المجموع : 3
لَقَد كُنتُ مِن وَشكِ الفِراقِ أُليحُ
لَقَد كُنتُ مِن وَشكِ الفِراقِ أُليحُ / إِذِ الشَملُ دانٍ لَم يَرُعهُ نُزوحُ
وَإِذ قَدحُنا واري الزِنادِ وَقِدحنا ال / مُعَلّا وَأَنوارُ الدُنُوِّ تَلوحُ
فَقَد حُمَّ ما قَد كُنتُ أَخشى وُقوعَهُ / فَقَلبي لِبَينَ الظاعِنينَ قَريحُ
فَواكَبِدي إِن شَطَّتِ الدارُ بَينَنا / وَأَنضَت مَطاياكُم مَهامِهُ فيحُ
وَصاحَ غُرابُ البَينِ وَاِنشَقَّتِ العَصا / وَرَدَّ عَذولٌ في الهَوى وَنَصيحُ
أَجيرانَنا بِالرَقمَتَينِ عَلَيكُمُ / سَلامٌ كَعَرفِ المَندلِيِّ يَفوحُ
لَقَد كُنتُمُ أَرواحَنا فَذَهَبتُمُ / فَلا جِسمَ يَبقى حينَ تَذهَبُ روحُ
حَنَيتُم عَلى جَمرِ الفِراقِ ضُلوعَنا / فَضُمِّنَّ أَكباداً بِهِنَّ قُروحُ
وَكَم أَوجُهٍ يَومَ الوَداعِ اِجتَلَيتُها / حِساناً وَلَكِنَّ الوَداعَ قَبيعُ
لَقَد صَحَّ وَجدي فَهوَ لَم يَشكُ عِلَّةً / وَما القَلبُ مِن داءِ الغَرامِ صَحيحُ
وَكَم مِن قريعٍ لِلنَوى فَكَأَنَّهُ / لقىً بَينَ أَطنابِ الخِيامِ طَريحُ
وَكَم مِن فُؤادٍ ذابَ فَاِنهَلَّ أَدمُعاً / فَفي كُلِّما جفنٍ يُخالُ ذَبيحُ
وَما هاجَني إِلّا بُكاءُ حَمامَةٍ / تَنوحُ وَبِالسِرِّ المَصونِ تَبوحُ
أَضُمُّ بِكِلتا راحَتَيَّ عَلى الحشا / إِذا هِيَ صاحَت سُحرَةً وَأَصيحُ
مُوَلَّهَةً بِالبانِ تَدعو هَديلَها / فَأُسعِدُها بِالنَوحِ حينَ تَنوحُ
فَيا لَيتَ أَنّي ما عَرَفتُ هَواكُمُ / وَلا عَصَفَت بي في الصَبابَةِ ريحُ
تَأَلَّقَ مِن لُبنانَ لي فَاِنتَجَعتُهُ / لِمرآكَ بَرقٌ مِن دِمَشقَ مُليحُ
وَقَد كُنتُ قَبلَ اليَومِ أَستَقبِحُ النَوى / وَأَنَّ مَسيري عَن دِمَشقَ مَليحُ
وَمِن جودِ مَجدِ الدينِ في بعَلبكَّ لي / أَتَت نِعَمٌ أَغدو بِها وَأَروحُ
مَحَلُّ مُلوكِ الأَرضِ مِن دونِ شَأوِهِ / وَكُلُّهُم بادي الكَلالِ طَليحُ
غَدا مِثلَ شَهرِ الصَومِ في الصَونِ عِرضُهُ / بِمالٍ لَهُ في المَكرُماتِ يُبيحُ
هَنيئاً لَهُ شَهرُ الصِيام فَفعلُهُ / بِهِ مَتجَرٌ عِندَ الإِلَهِ رَبيحُ
إِذا جادَ قالَت طَيِّءٌ عِندَ جودِهِ / أَلا إِنَّ فينا حاتماً لَشَحيحُ
وَإِن صالَ صادَ الأُسدَ في أَجَماتِها / فَزائِرُها الضاري هُناكَ نَبوحُ
يَرى رَأيَ قَيسٍ فائِلاً عِندَ رَأيِهِ / وَإِن قالَ ما قسٌّ لَدَيهِ فَصيحُ
وَفي مَعمَعانِ الحَربِ عَمرٌو وَعامِرٌ / يَفِرّانِ خَوفاً مِنهُ وَهوَ مُشيحُ
وَكُلُّ قَريضٍ دونَ نَظمِ قَريضِهِ / وَهَل تَتَساوى رَغوَةٌ وَصَريحُ
وَيا حَبَّذا الإِسفِنطُ حينَ يُرى بِهِ / غَبوقٌ زَها مِنهُ لَهُ وَصَبوحُ
بِهِ عاشَ مَوتى الفَقرِ حَتّى كَأَنَّما / أَتى الناسَ مِن بَعدِ المَسيحِ مَسيحُ
أَلا إِنَّما كُلُّ المُلوكِ كَواكِبٌ / وَمِن وَجهِ بهَرامَ شاهَ يَخجَلُ يوحُ
فَنالَ الَّذي نالَ اِبنُ داوودَ قَبلَهُ / وَعُمِّرَ ما في الدَهرِ عُمِّر نوحُ
