المجموع : 3
وذي طلعة عن كل معنى تنزهت
وذي طلعة عن كل معنى تنزهت / لها كل شيء في الوجود يسبِّحُ
وتسبيحها عنه علت حيث أنه / من الخلق حكم ليس للحق يصلح
لها الحسن بل والقبح والكل حكمها / فتعطى لها الإيمان منها وتمنح
يصورها كل امرئ حسب حاله / وكل إناء بالذي فيه ينضح
فديتك يا من قد خفيت فلاحا
فديتك يا من قد خفيت فلاحا / وشوقي إليه لا يزال فلاحا
ولا عجب إن طرت في رؤيتي له / فمن لطفه أني وجدت جناحا
ولما بدا وجهٌ له من ورا الورى / رأيت جميع الكائنات ملاحا
تباركت من سر خفي عن السوى / أباح لنا جهراً لقاه أباحا
يقول لشيء كن وما الشيء غيره / إذا كان لكن قد سترت وباحا
وما صبغة الأشياء إلا شؤونه / بها يتجلّى للأنام كفاحا
تعاليت يا ساقي القلوب شرابه / برؤية وجه منه ساعة لاحا
لئن كانت الأكوان في الناس ظلمة / فإنك عندي قد ظهرت صباحا
وشمس سماء الذات منك لنا بدت / وروض التجلي من صفاتك فاحا
هو الكل إلا أن صولة فعله / حجاب له يسقي البرية راحا
فتسكر أرباب العقول فلا ترى / سوى ما لها منها الخيال أتاحا
وما الحسن إلا وهو للعقل تابع / يرى ما يراه قبضة وسراحا
ألا يا وحيد الذات أنت وجودنا / وما نحن إلا الحكم منك متاحا
خطوط بأقلام العقول تخيُّلاً / عن القلم الأعلى صدرن صحاحا
وما القلم الأعلى سوى عن إرادة / تجل انبعاثا إذ علت ورواحا
إرادة غيب من مقام مقدس / ببيدائه فهم المنزه ساحا
قديمة عهد والجميع حوادث / فليس لنا فيها الكلام مباحا
حمائم شوق في الغصون تنوحُ
حمائم شوق في الغصون تنوحُ / تسر هواها تارة وتبوحُ
حجازية شامية تألف الغنا / فتغدو به في غسها وتروح
حديث الهوى عني روته مسلسلاً / وما هي إلا للمتيم روح
حداه المطايا بالقلوب رويدكم / إلى الحي سالت للقلوب جروح
حمى الغور لاحت بالعشي بروقه / ونشر الخزامَى بالنسيم يفوح
حويت علوماً بالتجلي نفيسة / وطرفي إلى ما فوق ذاك طموح
حفيظة عهدي لا فقدت التفاتها / إلي فتبدو في الحشى وتلوح
حظيت بها بعد الفنا في وجودها / وقد كان لي منها هناك فتوح
حميدة فعل بالجميع وإنما / يرى السوء من عنها لديه نزوح
حياة وعلم قدرة وإرادة / غبوق لنا منها بها وصبوح