في حَواشيها الأَصيلُ فَذُهِّبَت / وَمارَت عَلَيها الحَليُ وَهيَ تَميدُ
وَقامَت لَدَيها الطَيرُ شَتّى فَآنِسٌ / بِأَهلٍ وَمَفقودُ الأَليفِ وَحيدُ
وَباكٍ وَلا دَمعٌ وَشاكٍ وَلا جَوىً / وَجَذلانُ يَشدو في الرُبى وَيُشيدُ
وَذي كَبرَةٍ لَم يُعطَ بِالدَهرِ خِبرَةً / وَعُريانُ كاسٍ تَزدَهيهِ مُهودُ
غَشَيناهُ وَالأَيّامُ تَندى شَبيبَةً / وَيَقطُرُ مِنها العَيشُ وَهوَ رَغيدُ
رَأَت شَفَقاً يَنعى النَهارَ مُضَرَّجاً / فَقُلتُ لَها حَتّى النَهارُ شَهيدُ
فَقالَت وَما بِالطَيرِ قُلتُ سَكينَةٌ / فَما هِيَ مِمّا نَبتَغي وَنَصيدُ
أُحِلَّ لَنا الصَيدانِ يَومَ الهَوى مَهاً / وَيَومَ تُسَلُّ المُرهَفاتُ أُسودُ
يُحَطَّمُ رُمحٌ دونَنا وَمُهَنَّدٌ / وَيَقتُلُنا لَحظٌ وَيَأسِرُ جيدُ
وَنَحكُمُ حَتّى يُقبِلَ الدَهرُ حُكمَنا / وَنَحنُ لِسُلطانِ الغَرامِ عَبيدُ
أَقولُ لِأَيّامِ الصِبا كُلَّما نَأَت / أَما لَكَ يا عَهدَ الشَبابِ مُعيدُ
وَكَيفَ نَأَت وَالأَمسُ آخرُ عَهدِها / لَأَمسُ كَباقي الغابِراتِ عَهيدُ
جَزِعتُ فَراعَتني مِنَ الشَيبِ بَسمَةٌ / كَأَنّي عَلى دَربِ المَشيبِ لَبيدُ
وَمِن عَبَثِ الدُنيا وَما عَبَثَت سُدىً / شَبَبنا وَشِبنا وَالزَمانُ وَليدُ
نُجَدِّدُ ذِكرى عَهدِكُم وَنُعيدُ
نُجَدِّدُ ذِكرى عَهدِكُم وَنُعيدُ / وَنُدني خَيالَ الأَمسِ وَهوَ بَعيدُ
وَلِلناسِ في الماضي بَصائِرُ يَهتَدي / عَلَيهِنَّ غاوٍ أَو يَسيرُ رَشيدُ
إِذا المَيتُ لَم يَكرُم بِأَرضٍ ثَناؤُهُ / تَحَيَّرَ فيها الحَيُّ كَيفَ يَسودُ
وَنَحنُ قُضاةُ الحَقِّ نَرعى قَديمَهُ / وَإِن لَم يَفُتنا في الحُقوقِ جَديدُ
وَنَعلَمُ أَنّا في البِناءِ دَعائِمٌ / وَأَنتُم أَساسٌ في البِناءِ وَطيدُ
فَريدُ ضَحايانا كَثيرٌ وَإِنَّما / مَجالُ الضَحايا أَنتَ فيهِ فَريدُ
فَما خَلفَ ما كابَدتَ في الحَقِّ غايَةٌ / وَلا فَوقَ ما قاسَيتَ فيهِ مَزيدُ
تَغَرَّبتَ عَشراً أَنتَ فيهنَّ بائِسٌ / وَأَنتَ بِآفاقِ البِلادِ شَريدُ
تَجوعُ بِبُلدانٍ وَتَعرى بِغَيرِها / وَتَرزَحُ تَحتَ الداءِ وَهوَ عَتيدُ
أَلا في سَبيلِ اللَهِ وَالحَقِّ طارِفٌ / مِنَ المالِ لَم تَبخَل بِهِ وَتَليدُ
وَجودُكَ بَعدَ المالِ بِالنَفسِ صابِراً / إِذا جَزعَ المَحضورُ وَهوَ يَجودُ
فَلا زِلتَ تِمثالاً مِنَ الحَقِّ خالِصاً / عَلى سِرِّهِ نَبني العُلا وَنَشيدُ
يُعلِمُ نَشءَ الحَيِّ كَيفَ هَوى الحِمى / وَكَيفَ يُحامي دونَهُ وَيَذودُ
سل الليل عن أفلاكه هل جرت سدى
سل الليل عن أفلاكه هل جرت سدى / وهيهات ما يجرين إلا إلى مدى
تنظَّمن في هام الفضاء وصدره / وحلينه فرقا وزنّ المقلدا
ولحنٌ به للقارئين قصيدة / من الحكمة العلياء لم ترض منشدا
تسيل بها نورا خلال كتابه / وتجرى حواشيه لجينا وعسجدا
سماءَ الدجى حركت ساكن خاطري / فهيجي بنات الشعر فيه لتسعِدا
تبدّدت الظلماء والشهب قبلها / وشمل همومي ما يريد تبدّدا
