المجموع : 16
بكى الشعر أيام المنى والمنائح
بكى الشعر أيام المنى والمنائح / ففي كل بيت للثنا صوت نائح
وغاضت بحور المكرمات وطوحت / بأهل الرجا والقصد أيدي الطوائح
ولما ادلهمَّت صفحة الأفق بالأسى / علمنا بأنَّ الشهب تحت الصفائح
حيا المزن أسعدني على فقد سادة / بدمع كجدواهم على الناس طافح
أبعد بني شادٍ وقد سكنوا الثرى / قريض لشادٍ أو سرور لفارح
أبعد ملوك العلم والبأس والندى / تشب العلى نار القرى والقرائح
أما والذي أخلى حمى الملك منهمُ / وعمّر بالعليا رسوم الضرائح
لئن أوحشوا منهم بيوت مقامهم / لقد أوحشت منهم بيوت المدائح
يجرّح قلبي بعدهم صوت ساجعٍ / يذكرني عهدَ الأيادي السوافح
فيا فرخ ضعفي حيث صرت فريسة / وصار حمامُ الأيك في الطير جارحي
تلا فقد إسماعيل فقد محمد / فيا للأسى من فادح بعد فادح
وزالا فما إنسان عيني بممسكٍ / بكاءَ ولا إنسان قولٍ بكادح
كأن زناد الفضل لم يورِ منهما / سنا شيمٍ ما فيه قولٌ لقادح
كأن لم يقم بالمكرمات مطوَّق / لدى الباب يشدوا بالثنا شدو صادح
خذ الزاد يا ضيف المكارم وارتحلْ / بنوح فقد أقوت ربوع المنائح
نزحت دموعاً أو نزحت ركائباً / فلله في الحالين حسرة نازح
بروحي ديار الفضل صوَّح روضها / كأن لم يجب فيها المنى صوت صائح
بروحي غريب الدار والنعشُ عائدٌ / إلى أرضه الثكلى غريب النوائح
بروحي نظير الغصن في دوحة العلى / رماه فأوداه الزمان ببارح
رمى فروعه من بعد ما مدَّ ظله / على كل غادٍ م العفاة ورائح
وجمَّل دنيانا ببثّ جميلةٍ / وغطى على مكروهها والقبائح
وساس رعايا أرضه وأطاعه / على جانب العاصي هوى كل جامح
وأعطى عطاء السحب في حال عسرة / تقوم بأعذار النفوس الشحائح
وزاوج بين الحلم والبأس ملكه / فمن أعزل مثل السماك ورامح
ورتل من أسلافه سوَرَ العلى / خواتمها موصولة بالفواتح
وقام إلى جمع المحامد طامحاً / فوالله لم يعدل به عزم طامح
ووالله ما نقضي حقوق محمد / إذا نحن أثنينا عليه بصالح
ولو أمكن الغيث الفدى بوليّه / فدى صالحاً من آل شادٍ بطالح
ورد الرّدى عن فائض البرّ عنده / أعزّ مكان في الدنى سرح سائح
هو الموت لو يثنيه بأسٌ ونائل / ثنتهُ سجايا كفه في الجوانح
هو الموت ما يعييهِ ثاوٍ بمغفل / ولا واصل في النبذ من خطو سابح
ولا أسدٌ يرنو بأحمر أجزرٍ / تكاد به تشوى لحوم الذبائح
ولا أسد الأبراج في الشهب كاسراً / بتكرارها سرت نفوس الصحائح
كفى ببني أيوب للناس واعظاً / وإن صمتت أفواههم في الضرائح
ومرقى المنايا نحو آفاق عرشهم / وما كان يرقى نحوها طرف طامح
سلام على جنات أجداثهم ولا / سلام لنار الحزن بين الجوانح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح / بسفح النقا آهاً على زمن السفح
محجبة لا طعن فيها لعائب / على أنها تمشي فتهتز كالرمح
سقى الله ليلاً صالحت فيه باللقا / فما كان أشهى من لقاءٍ ومن صلح
أسدّ بطول اللثم فاها مخافةً / على ليلتي أن يهجم الثغر بالصبح
ويخطر في وشي الحرير قوامها / ونجم الدجى بالغيظ يعثر في منح
زمان مضى حلو المراشف والجنى / وعيش تقضى آمن السرب والسرح
ولا عيب في تلك الليالي التي خلت / سوى أنها مرت على الطرف كاللمح
