المجموع : 4
دوالَيْكَ من دهرٍ يواليكَ بالنُّجْحِ
دوالَيْكَ من دهرٍ يواليكَ بالنُّجْحِ / ففتحٌ إِلَى عيدٍ وعيدٌ إِلَى فتحِ
كما بَشَّرَتْ بالغيثِ بارِقَةُ الحَيا / ووأَسفر عن شمسِ الضحى فَلَقُ الصُّبْحِ
وريحٌ من الإِقبالِ تعصِفُ بالعِدى / وتنشأُ للإِسلامِ بالوابِلِ السَّحِّ
حياً منكَ يَا يحيى عَلَى الدينِ والهدى / بوارِقُهُ فِي الكفرِ خاطفَةُ اللَّمْحِ
جديرُ الندى أن تُتْبِعَ المَنَّ بالمُنى / وسُمُّ العِدى أَن تنكأَ القرحَ بالقرحِ
فَوُفِّيتَ من سعْيِ الجهادِ تجارةً / مضاعَفَةَ الأَضعافِ نامِيَةَ الرِّبْحِ
كما بشّرت بالغيثِ بارقة الحيا / ووأَسفرَ عن شمس الضحى فلقُ الصبحِ
رفعتَ لَهَا أَعلامَ نَصرٍ كَأَنَّما / كستها طيورُ اليُمْنِ أَجنِحَةَ النُّجْحِ
تمورُ بِهَا فِي كُلِّ بحرٍ من الوغى / سوابِحُ محمودٌ لَهَا شِيَمُ السَّبْحِ
إِذِ الحربُ بالأَبطالِ فِي لُجَّةِ الرَّدى / تُذَكِّرُهُمْ بَلْقيسَ فِي لُجَّةِ الصَّرْحِ
وسيفُكَ فِي الأعناقِ والسُّوقِ مُقْتَدٍ / بسيفِ سليمانَ المُوَكَّلِ بالمَسْحِ
لَمَعْتَ بِهِ فِي جوِّ ناجِرَ لمعةً / ثَنَتْ كَبِدَ الشيطانِ دامِيَةَ الجُرْحِ
وصبَّحْتَها فِي جنح ليلٍ من القَنا / أَحَلَّ بِهَا ليلَ الأَسى مُطْبِقَ الجُنْحِ
فأَيَّةُ أُمٍّ للضلالِ قَهَرْتَها / بَنِيها بضربٍ فِي الطُّلى فائِزِ القِدْحِ
وبيضةِ كفرٍ كم وكم لكَ أَسْمَحَتْ / ببيضةِ خِدْرٍ لا تُواتي يَدَ السَّمحِ
جَلَلْنَ عن الأَكفاءِ قدراً وأَوجُها / فأُصْمِمْنَ عن خِطْبٍ وأُخْرِسْنَ عن نِكْحِ
فسرعانَ مَا أَبرزْتَ منهنَّ للفلا / غدائِرَ تُمْسِي فِي سنا أَوْجُهٍ تُضْحِي
مُظَلَّلَةً بالخافِقاتِ كَأَنَّها / ظِباءٌ تَهادى فِي ذرَا الأَيْكِ والطَّلْحِ
كواعِبُ إِلّا أَنَّهُنَّ كواكِبٌ / جَلَوْتَ سناها من سَنا السيفِ والرُّمْحِ
تردُّ إِلينا عن سهامِكَ فِيهِمُ / سهامَ عيونٍ حربُها موشِكُ الصُّلحِ
وتُسْفِرُ عن أَشباهِ مَا نَضَحَتْ بِهِ / سيوفٌ سَبَتْهَا من دَمٍ شَرِقِ النّضْحِ
فهاتيكَ أُمُّ الكفرِ ناجِرُ بَعْدَها / ظلاماً بلا نجمٍ وليلاً بلا صُبحِ
لبستَ بِهَا ثوبَ الفخارِ مُجَدَّداً / وغادَرْتَها تلتفُّ فِي خَلَقِ المِسْحِ