فَما شاعَ إِلّا بِالمَحامِدِ ذِكرُهُ / وَلا شاعَ إِلّا في عُلاهُ مَديحُ
وَما أَسَدٌ دامي الأَظافِرِ باسِلٌ / غَضوبٌ جَريءٌ في الكُماةِ جَريحُ
يُماصِعُ عَن شِبلَيهِ في الغيلِ عابِساً / فَفي وَجهِهِ عِندَ اللِقاءِ كُلوحُ
بِأَفتَكَ مِنهُ وَالكُماةُ مخالِطٌ / دِماءَهُم فَوقَ الجُسومِ مُسيحُ
شَأى العُلَماءَ الراسِخينَ اِعتِزامُهُ / وَبَذَّ المُلوكَ الصَيدَ وَهوَ جموحُ
مَهابَتُهُ مِلءُ القُلوبِ وَإِنَّهُ / لَعافٍ عَن الذَنبِ العَظيمِ صَفوحُ
لَهُ صُورَةٌ أَضحَت تَروقُ وَسَورَةٌ / تَروقُ وَخَلقٌ كَالنَسيمِ سَجيحُ
مَقاماتُهُ وَقفٌ عَلى الفَضلِ ما بِها / فُضولٌ وَلا فيها يُذاعُ قَبيحُ
فَمِن خَطِّهِ يَقري العُيونَ حَلاوَةً / وَتُقرَأُ مِن شَرحِ الصُدورِ شُروحُ
إِذا ما رَأَينا حُسنَ وَجهِ أَبي الفَتحِ
إِذا ما رَأَينا حُسنَ وَجهِ أَبي الفَتحِ / تَباشَرَتِ الأَرواحُ بِالنَصرِ وَالفَتحِ
وَأبدى مِجَنَّ الشَمسِ وَاللَحظُ سَيفُهُ / وَأَسهُمُهُ وَالقَدُّ يَهتَزُّ كَالرُمحِ
وَإِن جَنَحَت لِلسِلمِ وَالصُلحِ نَفسُهُ / أَبى لَحظُهُ مَيلاً إِلى السِلمِ وَالصُلحِ
فَواعَجَباً مِن سامِرِيٍّ يُعامِلُ ال / كُماةَ بِخُسرانٍ وَيَظفَرُ بِالرِّبحِ
وَمن دينُهُ أَن لا مَساسَ وَإِنّهُ / لَيَقتُلُ مَن يَهواهُ بِالجِدِّ في المَزحِ
وَلَمّا سَعى في الخَدِّ نَملُ عِذارِهِ / تعوَّضَ حَبّاتِ القُلوبِ عَنِ القَمحِ
مَتى فَتَّشَت أَبصارُنا ماءَ خَدِّهِ / قَبَسنا لَهيبَ النارِ في الماءِ بِالقَدحِ
أَلا رُبَّ واشٍ في هَواكَ وَلاحي
أَلا رُبَّ واشٍ في هَواكَ وَلاحي / رَدَدتُهُما لَم يَظفَرا بِفَلاحِ
فَيا مَن جِهاتي الستُّ مَشغولَةٌ بِهِ / أَجَل وَفَسادي عِندَهُ وَصَلاحي
عِذاراكَ رَيحاني وَعَيناكَ نَرجِسي / وَخَدّاكَ تُفّاحي وَريقُكَ راحي
وَصُدغاكَ لَيلي إِن هَمَمتُ بِخَلوَةٍ / فَلا تَبتَسِم يُشرِق ضِياءُ صَباحي
فَيا لَكَ طيباً أَنبَتَ الوَردَ خَدُّهُ / لَدَى رَعيِهِ في الكَأسِ نَورَ أَقاحِ
قَوامُكَ سَلّابُ الرِماحِ اِهتِزازَها / وَحَشوُ الجُفونِ السودِ بيضُ صِفاحِ
رَمَتنا سِهامُ اللَّحظِ عَن قَوسِ حاجِبٍ / سِهامُكِ ريشَت مِن جَناحِ نَجاحِ
إِلى اللَهِ نَشكو مِن جَوىً بِقلوبِنا / لِنَفثِ مَريضاتِ الجُفونِ صِحاحِ
وَلَم نَرَ تُركِياً سِواكَ مُبارِزاً / يُجَدِّلُ أَبطالاً بِغَيرِ سِلاحِ
وَمَن تَكُنِ الإِسفِنطُ في فيهِ ريقَةً / فَأَجفانُهُ سَكرى وَهُنَّ صَواحي
فُؤادي بِسُمرِ التُركِ لا شَكَّ هائِمٌ / فَدَعنِيَ مِن بيضٍ كَبيضِ أَداحي
فَما بَلَغَت قِدماً صَواحِبُ يوسُفٍ / مَداهُ فَخُذ جِداً بِغَيرِ مِزاحِ
أَلَم تَرَ ذُكرانَ الطَواويسِ عِندَها ال / إِناثُ قِباحٌ قوبِلَت بِمِلاحِ
وَما أَنا في هاتا وَلا ذاكَ راغِبٌ / أَبَت في التَصابي أَن تَهُبَّ رِياحي