المجموع : 10
وَباكِيَةٍ مِن نَأيِ قَيسٍ وَقَد نَأَت
وَباكِيَةٍ مِن نَأيِ قَيسٍ وَقَد نَأَت / بِقَيسٍ نَوى بَينٍ طَويلٍ بِعادُها
أَظُنُّ اِنهِلالَ الدَمعِ لَيسَ بِمُنتَهٍ / عَنِ العَينِ حَتّى يَضمَحِلَّ سَوادُها
لَحُقَّ لِقَيسٍ أَن يُباحَ لَهُ الحِمى / وَأَن تُعقَرَ الوَجناءُ إِن خَفَّ زادُها
أَلا يا لَقَومٍ ما أَجَنَّت ضَريحَةٌ
أَلا يا لَقَومٍ ما أَجَنَّت ضَريحَةٌ / بِمَيسانَ يُحثى تُربُها فَوقَ أَسوَدا
إِذا لَفَّ عَنهُ مِن يَدَي حُطَمِيَّةٍ / وَأَبدى ذِراعَي باسِلٍ قَد تَخَدَّدا
نَمَتهُ القُرومُ الصيدُ مِن آلِ جَعفَرٍ / وَأَورَثَ مَجداً في رِياحٍ وَسُؤدَدا
سَيُبكي صَداً في قَبرِ سَلمى ابنِ جَندَلِ
سَيُبكي صَداً في قَبرِ سَلمى ابنِ جَندَلِ / نِكاحُ أَبي الدَهماءِ بِنتَ سَعيدِ
أَصابوا جَواداً لَم يَكُن في رِباطِهِم / وَكانَ أَبو الدَهماءِ غَيرَ مُجيدِ
فَجاءَت بِهِ مِن ذي ضَواةٍ كَأَنَّهُ / جَحافِلُ بَغلٍ في مُناخِ جُنودِ
أَنتُم فَرَرتُم يَومَ عَدوَةِ مازِنٍ
أَنتُم فَرَرتُم يَومَ عَدوَةِ مازِنٍ / وَقَد هَشَموا أَنفَ الحُتاةِ عَلى عَمدِ
هُمُ مَهَّدوهُ رَجعَهُ بَعدَ رَثمِهِ / وَأَنتُم شُهودٌ مُعصِمونَ عَلى حَردِ
تَمَنَّونَ دَولاتِ الزَمانِ وَصَرفَهُ / إِذا ضاقَ مِنكُم مَطلَعُ الوِردِ بِالوِردِ
وَتَدعونَ ماروكاً أَبا العَمِّ ناصِراً / عَلَيهِم إِذا ما أَعصَمَ الوَغدُ بِالوَغدِ
فَلَم تُدرِكوا بِالعَمِّ ثَأراً وَلَم يَكُن / لِيُدرَكَ ثَأرٌ بِالتَنابِلَةِ القُفدِ
لَقَد وَلَدَت غَسّانَ ثالِبَةُ الشَوى
لَقَد وَلَدَت غَسّانَ ثالِبَةُ الشَوى / عَدوسُ السُرى لا يَقبَلُ الكَرمَ جيدُها
جَبَيتَ جَبا عَبدٍ فَأَصبَحتَ مورِداً / غَرائِبَ يَلقى ضَيعَةً مَن يَذودُها
أَلَم تَرَ يا غَسّانُ أَنَّ عَداوَتي / يُقَطِّعُ أَنفاسَ الرِجالِ كَؤودُها
أَلا حَيِّ رَبعاً بِاللَوى ذَكَرَ العَهدا
أَلا حَيِّ رَبعاً بِاللَوى ذَكَرَ العَهدا / مَحَتهُ الصَبا جَرَّ اليَمانِيَّةِ البُردا
لِهِندٍ وَلَو أَنَّ المُقيمينَ بَعدَها / أَرادوا فِراقاً لَم أَجِد لَهُمُ فَقدا
فَيا أَيُّها العُذّالُ إِنَّ مَلامَتي / تَزيدُ إِذا ما لُمتُموني بِها وَجدا
