المجموع : 10
أَجيرانَنا أَمّا أَحاديثُ ذِكرِكُم
أَجيرانَنا أَمّا أَحاديثُ ذِكرِكُم / فَما هِيَ إِلّا لِلعُيونِ مَفاتحُ
وَذِكرُكُمُ تَحتَ الدُجُنَّةِ غابِقٌ / كَما أَنَّهُ تَحتَ الصَبيحَةِ صابِحُ
وَمُستَعظِمٍ وَجدي الَّذي هُوَ ظاهِرٌ / وَأَعظَمُ مِنهُ ما تَضُمُّ الجَوانِحُ
رِياحُ زَفيرٍ لِلدُموعِ لَوافِحٌ / وَما هِيَ إِلّا لِلقُلوبِ لَوائِحُ
وَعِندي وَقَد فَارَقتُكُم كُلُّ زَفرَةٍ / تُمِلُّ بِها الأَشجانُ وَالسِرُّ شارِحُ
لَقَد مَنَحَ الحِصنُ الَّذي هُوَ مانِعٌ / كَما مَنَعَ الدَهرَ الَّذي هُوَ مانِحُ
سَلامٌ عَلَيكُم إِنَّ قَلبِيَ دارُكُم / أَقَرَّ بِها وَالدَمعُ ساقٍ وَسافِحُ
وَما هُوَ إِلّا أَنَّ قَلبِيَ طائِرٌ / وَما هُوَ إِلّا أنَّ لُبِّيَ طائِحُ
وَما الغَيثُ إِلّا مِن دُموعيَ ساكِبٌ / وَلا الرَعدُ إِلّا مِن حَنينِيَ نائِحُ
وَلا العُمرُ إِلّا مِن أَسىً مُتَراكِمٍ / وَلا البَرقُ إِلّا مِن زَفيرِيَ لامِحُ
أَقولُ لَهُ صَفحاً وَإِن كانَ مُذنِباً / فَيا عَجَباً مِن مُذنِبٍ هُوَ صافِحُ
أَأَحبابَنا إِن كُنتُ لِلنَفسِ خاسِراً / عَلَيكُم فَإِنّي بَعدَ ذاكَ رابِحُ
تَمَدّونَ مِنّي الذَنبَ وَالذَنبُ كامِنٌ / وَتَعمَونَ دونَ العُذرِ وَالعُذرُ لائِحُ
وَإِن طَرَدَتني عَن ذُراكُمُ طَوارِدٌ / فَما أَنا مِن خَوفِ المَذَلَّةِ بارِحُ
وَإِن قَرَّبَتني الدارُ مِنكُم وَأَكثَبَت / فَإِنّي مَعَ الحِرمانِ مِنكُم لَنازِحُ
فَيا مَن يَغيبُ الحُبُّ بي وَهوَ حاضِرٌ / وَيا مَن يَجِدُّ الوَجدُ بي وَهوَ مازِحُ
إِلى اللَهِ تَشكو ما تُلاقيهِ مِنكُمُ / جَوانِحُ قَد صُحِّفنَ فَهيَ جَوائِحُ
إِلَيكَ فَما الأَفكارُ إِلّا مَعارِكٌ / وَما هَذِهِ الأَشجانُ إِلّا صَفائِحُ
وَإِلّا فَما بالي وَلَم أَحضُرِ الوَغى / تُضَمُّ عَلى هَذيِ الجُروحِ الجَوارِحُ
وَيا صاحِبِيَّ الصاحِبَينِ أَرى الهَوى / مُداماً وَمِنهُ غابِقٌ لِيَ صابِحُ
وَإِلّا فَما بالي وَلَم أُسقَ خَمرَةً / أَبَيتُ كَأَنّي مِنهُ سَكرانُ طافِحُ
وَما ذِكرُكُم لِلرَكبِ إِلّا تَعِلَّةٌ / يُراحُ بِها مِنهُنَّ غادٍ وَرائِحُ
وَإِلّا فَما بالُ المَطِيِّ وَلَم تُرَح / أَثابَ بِها مُعيِي المَطِيِّ وَرازِحُ