تُباكِي صَدى الهامِ الَّتِي تَرَكَتْ بِهَا / سيوفُكَ عن ذاتِ المحاسِنِ والمِلْحِ
وعَبْرَةِ ثكلى مَا تقلِّبُ ناظِراً / إِلَى أُفُقٍ إِلّا يقولُ لَهَا سُحِّي
وينعى إِليها كلَّ بيضَةِ فِتْنَةٍ / ستترُكُها قَيْضاً هشِيماً بلا مُحِّ
بما قَدْ رأَى فِي كلِّ ماءٍ أَمَمْتَهُ / لتشْفِيَ منها غُلَّة الظَّمَأِ البَرْحِ
وإِن أُشْرِعَتْ من دونِ مشربِهِ القنا / وكاشَرَ عَنهُ الأسدُ دامِيَةَ الأَلْحِي
فأَيُّ دلاءِ فِيهِ أَدلَيْتَ ماتِحاً / وأَيَّةَ أَشْطَانٍ مَدَدْتَ إِلَى المَتْحِ
هوائِمُ بِيضٌ لا يُصَدُّ بِهَا الرِّوى / وسُمْرٌ ظِماءٌ لا يُعَلَّلْنَ بالنَّشْحِ
تَبَلَّجَ عن إِشراقِ غُرَّتِكَ الصُّبْحُ
تَبَلَّجَ عن إِشراقِ غُرَّتِكَ الصُّبْحُ / وأَسفَرَ عن إِقدامِكَ النصرُ والفَتْحُ
وقَرَّتْ عيونُ المسلمينَ بأَوْبَةٍ / مصادِرُها عِزٌّ ومَوْرِدُها نُجْحُ
كَأَنَّ شُعاعَ الشمسِ من نُورِ هَدْيها / وعَرْفَ نسيمِ الروضِ من طِيبِها نَفْحُ
ضَرَبْتَ بِحِزْبِ اللهِ فِي الأَرْضِ مُقْدِماً / إِلَى مَتْجَرٍ جنَّاتُ عَدْنٍ لَهُ رِبْحُ
فَضَعْضَعْتَ تيجانَ الضَّلالِ بوقْعَةٍ / عَلَى الشِّرْكِ لا يُؤْسى لَهَا أَبداً جُرْحُ
ورَوَّيْتَ من ماءِ الجَماجِمِ والطُّلى / مُتونَ جِيادٍ شَفَّها الظَّمَأُ التَّرْحُ
بوارِقَ مَا أَوْمَضْنَ عنكَ لِناكِثٍ / فأَخْلَفَ من سُقْيا دَمٍ دِيمَةً تَسْحُو
صفائِحَ أَعداها سناكَ فأَشْرَقَتْ / وَلَمْ يَعْدُهُنَّ العفوُ منكَ ولا الصَّفْحُ
وزُرقاً تَعالى لِلْعُداةِ كَأَنَّما / تَطايَرَ من زَنْدِ المَنُونِ لَهَا قَدْحُ
هَوَادٍ إِذَا جَلَّيْنَ عنكَ لِناكِثٍ / فَحَتْمُ المنايا من لَواحِظِها لَمْحُ
وسابِحَةٌ فِي البَرِّ والبَحْرِ لَمْ يَزَلْ / بِبَأْسِكَ فِي بحرِ الدماءِ لَهَا سَبْحُ
إِذا جَمْجَمَتْ يوماً بِهَا منكَ صَوْلَةٌ / إِلَى الشِّرْكِ لَمْ يَمْلِكْ أَعِنَّتَها الكَبْحُ
رفَعْتَ براياتِ الهُدى من صدورِها / هوادِيَ أَدْنَى شَأْوِها الشَّدُّ والضَّبْحُ
فما حَمَلَتْ خَطْباً إِلَى دارِ خالِعٍ / وإِنْ عَزَّ إِلّا كَانَ أَيْسَرَهُ الفَدْحُ
ولا وَطِئَتْ لِلْكُفْرِ أَرْضاً وإِنْ نَأَى / بِهَا الغَوْلُ إِلّا مَسَّها مِنْهُمُ قَرْحُ