يَعيبُ الغَواني شَيبَ رَأسِيَ بَعدَما / يُفَرِّقنَ بِالمِدراةِ داجِيَةً جَعدا
فَلا تَنظُرا مِن نَحوِ أَعمُقِ دابِقٍ / وَلَكِن إِلى نَجدٍ وَأَنّى تَرى نَجدا
لَقَد كُنتُ مِن قَصرِ النَشاشِيِّ نائِياً / فَسِرنا وَخاطَرنا المَخافَةَ وَالبُعدا
نَخافُ لَها إِمّا مُسِرّاً شَناءَةً / وَإِمّا شَتيماً ذا مُجاهَرَةٍ وَردا
إِذا ذَكَرَت نَفسي تَميماً تَذَكَّرَت / أُموراً تُنَسّيني الضَغائِنَ وَالحِقدا
فَكَيفَ تَقولُ السَيفُ يُحمَلُ نَصلُهُ / إِذا فارَقَ السَيفُ المَحامِلَ وَالغِمدا
شَكَونا إِلى سُعدى جَوىً وَصَبابَةً / وَما كُلُّ ما في النَفسِ تُخبَرُهُ سُعدى
إِذا قالَ حادينا جَهَدتُم فَعَرِّسوا / تَمَطَّينَ حَتّى زِدنَ حادِيَنا جَهدا
أَنا اِبنُ أَبي سَعدٍ وَعَمروٍ وَمالِكٍ
أَنا اِبنُ أَبي سَعدٍ وَعَمروٍ وَمالِكٍ / وَضَبَّةُ عَبدٌ واحِدٌ وَابنُ واحِدِ
أَجِئتَ تَسوقُ السيدَ خُضراً جُلودُها / إِلى الصَيدِ مِن خالَيَّ صَخرٍ وَخالِدِ
أَلَم تَرَ أَنَّ الضَبَّ يَهدِمُ جُحرَهُ / وَتَرأَسُهُ بِاللَيلِ صُمُّ الأَساوِدِ
فَإِنّا وَجَدنا إِذ وَفَدنا إِلَيكُمُ / صُدورَ القَنا وَالخَيلَ مِن خَيرِ وافِدِ
وَأَبلَيتُمُ في شَأنِ جِعثِنَ سَوأَةً / وَبانَ اِبنُ عَوّامٍ لَكُم غَيرَ حامِدِ
أَلَم تَرَ يَربوعاً إِذا ما ذَكَرتُهُم / وَأَيّامَهُم شَدّوا مُتونَ القَصائِدِ
لَقَد داهَنَت في رَهنِ عَوفِن مَجاشِعٌ / وَبانَ اِبنُ عَوّامٍ لَكُم غَيرَ حامِدِ
فَيا لَيتَهُ نادى عُبَيداً وَجَعفَراً / وَشُمّاً رِياحِيَّينَ شُمَّ الأَساعِدِ
أَتَعرِفُ أَم أَنكَرتَ أَطلالَ دِمنَةٍ
أَتَعرِفُ أَم أَنكَرتَ أَطلالَ دِمنَةٍ / بِأَثبيتَ فَالجَونَينِ بالٍ جَديدُها
لَيالِيَ هِندٌ حاجَةٌ لاتُريحُنا / بِبُخلٍ وَلا جودٍ فَيَنفَعَ جودُها
لَعَمري لَقَد أَشفَقتُ مِن شَرِّ نَظرَةٍ / تَقودُ الهَوى مِن رامَةٍ وَيَقودُها
وَلَو صَرَمَت حَبلي أُمامَةُ تَبتَغي / زِيادَةَ حُبٍّ لَم أَجِد ماأُزيدُها
إِذا مُتُّ فَاِنعَيني لِأَضيافِ لَيلَةٍ / تَنَزَّلَ مِن صُلبِ السَماءِ جَليدُها
مَتى تَرَ وَجهَ التَغلِبِيِّ تَقُل لَهُ / أَتى وَجهُ هَذا سَوأَةً أَو يُريدُها