تَذكَّرَ من أَحبابِه كُلَّ نازِح
تَذكَّرَ من أَحبابِه كُلَّ نازِح / بِدَمعٍ من الأَجفانِ لَيسَ بِنازِح
كأَنّيَ مِن مَدحِ الأَجَلِّ اِقتَنَيتُهُ / وَذَلِكَ ما لَم يَقنَهُ كُلُّ مادِح
سَواءٌ أَسَرّوا القَولَ أَو جَهروا به / فناصِحُهُم عَبدَ الهَوى غَيرُ ناصِح
أعاذلَه وَالعَذلُ يَنزِفُ جُرحَهُ / لعمري لَقَد أَطفأتَ ناراً بِقادِح
عرضتُ عَلى صدري غَرائبَ شَرحِهِم / فَلَم يَنشَرِح صَدري إِلى قول شارِح
أَيا نازِحاً أَفنى نَواظِرَنا نَزحا
أَيا نازِحاً أَفنى نَواظِرَنا نَزحا / وَيا بارِحاً أَفنى خَواطِرَنا بَرحا
وَيا مَن خَسِرتُ القَلبَ إِذ رُمتُ وَصلَهُ / وَيا لَيتَ لَو كانَت سَلامَتُهُ رِبحا
أَسىً مَن لِقَلبي لَو وَجَدتُ لَهُ أَسىً / وَمَن لِلساني لو أَطلتُ لَهُ شَرحا
جَهِلتُ مَكانَ الصُبحِ بَينَ رِحالِكُم / فَلا أَظلِمُ الظَلما أُسائِلُها الصُبحا
أَطارِحُها شَوقي فَيَثقُلُ مَحمَلاً / فَهَل أَتَّقي مِنها إِذا ضَعُفَت طَرحا
نَسيمٌ رَقيقٌ مِثلُ ريقٍ رَشَفتُهُ / وَجَدتُ لِمَسراهُ عَلى كَبِدي نَضحا
يَزورُ كَزَورِ البَرقِ أَو زَورِ بِشرِكُمُ / فَإِن فاتَني لَمعاً فَما فاتَني لَمحا
فَما لَكَ عَنّي قَد حَبَستَ عِنانَهُ / وَما لَكَ قَد أَعدَيتَ أَخلاقَهُ شُحّا
يَعودُ عَليلاً لا يَعودُ شِفاؤُهُ / لَعَمري لَقَد زِدتُم جَريحَكُمُ جَرحا
وَحَثَّ رِكاباً لِلهُبوبِ طَليحَةً / تَقَيَّلُ بَينَ الطَلحِ آهاً لَهُ طَلحا
وَلَو أَنَّ أَنفاسي تَزيدُ كَهَبِّهِ / لَكُنتُ بِنَفسي لا بِأَنفاسِها سَمحا
هَوىً كَتَبَت أَيدي الضَنا مِنهُ في الحَشا / سُطوراً رَأَيتُ الدَهرَ يُمحى وَلا تُمحى
وَإِنسانُ عَيني فيكَ خالَفَ قَلبَهُ / فَهَذا اِنطَفا بَرحاً وَذاكَ طَفا سَبحا
أَمينٌ حَكى عَن كُلِّ قَلبٍ حَديثَهُ / فَإِن عادَني نَفحاً يُعاوِدْكُمُ لَفحا
وَيا ناصِحي ما خُنتَني في نَصيحَةٍ / وَلَكِن أَمينُ الحُبِّ يَتَّهِمُ النُصحا
وَأَعلَمُ أَنَّ الحُبَّ ذَنبٌ صَدَقتَني / فَأَلّا ضَرَبتَ الذِكرَ عَن مُسرِفٍ صَفحا
وَقُل لِلَّذي يَلحى عَلَيهِ وَدونَهُ / مُنىً وَعَناً مَن يا مُعَنّى الخُطا تَلحى
أَتَرجِفُ عَن سَكرانِ قَلبٍ بِصَحوِهِ / وذلك إِرجافٌ إِذا ما صَحا صَحّا