تولى زمان الوصل وانقرض الصبى / فيا عجباً للدهر قرحاً على قرح
سلام على العيش الوريّ زناده / على أنه العيش البرئ من القدح
وغانية مثلَ الحياةِ أحبها / وإن كان في كدِّ بها العمر أو كدح
ومما عناني عاذلٌ متنصحٌ / وما الغش إلا ما سمعت من النصح
يطوف بسمعي لفظه وهو بارد / وفي القلب ما فيه من الوقد واللفح
وفي الخفرات اللاّءِ تغني بلفظها / عن العقد والفرع الأثيث عن الرشح
غزال رعت في الحب أخضر عيشتي / لقد أعرض الظبي الأغن عن الطلح
وقد كان لي والدهر فيه وقائع / فلما اجتمعنا آذن الدهر بالصلح
تعشقتها والخد يشبه خدها / أأعشقها والشيب ملتمع اللمح
كأن جفوني إذ تكاثر دمعها / بنان ابن فضل الله متصل المنح
وقائلة ما بال عزمك صابراً / على الفدحِ في الدنيا على أثر الفدح
فقلت رأيت السمر أقومَ ما ترى / إذا صبرت عند النفاق من اللقح
فقالت دع التقليل عنك وقم إلى / نوافجٍ فضل الله في زمن الفرح
وبادر لمحيي الدين تلق شمائلاً / مدربةً لم تدرِ ما هيئة الشحّ
فقمت ولكن بعد أن وضح الدجى / وعدت بمشهور الثنا طاهر سمح
يوري زناد الفضل بالمجد والعلى / ولكنه الفعل البريءُ من القدح
رئيسٌ رأى آمالنا وهي تشتكي / من الدهر أسقاماً فقال لها صحي
يسابق آمال العفاة بضعف ما / تمنت ويمسي في النوال كما يضحي
مغيث الرجا والخوف والذل والخطا / ببذل الندى بالأَمن بالجاه بالصفح
إذا وصف المداح بعض صفاته / فماذا بأكباد الأعادي من الشرح
وإن فتح الراوي معاني فخاره / فدع ما رواه آل خاقان للفتح
ولما علا نحو السماء ثناؤه / أتى بالنجوم الزهر والسحب السح
سحائب آلاءٍ تجول على الرجا / وأنجم آراءٍ تدل على النجح
وسعد أفاد الملك أخبية الهنا / وأنحى على أهل المكايد بالذبح
كذلك فَليحكِ النظير نظيره / بغرّ المعالي والمراشد والمنح
فيا أيها الساعي لشقة شأوه / تنح قصياً لست من ذلك الطرح
ويا أيها البسام بشرا وفضله / يعين على أعوامها الشهب الكلح
فدياً لك من لو أن ميعاد جوده / كفرعون لم يحتج لهامان في الصرح
وأنت الذي أغنيت بالرفد يمنهم / وبالغت حتى خلت أنك في مزح
تحليت في كتم الذي أتت واهب / وهيهات ما للمسك بُدّ من النفح
وكم جربت منكَ الملوكُ ميامناً / ونصحاً على فقد الميامن والنصح
وغصن يراع يستظل به الورى / ويشهد قتل المارقين بلا جرح
وأنك يا يحيى لَتُحيي ذوي الرجا / وتحمي من اللأوا وتنجي من الفدح
وأنك يا يحيى لفائض جعفر / من الوفر تزداد امتلاء على النزح
فلا زال للراجي جنابك موثلا / وضدك للِهمّ المقيم وللبرح
تسامى على المداح قدرك رتبة / فإقصارهمْ عن مدحه غاية المدح
وكدت لعرفان المكارم لم ترم / بحمد وما حمد السحاب على السفح
نجومٌ تراعيها جفون سوافح
نجومٌ تراعيها جفون سوافح / ولا طيفكم دانٍ ولا الليل نازح
أباخلةً عنِّي بطيف خيالها / عسى ولعلَّ الدهرَ فيك يسامح
وتاركة قلبي كليماً وناظري / ذبيحاً ولا في العيش بعدك صالح
لمحتك للبين المصادف لمحةً / فطاحت بأحشائي إليك الطوائح
وما أنت إلاَّ الظبي جيداً ومقلةً / فلا غرْوَ أن أهوت إليك الجوارح
جوانح ينمو شجوها وسقامها / عليَّ ودوني جندل وصفائح