وَتَغلِبُ لا مِن ذاتِ فَرعٍ بِنَجوَةٍ / وَلا ذاتِ أَصلٍ يَشرَبُ الماءَ عودُها
أَبا مالِكٍ ذا الفَلسِ إِنَّ عَداوَتي / تُقَطِّعُ أَنفاسَ الرِجالِ صَعودُها
جَبَيتَ جَبا عَبدٍ فَأَصبَحتَ مورِداً / غَرائِبَ يَلقى ضَيعَةً مَن يَذودُها
لَقَد صَبَّحَتكُم خَيلُ قَيسٍ كَأَنَّها / سَراحينُ دَجنٍ يَنفُضُ الطَلَّ سيدُها
هُمُ الحامِلونَ الخَيلَ حَتّى تَقَحَّمَت / قَرابيسُها وَاِزدادَ مَوجاً لُبودُها
لَقَد شَدَّ بِالخَيلِ الهُذَيلُ عَلَيكُمُ / عِنانَينِ يُمضي الخَيلَ ثُمَّ يُعيدُها
لَعَلَّ فِراقَ الحَيِّ لِلبَينِ عامِدي
لَعَلَّ فِراقَ الحَيِّ لِلبَينِ عامِدي / عَشِيَّةَ قاراتِ الرُحَيلِ الفَوارِدِ
لَعَمرُ الغَواني ما جَزَينَ صَبابَتي / بِهِنَّ وَلا تَحبيرَ نَسجِ القَصائِدِ
وَكَم مِن صَديقٍ واصِلٍ قَد قَطَعنَهُ / وَفَتَّنَّ مِن مُستَحكِمِ الدينِ عابِدِ
فَإِنَّ الَّتي يَومَ الحَمامَةِ قَد صَبا / لَها قَلبُ تَوّابٍ إِلى اللَهِ ساجِدِ
رَأَيتُ الغَواني مولِعاتٍ لِذي الهَوى / بِحُسنِ المُنى وَالبُخلِ عِندَ المَواعِدِ
لَقَد طالَ ما صِدنَ القُلوبَ بِأَعيُنٍ / إِلى قَصَبٍ زَينِ البُرى وَالمَعاضِدِ
أَتُعذَرُ إِن أَبدَيتَ بَعدَ تَجَلُّدٍ / شَواكِلَ مِن حُبٍّ طَريفٍ وَتالِدِ
وَنَطلُبُ وُدّاً مِنكِ لَو نَستَفيدُهُ / لَكانَ إِلَينا مِن أَحَبِّ الفَوائِدِ
فَلا تَجمَعي ذِكرَ الذُنوبِ لِتَبخَلي / عَلَينا وَهِجرانَ المُدِلِّ المُباعِدِ
إِذا أَنتَ زُرتَ الغانِياتِ عَلى العَصا / تَمَنَّينَ أَن تُسقى دِماءَ الأَساوِدِ
أَعِفُّ عَنِ الجارِ القَريبِ مَزارُهُ / وَأَطلُبُ أَشطانَ الهُمومِ الأَباعِدِ
لَقَد كانَ داءٌ بِالعِراقِ فَما لَقوا / طَبيباً شَفى أَدوائَهُم مِثلَ خالِدِ
شَفاهُم بِرِفقٍ خالَطَ الحِلمَ وَالتُقى / وَسيرَةِ مَهدِيٍّ إِلى الحَقِّ قاسِدِ
فَإِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ حَباكُمُ / بِمُستَبصِرٍ في الدينِ زَينِ المَساجِدِ
وَإِنّا لَنَرجو أَن تُرافِقَ رُفقَةً / يَكونونَ لِلفِردَوسِ أَوَّلَ وارِدِ
فَإِنَّ اِبنَ عَبدِ اللَهِ قَد عُرِفَت لَهُ / مَواطِنُ لا تُخزيهِ عِندا المَشاهِدِ