وَبِالعُدوَةِ القُصوى العَذولُ وَعَذلُهُ / وَعُذرُ الهَوى العُذرِيِّ بِالمَنزِلِ الأَضحى
أَأَنسى الَّذي بَيني وَبَينَ وُجوهِهِم / وَلا سِيَّما وَجهٌ جَلا لِلهَوى صُبحا
لِعُذّالِهِ مِن وَعرِها أَيُّ هَضبَةٍ / لِأَحبابِهِ مِن سَهلِها أَيُّما بَطحا
خَلائِقُ أَورَت لِلمَعالي زِنادَها / فَما آنَسَت مِنها حَواسِدُها قَدحا
أَبَت هِمَّتي أَن تَصحَبَ اليَأسَ وَالرِضا / فَها أَنا لا ذَمّاً أَصوغُ وَلا مَدحا
وَأَمسَكتُ عَن شُكرِ الزَمانِ وَذَمِّهِ / فَلَستُ أَرى حَرباً يُديمُ وَلا صُلحا
وَإِن مَسَّني قَرحٌ فَقَد مَسَّ مِثلُهُ / عَدُوّي فَلا أَشكو إِلى المُقرِحُ القَرحا
أَأَهلَ الأَسى لِلناسِ في الناسِ أُسوَةُ / وَمَن ذا الَّذي أَمسى بِعَمرِ الَّذي أَضحى
تَعَزَّوا بِنا إِنَّ التَعَزّي سَماحَةٌ / فَلا تَحزَنوا فَالحُزنُ شُحٌّ وَلا شُحّا
وَما الحُزنُ إِلّا البُخلُ عِندي بِعَينِهِ / وَإِلّا فَهذا مِن بَني عَمِّهِ لَحّا
وَلا تَسمَعنَ مِن زُخرُفِ القَولِ وَالمُنى / فَكَم شَرَحَت ما لَم يُفِد خاطِري شَرحا
إِذا كانَ عُقبى كُلِّ نُجحٍ فِراقَهُ / فَقَد خابَ مَن سَنّى لِمَوعِدِهِ النُجحا
فَيا مَن يُشيرُ الدَمعَ في كَتمِ سِرِّهِ / كَفى بِكَ أَن أَمَّلتَ مِن غادِرٍ نُصحا
أَلَيسَ دُموعُ العَينِ مِن رُقَبائِهِم / إِذا طَلَعوا صُبحاً غَطا فَيضُها جُنحا
يَنِمُّ عَلى ما في الإِناءِ بِرَشحِهِ / وَلَولا اِنصِداعُ القَلبِ ما أَلِفَ الرَشحا
أَبا الفَتحِ يا فَتّاحَ كُلِّ غَريبَةٍ / وَكَم خاطِرٍ فاتَحتَهُ فَأَبى الفَتحا
أَبى صَفوُ سَيلٍ أَن يَقِرَّ بِذِروَةٍ / فَبِاللَهِ لا تَحسُد عَلى الآجِنِ السَفحا
وَيا قَسوَرَ الكُتّابِ بَدِّد صُفوفَهُم / إِذا وَشَّحَت كَفّاكَ مِن قَلَمٍ رُمحا
عَجِبتُ إِذِ اِستَسقى سَحابَكَ ظالِمٌ / فَلَمّا أَراهُ الرَأْيُ عارِضَهُ اِستَصحى
جَلَوتَ عَلى الأَسماعِ دُرّاً فَإِنَّها / قَد التَقَطَتهُ في المَحافِلِ في الأَضحى
يَحِقُّ لِإِبراهيمَ تَضمينَ مِثلِهِ / سَلامَةُ إِسماعيلَ إِذ كُفِيَ الذَبحا
جَلَت مِنهُ مِغوارَ المَنابِرِ غُرَّةٌ / تَزيدُ سَنىً إِن زادَها خاطِبٌ فَسحا