فَكَمْ رَوَّعَتْ لِلْغَيِّ فِي عُقْرِ دارِهِ / حِمىً لَمْ يُرَعْ من قَبْلِهِنَّ لَهُ سَرْحُ
بكُلِّ حَمِيِّ الأَنْفِ دونَكَ لَم يَخِمْ / بِهِ ساعِدٌ عَبْلٌ ولا صارِمٌ شَبْحُ
تَحَلَّوا فَنَاطُوا بالْعَوَائِقِ فِي الوَغَى / جيوباً كِراماً حَشْوُهُنَّ لَكَ النُّصْحُ
وكم طَردُوا من تحتِ غيلٍ وغابَةٍ / إِلَيْكَ أُسوداً مَا يُمَلُّ لَهَا ذَبْحُ
وسِرْبِ مهاً أَخلى الهياجُ خدودَها / فأَسفر عن أَحداقِها الضَّالُ والطَّلْحُ
لَوَاهٍ عن الأَكفاءِ عِزَّاً وإِن تَقُلْ / لَهَا بالقنا الخَطِّيِّ خِطْبٌ تَقُلْ نِكْحُ
تركْنَ عميدَ الشِّرْكِ مَا بَيْنَ جفنِهِ / وبَيْنَ غِرارِ النَّوْمِ عهدٌ ولا صُلْحُ
يلوذ بِشُمِّ الراسياتِ وسَحْرُهُ / من الطَّوْدِ شِعْبٌ للمُخاتِلِ أَوْ سَفْحُ
وَمَا كَرَّ إِلّا نادِباً لمعاهِدٍ / لَكَ الفَوَحُ الباقِي بِهَا وَلَهُ التَّرْحُ
ويا رُبَّ عِلْقٍ لَمْ يَسُسْهُ مُوَفَّقٌ / فَوَفَّرَهُ جودٌ وبَدَّدَهْ شُحُّ
تركْتَ لعينَيْهِ مقاصِرَ عِزِّهِ / وأَحْسَنُ مَا حَلَّيْتَ أَوْجُهَها القُبْحُ
وأَوطأْتَ أَيدي الخيلِ بَيْضَةَ مُلْكِهِ / فأَقْلَعْنَ لا قَيْضٌ هُناكَ ولا مُحُّ
وإِنْ حَمَتِ الآجالُ بَعْضَ حُماتِهِ / فإِنَّكَ فِي أَعجازِ ليلِهمُ صُبْحُ
وأَنْتَ رَكزْتَ الملك فِي الأَرضِ مثلَما / يُثَبِّتُ فِيهَا ذُو الجلالِ وَمَا يمحُو
لقد كَدَحُوا نَكْثاً لعهدِكَ منهمُ / فَخُيِّبَ ذَاكَ السَّعيُ وانقلبَ الكَدْحُ
وأَمْسَوا وأَضْحَوا مُوجِفِينَ ببغيِهِمْ / إِلَى نِقَمٍ أَمسَوْا لَهُنَّ وَلَمْ يُضْحُوا
موارِدُ لا مرعى السيوفِ بِعُقْرِها / جديبٌ ولا شُرْبُ الرِّماحِ بِهَا نَشْحُ
سريتَ لَهُمْ بالخَيْلِ فِي ظِلِّ غَيْهَبٍ / من الليلِ مَا يُطْوى عَلَيْكَ لَهُ كَشْحُ
تقابَلَ فِيهِ البدرُ والبدرُ والقنا / وزُهْرُ نجومِ الليلِ والجُنْحُ والجُنْحُ
وسبطانِ من أَملاكِ يعرُبَ أَقْدَما / بأَجنادِها كالنجمِ يَقْدُمُهُ النَّطْحُ
سِراجانِ للإِسلامِ مَا طَلَعَا مَعاً / عَلَى الخطبِ إِلّا بَشَّرَ اليُمْنُ والنُّجْحُ
فهذا حسامٌ فِي يدِ الملك قاضِبٌ / رَسُوبٌ وهذا فِي يمينِ الهُدى رُمْحُ
هو الحاجِبُ المُحْتَلُّ من رُتَبِ العُلا / بِحيثُ تناهى الفخرُ والحمدُ والمدحُ