فَأَبلى أَميرَ المُؤمِنينَ أَمانَةً / وَأَبلاهُ صِدقاً في الأُمورِ الشَدائِدِ
إِذا ما أَرادَ الناسُ مِنهُ ظُلامَةً / أَبى الضَيمَ فَاِستَعصى عَلى كُلِّ قائِدِ
وَكَيفَ يَرومُ الناسُ شَيئاً مَنَعتَهُ / هَوى بَينَ أَنيابِ اللُيوثِ الحَوارِدِ
إِذا جَمَعَ الأَعداءُ أَمرَ مَكيدَةٍ / لِغَدرٍ كَفاكَ اللَهُ كَيدَ المُكايِدِ
تُعِدُّ سَرابيلَ الحَديدِ مَعَ القَنا / وَشُعثَ النَواصي كَالضِراءِ الطَوارِدِ
إِذا ما لَقيتَ القِرنَ في حارَةِ الوَغى / تَنَفَّسَ مِن جَيّاشَةٍ ذاتِ عانِدِ
وَإِن فَتَنَ الشَيطانُ أَهلَ ضَلالَةٍ / لَقوا مِنكَ حَرباً حَميُها غَيرُ بارِدِ
إِذا كانَ أَمنٌ كانَ قَلبُكَ مُؤمِناً / وَإِن كانَ خَوفٌ كُنتَ أَحكَمَ ذائِدِ
وَما زِلتَ تَسمو لِلمَكارِمِ وَالعُلى / وَتَعمُرُ عِزّاً مُستَنيرَ المَوارِدِ
إِذا عُدَّ أَيّامُ المَكارِمِ فَاِفتَخِر / بِآبائِكَ الشُمِّ الطِوالِ السَواعِدِ
فَكَم لَكَ مِن بانٍ طَويلٍ بِناؤُهُ / وَفي آلِ صَعبٍ مِن خَطيبٍ وَوافِدِ
يَسُرُّكَ أَيّامَ المُحَصَّبِ ذِكرُهُم / وَعِندَ مَقامِ الهَديِ ذاتِ القَلائِدِ
تَمَكَّنتَ في حَيِّي مَعَدٍّ مِنَ الذُرى / وَفي يَمَنٍ أَعلى كَريمِ المَوالِدِ
فُروعٍ وَأَصلٍ مِن بَجيلَةَ في الذُرى / إِلى اِبنِ نِزارٍ كانَ عَمّاً وَوالِدِ
حَمَيتَ ثُغورَ المُسلِمينَ فَلَم تُضِع / وَما زِلتَ رَأساً قاَئِداً وَاِبنَ قائِدِ
فَإِنَّكَ قَد أُعطيتَ نَصراً عَلى العِدى / فَأَصبَحتَ نوراً ضَوءُهُ غَيرُ خامِدِ
بَنَيتَ بِناءً ما بَنى الناسُ مِثلَهُ / يَكادُ يُساوى سورُهُ بِالفَراقِدِ
وَأُعطيتَ ما أَعيا القُرونَ الَّتي مَضَت / فَنَحمَدُ مِفضالاً وَلِيَّ المَحامِدِ
إِنَّ الَّذي أَنفَقتَ حَزمٌ وَقُوَّةٌ / فَأَبشِر بِأَضعافٍ مِنَ الرِبحِ زائِدِ
لَقَد كانَ في أَنهارِ دِجلَةَ نِعمَةٌ / وَحُظوَةُ جَدٍّ لِلخَليفَةِ صاعِدِ
عَطاءَ الَّذي أَعطى الخَليفَةَ مُلكَهُ / وَيَكفيهِ تَزفارُ النُفوسِ الحَواسِدِ
جَرَت لَكَ أَنهارٌ بِيُمنٍ وَأَسعُدٍ / إِلى جَنَّةٍ في صَحصَحانِ الأَجالِدِ
يُنَبِّتنَ أَعناباً وَنَخلاً مُبارَكاً / وَأَنقاءَ بُرٍّ في جُرونِ الحَصائِدِ