وَسَجعٌ هُوَ السَجعُ الحَمامِيُّ هَزَّنا / مَعاطِفَ أَغصانٍ فَدَت سَجعَكَ السَجحا
مَدَحناهُ مَدحاً فيهِ ذَمٌّ لِغَيرِهِ / إِذا مَدَحَ السَجعَ الفَتى أَنَّبَ النَبحا
وَكَم نُشِرَت مِنهُ مَناشيرُ حِكمَةٍ / طَوى كاشِحٌ عَن أَن يُساجِلَها الكَشحا
مَناشيرُ ما دامَ الخِتامُ لِفاعُها / فَماضَرَّها ألا تُطانُ وَلا تُسحى
تُصَرَّفُ صَرفَيها اللَيالي لِكَيدِنا / فَمَنعٌ بِهِ المَنعى وَمَنحٌ بِهِ المَنحى
وَلَو لَم تُحارِب وَالظَلامُ عَجاجَها / لما اِعتَقَلَت كَفُّ السَماحِ بِها رُمحا
لَئِن أَمِنَ السَرحانَ سَرحُ سُعودِهِم / فَلِلصُبحِ سَرحانٌ سَيَذعَرُهُ سَرحا
إِذا زُلزِلَت بِالعادِياتِ مَنازِلٌ / فَلا هِجنَكُم صُبحا وَلا رُعنَكُم ضَبحا
وَلا خُبِّئَت عَنّا عَلى البُعدِ أَوجُهٌ / شَكا القُبحُ إِذ غَشَّى أَسِرَّتَها القُبحا
وَيَبقى لَدَيكَ الخَيرُ مَوضِعَ رَحلِهِ / إِذا الهَمُّ أَنضى مِنهُ آمالَهُ الطَلحا
فَلا تَقدَحِ الأَعداءُ في زَندِ فَضلِهِ / فَإِنَّ وَراءَ القَدحِ زَنداً وَرى قَدحا
فَما عَدِمَت لَيلَ السُرى مِنهُ وَطأَها / وَلا في نَهارٍ لِلعَنا فَقَدَت سَبحا
وَكَم قيلَ لي بَحرٌ فَقُلتُ صَدَقتُمُ / يَضِنُّ بِهِ دُرّاً وَيَسخو بِهِ مِلحا
دَعوهُ فَفي سَيرِ اللَيالي عَجائِبٌ / سَيَمضي بِهِم صَدعاً وَيَمضي بِنا صَدحا
هُوَ الدَهرُ ثَنّى فِعلَهُ وَهوَ واحِدٌ / هَلِ الأُفقُ لَمّا غامَ غَيرُ الَّذي أَضحى
غِناهُم غِنىً لَم يَعدُ عَنهُم فَما غَنوا / إذا سَحَّ ما لَم يَسقِ أَضاً فَما سَحّا
كَأَنَّكَ مَخلُوقٌ كَما شاءَتِ العُلا
كَأَنَّكَ مَخلُوقٌ كَما شاءَتِ العُلا / وَفَوقَ اِقتِراحاتِ المُنى وَالقَرائِحِ
وَما أشتَكي إلا نُهوضَ نَداكُمُ / وَتَقصيرَ ما أَنهَضتُهُ مِن مَدائِحِ
أَيا صالِحَ الآمالِ كم قُلتُ مُثنياً / إِذا نَحنُ أَثنَينا عَلَيكَ بِصالِحِ
تَجاوَزَ عَفوُ الفَضلِ أَقصى مَطامِعي / وَراضَ مُطيعُ الجودِ أَقصى مَطامِحي
مَنادِحُ جودٍ لِلطلابِ وَسيعَةٌ / وَلَكِن بِها في المَدحِ ضاقَت مَنادِحي
وَجودُكَ بَحرٌ يُغرِقُ الشِعرَ إِذ غَدا / كَدُرٍّ وَإِنَّ الدُرِّ لَيسَ بِسابِحِ
لَئِن كُنتُ قَد أَحسَنتُ في القَولِ فيكُمُ / فَأَحسَنُ مِنهُ ما تُجِنُّ جَوانِحي