وأَنْفَسُ نفسٍ فِي الوَرى غيرَ أَنَّهُ / إِذَا لَقِيَ الأَعداءَ فَهْوَ بِهَا سَمْحُ
وصِنْوُ عُلاهُ ناصِرُ الدَّولَةِ الَّذِي / يفوزُ لَهُ فِي كُلِّ مكرُمَةٍ قِدْحُ
فتِلكَ الرُّبى من بَنْبِلُونَةَ والحِمى / منَ الرَّاحِ مُسْوَدٌّ بأَرْجائِهِ الصُّبْحُ
وبيعَةُ شَنْتَ اقْروجُ أَوْرَيْتَ فَوْقَها / سَنا لَهَبٍ فِيهِ لَعَمْيائِها شَرْحُ
وَكَانَ لَهَا الفِصْحُ الأَجَلُّ فأَصْبَحَتْ / لنارِكَ فِصْحاً مَا لَهَا بَعْدَهُ فِصْحُ
فلِلَّهِ عَيْنا من رأَى بِكَ صَرْحَها / ومِنْ جاحِمِ النِّيرانِ فِي سَمْكِهِ صَرْحُ
رفعتَ من الصُّلْبَانِ فِي عَرَصاتِها / وقُوداً لَهُ فِي وَجْهِ رُومِيَّةٍ لَفْحُ
وفَجَّرْتَ فِيهَا من دِماءِ حُماتِها / بُحُوراً لَهَا فِي تاجِ مُلكِهِمُ نَضْحُ
وأَشرعْتَ فِي أَرجائِها كُلَّ ثاقِبٍ / لَهُ فِي شَغافِ القلبِ من قَيْصَرٍ جُرْحُ
طوالِعَ من آفاقِ جيشٍ كَأَنَّهُ / بِخَرْقِ المَلا كِسْفٌ من الليلِ أَوْ جُنْحُ
يضِلُّ مدى الأَبصارِ فِي جَنَبَاتِهِ / ويَحْسرُ عن غاياتِهِ الرِّيحُ والضِّحُّ
فجوزيتَ عن سعيِ البِلادِ بأَنْعُمٍ / ذخائِرُها فَوْزٌ وعاجِلُها فَتْحُ
ووُفِّيتَ أَجْرَ الصابِرينَ مُضاعَفاً / من الدينِ والدُّنيا لَكَ المَنُّ والمَنْحُ
ومُلِّيتَ شهراً للصيامِ نَسَكْتَهُ / بأَشْفاعِ غزو دأْبُها الضربُ والكَفْحُ
ولا زَالَ عِزُّ النصرِ والفتحِ عامِداً / لآيةِ مَا يَنْوِي وآيَةِ مَا يَنْحُو
بَدَا لَكَ نَجْمُ السَّعْدِ واطَّلَعَ النُّجْحُ
بَدَا لَكَ نَجْمُ السَّعْدِ واطَّلَعَ النُّجْحُ / فبِاللهِ فَاسْتَفْتِحْ فقد جاءَكَ الفَتْحُ
وَقَدْ قَدَّمَ النَّصْرُ العزيزُ لِواءَهُ / وقبلَ طُلوعِ الشَّمْسِ يَنْبَلِجُ الصُّبْحُ
فَقُدْ فِي سبيلِ اللهِ جَيْشاً كَأَنَّهُ / من الليلِ قِطْعٌ طَبَّقَ الأَرضَ أَوْ جُنْحُ
كتائِبُ فِي إِقدامِها الحَقُّ والهُدى / وأَلوِيَةٌ فِي عَقْدِها اليُمْنُ والنُّجْحُ
فَقَدْ حانَ يومُ الفتحِ واهْتَزَّتِ المُنى / وصَحَّ رَجاءُ السَّيْفِ واستبشَرَ الرُّمْحُ
وحَنَّتْ إِلَى يَومِ اللِّقاءِ سَوَابِحٌ / لَهَا فِي بِحارِ المَوْتِ نَحْوَ العِدى سَبْحُ