إِذا ما بَعَثنا رائِداً يَبتَغي النَدى / أَتانا بِحَمدِ اللَهِ أَحمَدَ رائِدِ
فَهَل لَكَ في عانٍ وَلَيسَ بِشاكِرٍ / فَتُطلِقَهُ مِن طولِ عَضِّ الحَدائِدِ
يَعودُ وَكانَ الخُبثُ مِنهُ سَجِيَّةً / وَإِن قالَ إِنّي مُعتِبٌ غَيرُ عائِدِ
نَدِمتَ وَما تُغني النَدامَةُ بَعدَما / تَطَوَّحتَ مِن صَكِّ البُزاةِ الصَوائِدِ
وَكَيفَ نَجاةٌ لِلفَرَزدَقِ بَعدَما / ضَغا وَهوَ في أَشداقِ أَغلَبَ حارِدِ
أَلَم تَرَ كَفَّي خالِدٍ قَد أَفادَتا / عَلى الناسِ رِفداً مِن كَثيرِ الرَوافِدِ
بَني مالِكٍ إِنَّ الفَرَزدَقَ لَم يَزَل / كَسوباً لِعارِ المُخزِياتِ الخَوالِدِ
فَلا تَقبَلوا ضَربَ الفَرَزدَقِ إِنَّهُ / هُوَ الزيفُ يَنفي ضَربَهُ كُلُّ ناقِدِ
وَإِنّا وَجَدنا إِذ وَفَدنا عَلَيكُمُ / صُدورَ القَنا وَالخَيلَ أَنجَحَ وافِدِ
أَلَم تَرَ يَربوعاً إِذا ما ذَكَرتُهُم / وَأَيّامَهُم شَدّوا مُتونَ القَصائِدِ
فَمَن لَكَ إِن عَدَّدتَ مِثلَ فَوارِسي / حَوَوا حَكَماً وَالحَضرَمِيَّ بنَ خالِدِ
أَسالَ لَهُ النَهرَ المُبارَكَ فَاِرتَمى / بِمِثلِ الرَوابي المُزبِداتِ الحَواشِدِ
فَزِد خالِداً مِثلَ الَّذي في يَمينِهِ / تَجِدهُ عَنِ الإِسلامِ أَكرَمَ ذائِدِ
كَأَنّي وَلا ظُلماً أَخافُ لِخالِدٍ / مِنَ الخَوفِ أُسقى مِن سِمامِ الأَساوِدِ
وَإِنّي لَأَرجو خالِداً أَن يَفُكَّني / وَيُطلِقَ عَنّي مُقفَلاتِ الحَدائِدِ
تَكَشَّفَتِ الظَلماءُ عَن نورِ وَجهِهِ / لِضَوءِ شِهابٍ ضَوءُهُ غَيرُ خامِدِ
أَلا تَذكُرونَ الرِحمَ أَو تُقرِضونَني / لَكُم خُلُقاً مِن واسِعِ الخُلقِ ماجِدِ
لَكُم مِثلُ كَفَّي خالِدٍ حينَ يَشتَري / بِكُلِّ طَريفٍ كُلَّ حَمدٍ وَتالِدِ
فَإِن يَكُ قَيدي رَدَّ هَمّي فَرُبَّما / تَناوَلتُ أَطرافَ الهُمومِ الأَباعِدِ
مِنَ الحامِلاتِ الحَمدِ لَمّا تَكَشَّفَت / ذَلاذِلُها وَاِستَوأَرَت لِلمُناشِدِ
فَهَل لِاِبنِ عَبدِ اللَهِ في شاكِرٍ لَهُ / بِمَعروفٍ أَن أَطلَقتَ قَيدَيهِ حامِدِ
وَما مِن بَلاءٍ غَيرَ كُلِّ عَشِيَّةٍ / وَكُلِّ صَباحٍ زائِدٍ غَيرِ عائِدِ
يَقولُ لِيَ الحَدّادُ هَل أَنتَ قائِمٌ / وَما أَنا إِلّا مِثلُ آخَرَ قاعِدِ