أَناصِحَهُ في المَجدِ كُفَّ فَإِنَّهُ / يَراكَ بِعَينِ المَجدِ لَستَ بِناصِحِ
وَأَرضَيتُ فيكَ الحُبَّ وَالحُبُّ جائِرٌ
وَأَرضَيتُ فيكَ الحُبَّ وَالحُبُّ جائِرٌ / وَأَغضَبتُ فيكَ العَزمَ وَالعَزمُ ناصِحُ
وَما مَرَّ بي يَومٌ مِنَ الأُنسِ جامِعٌ / وَلا فاتَني يَومٌ عَنِ الوَصلِ جامِحُ
وَيا طيبَ ما تُحنَى عَلَيهِ ضَمائِري / مِنَ الوُدِّ لَو أَنَّ الَّذي تَمَّ فاتِحُ
يَشِفُّ عَلى مُستَجمِعِ اللَيلِ وَجهُهُ / وَما أَوجُهُ الإِحسانِ إِلّا مَصابِحُ
وَعانَدتُ أَيّامي بِيَومِ لِقائِهِ / فَما عُدَّ لَولاهُ مِنَ الدَهرِ صالَحُ
يَقولونَ لي لِم أَنتَ لِلحُزنِ رازِحُ / فَقُلتُ عَلى القَلبِ الَّذي هُوَ نازِحُ
وَكَم سُدَّ بابُ الرِزقِ عَنّي فَسُمتُها / أَنامِلَ لِلأَرزاقِ فيها مَفاتِحُ
كَأَنَّهُمُ لَم يَعلَموا أَن قَلبَهُ / جَريحٌ وَلا أَنَّ العُيونُ جَوارِحُ
فَحَمَّلتُهُم ما لا يُطيقُ فُؤادُهُ / فَقَد حُنِيَت مِن ثِقلِهِنَّ الجَوانِحُ
وَما ضَرَّني أَن بالَ في البَحرِ بائِلٌ / وَلا ساءَني أَن ناطَحَ الصَخرَ ناطِحُ
مَدائِحُ لَمّا أَشرَقَ الحَقُّ فَوقَها / تَبَلَّجَ إِنَّ الصِدقَ فيها مَدائِحُ
وَلَولا رُواءٌ لِلرُواةِ لَبِسنَهُ / مِنَ الحَقِّ ما شَكّوا بِأَنِّيَ مازِحُ
جُزيتَ عَنِ المَعروفِ خَيراً وَ أَهلِهِ / فَإِنَّكَ قَد حَقَّقتَهُ وَهوَ طائِحُ
أَأَطَمَعُ أَن يَجري عَلى السُّحبِ ساحِبٌ / وَآمُلُ أَن يَأتي عَلى البَحرِ سابِحُ
لَأَصلَحَت مِن حالي وقد كانَ رازِحاً / وَأَعجَزتَ شُكري بَعدَها فَهوَ رازِحُ
عَقائِلُ شُكرٍ أَعقَبَت يَومَ تُجتَلى / وَكَم عَقِمَت بَعدَ الجِلاءِ المَناكِحُ
فَقُل لِحَبيبِ الشِعرِ إِنَّ صَباحَهُ / وَرى مِنهُ ما تَروي العُصورُ الجَوامِحُ
وَقَد فَنِيَت مِنّا عَلَيهِ المَدائِحُ / وَما فَنِيَت مِنّا عَلَيهِ المَنائِحُ
فَمُذ صانَ وَجهي صُنتُ فِكري لِمَدحِهِ / فَوَجهي لَهُ مِن قَبلِ فِكرِيَ مادِحُ
وَلَم أَنسَ ذاكَ اللُطفَ وَالبَحرُ مُخلِفٌ / وَلا نورَ ذاكَ البِشرِ وَالعَيشُ كالِحُ
رَكِبنا رِياحاً مِن كَرائِمِ خَيلِهِ
رَكِبنا رِياحاً مِن كَرائِمِ خَيلِهِ / تَؤُمُّ سَحاباً مِن سَماءِ سَماحِهِ