وقلب عصى نصحي عليكِ وسلوتي / فأبعد شيء صبره والنصائح
وقلتُ جبين المالكية عذره / فقال الورى عذرٌ لعمرك واضحُ
وضاقت علينا عينها فتمنَّعت / وهيهات أن تسخو النفوس الشحائح
ولم أنس يوم البين إيماءَ طرفها / وعيس المطايا للفلاة جوانح
فليت الردى أجرى دم العيس ناحراً / فسالت بأعناق المطيّ الأباطح
وممَّا شجاني في الضحى صوت ساجع / كأني له بعد الحبيب أطارح
يساعدني نوحاً يكاد يجيبنا / بأمثاله بانُ الحمى المتناوح
فليت حمام الأيك يوماً أعارني / جناحاً إلى الركبِ الذي هو نازح
وليت النجوم الزهر تدنو قوافياً / لنا قتنقى في ابن خضر المدائح
رئيسٌ تجلَّى بشره ونواله / فلا الأفق مغبرٌّ ولا العام كالح
على المزْن من تلك البنان تشابه / وفي البدر من ذاك الجبين ملامح
وفي الأرض من أخلاقه وثنائه / سِماتٌ فنعم المزهرات الفوائح
ولله أقلام الحماسة والندى / على يده حيث السطا والمنائح
حمينَ الحمى لمَّا فتحنا بلادَه / وقد أقصرت عنها القنا والصفائح
فهنَّ على اللائي فتحن مغالقٌ / وهنَّ على اللائي غلقن مفاتح
وطوَّقنا أطواق جود فكلنا / على شبهِ الأغصان بالحمد صادح
وروَّضنَ أقطار الشآم بأحرفٍ / سقى أصلها طاف من النيل طافح
وصدر لما يلقى من السرِّ لائق / وكوكب فضلٍ في سما الملك لائح
عليَّ المدى لا بالملمَّة جازعٌ / ولا بالتي يثني لها العطف فارح
وزاكي النهى إمَّا لمعنى سيادة / وإمَّا لأكباد المعادين شارح
بليغٌ إذا نصَّ المقال وبالغ / مدى الرأي حيث النيِّرات الطوامح
وأبيض وجه العرض والوجه والتقى / إذا لفحت سفع الوجوه اللوافح
على دولة الأملاك كلّ فصوله / ربيع وفي الأعدا سعودٌ ذوابح
وللطالبي العمى غمام كأنه / لما جدّ في جودٍ وحاشاه مازح
إلى عدلهِ يشكو الزمان فإنه / خديمٌ يغادِي أمرهُ ويراوح
تعوَّدت أن تسري إليه ركائبي / فترجع وهي المثقلات الروازح
وآخذُ من قبل المديح جوائزاً / تقصر عن أدنى مداها الممادح
فلا غَرْوَ أن آتي بهنَّ مضيئة / كأنَّ المعاني في البيوت مصابح
أمولاي إن يسكت لساني صابراً / فإنَّ لسان الحال منِّي صادح
ألم ترَ أنِّي معمل الفكر في كِرى / حمار أماسي غبنه وأصابح
ركوبي على أمثاله في زمانكم / كما ركّبت في العالمين القبائح
فهل لي ببيت المال حقٌّ فيقتضى / وهل أملِي في أرذل الخيل جامح
ولي في بديع الوصف كالصخر قوة / ولكنه سيل على الأرضِ سائح
أقدم فيه الوصف قبل أوانه / على ثقة منِّي بأنَّك مانح
سقى عهدَها دانِي العهاد سفوحها
سقى عهدَها دانِي العهاد سفوحها / خياماً برغمي نأيها ونزوحها
وبلغها عنِّي أتمّ تحيَّةٍ / عليل الصبا يُروي بفيه صحيحها
معدلة في مرسلات مدامعي / ولكن قلبي المستهامَ جريحها
أسكانَ قلبٍ لا يداوى كليمه / ليهنكم من مقلتيَّ ذبيحها
ويهنِ الليالي أن فيها لواصف / جمالاً به يخفى ويعفى قبيحها
فدىً لابن ريَّانَ الكرام لأنه / فتى حيها راعي حماها صريحها
سليمان ملاَّك المعالي وإنه / بآية طوفان المكارم نوحها
أخو الدِّين للساري به يستنيره / نعم وأخو الدُّنيا لمن يستميحها
أمولايَ قد أنشرت ميت فكرتي / بأبيات نظمٍ حلَّ فيها مسيحها