كَأَنّي حَروري ضَلَّهُ فَوقَ كَعبَةٍ / ثَلاثونَ قَيناً مِن صَريمٍ وَكايِدِ
وَما إِن بِدينٍ ظاهَروا فَوقَ ساقِهِ / وَقَد عَلِموا أَن لَيسَ ديني بِنافِدِ
وَيَروي عَلَيَّ الشِعرَ ما أَنا قُلتُهُ / كَمُعتَرِضٍ لِلريحِ بَينَ الطَرائِدِ
غَداً بِاِجتِماعِ الحَيِّ نَقضي لُبانَةً
غَداً بِاِجتِماعِ الحَيِّ نَقضي لُبانَةً / وَأُقسِمُ لا تُقضى لُبانَتُنا غَدا
إِذا صَدَعَ البَينُ الجَميعَ وَحاوَلَت / بِقُوٍّ شَماليلُ النَوى أَن تَبَدَّدا
وَأَصبَحَتِ الأَجزاعُ مِمَّن يَحُلُّها / قِفاراً فَما شاءَ الحَمامُ تَغَرَّدا
أَجالَت عَلَيهِنَّ الرَوامِسُ بَعدَنا / دِقاقَ الحَصى مِن كُلِّ سَهلٍ وَأَجلَدا
لَقَد قَدَني مِن حُبِّ ماوِيَةَ الهَوى / وَما كانَ يَلقاني الجُنَيبَةُ أَقوَدا
وَأَحسُدُ زُوّارَ الأَوانِسِ كُلَّهُم / وَقَد كُنتُ فيهِنَّ الغَيورَ المُحَسَّدا
أُعِدَّ لِبَيّوتِ الأُمورِ إِذا سَرَت / جِمالِيَّةً حَرفاً وَمَيساءَ مُفرَدا
لَها مِحزَمٌ يُطوى عَلى صُعَدائِها / كَطَيِّ الدَهاقينِ البِناءَ المُشَيَّدا
وَقَد أَخلَفَت عَهدَ السِقابِ بِجاذِبٍ / طَوَتهُ حِبالُ الرَحلِ حَتّى تَجَدَّدا
وَزافَت كَما زافَ القَريعُ مُخاطِراً / وَلُفَّ القِرى وَالحالِبانِ فَأَلبَدا
وَتُصبِحُ يَومَ الخِمسِ وَهيَ شِمِلَّةٌ / مَروحاً تُقالي الصَحصَحانَ العَمَرَّدا
أَقولُ لَهُ يا عَبدَ قَيسٍ صَبابَةً / بِأَيٍّ تَرى مُستَوقِدَ النارِ أَوقَدا
فَقالَ أَرى ناراً يُشَبُّ وَقودُها / بِحَيثُ اِستَفاضَ الجِزعُ شيحاً وَغَرقَدا
أُحِبُّ ثَرى نَجدٍ وَبِالغَورِ حاجَةٌ / فَغارَ الهَوى يا عَبدَ قَيسٍ وَأَنجَدا
وَإِنّي لَمِن قَومٍ تَكونُ خُيولُهُم / بِثَغرٍ وَتَلقاهُم مَقانِبَ قُوَّدا
يَحُشّونَ نيرانَ الحُروبِ بِعارِضٍ / عَلَتهُ نُجومُ البيضِ حَتّى تَوَقَّدا
وَكُنّا إِذا سِرنا لِحَيٍّ بِأَرضِهِم / تَرَكناهُمُ قَتلى وَفَلّاً مُشَرَّدا
وَمُكتَبَلاً في القَدِّ لَيسَ بِنازِعٍ / لَهُ مِن مِراسِ القِدِّ رِجلاً وَلا يَدا
وَإِنّي لَتَبتَزُّ الرَئيسَ فَوارِسي / إِذا كُلُّ عَجعاجٍ مِنَ الخورِ عَرَّدا