فَقُل لِلَيالي الخَطبِ طولي أَو اُقصِري / فَإِنّي على وَعدِ السُرى مِن صَباحِهِ
وَلَمّا نَضا الأَستارَ عَن نورِ وَجهِهِ / تَغَطَّيتُ مِن دَهري بِظِلِّ جَناحِهِ
فَعالُكَ في العَلياءِ أَسمى وَأَسمَحُ
فَعالُكَ في العَلياءِ أَسمى وَأَسمَحُ / وَوَجهُكَ في اللأواءِ أَوضا وَأَوضَحُ
وَذِكرُكَ في قَلبِ الزَمانِ مَهابَةٌ / فَمِن بَعدِ ما قَد كانَ يَجمَحُ يَجنَحُ
وَمِثلُكَ مِن قَبلِ المَسائِلِ واهِبٌ / وَلَكِنَّهُ بَعدَ الجَرائِمِ يَصفَحُ
وَجودُكَ مِثلُ الماءِ وَالماءُ مُغرِقٌ / وَبَأسُكَ مِثلُ النارِ وَالنارُ تَقدَحُ
وَما كُنتَ قِدماً بِالجَفاءِ مُعَرِّضاً / فَلِم أَنتَ في هَذا الأَوانِ مُصَرِّحُ
دَعوني أُجَمجِم ما اِستَطَعتُ بِعَتبِكُم / وَلا تَدَعوني بِالشِكايَةِ أُفصِحُ
رَعى اللَهُ قَلبي ما أَشَدَّ حِفاظَهُ / يُوافي عَلى هَذي الهَناتِ وَيَنصَحُ
وَإِنّي غَنِيُّ النَفسِ في الفَقرِ وَالغِنى / أَظَلُّ إِلى بَردِ المُنى أَتَرَوَّحُ
أَبيتُ عَفيفَ الطَعمِ وَالزادُ مُمكِنٌ / وَظامي الأَماني وَالمَوارِدُ تَطفَحُ
وَإِنّي عَلى تِلكَ المُوالاةِ ثابِتٌ / وَلَستُ وَإِن أَقصَيتَني أَتَزَحزَحُ
فَصَفقَةُ وُدّي إِن شَرَيتَ صَفاءَها / فَإِنَّكَ فيهِ لاَمَحالَةَ تَربَحُ
وَإِن كانَ قَد عَدَّدتَ ذَنباً ظَنَنتَهُ / وَكانَ فَإِنَّ الصَفحَ أَرجى وَأَرجَحُ
فَإِن ضاقَ ذاكَ البِشرُ بَعدَ اِتِّساعِهِ / فَما ضاقَ في الأَرضِ الفَسيحَةِ مَسرَحُ
وَإِنّي إِذا اِستَغرَبتُ يَوماً مِنَ الأَسى
وَإِنّي إِذا اِستَغرَبتُ يَوماً مِنَ الأَسى / فَما لِيَ ما اِستَغرَبتُ عاماً مِنَ الفَرَح
وَإِنّي قَد اِستَأثَرتُ بِالعَيشِ ما صَفا / وَإِنّي قَد اِستَمتَعتُ بِالدَهرِ ما صَلَح
فَلا تُشمِتَنَّ الدَهرَ بِالدَمعِ إِن جَرى / فَيَعلَمَ أَنَّ الهَمَّ في القَلبِ قَد جَرَح
تَعاطى مَنالاً لا يُنالُ بِعَزمِهِ
تَعاطى مَنالاً لا يُنالُ بِعَزمِهِ / وَكُلُّ اِعتِزامٍ عَن مَداهُ طَليحُ
وَأَبقى بِها في جَبهَةِ الدَهرِ أَسطُراً
وَأَبقى بِها في جَبهَةِ الدَهرِ أَسطُراً / إِذا ما اِنمَحى خَطُّ الكَواكِبِ لا تُمحى
إِذا جاءَ نَصرُ اللَهِ فَالفَتحُ بَعدَهُ / وَقَد جاءَ نَصرُ اللَهِ فَليَرقُبِ الفَتحا