طَرِبتَ وَهاجَتكَ الظِباءُ السَوارِحُ
طَرِبتَ وَهاجَتكَ الظِباءُ السَوارِحُ / غَداةَ غَدَت مِنها سَنيحٌ وَبارِحُ
تَغالَت بِيَ الأَشواقُ حَتّى كَأَنَّما / بِزَندَينِ في جَوفي مِنَ الوَجدِ قادِحُ
وَقَد كُنتَ تُخفي حُبَّ سَمراءَ حِقبَةَ / فَبُح لِانَ مِنها بِالَّذي أَنتَ بائِحُ
لَعَمري لَقَد أَعذَرتُ لَو تَعذِرينَني / وَخَشِّنتِ صَدراً غَيبُهُ لَكَ ناصِحُ
أَعاذِلَ كَم مِن يَومِ حَربٍ شَهِدتُهُ / لَهُ مَنظَرٌ بادي النَواجِذِ كالِحُ
فَلَم أَرَ حَيّاً صابَروا مِثلَ صَبرِنا / وَلا كافَحوا مِثلَ الَّذينَ نُكافِحُ
إِذا شِئتُ لاقاني كَميٌّ مُدَجَّجٌ / عَلى أَعوَجِيٍّ بِالطِعانِ مُسامِحُ
نُزاحِفُ زَحفاً أَو نُلاقي كَتيبَةً / تُطاعِنُنا أَو يَذعَرُ السَرحَ صائِحُ
فَلَمّا اِلتَقَينا بِالجِفارِ تَصَعصَعوا / وَرُدَّت عَلى أَعقابِهِنَّ المَسالِحُ
وَسارَت رِجالٌ نَحوَ أُخرَى عَليهُمُ ال / حَديدُ كَما تَمشي الجِمالُ الدَوالِحُ
إِذا ما مَشَوا في السابِغاتِ حَسِبتَهُم / سُيولاً وَقَد جاشَت بِهِنَّ الأَباطِحُ
فَأَشرَعتُ راياتٍ وَتَحتَ ظِلالِها / مِنَ القَومِ أَبناءُ الحُروبِ المَراجِحُ
وَدُرنا كَما دارَت عَلى قَطبِها الرُحى / وَدارَت عَلى هامِ الرِجالِ الصَفائِحُ
بِهاجِرَةٍ حَتّى تَغيَّبَ نورُها / وَأَقبَلَ لَيلٌ يَقبَضُ الطَرفَ سائِحُ
تَداعى بَنو عَبسٍ بِكُلِّ مُهَنَّدٍ / حُسامٍ يُزيلُ الهامَ وَالصَفُّ جانِحُ
وَكُلَّ رُدَينِيٍّ كَأَنَّ سِنانَهُ / شِهابٌ بَدا في ظُلمَةِ اللَيلُ واضِحُ
فَخَلّوا لَنا عوذَ النِساءِ وَجَبِّبوا / عَبابيدَ مِنهُم مُستَقيمٌ وَجامِحُ
وَكُلَّ كَعابٍ خَذلَةِ الساقِ فَخمَةٍ / لَها مَنصِبٌ في آلِ ضَبَّةَ طامِحُ
تَرَكنا ضِراراً بَينَ عانٍ مُكَبَّلٍ / وَبَينَ قَتيلٍ غابَ عَنهُ النَوائِحُ
وَعَمرواً وَحَبّاناً تَرَكنا بِقَفرَةٍ / تَعودُهُما فيها الضِباعُ الكَوالِحُ
يُجَرِّرنَ هاماً فَلَقَتها رِماحُنا / تَزَيَّلُ مِنهُنَّ اللِحى وَالمَسائِحُ