المجموع : 3
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح
أيخفى صحيح الوجد والسقم لائح / ويكتم سر الشوق والدمع بائح
جنحت إلى الواشي ولولاه ما التقى / سهادي وطرفي والجوى والجوانح
منعت الكرى لما منحتك مهجتي / وهل مانع نوماً سواي ومانح
وليلة هوّمنا بذي الطلح زارنا / خيالك وهناً والمطايا طلائع
فبت ولم أشكر سوى منة الكرى / أطرحه ذكر الهوى ويطارح
حديث الندى عما سواه مطوح / وركن الهدى ما لم يشيده طائح
يشاركه في ماله دون مجده / إذا استأثر الأملاك دان ونازح
لئن شاركوه في اسمه دون فعله / فما يستوي البحران عذب ومالح
تهب له ريحا غمام وغمة / ففي كل قطر منه ساق وسافح
على شاكر بل ماكر من سحابه / منائح إن يسخط بهن مذابح
لئن حل في دست الوزارة عادل / سما قبله فيها إلى النجم صالح
فإنك يا بدر بن زريك عنهما / لنعم المكافي للعدى والمكافح
ولما تجاوزت النهاية في العلى / ولاذت بعطفيك الملوك الجحاجح
خفضت جناحي قدرة فارسية / لهمتها طرف إلى الطرف طامح
بعزمك لاذ الملك واعتصم الهدى / وذلت صعاب الدهر وهي جوامح
نهضت بأمر الدولة النهضة التي / جزاك بها خيراً ولي وكاشح
وقام بما تحتاجه منك أروع / كفتها صفايا ماله والصفائح
ومهدت قطريها فلا منزل العلى / بناب ولا ناب النوائب كالح
وأوريت ناريها عقاباً ونائلاً / وما وريا إلا وزندك قادح
خلقت بها عزاً وكنزاً عمادها / عليه إذا اجتاحت سواها الجوائح
فما اعتلقت إلا وسيفك سابح / ولا اغتلقت إلا وسيفك فاتح
ولو لم يفح مسكاً عليك ثناؤها / لأثنت عليك الباقيات الصوالح
وغر مساع لو أردت اختصارها / غدت ألسن الأيام وهي شوارح
وجوهر أشعار تبيت عقودها / وهن على الشعري روام روامح
يغوص لها في بحر جودك خاطري / وغيري على الأصداف طاف وطافح
إذا سرحت في وصف مجدك هجرت / له وسرت فهي السواري والسوارح
وإن مسحت أعطافها بك هزها / ثناء لأقطار البسيطة ماسح
وقد يبسط الإحسان منقبض الثنا / وتبرأ من بعد القروح القرائح
وقربت مني وادعاً نازح الفنا / وكم خاب بعد الكر ساع وكادح
وأوردتها غزو الندى بعد نزره / وعند ضياء الصبح تخفى المصابح
عرائس لولا وجود بدر يصونها / لباتت بمدح الباخلين تسافح
وكيف أرجى صونها عند باخل / وقد فسدت في الأكرمين المناكح
خذ العفو واصفح عن قصور قصائدي / فإنك عن ذنب المقرين صافح
وسامح وخذ بعض الذي تستحقه / فمن عادة أن الكريم يسامح
وأسجح لها ماء البشاشة وحده / فما قصدها إلا السجايا السجائح
فكم منة أخفيتها فتكفلت / بشهرتها عنك القوافي الفصائح
وضافية الأذيال رحت أجرها / وتحتي من نعماك أجرد سابح
صحائف جود ينشر الحمد طيها / وعنوانها فوق المدائح لائح
مضى عنك صوم وهو بالبر مفرح / وقابلت فطراً قلبه بك فارح
فلا زال عيد الفطر أسعد قادم / تزورك فيه بالهناء المدائح
فما يستحق الشكر غيرك منعم / ولا يستحق البر غير مادح
إذا راح غيري بالثنا وهو خاسر / فإني بكم في متجر الحمد رابح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح
إلى كم أحوك الشعر في الذم والمدح / وأخلع برديه على المنع والمنح
وأفتح من أبوابه كل مقفل / يشن عليها خاطري غارة الفتح
ويشركني في نظمها كل ناقص / يعارض بالمصباح شارقة الصبح
يعيب دعي القوم غر قصائدي / وليس له فيه صريحي ولا صرحي
عصته زناد الشعر إذ رام قدحها / فأداه ضعف القدح عنها إلى القدح
تخلف عن شأوي فجمل نفسه / بنقد كلامي وهو من نقد السرح
فيا نابح الجوزاء من هوة الثرى / ترفق فقد أتعبت نفسك بالنبح
وابق على قرنيك من نطح صخرتي / وإلا فقد أوهيت قرنيك بالنطح
توهمت فكري مثل فكرتك التي / لها خاطر دامي القريحة والقرح
وإن أجاج القول مثل زلاله / وما يستوي عذب المذاقة بالملح
قصائد لم يقصدن إلا خليفة / وإلا وزيراً عارفاً قيمة المدح
وإلا جواداً مثل ورد تسوقها / سجاياه بالإكرام والخلق السحج
مليك ترى من حلمه وانتقامه / حياة وموتاً بالصفيحة والصفح
فتى نجحت أيامه من فعاله / بغر مساع صانهن عن الشح
فدى لك يا تاج الخلافة كل من / تعاطى ثنائي من بخيل ومن سمح
فإنك أفسدت القوافي على الورى / بجود نهاها أن تعود إلى الصلح
وقلت لها من لم يكرمك منهم / فلا تنظريه رأس مال ولا ربح
فكيف بذاك الوعد لو كان حاصلاً / فإنك مقرون المواعيد بالنجح
إذا أغمضت عمن سواك جفونها / صدوداً ولم تسمح لغيرك باللمح
هي البدر إلا أنها منه أملح
هي البدر إلا أنها منه أملح / وغرتها من غرة الصبح أصبح
منعمة تسبي العقول بصورة / إلى مثلها لب الجوانح يجنح
كأن الظباء العفر يحكين جيدها / ومقلتها في حين ترنو وتسنح
كأن اهتزاز الغصن من فوق ردفها / قضيب بأعلى رملة يترنح
تعلمت من حبي لها عزة الهوى / وقد كنت فيه قبلها أتسمح
وهيج نار الوجد والشوق قولها / أحتى إلى الجوزاء طرفك يطمح
فلا جفن إلا ماؤه ثم يسفح / ولا نار إلا زندها ثم يقدح
وما علمت أني إذا شفني الهوى / إليها بدعوى الصبر لا أتبجح
وأن اعترافي بالتأخر حيث لا / يقدمني فضل أجل وأرجح
ألم تر فضل الصالح الملك لم يدع / على الأرض من يثني عليه ويمدح
كأن مساعي جملة الخلق جملة / غدت بمساعيه الحميدة تشرح
تجمع فيه ما تفرق في الورى / على أنه أسنى وأسمى وأسمح
يرجى الندى منه فيغني ويسمح / ويخشى الردى منه فيعفو ويصفح
وقافية تجلوه غرائب فضله / فتعرب عن فصل الخطاب وتفصح
بديهته تذري بكل روية / وتبدي عوار المحسنين وتفضح
وكم بين فياض البديهة سابق / وآخر يكدي فكره حين يكدح