حَمَلْتَ عليها كُلَّ حامِلِ نِعْمَةٍ / بيُمْناكَ مقروناً بِهِ الصِّدْقُ والنُّصْحُ
بضائِعُهُمْ فِي مَتْجَرِ الحَرْبِ أَنْفُسٌ / رِضاكَ لَهَا فِي كُلِّ مَلْحَمَةٍ رِبْحُ
فيا أَنْفَسَ الأَملاكِ نَفْساً وإِنَّهُ / بِهَا فِي سِبيلِ اللهِ يَوْمَ الوَغى سَمْحُ
ويا أَيُّهَا المشغوفُ بالبأْسِ والندى / وَمَا زالَ مشغوفاً بِهِ الحمدُ والمدحُ
وبَحْرُكَ مَوْرُودُ السَّواحِل مُفْعَمٌ / وعَبْدُكَ قَدْ أَوْدَى بِهِ الظَّمَأُ البَرْحُ
إلى أيِّ ذكرٍ غيرِ ذكرِكَ أرتاحُ
إلى أيِّ ذكرٍ غيرِ ذكرِكَ أرتاحُ / ومن أيّ بحرٍ بعد بحرِكَ أمتاحُ
إليكَ انتهى الرِّيُّ الَّذِي بكَ ينتهي / ولاحَ ليَ الرأيُ الَّذِي بكَ يَلتَاحُ
وفي ماِئكَ الإغداقُ والصَّفوُ والرَّوى / وَفِي ظلِّكَ الريحانُ والرَّوحُ والرَّاحُ
وكلٌّ بأثمارِ الحياةِ مُهَدَّلٌ / وبالعطفِ مَيَّاسٌ وبالعُرفِ مَيَّاحُ
فأغدَقَ للظمآنِ مَحْياً ومَشرَبٌ / وأفْصَحَ بالضَّاحِي غُصُونٌ وأدواحُ
تُغَنِّي طيورُ الأمنِ فِيهَا كأنَّما / بِعَلْيَاكَ تشدو أو بذكرِكَ ترتاحُ
فألحانُها فِي سَمْع من أنتَ حِزْبُهُ / أغانٍ وَفِي أسماعِ شانِيكَ أنْواحُ
وكم قُدْتَ للأَعداءِ من حُزْنِ ليلةٍ / ضُحاها لمن والاكَ غُنْمٌ وأفراحُ
سموتَ لَهَا باسمٍ وفعلٍ كِلاهُما / بِسَيْفِكَ فِي الهيجاءِ أزْهَرُ وَضَّاحُ
جِهادٌ وَفَتْ آياتُ فِعلِكَ باسمِهِ / كَمَا شَرَحَ المعنى بيانٌ وإيضاحُ
وكالجَيشِ إذ أعلقْتهُ مِنكَ نِسبَةً / بِعِزَّتها تعلُو الجيوشُ وتجتاحُ
أبُوَّةُ آباءٍ لأبناءِ مُلْكِهِ / مَشابِهُ يحدوهنَّ صِدقٌ وإفصاحُ
فما ظَلَموها قائمينَ بشِبهِها / إذا غَوَّروا تحتَ السَّنَوَّرِ أو لاحوا
سوابِغُ لَمْ تُخْلِلْ بِصِبغِ جُسومِهم / إذا مَا غَدَوا فِي لبسِ نُعماكَ أو راحوا
ولا أسهَكَتهُمْ فِي سبيلِك لِبسةٌ / بإسهاكِها طابوا ومن رِيحها فاحوا
وكم من فَتىً أعْدَيتَهُ منكَ شِيمَةً / يَشُمُّ بِهَا ريحَ العُداةِ فَيَرتاحُ
ويُزْجِي منَ الخَطِّي أشطانَ ماتِحٍ / إلى قُلُبٍ وَسْطَ القلوبِ فَيَمتَاحُ
وبَدْرٍ إذا مَا غُمَّ فِي رَهَجِ الوغى / تَجلَّى بِهِ قَرنٌ من الشمس لَمَّاحُ
وقرمٍ لِشَولِ الحق إن حالَ وَسْقُها / تَجلَّلهَا منه ضِرابٌ وإلقاحُ