رَدَدنا بِخَبراءِ العُنابِ نِساءَكُم / وَقَد قُلنَ عِتقُ اليَومِ أَو رِقُّنا غَدا
فَأَصبَحنَ يَزجُرنَ الأَيامِنَ أَسعُدا / وَقَد كُنَّ لا يَزجُرنَ بِالأَمسِ أَسعُدا
فَما عِبتُ مِن نارٍ أَضاءَ وَقودُها / فِراساً وَبَسطامَ بنَ قَيسٍ مُقَيَّدا
وَأَوقَدتَ بِالسيدانِ ناراً ذَليلَةً / وَعَرَّفتَ مِن سَوآتِ جِعثَنَ مَشهَدا
أَضاءَ وُقودُ النارِ مِنها بَصيرَةً / وَعَبرَةَ أَعمى هَمُّهُ قَد تَرَدَّدا
كَأَنَّ الَّتي يَدعونَ جِعثَنَ وَرَّكَت / عَلى فالِجٍ مِن بُختِ كَرمانَ أَحرَدا
وَأَورَثَني الفَرعانِ سَعدٌ وَمالِكٌ / سَناءً وَعِزّاً في الحَياةِ مُخَلَّدا
مَتى أُدعَ بَينَ اِبنَي مُغَدّاةَ تَلقَني / إِلى لَوذِ عِزٍّ طامِحِ الرَأسِ أَصيَدا
أَحُلُّ إِذا شِئتُ الإِيادَ وَحَزنَهُ / وَإِن شِئتُ أَجزاعَ العَقيقِ فَجَلعَدا
فَلَو كانَ رَأيٌ في عَدِيِّ بنِ جُندَبِ / رَأَوا ظُلمَنا لِابنَي سُمَيرَةَ أَنكَدا
أَيَشهَدُ مَثغورٌ عَلَينا وَقَد رَأى / سُمَيرَةُ مِنّا في ثَناياهُ مَشهَدا
مَتى أَلقَ مَثغوراً عَلى سوءِ ثَغرِهِ / أَضَع فَوقَ ما أَبقى مِنَ الثَغرِ مِبرَدا
مَنَعناكُمُ حَتّى اِبتَنَيتُم بُيوتَكُم / وَأَصدَرَ راعيكُم بِفَلحٍ وَأَورَدا
بِشُعثٍ عَلى شُعثٍ مَغاويرَ بِالضُحى / إِذا ثَوَّبَ الداعي لِرَوعٍ وَنَدَّدا
كَراديسَ أَوراداً بِكُلِّ مُناجِدٍ / تَعَوَّدَ ضَربَ البيضِ فيما تَعَوَّدا
إِذا كَفَّ عَنهُ مِن يَدَي حُطَمِيَّةٍ / وَأَبدى ذِراعَي شَيظَمٍ قَد تَخَدَّدا
عَلى سابِحٍ نَهدٍ يُشَبَّهُ بِالضُحى / إِذا عادَ فيهِ الرَكضُ سيداً عَمَرَّدا
أَرى الطَيرَ بِالحَجّاجِ تَجري أَيامِناً / لَكُم يا أَميرَ المُؤمِنينَ وَأَسعُدا
رَجَعتَ لِبَيتِ اللَهِ عَهدَ نَبِيِّهِ / وَأَصلَحتَ ما كانَ الخُبَيبانِ أَفسَدا
فَما مُخدِرٌ وَردٌ بِخَفّانَ زَأرُهُ / إِلى القِرنِ زَجرَ الزاجِرينَ تَوَرَّدا
بِأَمضى مِنَ الحَجّاجِ في الحَربِ مُقدِماً / إِذا بَعضُهُم هابَ الخِياضَ فَعَرَّدا
تَصَدّى صَناديدُ العِراقِ لِوَجهِهِ / وَتُضحي لَهُ غُرُّ الدَهاقينِ سُجَّدا
وَلِلقَينِ وَالخِنزيرِ مِنّي بَديهَةٌ / وَإِن عاوَدوني كُنتُ لِلعَودِ أَحمَدا