فيا لكَ نظماً من نسيب سيادةٍ / حقيق له من كلِّ نفسٍ مديحها
تذكِّرني النعمى وأنت غمامها / بروضةِ ألفاظٍ وأنتَ صدوحها
بقيت مدَى الدُّنيا لمجدٍ تصونه / وأعلاق مالٍ للعفاة تبيحها
فما الدهر إلاَّ ناظر أنتَ لحظه / وما الفضل إلاَّ صورة أنت روحها
بروحيَ طرس جاءني متضمِّناً
بروحيَ طرس جاءني متضمِّناً / بدائع يسري الفكر فيها ويسرح
به من غريب اللفظ والخط مجتلى / فيالك طرساً للغريبين يشرح
ولغزٌ هداني نحو معناه أنَّه / أتى وبهِ عرفٌ من الروضِ ينفح
يشفُّ على مكتوبه طيبُ ما حوَى / وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضح
ولو كنت تبغي كتم مخبره لما / بعثت بنمَّامٍ يقول ويفصح
هو الاسم لكن نصفه فعلُ كله / إذا جعلت أسرار معناه تلمح
ومقلوبة أحجية مثل لم يجد / فدونك نظماً عاجزاً ليس يصلح
أجابَ فإن قال الصواب أو الخطأ / فمثلك هديٌ أو فمثلك يفصح
أحاشيكَ يا نجلَ الوزارة من أذًى
أحاشيكَ يا نجلَ الوزارة من أذًى / تمكَّن من أسرارنا والجوانح
دَفنتَ النوى والتمر فيمن تحبه / ودفنُ النوى يا ميّ إحدى الفضائح
أرى الحسنَ مجموعاً بجامع جلّقٍ
أرى الحسنَ مجموعاً بجامع جلّقٍ / وفي صدره معنى الملاحة مشروح
فإن يتغالى في الجوامع معشرٌ / فقل لهمُ باب الزِّيادة مفتوح
بصالحِ حمصٍ نستعينُ على الثنا
بصالحِ حمصٍ نستعينُ على الثنا / لديك ونرجوه لنظمِ المدائح
ووالله ما نوفي أياديك حقّها / إذا نحن أثنينا عليك بصالح
مضى منجح ثم اقتضى الحال بعده
مضى منجح ثم اقتضى الحال بعده / سواه قريب المثلِ للقصد ينتحي
له عاذرٌ من نفسه باجتهاده / ومبلغ نفسٍ عذرها مثل منجح
وظيفتيَ المدحُ الذي أنا ناظم
وظيفتيَ المدحُ الذي أنا ناظم / عليك وحسبي في الأنامِ به مدحا
إذا عدّلت أقلامُ خطي لضبطه / ملأت قلوبَ الحاسدين بها جرحا
ألا فابقَ طول الدَّهر للملك حافظاً / إذا حملت يدَّاك من قلمٍ رمحا
سرت لك آمالي وإن عاقني الضنى
سرت لك آمالي وإن عاقني الضنى / على ثقةٍ أن يستنير نجاحها
ألم تر أني من قديمٍ ووالدي / وجدِّي أناسٌ في رباكم رباحها
فإن أجدَبت كفِّي فأنتَ غياثها / وإن فسدت حالِي فأنتَ صلاحها
لعمري لقد حفت بأمنٍ وصحةٍ
لعمري لقد حفت بأمنٍ وصحةٍ / ليالي وصالٍ للهناءِ مبيح
أحاشيكَ عن تعريض سقم وأرتجي / عوائد عيش للهناء منيح
فلا سقمٌ إلاَّ بجفنِ مليحةٍ / ولا عارضٌ إلاَّ بخدِّ مليح
لحى الله ألاَّفاً بما يصنعونه
لحى الله ألاَّفاً بما يصنعونه / من الماءِ صرفاً فعل من لا يناصح
أغني له والمال ضاع بشربه / أماوِيّ إنَّ المالَ غادٍ ورائح
أقاضي قضاة الدين فضلك مسفرٌ
أقاضي قضاة الدين فضلك مسفرٌ / وشانيك مكبوتٌ وراجيك فارِح
وقد أطابَ ديوانُ المصالحِ نفحةً / فضاعت وما ضاعت عليهِ المصالح
دعوتك يا مولايَ للحالِ عالماً
دعوتك يا مولايَ للحالِ عالماً / بأنَّكَ ماحِي عسرة الحالِ بالمنح
إذا أغلقت أبواب رزقي عشيرةٌ / فأنتَ أبو تسهيلها وأبو الفتح
لمولودكم يا آل يحيى مزيةٌ
لمولودكم يا آل يحيى مزيةٌ / من الفضلِ لا تخفى على كلِّ لامح
إذا ما شرعتم في علاه عقيقة / شرعنا له في درّةٍ من مدائح