جَعلتَ عَلَيْهِ البَرَّ والبحرَ إسْوَةً / ففي البرِّ طيَّارٌ وَفِي البحرِ سَبَّاحُ
وأقبَستَهُ من نورِ هَديِكَ فاهتَدى / إلى حيثُ لا يُهدْى شِراعٌ وَمَلّاحُ
بفلكٍ كأفلاكِ السَّماءِ نُجُومُها / كَمِيٌّ ونَبَّالٌ وشاكٍ ورَمَّاحُ
وغُرٌّ إلى الغاباتِ هِيمٌ نوازِعٌ / تهيم بِهَا فِي لُجَّةِ البحرِ أشباحُ
قَرَعتَ بِهَا أمواجَ بَحرٍ تركتَهُ / وأمواجُهُ تحتَ الكلاكِلِ أطلاحُ
مفاتيحُ أقفالِ الفتوحِ الَّتِي نأَتْ / وأنتَ بِهَا في طاعَةِ اللهِ فتّاحُ
وصابحَةٍ للمسلمين بغارَةٍ / غنائمُهُمْ فِيهَا تَمورُ وتَنساحُ
حَكَمتَ بِرَدِّ الحقِ عنها فأسمَحَتْ / ولولا ظُبَاكَ الحُمرُ مَا كَانَ إسماحُ
غداةَ طَمَستَ الغَيَّ منهم بوقعَةٍ / وَمَا قَدرُ مصباحٍ إذا لاح إصْباحُ
مآثِرُ لَمْ يَعطَل بِهَا قَرنُ ناطِحٍ / وكيفَ وقَرنُ الحقِّ عَنهُنَّ نَطَّاحُ
قد اكتُتِبَتْ فِي اللَّوحِ فخراً مؤيَّداً / صُدورُ الدُّنا منها سطورٌ وألواحُ
وآمالنا فِيهَا بضائِعُ مَتجَرٍ / سجاياكَ أموالٌ لهُنَّ وأرباحُ
مساعِيَ أبقينَ الدهورَ كأَنَّها / جُسومٌ لَهَا منه نفوسٌ وأرواحُ
محاسِنَ تتلوها الليالي كأنَّها / علومٌ إليها تَستَهلُّ وترتاحُ
فلو أُعطِيتْ غِيدُ الكواعبِ سُولَها / لَصِيغَ لَهَا منها عُقودٌ وأوْضاحُ
وبأسٌ لَوِ استعطى الكماةُ فُضُولَهُ / لقُدَّ لهُم منه سيوفٌ وأرماحُ
إليها حَدَتني حادِثاتٌ كأَنَّها / بَوارِحُ يَحدُوهُنَّ بَرحٌ وأبرَاحُ
عَلى غَولِ بحرٍ من هُمومٍ عُبابُهُ / بِرَحلي إلى غَول المتالفِ طوَّاح
إذا رام تغريقي فَلُجٌّ وغَمرةٌ / وإن مُدَّ فِي ظِمئي فآلٌ وضَحضَاحُ
وحَسبيَ منه فِي الهواجِرِ والسُّرى / جَناحٌ لَهُ من حُسنِ ظَنِّي وإنجاحُ
وشَأوُ مَدىً فِي مورِدِ النُجحِ شارِعٌ / وزندُ هدىً فِي فحمةِ الليلِ قَدَّاحُ
إذا مَدَّ إظلامُ الأسى ظُلَمَ الدُّجى / تَمَثَّلَ لي من نورِ وجهِكَ مِصباحُ
وإن أبهَمَتْ أقفَالَها عَنِّيَ الفَلاَ / تَخَيَّلَ لي من بِشرِ برِّكَ مِفتاحُ
فما صَدَّني عن مُلتَقى الغِيلِ ضيغَمٌ / ولا راعَني فِي مَورِدِ الماءِ تِمساحُ
ولا بَرَّحَتني يَا مُوفَّقُ نشوةٌ / سجاياكَ لي فِيهَا كؤوسٌ وأقداحُ
فكلُّ فؤادٍ مُخْلِصٍ فيكَ مُخلَصٌ / وكلُّ لسانِ صادِقٍ لَكَ مَدَّاحُ