فيا ندمائي الظلماء والشهب قبلها / أرى الجام مهتزا بها متوقدا
ولا تشفقوا بي من ضلال فإنما / إلى ضِلتي في شربها ينتهى الهدى
لقد نهلت كفى وعلت بكأسها / مرارا وصدرى لا يُبلّ له صدى
وما قصِّرت بنت الكروم وإنما / مددتم بها الأيدي ومدّ الأسى يدا
ولست امرأ ترقى الهموم لصدره / ولكنها نفس تحاول مقصدا
أضيق بها حينا وطورا تضيق بي / كما عالج الغمد الحسام المهندا
وأشقى بها هما وأعيا مطالبا / وأتعب فيها بالمحبين حسدا
ومن يك قد ذم الأعادي فإنني / لدائي من الأحباب لا أظلم العدى
وما كنت من يرجوهم لمهمة / ولكنما استقضيت حقا مؤكدا
وما مال ذو حق وإن جل حقه / إلى الحقد إلا ضيع الحق واعتدى
ولو شئت جاءتني المعالي مطيعة / ولكن وجدت الصبر أعذب موردا
أرى الصدق ملكا والرياء عبودة / وإن كان ملكا للكثير وسؤددا
وأعلم أن اليوم بالأمس لاحق / وأن لعباس وللأمة الغدا
يودّ من الأرواح ما لا تودّه
يودّ من الأرواح ما لا تودّه / ويفتك فيها مسرفا وهي جنده
نمير تواليه المحاسن ورَّدا / وتنهل منه النفس لو راق وِرده
خذوه بنفسي إنه هو قاتلي / ولا تقتلوه إنني أنا عبده
ولا تسألوه ما ذنوبي واسألوا / قبول متابي قبل ذنب أعدّه
ولا تذكروني عنده بشفاعة / فإن شفيع الواجد الصب وجده
لحاني الذي لم يعرف السهد جفنه / ولم تدر تقليب المضاجع كبده
وقاطعني من كنت أرجو وفاءه / وأين أخو الود الذي دام وده
فيا مدنيَ العذال ماشاء عِطفه / ويا مقصى العشاق ما شاء صده
أيُمنح منك القرب من سار ذمه / ويمنع منك اللفظ من سار حمده
ويأوي لظل من سواك رجاؤه / ويعتنق الحرمان من أنت قصده
أعوذ بعيد الملك من أن يمرّ بي / فلا يلتقي بي في غرامك سعده
فتى تشرق الدنيا إذا ذكر اسمه / ويهتز اشياخ الزمان ومرده
إذا ما الليالي نمن لم يغف حزمه / وفوق سهاد الدهر في الخطب سهده
وإن يرتجل وعدا وفي الليل هجعه / تجلى على الصدق الصباح ووعده
فتى النيل أضحى عصمة بك ملكه / وكان سلاما في يمينك عهده
وشعب أطاش الدهر ثابت جأشه / فخار فلما جئته جاء رشده
فلو أن حالا دام لم ينقض الأسى / ولكنها الأيام حال وضده
رأيت امرأ ذاق الكفوف ولم يبل
رأيت امرأ ذاق الكفوف ولم يبل / وفي الصلَف المذموم قد زاد حدَّه
فقلت ارتجع فالناس في مصر أرّخوا / محمد إبراهيم صعّر خده
بلينا وكان الله أكرم مبتل
بلينا وكان الله أكرم مبتل / بكل صقيع في البلاد جليد
أتى مسلما عفوا فمن ذا يبيعنا / طوائف عيسى كلها برشيد
نظمنا سنىَّ التهنئات نزفها
نظمنا سنىَّ التهنئات نزفها / إلى علم بين النوابغ مفرد
ولو أن من أقلامه في أكفنا / وقلنا لجاء القول إنجيل مهتد
ومن يتعهد للرجال صداقة / يطلب بالذي سر الصديق ويسعد
ومن يحفظ الخلان يحفظ مدارعا / عليه ويستثمر غراس التودد
وما حافظ إلا بناء مكارم / وزاخر عرفان وهضبة سؤدد
فتى يرفع الأشعار ما شاء قدرها / وترفعه الأشعار رتبة مخلد
ويلقى عليه في السلام وفي الوغى / رجاء يراع أو رجاء مهند
ألا عند مصر والبيان وأهله / يد للمعالي صادفت حافظ اليد